مباني منهاج الصالحين، المجلد 8

اشارة

سرشناسه : طباطبائي قمي، تقي، 1301 -

عنوان قراردادي : منهاج الصالحين. شرح

عنوان و نام پديدآور : مباني منهاج الصالحين/ تاليف تقي الطباطبايي القمي.

مشخصات نشر : قم: محلاتي ، 14ق. = 20 م. = 13 -

مشخصات ظاهري : ج.

شابك : دوره 978-964-7455-58-9 : ؛ ج. 4 978-964-7455-57-2 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرستنويسي بر اساس جلد چهارم، 1430ق. = 1388.

يادداشت : كتاب حاضر شرحي بر كتاب " منهاج الصالحين" اثر ابوالقاسم خويي است.

يادداشت : كتابنامه.

موضوع : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين -- نقد و تفسير.

موضوع : فقه جعفري -- قرن 14

شناسه افزوده : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين. شرح.

رده بندي كنگره : BP183/5 /خ9م80216 1300ي

رده بندي ديويي : 297/342

شماره كتابشناسي ملي : 1852734

[تتمة كتاب التجارة]

[الفصل الرابع الخيارات]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الفصل الرابع الخيارات

الخيار حق يقتضي السلطنة علي فسخ العقد برفع مضمونه (1)

[و هو أقسام]

اشارة

و هو اقسام

[الأول خيار المجلس]
اشارة

الاول خيار المجلس (2) يعني مجلس البيع فانه إذا وقع البيع

______________________________

(1) الخيار علي قسمين: خيار حكمي و خيار حقي فان الخيار الحكمي لا يكون قابلا للإسقاط و لا يورث و أما الخيار الحقي فقابل للإسقاط و يورث و حيث ان الخيار المبحوث عنه في المقام هو الخيار الحقي عبر عنه الماتن بالحق فان من له الخيار له أن يفسخ العقد.

(2) بلا اشكال و لا كلام بل يمكن أن يقال: انه من ضروريات الفقه و تدل عليه جملة من النصوص منها رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار حتي يفترقا و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة ايام «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الخيار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 4

______________________________

و منها رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سمعته يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله البيعان بالخيار حتي يفترقا «1».

و منها ما رواه فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له: ما الشرط في غير الحيوان قال: البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما «2».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ايما رجل اشتري من رجل بيعا فهما بالخيار حتي يفترقا فاذا افترقا وحب البيع «3».

و منها ما رواه علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سمعته يقول:

الخيار في الحيوان ثلاثة ايام للمشتري و في غير الحيوان أن يفترقا 4.

و منها ما رواه الحسين بن عمر ابن يزيد عن ابيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم اذا التاجران صدقا «و برّا خصال» بورك لهما فاذا كذبا و خانا لم يبارك لهما و هما بالخيار ما لم يفترقا فان اختلفا فالقول قول رب السلعة او يتتاركا و يتشاركا 5.

و أما حديث غياث بن ابراهيم عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السلام قال:

قال علي عليه السلام اذا صفق الرجل علي البيع فقد وجب و ان لم يفترقا 6 الدال علي عدم خيار المجلس فهو علي فرض كونه تاما سندا لا بد من رفع اليد عنه بعد كونه مخالفا مع الضرورة أو تأويله.

و افاد سيدنا الأستاد علي ما في التقرير انه لا يحتاج إلي التأويل اذ المراد من الصفق المذكور في الرواية الزام البيع و اسقاط الخيار و الأنصاف ان ما افاده لا

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الخيار الحديث 2

(2) باب 1 من أبواب الخيار الحديث 3

(3) (3 و 4 و 5 و 6) نفس المصدر الحديث 4 و 5 و 6 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 5

كان لكل من البائع و المشتري الخيار في المجلس ما لم يفترقا فاذا افترقا عرفا لزم البيع و انتفي الخيار (1) و لو كان المباشر للعقد الوكيل كان الخيار للمالك (2) فان الوكيل وكيل في اجراء الصيغة فقط فليس

______________________________

يخلو من تأمل و اشكال و اللّه العالم.

(1) فانه الظاهر من اللفظ بحسب الفهم العرفي و بعبارة اخري الافتراق مقابل الاجتماع و المراد من الاجتماع المقابل للافتراق هو الاجتماع في مجلس البيع فما دام يصدق الاجتماع و لم يصدق عنوان الافتراق يكون الخيار باقيا بمقتضي النصوص فلاحظ.

(2) نقل عن صاحب الحدائق قدس سره ان الخيار

ثابت للوكيل في اجراء الصيغة حتي مع منع المالك بتقريب ان الخيار حق ثابت للوكيل بمجرد اجراء الصيغة فلا يبطل بمنع المالك و المشهور علي خلافه و ان الخيار ليس للوكيل في اجراء الصيغة.

و قد استدل علي المدعي بوجوه الوجه الأول: انصراف ادلة الخيار عن الوكيل في اجراء الصيغة.

و فيه انه لا منشأ للانصراف لا من ناحية المادة و لا من ناحية الهيئة فان البيع عبارة عن تمليك عين بعوض و لا يشترط في تحققه كون العين ملكا للبائع و لذا لا اشكال في بيع الولي مملوك المولي عليه و لا شبهة في صدق عنوان البائع عليه هذا من ناحية المادة و أما الهيئة فهي تدل علي انتساب المادة الي الذات فهذا الوجه لا يتم للاستدلال به علي المدعي.

الوجه الثاني ان جعل الخيار ارفاق بالنسبة الي المالك كي يتروي و يعمل علي طبق ما يكون علي صلاحه و خيره و فيه ان الحكم لا يدور مدار الحكمة بل المتبع اطلاق الدليل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 6

______________________________

الوجه الثالث ان خيار المجلس في بعض الروايات يقارن مع خيار الحيوان و لا اشكال في اختصاص خيار الحيوان بالمالك و مقتضي وحدة السياق كون خيار المجلس كذلك. ان قلت في بعض ادلة خيار المجلس لا تقارن بينه و بين خيار الحيوان و لا وجه لحمله علي المقيد فانه لا تنافي بين المثبتين.

قلت: الأمر كما بينت فانه لا موجب للتقييد و لكن نفهم من التقارن الوارد في بعض النصوص ان خيار المجلس يختص بالمالك.

و فيه انه اي ربط بين المقامين فان خيار الحيوان بمقتضي دليله ثابت للمالك و خيار المجلس ثابت للبائع فلا موجب للالتزام بكون خيار المجلس للمالك و

بعبارة اخري كل حكم تابع لموضوعه و مما ذكرنا يعلم ان اختصاص بعض الخيارات أو اكثرها بالمالك «كخيار الغبن» مثلا لا يقتضي اختصاص خيار المجلس بالمالك كما هو ظاهر.

الوجه الرابع ان المستفاد من ادلة هذا الخيار ان ذا الخيار يتسلط علي ارجاع ما انتقل عنه الي ملكه بعد فرض تسلطه علي التصرف فيما انتقل اليه و من الظاهر ان الوكيل في اجراء الصيغة لا يجوز له التصرف فيما انتقل الي البائع فانه ملك للغير و لا يجوز له التصرف في ملك الغير الا باذنه فلا خيار له. و فيه ان الخيار متعلق بالعقد لا العين فهذا الوجه أيضا كالوجوه السابقة.

الوجه الخامس ان خيار المجلس ثابت لمن يكون له الإقالة و حيث ان الوكيل في اجراء الصيغة ليس له حق الإقالة فلا خيار له.

و يرد عليه انه ان كان المراد ان الخيار لا بد أن يكون في مورد تجري فيه الإقالة، ففيه ان الأمر ليس كذلك فان الفسخ في النكاح جائز بالعيوب الموجبة له و مع ذلك لا اقالة فيه، و ان كان المراد ان دليل الخيار منصرف الي صورة امكان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 7

______________________________

الإقالة و لا يشمل من لا تكون له الإقالة، ففيه انه لا وجه للانصراف و قد تقدم الجواب عن الاستدلال بالانصراف.

و إن كان المراد ان مرجع الخيار الي الإقالة فالأمر ليس كذلك فان الإقالة متوقفة برضي الطرفين و أما الفسخ فامر قائم بطرف واحد و لا يقوم بالطرفين بل ربما يجتمعان كما في موارد وجود الخيار و قد يكون الخيار موجودا و لا اقالة كما في النكاح في موارد العيوب الموجبة للفسخ و قد تكون الإقالة ممكنة و لا خيار كما

في البيع الذي لا خيار فيه فهذا الوجه أيضا ساقط.

الوجه السابع ان الوكيل في اجراء الصيغة فقط قليل لأنه لا يكون الا في غير العربي مع اشتراط كون الإيجاب بكون الصيغة عربية و حيث انه قليل الوجود فدليل الخيار ينصرف عنه.

و فيه اولا ان قلة الوجود لا توجب الانصراف عنه و ثانيا ان الوكيل في اجراء الصيغة في حد نفسه كثير فان الناس حتي الأعراب في ايجاب النكاح يوكلون من يجري الصيغة و كذلك في بقية المعاملات اذا كانت خطيرة.

الوجه الثامن ان شمول دليل الخيار لموارده بالإطلاق و بمقدمات الحكمة و الوجوه المذكورة توجب عدم جريان المقدمات و توجب الشك في اطلاق الحكم فلا يتحقق الإطلاق و لا أقلّ من الشك في تحققه فلا مجال للأخذ به.

و فيه ان مقدمات الإطلاق ان كانت موجودة و تامة فلا مجال للتوقف بل يذب به كل احتمال مخالف له و مع الشك في كون المولي في مقام البيان يحكم بكونه في مقامه ببركة اصالة البيان، و ان لم تكن تامة فلا مقتضي للإطلاق و صفوة القول ان التقريب المذكور في غاية السقوط.

الوجه التاسع انه لو كان خيار المجلس ثابتا للوكيل في اجراء الصيغة لكان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 8

______________________________

ثابتا للفضولي اذ يصدق عليه البائع و الحال انه لا خلاف في عدم ثبوته له فلا يكون ثابتا في المقام.

و فيه اولا ان عدم الالتزام بثبوته للفضولي بواسطة الإجماع لا مقتضي لأن يقاس عليه المقام، و ثانيا ان الخيار حكم للبيع الصحيح و بيع الفضولي لا اثر له في وعاء الشرع و في حكم العدم فلا مجال لثبوت الخيار له.

الوجه العاشران دليل الخيار مخصص بدليل وجوب الوفاء بالعقد و دليل

وجوب الوفاء لا يشمل الوكيل في اجراء الصيغة اذ انه اجنبي عن العقد و لا يرتبط به و فيه اولا ان هذا التقريب علي فرض تماميته انما يتم علي فرض كون المستفاد من دليل وجوب الوفاء حكما تكليفيا و أما علي القول بأن المستفاد من الآية الحكم الوضعي اي اللزوم فلا يتم التقريب المذكور اذ معناه علي هذا المسلك ان شارع الأقدس يرشد الي لزوم العقد بعد تحققه فيشمل كل عاقد و ان شئت قلت ان المستفاد من الآية اعلام كل عاقد و ارشاده الي لزوم العقد و حيث ان الوكيل يصدق عليه العاقد يشمله الدليل و ثانيا انه لا دليل علي أن دليل الخيار يختص بمن يشمله دليل وجوب الوفاء بل لنا أن نقول ان مقتضي اطلاق دليل الخيار ثبوته لكل من يصدق عليه عنوان البائع و البيع و لو مع عدم كونه مشمولا لدليل وجوب الوفاء فلاحظ.

الوجه الحادي عشر ان ثبوت الخيار للوكيل في اجراء الصيغة يضاد مع سلطنة المالك علي ماله لأنه بالفسخ يخرج المال عن ملكه بلا اختيار منه فدليل الخيار يثبت الخيار للوكيل و لو مع عدم رضي المالك فيقع التعارض بين دليل السلطنة و دليل الخيار و الترجيح مع دليل السلطنة و ان كانت النسبة بينهما بالعموم من وجه فان دليل السلطنة مؤيد بحكم العقل و العقلاء. و ان ابيت عن الترجيح فلا أقلّ من التساقط فيرجع الي استصحاب بقاء الملكية. و فيه أولا انه لا دليل علي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 9

______________________________

السلطنة كي يقع التعارض بين الدليلين، و ثانيا لا وجه لترجيحه علي فرض التعارض و ثالثا انه لا تصل النوبة الي استصحاب الملكية بعد التعارض لعدم جريان

الاستصحاب في الحكم الكلي كما حقق في محله.

الوجه الثاني عشر: الإجماع و فيه ان الاجماع علي تقدير تحققه يحتمل أن يكون مستندا الي الوجوه المذكورة في المقام فانقدح انه لا يمكن الجزم بالمدعي و طريق الاحتياط ظاهر هذا بالنسبة الي الوكيل و أما ثبوت الخيار للموكل في هذه الصورة فيشكل الجزم به اذ المفروض ان المالك لم يتصد للبيع و انما البيع صدر عن الوكيل فيكون اطلاق البيع علي المالك بالمجاز و شمول اللفظ للمصداق المجازي يحتاج الي القرينة.

و أفاد السيد قدس سره في حاشية المباركة انه يمكن الالتزام بكون صدق العنوان علي الموكل حقيقيا كصدقه علي الوكيل غاية الأمر صدور الفعل عن احدهما بالمباشرة و عن الأخر بالتسبيب و لذا يصح أن يقال احرق النار عمروا و أيضا يصح أن يقال احرق زيد عمروا فان جميع المسببات التوليدية من هذا القبيل.

و يرد علي ما افاده ان المقام ليس داخلا تحت تلك الكبري فان البيع امر مباشري اذ هو عبارة عن الاعتبار النفساني اولا و ابراز ذلك الاعتبار بالمبرز ثانيا و البائع بنفسه يقوم به بخلاف الأحراق و نحوه فان هذه الأمور يستحيل عادة صدورها من الأشخاص مباشرة و هذا قرينة علي ارادة صدورها تسبيبا و لكن الانصاف ان الجزم بعدم صدق العنوان علي الموكل مشكل فانه يصح أن يقال باع زيد داره و لو بسبب التوكيل و لا يصح لو سئل عن بيع داره ان يجيب بالنفي باعتبار عدم تصديه مباشرة فعليه لو كان الوكيل وكيلا في اجراء الصيغة يثبت الخيار للمالك أيضا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 10

له الفسخ عن المالك (1) و لو كان وكيلا في تمام المعاملة و شئونها كان له الفسخ

عن المالك (2) و المدار علي اجتماع المباشرين و افتراقهما لا المالكين (3) و لو فارقا المجلس مصطحبين بقي الخيار لهما حتي يفترقا (4) و لو كان الموجب و القابل واحدا وكالة عن المالكين أو ولاية عليهما ففي ثبوت الخيار اشكال بل الاظهر العدم (5).

______________________________

(1) لا اشكال في أنه ليس له الفسخ عن المالك اذ المفروض انه ليس وكيلا في الفسخ انما الكلام في ثبوته له استقلالا بحيث يكون له الفسخ حتي مع منع المالك.

(2) الوكيل تارة يكون وكيلا في الفسخ و الامضاء و هذه الصورة لا اشكال في أنه يمكنه الفسخ و الامضاء عن قبل الموكل و لكن هذا ليس محل الكلام في المقام، و انما الكلام في أنه هل يشمله دليل الخيار أم لا؟ الظاهر انه لا اشكال في شمول الدليل له و ثبوت الخيار لتمامية الموضوع.

(3) يختلج بالبال أن مرجع هذا الكلام الي التناقض لأنه ان كان المراد ان الخيار مختص بالوكيل و لا خيار للمالك فيتوجه السؤال بأنه ما الفرق بين هذه الصورة و بين ما يكون الوكيل وكيلا في اجراء الصيغة فقط، و ان كان المراد ان الخيار ثابت للمالك لكن المدار بافتراق الوكيلين فلا وجه له فان الموضوع للزوم العقد عنوان افتراق البيعين، فاذا افترق المالكان يصدق الموضوع و لا بد من الحكم باللزوم و لو مع اجتماع الوكيلين و بعبارة اخري الحكم مترتب علي عنوان الافتراق فكلما صدق هذا العنوان يلزم العقد و يتم زمان الخيار فلاحظ.

(4) لأن الميزان بافتراق البيعين لا مفارقتهما عن مجلس العقد.

(5) لا يبعد أن يكون الماتن ناظرا الي صورة عدم حضور المالكين الموكلين

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 11

______________________________

حاضرين في مجلس العقد و الا

يكون الخيار ثابتا للموكلين و الوكيل عنهما ما دام بقاء الاجتماع و انما الاشكال في ثبوت الخيار للشخص الواحد المتصدي للبيع و الشراء و قد وقع الخلاف بين القوم في هذا المقام و قد ذهب بعضهم الي ثبوته له بتقريب انه يصدق علي الوكيل عنوان البائع و المشتري باعتبارين فلا مانع من شمول دليل الخيار له و قد ذكرت وجوه للمنع عن شمول الدليل اياه:

الوجه الأول ان موضوع الخيار في دليله عنوان البيعين و من الظاهر ان قوام صيغة التثنية بالتعدد و لا تصدق علي الواحد فلا مجال لصدق العنوان علي الواحد و قد اجيب بأن المستفاد من الدليل ثبوته للبائع و للمشتري و لا خصوصية لعنوان التثنية و انما اتي بها لأجل الغلبة الخارجية حيث ان الغالب ان البائع غير المشتري و ان شئت قلت: المستفاد من الدليل ان الخيار ثابت للبائع و ثابت للمشتري و لا اشكال في صدق كل واحد من العنوانين علي الوكيل عن المالكين.

الوجه الثاني: ان الخيار مغيي بالافتراق و هذه الغاية تستحيل بالنسبه الي الشخص الواحد و لا يمكن أن تكون غاية الحكم أمرا مستحيلا كما لو قيل هذا الحكم ثابت الي زمان لزوم اجتماع الضدين. و فيه اولا ينقض بمورد يكون المتعاملان شخصين متلاصقين فانه لا يمكن و لا يتصور الافتراق بينهما و أيضا يرد النقض بما لو كانا محكومين بالحبس الا بدئ و لا يتصور افتراقهما فيلزم أن لا يكون لهما الخيار و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم.

و ثانيا سلمنا المدعي و هو عدم امكان كون الغاية أمرا مستحيلا لكن لا مانع من كون الغاية جامعا بين الممكن و المستحيل كما لو قال المولي يحرم اكل المتنجس

الي أن يطهر و الحال ان بعض افراده غير قابل للتطهير و في المقام يكون الأمر كذلك كما هو ظاهر فان أكثر افراد الموضوع يتصور فيه التفرق. و ثالثا لا نسلم عدم امكان كون الغاية أمرا مستحيلا فان المستفاد من مثله كون الحكم ابديا كقوله تعالي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 12

[مسألة 1: هذا الخيار يختص بالبيع و لا يجري في غيره من المعاوضات]

(مسألة 1): هذا الخيار يختص بالبيع و لا يجري في غيره من المعاوضات (1).

[مسألة 2: يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد]

(مسألة 2): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد (2).

______________________________

«حتي يلج الجمل في سم الخياط» فلاحظ.

(1) لعدم المقتضي في غير البيع فان ادلته تختص بالبيع و لا طريق لتنقيح المناط فلا مجال للالتزام به في غير البيع فلاحظ.

(2) يتصور هذا علي نحوين: أحدهما: اشتراط سقوطه و مرجعه الي اسقاط الخيار بالشرط ثانيهما عدم كون العقد خياريا فيقع الكلام في موضعين: الموضع الأول: اشتراط الاسقاط بالشرط و ربما يقال- كما قيل-: انه اسقاط لما لم يجب فلا يصح. و اجيب عن هذا الاشكال بأن دليل الخيار لا يشمل مورد الاشتراط.

و فيه انه لا وجه لهذه الدعوي الا انصراف دليل الخيار عن مورد اشتراط الاسقاط بتقريب ان جعله للإرفاق علي المالك و مع اشتراط الاسقاط لا مجال للإرفاق.

و فيه: انه علي فرض صحة دعوي الانصراف يكون بدويا و دليل الخيار يشمل مورد الاشتراط أيضا مضافا الي أن الاشتراط المذكور يتوقف علي شمول دليل الخيار و الا فلا مجال لاشتراط اسقاطه فالاشتراط يتوقف علي شمول دليل الخيار فاذا قلنا بعدم شمول دليل الخيار للمورد يلزم الخلف اذ الوجه في السقوط الاشتراط و المفروض ان دليل الخيار لا يشمل المورد و الحال ان عدم شموله يتوقف علي شمول دليل الشرط.

و ان شئت قلت شمول دليل الاشتراط يتوقف علي عدم شمول دليل الخيار و عدم شموله يتوقف علي شمول دليل الاشتراط و هذا دور فلا اشكال في الشرط المذكور الا من ناحية التعليق و لا دليل علي بطلان التعليق الا الاجماع و القدر المعلوم منه العقود و بعبارة اخري بطلان التعليق ليس بحكم العقل كي لا

يمكن فيه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 13

______________________________

التخصيص بل دليله الاجماع و شموله للمقام اول الكلام و الاشكال فالظاهر انه لا مانع من شرط السقوط بهذا المعني فلاحظ.

و أما الموضع الثاني و هو اشتراط عدم كون العقد خياريا فقد ذكرت فيه اشكالات: الأول: انه يشترط في صحة الشرط أن يكون متعلقه أمرا مقدورا للمكلف و يكون فعلا اختياريا و الخيار أمره وضعا و رفعا بيد الشارع فكيف يمكن أن يقع مصداقا للشرط.

و الجواب عن هذا الاشكال ان الأمر و ان كان كما ذكر لكن مقتضي حديث سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كان له اب مملوك و كانت لأبيه امرأة مكاتبة قد أدت بعض ما عليها فقال لها ابن العبد: هل لك ان اعينك في مكاتبتك حتي تؤدي ما عليك بشرط أن لا يكون لك الخيار علي أبي اذا أنت ملكت نفسك؟ قالت: نعم، فأعطاها في مكاتبتها علي أن لا يكون لها الخيار عليه بعد ذلك، قال: لا يكون لها الخيار المسلمون عند شروطهم «1»، جواز اشتراط عدم الخيار سيما بعد تطبيقه عليه السلام الكبري الكلية علي المورد بقوله عليه السلام: «لا يكون لها الخيار المسلمون عند شروطهم» و الشرط في مورد الرواية لا يكون ابتدائيا بل واقع في ضمن الهبة فلا مجال لأن يقال الشرط الابتدائي لا أثر له بالإجماع.

الثاني ان اشتراط عدم الخيار ينافي مع مقتضي العقد فلا يصح و فيه أولا ان الخيار ليس من مقتضيات العقد بل حكم شرعي مترتب علي العقد و حيث انه حق قابل للإسقاط لا مانع من اشتراط عدمه و ثانيا يكفي للحكم بالجواز حديث سليمان ابن خالد «2» و مع

وجود النص الدال علي الجواز لا مجال للإشكال كما هو ظاهر.

______________________________

(1) الوسائل، الباب 11 من أبواب المكاتبة الحديث 1

(2) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 14

كما يسقط بإسقاطه بعد العقد (1).

______________________________

الثالث ان الشرط لا بد من وقوعه في العقد اللازم و أما الشرط الواقع في العقد الجائز فلا يجب الوفاء به لأن الفرع لا يزيد علي الأصل فلزوم الشرط في المقام يتوقف علي لزوم العقد و الحال ان لزوم العقد يتوقف علي لزوم الشرط و هذا دور و فيه أولا انه لا دليل علي المدعي فان الشرط لازم الوفاء مطلقا و لا تنافي بين جواز العقد و لزوم الشرط و ثانيا يكفي للحكم بالجواز النص الخاص الوارد في المقام فلاحظ.

الرابع: ان دليل الخيار يعارض مع دليل الشرط و النسبة بين الدليلين عموم من وجه فلا وجه لتقديم دليل الشرط علي دليل الخيار و فيه أولا ان كل مشروط قبل ورود الشرط عليه محكوم بحكم و ذلك الحكم اما موافق مع الشرط و اما مخالف و لا مجال لاختصاص دليل الشرط بخصوص القسم الأول للزوم اللغوية و التفكيك في القسم الثاني يوجب الترجيح بلا مرجح فلا بد من الالتزام بالعموم و ثانيا انه لا يبعد أن لا يري العرف التعارض بين الدليلين كما لا يري تعارضا بين ادلة العناوين الأولية و ادلة العناوين الثانوية و العرف ببابك. و ثالثا يكفي للحكم بالجواز حديث سليمان بن خالد «1».

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه: الوجه الأول: الاجماع و فيه انه يحتمل كونه مدركيا و مع هذا الاحتمال لا يكون تعبديا كاشفا عن رأيه عليه السلام.

الوجه الثاني ان دليل السلطنة «2» يدل علي المقام بالفحوي فانه

لو ثبت جواز التصرف في المال يثبت جواز التصرف في الحق و بعبارة اخري لو دل الدليل علي جواز التصرف في المال حتي بالتصرف الذي يكون معدما له يدل علي جواز اعدام الحق باسقاطه.

______________________________

(1) لاحظ ص 13

(2) بحار الأنوار ج 2 ط جديد ص: 272 حديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 15

______________________________

و فيه ان حديث الناس مسلطون علي اموالهم ضعيف سندا مضافا الي أنه لو فرض قيام دليل علي جواز التصرف في المال علي الاطلاق لا بد من تقييده اذ لا يجوز اعدام المال فيما يكون اسرافا نعم يجوز بيعه و هبته و غيرهما من العقود و الايقاعات كما يجوز اكل الطعام و اباحته و شرب المائع فلا يجوز التصرف الاعدامي علي الاطلاق. نعم لا بأس لتقريب الفحوي بأن يتمسك بجواز العتق فان العتق اعدام للملكية فيجوز اعدام الحق باسقاطه فلاحظ.

الوجه الثالث: ما يدل علي سقوط الخيار بالتصرف معللا بأنه رضا بالبيع لاحظ ما رواه علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الشرط في الحيوان ثلاثة ايام للمشتري اشترط أم لم يشترط فان أحدث المشتري فيما اشتري حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه فلا شرط، قيل له: و ما الحدث؟ قال ان لامس أو قبل أو نظر منها الي ما كان يحرم عليه قبل الشراء الحديث «1».

فان المستفاد من هذا الحديث ان ذا الخيار له اسقاط خياره و بعبارة اخري الامام عليه السلام طبق الكبري الكلية علي التصرف في الحيوان فيفهم عرفا ان له الاسقاط غاية الأمر يكون التصرف الكذائي مصداقا لهذه الكبري و لو بالتعبد.

الوجه الرابع: قوله عليه السلام «المسلمون عند شروطهم» «2» بتقريب انه باطلاقه يشمل اسقاط الخيار و

فيه أولا ان الشرط ارتباط أحد الشيئين بالاخر و الالتزام الابتدائي لا يصدق عليه الشرط فالخروج تخصصي و ثانيا ما المراد من الشرط في المقام فان كان المراد من الشرط الالتزام بعدم الخيار بقاء ففيه ان الحكم الشرعي أمره بيد الشارع و لا معني للالتزام بعدمه أو وجوده و ان كان المراد الالتزام

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار الحديث 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 16

[الثاني: خيار الحيوان]
اشارة

الثاني: خيار الحيوان: كل من اشتري حيوانا (1) انسانا كان او غيره (2) ثبت له الخيار ثلاثة ايام (3).

______________________________

بسقوطه بالاسقاط، ففيه ان دليل الشرط لا يكون مشرعا بل لا بد من احراز المشروعية قبل الاشتراط و مع الشك في المشروعية لا مجال للأخذ بدليل الشرط اذ قد حقق في محله انه لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية بل بمقتضي الاستصحاب يمكن احراز عدم المشروعية فانه لو شك في أن أمر العقد بيد المتعاقدين و هل يمكن الزامه باسقاط الخيار أم لا يكون مقتضي الاستصحاب عدمه فانه قبل الشرع لم يكن أمر العقد بيدهما و الان كذلك.

الوجه الخامس انه لا اشكال في أن الحق قابل للإسقاط و من ناحية اخري الخيار علي قسمين أحدهما حكمي غير قابل للإسقاط كالخيار في الهبة. ثانيهما:

الخيار الحقي و حيث ان خيار المجلس و امثاله خيار حقي فيكون قابلا للإسقاط فلا اشكال في الحكم.

(1) خيار الحيوان في الجملة اجماعي بل ضروري عند علماء المذهب هكذا في الجواهر.

(2) لإطلاق النصوص و صراحة بعضها لاحظ ما رواه علي ابن رئاب قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري جارية لمن الخيار؟ فقال: الخيار لمن

اشتري الي أن قال: قلت له: أ رأيت ان قبلها المشتري أو لامس، قال: فقال: اذا قبل أو لامس أو نظر منها الي ما يحرم علي غيره فقد انقضي الشرط و لزمته «1».

(3) و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في الحيوان كله شرط ثلاثة ايام للمشتري و هو بالخيار

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الخيار الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 17

______________________________

فيها ان شرط أو لم يشترط «1».

و منها ما رواه علي بن فضال قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسي الرضا عليه السلام يقول: صاحب الحيوان المشتري بالخيار ثلاثة ايام «2».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المتبايعان بالخيار ثلاثة ايام في الحيوان، و فيما سوي ذلك من بيع حتي يفترقا «3».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و قال في الحيوان كله شرط ثلاثة ايام للمشتري و هو بالخيار فيها اشترط أو لم يشترط «4».

و منها ما رواه فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ما الشرط في الحيوان؟ قال: ثلاثة ايام للمشتري «5».

و منها ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار حتي يتفرقا و صاحب الحيوان ثلاث الحديث «6».

و منها ما رواه علي بن اسباط عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: الخيار في الحيوان ثلاثة للمشتري الحديث «7».

و منها ما رواه علي ابن رئاب «8».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) نفس

المصدر الحديث 2

(3) نفس المصدر الحديث 3

(4) نفس المصدر الحديث 4

(5) نفس المصدر الحديث 5

(6) نفس المصدر الحديث 6

(7) نفس المصدر الحديث 8

(8) لاحظ ص 15

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 18

مبدأها زمان العقد (1).

______________________________

(1) قد وقع الخلاف بينهم في ان مبدء خيار الحيوان من حين العقد أو من حين انقضاء المجلس و الذي يقتضيه ظواهر ادلة خيار الحيوان هو الاول فان الظاهر من قوله عليه السلام في حديث زرارة «1» ان خيار الحيوان من حين العقد الي ثلاثة ايام فلا بد في رفع اليد عن الظواهر من التماس دليل. و ما ذكر في تقريب رفع اليد من الظهور وجوه:

الوجه الاول: ان الخيار من حين ثبوت العقد و العقد لا يثبت الا من حين التفرق اذ قبله غير ثابت لأجل خيار المجلس.

و يرد عليه اولا انه لو لم يكن العقد قابلا لاجتماع خياري المجلس و الحيوان فيه فلا بد من رفع اليد عن احدهما و ترجيح خيار المجلس علي خيار الحيوان ترجيح من غير مرجح و بعبارة اخري كما انه يمكن رفع الاشكال بالالتزام بعدم خيار الحيوان ما دام لم يفترقا كذلك يمكن رفع الاشكال بالالتزام بعدم خيار المجلس الا بعد انقضاء الثلاثة.

و ثانيا: يمكن رفع التنافي بوجه آخر و هو الالتزام بعدم خيار المجلس في الحيوان أو بالالتزام بعدم خيار الحيوان الا فيما لا يكون خيار المجلس متحققا.

و ثالثا: ان الاشكال المذكور لا يرجع الي محصل اذ لو كان المراد ان الخيار لا بد من عروضه لعقد غير قابل للانفساخ فهو يرجع الي التناقض اذ فرض كون العقد غير قابل للانفساخ ينافي كونه خياريا و ان كان المراد ان الخيار لا بد من عروضه لعقد

يكون لازما لو لا الخيار فهو تام و لا اشكال في كون البيع كذلك و هذا الوجه لا يقتضي انفكاك احد الخيارين عن الاخر و ان كان المراد أنّ اجتماع الخيارين في حد نفسه فيه محذور فيرد عليه انه لا نري مانعا في اجتماعهما و اذا تم الدليل في مقام

______________________________

(1) لاحظ ص 17

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 19

______________________________

الاثبات نلتزم بتعدد الخيار بلا اي محذور و اشكال.

الوجه الثاني: ان مقتضي الاستصحاب بقاء الخيار الي ثلاثة ايام من حين التفرق و لهذا الاستصحاب تقريبان.

احدهما: ان يستصحب عدم تحقق خيار الحيوان ما دام بقاء المجلس.

ثانيهما: بقائه الي الثلاثة من حين الافتراق.

و يرد علي التقريب الاول انه لا يترتب المقصود علي الاصل بهذا التقريب الا علي القول بالمثبت فان لازم عدم حدوثه الا بعد الافتراق بقائه الي ثلاثة ايام من حين الافتراق و الاصل المثبت لا دليل علي اعتباره.

و يرد علي التقريب الثاني ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد مضافا الي أنه لا مجال للأصل مع وجود الدليل و المفروض ان مقتضي الادلة بحسب الظهور ان خيار الحيوان من حين العقد.

الوجه الثالث: انه لو لم نلتزم بانفكاك خيار الحيوان عن خيار المجلس يلزم احد المحذورين علي سبيل منع الخلو و هما اجتماع المثلين و اجتماع سببين علي مسبب واحد و كلاهما محال.

و يرد عليه ان الأحكام الشرعية ليست داخلة في المسببات بل اعتبارات لموضوعاتها و من الظاهر انه لا مانع من اعتبار خيارات متعددة لعقد واحد بتعدد موضوعاتها مضافا الي أنه لو سلم ان وزانها وزان التكوينيات فلا يترتب عليه اشكال عقلي و لذا نري انه يمكن ايجاد الحرارة في البدن بسببين فاذا سبق

احدهما علي الاخر يوجد المسبب بالسبب السابق كما انه لو انعدم احدهما يبقي المسبب ببقاء الاخر فان الحرارة توجد بالغضب و الحركة اذا وجدا معا و اذا سبق احدهما يكون مؤثرا في تحققها كما انه لو انعدم احدهما تبقي الحرارة ببقاء الاخر فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 20

______________________________

الوجه الرابع: انه قد دل بعض النصوص علي أن تلف الحيوان في الثلاثة من البائع لاحظ ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط الي يوم أو يومين فيموت العبد و الدابة أو يحدث فيه حدث، علي من ضمان ذلك؟ فقال: علي البائع حتي ينقضي الشرط ثلاثة أيام و يصير المبيع للمشتري «1».

و من ناحية اخري انه ثبت ان التلف في زمان الخيار المشترك ممن انتقل اليه فعليه يقتضي أن يقال ان مبدء خيار الحيوان من حين انقضاء المجلس كي لا يتوجه اشكال و ربما يقال انه يحمل دليل كون التلف من البائع علي الغالب حيث ان الغالب كون التلف بعد انقضاء المجلس فيكون التلف من البائع بمقتضي قاعدة ان التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له و بعد انقضاء المجلس لا خيار للبائع فالقاعدة لا تنحزم.

و فيه اولا ان الغلبة المدعاة اول الكلام.

و ثانيا علي فرض تماميتها لا تكون الغلبة مانعة عن الاطلاق و مقتضاه شمول الحكم لمورد يكون التلف قبل انقضاء المجلس فالحق في الجواب أن يقال ان الدليل قائم علي أن التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له و أما التلف في زمان الخيار المشترك فمقتضي القاعدة الاولية أن يكون ممن انتقل اليه لكن يرفع اليد عن هذا الاطلاق

بالدليل الوارد في المقام و يقيد الاطلاق. و بعبارة اخري رفع اليد عن القاعدة بالدليل ليس عزيزا.

و ثالثا سلمنا التنافي بين هذه القاعدة و هذا الرواية لكن نقول كما يمكن رفع التنافي بالالتزام بكون مبدء الثلاثة من حين انقضاء المجلس كذلك يمكن رفع التنافي بالالتزام بعدم خيار المجلس في المقام و أيضا يمكن رفع التنافي بأن نقول مبدء الثلاثة من

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الخيار الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 21

______________________________

حين العقد لكن الخيار ثابت من حين الانقضاء فلاحظ فتحصل انه لا وجه لهذا القول.

و الحق أن يقال ان مبدء الثلاثة من حين العقد علي ما هو المستفاد من ظواهر ادلة خيار الحيوان. هذا كله علي تقدير عدم التنافي و التعاند بين خيار المجلس و خيار الحيوان و أما لو قلنا بأن المستفاد من الادلة عدم اجتماعهما في مورد واحد فلا تصل النوبة الي البحث. و بعبارة اخري البحث الموجود علي فرض امكان اجتماعهما و أما علي فرض التعاند و عدم الاجتماع فلا موضوع للبحث فنقول لإثبات التعاند تقريبان:

احدهما: ان المستفاد من دليل خيار المجلس انقضائه حين انقضاء المجلس لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما رجل اشتري من رجل بيعا فهما بالخيار حتي يفترقا، فاذا افترقا وجب البيع الحديث «1». و مقتضي دليل خيار الحيوان انقضاء الخيار بانقضاء الثلاثة لاحظ ما رواه الحلبي أيضا «2» فهذان الدليلان يتعارضان فيما يكون المبيع حيوانا.

و الجواب انه لو قلنا بأن كل واحد من الدليلين متعرض للحكم الثابت في مورده و ناظر في النفي الي ذلك الحكم و بعبارة اخري ان كان كل دليل متعرضا لحكم حيثي و لا اطلاق فيه

فالامر واضح اذ عليه يكون النفي بلحاظ خاص و الظاهر انه كذلك عرفا و أما لو قلنا بأنه مطلق فغايته العموم و مقتضي الصناعة أن يخصص كل واحد من الدليلين بالدليل الاخر و يلتزم بعموم الحكم و تخصيصه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الخيار، الحديث: 4

(2) لاحظ ص 17

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 22

______________________________

ثانيهما: ان المستفاد من حديث ابن مسلم «1» بحسب الفهم العرفي التقسيم و التفصيل بين الحيوان و غيره و التقسيم قاطع للشركة فيستفاد من هذه الرواية ان الخيارين لا يجتمعان في مورد واحد فبين الخيارين تعاند و تضاد بحسب الحكم الشرعي.

و ربما يقال ان الرواية مورد اعراض الاصحاب فلا تكون حجة. و فيه ان الاعراض لا يوجب سقوط الرواية عن الاعتبار.

و ربما يقال ان الحديث في مقام بيان انتهاء زمان خياري الحيوان و المجلس و لا تعرض في الحديث لبيان موضوعي الخيارين فلا يتم الاستدلال.

و فيه ان اثبات هذه الدعوي مشكل و هذا العرف ببابك فان المستفاد من الحديث ان المبيع ان كان حيوانا فالخيار فيه ثلاثة ايام و ان كان غير حيوان فالخيار ما دام لم يحصل الافتراق.

و ربما يقال: يستفاد من حديث آخر لمحمد بن مسلم، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم البيعان بالخيار حتي يفترقا و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة ايام «2» انه لو كان المبيع حيوانا لا يكون الخيار للبائع بل يختص خيار الحيوان بالمشتري فيقع التعارض بين هذه الرواية و تلك الرواية بالعموم من وجه فان مادة الافتراق من ناحية تلك الرواية صورة كون الثمن و المثمن كليهما حيوانا و مادة الافتراق من ناحية هذه الرواية

صورة كون الثمن فقط حيوانا و مادة الاجتماع صورة كون المبيع فقط حيوانا فان مقتضي هذه الرواية عدم الخيار للبائع و مقتضي تلك الرواية ثبوت الخيار للبائع فيقع التعارض بين الحديثين و الترجيح بموافقة

______________________________

(1) لاحظ ص 17

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الخيار الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 23

و اذا كان العقد في اثناء النهار لفق المنكسر من اليوم الرابع (1) و الليلتان المتوسطتان داخلتان في مدة الخيار (2) و كذا الليلة الثالثة في صورة تلفيق المنكسر (3) و اذا لم يفترق المتبايعان حتي مضت ثلاثة ايام سقط خيار الحيوان و بقي خيار المجلس (4).

______________________________

الكتاب مع ما يدل علي عدم الخيار فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقد لزومه و عدم الخيار فلا يبقي مجال لتقريب ان التقسيم قاطع للشركة فلا دليل علي التنافي بين الخيارين. هذا غاية ما يمكن أن يقال في هذا المقام.

و فيه ان هذا البيان يقتضي عدم الخيار بالنسبة إلي البائع و أما بالنسبة الي المشتري فلا و بعبارة اخري: تقريب ان التقسيم قاطع للشركة و ان المستفاد من الحديث بمقتضي تقسيم المبيع بين كونه حيوانا و غيره بحاله و قوته بالنسبة الي المشتري فالنتيجة ان مقتضي الصناعة عدم اجتماع خيار الحيوان و المجلس في محل واحد فلاحظ.

(1) كما هو كذلك في نظائر المقام من قصد الاقامة و الايام المقررة في الحيض و النفاس و غيرهما فان العرف يفهم من الدليل كفاية التلفيق.

(2) اذ المستفاد من الدليل استمرار الخيار من اوله الي آخره فيكون الخيار ثابتا في الليلتين كما هو كذلك في الحيض و امثاله.

(3) كما هو ظاهر لعين التقريب المتقدم و هو استمرار الخيار من المبدأ الي المنتهي.

(4) و الوجه فيه

ان كل حكم حدوثا و بقاء تابع لموضوعه و المفروض ان خيار المجلس تابع لبقاء المجلس فاذا كان المجلس باقيا الي ما بعد الثلاثة يسقط خيار الحيوان و يبقي خيار المجلس.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 24

[مسألة 3: يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد]

(مسألة 3): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد كما يسقط باسقاطه بعده (1) و بالتصرف في الحيوان تصرفا يدل علي امضاء العقد و اختيار عدم الفسخ (2).

______________________________

(1) كما تقدم في خيار المجلس.

(2) ما افاده علي طبق القاعدة فانه لو علم انه اراد عدم الفسخ و بعبارة اخري لو ابرز امضائه العقد و اسقاطه الخيار بفعل من الافعال يسقط خياره بلا اشكال اذ لا يلزم أن يكون المبرز لإمضاء العقد خصوص اللفظ و هذا ظاهر واضح.

انما الكلام في أنه لو علم انه لا يريد من تصرفه الفسخ بل يريد ابقاء العقد بحاله فهل يسقط خياره كما لعله المستفاد من المتن أم لا يسقط؟ الحق هو الثاني اذ لا اشكال في أن اسقاط الخيار من الامور الانشائية.

و صفوة القول ان القاعدة الاولية تقتضي انه لو اسقط الخيار و التزم بالبيع يسقط خياره بلا فرق بين كون مبرزه لفظا أو فعلا هذا مقتضي القاعدة الاولية و في المقام نصوص لا بد من ملاحظتها و من تلك النصوص ما رواه علي ابن رئاب عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: الشرط في الحيوان ثلاثة ايام للمشتري اشترط أم لم يشترط فان أحدث المشتري فيما اشتري حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه فلا شرط، قيل له: و ما الحدث؟ قال ان لامس أو قبل او نظر منها الي ما كان يحرم عليه قبل الشراء الحديث «1».

و المستفاد من هذه الرواية ان

كل حدث احدثه المشتري في المبيع يوجب سقوط الخيار و بعد سؤال الراوي عن الحدث أجاب عليه السلام «ان لامس أو قبل أو نظر منها الي ما كان يحرم عليه قبل الشراء» فيستفاد من الحديث ان كل تصرف بل كل فعل يكون مرتبطا بالمبيع و لا يكون جائزا للمشتري قبل الاشتراء يوجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الخيار الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 25

______________________________

سقوط الخيار و لو لم يكن قاصدا للإسقاط فان قوله عليه السلام: «فذلك رضا منه فلا شرط» يقتضي كون احداث الحدث رضي بالبيع بالتعبد الشرعي و الظاهر ان الرضا المذكور في كلامه عليه السلام هو الاختيار لا الرضا النفساني الذي هو عبارة عن طيب النفس و يكون من صفات النفس و الشاهد علي هذه الدعوي امور:

منها حمله علي الفعل الخارجي و لا يصح حمل الصفة النفسانية علي الفعل الخارجي الا بالعناية.

و منها ان مجرد الرضا النفساني لا يكون مؤثرا في الفسخ و بعبارة اخري الرضا النفساني بلا مبرز لا يكون مؤثرا في الامور الانشائية.

و منها ان الرضا النفساني و طيب النفس يتعدي بالجار فيقال رضي بكذا و أما الرضا بمعني الاختيار فيتعدي الي المفعول بنفسه و بدون وساطة حرف الجر و المقام كذلك كما تري.

و هذا الوجه قابل للنقاش كما يظهر لمن يراجع كلام اهل اللغة في المقام.

و منها ان لسان الرواية لسان الحكومة. و القاعدة في باب الحكومة ان الحكم في المنزل عليه مسلم و مفروغ عنه و الحاكم بالحكومة يجعل للمنزل عليه فردا تنزيليا مثلا العالم حكمه وجوب الاكرام و بالحكومة يجعل الحاكم ولد العالم من افراد العالم بقوله ولد العالم عالم و في المقام جعل العمل الخارجي كالنظر

مثلا منزلة الرضا فالرضا حكمه مفروغ عنه و معلوم و الشارع يجعل له فردا تنزيليا و من الظاهران الرضا الموجب لسقوط الخيار هو الفسخ الفعلي أو اللفظي لا الرضا القلبي و هذا الوجه هو العمدة.

و ملخص الكلام انه لا اشكال في ان الرضا الموجب لسقوط الخيار هو الفسخ

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 26

______________________________

باللفظ أو الفعل و الشارع الاقدس جعل التصرف بل مطلق الفعل الذي يتوقف شرعا علي الملكية موجبا لسقوط الخيار بالحكومة فلاحظ.

فالنتيجه ان كل تصرف من قبل المشتري يكون متوقفا علي الملكية يكون مسقطا للخيار بلا فرق بين التصرفات اذ المستفاد من التصرفات المذكورة في كلامه عليه السلام من التقبيل و المس و النظر التمثيل لا الموضوعية و العرف ببابك.

و من تلك الروايات مكاتبة الصفار قال: كتبت الي ابي محمد عليه السلام في الرجل اشتري من رجل دابة فأحدث فيها حدثا من أخذ الحافر أو أنعلها أو ركب ظهرها فراسخ أله أن يردها في الثلاثة الايام التي له فيها الخيار بعد الحدث الذي يحدث فيها أو الركوب الذي يركبها فراسخ؟ فوقع عليه السلام. اذا أحدث فيها حدثا فقد وجب الشراء إن شاء اللّه «1».

و المستفاد من هذه الرواية ان احداث الحدث في المبيع يوجب سقوط الخيار و في تلك الرواية بين المراد من الحدث الذي احدث فيه. و من تلك النصوص ما رواه ابن رئاب «2».

و المستفاد من هذا الحديث ما هو المستفاد من حديثه الاخر فالنتيجة ان كل فعل صادر من المشتري متعلق بالمبيع من الافعال التي لا تكون جائزة لغير المالك يوجب سقوط الخيار.

ان قلت: علي هذا يكون جعل خيار الحيوان لغوا اذ في كل مورد من موارده يتحقق فعل يتعلق بالحيوان

و يوجب سقوط الخيار.

قلت: ليس الامر كذلك اذ لو فرض بقاء الحيوان عند البائع في مدة الخيار لا يتحقق موجب لسقوطه كما انه لو تسلم الحيوان و لم يتصرف فيه تصرفا غير جائز

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الخيار الحديث 2

(2) لاحظ ص 16

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 27

[مسألة 4: يثبت هذا الخيار للبائع أيضا، إذا كان الثمن حيوانا]

(مسألة 4): يثبت هذا الخيار للبائع أيضا، اذا كان الثمن حيوانا (1).

______________________________

بسقيه و علفه و امثالهما لا يكون وجه لسقوط الخيار نعم علي هذا المبني تكون دائرة الخيار غير واسعة و تكون فائدة جعل الخيار أقلّ و لكن الاحكام التعبدية زمامها بيد الشارع و ليس لنا التصرف فيها كما هو المقرر عند الكل.

ان قلت: يستفاد من حديث عبد اللّه بن الحسن عن ابيه عن جعفر بن محمد عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في رجل اشتري عبدا بشرط ثلاثة ايام فمات العبد في الشرط، قال: يستحلف باللّه ما رضيه ثم هو بري ء من الضمان «1»، ان احداث الحدث لا يوجب سقوط الخيار حيث انه صلي اللّه عليه و آله لم يفصل بين احداث الحدث و عدمه و حكم بعدم الضمان علي الاطلاق و فيه أولا ان الرواية ضعيفة سندا و ثانيا ان المراد بالرضا الرضا الفعلي و هو الاختيار و قد استفيد من الدليل كما مر ان احداث الحدث مصداق للرضا بالتعبد.

(1) لاحظ ما رواه زرارة «2» فان مقتضي اطلاق الرواية ان صاحب الحيوان له الخيار بلا فرق بين البائع و المشتري. و النصوص الدالة علي كون الخيار للمشتري موردها بالنصوصية أو بالظهور صورة كون المبيع حيوانا و غاية دلالتها نفي الخيار بالنسبة الي البائع بالاطلاق. و بعبارة اخري غاية ما

يمكن أن يقال ان تلك النصوص حيث انها في مقام التحديد تنفي الخيار بالنسبة الي غير المشتري لكن لا مانع من تقيد تلك الروايات بهذه الرواية و الالتزام بثبوت الخيار فيما يكون الثمن حيوانا.

و صفوة القول ان النصوص المشار اليها علي فرض دلالتها علي نفي الخيار

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الخيار الحديث 4

(2) لاحظ ص 17

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 28

[مسألة 5: يختص هذا الخيار بالبيع]

(مسألة 5): يختص هذا الخيار بالبيع، و لا يثبت في غيره من المعاوضات (1).

[مسألة 6: إذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار كان تلفه من مال البائع]

(مسألة 6): اذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار كان تلفه من مال البائع و رجع المشتري عليه بالثمن اذا كان دفعه

______________________________

عن البائع يكون بالاطلاق اي بلا فرق بين كون الثمن حيوانا أم لا و هذا الاطلاق يقيد بهذه الرواية. اضف الي ذلك كله انه لا وجه للالتزام بالمفهوم فانه قد قرر في محله ان اللقب لا مفهوم له الا انه قد تقدم ان المفهوم من ناحية التحديد و بيان الضابطة و يضاف الي ذلك كله انه يمكن أن يقال ان النصوص الدالة علي اختصاص خيار الحيوان بالمشتري فيما يكون المبيع حيوانا ناظرة الي أن الخيار الناشي من كون المبيع حيوانا للمشتري فلا ينافي ثبوت الخيار للبائع من ناحية اخري و لذا لا مجال لان يقال بأن هذه الروايات تنفي خيار المجلس بالنسبة الي البائع و علي هذا الاساس نقول لا تنافي بين الدليلين فان الدليل الدال علي اختصاص الخيار بالمشتري ناظر الي مورد كون المبيع حيوانا و الدليل الدال علي أن صاحب الحيوان مطلقا له الخيار ناظر الي اثبات الخيار لمن انتقل اليه الحيوان بائعا كان أو مشتريا فلا تصل النوبة الي أن يقال بين الدليلين تعارض بالعموم من وجه فان ما به الافتراق من طرف دليل صاحب الحيوان ما يكون المبيع حيوانا فقط و ما به الافتراق من ناحية صاحب الحيوان المشتري مورد كون الثمن غير حيوان و ما به الاجتماع ما يكون الثمن و المثمن حيوانا فان مقتضي دليل الاختصاص عدم الخيار و مقتضي اطلاق صاحب الحيوان ثبوت الخيار فانه قد ظهر مما ذكرنا عدم

مجال لهذا التقريب فلاحظ فما افاده في المتن تام.

(1) لعدم المقتضي في غير البيع من المعاوضات فان نصوصه تختص بالبيع.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 29

اليه (1).

[مسألة 7: إذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ و الرد]

(مسألة 7): اذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ و الرد (2) و ان كان بتفريط منه سقط خياره (3)

[الثالث: خيار الشرط]
اشارة

الثالث: خيار الشرط و المراد به: الخيار المجعول باشتراطه في العقد، اما لكل من المتعاقدين أو لأحدهما بعينه (4).

______________________________

(1) كما هو المقرر عندهم من أن التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له و تفصيل الكلام موكول الي بحث احكام الخيار فانتظر.

(2) لعدم دليل عليه و لا وجه لسقوطه.

(3) قد تقدم من الماتن ان خيار الحيوان يسقط بالتصرف فيه تصرفا يدل علي امضاء العقد فالميزان في نظره سقوط الخيار باسقاط من له الخيار و عليه فاي وجه في كون التفريط مسقطا لخيار الحيوان. هذا علي مسلكه من عدم موضوعية للتصرف و أما علي ما سلكناه من كون التصرف بنفسه مسقطا للخيار فلا أري وجها للسقوط بالتفريط الا ان يقال ان الارتكاز يقتضي سقوطه في الفرض المذكور بأن يقال مقتضي الارتكاز اشتراط سقوطه فيما يكون العيب مسببا عن تفريطه و اللّه العالم.

(4) ما يمكن أن يقال في تقريبه وجوه: الوجه الاول الاجماع و قد ادعي الشيخ قدس سره ان نقل الاجماع عليه مستفيض. و يرد عليه ان تحصيل الاجماع التعبدي الكاشف لا يمكن.

الوجه الثاني ما عن سيدنا الاستاد و هو ان الاهمال في الواقع غير معقول و عليه البائع حين البيع اما يملك العين الي حين قوله فسخت و اما علي الاطلاق.

أما علي الثاني فيرجع الي التناقض فيتعين الاول و هو التمليك الي حين قوله فسخت، و الشارع المقدس يمضي العقد بهذا النحو اذ العقود تابعة للقصود و علي هذا الاساس لا يتوجه الاشكال من ناحية ان شرط الخيار

مخالف للكتاب اذ

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 30

______________________________

مقتضي وجوب الوفاء بالعقد كونه لازما غير قابل للفسخ.

و يرد عليه اولا انه يلزم الغرر اذ لا يعلم انه يفسخ و سيدنا الاستاد لا يلتزم بصحة البيع الغرري. و ثانيا ان لازم هذا القول ان المشتري لو باع العين من ثالث ثم فسخ البائع البيع يكون العقد الثاني باطلا اذ بالفسخ يكشف ان المشتري باع ما لا يملكه و بيع ما لا يملك باطل و سيدنا الاستاد لا يلتزم بهذا اللازم. و ثالثا: ان البيع الموقت غير معهود عند العرف و المتشرعة و بعبارة اخري البيع الموقت و ان كان امرا متصورا لكن البيع الموقت غير معهود بل البيع تمليك ابدي دائمي و رابعا: ان الفسخ لدي العرف و العقلاء رافع للأمر الثابت لا أن يكون امدا للأمر الموقت.

و خامسا: انا لا نسلم ان جعل الخيار ينافي التمليك الا بدئ بل الفسخ يتوقف علي دوام متعلقه.

توضيحه ان البيع مثل النكاح و الفسخ مثل الطلاق فكما ان النكاح عبارة عن ايجاد العلقة الزوجية الدائمية و الطلاق يرفع الامر الثابت المستقر كذلك البيع يقتضي تحقق الملكية الدائمية و الفسخ يرفع هذا الامر الثابت.

و ان شئت قلت الفسخ قاطع للعلقة الثابتة لا امد لها و لذا نقول يتوقف الفسخ علي الدوام لا انه ينافيه فان البيع جعل الملكية الدائمية و شرط الخيار يجعل لمن له الخيار حق قطع هذا الامر الدائم الثابت و لك ان تقول ان وزان خيار الشرط وزان توكيل الزوج زوجته في ضمن العقد في طلاقها فكما ان ذلك الشرط هناك امر جائز واقع متعارف كذلك شرط الخيار في المقام فلاحظ.

الوجه الثالث: النصوص الدالة علي جواز الشرط منها

ما رواه عبد اللّه ابن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له، و لا يجوز علي الذي اشترط عليه، و المسلمون عند شروطهم مما

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 31

______________________________

و افق كتاب اللّه عز و جل «1»، بتقريب ان جعل الخيار من مصاديق الشرط و مقتضي النصوص الواردة في المقام جواز الشرط. و يمكن ان يناقش في هذا الاستدلال بوجوه من الاشكال:

الاشكال الاول: ان الشرط يجب أن يكون موافقا مع الشرع و هذا الشرط خلاف الكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالي أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «2» فان مقتضاه لزوم كل عقد. و أما السنة فقوله عليه السلام في خيار المجلس فاذا افترقا وجب البيع «3».

ان قلت: شرط الخيار ليس مخالفا للكتاب و السنة اذ اللزوم من مقتضيات اطلاق العقد لا من مقتضيات طبعه فيجوز شرط الخيار.

قلت: هذا التقريب لا يرجع الي محصل فان العقد بمقتضي الكتاب و السنة لازم و اشتراط الخيار فيه يكون علي خلاف الجعل الشرعي و اذا فرض قيام دليل علي جواز العقد في مورد نأخذ به و لا ينافي كون العقد لازما اذ امر العقد بيد الشارع فله الحكم باللزوم في مورد و بالجواز في مورد آخر.

ان قلت: ان اللزوم حقي و رعاية لحال المتعاقدين فلهما جعل العقد خياريا.

قلت: لا دليل علي هذه الدعوي فان مقتضي الادلة كون العقد لازما.

ان قلت: اشتراط الخيار اشتراط ان يسترجع ما دفعه متي اراد و يأخذه و يتملكه و عموم ادلة الشرط يشمل هذا الشرط فيجوز و يكون المشروط عليه ملزما بالدفع عند اعمال الخيار.

قلت: ما المراد من الاسترجاع فان كان المراد به ان الشارع

له أن يحكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار الحديث: 1

(2) المائدة/ 1

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الخيار الحديث 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 32

______________________________

بالرجوع عند اعمال الخيار فلا اشكال فيه لكن لا دليل علي حكم الشارع بالرجوع و ان كان المراد ان له أن يسترجع بلا سبب شرعي فهذا الاسترجاع باطل اذ لا يجوز تملك مال الغير بلا سبب مجوز و دليل الشرط لا يصلح لإثبات الجواز اذ دليله لا يكون مشرعا بل يلزم احراز المشروعية في الرتبة السابقة كي يقع عليه الشرط و لو وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي الاصل عدم المشروعية فلا يصح الاشتراط و ان كان المراد الاسترجاع باذن المشتري و موافقته فلا يحتاج الي الشرط اذ الاقالة جائزة بل راجحة، و ان كان المراد ان المشروط عليه يلتزم بأنه عند الاسترجاع يقيل اي يشترط عليه الاقالة عند الاستقالة فهذا صحيح و لكن لا يرتبط بالمقام كما هو ظاهر.

الاشكال الثاني ان مفاد ادلة الشروط هو الحكم التكليفي فلا يشمل الاحكام الوضعية.

و فيه انه لا وجه لهذا التقييد فان مقتضي اطلاق ادلة الشرط هو الاعم فان متعلق الشرط ان كان فعلا من الافعال يجب أو يحرم و ان كان امرا وضعيا يلزم بل يستفاد المدعي من بعض تلك النصوص لاحظ ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجلين اشتركا في مال و ربحا فيه ربحا و كان المال دينا عليهما، فقال أحدهما لصاحبه: اعطني رأس المال و الربح لك و ما توي فعليك، فقال: لا بأس به اذا اشترط عليه، و ان كان شرطا يخالف كتاب اللّه عز و جل فهو رد الي كتاب اللّه عز و

جل الحديث «1» فان مورد حكمه عليه السلام بالصحة الحكم الوضعي.

الاشكال الثالث ان شرط الخيار مخالف مع مقتضي العقد فعليه يكون مرجع جعل الخيار الي المتنافيين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار الحديث 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 33

______________________________

و فيه ان مقتضي العقد الملكية و اما اللزوم و الجواز فهما حكمان خارجان يعرضان للعقد بمقتضي الدليل.

الاشكال الرابع: ان جعل الخيار فعل الشارع و ليس تحت اختيار المكلف و لا معني لاشتراط فعل الشارع فان الشرط يتعلق بامر مقدور.

و فيه اولا: انا نري صحة هذا الاشتراط حتي ممن لا يعتقد به سبحانه فيعلم ان هذا التقريب فاسد و ثانيا لا اشكال في أن جعل الخيار فعل من افعال الشارع و لكن لا ينافي جعله من قبل المتعاملين و بعبارة اخري جعل الخيار اعتبار من الاعتبارات و يمكن للمتعاقدين اشتراط هذا الاعتبار. غاية الأمر نفوذه و لزومه يتوقف علي امضاء الشارع و الكلام في المقام في دليل نفوذ هذا الاعتبار.

الاشكال الخامس: ان الشرط بماله من المفهوم لا يتحقق في المقام اذ الشرط عبارة عن ارتباط احد الامرين بالاخر و اما الالتزام الابتدائي فلا يصدق عليه عنوان الشرط و فيه انه يمكن تصوير الشرط في المقام بأن يعلق العقد علي الالتزام بالخيار.

لا يقال ان التعليق في العقود باطل فانه يقال التعليق علي امر مجهول باطل و أما التعليق علي امر معلوم كما لو علق العقد علي كون اليوم يوم الجمعة و هما يعلمان ان اليوم يوم الجمعة فلا يكون باطلا و المقام كذلك اذ الالتزام عند العقد بالخيار معلوم عندهما فتحصل ان الاشكال الوارد هو الاشكال الاول و اما بقية الاشكالات فغير واردة.

الوجه الرابع ما رواه فضيل عن

ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له: ما الشرط في غير الحيوان؟ قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الخيار الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 34

______________________________

بتقريب ان المستفاد من هذه الرواية ان امر العقد لزوما و جوازا بيد المتعاقدين حيث قال عليه السلام: «و اذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما» فالميزان برضاهما و هذه الدعوي لا شاهد عليها و الرضا المذكور في الحدث فيه احتمالات. منها احتمال ان يكون المراد منه الرضا بالعقد اي العقد الصادر عن رضا الطرفين يلزم بالافتراق و منها: احتمال أن يكون المراد منه انه لو حصل الرضا بعد العقد به و لم يحصل الفسخ فلا اثر لعدمه بعد الافتراق. و منها احتمال كون المراد منه ان الافتراق الناشي عن الرضا يسقط لا الافتراق الاكراهي و الحاصل انه لا يرجع هذا الدليل الي محصل معتد به.

الوجه الخامس: انه لا اشكال في صحة اشتراط فعل في ضمن العقد كاشتراط الخياطة و لا يتحقق مفهوم الشرط الا بتعليق الالتزام و الوفاء به و بعبارة اخري الشرط ارتباط احد الامرين بالاخر و هذا الارتباط يتوقف علي تعليق الوفاء بذلك الشرط كالخياطة و الالتزام بها فعند التخلف يثبت خيار تخلف الشرط و حكم الامثال واحد فاذا صح جعل الخيار هناك يجوز جعله مستقلا.

و فيه انا لا نسلم صحته هناك أيضا الا بأن يتم بدليل. و أما اشتراط الفعل كالخياطة فلا يتوقف علي تعليق الوفاء به بل يمكن أن يعلق عليه نفس العقد و قد مر قريبا انه لا يتوجه الاشكال بأن التعليق باطل في العقود. فراجع ما ذكرناه

آنفا.

الوجه السادس: ما رواه سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

انا نخالط اناسا من اهل السواد و غيرهم فنبيعهم و نربح عليهم للعشرة اثني عشر و العشرة ثلاثة عشر، و نؤخر «نوجب» ذلك فيما بيننا و بين السنة و نحوها، و يكتب لنا الرجل علي داره أو علي أرضه بذلك المال الذي فيه الفضل الذي أخذ منا شراء قد باع و قبض الثمن منه فنعده «فعندنا- يب فبعده خ ل» ان هو جاء بالمال الي وقت بيننا و بينه أن نرد عليه الشراء فان جاء الوقت و لم يأتنا بالدراهم

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 35

او لأجنبي (1)،

______________________________

فهو لنا، فما تري في الشراء؟ فقال: أري أنه لك ان لم يفعل، و ان جاء بالمال للوقت فرد عليه «1».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز جعل الخيار للمشتري.

و فيه انه حكم بالخيار في الصورة الخاصة و هي صورة رد الثمن فلا وجه للتعدي عنها.

الوجه السابع ما رواه ابن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و ان كان بينهما شرط اياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع «2».

بتقريب ان المستفاد من الحديث ان جواز جعل الخيار امر مفروغ عنه و انه عليه السلام بين حكم التلف في زمان الخيار و بعبارة اخري يفهم من الحديث صدرا و ذيلا انه يجوز اشتراط الخيار للمشتري و ان التلف في ذلك الزمان علي البائع. و ان شئت قلت انه عليه السلام بعد ان اجاب عن سؤال الراوي بين كبري كلية و هي انه لو كان الخيار مجعولا للمشتري في ثلاثة ايام أو اربعة أو خمسة يكون التلف في ذلك

الزمان علي البائع فيستفاد جواز جعل الخيار للمشتري في ايام معدودة علي الاطلاق. و الظاهر انه لا بأس بهذا الوجه.

الوجه الثامن: السيرة الجارية علي جعل الخيار من المتعاملين بلا نكير من احد و هذه آية الجواز فلاحظ مضافا الي أن المدعي يستفاد من حديث الحلبي لاحظ ص: 16، اذ يستفاد منه جواز اشتراط الخيار. و اللّه العالم.

(1) لا اشكال ثبوتا في جعل الخيار للأجنبي و انه امر ممكن. انما الكلام في مقام الاثبات و الدلالة و حيث ان شرط الخيار مخالف للشرع لان العقد لازم

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث 2 لاحظ صدر الحديث في ص: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 36

[مسألة 8: لا يتقدر هذا الخيار بمدة معينة]

(مسألة 8): لا يتقدر هذا الخيار بمدة معينة، بل يجوز اشتراطه ما يشاء، من مدة قصيرة أو طويلة (1) متصلة او منفصلة عنه (2) نعم لا بد من تعيين مبدأها و تقديرها بقدر معين و لو ما دام العمر فلا يجوز جعل الخيار بلا مدة، و لا جعله مدة غير محدودة قابلة للزيادة و النقيصة

______________________________

شرعا لا يجوز جعل الخيار و يحتاج الي الدليل و حيث لا دليل عليه لا يكون مشروعا و دعوي السيرة في المقام جزافية.

(1) لعدم الدليل علي التقدير و حكم الامثال واحد.

(2) ربما يقال بأنه لا يجوز الانفصال اذ يلزم جواز العقد بعد لزومه. و يمكن أن يذب الاشكال اولا بالنقض بخياري الرؤية و التأخير و ثانيا بالحل بأن يقال ان مقتضي جواز الشرط عدم الفرق. لكن يرد علي الجواب الاول بأن القياس في غير محله اذ الخيار في الموردين ثابت بالدليل كما سيجي ء إن شاء اللّه تعالي. و علي

الجواب الثاني بأنه قد مر انه لا يمكن الاستدلال علي الخيار بدليل الشرط لان المستفاد من الشرع لزوم العقد و جعل الخيار خلاف الحكم الشرعي فلا يجوز.

اذا عرفت ما ذكرنا نقول الاشكال المذكور في المقام بأنه يلزم الجواز بعد اللزوم غير سديد و لا مانع منه في حد نفسه و انما الاشكال في المقام عدم الدليل، اذ الدليل ينحصر في الاجماع و السيرة و الدليل اللبي لا بد من الاقتصار فيه علي القدر المتيقن منه و من هذا البيان يظهر الاشكال في جواز جعل الخيار ما دام العمر اذا المقتضي قاصر فالمرجع دليل اللزوم لكن قد مر انه يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابن سنان «1» و قلنا ان مقتضي كلامه عليه السلام جواز جعل الخيار علي الاطلاق فلا يتقدر بمقدار خاص و قدر مخصوص و مما ذكر يمكن ان يقال ان مقتضي اطلاق

______________________________

(1) لاحظ ص 35

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 37

و موجبة للغرر (1) و الا بطل العقد (2).

[مسألة 9: إذا جعل الخيار شهرا كان الظاهر منه المتصل بالعقد]

(مسألة 9): اذا جعل الخيار شهرا كان الظاهر منه المتصل بالعقد، و كذا الحكم في غير الشهر من السنة او الاسبوع او نحوهما (3) و اذا جعل الخيار شهرا مرددا بين الشهور احتمل البطلان من جهة عدم التعيين، لكن الظاهر الصحة فان مرجع ذلك هو جعل الخيار في تمام تلك الشهور (4).

______________________________

قوله عليه السلام في هذه الرواية «و ان كان بينهما شرط اياما معدودة» عدم الفرق بين اتصال المدة و انفصالها فلاحظ.

(1) لم افهم المراد من العبارة اذ كيف يعقل جعل الخيار بلا مدة و بعبارة اخري الاهمال في الواقع غير معقول فلا بد من تقديره بمقدار و اما الاهمال في مقام الاثبات فمرجعه

الي جعل مدة قابلة للزيادة و النقصان نعم لا يبعد أن يكون المراد من العبارة عدم ذكر المدة في مقام الاثبات فتارة لا يذكر الحد و اخري يذكر لكن الحد مردد بين الطويل و القصير.

(2) لا بد من اتمام المدعي بالإجماع و التسالم و الا فلا دليل علي فساد الغرر علي الاطلاق.

(3) فان العرف ببابك و لا اشكال في أن المتفاهم العرفي يقتضي الاتصال و بعبارة اخري لو لم يدل دليل علي الانفصال يكون الظاهر هو الاتصال و قد ذكر انه يمكن اثبات الاطلاق بحديث ابن سنان حيث ان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين اتصال المدة و انفصالها.

(4) تارة يجعل الخيار شهرا و مرجعه الي كون ذي الخيار مخيرا في اختيار كل شهر اراد و معناه جعل الخيار في تمام السنة من اولها الي آخرها و لا اشكال

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 38

[مسألة 10: لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات، كالطلاق و العتق]

(مسألة 10): لا يجوز اشتراط الخيار في الايقاعات، كالطلاق و العتق (1).

______________________________

فيه و اخري يجعل الخيار شهرا مرددا و هذا الجعل باطل اذ المردد لا واقع له و ثالثة يجعل الخيار شهرا معينا عند اللّه و هو الشهر الذي يحدث فيه الحادث الكذائي فان مرجعه ليس جعل الخيار في تمام السنة كما انه ليس مرددا و مبهما بل معين واقعا و ربما يوجب الغرر فلاحظ.

(1) يقع الكلام في هذا المقام تارة في الوجوه المانعة و اخري في وجود المقتضي للجواز و عدمه فيقع الكلام في موضعين أما الموضع الاول فما يمكن أن يذكر في تقريب المانع وجوه:

الوجه الاول الاجماع فانه نقل عن المبسوط دعوي الاجماع علي عدم جريانه في الطلاق و العتق و عن المسالك دعواه علي عدم جريانه في الابراء.

و فيه

ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي تقدير حصوله محتمل المدرك فانه يحتمل أن يكون المجمعون مستندين الي الوجوه المذكورة في المقام.

الوجه الثاني ان دليل الشرط منصرف عن الشرط الواقع في ضمن الايقاع كما انه منصرف عن الشرط الابتدائي و عن القاموس ان الشرط التزام في ضمن البيع و غيره بناء علي كون المراد من غيره بقية العقود.

و فيه انه لا وجه للانصراف و الشرط الابتدائي لا يكون مصداقا للشرط فهو خارج عن دائرة الشرط تخصصا لا تخصيصا. و صفوة القول ان الشرط ارتباط احد الامرين بالاخر و لا فرق فيه بين كونه في ضمن العقد او الايقاع و الانصراف علي فرض تسلمه بدوي. و الرجوع الي كلام القاموس لا وجه له بعد احراز دائرة سعة المفهوم بالتبادر و نحوه مضافا الي عدم وضوح المراد من كلامه بل الظاهر من لفظ غيره

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 39

______________________________

عدم الفرق بين العقد و الايقاع للإطلاق.

الوجه الثالث ان الايقاع بما له من المفهوم امر قائم بالطرف الواحد و الشرط لا بد من تحققه بين الطرفين.

و فيه انه لا تنافي بين كون الايقاع قائما بطرف واحد و تحقق الشرط و قيامه بطرفين فانه يجوز أن يعتق المولي عبده و يشترط عليه امرا.

الوجه الرابع ان الايقاع امر عدمي مثلا العتق ازالة للملكية و الفسخ أيضا ازالة للأمر الثابت فمرجع جعل الخيار فيه اعتبار العدم في العدم.

و فيه انه لا بد من ملاحظة ما هو الاشكال فان الاشكال ان كان من ناحية استحالة اعادة المعدوم فهذا اشكال فلسفي و تحقيقه موكول الي مبحثه و ربما يقال بجواز اعادته و علي كل حال هذا الاشكال مشترك بين جميع موارد

الفسخ مضافا الي أنه يمكن دفع الاشكال بأن يقال ليس الفسخ اعادة للمعدوم بل ايجاد لفرد مماثل للمعدوم و النظر المسامحي يراه اعادة له و ان كان وجه الاشكال من ناحية ان الفسخ ازالة للأمر الثابت فلا يعقل تعليقه بالامر العدمي، فجوابه انه لو قلنا بأنه ايجاد للفرد المماثل فلا مانع من تعلقه بالامر العدمي.

الوجه الخامس: ان المنشأ كعتق العبد اما معلق علي امر أو لا يكون معلقا أما علي الاول فيلزم التعليق المبطل للعقد و الايقاع و أما الثاني فيكون شرطا ابتدائيا و الشرط الابتدائي لا يصح.

و فيه اولا ان التعليق علي امر محرز عند الجعل لا يكون باطلا و بعبارة اخري مدرك بطلان التعليق هو الاجماع و القدر المتيقن منه صورة الشك في وجود المعلق عليه و أما لو احرز المعلق عليه فلا اجماع و يشهد لما ذكرنا النص الخاص لاحظ ما رواه يعقوب ابن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اعتق جاريته و شرط

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 40

______________________________

عليها ان تخدمه خمس سنين فأبقت ثم مات الرجل فوجدها ورثته ألهم ان يستخدموها؟ قال: لا. «1».

فان المستفاد من الرواية جواز تعليق العتق علي الخدمة و ثانيا نفرض عدم تعليق الايقاع علي امر لكن الخيار مشروط اذ يمكن ان يعتق مملوكه و يشترط عليه انه لو لم يخدمه يكون له الخيار في فسخ العتق.

الوجه السادس ان الخيار ملك فسخ العقد و لا يتعلق الحل الا فيما يكون بين الجانبين فلا موضوع للفسخ في الايقاعات لعدم تقومها بطرفين.

و فيه ان الخيار ملك فسخ ما اعتبره المعتبر بلا فرق بين العقد و الايقاع و لذا نري كثيرا ما يستعمل و يقال عرفت

اللّه بفسخ العزائم فالفسخ ابطال ما بني عليه فانقدح بما ذكرنا ان الموانع المذكورة في هذا الباب لا ترجع الي محصل صحيح. هذا تمام الكلام في الموضع الاول.

و أما الموضع الثاني: فالذي يختلج بالبال أن يقال لا يجوز جعل الخيار في الايقاعات و ذلك لعدم الدليل علي الجواز الا دليل الشرط و دليل نفوذ الشرط لا يكون مشرعا بل لا بد من احراز مشروعية امر في الرتبة السابقة كي يلزم بالاشتراط فمجرد الشك في الجواز يكفي لعدمه من حيث كون الشبهة مصداقية و عدم جواز الاخذ بالعام فيها. و علي الجملة يشترط في جواز الاشتراط عدم كون الشرط مخالفا للشرع و مع الشك في المشروعية لا يجوز الشرط.

ان قلت لو شك في كونه مخالفا يحرز عدم المخالفة بالاستصحاب.

قلت: مقتضي استصحاب عدم جعل الشارع الخيار عدم جواز الاشتراط و بعبارة اخري لا مجال لاستصحاب عدم كون الشرط مخالفا اذ الشك في المخالفة مسبب عن الشك في جعل الشارع الخيار و مقتضي الاصل عدم جعله و صفوة القول

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب العتق

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 41

و لا في العقود الجائزة، كالوديعة و العارية (1) و يجوز اشتراطه

______________________________

ان دليل الشرط بنفسه لا يمكن أن يكون دليلا لجواز اشتراط الخيار اذ يلزم احراز الجواز و عدم المخالفة مع الشرع في الرتبة السابقة فلو شك في جواز جعل الخيار يكون مقتضي الاصل عدم جوازه و عدم جعله فيكون اشتراطه مخالفا للشرع فلا يجوز الاشتراط و ثبوت الجواز بالدليل الخاص في مورد لا يقتضي الجواز علي نحو العموم فالنتيجة عدم جواز جعل الخيار في الايقاعات فلاحظ.

(1) و الكلام في المقام أيضا يقع في موضعين احدهما فيما يمكن أن

يكون مانعا ثانيهما في وجود المقتضي و عدمه.

أما المقام الاول: فقد ذكرت في تقرير المانع وجوه:

الوجه الاول: ان جعل الخيار مع كون العقد جائزا لغو.

و فيه انه لا نسلم اللغوية اذ مع فرض ثبوته ينتقل بموت من له الخيار الي وارثه علي ما هو المقرر عندهم مضافا الي أن اثره يظهر عند سقوط الخيار كما لو تصرف المتهب في الهبة فانه يسقط خيار الواهب فعلي تقدير ثبوت الخيار له يمكنه اعماله حتي بعد التصرف.

الوجه الثاني: ان جعل الخيار مع فرض كون العقد خياريا يستلزم اجتماع المثلين.

و فيه انه علي هذا لا يمكن فرض تعدد الخيار علي الاطلاق و الحال انه لا اشكال في جواز تعدد الخيار كما لو اجتمع خيار الحيوان مع خيار المجلس و العيب مضافا الي أنه قيل: ان الخيار الحكمي متعلق بالعين و الحقي متعلق بالعقد و يضاف الي ذلك كله انه لا مجال لهذا الاشكال فان اجتماع المثلين يتصور في الامور المتأصلة الحقيقية و الاعراض الخارجية و المقام داخل في الامور الاعتبارية فلا موضوع لهذا البيان.

الوجه الثالث: ان اشتراط الخيار تحصيل للحاصل و هو محال.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 42

في العقود اللازمة عدا النكاح، و في جواز اشتراطه في الصدقة و في الهبة اللازمة و في الضمان اشكال، و ان كان الاظهر عدم الجواز في الاخير و الجواز في الثاني (1).

______________________________

و فيه: انه ليس تحصيلا للحاصل بل ايجاد لفرد آخر من الخيار فلاحظ.

الوجه الرابع ان العقود الجائزة عقود إذنية فاذا رفع اليد عن اذنه لا يترتب علي العقد اثر.

و فيه اولا ان العقود الجائزة ليس كلها إذنية بل فيها ما لا يكون كذلك كالهبة فالدليل اخص من المدعي.

و ثانيا ان العقود

الاذنية اذا تحققت بصورة العقد يترتب عليها ما يترتب علي العقد فيجوز جعل الخيار فيها كما يجوز جعلها في العقد اللازم مثلا اذا باع زيد دارا من عمرو و شرط في ضمن البيع اعارة كتابه و جعل المعير الخيار لنفسه فيها و قلنا بصحة جعل الخيار في العارية يجوز له الاخذ بالخيار و لا يجوز له الرجوع في اذنه لان العقد الجائز اذا وقع تلو الشرط يصير لازما بالتبع. هذا تمام الكلام في المقام الاول.

و أما المقام الثاني فالحق عدم دليل علي جواز اشتراط الخيار في العقود الجائزة بالتقريب الذي تقدم في الايقاعات فلا نعيد و راجع ما ذكرناه آنفا و علي الجملة مقتضي الاصل عدم جعل الشارع جواز جعل الخيار فاذا لم يجز لا يجوز جعله بالشرط اذ يشترط في متعلق الشرط أن لا يكون مخالفا للشرع فلاحظ.

(1) الذي ينبغي في المقام أن يلاحظ كل واحد من العقود اللازمة بحياله و استقلاله و بيان ما يستفاد من الادلة بالنسبة اليه و قبل الخوض في ذكر اقسام العقد اللازم نقدم مقدمة و هي ان مقتضي القاعدة الاولية عدم الجواز إلا مع الدليل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 43

______________________________

عليه اذ قد تقدم منا ان دليل الشرط لا يفي بالمقصود فلا بد من احراز الجواز اولا و في الرتبة السابقة ثم نلزمه بدليل نفوذ الشرط و مضافا الي ما تقدم في الايقاعات و العقود الجائزة من أن مقتضي الاصل عدم جعل الشارع الجواز يمكن الاستدلال علي المدعي في المقام بالدليل الاجتهادي و هو عموم وجوب الوفاء بالعقود المستفاد من الكتاب فان المستفاد من الاية الشريفة «1» ان كل عقد لازم و يجب الوفاء به فاشتراط الخيار مخالف للكتاب

فلاحظ و اغتنم.

اذا عرفت ما ذكرنا نقول من العقود اللازمة عقد الاجارة و لا اشكال في جواز جعل الخيار فيه للسيرة الجارية علي جعل الخيار لكل من الطرفين فلا اشكال في جواز جعل الخيار فيها.

و منها النكاح فان جعل الخيار في النكاح من ناحية عدم المقتضي اذ لا دليل علي جواز جعل الخيار فيه.

و ان شئت قلت لا دليل علي جواز الاقالة فيه كي يجوز جعل الخيار فيه و يمكن أن يقال ان جواز الاقالة لا يقتضي جواز جعل الخيار لان الاقالة تحصل برفع اليد من الطرفين و أما الخيار فهو ملك فسخ العقد من طرف واحد و لو لم يكن الطرف المقابل راضيا فالنتيجة ان المقتضي للجواز قاصر.

و أما من ناحية المانع فيمكن تقرير المنع بوجوه: الوجه الاول: الاجماع علي عدم الجواز و فيه ما فيه.

الوجه الثاني انه ثبت في الشرع ان رافع النكاح هو الطلاق فلا يرتفع بغيره و فيه ان اثبات الشي ء لا ينفي ما عداه و لذا نري ان الفسخ جائز في جملة من الموارد

______________________________

(1) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 44

______________________________

في باب النكاح.

الوجه الثالث ان الخيار انما يجري فيما يجري فيه التقايل و حيث ان التقايل لا يجري في النكاح فلا يجري فيه الخيار.

و فيه انه اول الكلام و الدعوي و لذا نري جواز الفسخ في جملة من الموارد و الحال ان التقايل لا يجري فيها.

الوجه الرابع ان النكاح فيه شائبة العبادية و ما كان له تعالي لا رجوع فيها لاحظ ما رواه الحكم قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان والدي تصدق علي بداره ثم بدا له أن يرجع فيها، و ان قضاتنا يقضون لي بها، فقال: نعم

ما قضت به قضاتكم و بئس ما صنع والدك، انما الصدقة للّه عز و جل، فما جعل للّه عز و جل فلا رجعة له فيه، فان أنت خاصمته فلا ترفع عليه صوتك، و ان رفع صوته فاخفض أنت صوتك قال: قلت: فانه توفي قال: فاطب بها «1».

و فيه اولا ينتقض بموارد جواز الفسخ بالعيوب الموجبة لجوازه فتأمل.

و ثانيا ان النكاح ليس امرا عباديا مضافا الي انه لا يبعد عدم شمول الرواية هذه الامور بأن يقال لعل الظاهر من تلك الادلة الامور المالية كالصدقة و امثالها و اللّه العالم.

الوجه الخامس: ان فسخ النكاح يوجب ابتذال المرأة و هو ضرر عليها فينفي بدليل نفي الضرر.

و فيه اولا ان الدليل اخص من المدعي اذ ربما لا يوجب ابتذالها.

و ثانيا انها بنفسها اقدمت علي الاشتراط المذكور فهل يمكن الالتزام بشمول الحديث للمقام مع الفرض.

______________________________

(1) الوسائل، الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 45

______________________________

و ثالثا المستفاد من دليل لا ضرر حرمة الاضرار لا نفي الحكم الضرري.

الوجه السادس: ان بناء النكاح علي الدوام فينافي جعل الخيار و فيه ان جعل الخيار لا ينافيه بل يؤكده و انما المنافي هو التوقيت.

الوجه السابع ان لزوم النكاح حكمي فليس قابلا للفسخ و فيه انه اول الدعوي الا أن يقال انه لا اشكال عندهم في عدم جواز الاقالة كما انه لا يجوز عندهم جعل الخيار فيه و بعبارة واضحة عدم الجواز مسلم عند القوم فالنتيجة انه مضافا الي عدم المقتضي للجواز المانع عنه موجود و اللّه العالم.

و منها الوقف علي تقدير كونه داخلا في العقود و ما يمكن أن يذكر في وجه منع اشتراط الخيار فيه امور:

الاول: الاجماع و

فيه ما فيه الثاني: ان الوقف من الامور العبادية و ما كان له تعالي لا يرجع فيه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله انما مثل الذي يرجع في صدقته كالذي يرجع في قيئه «1».

و فيه ان الوقف لا يشترط بقصد القربة و لذا يصح وقوعه من المخالف مع ان العبادة يشترط فيها الولاية.

الثالث: ان الوقف فك الملك و لا يكون فيه التعاوض و الخيار انما يتصور في العقود المعاوضية.

و يرد عليه ان الوقف ليس فك ملك في جميع اقسامه بل تمليك غاية الامر ملك محبوس و لا دليل علي أن الخيار انما يتصور في المعاوضات فقط و لذا نري ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 46

______________________________

الهبة من العقود الجائزة و فيها الخيار و الحال ان الهبة غير المعوضة لا معاوضة فيها.

الرابع: ان الوقف بنائه علي التأبيد فجعل الخيار فيه ينافيه و فيه اولا علي القول بجواز الوقف الموقت يتصور عدم التأبيد في الوقف و ثانيا انه لا تنافي بين التأبيد و جعل الخيار كما هو كذلك في البيع و امثاله.

الخامس ان الوقف يقتضي السكون و جعل الخيار فيه ينافيه. و فيه ان الاقتضاء المذكور في الوقف الذي لا يكون فيه الخيار و إلا فلا اقتضاء فيه مضافا الي أنه يمكن أن يقال ان الوقف ما دام وقفا فيه الاقتضاء المذكور و اعمال الخيار فيه يخرجه عن هذا العنوان و ينقلب الي موضوع آخر.

السادس ما رواه اسماعيل بن فضل و هو حديثان: الاول قال: سألت أبا عبد

اللّه عليه السلام عن الرجل يتصدق ببعض ماله في حياته في كل وجه من وجوه الخير، قال: ان احتجت الي شي ء من المال فأنا أحق به، تري ذلك له و تري جعله للّه يكون له في حياته، فاذا هلك الرجل يرجع ميراثا أو يمضي صدقة؟ قال: يرجع ميراثا علي أهله «1».

الثاني ما عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: من اوقف ارضا ثم قال ان احتجت اليها فأنا احق بها ثم مات الرجل فانها ترجع الي الميراث «2».

و تقريب الاستدلال بالحدبثين علي المدعي ان المستفاد منهما بطلان الوقف المزبور و لا وجه للبطلان الا من ناحية الشرط المذكور.

و فيه ان الظاهر من الروايتين ان الوقف المذكور منقطع الاخر فلا يرتبطان

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث 3

(2) التهذيب ج 9- ص 105- الحديث 59

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 47

______________________________

بما نحن فيه. و بعبارة اخري ليس المراد من الشرط اشتراط الخيار.

السابع ان الخيار يجري فيما تجري فيه الاقالة و حيث ان الاقالة لا تجري في الوقف فلا يجري فيه الخيار و فيه انه لا يرتبط احد المقامين بالاخر.

اذا عرفت ما تقدم نقول لو لم يدل دليل علي جواز اشتراط الخيار في الوقف يكون مقتضي القاعدة عدم جوازه أما علي فرض كون الوقف من العقود فظاهر فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقد عدم جواز الاشتراط المذكور و أما علي القول الاخر فيكفي لعدم الجواز ما تقدم من أن مقتضي الاصل عدم جعل جواز اعتبار الخيار فيه فيكون اشتراطه مخالفا للشرع فلا يصح فلاحظ.

و منها الصدقة و الحق عدم جواز الخيار فيه لما تقدم من النص الدال علي ان ما كان للّه لا يرجع مضافا الي

أنه يكفي لعدم الجواز وجوب الوفاء بالعقد.

و منها الصلح و لعل جواز جعل الخيار فيه مشهور فيما بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و مقتضي الاصل الاولي عدم الجواز اذ جعل الخيار ينافي وجوب الوفاء بالعقد كما أن مقتضي الدليل الفقاهي أيضا كذلك كما تقدم. فان ثبت اجماع تعبدي علي جوازه فهو و الا فيشكل الجزم بالجواز الا أن يقال: أن السيرة الخارجية جارية علي جعل الخيار في صلح الاموال.

و منها الضمان و الحق انه لو لم يقم دليل علي جواز اشتراط الخيار فيه لم يكن مجال لجعله فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقد عدم الجواز كما ان مقتضي الاصل العملي كذلك فلاحظ.

و منها الهبة المعوضة فان لم يقم اجماع او دليل غيره علي جواز جعل الخيار فيه يكون مقتضي القاعدة عدم الجواز بالتقريب الذي تقدم فلا نعيد. و مما ذكرنا تعرف الحال في بقية العقود اللازمة ففي كل مورد تم الدليل علي الجواز فهو

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 48

[مسألة 11: يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد، أو منفصلة عنه]

(مسألة 11): يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد، او منفصلة عنه، علي نحو يكون له الخيار في حال رد الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع تلفه، و يسمي بيع الخيار فاذا مضت مدة الخيار لزم البيع و سقط الخيار و امتنع الفسخ، و اذا فسخ في المدة من دون رد الثمن أو بدله مع تلفه لا يصح الفسخ، و كذا لو فسخ قبل المدة فلا يصح الفسخ الا في المدة المعينة، في حال رد الثمن أورد بدله مع تلفه ثم ان الفسخ اما أن يكون بانشاء مستقل في حال الرد، مثل فسخت و نحوه، أو يكون بنفس الرد، علي أن يكون إنشاء

الفسخ بالفعل و هو الرد، لا بقوله فسخت و نحوه (1).

______________________________

و الا يشكل الالتزام بالجواز فلاحظ.

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه يجوز جعل الخيار مدة معينة للبائع برد الثمن و يسمي هذا البيع مع هذا الخيار ببيع الخيار و ادعي في الجواهر الاجماع بقسميه علي جوازه و تدل علي جوازه أيضا جملة من النصوص منها ما رواه سعيد بن يسار «1».

و منها ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام «عبد اللّه خ ل» قال:

ان بعت رجلا علي شرط فان أتاك بمالك و الا فالبيع لك «2».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال: حدثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السلام و سأله رجل و انا عنده فقال: رجل مسلم احتاج الي بيع داره فجاء الي اخيه فقال:

______________________________

(1) لاحظ ص 34

(2) الوسائل لباب 7 من أبواب الخيار، الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 49

______________________________

أبيعك داري هذه و تكون لك احب إلي من أن تكون لغيرك علي ان تشترط لي ان أنا جئتك بثمنها الي سنة أن ترد علي، فقال: لا بأس بهذا ان جاء بثمنها الي سنة ردها عليه، قلت فانها كانت فيها غلة كثيرة فأخذ الغلة لمن تكون الغلة؟ فقال: الغلة للمشتري ألا تري أنه لو احترقت لكانت من ماله «1».

و منها ما رواه معاوية بن ميسرة قال سمعت أبا الجارود سأل ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع دارا له من رجل و كان بينه و بين الرجل الذي اشتري منه الدار حاصر، فشرط انك ان اتيتني بمالي ما بين ثلاث سنين فالدار دارك، فأتاه بماله، قال:

له شرطه قال أبو الجارود: فان ذلك الرجل قد اصاب في ذلك

المال في ثلاث سنين، قال: هو ماله و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أ رأيت لو أن الدار احترقت من مال من كانت تكون الدار دار المشتري «2».

و يمكن الاستدلال عليه بما يستدل به علي خيار الشرط فان هذا الخيار من افراده و مصاديقه.

الفرع الثاني: أنه يجوز أن تكون المدة المعينة متصلة بالعقد و يجوز أن تكون منفصلة عنه و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابو الجارود «3» فان مقتضي اطلاق قوله عليه السلام ان بعت رجلا الخ عدم الفرق بين اتصال المدة بالعقد و عدمه مضافا الي أنه قد مر انه يجوز في خيار الشرط كون الخيار منفصلا عن العقد كما انه يجوز أن يكون متصلا بالعقد.

الفرع الثالث: انه لا بد من رد نفس الثمن مع وجوده و ان لم يكن موجودا

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث 3

(3) لاحظ ص 48

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 50

[مسألة 12: المراد من رد الثمن احضاره عند المشتري، و تمكينه منه]

(مسألة 12): المراد من رد الثمن احضاره عند المشتري، و تمكينه منه، فلو أحضره كذلك جاز له الفسخ و ان امتنع المشتري من قبضه (1).

______________________________

يتحقق الرد برد بدله و الامر كما افاده اذ مع وجود عين الثمن لو فسخ العقد ينتقل الثمن الي ملك المشتري فلا بد من رده و اما مع تلفه تصل النوبة الي بدله لكن يمكن جعل الخيار برد بدل الثمن و لو مع وجوده غاية الامر بعد الفسخ ينتقل نفس الثمن الي ملك المشتري.

الفرع الرابع: انه لو مضت المدة لزم البيع و سقط الخيار و الامر كما افاده اذ المفروض ان الخيار جعل في تلك المدة و مع انقضائها لا يبقي موضوع للخيار و هذا ظاهر.

الفرع

الخامس: انه لو فسخ في تلك المدة بدون رد الثمن لا يكون فسخه صحيحا لان البائع انما يمكنه الفسخ عند الرد و مع عدمه لا مقتضي لان يفسخ.

الفرع السادس: انه لو فسخ قبل المدة لا يصح لعدم جعل الخيار في ذلك الزمان فلا يمكنه الفسخ.

الفرع السابع. ان الفسخ اما مستقل و لفظي عند الرد ففي زمان الرد يقول فسخت و اما يكون فسخا فعليا حاصلا بالرد و كلاهما صحيح و لكن المستفاد من النصوص بحسب الظهور هو الفسخ الفعلي بأن يكون الفسخ بنفس الرد فلاحظ.

(1) فانه الظاهر من نصوص المقام و لا يستفاد منها حصول القبض من الطرف مضافا الي أنه يمكن ان يمتنع من القبض فلا يترتب علي جعل الخيار برد الثمن اثر مرغوب فيه. و بعبارة اخري انما جعل هذا الخيار لأجل استرجاع العين و اذا اشترط بالقبض لا تحصل النتيجة المقصودة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 51

[مسألة 13: الظاهر أنه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن]

(مسألة 13): الظاهر انه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن (1) كما يجوز اشتراط الفسخ في بعض المبيع بذلك (2).

[مسألة 14: إذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة، أو جنون، أو نحوهما مما يرجع الي قصور فيه]

(مسألة 14): اذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة، أو جنون، أو نحوهما مما يرجع الي قصور فيه فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه، و لو كان الحاكم الشرعي أو وكيله، فاذا أحضره كذلك جاز الفسخ (3).

______________________________

(1) هذا علي طبق القاعدة الاولية اذ المفروض جعل خيار الشرط و هذا من مصاديقه.

(2) قال في الحدائق «1» «الخامس: قال في الدروس لو شرط ارتجاع بعضه ببعض الثمن أو الخيار في بعضه ففي الجواز نظر. اقول: الظاهر ان وجه النظر المذكور ينشأ من مخالفة النصوص الواردة في المسألة و كون هذا الفرد خارجا عنها و من عموم المؤمنون عند شروطهم و في المسالك استوجه الثاني و لا يخلو من قرب فان النصوص المذكورة لا دلالة فيها علي حصر الصحة في الصورة المذكورة فيها و ان ما عداها غير جائز مع ان هذا الشرط سائغ في حد ذاته و لا مانع منه».

انتهي.

و فيه انه قد مر ان دليل الشرط بنفسه لا يفيد بل لا بد من احراز جواز الشرط في الرتبة السابقة و المفروض وحدة البيع فجعل الخيار بالنسبة الي بعض المبيع بلا دليل و مقتضي الاصل عدم جوازه فلا يجوز اشتراطه بدليل الشرط بعد احراز كونه خلاف المقرر الشرعي فتأمل.

(3) لا اشكال في أن الخيار في المقام بجعل المتعاملين و لا بد من لحاظ ما هو

______________________________

(1) ج 19 ص 37

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 52

[مسألة 15: نماء المبيع من زمان العقد الي زمان الفسخ للمشتري]

(مسألة 15): نماء المبيع من زمان العقد الي زمان الفسخ للمشتري، كما ان نماء الثمن للبائع (1).

[مسألة 16: لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلي انتهاء مدة الخيار التصرف الناقل للعين من هبة أو بيع او نحوهما]

(مسألة 16): لا يجوز للمشتري فيما بين العقد الي انتهاء مدة الخيار التصرف الناقل للعين من هبة أو بيع او نحوهما (2) و لو تلف المبيع

______________________________

مجعول عندهما و من ناحية اخري الاهمال محال في الواقع و عليه اما يسع دائرة الجعل بحيث يشمل الحاكم أو الوكيل فلا اشكال في الكفاية و الا فلا مجال لان يقال انه فرق بين كون المعلق عليه احضار المال عند المشتري فلا يكفي احضاره عند الحاكم أو الوكيل و بين كون المعلق عليه قبض المشتري فيكفي لان فعل الولي فعله كما ان فعل الوكيل كذلك. و ان شئت قلت: ان المجعول اما فيه الاهمال و اما فيه الاطلاق و اما فيه التقييد أما الاول فمحال و أما الثاني فلا اشكال في الكفاية لان المجعول في المقام باختيار الجاعل. و أما الثالث فلا اشكال في عدم الكفاية. ثم انه علي تقدير التنزل نقول انما يكفي لو كان المعلق عليه قبض المشتري اذ قبض الولي أو الوكيل قبضه و أما لو كان المعلق عليه احضار المال عنده فلا يكفي اذ لا دليل علي كون الاحضار عند الولي أو الوكيل احضار عنده كما انه علي تقدير التنزل انما يكفي قبض الحاكم لو قلنا بكونه وليا علي الغائب حتي فيما لو كان الامتناع اضطراريا. أما لو لم نقل بذلك و قلنا تختص الولاية بمورد الامتناع الاختياري فلا مجال للقول بالكفاية فيما كان الامتناع عن اضطرار.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض ان المبيع للمشتري و الثمن للبائع و نماء كل ملك تابع للملك في الملكية و المفروض ان

الفسخ من الحين لا من اول الامر كما قرر في محله.

(2) وجه عدم الجواز ان البائع يريد الرجوع الي العين و لم يقطع النظر عن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 53

كان ضمانه علي المشتري (1) و لا يسقط بذلك خيار البائع الا اذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص الخيار في حال وجود العين بحيث يكون الفسخ موجبا لرجوعها نفسها الي البائع، لكن الغالب الاول (2).

______________________________

ماله و لذا جعل لنفسه الخيار فاشتراط عدم التصرف في المبيع من قبل البائع علي المشتري واضح فيجب علي المشتري العمل بالشرط فيحرم التصرف فيه و بما ذكرنا يظهر انه لا مجال لان يقال ان الخيار علي تقدير بقاء العين و من الظاهر ان شرط الواجب ليس واجبا فان المجعول امران احدهما الخيار ثانيهما ابقاء العين فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر اذ لا وجه لان يكون ضمانه علي البائع أو علي شخص آخر فان ضمان كل مملوك علي مالكه الا أن يقوم دليل علي خلافه.

(2) ربما يقال ان الخيار قائم بالعين فيسقط بتلف العين و فيه ان الخيار قائم بالعقد لا بالعين. و يمكن الاستدلال علي سقوط الخيار بتلف العين بأن غرض البائع نوعا أن يصون ماله بماله من الخصوصية فيسقط الخيار بتلف العين و فيه ان الاغراض و الدواعي لا تؤثر في مركز الجعل فالحق أن يقال انه لا بد من لحاظ دائرة الجعل فاذا كانت دائرة الجعل تسع ما بعد التلف يكون الخيار باقيا و الا فلا و الظاهر انه بحسب الغالب يكون الغرض متعلقا بابقاء العين بما لها من الخصوصية و لا يبعد أن يكون الظاهر في مقام الاثبات جعل الخيار في زمان بقاء العين فلا يشمل صورة تلفها

خلافا لما في المتن و يمكن أن يقال انه لا دليل علي صحة جعل الخيار بحيث يبقي بعد التلف اذ النصوص الخاصة التي مرت «1» لا تشمل هذه الصورة

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 و 8 من أبواب الخيار

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 54

[مسألة 17: إذا كان الثمن المشروط رده دينا في ذمة البائع]

(مسألة 17): اذا كان الثمن المشروط رده دينا في ذمة البائع، كما اذا كان للمشتري دين في ذمة البائع فباعه بذلك الدين، و اشترط الخيار مشروطا برده كفي في رده اعطاء فرد منه (1) و اذا كان الثمن عينا في يد البائع فالظاهر ثبوت الخيار في حال دفعها للمشتري (2) و اذا كان الثمن كليا في ذمة المشتري فدفع منه فردا الي البائع بعد وقوع البيع فالظاهر كفاية رد فرد آخر في صحة الفسخ (3).

[مسألة 18: لو اشتري الولي شيئا للمولي عليه ببيع الخيار فارتفع حجره قبل انقضاء المدة]

(مسألة 18): لو اشتري الولي شيئا للمولي عليه ببيع الخيار فارتفع حجره قبل انقضاء المدة كان الفسخ مشروطا برد الثمن اليه و لا يكفي الرد علي وليه (4) و لو اشتري احد الوليين كالأب ببيع الخيار

______________________________

و دليل الشرط لا يكون دليلا علي اصل الصحة كما مر فلاحظ.

(1) لا يخفي ان رد الثمن في المقام لا يمكن الابرد فرد منه اذ الكلي بما هو كلي لا يتحقق في الخارج و انما تحققه بتحقق فرده و مصداقه و حيث ان المفروض الثمن هو الكلي الثابت في ذمة البائع فلا يبقي له وجود بعد البيع اذ نتيجة ملكية ما في النفس هو السقوط فبقاء الخيار منوط بجعله حين رد فرد من افراد ذلك الكلي و الا فلا يمكن تحقق الخيار في الفرض المذكور اذ لا يعقل رد الثمن لا نفسه و لا فرد منه لسقوطه بالبيع.

(2) كما هو ظاهر لان المفروض ان الثمن تلك العين و قد فرض ردها.

(3) فان رد الكلي برد فرد منه.

(4) اذ الرد الي الولي من باب كونه نازلا منزلة المولي عليه و بعد ارتفاع الحجر و صيرورته بالغا لا يكون الولي وليا عليه فيرتفع الموضوع.

مباني منهاج الصالحين، ج 8،

ص: 55

جاز الفسخ بالرد الي الولي الاخر كالجد، الا أن يكون المشروط الرد الي خصوص الولي المباشر للشراء (1).

[مسألة 19: إذا مات البائع قبل إعمال الخيار انتقل الخيار إلي ورثته فلهم الفسخ]

(مسألة 19): اذا مات البائع قبل اعمال الخيار انتقل الخيار الي ورثته فلهم الفسخ بردهم الثمن الي المشتري و يشتركون في المبيع علي حساب سهامهم (2) و لو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الاخر الفسخ، لا في تمام المبيع، و لا في بعضه (3) و لو مات المشتري كان للبائع الفسخ برد الثمن الي ورثته (4).

[مسألة 20: يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري]

(مسألة 20): يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري برد

______________________________

(1) ما افاده علي طبق القاعدة اذ فرض في كلامه انه لو جعل الخيار بالرد الي مطلق الولي و المفروض ان الجد ولي كالأب فيكفي الاحضار عنده كما يكفي الاحضار عند الاب فلاحظ.

(2) لان الخيار من الحقوق و الحق يورث فما افاده تمام علي ما هو المقرر عندهم من ارث الخيار.

(3) اما عدم جواز الفسخ في تمام المبيع فواضح لعدم المقتضي بل لوجود المانع اذ لا يجوز التصرف في مال الغير و سلطانه و أما عدم جوازه في بعضه فلاختصاص دليل الخيار باسترجاع تمام المبيع و بعبارة اخري في البيع الواحد خيار واحد فلا مجال للتجزية.

(4) الذي يخطر ببالي في هذه العجالة انه لا يجوز جعل الخيار الي ما بعد الموت و بعبارة اخري دائرة الجعل اما تختص بصورة بقاء المشتري و اما تشمل ما بعد وفاته و اما مهمل أما الاهمال فغير معقول كما مر قريبا و أما في صورة الاختصاص

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 56

المبيع الي البائع (1) و الظاهر منه رد نفس العين، فلا يكفي رد البدل حتي مع تلفها (2) الا أن تقوم قرينة علي ارادة ما يعم رد البدل عند التلف (3) كما يجوز أيضا اشتراط الخيار لكل منهما عند رد ما انتقل اليه

بنفسه أو ببدله عند تلفه (4).

[مسألة 21: لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل]

(مسألة 21): لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل مع

______________________________

و التقييد فالامر اظهر اذ بقاء الخيار مع التقييد خلف و محال و أما في صورة التوسعة فيشكل الجعل لعدم المقتضي اذ دليل خيار الشرط اما السيرة و اما النصوص الخاصة أما السيرة فحيث انها دليل لبي لها قدر متيقن فلا بد من الاقتصار فيها علي المقدار المعلوم و لا اطلاق فيها و أما النصوص فكما تري لا اطلاق فيها يشمل صورة فوت المشتري مضافا الي أن العين تنتقل بالموت الي الوارث فباي مجوز يتصرف فيها البائع و بعبارة اخري التصرف في المملوك محدود بحال الحياة و أما التصرف الواقع بعدها فلا ينفذ الا في الموارد الخاصة التي قام عليها الدليل كالتدبير و الوصية علي ما هو المقرر في محالها. و اللّه العالم.

(1) النصوص الواردة في المقام تختص بالخيار برد الثمن لكن لا يبعد قيام السيرة علي جواز جعل خيار الفسخ في كل من الطرفين من المشتري و البائع و اذا فرض جوازه فلا اشكال في جوازه معلقا علي رد المبيع اذا مر الجعل بيد الجاعل.

(2) و العرف ببابك و الظاهر عدم مجال لإنكار هذا الظهور فلاحظ.

(3) لكن الاشكال في المقتضي و قد مر الكلام في جواز جعل الخيار مع تلف العين.

(4) قد تقدم الاشكال في جعل الخيار مع تلف المبيع فراجع المسألة (16).

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 57

وجود العين بلا فرق بين رد الثمن و رد المثمن (1) و في جواز اشتراطه برد القيمة في المثلي أو المثل في القيمي مع التلف اشكال، و ان كان الاظهر أيضا العدم (2).

[مسألة 22: يسقط هذا الخيار بانقضاء المدة المجعولة له مع عدم الرد]

(مسألة 22): يسقط هذا الخيار بانقضاء المدة المجعولة له مع عدم الرد (3) و

باسقاطه بعد العقد (4).

[الرابع: خيار الغبن]
اشارة

الرابع: خيار الغبن. اذا باع باقل من قيمة المثل ثبت له الخيار و كذا اذا اشتري باكثر من قيمة المثل (5).

______________________________

(1) فان هذا الشرط خلاف المقرر الشرعي لان الفسخ يوجب انتقال كل من العوضين الي ملك مالكه الاول فلا يمكن تبديله مع بقائه و بعبارة اخري مقتضي الفسخ انتقال نفس العين الي مالكها الاول و هذا الاشتراط ينافيه فلا يصح فلاحظ.

(2) الكلام فيه هو الكلام اذ المفروض ان بدل المثلي هو المثل فلا يجوز جعل القيمة بدله انما الاشكال في العكس و لا يبعد أن لا يكون فيه اشكال اذ قد مر في بحث القيمي و المثلي ان الثابت في التالف ثبوت نفس ذلك الشي ء في ذمة الضامن و انما يكتفي بالقيمة في القيمي من باب انه الاقرب الي التالف و أما مع فرض امكان المثل فلا وجه لعدم الاكتفاء به نعم في باب الغصب لا بد من رعاية القيمة بلحاظ حديث أبي ولاد فلاحظ «1».

(3) اذ مع انقضاء المدة لا مقتضي للخيار و في الحقيقة ليس هذا اسقاطا و لا سقوطا بل ينتهي زمان الخيار.

(4) اذ الخيار الحقي قابل للإسقاط فاذا اسقط سقط. و اللّه العالم.

(5) ما قيل أو يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال علي خيار الغبن وجوه: الوجه

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب أحكام الاجارة الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 58

______________________________

الاول: الاجماع كما نقل عن الغنية و فيه الاشكال الساري في جميع الاجماعات بأن المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي تقدير تحصيله محتمل المدرك فلا يكون كاشفا تعبديا.

الوجه الثاني: قوله تعالي لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ «1» بتقريب ان البيع الغبني من الاسباب الباطلة فيكون

اكل المال به اكلا بالسبب الباطل.

و فيه اولا انه علي هذا الاساس لازمه بطلان البيع من الاول لا الصحة و ثبوت الخيار و الكلام في ثبوت الخيار و عدمه. و ثانيا ان البيع الغبني ليس من الاسباب الباطلة لعدم الدليل علي كونه باطلا و مقتضي اطلاق حلية البيع جوازه و صحته.

الوجه الثالث: قوله تعالي الا ان تكون تجارة عن تراض منكم 2 و للاستدلال بالآية علي المدعي تقريبان: احدهما: ان المغبون لو علم بالحال لا يكون راضيا فلا تكون التجارة عن تراض. و فيه اولا ان لازمه بطلان البيع من الاول لا ثبوت الخيار و ثانيا ان الكراهة التقديرية لا تؤثر مع وجود الرضا الفعلي. ثانيهما ان الرضا المعتبر في التجارة هو معني الاسم المصدري الذي له بقاء لا المعني المصدري و حيث لا يبقي بعد تبين الغبن لا يبقي الرضا فتدخل المعاملة في المستثني منه و تخرج عن المستثني.

و فيه اولا ان المدار هو المعني المصدري الذي لا بقاء له و الا يلزم ثبوت الخيار له في صورة ترقي قيمة المبيع فان البائع لا يرضي بالتجارة الواقعة في هذه الصورة و هل يمكن الالتزام به؟ و ثانيا ان لازم ما ذكر بطلان البيع لا ثبوت الخيار فان الرضا شرط للصحة فيلزم بطلان المعاملة من اول الامر اذ الحكم تابع لموضوعه الواقعي و المفروض انه لا دوام لرضاه. و ثالثا ان لازم هذا القول عدم ثبوت الخيار

______________________________

(1) 1 و 2) سورة النساء- الاية 29

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 59

______________________________

اذا كان الرضا باقيا بعد التبين و الحال ان خيار الغبن ثابت و لو مع بقاء الرضا غاية الامر قد يعمله ذو الخيار و اخري لا يعمله.

الوجه

الرابع قاعدة نفي الضرر المستفادة من النصوص:

منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: لا ضرر و لا ضرار «1».

و منها ما رواه عقبة بن خالد عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: لا ضرر و لا ضرار «2».

و منها ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: لا ضرر و لا ضرار علي مؤمن «3».

بتقريب ان لزوم العقد يوجب الضرر بالنسبة الي المغبون فيرفع بدليل نفيه و فيه اولا انه علي تقدير تمامية الاستدلال بحسب التقريب انما يتم اذا قلنا بما قاله المشهور في مفاد القاعدة و اما اذا اخترنا مسلك شيخ الشريعة في مفاد القاعدة بأن قلنا مفادها النهي لا النفي فلا يبقي لهذا الاستدلال مجال. و ثانيا علي فرض تسلم صحة الاستدلال بالقاعدة يكون مقتضاه فساد المعاملة لا ثبوت الخيار و ذلك لان الضرر حاصل بنفس العقد نعم الخيار و الفسخ و رد العين يكون جابرا و دليل لا ضرر لا يفي بالجبران بل يدل علي نفي الضرر و لا كلام بين الاصحاب في صحة المعاملة الغبنية.

الوجه الخامس النصوص الواردة في تلقي الركبان و ان لهم الخيار اذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الخيار الحديث 3

(2) نفس المصدر الحديث 4

(3) نفس المصدر الحديث 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 60

______________________________

دخلوا السوق فمن تلك النصوص ما روي في عوالي اللآلي عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي عن تلقي الركبان و قال من تلقاها فصاحبها بالخيار اذا دخل السوق

«1»

و منها ما رواه السيد ابن زهرة في الغنية عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال:

فان تلقي متلق فصاحب السلعة بالخيار اذا ورد السوق «2» و هاتان الروايتان ضعيفتان سندا مضافا الي عدم دلالتهما علي المدعي من ثبوت الخيار للمغبون.

الوجه السادس: جملة من النصوص منها ما رواه اسحاق ابن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: غبن المسترسل سحت «3» و هذه الرواية ضعيفة بأبي جميلة مضافا الي أنها لا تدل علي خيار الغبن بل تدل علي حرمة الغبن.

و منها ما رواه ميسر عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: غبن المؤمن حرام «4» و هذه الرواية لا تدل علي الخيار بل تدل علي حرمة الغبن فلا ترتبط بالمقام.

و منها ما رواه ابن طاوس في كتاب (الاستخارات) عن احمد بن محمد بن يحيي قال: اراد بعض اوليائنا الخروج للتجارة فقال: لا اخرج حتي آتي جعفر بن محمد عليه السلام فأسلم عليه و استشيره في امري هذا و أسأله الدعاء لي قال فأتاه فقال له: يا بن رسول اللّه اني عزمت علي الخروج الي التجارة و اني آليت علي نفسي ان لا اخرج حتي اتاك و أستشيرك و أسألك الدعاء لي، قال: فدعا له و قال:

عليه السلام: عليك بصدق اللسان في حديثك و لا تكتم عيبا يكون في تجارتك و لا تغبن المسترسل فان غبنه لا يحل و لا ترض للناس الا ما ترضي لنفسك و اعط الحق

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 29 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث 4

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب الخيار الحديث 1

(4) نفس المصدر الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 61

______________________________

و خذه و لا تخف

و لا تخن، فان التاجر الصدوق مع السفرة الكرام البررة يوم القيامة و اجتنب الحلف، فان اليمين الفاجرة تورث صاحبها النار، و التاجر فاجر الا من اعطي الحق و أخذه و اذا عزمت علي السفر او حاجة مهمة فأكثر الدعاء و الاستخارة.

فان أبي حدثني عن أبيه عن جده ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يعلم اصحابه الاستخارة كما يعلم السورة من القرآن الحديث «1».

و هذه الرواية لا تدل علي الخيار بل تدل علي حرمة الغبن مضافا الي كونها مرسلة و لا اعتبار بالمرسلات.

و منها ما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: غبن المسترسل ربا «2» و هذه الرواية تدل علي حرمة الغبن لا علي الخيار عند الغبن مضافا الي كون سندها ضعيفا.

و منها ما ارسله في دعائم الإسلام عن ابي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا باع رجل من رجل سلعة ثم ادعي انه غلط في ثمنها و قال: نظرت في بارنامجاتي فرأيت فوتا من الثمن و غبنا بينا قال: ينظر في حال السلعة، فان كان مثلها يباع بمثل ذلك الثمن او بقريب منه مثل ما يتغابن الناس بمثله فالبيع جائز و ان كان امرا فاحشا و غبنا بينا، حلف البائع باللّه الذي لا إله الا هو علي ما ادعاه من الغلط ان لم يكن له بينة ثم قيل للمشتري: ان شئت خذها بمبلغ القيمة و ان شئت فدع «3» و هذه الرواية لإرسالها لا اعتبار بها و ان كان دلالتها علي المقصود لا بأس بها.

الوجه السابع الاشتراط الضمني الارتكازي بتقريب ان كل شخص عاقل في

______________________________

(1)

الوسائل الباب 2 من أبواب آداب التجارة الحديث 7

(2) مستدرك الوسائل الباب 3 من أبواب الخيار الحديث 1

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 61

(3) نفس المصدر الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 62

و لا يثبت هذا الخيار للمغبون اذا كان عالما بالحال (1).

[مسألة 23: يشترط في ثبوت الخيار للمغبون، ان يكون التفاوت موجبا للغبن عرفا]

(مسألة 23): يشترط في ثبوت الخيار للمغبون، ان يكون التفاوت موجبا للغبن عرفا بأن يكون مقدارا لا يتسامح به عند غالب

______________________________

مقام التحفظ علي ماله ففي مقام المعاملة و المبادلة يريد أن يحفظ مالية ماله في ضمن بدله فبطبيعة الحال لا يرضي بأن يبدل ماله بما يكون أقلّ قيمة و لا يتحقق هذا المقصود الا باحد الانحاء الثلاثة: الاول: التقييد و لا يمكن الالتزام به في الجزئي الخارجي اذ الجزئي غير قابل للتقييد.

الثاني: التعليق و لكن التعليق و إن كان ممكنا عقلا لكنه باطل شرعا. الثالث الاشتراط بأن يشترط الخيار في صورة ظهور الغبن.

ان قلت ليس الكلام في صورة الاشتراط بل الكلام في صورة عدم الاشتراط قلت يكفي الارتكاز و التقدير و المقدر كالمذكور. ان قلت: اذا كان تخلف الداعي موجبا للخيار يلزم ثبوت الخيار في جميع موارد تخلفه و هل يمكن الالتزام به.

قلت: تخلف الدواعي الشخصية لا اثر له و أما الداعي النوعي فتخلفه يؤثر و لذا يتحقق جملة من الخيارات بهذا التقريب مثلا اذا اراد المشتري أن يشتري عبدا كاتبا و اشتري عبدا بهذا العنوان فبان غير كاتب لا اشكال في ثبوت الخيار بتخلف الوصف و الدليل علي ثبوته ليس الا الاشتراط الارتكازي. و الذي يدل بوضوح علي صدق المدعي الرجوع الي العقلاء

و العرف في معاملاتهم و مكاسبهم فانه لا شبهة في ثبوت الخيار في مثل هذه الموارد. و الشارع الاقدس قرر هذه السيرة و الطريقة و هذا احسن الوجوه و اسدها فلاحظ.

(1) و الوجه فيه ظاهر اذ المدرك للخيار الاشتراط و مع العلم بالحال لا مجال للاشتراط المذكور.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 63

الناس، فلو كان جزئيا غير معتد به لقلته لم يوجب الخيار (1) وحده بعضهم بالثلث و آخر بالربع و ثالث بالخمس و لا يبعد اختلاف المعاملات في ذلك، فالمعاملات التجارية المبنية علي المماكسة الشديدة يكفي في صدق الغبن فيها العشر بل نصف العشر و المعاملات العادية لا يكفي فيها ذلك و المدار ما عرفت من عدم المسامحة الغالبية (2).

[مسألة 24: الظاهر كون الخيار المذكور ثابتا من حين العقد لا من حين ظهور الغبن]

(مسألة 24): الظاهر كون الخيار المذكور ثابتا من حين العقد لا من حين ظهور الغبن فلو فسخ قبل ظهور الغبن صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعا (3).

______________________________

(1) اذ لو كان مما يتسامح لا يشمله الشرط الارتكازي و الا يلزم الخلف. و بعبارة اخري كونه مما يتسامح مرجعه الي عدم الاشتراط فلا وجه للخيار.

(2) الحق كما يظهر من عبارة المتن و انه ليس قابلا للتحديد بل يختلف موضوع الخيار باختلاف الموارد فلا بد من عدم كونه مما يتسامح و اذا وصلت النوبة الي الشك فالظاهر ان مقتضي الاصل عدم ثبوت الخيار فان مقتضي عدم كون المورد من موارد الاشتراط عدم الخيار كما ان مقتضي الاستصحاب عدم ثبوت الخيار شرعا و بعبارة اخري مقتضي الاصل الموضوعي و الحكمي كليهما عدم الخيار. اضف الي ذلك ان المستفاد من وجوب الوفاء بالعقد لزومه فلاحظ.

(3) و الوجه فيه ان الخيار ثابت بمقتضي الاشتراط الضمني و العلم بالغبن لا موضوعية له

بل هو مجرد طريق الي الواقع فعلي تقدير الجهل و كون الغبن في الواقع يكون الخيار موجودا فاذا فسخ صدر من اهله و وقع في محله فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 64

[مسألة 25: ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت و ترك الفسخ]

(مسألة 25): ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت و ترك الفسخ (1) و لو بذل له الغابن التفاوت لم يجب عليه القبول بل يتخير بين فسخ البيع من اصله و امضائه بتمام الثمن المسمي (2) نعم لو تصالحا علي اسقاط الخيار بمال صح الصلح و سقط الخيار و وجب علي الغابن دفع عوض المصالحة (3).

يسقط الخيار المذكور بامور: الاول: اسقاطه بعد العقد (4) و ان كان قبل ظهور الغبن (5) و لو اسقطه بزعم كون التفاوت عشرة فتبين كونه مائة فان كان التفاوت بالاقل ملحوظا قيدا بطل الاسقاط و ان كان ملحوظا من قبيل الداعي كما هو الغالب صح و كذا الحال لو

______________________________

(1) لعدم المقتضي للمطالبة و انما له حق الفسخ.

(2) هذا أيضا كسابقه في عدم ما يقتضي وجوب القبول فلا يجب عليه القبول بل له بمقتضي خياره أن يفسخ و يرد ما فيه الغبن و له أن لا يرد و يبقي المعاملة بحالها.

(3) فان الصلح جائز و من ناحية اخري حيث ان الخيار حقي يكون قابلا للإسقاط و الظاهر من المتن فرض المصالحة علي أن يسقط الخيار بنفس الصلح فيكون نظير شرط النتيجة و يمكن التصالح علي أن يسقط علي نحو شرط الفعل فيكون الاسقاط واجبا عليه كما انه يجب علي الغابن دفع عوض المصالحة.

(4) فان الخيار الحقي قابل للإسقاط فيسقط باسقاط ذي الخيار.

(5) اذ قد مران ثبوت الخيار تابع للغبن واقعا فعلي تقدير غبنه الخيار موجود فقابل للإسقاط و السقوط.

مباني منهاج الصالحين،

ج 8، ص: 65

صالحه عليه بمال (1).

الثاني: اشتراط سقوطه في متن العقد (2) و اذا اشترط سقوطه بزعم كونه عشرة فتبين انه مائة جري فيه التفصيل السابق (3) الثالث:

تصرف المغبون بائعا كان أو مشتريا فيما انتقل اليه تصرفا يدل علي الالتزام بالعقد هذا اذا كان بعد العلم بالغبن (4) اما لو كان قبله فالمشهور عدم السقوط به و لا يخلو من تأمل بل البناء علي السقوط به لو كان دالا علي الالتزام بالعقد لا يخلو من وجه (5) نعم اذا لم يدل علي ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار به (6).

______________________________

(1) الامر كما افاده فانه لو كان علي نحو التقييد لا يسقط مع عدم القيد اذ المقيد لا ينطبق علي ذلك الخيار الموجود علي الفرض فلا وجه للسقوط و اما ان كان بنحو الداعي فيسقط اذ المفروض انه اسقطه بلا تقييد لكن تخلف داعيه و بعبارة اخري من مصاديق الاشتباه في الانطباق و الخطاء في التطبيق.

(2) اذ الاسقاط جائز فشرط السقوط شرط جائز فيصح و يسقط.

(3) الكلام فيه هو الكلام و التقريب هو التقريب فلاحظ.

(4) اذ مع فرض دلالته علي الاسقاط يسقط لأنه لا فرق في الاسقاط بين اللفظ و القول.

(5) اذا كان التصرف قبل العلم بالغبن خاليا عن قصد الاسقاط فلا يسقط علي القاعدة و نقل عليه الاجماع و أما مع قصد الاسقاط فلا وجه لعدم السقوط و المفروض ان الخيار لا يشترط بالعلم بالغبن كما مر فيمكن اسقاطه و لو مع عدم العلم به.

(6) كما هو ظاهر فان الاسقاط من الامور الانشائية و يحتاج الي الدلالة عليه في مقام الاثبات.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 66

و لو كان متلفا

للعين أو مخرجا لها عن الملك أو مانعا عن الاسترداد كالاستيلاد (1).

[مسألة 26: إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع فإن كان المبيع موجودا عند المشتري استرده منه]

(مسألة 26): اذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع فان كان المبيع موجودا عند المشتري استرده منه (2) و ان كان تالفا بفعله أو بغير فعله رجع بمثله، ان كان مثليا و بقيمته ان كان قيميا (3) و ان وجده معيبا بفعله أو بغير فعله اخذه مع ارش العيب (4) و ان وجده خارجا عن ملك المشتري بأن نقله الي غيره بعقد لازم كالبيع و الهبة المعوضة أو لذي الرحم، فالظاهر انه بحكم التالف فيرجع عليه بالمثل أو القيمة (5) و ليس له الزام المشتري بارجاع العين بشرائها أو

______________________________

(1) اذ الخيار متعلق بالعقد و مع تلف العين حقيقة أو حكما أو عدم قابلية رجوع العين لا وجه لسقوط الخيار كما في المتن.

(2) فانه بعد الفسخ يرجع كل من العوضين الي مالكه الاولي فاسترداد المبيع مع بقائه عند المشتري علي طبق القاعدة الاولية.

(3) بمقتضي قاعدة اليد و الاقدام فان المشتري اقدم علي كون درك المبيع عليه و المفروض وصوله اليه و وقوعه تحت سلطته فيكون مضمونا في يده و عليه اذا انفسخ العقد لا بد من تداركه علي فرض تلفه فان كان مثليا يجب المثل و إلا فالقيمة علي ما هو الميزان في باب الضمان.

(4) بمقتضي ضمان اليد فانه يجب علي الضامن التدارك فيجب عليه الارش

(5) فان التلف الحكمي في حكم التلف الحقيقي.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 67

استيهابها (1) بل لا يبعد ذلك لو نقلها بعقد جائز كالهبة و البيع بخيار فلا يجب عليه الفسخ و ارجاع العين (2) بل لو اتفق رجوع العين اليه باقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد

دفع البدل من المثل أو القيمة لم يجب عليه دفعها الي المغبون (3) نعم لو كان رجوع العين اليه قبل دفع البدل وجب ارجاعها اليه (4) و أولي منه في ذلك لو كان رجوعها اليه قبل فسخ المغبون (5) بلا فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد

______________________________

(1) اذ لا وجه للإلزام فانه بعد الفسخ يكون المبيع باقيا في ملك من ملكه بالاشتراء أو الهبة أو بسبب آخر و الفاسخ يملك ما تلف في ذمة من عليه الخيار و حيث لا يكون عنده لا يلزم الا بالمثل أو القيمة.

(2) الكلام فيه هو الكلام فانه لا وجه للإلزام.

(3) اذ بعد براءة الضامن لا مقتضي لاشتغال ذمته بنفس العين.

(4) لان المفروض ان ما في ذمته ينطبق علي العين فهي بنفسها مملوكة لذي الخيار الذي فسخ العقد و لما انجر الكلام الي هنا اقول الذي يختلج ببالي القاصر في هذه العجالة أن يقال ان العين المضمون اذا تلفت و تنتقل ماهيتها الشخصية الي ذمة الضامن فاذا فرض تحقق تلك العين عند الضامن تكون مملوكة للمالك و علي هذا الاساس يتوجه سؤال في المقام و هو انه ما الوجه في عدم وجوب ارجاع العين مع الامكان مثلا اذا كان الضامن ضامنا للمثل أو القيمة و لم يكن عنده أ ليس واجبا عليه ان يقدم و يجده و يسلمه الي الطرف و ما الفرق بين المقامين و لذا لو نقله بناقل لازم و يمكنه الارجاع يجب.

(5) اذ بعد الفسخ تصير العين مملوكة للفاسخ بلا فصل زماني لأنه مع وجود العين لا يكون مجال لانتقال شي ء آخر اليه و لا مقتضي لاشتغال ذمة الغابن.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 68

السابق و أن يكون

بعقد جديد فانه يجب عليه دفع العين نفسها الي الفاسخ المغبون (1) و لا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة (2) و اذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون لكنه قد نقل منفعتها الي غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة أو جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع امكانها (3) بل يدفع العين و ارش النقصان الحاصل بكون العين مسلوبة المنفعة مدة الاجارة (4).

[مسألة 27: إذا فسخ البائع المغبون و كان المشتري قد تصرف في المبيع تصرفا مغيرا له]

(مسألة 27): اذا فسخ البائع المغبون و كان المشتري قد تصرف في المبيع تصرفا مغيرا له فاما أن يكون بالنقيصة أو بالزيادة أو بالامتزاج بغيره، فان كان بالنقيصة اخذ البائع المبيع من المشتري مع ارش النقيصة (5) و ان كان بالزيادة فاما أن تكون الزيادة صفة محضة كطحن الحنطة و صياغة الفضة و قصارة الثوب. و اما أن تكون صفة مشوبة بالعين كصبغ الثوب و اما أن تكون عينا غير قابلة للفصل كسمن

______________________________

(1) فانه لا وجه للفرق اذ الميزان كون العين في يد من فسخ العقد عليه.

(2) اذ مع وجود نفس العين لا تصل النوبة الي البدل و لا وجه له.

(3) لوحدة الملاك و التقريب هو التقريب.

(4) اذ المفروض ان العين باقية في يده فترجع الي مالكه الاولي غاية الامر تكون مسلوبة المنفعة فيجبر بالارش فلاحظ.

(5) اذ المفروض ان اليد يد ضمان كما تقدم و مع العيب لا بد من دفع الارش و هذا ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 69

الحيوان و نمو الشجرة أو قابلة للفصل كالثمرة و البناء و الغرس و الزرع فان كانت صفة محضه أو صفة مشوبة بالعين فان لم تكن لها مالية لعدم زيادة قيمة العين بها فالمبيع للبائع

و لا شي ء للمشتري (1) و كذا ان كانت لها مالية و لم تكن بفعل المشتري كما اذا اشتري منه عصي عوجاء فاعتدلت أو خلا قليل الحموضة فزادت حموضته (2) و ان كانت لها مالية و كانت بفعل المشتري فلكون الصفة للمشتري و شركته مع الفاسخ بالقيمة وجه (3) و لكنه ضعيف و الاظهر انه لا شي ء للمشتري (4) و ان كانت الزيادة عينا فان كانت غير قابلة للانفصال كسمن الحيوان و نمو الشجرة فلا شي ء للمشتري أيضا (5) و ان كانت قابلة للانفصال

______________________________

(1) اذ المفروض ان عين المبيع موجودة فترجع الي مالكها الاول بالفسخ و لا شي ء للمشتري لعدم المقتضي و مقتضي الاصل عدم ثبوت شي ء له.

(2) الامر كما افاده لعدم ما يقتضي ثبوت شي ء للمشتري و مقتضي الاصل عدمه.

(3) لا يبعد أن يكون الوجه فيه انه ان كان بفعله يثبت له حق.

(4) لعدم دليل علي الشركة في المالية فان المشتري مالك للمبيع و بالفسخ يرجع المبيع الي مالكه الاول و لا مقتضي لثبوت شي ء للمشتري كما في المتن.

(5) اذ مع عدم قابلية الانفصال كسمن الحيوان أو نمو الشجر يكون المبيع ذلك الشي ء الاولي. و بعبارة اخري مملوك واحد و المفروض انه يرجع بالفسخ الي مالكه الاول و ان شئت قلت المبيع هو الذي انتقل من البائع الي المشتري و لم يتغير بل هو هو غاية الامر التغير في بعض احواله و صفاته فهو يرجع الي مالكه و لا وجه لثبوت شي ء للمشتري.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 70

كالصوف و اللبن و الشعر و الثمر و البناء و الزرع كانت الزيادة للمشتري (1) و حينئذ فان لم يلزم من فصل الزيادة ضرر علي المشتري حال

الفسخ كان للبائع الزام المشتري بفصلها كاللبن و الثمر (2) بل له ذلك و ان لزم الضرر علي المشتري من فصلها (3) و اذا اراد المشتري فصلها فليس للبائع منعه عنه (4) و اذا اراد المشتري فصل الزيادة بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء فحدث من ذلك نقص علي الارض تداركه، فعليه طم الحفر و تسوية الارض و نحو ذلك (5) و ان كان

______________________________

(1) و الحق ما افيد اذ المفروض ان المبيع نفس الحيوان و أما لبنه فهو من حين حدوثه ملك للمشتري و له وجود ممايز عن الحيوان و مثله ثمرة الشجرة و البناء و الزرع فتكون الامور المذكورة كلها للمشتري و لا وجه لرجوعها الي البائع.

(2) كما هو ظاهر اذ المفروض ان الفسخ يوجب رد المبيع الي البائع فله الزام المشتري بافراغ ملكه عن مملوكه و هذا واضح ظاهر و المفروض عدم لزوم الضرر.

(3) لا يبعد أن يكون الوجه فيه تعارض ضرر المشتري بضرر البائع الناشي عن منعه عن سلطانه و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي الرجوع الي تسلط الناس علي اموالهم المتسالم عليه عند القوم. هذا علي القول المشهور في مفاد القاعدة و أما علي مسلك كون مفاد القاعدة النهي كما هو مذهب شيخ الشريعة فلا تصل النوبة الي هذا التقريب كما هو ظاهر فلاحظ.

(4) اذ لا يجوز لأحد منع الاخر عن التصرف في ماله.

(5) لان الخراب الحادث في الملك بفعل المشتري و عليه اصلاحه و لقائل أن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 71

بالامتزاج بغير الجنس فحكمه حكم التالف يضمنه المشتري ببدله من المثل أو القيمة سواء عد المبيع مستهلكا عرفا كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء و امثال ذلك أم

لم بعد مستهلكا بل عد موجودا علي نحو المزج مثل خلط الخل بالعسل أو السكر فان الفاسخ بفسخه يملك الخل مثلا، و المفروض انه لا وجود له و انما الموجود طبيعة ثالثة حصلت من المزج فلا مناص من الضمان بالمثل أو القيمة (1) بل الحال كذلك في الخلط بجنسه كخلط السمن بالسمن سواء كان الخلط بمثله او كان بالاجود و الأردإ فان اللازم بعد الفسخ رد شخص المبيع فان لم يمكن من جهة المزج وجب رد بدله من المثل أو القيمة (2).

______________________________

يقول ان لم يعد الخراب الحادث عيبا في المبيع فلا مقتضي لمطالبة المشتري بشي ء اذ المفروض ان المشتري تصرف في ملكه و المفروض أيضا رجوع المبيع علي ما هو عليه الي البائع بالفسخ و التغير الحاصل فيه لا يوجب نقصانا في العين.

و ان كان الخراب كحفر الارض عيبا وعد نقصا يجب علي المشتري تداركه بالارش فعلي كلا التقديرين لا وجه لوجوب طم الحفر علي المشتري الا أن يقال ان مقتضي القاعدة الاولية ارجاع العين الي الحالة الاولية بلا فرق بين تلف العين و تلف بعض صفاته و اللّه العالم.

(1) الظاهر ان ما افاده تام اذ في صورة الاستهلاك لا يبقي موضوع للمبيع كي يرجع بالفسخ الي البائع و أما في صورة المزج بغير الجنس فايضا لا وجه للشركة اذ المفروض ان المبيع غير باق. و بعبارة اخري يشترط في الرجوع بقاء الصورة النوعية العرفية و المفروض انتفائها بالمزج فلا موضوع للرجوع.

(2) بتقريب ان تحقق الشركة يتوقف علي امتزاج احد المملوكين بالاخر

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 72

[مسألة 28: إذا فسخ المشتري المغبون و كان قد تصرف في المبيع تصرفا غير مسقط لخياره لجهله بالغبن]

(مسألة 28): اذا فسخ المشتري المغبون و كان قد تصرف في المبيع تصرفا غير مسقط لخياره لجهله بالغبن،

فتصرفه أيضا تارة لا يكون مغيرا للعين و اخري يكون مغيرا لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج، و تأتي فيه الصور المتقدمه و تجري عليها احكامها. و هكذا لو فسخ المشتري المغبون و كان البائع قد تصرف في الثمن أو فسخ البائع المغبون و كان هو قد تصرف في الثمن تصرفا غير مسقط لخياره فان حكم تلف العين و نقل المنفعة و نقص العين و زيادتها و مزجها بغيرها و حكم سائر الصور التي ذكرناها هناك جار هنا علي نهج واحد (1).

[مسألة 29: الظاهر أن الخيار في الغبن ليس علي الفور]

(مسألة 29): الظاهر ان الخيار في الغبن ليس علي الفور فلو أخر إنشاء الفسخ عالما عامدا لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ و عدمه و نحو ذلك من الاغراض الصحيحة لم يسقط خياره فضلا عما لو أخره جاهلا بالغبن أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلا عنه أو ناسيا فيجوز له الفسخ اذا علم او التفت (2).

______________________________

و المفروض ان الامتزاج حصل قبل الفسخ فلا مقتضي للاشتراك بعده و ان شئت قلت: تحقق الشركة يتوقف علي صيرورة المبيع ملكا للبائع و الحال ان صيرورته ملكا للبائع بالامتزاج و هذا دور. و بعبارة ثالثة بعد الفسخ يرجع المبيع الي ملك الفاسخ و في المقام لا يمكن رجوعه لمكان الامتزاج و رجوعه علي نحو الاشتراك لا مقتضي له فما افيد تام و اللّه العالم.

(1) الكلام فيه الكلام طابق النعل بالنعل فلاحظ.

(2) لعدم ما يقتضي الفورية فلا وجه للسقوط اذا اخر الفسخ و بعبارة اخري

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 73

[مسألة 30: الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة مبنية علي المماكسة صلحا كانت أو إجارة أو غيرهما]

(مسألة 30): الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة مبنية علي المماكسة صلحا كانت أو اجارة او غيرهما (1).

[(مسألة 31: إذا اشتري شيئين صفقة بثمنين كعبد بعشرة و فرس بعشرة و كان مغبونا في شراء الفرس]

(مسألة 31): اذا اشتري شيئين صفقة بثمنين كعبد بعشرة و فرس بعشرة و كان مغبونا في شراء الفرس جاز له الفسخ (2) و يكون للبائع الخيار في بيع العبد (3).

[مسألة 32: إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي و كان قيميا ففسخ المغبون]

(مسألة 32): اذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي و كان قيميا ففسخ المغبون رجع عليه بقيمة التالف و في كونها قيمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الاداء وجوه اقواها الثاني (4).

______________________________

المدرك لخيار الغبن كما مر الاشتراط الضمني للخيار فلا مجال لان يقال ان الخيار علي خلاف مقتضي وجوب الوفاء بالعقد فلا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن فان مقتضي الاشتراط حدوث الخيار و بقائه الي زمان الاسقاط باحد المسقطات أو اعماله و عليه لا وجه لإطالة الكلام في هذا المقام و من اراد التفصيل فليراجع ما ذكرناه في هذا المقام «1».

(1) كما هو ظاهر فان حكم الامثال واحد و ملاك ثبوته سار في جميع الموارد و هو الاشتراط الضمني الارتكازي و اللّه العالم.

(2) اذ المفروض تحقق عقدين و بيعين غاية الامر وقوعهما بانشاء واحد فلكل واحد منهما حكمه فعلي فرض تحقق الغبن في احدهما يثبت فيه خيار الغبن.

(3) لتبعض الصفقة كما هو المفروض.

(4) بتقريب ان الفسخ من الحين و في ذلك الوقت تشتغل ذمة الغابن فالميزان بزمان الفسخ و يمكن أن يقال ان العين بنفسها في الذمة كما مر منافي المباحث

______________________________

(1) لاحظ دراساتنا ج 4 ص 239

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 74

و لو كان التلف باتلاف المغبون لم يرجع عليه بشي ء (1) و لو كان باتلاف اجنبي ففي رجوع المغبون بعد الفسخ علي الغابن أو علي الاجنبي أو يتخير في الرجوع علي احدهما وجوه اقواها الاول: و يرجع الغابن

علي الاجنبي (2) و كذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف فانه ان كان التلف بفعل الغابن لم يرجع علي المغبون بشي ء، و ان كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون أو بفعل اجنبي رجع علي المغبون بقيمة يوم الفسخ و رجع المغبون علي الاجنبي ان كان هو المتلف (3) و حكم تلف الوصف الموجب للأرش حكم تلف العين (4).

[الخامس: خيار التأخير]
اشارة

الخامس: خيار التأخير. اطلاق العقد يقتضي أن يكون تسليم كل من العوضين فعليا فلو امتنع احد الطرفين عنه اجبر عليه فان لم

______________________________

السابقة و عليه يكون الميزان بيوم الاداء فلاحظ.

(1) اذ قرار الضمان عليه فلا مجال لرجوعه الي غيره.

(2) اذ المفروض ان الغابن يملك العوض في ذمة المتلف و بعد الفسخ حيث ان المفروض تلف العين يملك الفاسخ البدل في ذمة الغابن و لا وجه لرجوعه علي المتلف فلا وجه للتخيير كما انه لا وجه لتعيين الرجوع علي المتلف بل المتعين الرجوع علي الغابن. نعم الغابن يرجع علي المتلف لأنه أتلف ماله و مملوكه، فلاحظ.

(3) الكلام هو الكلام و التقريب هو التقريب فلا وجه للإعادة فتأمل و طبق ما قلناه علي المقام أيضا.

(4) فان حكم الامثال واحد.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 75

يسلم كان للطرف الاخر فسخ العقد (1) بل لا يبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الاجبار أيضا (2) و لا يختص هذا الخيار بالبيع بل يجري في كل معاوضة (3) و يختص البيع بخيار و هو المسمي بخيار التأخير، و يتحقق فيما اذا باع سلعة و لم يقبض الثمن و لم يسلم المبيع حتي يجي ء المشتري بالثمن فانه يلزم البيع ثلاثة ايام فان جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة و الا فللبائع

فسخ البيع (4).

______________________________

(1) الظاهر ان المدرك لهذا الخيار الاشتراط الارتكازي الضمني الجاري بين العرف و العقلاء و هذا أحد مصاديق خيار الشرط و بعبارة اخري لا شبهة في أن تسليم كل من العوضين واجب فلو امتنع عن التسليم يجوز اجباره فان لم يسلم يكون للطرف الاخر الخيار و هذا حكم عقلائي امضاه الشارع.

(2) اذ لا يبعد أن يكون دائرة الشرط واسعا بمعني ان مفاد الشرط جعل الخيار عند عدم تسليم ما خرج عن ملكه و دخل في ملك غيره فلا يتوقف علي الامتناع المسبوق بالاجبار.

(3) لجريان هذا الشرط الضمني الارتكازي في كافة المعاوضات.

(4) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه: الوجه الاول: الاجماع و فيه ما فيه.

الوجه الثاني: قاعدة نفي الضرر بتقريب ان البائع لا يجوز له التصرف في المبيع لكونه ملكا للمشتري و يكون تلفه عليه لان التلف قبل القبض علي البائع و المفروض انه لم يقبض الثمن. و فيه اولا: ان حديث لا ضرر علي فرض اثباته الخيار لا ينطبق علي القيود المذكورة في هذا الخيار. و ثانيا انه علي فرض تمامية الاستدلال انما يتم علي المسلك المشهور في مفاد القاعدة و اما علي مسلك شيخ

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 76

______________________________

الشريعة فلا.

الوجه الثالث: النصوص الخاصة الواردة في المقام. و هي العمدة: منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه عنده، فيقول: حتي آتيك بثمنه، قال: ان جاء فيما بينه و بين ثلاثة ايام و الا فلا بيع له «1».

و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: اشتريت محملا فأعطيت بعض ثمنه و تركته عند صاحبه، ثم احتبست اياما ثم جئت

الي بايع المحمل لأخذه، فقال: قد بعته فضحكت ثم قلت: لا و اللّه لا أدعك أو اقاضيك، فقال لي: ترضي بأبي بكر بن عياش؟ قلت: نعم، فأتيته فقصصنا عليه قصتنا، فقال أبو بكر: بقول من تريدان اقضي بينكما؟ بقول صاحبك أو غيره؟ قال قلت: بقول صاحبي، قال:

سمعته يقول: من اشتري شيئا فجاء بالثمن ما بينه و بين ثلاثة ايام و الا فلا بيع له. «2».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار عن عبد صالح عليه السلام قال: من اشتري بيعا فمضت ثلاثة ايام و لم تجئ فلا بيع له. «3».

و الاحتمالات المتصورة في هذه النصوص ثلاثة: الاول: أن يكون القبض شرطا في صحة البيع فان لم يتحقّق القبض في الثلاثة يكون البيع باطلا من الاول.

الثاني: انه لو لم يتحقق القبض يتحقق الخيار للبائع كما هو المدعي في المقام.

الثالث انه لو لم يتحقق القبض في الثلاثة يبطل البيع بعد الثلاثة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث 2

(3) نفس المصدر الحديث 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 77

______________________________

اذا عرفت ذلك فاعلم ان الاحتمال الاول خلاف الظاهر اذ لا اشكال في أن العرف لا يفهم من هذه الروايات ان البيع باطل من اول الامر و الا كان التصرف للبائع جائزا من اول الامر مع الشك في القبض أو القطع بعدمه. أما مع القطع بالعدم فظاهر و اما مع الشك، فبمقتضي الاستصحاب الاستقبالي. و أما الاحتمال الثالث فهو الظاهر من نصوص الباب اذ مفاد الروايات نفي الموضوع فمعناه اما نفي الحكم بنفي الموضوع اي لا يصح بعد الثلاثة و اما يكون المراد من لفظ البيع المبيع اي لا مبيع له. و النتيجة واحدة و فهم

المشهور من الروايات نفي اللزوم بالنسبة الي البائع بأن المراد انه ليس للمشتري بعد الثلاثة أن يقبض الثمن و يقبض المبيع بل الأمر بيد البائع فان له الخيار اذا شاء يفسخ و اذا شاء يمضي لا يكون حجة نعم ربما يقال كما قيل: ان نفي البيع بالنسبة الي المشتري وحده لا يمكن لان قوام البيع بطرفيه فيكون المراد نفي اللزوم بالنسبة الي البائع.

و فيه ان نفي البيع من طرف يدل علي البطلان من الطرف الاخر أيضا لان قوام البيع بطرفيه و هذا التعبير الواقع في النصوص لا يدل علي الصحة من الطرف الاخر كي يلزم حمل قوله عليه السلام علي خلاف الظاهر و نقول المراد من الروايات نفي اللزوم من طرف البائع فان اللقب لا مفهوم له مضافا الي حديث علي بن يقطين انه سأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يبيع البيع و لا يقبضه صاحبه و لا يقبض الثمن، قال: فان الأجل بينهما ثلاثة ايام فان قبض بيعه و الا فلا بيع بينهما «1».

فان المذكور في هذا الحديث لفظ التثنية قال عليه السلام و الا فلا بيع بينهما فغاية ما في تلك النصوص عدم الدلالة علي البطلان لكن يكفي هذا الحديث لإثبات

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 78

و لو تلفت السلعة كانت من مال البائع سواء أ كان التلف في الثلاثة (1) أم بعدها حال ثبوت الخيار (2).

______________________________

البطلان و لو اغمض عما ذكر و قلنا بالتعارض بينهما فالترجيح بالاحدثية مع ما يدل علي البطلان فالنتيجة هو البطلان. اللهم الا أن يكون في المقام اجماع تعبدي كاشف عن الصحة و ثبوت الخيار للبائع. و أما الاحتمال الثاني فقد ظهر مما ذكرنا

انه لا يمكن الالتزام به و اللّه العالم.

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه الاول الاجماع و حاله في الاشكال ظاهر. الثاني ما ارسل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه «1» و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا و عمل المشهور بها علي فرض تحققه لا يفيد كما مر مرارا.

الثالث ما رواه عقبة بن خالد عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري متاعا من رجل و اوجبه غير أنه ترك المتاع عنده و لم يقبضه، قال: آتيك غدا إن شاء اللّه، فسرق المتاع من مال من يكون؟ قال: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتي يقبض المتاع و يخرجه من بيته، فاذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتي يرد ماله اليه «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

(2) استدل عليه بوجوه الاول الاجماع و فيه ما فيه. الثاني: النبوي المتقدم و اورد فيه بأن قاعدة التلف قبل القبض تعارضها قاعدتان اخريان الاولي: قاعدة التلازم بين النماء و الدرك المستفادة من أن الخراج بالضمان «3».

الثانية قاعدة ان التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له، المستفاده من النص

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 9 من أبواب الخيار

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الخيار، الحديث: 1

(3) المبسوط كتاب البيوع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 79

و بعد سقوطه (1).

[مسألة 33: الظاهر أن قبض بعض الثمن كلا قبض و كذا قبض بعض المبيع]

(مسألة 33): الظاهران قبض بعض الثمن كلا قبض و كذا قبض بعض المبيع (2).

[مسألة 34: المراد بالثلاثة ايام: الأيام البيض]

(مسألة 34): المراد بالثلاثة ايام: الايام البيض (3) و يدخل فيها

______________________________

لاحظ ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط الي يوم أو يومين فيموت العبد و الدابة أو يحدث فيه حدث علي من ضمان ذلك؟ فقال: علي البائع حتي ينقضي الشرط ثلاثة أيام و يصير المبيع للمشتري «1».

و ما رواه أيضا عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ان كان بينهما شرط اياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع «2».

و فيه ان القاعدة الاولي اعم من النبوي فتخصص به مضافا علي أنه لا مدرك معتبر لها. و أما الثانية فغير جارية في المقام لأمور: منها انها تختص بخياري الحيوان و الشرط و منها انها تختص بما بعد القبض كما يستفاد من نصوصها و منها ان موردها تلف ما انتقل الي من له الخيار و في المقام ليس كذلك.

(1) للإجماع و للنبوي فلاحظ.

(2) و الوجه فيه ان الحكم مترتب في النصوص علي عدم قبض الثمن و المبيع و المفروض عدم تحققه و يدل علي المدعي ما رواه ابن الحجاج «3».

(3) لم يظهر لي مراد الماتن من هذا التقييد و كيف كان المستفاد من النصوص ثلاثة ايام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الخيار الحديث 2

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث 2

(3) لاحظ ص 76

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 80

الليلتان المتوسطتان دون غيرهما و يجزي في اليوم الملفق كما تقدم في مدة خيار الحيوان (1).

[مسألة 35: يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم اشتراط تأخير تسليم احد العوضين و الا فلا خيار]

(مسألة 35): يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم اشتراط تأخير تسليم احد العوضين و الا فلا خيار

(2).

[مسألة 36: لا اشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصيا]

(مسألة 36): لا اشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصيا (3) و في ثبوته اذا كان كليا في الذمة قولان فالاحوط وجوبا عدم الفسخ بعد الثلاثة الا برضي الطرفين (4).

______________________________

(1) بعين التقريب الذي ذكرناه في خيار الحيوان بالنسبة الي الثلاثة فان كلا المقامين من باب واحد من هذه الجهة.

(2) العمدة في مدرك هذا الحكم انصراف نصوص الباب عن صورة اشتراط التأخير في احد العوضين قال الشيخ الاعظم الانصاري قدس سره: الثالث: عدم اشتراط تأخير تسليم احد العوضين لان المتبادر من النص غير ذلك فيقتصر في مخالفة الاصل علي منصرف النص مع انه في الجملة اجماعي انتهي.

و في المقام اشكال و هو انه ما المراد من اشتراط تأخير الثمن فانه لو كان المراد منه انه يكون للمشتري هذا الحق و لو مع مطالبة البائع يكون الشرط علي خلاف المقرر الشرعي فلا يصح و ان كان المراد أنّ المشتري يشترط علي البائع عدم المطالبة فهذا الشرط صحيح لكن هذا شرط الفعل فلو عصي البائع و طالبه يجب علي المشتري الدفع و التسليم اذ الحق الوضعي باق بحاله الا أن يقال: ان السيرة جارية علي الاشتراط علي النحو الاول و لم تردع من قبل الشارع و اللّه العالم.

(3) فانه لا اشكال فيه نصا و فتوي فلاحظ.

(4) ما يمكن أن يقال في وجه الاختصاص امور: الاول الاجماع و فيه ما فيه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 81

[مسألة 37: ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر و البقول و اللحم في بعض الأوقات يثبت الخيار فيه عند دخول الليل]

(مسألة 37): ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر و البقول و اللحم في بعض الاوقات يثبت الخيار فيه عند دخول الليل فاذا فسخ جاز له أن يتصرف في المبيع كيف شاء (1)

______________________________

الثاني قاعدة نفي الضرر اذ الضرر متوجه في صورة

كون المبيع شخصيا و الا فلا و فيه مضافا الي امكان تصور توجه الضرر حتي فيما كان المبيع كليا اذ قد سبق ان المدرك للحكم النصوص الخاصة و أما القاعدة فلا تكون مدرك الحكم.

الثالث: الاستظهار من نصوص المقام فنقول أما حديث زرارة فلا اشكال في ظهوره في العين الشخصية فان قوله «يدعه عنده» صريح أو ظاهر في العين الشخصية كما هو ظاهر واضح و أما حديث ابن الحجاج فهو كذلك أيضا و العرف ببابك و أما حديث ابن يقطين فافاد الشيخ قدس سره بأن اطلاق البيع علي المبيع باعتبار كون العين في معرض البيع فالمراد العين الشخصية و ربما يقال: بأن الاطلاق بلحاظ الأول و المشارفة فلا فرق بين العين الشخصية و الكلي من هذه الجهة فالنتيجة عدم الاختصاص اذ لا تنافي بين المثبتين و ما يدل علي جريان الخيار في العين الشخصية لا مفهوم له كي يقيد به اطلاق حديث ابن يقطين و لكن الجزم بالاطلاق في حديث ابن يقطين مشكل فلو لم يكن ظاهرا في الشخصي فلا أقلّ من الاجمال فيختص الحكم بالعين الشخصية و في الكلي لا بد من الاحتياط كما في المتن.

(1) قد اجاد الماتن في تعبيره بقوله ما يفسده المبيت و قد ذكرنا في الدورة السابقة علي ما في كلام المقرر من أن المتاع لو فرض فساده في اليوم فلا اثر للخيار في الليل اعم من أن يكون الدليل النص أو قاعدة لا ضرر و لذا ما افاده في الدروس من كون هذا الخيار خيار ما يفسده المبيت متين فلا بد أن يكون المراد باليوم مجموع اليوم و الليل و يكون المراد بالفساد الاشرف عليه لا تحققه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8،

ص: 82

______________________________

و كيف كان ما يمكن ان يستدل به علي المدعي امور: الاول النص الخاص لاحظ ما ارسله محمد بن أبي حمزة أو غيره عمن ذكره عن أبي عبد اللّه «او- يب» و أبي الحسن عليهما السلام في الرجل يشتري الشي ء الذي يفسد من يومه و يتركه حتي يأتيه بالثمن قال ان جاء فيما بينه و بين الليل بالثمن و الا فلا بيع له «1». و هذا الرواية مخدوشة سندا بالارسال و أما من حيث الدلالة فلا يبعد أن تكون دالة علي انفساخ البيع و بطلانه بقاء لا علي الخيار.

و لاحظ ما ارسله الصدوق: عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

العهدة فيما يفسده من يومه مثل البقول و البطيخ و الفواكه يوم الي الليل «2»» و هذه رواية مرسلة و لا اعتبار بالمرسلات فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها و ما يظهر من صاحب الوسائل قدس سره من كونها رواية مسندة الظاهر انه اشتباه منه كما يظهر من نقل الرواية مرسلة في بابي الخامس و التاسع فلاحظ.

الثاني قاعدة نفي الضرر فانها تقتضي الخيار اذا للزوم يوجب الضرر بالنسبة الي البائع و فيه انه انما يتم الاستدلال بالقاعدة علي المسلك المشهور في مفادها من كونها حاكمة علي الاحكام و أما علي مسلك شيخ الشريعة قدس سره من كون مفادها النهي فلا يتم.

الثالث: الاشتراط الارتكازي الضمني فان مقتضاه الخيار لكن مقتضي الشرط الارتكازي تحقق الخيار عند التأخير و أما كونه محدودا بالحد المخصوص فلا يتم بالشرط فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الخيار الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 83

و يختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي (1).

[مسألة 38: يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الثلاثة]

(مسألة

38) يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الثلاثة (2) و في سقوطه باسقاطه قبلها (3).

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ الفساد في الكلي لا يتصور.

(2) بلا اشكال فان الخيار الشخصي يسقط باسقاط ذي الحق

(3) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال ان الاسقاط في الثلاثة من مصاديق اسقاط ما لم يجب و هو لا يجوز و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأن اسقاط ما لم يجب لا اشكال فيه الا من ناحية التعليق و بطلان التعليق مستند الي الاجماع و الاجماع دليل لبي و القدر المتيقن منه غير المقام.

نعم الاسقاط علي وجه التنجيز لا يجوز اذ لا واقع له و بعبارة اخري الاسقاط امر تعلقي لا بد أن يتعلق بشي ء و المفروض انه لا متعلق له بالفعل فلا يعقل التنجيز فيه. و علي الجملة: الاشكال من ناحية التعليق و لا دليل علي بطلانه الا أن يقال:

ليس الكلام في المانع بل الكلام في المقتضي بتقريب: ان كل ممكن ثبوتي لا يمكن اثباته بل يحتاج في مقام الاثبات الي الدليل فيسأل من انه اي دليل دل علي جواز اسقاط ما لم يجب قبل تحققه و ثبوته.

و يمكن توجيه الجواز بوجوه: الوجه الاول: ان العقد سبب للخيار و المفروض انه تحقق في الخارج فيجوز اسقاط الخيار الذي يوجد بعده. و فيه: ان وزان الاحكام الشرعية وزان الموضوعات و الاحكام و لا مجال فيها للسببية و المسبية فلا ترتبط بذلك الباب مضافا الي أن السببية التامة لم توجد بعد علي الفرض و الاشكال في أنه ما الدليل علي جواز الاسقاط قبل ثبوت الخيار.

الوجه الثاني: جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد فالجواز في المقام

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 84

و باشتراط سقوطه في

ضمن العقد اشكال و الاظهر السقوط (1).

______________________________

بالاولوية. و فيه: انه لو كان المدرك للجواز هناك الاجماع لكان لادعاء الاولوية وجه و أما لو كان المدرك دليل جواز الشرط فالاشكال جار هناك أيضا فلا يتم المدعي في الاصل فكيف بالفرع.

الوجه الثالث: ان الخيار و ان كان بعد الثلاثة لكن مبدأ تحققه من حين تحقق العقد اذ من حين العقد يجب علي المشتري دفع الثمن و الخيار بلحاظ تأخير الدفع و عدم تسليم الثمن فمرجع اسقاط الخيار الي اسقاط حقه عن المطالبة و حق المطالبة حق فعلي قابل للإسقاط. و يرد عليه: اولا: ان كون حق المطالبة قابلا للإسقاط اول الكلام و لقائل أن يقول: انه لا دليل علي هذه الدعوي. و ثانيا: ان حق المطالبة لا يرتبط بحق الخيار و كل واحد منهما أمر في قبال الاخر فاشكال اسقاط ما لم يجب بحاله. و ثالثا: ان اسقاط حق المطالبة لا يوجب سقوط الخيار اذ الخيار لا يترتب علي صورة وجود حق المطالبة بل يترتب علي عدم تسليم الثمن أعم من أن يكون عن حق كما لو اسقط حق المطالبة أم لا عن حق.

الوجه الرابع ان هذا الخيار بلحاظ الاشتراط الضمني و ليس بالتعبد الشرعي كخياري الحيوان و المجلس نعم الشارع تصرف في مورده و حدوده و لا يبعد ان الشارط يملك حقا علي المشروط عليه و هذا الحق فعلي مثلا لو باع زيد من عمرو كتابا و اشترط عليه أن يحج عن أبيه في الموسم أو اشترط عليه خياطة ثوبه بعد شهر هل يمكن أن يقال: انه لا يمكن أن يتجاوز الشارط عن حقه. و بعبارة اخري هذا الحق فعلي و هذه الملكية حاصلة فلا يكون

داخلا في اسقاط ما لم يجب. و الحاصل: انه لا يبعد أن يقال: ان المورد لا يكون تحت تلك الكبري بل الحق فعلي و يتجاوز الشارط عن حقه و يسقطه فلاحظ.

(1) تارة يشترط سقوطه في ضمن عقد آخر بعد تحقق العقد الخياري و اخري

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 85

و الظاهر عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع (1).

______________________________

يشترط سقوطه في نفس العقد الخياري أما الشق الاول فالظاهر انه لا مانع منه اذ قد مر جواز الاسقاط و هذا من مصاديقه. و أما الشق الثاني فاتمامه بالدليل مشكل اذ المفروض عدم ثبوته بعد و المفروض عدم تحقق العقد كي يقال: يتجاوز عن حقه بالشرط الا أن يرجع اشتراط سقوطه الي عدم اشتراط ثبوته.

و بعبارة اخري: يتجاوز عن الشرط الارتكازي و علي هذا يشكل بأن الخيار بعد الثلاثة تعبدي شرعي فاشتراط عدمه خلاف المقرر الشرعي. هذا بحسب القاعدة الاولية و أما بلحاظ النص الخاص فيمكن الالتزام بالجواز لاحظ ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كان له أب مملوك و كانت لأبيه امرأة مكاتبة قد أدت بعض ما عليها فقال لها ابن العبد هل لك أن اعينك في مكاتبتك حتي تؤدي ما عليك بشرط أن لا يكون لك الخيار علي أبي اذا أنت ملكت نفسك قالت: نعم فاعطاها في مكاتبتها علي أن لا يكون لها الخيار عليه بعد ذلك قال:

لا يكون لها الخيار المسلمون عند شروطهم «1».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز اشتراط سقوط الخيار الذي يتحقق بعد ذلك و الظاهر انه بحسب الفهم العرفي لا فرق بين الموارد فاذا جاز هذا الشرط في مورد جاز

في جمع الموارد الا أن يقال: ان المفروض في المقام اشتراط سقوط الخيار في نفس العقد و في ذلك الباب يشترط سقوطه في عقد آخر فلا وجه للتعدي و هذا الاشكال لا دافع له فالجزم بالجواز مشكل و اللّه العالم.

و الذي يهون الخطب انه قد مر منا ان المستفاد من نصوص الباب البطلان بعد الثلاثة لا ثبوت الخيار و اللّه العالم.

(1) اذ لا وجه للسقوط و ان شئت قلت: كما أن الثبوت يحتاج الي الدليل كذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب المكاتبة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 86

و لا بمطالبة البائع للمشتري بالثمن (1) نعم الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجري علي المعاملة (2) لا بعنوان العارية أو الوديعة (3) و يكفي ظهور الفعل في ذلك و لو بواسطة بعض القرائن (4).

[مسألة 39: في كون هذا الخيار علي الفور أو التراخي قولان]

(مسألة 39): في كون هذا الخيار علي الفور أو التراخي قولان اقواهما الثاني (5)

[السادس: خيار الرؤية]
اشارة

السادس: خيار الرؤية: و يتحقق فيما لو رأي شيئا ثم اشتراه فوجده علي خلاف مار آه أو اشتري موصوفا غير

______________________________

السقوط يحتاج اليه.

(1) الكلام فيها هو الكلام فان مطالبة الثمن لا يقتضي سقوط الخيار.

(2) مجرد أخذ الثمن بعنوان الجري علي المعاملة لا يقتضي سقوط الخيار اذ لا تنافي بين الامرين بل يمكن أن يكون الاخذ غافلا عن الخيار أو جاهلا. و علي الجملة: لا نري وجها للسقوط بمجرد الاخذ نعم اذا قصد الاسقاط بالاخذ و لو بمعونة القرينة بحيث يكون أخذه مصداقا للإسقاط يسقط بلا اشكال لان الاسقاط الفعلي كالإسقاط القولي.

(3) اخذ الثمن بعنوان العارية أو الوديعة انما يتصور في الثمن الكلي و أما في الثمن الشخصي فلا مجال له لان الثمن ملك للبائع فلا يتصور فيه العارية أو الوديعة و في الثمن الكلي اذا قصد بالدفع تسليم الثمن فكيف يمكن أخذه بعنوان العارية أو الوديعة و اذا قصد احد العنوانين فلا يمكن أخذه بعنوان الثمن و اللّه العالم.

(4) كما هو ظاهر فان الاسقاط الفعلي كإسقاط القولي و قد مر منا آنفا.

(5) لا وجه للفورية اذ علي تقدير كون المدرك له النصوص الخاصة فمقتضي اطلاقها التراخي و ان كان المدرك الاشتراط الضمني فالامر كذلك اذ الفورية تحتاج الي الدليل و يتوقف علي القصد و الجعل علي النحو الكذائي.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 87

مشاهد فوجده علي خلاف الوصف فان للمشتري الخيار بين الفسخ و الامضاء (1).

______________________________

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه: الوجه الاول: الاجماع.

و حال هذه الاجماعات في الاشكال ظاهر فان المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي فرض

تحققه لاحتمال المدركية لا يكون حجة و كاشفا تعبديا عن رأي المعصوم عليه السلام.

الوجه الثاني: قاعدة لا ضرر بتقريب: ان لزوم العقد ضرري فيرفع بالقاعدة و فيه: اولا: انه يتم الاستدلال علي فرض تمامية التقريب علي مسلك المشهور و أما علي مذهب شيخ الشريعة فلا يتم. و ثانيا: انه علي فرض الضرر يكون المشتري مغبونا فيكون له الخيار بدليل خيار الغبن و الحال ان خيار الرؤية في قبال بقية الخيارات مضافا الي أن الضرر يوجب بطلان العقد من اول الامر لا ثبوت الخيار بعد فرض صحته.

الوجه الثالث: النصوص: منها: ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري ضيعة و قد كان يدخلها و يخرج منها فلما أن نقد المال صار الي الضيعة فقلبها «ففتشها يه» ثم رجع فاستقال صاحبه فلم يقله فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: انه لو قلب «قبلها- يه» منها و نظر الي تسعة و تسعين قطعة ثم بقي منها قطعة و لم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية «1».

و في هذه الرواية لا دلالة علي كشف الخلاف الموجب للخيار بل فيها دلالة علي عدم ما يقتضي الفسخ لان المشتري استقال صاحبه و لم يقله و مقتضي كشف الخلاف الفسخ بلحاظ الارتكاز العرفي و الاشتراط الدائر في العرف فيحتمل أن يكون المراد من الرواية ان المشتري نظر الي المبيع قبل البيع و لكن لم ينظر الي جميع

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الخيار الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 88

______________________________

الضيعة بل نظر الي تسعة و تسعين قطعة منها فمقدار من المبيع كان مجهولا و المركب من المعلوم و المجهول يكون مجهولا فيكون البيع غرريا

فيكون باطلا فالمراد بالخيار الاختيار في تجديد البيع و رفع اليد عنه فلا يرتبط بالمدعي. و يحتمل أن يكون النظر الوارد في الرواية النظر بعد البيع و أما قبله فلم ينظر و من الظاهر ان النظر بعد البيع لا يوجب الخيار. مضافا الي أن الخيار المبحوث عنه في المقام خيار الرؤية لا خيار عدم الرؤية.

و يحتمل أن يكون المراد من عدم الرؤية الوارد في الحديث عدم الوجدان اي لم يجد قطعة منها فيكون الخيار خيار تبعض الصفقة و يكون علي القاعدة لكن لا يرتبط بالمقام. و علي الجملة لا تكون الرواية دليلا علي ثبوت خيار الرؤية علي جميع التقادير.

و منها: ما رواه زيد الشحام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري سهام القصابين من قبل أن يخرج السهم فقال: لا تشتر شيئا حتي تعلم أين تخرج السهم فان اشتري شيئا فهو بالخيار اذا خرج «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية: انه لو خرج السهم المشاع علي خلاف ما وصفه البائع يكون للمشتري خيار الرؤية و الظاهر- و اللّه العالم- ان هذه الرواية لا ترتبط بخيار الرؤية المبحوث عنه في المقام فان الظاهر من صدر الحديث النهي عن اشتراء السهم قبل خروجه. و بعبارة اخري: يرشد عليه السلام الي فساد العقد و الامر كذلك علي القاعدة لان السهم قبل خروجه لا يكون ملكا فعليا للشريك فليس له بيعه فالاشتراء باطل فالمراد بالذيل الوارد في الحديث ان المشتري مختار في الاشتراء الجديد و عدمه و يحتمل كما في كلام المحقق الشهيدي قدس سره أن يكون المراد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 89

______________________________

من الاشتراء ارادته اي اذا أراد الشراء فله ذلك بعد ما خرج

السهم. و ان أبيت و قلت: ان الظاهر من الخيار المذكور في الحديث الخيار الاصطلاحي قلت:

علي هذا الفرض يكون الخيار المذكور خيارا مستقلا قبال بقية الخيارات و لا يرتبط بخيار الرؤية لعدم الدليل عليه فعلي جميع التقادير لا تكون الرواية من ادلة خيار الرؤية.

و منها: ما رواه منهال القصاب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اشتري الغنم أو يشتري الغنم جماعة ثم يدخل دارا ثم يقوم «رجل خ» علي الباب فيعد واحدا و اثنين و ثلاثة و أربعا و خمسا ثم يخرج السهم قال: لا يصلح هذا انما تصلح السهام اذا عدلت القسمة «1».

و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام مضافا الي كون سندها ضعيفا فان منهال لم يوثق.

الوجه الرابع: الاشتراط الارتكازي فان مقتضاه شرط الخيار عند تخلف الوصف و الظاهر انه لا شبهة في ثبوت الخيار عند العرف و العقلاء فان المشتري لو كان في مقام اشتراء العبد الكاتب و البائع وصف العبد الفلاني بالكتابة فاشتراه علي هذا الاساس لم يكن اشكال عند العرف في كون المشتري ذا خيار عند كشف الخلاف و تخلف الوصف عند الرؤية أو التوصيف عند البيع فهذا الاشتراط ارتكازي فيصح لدليل جواز جعل الخيار فيصح اشتراطه بعد فرض جوازه كما مر في خيار الشرط و هذا هو العمدة في دليل هذا الخيار.

و لتوضيح المدعي نقول: لا اشكال في صحة اشتراط الخيار في ضمن العقد بالسيرة العقلائية الممضاة عند الشارع فعليه لا يتوجه اشكال ان دليل نفوذ الشرط لا يكون مشرعا فلا بد من صحة الشرط في الرتبة السابقة و وجه عدم توجه الاشكال ان اشتراط

______________________________

(1) الوسائل، الباب 12 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8،

ص: 90

[مسألة 4: لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجبا للخيار بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه و غيره]

(مسألة 4): لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجبا للخيار بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه و غيره اذا اتفق تعلق غرض للمشتري به سواء أ كان علي خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد أميا لا كاتبا و لا قارئا أم كان مرغوبا فيه عند قوم و مرغوبا عنه عند قدم آخرين مثل اشتراط كون القماش أصفر لا أسود (1).

[مسألة 41: الخيار هنا بين الفسخ و الرد و بين ترك الفسخ و امساك العين مجانا]

(مسألة 41): الخيار هنا بين الفسخ و الرد و بين ترك الفسخ و امساك العين مجانا و ليس لذي الخيار المطالبة بالارش و ترك الفسخ (2) كما أنه لا يسقط الخيار ببذل البائع الارش و لا بابدال العين بعين اخري واجدة للوصف (3).

[مسألة 42: كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع عند تخلف الوصف]

(مسألة 42): كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع عند تخلف الوصف اذا كان قد رأي المبيع سابقا فباعه بتخيل

______________________________

الخيار جائز مع قطع النظر عن دليل الشرط فلاحظ.

(1) فان حكم الامثال واحد. و بعبارة اخري: المناط في تحقق الخيار هو الاشتراط الارتكازي و المفروض تحققه في هذه الموارد كلها فلا وجه للفرق.

(2) الامر كما أفاده اذ لا وجه لأخذ الارش بعد عدم الدليل عليه و مقتضي الفسخ انفساخ العقد فعلي تقدير الفسخ يرجع كل من العوضين الي مالكه الاول و علي تقدير الامضاء لا مقتضي لمطالبة الارش.

(3) فانه لا وجه للسقوط اذ كما لا مقتضي في طرف المشتري في الزامه البائع لأخذ الارش كذلك لا مقتضي في طرف البائع لإلزامه المشتري بقبول الارش أو التبديل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 91

انه علي ما رآه فتبين خلافه أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه (1).

[مسألة 43: المشهور أن هذا الخيار علي الفور]

(مسألة 43): المشهوران هذا الخيار علي الفور و لكن الاقرب عدمه (2).

[مسألة 44: يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الرؤية بل قبلها]

(مسألة 44): يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الرؤية بل قبلها و بالتصرف بعد الرؤية اذا كان دالا علي الالتزام بالعقد و كذا قبل الرؤية اذا كان كذلك و في جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد وجهان اقواهما ذلك فيسقط به (3).

[مسألة 45: مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية]

(مسألة 45): مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية و لا يجري في بيع الكلي فلو باع كليا موصوفا و دفع الي المشتري فردا فاقدا للوصف لم يكن للمشتري الخيار و انما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف (4) نعم لو كان المبيع كليا في المعين كما لو باعه صاعا من

______________________________

(1) لعين الملاك فان الشرط الارتكازي المدرك لهذا الخيار يكون في طرف البائع كما يكون في طرف المشتري كما أن الامر كذلك لو تخلف وصف الثمن عما تعاقدا عليه.

(2) فانه لا وجه لفوريته بعد ما سبق من كون المدرك الاشتراط الارتكازي الضمني و ليس المدرك الاجماع أو قاعدة لا ضرر كي يكون مجالا للبحث.

(3) قد تقدم البحث حول هذه الفروع سابقا فلا وجه للإعادة.

(4) اذ كشف الخلاف يتصور في الامر الخارجي و أما الكلي فلا معني لانكشاف الخلاف فيه فان البيع اذا وقع علي العبد الكاتب علي النحو الكلي و في مقام الوفاء دفع عبدا غير كاتب لا ينطبق عليه المبيع فللمشتري مطالبته بدفع الكاتب و لا خيار له.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 92

هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار (1).

[السابع خيار العيب]
اشارة

السابع خيار العيب: و هو فيما لو اشتري شيئا فوجد فيه عيبا فان له الخيار بين الفسخ برد المعيب و امضاء البيع (2).

______________________________

(1) اذ يتصور فيه كشف الخلاف كالعين الشخصية كما انه يتصور كشف الخلاف في الكلي المشاع.

(2) اجماعا محصلا و محكيا مستفيضا صريحا و ظاهرا- هكذا في الجواهر- و الظاهر انه لا مجال للإشكال فان ثبوت خيار العيب في الجملة مورد التسالم و من الامور الواضحة و هذا بنفسه حجة لمدعي الخيار و ربما يستدل بقاعدة لا ضرر كما استدل بها علي الخيار في

غير المقام لكن الظاهر عدم قيام القاعدة لإثبات المدعي أما علي مسلكنا من كون مفاد القاعدة النهي لا النفي فظاهر و أما علي المسلك المشهور في مفاد القاعدة فعلي تقدير تمامية الاستدلال بها يكون مقتضاه بطلان البيع اذ الضرر ناش من المعاملة و الخيار يتداركه و قاعدة لا ضرر لا تفي باثبات التدارك.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما عن فقه الرضا عليه السلام: و روي في الرجل يشتري المتاع فيجد به عيبا يوجب الرد فان كان المتاع قائما بعينه رد علي صاحبه و ان كان قد قطع أو خيط أو حدث فيه حادثة رجع فيه بنقصان العيب علي سبيل الارش و قال في موضع آخر فان خرج في السلعة عيب و علم المشتري فالخيار اليه ان شاء رد و ان شاء أخذه أورد عليه بالقيمة ارش العيب الي آخره «1». و لا اعتبار بهذا الكتاب لعدم ثبوت انتسابه اليه عليه السلام.

و منها: مرسل جميل عن احدهما عليهما السلام في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيبا فقال: ان كان الشي ء قائما بعينه رده علي صاحبه و أخذ الثمن و ان

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 12 من أبواب الخيار، الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 93

فان لم يمكن الرد جاز له الامساك و المطالبة بالارش (1).

______________________________

كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب «1». و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: كنت أنا و عمر بالمدينة فباع عمر جرابا هرويا كل ثوب بكذا و كذا فأخذوه فاقتسموه فوجدوا ثوبا فيه عيب فقال لهم عمر اعطيكم ثمنه الذي بعتكم به قالوا: لا و لكنا نأخذ

منك قيمة الثوب فذكر ذلك عمر لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال: يلزمه ذلك «2».

و الظاهر ان هذه الرواية تامة سندا و دلالة علي المدعي اذ يستفاد من الحديث انه يجوز رد الثوب المعيوب فاذا رد يثبت خيار تبعض الصفقة فيجوز رد جميع الثياب فاذا لم يرد البائع رد الجميع يكون عليه دفع تمام قيمة الثوب كي لا يرد اليه جميع ما باعه.

و بعبارة واضحة: يمكن للمشترين رد جميع الثياب المشتراة اذا لعيب يوجب الرد فاذا رد المعيب وحده تتبعض الصفقة و يثبت الخيار من هذه الجهة فاذا اراد البائع أن لا يردوا جميع الثياب يلزمه أن يرد جميع قيمة الثوب و الا يجوز لهم رد جميع الثياب و البائع لا يريد ذلك فلاحظ. و يمكن الاستدلال علي المدعي بالاشتراط الضمني العقلائي الممضي عند الشارع الاقدس.

(1) لا اشكال في أن ظهور العيب في السلعة يقتضي جواز الرد و أخذ الارش في الجملة انما الاشكال في أن الامرين في عرض واحد أو أخذ الارش مترتب علي مورد لا يمكن الرد- كما في المتن- و ما يمكن أن يقال في وجه التخيير بين الامرين

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الخيار الحديث 3

(2) نفس المصدر الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 94

______________________________

امور: الامر الاول ما عن الفقه الرضوي «1» و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا بل استناد الكتاب الي الرضا عليه السلام اول الكلام و الاشكال.

الامر الثاني: ان أخبار الرد مطلقة بالنسبة الي تمام الثمن المنطبق علي الفسخ و الي رد جزء منه المنطبق علي أخذ الارش. و يرد عليه اولا: ان الظاهر من أخبار الرد رد الثمن بتمامه. و بعبارة اخري: يستفاد من تلك الاخبار فسخ

البيع من رأسه و ثانيا: ان هذا البيان انما يتم علي تقدير كون الرد في الارش من عين الثمن و الحال ان الامر ليس كذلك بل الارش يجوز أن يكون من غير الثمن. و ثالثا:

يستفاد من بعض النصوص التفكيك بين الرد و أخذ الارش بأن المبيع ان كان قائما بعينه يرد و ان لم يكن قائما بعينه يؤخذ الارش و التقسيم قاطع للشركة لاحظ حديث جميل «2».

و رابعا: ان وصف الصحة لا يقابل بالمال بل تؤثر في زيادة قيمة السلعة كما ان العيب يؤثر في نقصانها. الامر الثالث: ان الخيار معلول للعيب فلو كان المبيع معيبا يثبت للمشتري الخيار بين الامرين و لكن حيث ان حق الرد ضعيف يسقط بالتصرف و يبقي حق الارش. و فيه: ان هذا التقريب لا بأس به ثبوتا لكن الاشكال في مقام الاثبات و الدلالة.

الامر الرابع: ان المستفاد من النصوص ان حق الارش يثبت بالتصرف أعم من أن يكون التصرف قبل العلم بالعيب أو بعده و يبعد بنظر العرف أن يكون الوطء مثلا موجبا لحق آخر. و بعبارة اخري: مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي أن يكون حق الارش في عرض حق الرد غاية الامر بالتصرف يسقط الثاني و يبقي الاول.

______________________________

(1) لاحظ ص 92.

(2) لاحظ ص 92

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 95

______________________________

و فيه: ان هذا التقريب استحساني ذوقي و ليس تحته شي ء فلا بد من ملاحظة نصوص الباب و العمل بما يستفاد منها.

فنقول- و علي اللّه التوكل و التكلان-: من النصوص التي يمكن الاستدلال بها علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ايما رجل اشتري شيئا و به عيب و عوار لم يتبرأ اليه و لم يبين

له فأحدث فيه بعد ما قبضه شيئا ثم علم بذلك العوار و بذلك الداء انه يمضي عليه البيع و يرد عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به «1» و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر. و منها: ما أرسله جميل «2» و المرسل لا اعتبار به و منها ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأل عن رجل ابتاع ثوبا فلما قطعه وجد فيه خروقا و لم يعلم بذلك حتي قطعه كيف القضاء في ذلك؟ قال: اقبل ثوبك و إلا فهايئ صاحبك بالرضا و خفض له قليلا و لا يضرك ان شاء اللّه فان أبي فاقبل ثوبك فهو أسلم لك ان شاء اللّه «3». و هذه الرواية ضعيفة بعقبة.

و منها: النصوص التي تدل علي أن الامة التي اشتريت اذا انكشف فيها عيب غير الحبل بعد الوطء لا ترد بل يثبت الارش لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قال علي السلام: لا ترد التي ليست بحبلي اذا وطأها صاحبها و يوضع عنه من ثمنها بقدر عيب ان كان فيها «4» و غيره مما ورد في الباب 4 من أبواب أحكام العيوب من الوسائل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الخيار الحديث: 2

(2) لاحظ ص 92

(3) المصدر السابق الحديث 4

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 96

______________________________

و هذه الروايات واردة في مورد خاص و لا دلالة فيها علي عموم الحكم. اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان النصوص الواردة في الخيار و أحكام العيب علي طوائف:

الطائفة الاولي ما يدل علي

الرد بلا تعرض للأرش لاحظ ما رواه عمر بن يزيد «1».

و ما رواه ابن فضال عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ترد الجارية من أربع خصال: من الجنون و الجذام و البرص و القرن القرن الحدبة الا انها تكون في الصدر تدخل الظهر و تخرج الصدر «2».

و ما رواه أبو همام قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: يرد المملوك من أحداث السنة من الجنون و الجذام و البرص فقلت كيف يرد من أحداث السنة؟ قال:

هذا أول السنة فاذا اشتريت مملوكا به شي ء من هذه الخصال ما بينك و بين ذي الحجة رددته علي صاحبه فقال له محمد بن علي: فالاباق؟ قال: ليس الاباق من ذا الا أن يقيم البينة انه كان ابق عنده «3».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: و عهدته يعني الرقيق السنة من الجنون فما بعد السنة فليس بشي ء «4».

و ما رواه علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول:

الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري و في غير الحيوان أن يتفرقا و أحداث السنة ترد بعد السنة قلت: و ما أحداث السنة؟ قال: الجنون و الجذام و البرص و القرن فمن اشتري فحدث فيه هذه الاحداث فالحكم أن يرد علي صاحبه الي تمام السنة من

______________________________

(1) لاحظ ص 93

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام العيوب الحديث 1

(3) نفس المصدر الحديث 2

(4) نفس المصدر الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 97

______________________________

يوم اشتراه «1».

و ما رواه الكليني قال: و روي عن يونس أيضا ان العهدة في الجنون و الجذام و البرص سنة «2».

و ما رواه أيضا قال: و روي الوشاء

ان العهدة في الجنون وحده الي سنة «3».

و ما رواه ابن فضال عن أبي الحسن الثاني عليه السلام قال: في أربعة أشياء خيار سنة: الجنون و الجذام و البرص و القرن «4».

و ما رواه داود بن فرقد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري جارية مدركة فلم تحض عنده حتي مضي لها ستة أشهر و ليس بها حمل فقال: ان كان مثلها تحيض و لم تكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد منه «5».

و ما رواه ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل اشتري زق زيت فوجد فيه درديا قال: فقال: ان كان يعلم ان ذلك يكون في الزيت لم يرده و ان لم يكن يعلم ان ذلك يكون في الزيت رده علي صاحبه «6».

و ما رواه أبو صادق قال: دخل أمير المؤمنين عليه السلام سوق التمارين فاذا امرأة قائمة تبكي و هي تخاصم رجلا تمارا فقال لها: مالك؟ فقالت: يا أمير المؤمنين اشتريت من هذا تمرا بدرهم و خرج اسفله رديا ليس مثل الذي رأيت قال: فقال:

رد عليها فأبي حتي قالها ثلاثا فأبي فعلاه بالدرة حتي رد عليها و كان يكره أن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) الوسائل الباب 3 من أبواب أحكام العيوب.

(6) الوسائل الباب 7 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 98

______________________________

يجلل التمر «1».

الطائفة الثانية ما يدل علي ثبوت الارش اذا أحدث في المعيب حدث لاحظ ما رواه زرارة «2» و ما رواه جميل «3» و الحديثان ضعيفان سندا أما الاول فبموسي بن بكر و أما الثاني فبالارسال.

الطائفة الثالثة ما

يدل علي أن احداث الحدث في المعيب يسقط الرد بلا تعرض للأرش لاحظ ما رواه عقبة بن خالد «4». و هذه الرواية ضعيفة سندا بعقبة بن خالد.

الطائفة الرابعة: ما يدل علي أن الامة اذا ظهر فيها عيب بعد الوطء غير الحبل لم ترد بل يثبت للمشتري الارش لاحظ ما رواه ابن سنان «5» و ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قضي امير المؤمنين عليه السلام في رجل اشتري جارية فوطأها ثم وجد فيها عيبا قال: تقوم و هي صحيحة و تقوم و بها الداء ثم يرد البائع علي المبتاع فضل ما بين الصحة و الداء «6».

و ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري جارية فوقع عليها قال: ان وجد بها عيبا فليس له أن يردها و لكن يرد عليه بقيمة (بقدر التهذيب) ما نقصها العيب قال: قلت: هذا قول علي عليه السلام؟ قال: نعم «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 95

(3) لاحظ ص: 92

(4) لاحظ ص: 95

(5) لاحظ ص: 95

(6) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 2

(7) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 99

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام انه سأل عن الرجل يبتاع الجارية فيقع عليها ثم يجد بها عيبا بعد ذلك قال: لا يردها علي صاحبها و لكن تقوم ما بين العيب و الصحة فيرد علي المبتاع معاذ اللّه أن يجعل لها اجرا «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام لا يرد التي ليست بحبلي اذا وطأها و كان يضع له من

ثمنها بقدر عيبها «2».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

أيما رجل اشتري جارية فوقع عليها فوجد بها عيبا لم يردها و رد البائع عليه قيمة العيب «3».

و ما رواه حماد بن عيسي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: قال علي بن الحسين عليه السلام: كان القضاء الاول في الرجل اذا اشتري الامة فوطأها ثم ظهر علي عيب ان البيع لازم و له ارش العيب «4».

و ما رواه محمد بن ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام لا يرد الجارية بعيب اذا وطئت و لكن يرجع بقيمة العيب و كان علي عليه السلام يقول: معاذ اللّه أن اجعل لها اجرا «5».

الطائفة الخامسة ما يدل علي أن المشتري اذا وطئ الجارية المشتراة ثم علم بحملها يجوز له ردها ورد ما يقابل وطيها لاحظ ما رواه ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري جارية حبلي و لم يعلم بحبلها فوطأها قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 100

و لا فرق بين المشتري و البائع فلو وجد البائع عيبا في الثمن كان له الخيار المذكور (1).

______________________________

يردها علي الذي ابتاعها منه و يرد معها نصف عشر قيمتها لنكاحه اياها الحديث «1».

و ما رواه عبد الملك بن عمير (عمرو خ ل) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا ترد التي ليست بحبلي اذا وطأها صاحبها و له ارش العيب و ترد الحبلي و يرد معها نصف عشر قيمتها «2» و غيرها

مما ورد في الباب 5 من أبواب أحكام العيوب من الوسائل.

الطائفة السادسة: ما يدل علي سقوط الرد بامتزاج المبيع بغيره و ثبوت الارش لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام قضي في رجل اشتري من رجل عكة فيها سمن احتكرها حكرة فوجد فيها ربا فخاصمه الي علي عليه السلام فقال له علي عليه السلام: لك بكيل الرب سمنا فقال له الرجل: انما بعته منك حكرة فقال له علي عليه السلام: انما اشتري منك سمنا و لم يشتر منك ربا «3».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالنوفلي بل و غيره فالنتيجة انه ليس في النصوص المعتبرة ما يدل علي أنه لو كان المبيع معيبا يجوز رده الا اذا أحدث فيه حادث فتصل النوبة الي الارش و قد ظهر مما ذكرنا ان الجمع بين الروايات أيضا لا يقتضي هذا التفصيل و عليه لا بد من اتمام الامر بالتسالم و الاجماع فتأمل.

(1) لا اشكال في عموم الحكم ان كان المدرك الاشتراط الارتكازي أو كان قاعدة نفي الضرر لوحدة التقريب كما انه لا اشكال في الاختصاص ان كان المدرك الاجماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 101

[مسألة 46: يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد]
اشارة

(مسألة 46): يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد بمعني اختيار عدم الفسخ و منه التصرف في المعيب تصرفا يدل علي اختيار عدم الفسخ (1).

______________________________

لان القدر المتيقن منه ثبوت الحكم في طرف المشتري و أما ان كان المدرك النصوص فما يمكن أن يقال في وجه التعميم امور:

الامر الاول: ان للموضوع المأخوذ في الدليل عنوان الاشتراء لاحظ حديث زرارة و مرسل

جميل «1» و الاشتراء كما يستعمل في مقام الشراء يستعمل في مقام البيع فمقتضي الاطلاق عموم الحكم. و فيه: انه علي فرض صحة المدعي لا اشكال في أن المستفاد من الدليل بيان حكم المبيع المعيب و العرف ببابك و بعبارة اخري:

مقتضي الظهور العرفي كذلك مضافا الي ضعف السند في كلا الحديثين.

الامر الثاني: ان الادلة و ان كانت ظاهرة في المبيع و لكن هذا لأجل الغلبة حيث ان الغالب في الاثمان النقود و العيوب بحسب الغالب في الامتعة و أما في النقود فاقل قليل و هذا وجه التقييد و الا فالحكم عام و فيه: اولا: ان الظهور حجة و حمله علي الغالب لا دليل عليه و بعبارة اخري: لا دليل علي عموم الحكم مع عدم شمول الدليل لمحل النزاع. و ثانيا: كون الغالب في الاثمان النقود في هذه الازمنة و ان كان غير قابل للإنكار لكن كون الغالب كذلك في زمانهم عليهم السلام فغير مسلم فلاحظ.

الامر الثالث: ان الادلة و ان كانت مختصة بالمبيع الا انا نقطع بعموم الحكم.

و فيه ما فيه و ادعاء هذه الدعوي جزاف محض مع الاعتراف بكون التعبديات مرجعها الي أهلها و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر و قد مر الكلام في تقريبه. و علي الجملة الخيار الحقي قابل

______________________________

(1) لاحظ ص: 95 و 92

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 102

[موارد جواز طلب الأرش]

موارد جواز طلب الارش:

لا يجوز فسخ العقد بالعيب و انما يتعين جواز المطالبة بالارش في موارد: الاول: تلف العين. الثاني: خروجها عن الملك ببيع أو عتق أو هبة أو نحو ذلك الثالث: التصرف الخارجي في العين الموجب لتغيير العين مثل تفصيل الثوب و صبغه و خياطته و نحوها الرابع: التصرف الاعتباري اذا كان

كذلك مثل اجارة العين و رهنها.

الخامس: حدوث عيب فيه بعد قبضه من البائع ففي جميع هذه الموارد ليس له فسخ العقد برده (1).

______________________________

للإسقاط قولا و فعلا فان كان مراد الماتن من اختيار عدم الفسخ اسقاط الخيار يسقط و ان كان مراده ان مجرد اختيار عدم الفسخ في مقام العزم و البناء يوجب سقوط الخيار فالامر ليس كذلك.

(1) الماتن تعرض في المقام لفروع ينبغي جعل كل واحد منها مورد البحث و بيان حكمه حسب ما يستفاد من الادلة.

الفرع الاول: انه لو تلف العين تلفا حقيقيا يسقط خيار العيب و يتعين جواز اخذ الارش و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه: الوجه الاول: الاجماع و حاله في الاشكال ظاهر الا أن يكون الامر عندهم بمرحلة من الظهور بحيث لا يكون قابلا للإشكال.

الوجه الثاني: مرسل جميل «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان العين اذا كانت قائمة بعينها يجوز الرد و الا يكون له الارش. و المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 103

______________________________

الوجه الثالث: ان المستفاد من جملة من النصوص ان الموضوع لهذا الخيار عنوان الرد و قد سبق ذكر أكثر الروايات في ذيل مسألة 45 في شرح قوله «السابع خيار العيب» الي آخره فراجع و لاحظ الباب 6 من أبواب أحكام العيوب من الوسائل.

و الظاهر ان هذا الوجه لا بأس للاستدلال به علي المدعي فان المستفاد من هذه النصوص ان الموضوع عنوان الرد و مع عدم امكانه لا موضوع له هذا بالنسبة الي الرد و أما بالنسبة الي أخذ الارش فقد مر الاشكال في عدم دليل علي الكبري الكلية بأن نقول: كلما سقط حق الرد يثبت حق أخذ الارش نعم

الحكم في الجملة مستفاد من النصوص الا أن يتم المدعي بالتسالم و الاجماع.

الفرع الثاني: انه يسقط الخيار اذا خرج العين عن الملك ببيع أو هبة أو عتق أو نحو ذلك و يمكن الاستدلال علي المدعي بأن المستفاد من النصوص كما تقدم عنوان الرد و المراد به رد العين بالرد الملكي اي يرد العين في ملك البائع و مع خروجها عن ملكه بأحد أسبابه لا يمكن ردها فلا خيار للمشتري بالنسبة الي العين نعم اذا أمكن استرداد العين في الملك بأن كان له الخيار ففسخ العقد الثاني و انتقل المبيع في ملكه أو انتقل اليه بناقل غير اختياري كالإرث مثلا لا يبعد أن يقال بجواز الردفان مقتضي اطلاق ادلة جواز الرد جوازه.

و بعبارة اخري: يصدق عنوان الموضوع المأخوذ في الدليل و هو الرد فان الرد عبارة عن اعادة العين في ملك البائع. و افيد في بعض الكلمات انه لا بد من التفصيل بين الفسخ و غيره من الاسباب بأن يقال: اذا رجعت العين الي المشتري بالفسخ يجوز الرد الي البائع و الا فلا و الوجه فيه ان هذا الحق متعلق بالعين اي رد ربطها الملكي فلا بد من رعاية صدق هذا العنوان و الحال ان الملكية الحاصلة من غير الفسخ مغايرة للملكية الحاصلة من قبل البائع و أما مع الفسخ فترد تلك الملكية

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 104

نعم يثبت له الارش ان طالبه (1).

______________________________

الاولية فلا بد من التفصيل. و فيه: انه ليس دليل علي هذه الدعوي بل الموضوع المأخوذ في الدليل رد العين الي مالكها و هذا العنوان يصدق علي الاطلاق فلاحظ هذا بالنسبة الي الفسخ و أما بالنسبة الي الارش فالكلام هو الكلام و القصور

في المقتضي الا أن يتم الامر بالتسالم عند الاصحاب.

الفرع الثالث: ان التصرف الخارجي في العين المغير لها كصبغ الثوب أو خياطته يوجب سقوط الخيار. و فيه: انه لا دليل معتبر علي هذه الدعوي الا أن يتم بالإجماع و اللّه العالم.

الفرع الرابع: ان التصرف الاعتباري كالإجارة كالتصرف الخارجي يوجب السقوط و الكلام فيه هو الكلام و أما الكلام من حيث الارش في هذا الفرع و سابقه هو الكلام و الاشكال هو الاشكال.

الفرع الخامس: انه ان حدث في العين حدث بعد القبض من البائع يسقط خيار الرد. و ما يمكن ان يستدل به علي المدعي وجهان: احدهما: الاجماع فان تم اجماع تعبدي كاشف عن قوله عليه السلام فهو و الا فلا يتم و هل يمكن تحصيله؟.

ثانيهما: قوله عليه السلام في حديث جميل «1» «ان كان الشي ء» الي آخره بتقريب: ان الموضوع للخيار ما يكون قائما بعينه و المفروض أن بعد حدوث العيب لا تكون العين باقية بعينها. و فيه: انه قد مر ان الرواية ضعيفة بالارسال.

(1) و قد مر الاشكال فيه و ان الادلة قاصرة عن اثباته الا أن يتم الامر بالتسالم فتأمل. و يظهر من عبارة المتن ان دفع الارش من قبل البائع متوقف علي مطالبة المشتري و الحال ان المستفاد من جملة من النصوص «2» انه مع كون المبيع

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

(2) لاحظ ص: 95 و 96 و 97

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 105

نعم اذا كان حدوث عيب آخر في زمان خيار آخر للمشتري كخيار الحيوان مثلا جاز ردّه (1).

[مسألة 47: يسقط الأرش دون الرد فيما لو كان العيب لا يوجب نقصا في المالية]

(مسألة 47): يسقط الارش دون الرد فيما لو كان العيب لا يوجب نقصا في المالية كالخصاء في العبيد اذا اتفق تعلق غرض نوعي به بحيث

صارت قيمة الخصي تساوي قيمة الفحل (2).

و اذا اشتري ربويا بجنسه فظهر عيب في أحدهما قيل لا ارش حذرا من الربا لكن الاقوي جواز أخذ الارش (3) يسقط الرد و الارش بأمرين: الاول: العلم بالعيب قبل العقد (4).

______________________________

معيبا يجب علي البائع الارش.

(1) اذ المدعي سقوط خيار العيب بحدوث الحادث في العين و أما غير خيار العيب كخيار الحيوان فلا وجه لسقوطه كما هو ظاهر.

(2) كما هو ظاهر اذ لا موضوع للأرش مع فرض عدم النقصان.

(3) الظاهر ان ما أفاده تام اذ الارش غرامة عينت من قبل الشارع و لا ترتبط بالثمن و لذا لا يجب ادائها منه و علي الجملة: لا تفاضل في المعاوضة بين الربويين و لا يصدق العنوان المحرم فلا وجه لعدم الجواز.

(4) بلا خلاف و لا اشكال- كما نقل عن الشيخ قدس سره- و الذي يمكن أن يقال في هذا المقام: ان المدرك لخيار العيب ان كان الاجماع فلا اجماع في المقام ان لم يكن علي خلافه و ان كان حديث لا ضرر و لا ضرار فلا مجال للأخذ به في المقام اذ مع العلم بالعيب لا يكون رفع اللزوم امتنانيا فتأمل. مضافا الي ما مر من أن الخيار لا يستفاد من القاعدة.

و يضاف الي ما ذكر ان الاستدلال علي فرض تماميته انما يتم علي مسلك

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 106

______________________________

المشهور لا علي مسلك شيخ الشريعة قدس سره، و ان كان المدرك الشرط الارتكازي فلا مجال للاشتراط مع العلم بالعيب و ان كان المدرك النصوص فيمكن أن يستدل علي المدعي بحديث زرارة «1» فان المستفاد من الحديث ان الخيار متوقف علي الجهل بالعيب و لكن قد مران الحديث ضعيف سندا نعم يمكن

استفادة المدعي من جملة من النصوص لاحظ احاديث طلحة و منصور و محمد بن مسلم و عبد الرحمن و حماد و ابن سنان و رفاعة «2».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الجارية فيقع عليها فيجدها حبلي قال: يردها و يرد معها شيئا «3».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يشتري الحبلي فينكحها و هو لا يعلم قال: يردها و يكسوها «4».

و ما رواه فضيل مولي محمد بن راشد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع جارية حبلي و هو لا يعلم فنكحها الذي اشتري قال: يردها و يرد نصف عشر قيمتها (ثمنها خ ل) «5».

و ما رواه سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في رجل باع جارية حبلي و هو لا يعلم فنكحها الذي اشتري قال: يردها و يرد نصف عشر قيمتها «6»

______________________________

(1) لاحظ ص: 95

(2) لاحظ ص: 98 و 99

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 8

(6) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 107

الثاني تبرؤ البائع من العيوب بمعني اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الارش (1).

______________________________

و ما رواه ميسر «1».

فان المستفاد من هذه الروايات بحسب الفهم العرفي ان الخيار معلق علي الجهل بالعيب. و بعبارة اخري: يفهم من هذه الروايات ان المدار في ثبوت خيار العيب وجدان العيب و العلم به بعد البيع مضافا الي أن جملة من النصوص المشار اليها تدل علي المدعي بالمفهوم لاحظ احاديث منصور و عبد الرحمن و حماد و

ميسر «2».

(1) تارة يقع الكلام في التبري بالمعني الظاهر منه و ما يتبادر منه عند العرف و اخري في التبري بالمعني المذكور في المتن أما بالمعني الظاهر منه فيدل علي كونه مسقطا للخيار حديثان: احدهما ما رواه زرارة «3».

ثانيهما: ما رواه جعفر بن عيسي قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك المتاع يباع فيمن يزيد فينادي عليه المنادي فاذا نادي عليه برئ من كل عيب فيه فاذا اشتراه المشتري و رضيه و لم يبق إلا نقد الثمن فربما زهد فاذا زهد فيه ادعي فيه عيوبا و انه لم يعلم بها فيقول المنادي قد برئت منها فيقول المشتري:

لم اسمع البراءة منها أ يصدق فلا يجب عليه الثمن أم لا يصدق فيجب عليه الثمن؟

فكتب: عليه الثمن «4».

و كلا الحديثين ضعيفان أما الاول فبموسي بن بكر و أما الثاني فبابني عيسي

______________________________

(1) لاحظ ص: 97

(2) لاحظ ص: 98 و 99 و 97

(3) لاحظ ص: 95

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب أحكام العيوب

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 108

[مسألة 48: الأقوي أن هذا الخيار أيضا ليس علي الفور]

(مسألة 48): الاقوي ان هذا الخيار أيضا ليس علي الفور (1).

[مسألة 49: المراد من العيب ما كان علي خلاف مقتضي الخلقة الأصلية]

(مسألة 49): المراد من العيب ما كان علي خلاف مقتضي الخلقة الاصلية سواء أ كان نقصا مثل العور و العمي و الصمم و الخرس و العرج و نحوها أم زيادة مثل الاصبع الزائدة و اليد الزائدة (2).

______________________________

و أما بالمعني المذكور في المتن فيجوز علي القاعدة اذ اعمال الخيار ليس واجبا بل امر جائز و باشتراط عدم اعماله يجب كما ان مطالبة الارش كذلك لكن لو عصي و فسخ العقد يلزم الانفساخ اذ الاشتراط لا يسقط حقه و كذلك الحال بالنسبة الي الارش مضافا الي أنه قد مر ان المستفاد من بعض النصوص ان وجوب دفع الارش لا يتوقف علي مطالبة فالاشتراط المذكور لا يوجب سقوط الارش بل يجب علي البائع دفعه و لو مع اشتراط عدم المطالبة فلاحظ.

(1) اذ لا مقتضي للفورية أما علي تقدير كون مدركه النصوص الخاصة فمقتضي اطلاقها عدم الفورية كما انه لو كان المدرك الاشتراط الارتكازي أو قاعدة لا ضرر فالامر كذلك أيضا لعدم المقتضي للتقييد و الفورية نعم لو كان المدرك الاجماع فالقدر المتيقن منه هو الفورية.

(2) لا اشكال في أن العيب بما له من المفهوم أمر عرفي ففي كل مورد صدق هذا العنوان يترتب عليه حكمه فالميزان صدق هذا المفهوم بلا فرق بين كونه ناشيا عن الزياده أم عن النقيضة و بلا فرق بين أن يكون علي خلاف الخلقة الاصلية و بين غيره.

نعم المستفاد من خبر السياري قال: روي عن ابن أبي ليلي انه قدم اليه رجل خصما له فقال: ان هذا باعني هذه الجارية فلم اجد علي ركبها حين كشفتها شعرا و زعمت انه لم يكن لها

قط قال: فقال له ابن ابي ليلي: ان الناس يحتالون لهذا بالحيل حتي يذهبوا به فما الذي كرهت؟ قال: ايها القاضي ان كان عيبا فاقض لي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 109

أما ما لم يكن علي خلاف مقتضي الخلقة الاصلية لكنه كان عيبا عرفا مثل كون الارض موردا لنزول العساكر ففي كونه عيبا بحيث يثبت به الارش اشكال و ان كان الثبوت هو الاظهر (1).

[مسألة 50: إذا كان العيب موجودا في أغلب أفراد ذلك الصنف مثل الثيبوبة في الاماء فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه]

(مسألة 50): اذا كان العيب موجودا في أغلب أفراد ذلك الصنف مثل الثيبوبة في الاماء فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه (2).

______________________________

به قال: اصبر حي أخرج إليك فاني اجد أذي في بطني ثم دخل و خرج من باب آخر فأتي محمد بن مسلم الثقفي فقال له: أي شي ء تروون عن أبي جعفر عليه السلام في المرأة لا يكون علي ركبه شعر يكون ذلك عيبا؟ فقال محمد بن مسلم: أما هذا نصا فلا أعرفه و لكن حدثني أبو جعفر عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال: كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب فقال له ابن أبي ليلي حسبك ثم رجع الي القوم فقضي لهم بالعيب «1» أن الميزان في العيب خروج العين عن الخلقة الاصلية بالنقيصة أو بالزيادة و لكن الخبر لا اعتبار به بالارسال و غيره.

(1) قد ظهر مما تقدم عدم وجه للتقييد فالصحيح ما في المتن من اطلاق الحكم.

(2) يمكن أن يكون الوجه فيه انصراف نصوص الباب عن هذا النوع من العيب نعم في خصوص الثيبوبة ورد النص الخاص لاحظ ما رواه سماعة قال:

سألته (سألت أبا عبد اللّه خ ل) عن رجل باع جارية علي أنها بكر

فلم يجدها علي ذلك قال: لا ترد عليه و لا يوجب «يجب خ» عليه شي ء انه يكون يذهب في حال مرض أو أمر يصيبها «2».

و حيث ان الحديث معتبر سندا لا بد من الالتزام به فان المذكور فيه في كلامه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أحكام العيوب.

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 110

[مسألة 51: لا يشترط في العيب أن يكون موجبا لنقص المالية]

(مسألة 51): لا يشترط في العيب أن يكون موجبا لنقص المالية (1) نعم لا يثبت الارش اذا لم يكن كذلك كما تقدم (2).

[مسألة 52: كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض]

(مسألة 52): كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض فيجوز رد العين به (3).

______________________________

عليه السلام «انه يكون يذهب في حال مرض أو أمر يصيبها» مضافا الي أن المذكور في الخبر انه باعها علي أنها بكر و لا اشكال ظاهرا في تحقق الخيار مع الاشتراط و صاحب الوسائل قدس سره حمل الرواية علي عدم الاشتراط في متن العقد و اللّه العالم.

(1) لإطلاق الدليل.

(2) لعدم موضوعه كما تقدم.

(3) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجهان: الوجه الاول الاجماع قال في الجواهر- في مقام اثبات الخيار بالعيب الحادث قبل القبض و بعد العقد-:

«بلا خلاف بل حكي الاجماع عليه غير واحد» «1».

الوجه الثاني النصوص الدالة عموما أو خصوصا علي أن تلف المبيع قبل قبضه من مال بايعه لاحظ ما عن عوالي اللآلي عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال: كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه «2».

و ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري متاعا من رجل و أوجبه غير أنه ترك المتاع عنده و لم يقبضه قال: آتيك غدا إن شاء اللّه، فسرق المتاع من مال من يكون قال: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتي يقبض

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 23 ص: 241

(2) مستدرك الوسائل الباب 9 من أبواب الخيار

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 111

______________________________

المتاع و يخرجه من بيته فاذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتي يرد ماله اليه «1».

و تقريب الاستدلال بهذه

الطائفة من الاخبار علي المدعي مع ان موردها تلف العين ان المراد من كون التلف علي البائع كون المبيع بعد في عهدته و كأن المعاملة لا تتم الا بالقبض فيكون ذكر التلف من باب كونه أظهر الافراد ثم ان معني كون العهدة عليه ان التلف و العيب كأنه في ملكه فالمراد بالضمان ضمان المعاملة لا ضمان اليد.

و حاصل المراد ان تلف تمام المبيع كتلفه قبل البيع و كذا تلف بعضه و كذا عيبه قبل القبض كعيبه و هو في ملك المالك البائع و لازم ذلك الانفساخ بالنسبة الي الكل في صورة تلفه و الانفساخ في بعضه في صورة تلف البعض و ثبوت الخيار في الصورة الثالثة و ليس المراد من كونه من مال البائع انه يؤخذ منه عوضه علي وجه الغرامة لان ضمانه ضمان المعاملة لا ضمان اليد.

و صفوة القول: ان المستفاد من النصوص ان الشارع الاقدس جعل المبيع قبل القبض في حكم المبيع قبل البيع و العقد و يترتب عليه ان تلف المبيع يوجب الانفساخ مطلقا و تلف البعض يوجب انفساخ بعض المبيع و حدوث العيب فيه يوجب الخيار.

لكن الجزم بهذا التقريب مشكل و اسراء الحكم بالنسبة الي العيب الحادث لا دليل عليه و استفادة تنزيل المبيع قبل القبض منزلة المبيع قبل البيع بلا وجه و انما الدليل دال بالنسبة الي التلف بل يمكن الاشكال بالنسبة الي تلف بعض المبيع لان الدليل وارد في تلف الكل و اجراء حكمه بالنسبة الي البعض مشكل اضف الي ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الخيار

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 112

و في جواز اخذ الارش به قولان اظهرهما عدم الجواز اذا لم يكن العيب بفعل المشتري (1) و

الا فلا أثر له (2).

[مسألة 53: يثبت خيار العيب في الجنون و الجذام و البرص و القرن اذا حدث بعد العقد الي انتهاء السنة من تاريخ الشراء]

(مسألة 53): يثبت خيار العيب في الجنون و الجذام و البرص و القرن اذا حدث بعد العقد الي انتهاء السنة من تاريخ الشراء (3).

[مسألة 54: كيفية أخذ الأرش أن يقوم المبيع صحيحا ثم يقوم معيبا]

(مسألة 54): كيفية أخذ الارش أن يقوم المبيع صحيحا ثم يقوم معيبا و تلاحظ النسبة بينهما ثم ينقص من الثمن المسمي بتلك النسبة فاذا قوم صحيحا بثمانية و معيبا بأربعة و كان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف و هو اثنان و هكذا (4).

______________________________

كله ان السند في كلا الحديثين ضعيف فلا بد من اتمام الامر بالنسبة الي الخيار بالإجماع و التسالم فتأمل.

و أما الارش فحيث ان المسألة محل الكلام و الاشكال فالقاعدة تقتضي عدم جواز اخذه اذ ثبوت الارش يحتاج الي الدليل و حيث ليس دليل عليه في المقام فلا مجال للالتزام به.

(1) قد ظهر مما تقدم وجه الاظهرية.

(2) اذ العيب لو كان بفعل المشتري لا يكون ضمانه علي البائع بل ضمانه علي نفسه كما أن تلف العين باتلاف المشتري يكون ضمانه عليه فلا أثر للتلف الذي يكون بفعل المشتري فلاحظ.

(3) لاحظ حديث أبي همام «1».

(4) وقع الكلام بين الاعلام في أن الارش الوارد في المقام ما به التفاوت بين الصحيح و المعيب بحسب القيمة الواقعية و مع قطع النظر عن العقد الواقع أو

______________________________

(1) لاحظ ص: 96

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 113

______________________________

المراد منه ما به التفاوت بالنسبة الملحوظة بينهما بحسب الثمن الواقع في مقابل المبيع؟ و لا بد من ملاحظة النصوص الواردة في المقام و الاخذ بما يستفاد منها فمن تلك النصوص ما رواه ابن سنان «1».

و لا اشكال في أن المستفاد من هذه الرواية ان الارش ما به التفات بين الصحيح و المعيب بلحاظ الثمن فان قوله عليه السلام «و

يوضع عنه من ثمنها» صريح في أن الارش بعض من الثمن فالعبرة بما هو التفاوت بلحاظ الثمن لا بحسب الواقع.

و منها: ما رواه طلحة بن زيد «2» و المستفاد من هذه الرواية أيضا كذلك حيث قال عليه السلام: «ثم يرد البائع علي المبتاع فضل ما بين الصحة و الداء» فان المستفاد من رد فضل ما بين الصحة و الداء ان الميزان ملاحظة ما به التفاوت بلحاظ الثمن و هذه الرواية مخدوشة سندا حيث ان طلحة بن زيد لم يوثق.

و منها: ما رواه منصور بن حازم «3» و الكلام في هذه الرواية هو الكلام في الرواية الثانية و التقريب هو التقريب. و منها: ما رواه محمد بن مسلم «4» و التقريب من حيث الاستدلال بهذه الرواية هو التقريب أيضا فان المستفاد من الرد أن ما به التفاوت يرد الي المشتري من الثمن.

و منها ما رواه زرارة «5» و هذه الرواية واضحة الدلالة علي أن المدار هو الثمن لا الواقع حيث قال عليه السلام «و كان يضع له من ثمنها بقدر عيبها»

______________________________

(1) لاحظ ص: 95

(2) لاحظ ص: 98

(3) لاحظ ص: 98

(4) لاحظ ص: 99

(5) لاحظ ص: 99

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 114

و يرجع في معرفة قيمة الصحيح و المعيب الي أهل الخبرة (1).

______________________________

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «1» و تقريب الاستدلال بالرواية علي أن الميزان ملاحظة الثمن يظهر مما تقدم. و منها: ما رواه محمد بن ميسر «2» و تقريب الاستدلال بهذه الرواية عين التقريب المتقدم و منها: ما رواه حماد بن عيسي «3» و لا يبعد أن يقال: ان هذه الرواية مجملة و لا يكون المراد منه معلوما لكن يكفي ما

لا يكون كذلك.

و ان تنزلنا و قلنا ان مقتضي اطلاق قوله عليه السلام: و يأخذ ارش العيب» النسبة الواقعية نقول بمقتضي بقية النصوص نرفع اليد عن اطلاق هذه الرواية و نقيدها و نقول: المقصود من الارش ما يكون ما به التفاوت بالنسبة الي الثمن و ان شئت قلت: ان الامر بدفع الارش لو لم يكن مقرونا بقرينة يفهم منه ما به التفاوت بحسب الواقع و أما في المقام فلا يستفاد منه ذلك لان المفروض وقوع المعاملة بين المبيع و الثمن و بهذا اللحاظ ينسبق الي الذهن ما به التفاوت بلحاظ الثمن و لا أقلّ من الاجمال و علي كلا التقديرين تكفي بقية النصوص لإثبات المدعي مضافا الي أن مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي ذلك لان لحاظ النسبة الواقعية قد توجب ان البائع يرد الي المشتري أضعاف مقدار الثمن الذي اخذه من المشتري و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

(1) اذ قول أهل الخبرة حجة و السيرة جارية علي العمل بقولهم و الشارع الاقدس امضي هذه السيرة و ان شئت قلت: ان وظيفة الجاهل الرجوع الي العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 99

(2) لاحظ ص: 99

(3) لاحظ ص: 99

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 115

و تعتبر فيهم الامانة و الوثاقة (1).

[مسألة 55: إذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح و المعيب]

(مسألة 55): اذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح و المعيب فان اتفقت النسبة بين قيمتي الصحيح و المعيب علي تقويم بعضهم مع قيمتها علي تقويم البعض الاخر فلا اشكال كما اذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب باربعة و بعضهم الصحيح بستة و المعيب بثلاثة فان التفاوت علي كل من التقويمين يكون بالنصف فيكون الارش نصف الثمن (2) و اذا اختلفت النسبة كما اذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية و

المعيب بأربعة و بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بستة ففيه وجوه و أقوال و الذي تقتضيه القواعد لزوم الاخذ بقول اقواهم خبرة (3) و الاحوط التصالح (4).

[مسألة 56: إذا اشتري شيئين بثمنين صفقة فظهر عيب في أحدهما كان له الخيار في رد المعيب وحده]

(مسألة 56): اذا اشتري شيئين بثمنين صفقة فظهر عيب في احدهما كان له الخيار في رد المعيب (5) وحده (6) فان اختار الرد كان

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ مع عدم الوثوق لا يمكن اتباعه و لا دليل علي اعتباره و الماتن جمع بين الامانة و الوثاقة فان كان العطف تفسيريا فهو و الا لا يكون المراد واضحا.

(2) كما هو ظاهر و الامر كما أفاده.

(3) فان الوظيفة العقلائية عند التعارض الرجوع الي الاعلم كما هو المقرر في جمع الموارد.

(4) لا اشكال في أنه احوط.

(5) اذ المفروض ظهور العيب المقتضي للخيار فله رده.

(6) يمكن أن يقال: ان المشتري لورد البعض المعيب وحده يثبت له خيار التبعض فيجوز له رد الصحيح و أيضا لا ببعد أن يدل علي المدعي ما رواه عمر بن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 116

للبائع الفسخ في الصحيح (1) و كذا اذا اشتري شيئين بثمن واحد (2) لكن ليس له رد المعيب وحده بل يردهما معا علي تقدير الفسخ (3).

[مسألة 57: إذا اشترك شخصان في شراء شي ء فوجداه معيبا جاز لأحدهما الفسخ في حصته]

(مسألة 57): اذا اشترك شخصان في شراء شي ء فوجداه معيبا جاز لأحدهما الفسخ في حصته و يثبت الخيار للبائع حينئذ علي تقدير فسخه (4).

______________________________

يزيد «1» و قد تعرضنا لفقة الحديث في اول خيار العيب فراجع.

(1) لتبعض الصفقة.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) لان المفروض ان المبيع واحد في مقابل ثمن واحد.

(4) بتقريب: ان البيع ينقسم بانقسام المشتري و تعدده الي بيعين فيثبت خيار العيب بالنسبة الي كل واحد منهما فيجوز التفكيك بينهما في اعمال الخيار و عدمه و قد ذكرت وجوه في المقام لعدم الجواز و عدم الخيار لأحدهما:

منها: ان الخيار يوجب الضرر بالنسبة الي البائع من حيث تبعض الصفقة.

و يرد عليه اولا: انه يلزم عدم

الخيار حتي في صورة تعدد العقد و الحال ان الخصم لا يلتزم به. و ثانيا: ان الدليل اخص من المدعي اذ يمكن فرض عدم تضرر البائع برجوع بعض المبيع اليه. و ثالثا: يتعارض ضرر البائع مع ضرر المشتري بسبب الصبر علي المبيع المعيب. و رابعا: علي فرض تمامية الاستدلال انما يتم علي مسلك المشهور في مفاد قاعدة لا ضرر و أما علي مسلك شيخ الشريعة فلا.

و منها: انه لورد احدهما دون الاخر لا يصدق ان المبيع قائم بعينه و مقتضي

______________________________

(1) لاحظ ص 93

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 117

______________________________

حديث جميل «1» لزوم بقائه قائما بعينه كي يمكن رده باعمال الخيار. و فيه:

اولا: ان السند مخدوش كما سبق. و ثانيا: لا بد أن يكون قائما بعينه قبل اعمال الخيار بأن يقع الفسخ حالكونه قائما بعينه و في المقام التغير يحصل باعمال الخيار فلا يكون مانعا.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 117

و منها: ان دليل الخيار منصرف عن الصورة المفروضة، و فيه: انه لا وجه للانصراف الاقلة الوجود و قلة الوجود لا توجب الانصراف، و بعبارة اخري: المطلق لا ينصرف الا الفرد النادر لا انه منصرف عنه و كم فرق بين الامرين.

اذا عرفت ما تقدم فنقول: دليل الخيار في المقام ان كان اجماع الاصحاب فمن الظاهر عدم شموله للمقام كما هو ظاهر و ان كان المدرك الشرط الارتكازي فلا يمكن ادعاء الارتكاز بالنسبة الي كل واحد من المشتريين في الصورة المفروضة و ان كان المدرك النصوص فالانصاف انها لا تفي بالمدعي و ليس فيها اطلاق من هذه الجهة و أما

أحاديث زرارة و جميل و عقبة «2» فضعيفة و أما حديث عمر بن يزيد «3» فلا يستفاد منه الاطلاق اذ المفروض انهم اراد وارد الثوب المعيب و لا تبعض في الرد و أما احاديث جواز الرد بأحداث السنة فهي صريحة في رد الحيوان المعيب و لا اطلاق فيها من حيث التبعض و أما بقية النصوص فعدم دلالتها علي المدعي ظاهر لمن راجعها فالنتيجة: عدم جواز التفكيك و يؤيد ما ذكرنا ما في الجواهر حيث قال:

«كان لهما معا امساكه مع الارش و ليس لأحدهما رد نصيبه دون صاحبه علي المشهور

______________________________

(1) لاحظ ص 92

(2) لاحظ ص: 95 و 92

(3) لاحظ ص: 93

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 118

[مسألة 58: لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري فالأظهر عدم سقوط الخيار]

(مسألة 58): لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري فالاظهر عدم سقوط الخيار فيجوز له الرد مع امكانه (1) و الا طالب بالارش (2).

[تذنيب في أحكام الشرط]

اشارة

تذنيب في أحكام الشرط:

كما يجب الوفاء بالعقد اللازم يجب الوفاء بالشرط المجعول فيه كما اذا باعه فرسه بثمن معين و اشترط عليه أن يخيط له ثوبه فان البائع يستحق علي المشتري الخياطة بالشرط فتجب عليه خياطة ثوب البائع (3).

______________________________

بين الاصحاب نقلا و تحصيلا» «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(1) فان المناط هو الواقع و لا دخل للعلم بالعيب في تحقق موضوع الخيار و ترتب الحكم عليه فمقتضي اطلاق الدليل ثبوت الخيار في الفرض المذكور.

(2) علي ما هو المقرر عند القوم و قد مر الاشكال في دليل الارش و قصوره الا في موارد خاصة فلاحظ.

(3) بلا اشكال و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له و لا يجوز علي الذي اشترط عليه و المسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب اللّه عز و جل «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المسلمون عند شروطهم

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 23 ص: 249

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 119

______________________________

الاكل شرط خالف كتاب اللّه عز و جل فلا يجوز «1».

و منها: ما رواه ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشرط في الاماء لاتباع و لا توهب قال: يجوز ذلك غير الميراث فانها تورث لان كل شرط خالف الكتاب باطل «2»

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن

جعفر عن أبيه عليه السلام ان علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول: من شرط لامرأته شرطا فليف لها به فان المسلمين عند شروطهم الا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما «3».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الشرط في الاماء لاتباع و لا تورث و لا توهب فقال: يجوز ذلك غير الميراث فانها تورث و كل شرط خالف كتاب اللّه فهورد «4».

و منها: ما رواه جميل عن بعض أصحابنا عن احدهما عليهما السلام في رجل اشتري جارية و شرط لأهلها أن لا يبيع و لا يهب قال: يفي بذلك اذ اشرط لهم «5».

و منها: ما رواه منصور بزرج عن عبد صالح عليه السلام قال: قلت له: ان رجلا من مواليك تزوج امرأة ثم طلقها فبانت منه فأراد أن يراجعها فأبت عليه الا أن يجعل للّه عليه أن لا يطلقها و لا يتزوج عليها فأعطاها ذلك ثم بدا له في التزويج بعد ذلك فكيف يصنع؟ فقال: بئس ما صنع و ما كان يدريه ما يقع في قلبه بالليل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 2

(2) نفس المصدر الحديث 3

(3) نفس المصدر الحديث 5

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب بيع الحيوان الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 120

______________________________

و النهار قل له: فليف للمرأة بشرطها فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال:

المؤمنون عند شروطهم «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل قال لامرأته: ان تزوجت عليك أوبت عنك فأنت طالق فقال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من شرط لامرأته شرطا سوي كتاب اللّه عز

و جل لم يجز ذلك عليه و لا له الحديث «2».

و منها: ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن كاتب مملوكا و اشترط عليه ان ميراثه له قال: رفع ذلك الي علي عليه السلام فأبطل شرطه و قال:

شرط اللّه قبل شرطك «3».

و منها: ما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه أن رجلا كاتب عبدا له و شرط عليه أن له ماله اذا مات فسعي العبد في كتابته حتي عتق ثم مات فرفع ذلك الي علي عليه السلام و قام أقارب المكاتب فقال له سيد المكاتب: يا أمير المؤمنين فما ينفعني شرطي؟ فقال علي عليه السلام شرط اللّه قبل شرطك «4».

فان المستفاد من هذه النصوص صحة الشرط و نفوذه و بعبارة واضحة، قوله عليه السلام: «المسلمون عند شروطهم» يدل علي لزوم الشرط و عدم انفساخه برفع اليد عنه، و ان شئت قلت: ان الشرط عبارة عن الالتزام بأمر كخياطة الثوب مثلا و لا يعقل وجود الالتزام بفعل و عدم الاتيان به هذا من ناحية و من ناحية اخري ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب المهور الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب موانع الارث الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 121

و يشترط في وجوب الوفاء بالشرط أمور: منها: أن لا يكون مخالفا للكتاب و السنة (1).

______________________________

المستفاد من النصوص بقاء هذا الالتزام في وعاء الشرع فاذا كان باقيا شرعا يجب ترتيب الاثر عليه و إلا فلا معني لبقائه.

و صفوة القول: ان المستفاد من قولهم عليهم السلام: «المؤمنون عند شروطهم» ما هو المستفاد من قوله تعالي: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «1» فان

المستفاد في كلا المقامين الارشاد الي اللزوم و من الظاهر ان رتبة اللزوم متأخرة عن الصحة فكل شرط مع اجتماع شرائطه المقررة صحيح لازم شرعا و هذا هو المدعي.

(1) وقع الكلام بين القوم في أنه ما المراد من الكتاب الواقع في النصوص فهل المراد منه هو القرآن الكريم أو المراد منه الكتاب التشريعي اي الكتاب التشريعي الاعم من القرآن و بعبارة اخري: المقصود منه الحكم الشرعي الالهي؟ ربما يقال:

بأن المراد من الكتاب الكتاب التشريعي لا القرآن المقدس و يستدل بما ارسل عن علي عليه السلام انه قال: أرادت عائشة أن تشتري بريرة فاشترط مواليها عليها ولاها فاشترتها منهم علي ذلك الشرط فبلغ ذلك رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فصعد المنبر فحمد اللّه و أثني عليه ثم قال: ما بال قوم يشترطون شروطا ليست في كتاب اللّه يبيع احدهم الرقبة و يشترط الولاء و الولاء لمن أعتق و شرط اللّه آكد و كل شرط خالف كتاب اللّه فهورد الخبر «2».

بتقريب: ان الاشتراط المذكور يخالف الكتاب فهو فاسد اذ ليس في القرآن من الحكم المذكور أثر لا نفيا و لا اثباتا. ان قلت: مقتضي قوله تعالي: «وَ يُحِلُّ

______________________________

(1) المائدة/ 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 5 من أبواب الخيار الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 122

______________________________

لَهُمُ الطَّيِّبٰاتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبٰائِثَ» «1» ان جميع الامور المحللة و المحرمة مذكورة في الكتاب فكيف لا يكون مذكورا؟ قلت: اولا: ان الظاهر من الاية الحلية التكليفية و الحرمة كذلك فلا تشمل الاية الوضعيات و ثانيا ان المستفاد من الاية الكريمة ان اللّه تبارك و تعالي احل الطيبات و حرم الخبائث و أما تمييز الطيب من غيره فلا بد من البيان

و بعبارة اخري: لا يمكننا أن نحكم بأن الامر الفلاني طيب أو خبيث.

و فيه: ان الخبر المذكور لا اعتبار بسنده فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها و تأويلها، و الحق ان يقال: ان المراد بالكتاب القرآن الكريم للظهور فان الظهور حجة مضافا الي أنه قيل انه قد جمع في بعض النصوص بين الكتاب و السنة و التقسيم قاطع للشركة فالمراد من الكتاب القرآن الكريم. ثم ان الشرط لا بد أن يكون موافقا للكتاب أو أن لا يكون مخالفا له و العمدة النصوص الواردة في المقام و ملاحظة ما يستفاد منها فمن تلك النصوص الواردة ما رواه عبد اللّه بن سنان «2» و في هذه الرواية قد جمع بين الامرين فجعل في صدر الرواية الميزان في صحة الشرط عدم كونه مخالفا لكتاب اللّه و في الذيل جعل الميزان موافقته ربما يقال- كما في كلام السيد اليزدي قدس سره-: انه لا تنافي بين الامرين لما قرر في محله من عدم التنافي بين المثبتين.

و يرد عليه: ان اشتراط الموافقة يغني عن الاخر اذ لا يعقل أن يكون الشرط موافقا مع الكتاب و مع ذلك يكون مخالفا له فعليه يقع التعارض بين الصدر و الذيل و تصير الرواية مجملة و غير قابلة لأن يستفاد منها شي ء، و منها: ما رواه أيضا «3» و المستفاد من هذه الرواية ان الميزان عدم كون الشرط مخالفا للكتاب.

______________________________

(1) الاعراف/ 158

(2) لاحظ ص: 118

(3) لاحظ ص 118

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 123

______________________________

و منها ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجلين اشتركا في مال و ربحا فيه ربحا و كان المال دينا عليهما فقال أحدهما لصاحبه: اعطني رأس المال و الربح

لك و ما توي فعليك فقال: لا بأس به اذا اشترط عليه و ان كان شرطا يخالف كتاب اللّه عز و جل فهو رد الي كتاب اللّه عز و جل الحديث «1». و المستفاد من هذه الرواية ان الميزان عدم المخالفة و السند ضعيف بعلي بن حديد.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار «2» و المستفاد من هذه الرواية عدم كون الشرط محللا للحرام أو محرما للحلال و السند ضعيف بغياث بن كلوب و الخشاب.

و منها: ما رواه ابن سنان «3» و المستفاد من هذه الرواية ان المناط في الفساد كون الشرط مخالفا للكتاب. و منها: ما رواه الحلبي «4» و المستفاد من هذه الرواية ان الميزان عدم المخالفة للكتاب. و منها: ما رواه جميل «5» و المستفاد من الحديث ان الميزان بعدم المخالفة و منها: ما رواه ابو البختري «6» و الكلام فيه هو الكلام و السند ضعيف. و منها: ما رواه الحلبي «7» و المستفاد من هذه الرواية انه يلزم موافقة كتاب اللّه لكن الرواية نقلت تارة بهذا النحو. «من شرط لامرأته» و اخري علي نحو الاطلاق بلا قيد لامرأته «8» و اذا دار الامر بين

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار، الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 119

(3) لاحظ ص: 119

(4) لاحظ ص: 119

(5) لاحظ ص: 120

(6) لاحظ ص: 120

(7) لاحظ ص: 120

(8) الوسائل الباب 18 من أبواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 124

______________________________

الزيادة و النقيصة يرجح احتمال النقيصة و الرواية مع الزيادة واردة في مورد خاص و حكم مخصوص لا يستفاد منها عموم الحكم و اطلاقه.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام في

رجل تزوج امرأة و شرط لها ان هو تزوج عليها امرأة أو هجرها أو اتخذ عليها سرية فهي طالق فقضي في ذلك أن شرط اللّه قبل شرطكم فان شاء و في لها لما اشترط و ان شاء أمسكها و اتخذ عليها و نكح عليها «1»، و هذه الرواية ضعيفة سندا بالحسن بن علي.

و منها ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال لامرأته: ان نكحت عليك أو تسريت فهي طالق قال: ليس ذلك بشي ء ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من اشترط شرطا سوي كتاب اللّه فلا يجوز ذلك له و لا عليه «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا فان طريق الشيخ الي علي بن اسماعيل مجهول علي ما ذكره الحاجياني مضافا الي النقاش في علي بن اسماعيل.

و منها: ما رواه زرارة ان ضريسا كانت تحته بنت حمران فجعل لها أن لا يتزوج عليها و لا يتسري أبدا في حياتها و لا بعد موتها علي ان جعلت له هي أن لا تتزوج بعده أبدا و جعلا عليهما من الهدي و الحج و البدن و كل مال لهما في المساكين ان لم يف كل واحد منهما لصاحبه ثم انه أتي أبا عبد اللّه عليه السلام فذكر ذلك له فقال: ان لابنة حمران لحقا و لن يحملنا ذلك علي أن لا نقول لك الحق اذهب فتزوج و تسرفان ذلك ليس بشي ء و ليس عليك و لا عليها و ليس ذلك الذي صنعتما بشي ء فجاء فتسري و ولد له بعد ذلك أولادا «3» و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر و الرواية ضعيفة بسندها الاخر أيضا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من

أبواب المهور الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث 2

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب المهور الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 125

______________________________

و منها: ما رواه العياشي في تفسيره عن ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة تزوجها رجل و شرط عليها و علي أهلها ان تزوج عليها امرأة أو هجرها أو أتي عليها سرية فانها طالق فقال: شرط اللّه قبل شرطكم ان شاء و في بشرطه و ان شاء أمسك امرأته و نكح عليها و تسري عليها و هجرها ان أتت بسبيل ذلك قال اللّه تعالي في كتابه: «فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنيٰ وَ ثُلٰاثَ وَ رُبٰاعَ» و قال: «أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ» و قال:

«وَ اللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ» الاية «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال. اضف الي ذلك انه لا يمكن اشتراط الموافقة اذ ليس حكم كل شي ء مذكور في الكتاب فلو كانت الموافقة شرطا في صحة الشرط يلزم اخراج أكثر الشروط و الحال ان السيرة جارية علي الاشتراط بلا رعاية هذه الشرط. فالنتيجة: ان الميزان عدم المخالفة و يضاف الي جميع ذلك ان المستفاد من حديث منصور بزرج «2» جواز الشرط بلا اشتراط كونه موافقا للكتاب فان الشرط المذكور في الرواية اي عدم التزويج و الطلاق غير مذكور في الكتاب و مثله في الدلالة حديث اسحاق بن عمار «3»

هذا كله بالنسبة الي اشتراط عدم كون الشرط مخالفا للكتاب و أما بالنسبة الي اشتراط عدم كونه مخالفا مع السنة فمضافا الي كون الحكم مورد التسالم بل الظهور و الوضوح و لولاه لبان و ظهر و شاع و ذاع، يمكن الاستدلال علي المدعي بأن المستفاد من ادلة صحة

الشرط و نفوذه ما هو المستفاد من دليل وجوب الوفاء: بالعقود بتقريب:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) لاحظ ص 119

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 126

و يتحقق هذا في موردين: الاول أن يكون العمل بالشرط غير مشروع في نفسه كما اذا استأجره للعمل في نهار شهر رمضان بشرط أن يفطر أو يبيعه شيئا بشرط أن يرتكب محرما من المحرمات الالهية الثاني أن يكون الشرط بنفسه مخالفا لحكم شرعي كما اذا زوجه امته بشرط أن يكون ولدها رقا أو باعه أو وهبه ما لا بشرط أن لا يرثه منه ورثته أو بعضهم و أمثال ذلك فان الشرط في جميع هذه الموارد باطل (1).

______________________________

ان المستفاد من الادلة لزوم الشرط و من الظاهر ان اللزوم فرع الصحة فلا بد من احراز الصحة في الرتبة السابقة اذ الحكم غير متعرض لموضوع نفسه و لا يعقل فلا بد من احراز عدم المخالفة كي يقع تحت دليل نفوذ الشرط و لزومه. و ان شئت قلت:

في كل مورد لا بد من احراز الصحة كي يعرضها اللزوم.

ان قلت: لو احتمل اختصاص صحة الشرط باشتراط الواجب أو ترك المحرم فما الحلية في الحكم بصحة مطلق الشرط مع عدم كون دليل الشرط مشرعا؟ قلت:

او لا يكفي للإطلاق السيرة الخارجية علي اشتراط الامور المباحة و المستحبة و غيرهما و ثانيا: كيف يمكن الاختصاص بفعل الواجب و ترك الحرام و الحال ان نفس الحكم الابتدائي يكفي فيهما و لا يحتاج الي الشرط و ثالثا: يمكن استفادة العموم من النصوص الواردة في الموارد العديدة التي يستفاد منها جواز الشرط علي الاطلاق و لا يختص بخصوص مورد الوجوب و الحرمة و ان شئت

قلت: ان الحكم واضح بمرتبة لا يعتريها الريب و لو لم يكن جائزا لبان و ظهر فلاحظ.

(1) الظاهر ان الجامع أن يكون متعلق الالتزام أمرا مخالفا للشرع و بعبارة اخري: الشرط عبارة عن التزام المشروط عليه بشي ء بلا فرق بين كون الملتزم به

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 127

و منها: أن لا يكون منافيا لمقتضي العقد كما اذا باعه بشرط أن لا يكون له ثمن أو آجره الدار بشرط أن لا يكون لها اجرة (1).

______________________________

فعلا من الافعال كما لو باعه داره و اشترط عليه أن يشرب الخمر و بين كونه أمرا اعتباريا كما لو اشترط عليه في ضمن العقد أن يكون ولده رقا فان الشرط في كلا الموردين باطل لكون متعلق الالتزام مخالفا للشرع و مما ذكرنا علم ان ما أفاده في المتن غير تام بل الحق أن يقال- كما ذكرنا- ان الميزان في البطلان كون متعلق الالتزام خلاف الشرع و بعبارة اخري: القسم الثاني الواقع في عبارة المتن لا يكون الشرط فيه بنفسه مخالفا لحكم شرعي بل المخالف متعلق الالتزام فلاحظ.

(1) الشرط اما يكون علي نحو شرط فعل أو عدمه و اما يكون علي نحو شرط النتيجة أما القسم الاول فلا مانع من اشتراطة ما دام لا يكون مخالفا للشرع كما لو اشترط في ضمن عقد البيع عدم البيع أو بيعه أو اشترط في ضمن عقد البيع خياطة الثوب الي غيرها من الشروط الفعلية و لكن الحق خروج هذا القسم من الشرط من عنوان موضوع البحث اذ الخياطة أو عدمها أو البيع أو عدمها ليست من مقتضيات العقد فخروج هذا القسم موضوعي. و أما القسم الثاني فتارة يشترط عدم تحقق ما يترتب علي العقد كما

لو اشترط عدم تحقق الملكية و عدم ترتبها علي البيع و اخري يشترط عدم ترتب الاحكام المترتبة علي الملكية من جواز البيع و الاجارة و امثالها اما الشق الاول فيفسد الشرط لأوله الي التناقض لان البائع حين البيع يقصد تمليك ماله الي الغير و اشتراط عدم الملكية يناقض العقد الاول.

و ان شئت قلت: مرجع الاشتراط المذكور الي قصد الضدين و العقود تابعة للقصود فيكون العقد باطلا مضافا الي أنه مخالف للشرع فيكون باطلا من هذه الجهة أيضا و أما الشق الثاني فباطل أيضا لأنه شرط أمر مخالف للشرع فلا يصح

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 128

و منها: أن يكون مذكورا في ضمن العقد صريحا أو ضمنا كما اذا قامت القرينة علي كون العقد مبنيا عليه و مقيدا به اما لذكره قبل العقد أو لأجل التفاهم العرفي مثل اشتراط استحقاق التسليم حال التسليم فلو ذكر قبل العقد و لم يكن العقد مبنيا عليه عمدا أو سهوا لم يجب الوفاء به (1).

______________________________

و أما ما ذكره في المتن من البيع بشرط عدم الثمن و الاجارة بشرط عدم الاجرة فالظاهر خروجه عن العنوان اذ عقد البيع متقوم بالمبيع و الثمن كما أن الاجارة متقومة بالمنفعة و الاجرة فاذا فرض العقد خاليا عن الثمن أو الاجرة لا يكون من مصاديق عقد البيع و الاجارة و بعبارة اخري: الثمن في البيع جزء المقتضي كما أن الاجرة في الاجارة جزء المقتضي فهما بنفسهما جزء ان للمقتضي بالكسر و ليسا داخلين في المقتضي بالفتح فلاحظ و اللّه العالم.

(1) ما أفاده تام فان العقود تابعة للقصود و في كل عقد لا بد من الاعتبار النفساني و ابرازه بالمبرز إذ الامور الانشائية لا بد من إنشائها

و ابرازها بمبرز و الا لا يترتب عليها الاثر و يؤيد المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن بكير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا اشترطت علي المرأة شروط المتعة فرضيت به و اوجبت التزويج فاردد عليها شرطك الاول بعد النكاح فان اجازته فقد جاز و ان لم تجزه فلا يجوز عليها ما كان من شرط قبل النكاح «1».

و ما رواه أيضا قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام: ما كان من شرط قبل النكاح هدمه النكاح و ما كان بعد النكاح فهو جائز «2».

______________________________

(1) الوسائل، الباب 19 من أبواب المتعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 129

و منها: أن يكون مقدورا عليه (1) بل لو علم عدم القدرة لم يمكن إنشاء الالتزام به (2).

[مسألة 59: لا بأس بأن يبيع ماله و يشترط علي المشتري بيعه منه ثانيا]

(مسألة 59): لا بأس بأن يبيع ماله و يشترط علي المشتري بيعه منه ثانيا و لو بعد حين (3) نعم لا يجوز ذلك فيما اذا اشترط علي المشتري أن يبيعه باقل مما اشتراه أو يشترط المشتري علي البائع بأن يشتريه بأكثر مما باعه و البيع في هذين الفرضين محكوم بالبطلان (4).

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «وَ لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا تَرٰاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ» فقال: ما تراضوا به من بعد النكاح فهو جائز و ما كان قبل النكاح فلا يجوز الا برضاها و بشي ء يعطيها فترضي به «1».

(1) اذ لو يكن مقدورا لا يمكن أن يكون صحيحا و لا يمكن أن يكون متعلقا لوجوب الوفاء فانه كيف يمكن أن يكون صحيحا و الحال ان المفروض عدم كونه تحت الاختيار.

(2)

اذ الالتزام لا يتعلق بأمر غير ممكن.

(3) أما بحسب القواعد الاولية فالظاهر انه لا مانع من الصحة فلا بد للمانع من اقامة دليل علي الفساد.

(4) ما يمكن أن يذكر في تقريب عدم الجواز وجوه: الوجه الاول: ان مرجع هذا الاشتراط الي الدور الباطل بتقريب: ان كل مشروط يتوقف علي تحقق شرطه فيتوقف البيع الاول علي شرطه و هو البيع الثاني و الحال ان البيع الثاني يتوقف علي البيع الاول، و فيه اولا: ينقض بما لو اشترط بيعه من شخص آخر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 130

[مسألة 60: لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجزا]

(مسألة 60): لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجزا بل يجوز فيه التعليق كما اذا باع داره و شرط علي المشتري أن يكون له السكني فيها شهرا اذا لم يسافر (1) بل الظاهر جواز اشتراط أمر مجهول

______________________________

اذ الكلام فيه هو الكلام و الخصم لا يلتزم بالفساد هناك. و ثانيا: ان البيع الاول معلق علي التزام المشتري بالبيع و غير معلق علي نفس البيع فالبيع الثاني يتوقف علي البيع الاول و أما البيع الاول فهو معلق علي الالتزام بالبيع الثاني.

الوجه الثاني: ان الاشتراط المذكور يستلزم عدم قصد البيع و من الظاهر ان البيع لا يتحقق بلا قصد و فيه: اولا: انه لا اشكال في صحة البيع لو كان قاصدا كل منهما البيع الثاني بلا اشتراط و الحال ان ملاك الفساد موجود في كلتا الصورتين.

و ثانيا: لا تنافي بين قصد البيع و الشرط المذكور بل هذا الشرط يؤكد تحقق القصد فان البائع يقصد البيع الاول مقدمة لتحقق البيع الثاني.

الوجه الثالث: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل باع

ثوبا بعشرة دراهم ثم اشتراه بخمسة دراهم أ يحل؟ قال:

اذا لم يشترط و رضيا فلا بأس و رواه علي بن جعفر في كتابه الا أنه قال: بعشرة دراهم الي أجل ثم اشتراه بخمسة دراهم بنقد «1».

و هذه الرواية يستفاد منها انه لا يجوز، بيع شي ء بثمن مؤجل بشرط أن يبيع المشتري منه بثمن نقد أقلّ فاذا لم يكن الثمن مؤجلا لا يشمله الحديث كما أنه لا يشمل الاشتراط من الطرف الاخر بأن يشتري شيئا و يشترط علي البائع أن يشتري منه بأكثر من الثمن الذي اشتري منه و لعل الحكم له مستندا آخر لم اظفر به.

(1) لإطلاق دليل الشرط و لا وجه للبطلان و من الظاهر ان التعليق في الشرط

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام العقود الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 131

أيضا (1) الا اذا كانت الجهالة موجبة لان يكون البيع غرريا فيفسد البيع حينئذ (2).

______________________________

لا يسري الي العقد و لا يوجب كون العقد معلقا كي يقال: ان التعليق في العقد يوجب بطلانه و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سليمان بن خالد «1».

بتقريب: ان الشرط الواقع في مورد الرواية علي نحو التعليق و حيث علق علي الشرط و هو عدم الخيار علي أن تملك المكاتبة نفسها اذ قال لها: بشرط أن لا يكون لك الخيار علي أبي اذ أنت ملكت نفسك.

(1) ما يمكن أن يذكر في تقريب عدم الجواز امور: منها: انه نهي عن الغرر علي نحو الاطلاق لاحظ النبوي «2». و فيه: ان المرسل لا اعتبار به، و منها:

ان بطلان الغرر في البيع مسلم فيتعدي الي كل أمر غرري. و فيه: انه لا وجه للتعدي، و منها: أن غررية الشرط تستلزم

غررية البيع فيبطل و بعد فرض بطلان البيع يبطل الشرط الواقع فيه، و فيه: ان الاستلزام المذكور اول الكلام و الاشكال و يجري الكلام حوله ان شاء اللّه مضافا الي أن استلزام مطلق الجهل للغرر اول الكلام.

(2) سراية الغرر من الشرط الي البيع بحيث يصدق علي البيع عنوان الغرر و يقال: بيع غرري مشكل اذ من الظاهر ان الشرط ليس جزءا من المبيع و لذا لا يقسط عليه الثمن و أيضا اشتراط الوصف المجهول في المبيع لا يمكن لان التعليق في العقد يوجب البطلان و بعبارة اخري: لا يرجع الشرط الي تقييد المبيع اذ مرجع التقييد الي التعليق حيث ان المبيع اذا كان جزئيا خارجيا لا يكون قابلا للتقييد فيلزم أن يكون بنحو التعليق و التعليق باطل.

ان قلت: مع كون الشرط غرريا يصدق علي البيع نفسه عنوان الغرر قلت:

______________________________

(1) لاحظ ص: 85

(2) التذكرة ج 1 ص: 466

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 132

[(مسألة 61: الظاهر أن فساد الشرط لا يسري إلي العقد المشروط فيه فيصح العقد و يلغو الشرط]

(مسألة 61): الظاهران فساد الشرط لا يسري الي العقد المشروط فيه فيصح العقد و يلغو الشرط (1).

______________________________

علي هذا لا وجه للتفصيل بين سراية الغرر من الشرط الي البيع و بين عدم السراية بأن يحكم بالصحة في الصورة الثانية و بالفساد في الصورة الاولي مضافا الي أن البيع اذا صار غرريا بالسراية لا دليل علي فساده فان القدر المتيقن من الاجماع ما يكون البيع بنفسه غرريا فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يقال في تقريب كونه مفسدا امور: الاول: ان للشرط قسطا من الثمن فاذا بطل الشرط يكون الثمن مجهولا، و فيه: انه لا يقسط الثمن علي الشرط و لذا لو تخلف البائع عن الشرط ليس للمشتري استرجاع مقدار من الثمن.

الثاني: ان التراضي وقع علي المقيد

و مع انتفاء القيد ينتفي المقيد و العقود تابعة للقصود فالعقد المقيد لم يقع و بلا قيد لم يقصد. و فيه: ان العقد معلق علي الالتزام من الطراف الاخر و لا اشكال في تحقق الالتزام فالمعلق عليه يوجد و بتبعه يوجد العقد و بعبارة اخري: المقصود من البطلان عدم تحقق امضاء الشارع له و عدم اعتباره شرعا لكن لا اشكال في تحقق الالتزام و الالتزام موجود حين العقد فما علق عليه العقد موجود حينه و ما يكون باطلا شرعا لا يكون معلقا عليه.

الثالث: النص الخاص لاحظ: ما رواه عبد الملك بن عتبة قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن الرجل ابتاع منه طعاما أو ابتاع منه متاعا علي أن ليس علي منه وضيعة هل يستقيم هذا؟ و كيف يستقيم وجه ذلك؟ قال: لا ينبغي «1».

بتقريب ان المستفاد من كلامه عليه السلام فساد العقد و حيث ان سند الرواية مخدوش بعبد الملك الهاشمي غير الموثق لا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة قال

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب أحكام العقود

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 133

______________________________

سيدنا الاستاد في رجاله: «ان الراوي عن عبد الملك اذا كان علي بن الحكم و لم يقيد عبد الملك بالصيرفي يحمل علي كون المراد منه الهاشمي».

و لاحظ حديث علي بن جعفر «1» بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان العقد مع الشرط المذكور باطل و هذا هو بطلان العقد بالشرط الفاسد، و فيه:

ان الشرط المذكور غير فاسد لكن المستفاد من الحديث ان العقد المشروط بهذا الشرط فاسد و نلتزم به، و بعبارة اخري: الشارع الاقدس حكم في مورد خاص ببطلان العقد المشروط بهذا الشرط و من الظاهران هذا لا يقتضي فساد العقد بفساد

الشرط، و ان شئت قلت، لا ربط و لا جامع بين المقامين فانقدح بما ذكرنا انه لا وجه للبطلان بل يظهر من بعض النصوص عدم سراية بطلان الشرط الي العقد.

لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أمة كانت تحت عبد فاعتقت الامة قال: أمرها بيدها ان شاءت تركت نفسها مع زوجها و ان شاءت نزعت نفسها منه و قال: و روي «و ذكر يب» ان بريرة كانت عند زوج لها و هي مملوكة فاشترتها عائشة و أعتقتها فخيرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و قال: ان شاءت أن تقر عند زوجها و ان شاءت فارقته و كان مواليها الذين باعوها اشترطوا علي عائشة ان لهم ولائها فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الولاء لمن أعتق و تصدق علي بريرة بلحم فأهدته الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فعلقته عائشة و قالت: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا يأكل لحم الصدقة فجاء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و اللحم معلق فقال: ما شأن هذا اللحم لم يطبخ؟ فقالت: يا رسول اللّه صدق به علي بريرة و أنت لا تأكل الصدقة فقال: هو لها صدقة و لنا هدية ثم أمر بطبخه فجاء فيها ثلاث من السنن «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 130.

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 134

[مسألة 62: إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له إجباره عليه]

(مسألة 62): اذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له اجباره عليه (1) و الظاهر أن خياره غير مشروط بتعذر اجباره بل له الخيار عند مخالفته و عدم اتيانه بما اشترط عليه حتي

مع التمكن من الاجبار (2).

[مسألة 63: إذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للمشروط له الخيار في الفسخ و ليس له المطالبة بقيمة الشرط]

(مسألة 63): اذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للمشروط له الخيار في الفسخ و ليس له المطالبة بقيمة الشرط سواء كان عدم التمكن لقصور فيه كما لو اشترط عليه صوم يوم فمرض فيه (3) أو كان لقصور في موضوع الشرط كما لو اشترط عليه خياطة ثوب فتلف و في الجميع له الخيار لا غير (4).

______________________________

فان مقتضي هذا الحديث جواز البيع و بطلان شرط الولاء و لاحظ ما رواه الحلبي «1» أيضا فان المستفاد من الرواية ان شرط عدم الارث مع كونه فاسدا لا يفسد العقد فتحصل ان العقد الذي يشترط فيه شرط فاسد يكون صحيحا.

(1) فانه يوجد بالشرط حق للمشروط له في نظر العقلاء فيجوز له اجباره.

(2) اذ بحسب الارتكاز ان الخيار مترتب علي امتناع المشروط عليه. و بعبارة اخري: بمقتضي الارتكاز يكون الخيار في الفسخ و الامضاء مجعولا للشارط و لا يتوقف علي عدم التمكن من الاجبار.

(3) اذ لا مقتضي لمطالبة قيمة الشرط بل المترتب علي عدم الاتيان بالشرط بمقتضي الارتكاز جعل الخيار في الرد و الامضاء بلا فرق بين منشأ عدم الاتيان بالشرط من قصور في المشروط عليه كما لو مرض أو عصيان أو غيرهما.

(4) الانصاف ان الجزم بالخيار في صورة عدم تحقق الشرط فيما يكون لقصور

______________________________

(1) لاحظ ص: 119

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 135

[الفصل الخامس أحكام الخيار]

اشارة

الفصل الخامس أحكام الخيار:

الخيار حق من الحقوق فاذا مات من له الخيار انتقل الي وارثه (1).

______________________________

في موضوعه- كما في المتن- مشكل و الذي يوضح الاشكال ان المشروط له لو أتلف الموضوع لأجل الوصول إلي الخيار فهل يمكن الالتزام به؟ و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان هذه الصورة خارجة عن دائرة الاشتراط الارتكازي و اذا

وصلت النوبة الي الشك يكفي دليل اللزوم. و بعبارة اخري الخيار يحتاج الي الدليل و تخصيص العام يتوقف علي احراز التخصيص لكن صورة اتلاف الشارط للتوصل الي الخيار خارجة عن دائرة الشرط قطعا و لا يقاس عليها بقية الصور فلاحظ.

(1) اثبات ارث الخيار يتوقف علي ثلاث مقدمات: الاولي: اثبات كون الخيار من الحقوق لا من الاحكام اذ من الظاهر ان الحكم الشرعي غير قابل للانتقال بالارث و لا اشكال في أن الخيار المبحوث فيه في محل الكلام من الحقوق و هو مورد التسالم و الاتفاق و الاجماع و لذا نري لا يشك احد في جواز اسقاطه و الحكم الشرعي غير قابل للإسقاط فالمقدمة الاولي تامة.

الثانية: اثبات كونه قابلا للانتقال اذ من الظاهر ان مجرد كونه حقا لا يستلزم جواز الانتقال و لا دليل علي هذا التلازم علي نحو الكبري الكلية بل الدليل قائم علي خلافه و لذا نري انه في جملة من الموارد لا يكون الحق قابلا للانتقال فاذا لم يكن قابلا للانتقال لا يكون قابلا للإرث و لا يبقي بعد وفاة ذي الحق.

ان قلت: يمكن اثبات بقاء حق الخيار بعد الموت بالاستصحاب فيتحقق موضوع الارث. قلت: الاستصحاب في الحكم الكلي غير جار لمعارضته باصالة عدم الجعل الزائد و مع الشك في بقائه و عدمه لا مجال للأخذ بادلة الارث فان الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية غير جائز لكن الذي يسهل الخطب ان قابليته

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 136

______________________________

للانتقال مورد التسالم و الاجماع و لذا نري ان بحث ارث الخيار مطرح انظارهم و بقع الكلام بينهم من الجهات المختلفة فالمقدمة الثانية تامة كالمقدمة الاولي.

الثالثة شمول ادلة الارث و الظاهر انه لا مانع من شمول تلك

الادلة لحق الخيار فان مقتضي قوله تعالي: «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَي الْمُتَّقِينَ» «1».

و قوله: «لِلرِّجٰالِ نَصِيبٌ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّسٰاءِ نَصِيبٌ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمّٰا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً» «2».

و قوله: «يُوصِيكُمُ اللّٰهُ فِي أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسٰاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ وَ إِنْ كٰانَتْ وٰاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّٰا تَرَكَ إِنْ كٰانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ آبٰاؤُكُمْ وَ أَبْنٰاؤُكُمْ لٰا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللّٰهِ إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَلِيماً حَكِيماً وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ» الاية «3»، عدم الفرق بين كون ما تركه الميت عينا أو منفعة

______________________________

(1) البقرة/ 180.

(2) النساء/ 7

(3) النساء/ 11 و 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 137

______________________________

أو حقا كما ان قوله صلي اللّه عليه و آله: «ما ترك ميت من حق فهو لوارثه» «1» صريح في المدعي و لكن المعلق كتب في الهامش: «لم نعثر

علي هذه الرواية في كتب الأحاديث من العامة و الخاصة بعد الفحص عنها في مظانها و ان استدلوا بها في الكتب الفقهية كالرياض و مفتاح الكرامة و غيرها».

و صفوة القول: انه لا مانع من شمول دليل الارث اياه اضف الي ذلك اجماع الاصحاب عليه قال في الجواهر: «اذا مات من له الخيار انتقل الي الوارث من اي انواع الخيار كان بلا خلاف معتد به بل ظاهرهم الاجماع بل عن بعضهم دعواه صريحا» الي آخره «2».

و ربما يقال: العين المملوكة تنتقل بالارث الي الوارث و أما الخيار فكيف ينتقل و الحال انه ملك فسخ العقد. و بعبارة اخري متعلق الملكية ينتقل بالارث لا نفس الملكية و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأن اختيار امضاء العقد و فسخه بيد ذي الخيار و اي مانع من انتقال هذا الاختيار الي الوارث لو ساعده الدليل و لكن مع ذلك كله لا يمكن الجزم بالمدعي فانه اذا ثبت اجماع تعبدي علي ارث الخيار و انه علي اي نحو يؤخذ به فهو انما الكلام في تحقق هذا الاجماع و هل يمكن الالتزام بتحقق الاجماع التعبدي الكاشف في المقام مع هذا الاختلاف الواقع بين القوم فمع قطع النظر عن الاجماع لا بد من النظر في ادلة الارث و انها هل يمكن شمولها للمقام أم لا؟.

فنقول: لا اشكال في أن الخيار متعلق بالعقد و العقد واحد و كذلك الخيار أمر بسيط ليست له أجزاء بحيث ينقسم بين الافراد كي يقال: بأن ثلثه لزيد و ربعه لبكر و خمسه

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 23 ص: 75

(2) جواهر الكلام ج 23 ص: 74

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 138

و يحرم منه من يحرم من ارث المال

بالقتل أو الكفر أو الرق (1) و يحجب عنه ما يحجب عن ارث المال (2) و لو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقا

______________________________

لخالد و هكذا بل اما يكون من له الخيار شخصا واحدا و اما يكون مجموع الاشخاص مالكا له و يكون للمجموع من حيث المجموع نعم في عالم الثبوت يمكن أن يجعل في عقد واحد الخيار لجماعة علي نحو العموم الاستغراقي بحيث يكون لكل واحد منهم خيار مستقل في قبال البقية لكن من الظاهر ان الامكان الثبوتي لا يكفي ما دام لم يقم دليل عليه في مقام الاثبات و قد مران الحديث النبوي الدال علي أن ما تركه الميت من حق فلو ارثه ضعيف سندا و أما بقية ادلة الارث كتابا و سنة فهي تدل علي السهام المقررة في الشريعة المقدسة و قد قلنا: ان الخيار بسيط و غير قابل للتقسيم و التجزية فالادلة قاصرة لان تشمله فلولا الاجماع لا يمكن الالتزام بارث الخيار و لا مقتضي لانقسام المال و تقديره في كل مورد بذلك المقدار اي علي حسب السهام فان الخيار متعلق بالعقد و غير قابل للانقسام و أما حديث حمزة بن حمران قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام من ورث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله؟ فقال:

فاطمة ورثته متاع البيت و الفرش و كل ما كان له «1» ففيه اولا ان سنده ضعيف بابن حمران و ثانيا: ان الظاهر منه انحصار الوارث و كون الصديقة الطاهرة وارثة فقط فلا بد في عموم الحكم من التوسل الي الاجماع و التسالم.

و علي هذا الاساس لا مجال للأبحاث المترتبة عليه لانتفاء الموضوع و علي تقدير البحث فيها يكون علي فرض تمامية المدعي و

بعبارة اخري: بحوث فرضية.

(1) لإطلاق ادلة الحرمان.

(2) بعين التقريب و البيان و هو الاطلاق أو العموم.

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 9 ص: 277 حديث 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 139

بمال يحرم منه الوارث كالحبوة المختصة بالذكر الاكبر و الارض التي لا يرث منها الزوجة ففي حرمان ذلك الوارث من ارث الخيار و عدمه أقوال أقربها عدم حرمانه و الخيار لجميع الورثة فلو باع الميت ارضا و كان له الخيار أو كان قد اشتري ارضا و كان له الخيار ورثت منه الزوجة كغيرها من الورثة (1).

[مسألة 1: إذا تعدد الوارث للخيار فالظاهر أنه لا أثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقين إليه في تمام المبيع و لا في حصته]

(مسألة 1): اذا تعدد الوارث للخيار فالظاهر انه لا اثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقين اليه في تمام المبيع (2) و لا في حصته (3) الا اذا رضي من عليه الخيار فيصح في حصته (4).

______________________________

(1) لعدم ما يقتضي المنع و بعبارة اخري كل حكم تابع لموضوعه و الدليل قد دل علي اختصاص الحبوة بالولد الاكبر و أما الخيار المتعلق بها فلا وجه لاختصاصه به.

(2) فانه لا وجه للتأثير في تمام المبيع لان الموروث خيار واحد و أمره ليس بيد واحد منهم بل كل واحد منهم ذو علاقة بالنسبة اليه فلا بد من انضمام الباقين.

(3) اذ ليس لكل واحد منهم خيار بالنسبة الي حقه كي يؤثر فيها بل الخيار واحد قائم بهم.

(4) لا أدري باي وجه يصح في حصته مع فرض عدم الخيار و علي فرضه لا يكون اعماله مشروطا برضا من عليه الخيار و يمكن أن يكون الماتن ناظرا الي أنه مع رضا الطرفين يدخل في باب الاقالة بناء علي جريانها في جميع ما وقع عليه العقد و جريانها في بعضه و يقع الكلام فيها في آخر كتاب البيع ان شاء

اللّه تعالي.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 140

[مسألة 2: إذا فسخ الورثة بيع مورثهم]

(مسألة 2): اذا فسخ الورثة بيع مورثهم فان كان عين الثمن موجودا دفعوه الي المشتري و ان كان تالفا أو بحكمه اخرج من تركة الميت كسائر ديونه (1).

[مسألة 3: لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات لم ينتقل الخيار إلي وارثه]

(مسألة 3): لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات لم ينتقل الخيار الي وارثه (2).

[مسألة 4: إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع]

(مسألة 4): اذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع (3).

______________________________

(1) اذ الفسخ يوجب انتقال كل من العوضين الي مالكه الاول ففي صورة بقاء الثمن يرجع الي ملك من عليه الخيار و أما اذا كان تالفا أو بحكم التالف احرج من تركة الميت.

(2) هذا علي تقدير جواز جعل الخيار للأجنبي و أما علي تقدير عدم الجواز فلا مجال لهذا البحث كما هو ظاهر و قد انكرنا جوازه و من أراد الاطلاع علي ما ذكرنا فليراجع الي الجزء الرابع من كتاب «دراساتنا» و ملخص الكلام في هذا المقام ان الشرط لا يكون مشرعا و من ناحية اخري لا بد من متعلق الشرط أن لا يكون مخالفا للشرع فمع الشك في المشروعية لا يجوز لعدم جواز التمسك بالاطلاق و العموم في الشبهة المصداقية بل بمقتضي استصحاب عدم مشروعيته شرعا يكون اشتراطه مخالفا للشرع فلا يصح.

و كيف كان الحق كما أفاده من عدم انتقاله بالارث الي الوارث و الوجه فيه عدم دليل علي الانتقال فانه لا دليل علي انتقال ارث الخيار علي الاطلاق و القدر المتيقن من الاجماع غير هذا المورد فلاحظ.

(3) مقتضي القاعدة الاولية ان تلف المال يحسب علي مالكه و لكنه لا بد من

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 141

و كذا اذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط اذا كان الخيار للمشتري (1) أما اذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض فالاظهر انه من مال المشتري (2)..

______________________________

رفع اليد عن القاعدة بالنص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه ابن سنان يعني

عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط الي يوم أو يومين فيموت العبد و الدابة أو يحدث فيه حدث علي من ضمان ذلك فقال: علي البائع حتي ينقضي الشرط ثلاثة أيام و يصير المبيع للمشتري «1».

و لاحظ ما أرسله ابن رباط عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان حدث بالحيوان قبل ثلاثة أيام فهو من مال البائع «2».

(1) لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ان كان بينهما شرط اياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع «3» و أما حديث عقبة بن خالد «4» الدال علي أن الضمان محدود بالاقباض و لا ضمان علي البائع بعد القبض فهو ضعيف سندا.

(2) اذ الاصل الاولي يقتضي ضمان كل مال علي مالكه و انما الخروج عن القاعدة يتوقف علي الدليل و المفروض أنه يختص بخياري الحيوان و الشرط و انما قيد في المتن بقوله: «بعد القبض» لان المبيع قبل القبض من مال المالك و ضمانه عليه و سيقع الكلام حول الموضوع في أحكام القبض ان شاء اللّه تعالي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الخيار الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث 5

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث 2

(4) لاحظ ص: 110

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 142

[الفصل السادس: ما يدخل في المبيع]

اشارة

الفصل السادس: ما يدخل في المبيع من باع شيئا دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره (1) و يعرف قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وضعا أو بالقرينة العامة أو الخاصة فمن باع بستانا دخل فيه الارض و الشجر و النخل و الطوف

و البئر و الناعور و الحضيرة و نحوها مما هو من اجزائها أو توابعها (2) أما من باع أرضا فلا يدخل فيه الشجرة و النخل الموجودان و كذا لا يدخل الحمل في بيع الام و لا الثمرة في بيع الشجرة (3) نعم اذا باع نخلا فان كان التمر مؤبرا فالتمر للبائع و ان لم يكن مؤبرا فهو للمشتري (4).

______________________________

(1) فان العقود تابعة للقصود.

(2) كما هو ظاهر فان الظهور حجة بلا فرق بين كونه مستندا الي الوضع و بين كونه مستندا الي القرينة العامة أو الخاصة.

(3) لعدم دليل و قرينة علي دخولهما في المبيع و المفروض ان البيع واقع علي الارض فلا وجه لدخول الشجر و النخل في مورد المعاملة و كذا الكلام في الحمل و الثمرة.

(4) لاحظ ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من باع نخلا قد أبره فثمره للبائع الا أن يشترط المبتاع ثم قال: قضي به رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم «1» فان مقتضي هذا الحديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب أحكام العقود الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 143

و يختص هذا الحكم ببيع النخل (1) أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر فالثمر فيه للبائع مطلقا و ان لم يكن مؤبرا (2) هذا اذا لم تكن قرينة علي دخول الثمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الارض أو الحمل في بيع الدابة أما اذا قامت القرينة علي ذلك و ان كانت هي التعارف الخارجي عمل عليها و كان جميع ذلك للمشتري (3).

[مسألة 1: إذا باع الشجر و بقي الثمر للبائع مع اشتراط بقائه و احتياج الشجر إلي السقي]

(مسألة 1): اذا باع الشجر و بقي الثمر

للبائع مع اشتراط بقائه و احتياج الشجر الي السقي جاز لبايع سقيه و ليس للمشتري منعه (4) و اذا لم يحتج الي السقي لم يجب علي البائع سقيه و ان أمره المشتري بذلك (5) و لو تضرر احدهما بالسقي و الاخر بتركه ففي تقديم حق البائع أو المشتري وجهان بل قولان ارجحهما الثاني ان اشترط الابقاء

______________________________

التفصيل بين التأبير و عدمه.

(1) بلحاظ النص الخاص الذي مر قريبا.

(2) لعدم دليل خاص و من ناحية اخري قد ذكرنا انه لا مقتضي للدخول فلا تدخل.

(3) كما هو ظاهر فانه مع قصد الدخول يدخل في المبيع بلا اشكال لوجود المقتضي و عدم المانع مضافا الي النص به في خبر غياث المتقدم قريبا.

(4) فان المفروض ان البائع بالشرط صار ذا حق و بعبارة اخري الالتزام بالشي ء التزام بلوازم ذلك الشي ء و لا أثر لنهي المشتري.

(5) اذ لا مقتضي لوجوب امتثال البائع امر المشتري فلا يجب عليه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 144

و الا فالارجح الاول (1).

[مسألة 2: إذا باع بستانا و استثني نخلة مثلا فله الممر اليها]

(مسألة 2): اذا باع بستانا و استثني نخلة مثلا فله الممر اليها و المخرج منها و مدي جرائدها و عروقها من الارض و ليس للمشتري منع شي ء من ذلك (2).

[مسألة 3: إذا باع دارا دخل فيها الأرض و البناء]

(مسألة 3): اذا باع دارا دخل فيها الأرض و البناء الاعلي

______________________________

(1) الظاهر ان الصحيح أن يقال: ارجحهما الاول و لعل السهو من الناسخ و لذا يكون في نسخة اخري ما ذكرنا و كيف كان الذي يمكن أن يقال ان حديث لا ضرر يجري بالنسبة الي كل منهما و يسقط بالتعارض فعلي تقدير اشتراط الابقاء يكون الترجيح في طرف البائع اذ مع الاشتراط يثبت للبائع حق و مع فرض الحق لا مجال لمنع ذي الحق الانتفاع من حقه و مع عدم الاشتراط يكون الترجيح في طرف المشتري هذا علي مسلك المشهور في مفاد لا ضرر و أما علي المسلك الاخر فالامر كذلك أيضا اذ مع الاشتراط يكون البائع ذا حق و لا مجال لمنعه عن حقه و أما مع عدم الاشتراط فلا حق له في الاضرار بالغير.

(2) تارة يبحث من حيث القاعدة و اخري من حيث النص الخاص أما من حيث القاعدة فان شرط في ضمن البيع أن يكون له حق الدخول و الخروج و اصلاح النخل بما ذكر يصح الشرط و يجوز له التصرف بهذا المقدار و لا يجوز للمشتري منعه لأنه ملزم أن يفي بشرطه و لا فرق بين أن يكون الدال علي الشرط التصريح به و بين كون الدال القرينة الموجودة خاصة كانت أو عامة و هذا ظاهر و أما من حيث النص الخاص ففي المقام ثلاثة أحاديث.

احدها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي النبي صلي اللّه عليه

و آله في رجل باع نخلا و استثني عليه نخلة فقضي له رسول اللّه صلي اللّه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 145

و الاسفل الا أن يكون الاعلي مستقلا من حيث المدخل و المخرج فيكون ذلك قرينة علي عدم دخوله و كذا يدخل في بيع الدار السراديب و البئر و الابواب و الاخشاب الداخلة في البناء و كذا السلم المثبت بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل و شجر و اسلاك كهربائية و انابيب الماء و نحو ذلك مما يعد من توابع الدار حتي مفتاح الغلق فان ذلك كله

______________________________

عليه و آله بالمدخل اليها و المخرج منها و مدي جرائدها «1» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي و بسندها الاخر أيضا ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي السكوني.

ثانيها: ما رواه عقبة بن خالد ان النبي صلي اللّه عليه و آله قضي في هوائر النخل أن تكون النخلة و النخلتان للرجل في حائط الاخر فيختلفون في حقوق ذلك فقضي فيها ان لكل نخلة من اولئك من الارض مبلغ جريدة من جرائدها حين بعدها «2» و هذه الرواية ضعيفة.

ثالثها: ما رواه الصفار قال: كتبت اليه يعني الحسن بن علي العسكري عليهما السلام في رجل باع بستانا له فيه شجر و كرم فاستثني شجرة منها هل له ممر الي البستان الي موضع شجرته التي استثناها؟ و كم لهذه الشجرة التي استثناها الي حولها بقدر أغصانها أو بقدر موضعها الذي هي ثابتة فيه؟ فوقع: له من ذلك علي حسب ما باع و أمسك فلا يتعدي الحق في ذلك ان شاء اللّه «3» و لا يستفاد من هذه الرواية أزيد من مقتضي القاعدة.

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 5 ص: 295 حديث: 1 و الوسائل

الباب 30 من أبواب احكام العقود الحديث: 2

(2) الفروع من الكافي ج 5 ص 295 حديث: 4

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 146

داخل في المبيع الا مع الشرط (1).

[مسألة 4: الأحجار المخلوقة في الارض و المعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها إذا كانت تابعة للأرض عرفا]

(مسألة 4): الاحجار المخلوقة في الارض و المعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها اذا كانت تابعة للأرض عرفا (2) و أما اذا لم تكن

______________________________

(1) فان الظاهران ما أفاده تام اذ قد تقدم ان ما يقصد دخوله في المبيع يكون داخلا فيه و من ناحية اخري لا فرق بين كون الدال علي المقصود التصريح به و بين كون الدال القرينة عامة كانت أو خاصة و يؤيد المدعي بل يدل عليه حديثان:

احدهما: ما رواه الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في رجل اشتري من رجل بيتا في داره بجميع حقوقه و فوقه بيت آخر هل يدخل البيت الاعلي في حقوق البيت الاسفل أم لا؟ فوقع عليه السلام: ليس له الا ما اشتراه باسمه و موضعه ان شاء اللّه «1».

ثانيهما: ما رواه أيضا انه كتب اليه في رجل اشتري حجرة أو مسكنا في دار بجميع حقوقها و فوقها بيوت و مسكن آخر فتدخل البيوت الا علي و المسكن الاعلي في حقوق هذه الحجرة و المسكن الاسفل الذي اشتراه أم لا؟ فوقع: ليس له من ذلك الا الحق الذي اشتراه إن شاء اللّه «2» فان المستفاد من الحديثين ان الميزان بالمقصود المدلول عليه بدال من الدوال فلاحظ.

(2) بلا خلاف اجده فيها مما عدا ثاني الشهيدين هكذا في الجواهر و الامر كما أفاده فانهما اذا كانتا تابعتان للأرض عرفا تكونان داخلتين في المبيع كبقية التوابع فان حكم الامثال

واحد بل المعادن جزء من الارض فيصح أن يقال: ان بعض أجزاء تلك الارض الواقعة في المكان الفلاني ملح أو فيروزج.

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 147

تابعة لها كالمعادن المكنونة في جوف الارض فالظاهر انها غير مملوكة لأحد (1) و يملكها من يخرجها (2) و كذلك لا تدخل في بيع الارض الاحجار المدفونة فيها و الكنوز المودعة فيها و نحوها (3).

[الفصل السابع: التسليم و القبض]

اشارة

الفصل السابع: التسليم و القبض يجب علي المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد (4) اذا لم يشترطا التأخير (5) و لا يجوز لواحد منهما التأخير مع الامكان الا برضي الاخر (6) فان امتنعا اجبرا (7) و لو امتنع احدهما مع تسليم صاحبه اجبر

______________________________

(1) اذ لا وجه للملكية فانها تحتاج الي سبب و مع عدمه لا تتحقق.

(2) بلا اشكال و لا كلام فان المعدن يملك بالاخراج و يتعلق به الخمس و تفصيل الكلام فيه موكول الي كتاب الخمس.

(3) لعدم ما يقتضي الدخول اذ المفروض ان البيع وقع علي الارض و الاحجار المدفونة فيها و كذلك الكنوز المودعة فيها و نحوها لا تكون تابعة لها فعدم دخولها علي طبق القاعدة.

(4) فان مال الغير يحرم امساكه و لا يجوز التصرف فيه و يجب تسليمه الي مالكه مضافا الي أن مقتضي الشرط الارتكازي في ضمن العقد في كل من الطرفين بالنسبة الي الطرف الاخر التسليم فوجوب التسليم من ناحيتين.

(5) اذ مع الشرط يصير المشروط له ذا حق في التأخير و بعبارة اخري يأذن المشروط عليه في ضمن البيع للمشروط له أن يؤخر التسليم فلا يجب عليه فورا

(6) كما هو ظاهر اذ لا يجوز الحيلولة بينه و

بين ماله مضافا الي الشرط الضمني نعم مع رضي المالك لا مانع من التأخير كما هو ظاهر واضح.

(7) الظاهر ان المقصود انهما اجبرا من قبل الحاكم الشرعي فانه ولي الممتنع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 148

الممتنع (1) و لو اشترط احدهما تأخير التسليم الي مدة معينة جاز و ليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذ (2) كما يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكني الدار أو ركوب الدابة أو زرع الارض أو نحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدة معينة (3).

[مسألة 1: التسليم الواجب علي المتبايعين في المنقول و غيره هو التخلية]

(مسألة 1): التسليم الواجب علي المتبايعين في المنقول و غيره هو التخلية يرفع المانع عنه و الاذن لصاحبه في التصرف (4).

[مسألة 2: إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري انفسخ البيع]

(مسألة 2): اذا تلف المبيع بآفة سماوية أو ارضية قبل قبض المشتري انفسخ البيع و كان تلفه من مال البائع و رجع الثمن الي المشتري (5).

______________________________

فله الاجبار.

(1) الظاهر انه يجوز للطرف اجباره بلا توسط الي الحاكم الشرعي اذ ان اختيار ماله بيده و له استنقاذ ماله و أيضا بلحاظ الاشتراط يصير ذا حق علي الطرف فيجوز له الاجبار بنفسه.

(2) فان الوفاء بالشرط لازم و المفروض ان الشرط تحقق من طرف واحد فيجب علي الطرف الاخر التسليم.

(3) كما هو ظاهر فان الامور الجائزة تصير لازمة بالشرط و اللّه العالم.

(4) الظاهر ان مقصود الماتن ان المقدار الواجب في التسليم هذا المقدار و هي التخلية بين المال و مالكه و ان لم يصدق عليها القبض و الامر كما أفاده اذ وجوب أزيد من هذا المقدار لا دليل عليه.

(5) في بعض الكلمات: «انه لا كلام و لا اشكال في ذلك و انه لو تلف قبل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 149

______________________________

القبض يكون ضمانه علي البائع و في المقام روايتان: احدهما: ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه» «1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و علي فرض استناد الاصحاب اليها لا ينجبر ضعفها كما ذكرناه مرارا.

ثانيتهما: رواية عقبة بن خالد «2» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن عبد اللّه بن هلال و الكلام فيه هو الكلام فلا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم و العجب ممن لا يعمل بالرواية الضعيفة و لا يري العمل بها جابرا لها

و مع ذلك يفتي علي طبق مضمونها و يبحث في الخصوصيات المستفادة منها.

و كيف كان: لا يبعد أن يكون المستفاد من الحديثين انفساخ العقد بتلف المبيع و تقديره قبل التلف داخلا في ملك البائع و تلفه من ماله فان كلمة الجار «من» اما نشوية أو تبعيضية أو ابتدائية فان كانت نشوية يكون معني الجملة ان التالف بهذا الوصف اي بوصف كون تلفه قبل البيع تالفا من مال البائع فيكون لازمه دخوله في ملكه اولا ثم تلفه من ملكه و من الظاهر ان دخوله في ملكه لا يكون دخولا مجانيا فلا بد من أن ينفسخ العقد و يرجع المبيع في ملك البائع و يدخل الثمن في ملك المشتري فيتم ما أفاده في المتن و أما ان كانت للتبعيض فمعناه ان التلف وارد علي بعض مال البائع فلا بد من الالتزام بالفسخ بعين البيان المتقدم و اما ان كانت للابتداء بأن يكون ضمير هو عائدا الي التلف المفهوم من المشتق نظير قوله: «اعدلوا هو اقرب للتقوي» فيكون المعني كل مبيع تلف قبل قبضه فذلك التالف من مال البائع فعلي جميع التقادير يستفاد ان التلف وارد علي مال البائع فلا بد من الالتزام بالانفساخ

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 9 من أبواب الخيار

(2) لاحظ ص: 110

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 150

و كذا اذا تلف الثمن قبل قبض البائع (1) و يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعني المتقدم في غير المنقولات كالأراضي (2) و أما في المنقول فلا بد فيه من الاستيلاء عليه خارجا

______________________________

و صفوة القول: انه فرق بين أن يقال: التلف عليه و بين أن يقال التلف من و ان شئت قلت ان الضمان المستفاد من النص

ضمان المعاوضة لا ضمان الغرامة.

(1) ما يمكن أن يستدل به عليه أو استدل وجوه: الوجه الاول: الاجماع و حاله في الاشكال ظاهر. الوجه الثاني: حديث عقبة بن خالد «1» فان المستفاد من هذا الحديث ان المشتري ضامن للثمن. و فيه: ان الضمان اعم من المعاوضي فيجوز أن يكون بالغرامة. ان قلت: قد صرح في الصدر بكون الضمان معاوضيا فبالنسبة الي الثمن أيضا كذلك. قلت: التعبير في الصدر يغاير التعبير في الذيل فكيف يمكن الجزم بالمدعي مضافا الي أن المستفاد من الحديث تحقق الضمان بالنسبة الي الثمن بعد قبض المبيع فالدليل اخص من المدعي اضف الي ذلك كله ان الرواية ضعيفة سندا فلاحظ.

الوجه الثالث: صدق المبيع علي الثمن فيشمله الدليل و فيه: انه ليس الامر كذلك و ليس لفظ البيع من الاضداد.

الوجه الرابع: كونه علي طبق القاعدة اذ بمقتضي الالتزام الضمني يكون المشتري ملتزما بأن يسلم الثمن الي البائع فاذا لم يمكنه التسليم تبطل العوضية و فيه ان الثمن عوض المبيع لا يرتبط بوجوب تسليمه علي المشتري و بعبارة اخري:

الثمن بقيد بقائه و عدم تلفه لا يكون عوضا و الا يلزم بطلان البيع من اول الامر.

(2) اذ صدق القبض في غير المنقولات بهذا النحو و بعبارة اخري: لا بد من

______________________________

(1) لاحظ ص: 110

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 151

مثل اخذ الدرهم و الدينار و اللباس و اخذ لجام الفرس أو ركوبه (1) و في حكم التلف تعذر الوصول اليه كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر أو نحو ذلك (2) و لو أمر المشتري البائع بتسليمه الي شخص معين فقبضه كان بمنزلة قبض المشتري و كذا لو امره بارساله الي بلده

أو غيره فارسله كان بمنزلة قبضه و لا فرق بين تعيين المرسل معه و عدمه (3) و الاقوي عدم عموم الحكم المذكور لما اذا أتلفه البائع أو الاجنبي الذي يمكن الرجوع اليه في تدارك خسارته (4).

______________________________

صدق القبض حيث اخذ بهذا العنوان في موضوع الحكم.

(1) فيلزم تحقق ما يوجب تعنونه بعنوان القبض لترتب الحكم عليه.

(2) اما بدعوي انه بصدق عليه عنوان التلف و اما بدعوي الاجماع علي الالحاق و كلا الوجهين فاسدان أما الاول فلعدم الصدق و أما الثاني فبأنه كيف يمكن تحصيل الاجماع علي الالحاق و الحال ان تحقق الاجماع في الملحق به اول الكلام و الاشكال كما مر الا أن يقال: ان الإلحاق يستفاد من رواية عقبة بن خالد «1» حيث الحق بالتلف السرقة و من الظاهر ان السرقة في حكم التلف فيتم الالحاق.

(3) اذ لو كان بامره و طلبه يصدق القبض فلا موضوع للضمان.

(4) لم يظهر وجه التفصيل في الاتلاف فان التلف اذا صدق علي مورد كون التلف باتلاف المتلف فلا وجه للتفصيل بين اتلاف البائع و الاجنبي الذي يمكن الرجوع اليه و بين غيرهما و اذا لم يصدق فايضا لا وجه للتفصيل الا أن يقال: يصدق

______________________________

(1) لاحظ ص: 110

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 152

بل يصح العقد (1) و للمشتري الرجوع علي المتلف بالبدل من مثل أو قيمة (2) و هل له الخيار في فسخ العقد لتعذر التسليم اشكال و الاظهر ذلك (3) و اذا حصل للمبيع نماء فتلف الاصل قبل قبض المشتري كان النماء للمشتري (4) و لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الرد كما تقدم (5).

[مسألة 3: لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع بالنسبة إلي التالف]

(مسألة 3): لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع بالنسبة

الي التالف و رجع اليه ما يخصه من الثمن و كان له الخيار في الباقي (6).

______________________________

و لكن منصرف عن هاتين الصورتين فتأمل. و الظاهر انه لا يبعد صدق عنوان التلف و لو كان بفعل الفاعل المختار فيترتب عليه الحكم.

(1) اي يصح بقاء و لا ينفسخ و تقدم الاشكال فيه.

(2) كما هو مقضي الضمان في جميع موارد اتلاف مال الغير.

(3) لم يظهر لي وجه الأشكال و علي تقدير عدم الانفساخ لا اشكال في أن للمشتري الخيار لتخلف الشرط و بعبارة اخري: مقتضي الشرط الارتكازي هو الخيار.

(4) كما هو ظاهر فان النماء تابع للأصل و المفروض ان العين للمشتري فنمائها أيضا له.

(5) و قد تقدم شرح كلام الماتن فراجع.

(6) بتقريب: ان البيع ينحل الي بيوع متعددة بتعدد اجزاء المبيع فاذا تلف بعض الأجزاء يدخل في الكبري و ينفسخ البيع بالنسبة اليه و يبقي صحيحا بالنسبة الي الباقي الا ان الاشكال في أن البيع الواحد كيف ينحل الي بعض اجزاء المبيع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 153

[مسألة 4: يجب علي البائع تفريغ المبيع مما كان فيه من متاع أو غيره حتي أنه لو كان مشغولا بزرع حان وقت حصاده]

(مسألة 4): يجب علي البائع تفريغ المبيع مما كان فيه من متاع أو غيره حتي انه لو كان مشغولا بزرع حان وقت حصاده وجبت ازالته منه و لو كان للزرع عروق تضر بالانتفاع بالارض أو كانت في الارض حجارة مدفونة وجب ازالتها و تسوية الارض و لو كان شي ء لا يمكن فراغ المبيع منه الا بتخريب شي ء من الابنية وجب اصلاحه و تعمير البناء (1) و لو كان الزرع لم يحن وقت حصاده و اشترط بقائه جاز لمالكه ابقائه الي وقته و عليه الاجرة ان لم يشترط الابقاء مجانا (2).

[مسألة 5: من اشتري شيئا و لم يقبضه]

(مسألة 5) من اشتري شيئا و لم يقبضه فان كان مما لا يكال و لا بوزن جاز بيعه قبل قبضه (3) و كذا اذا كان مما يكال أو بوزن و كان

______________________________

و يبقي بالنسبة الي البعض الاخر اللهم الا أن يتم الامر بالإجماع و التسالم و النص الخاص الوارد في بعض الموارد «1» فلاحظ.

(1) لما تقدم من وجوب التخلية بين المال و مالكه و لا يجوز مزاحمة المالك و من الشرط الضمني المقتضي للإفراغ فيتم جميع ما أفاده في هذا الفرع و بعبارة اخري: ان هذه المذكورات متفرعة علي وجوب التسليم فان كل واحد من هذه الامور ينافي التسليم و التخلية و ينافي الالتزام الضمني فلو استلزم التخريب يجب الاصلاح و العمارة.

(2) بمقتضي الاشتراط فيجوز له الابقاء و تجب عليه الاجرة الا أن يشترط الإبقاء مجانا.

(3) لعدم ما يقتضي المنع و مقتضي الادلة الجواز فيجوز كما في المتن مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه منصور قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب عقد البيع و شروطه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8،

ص: 154

البيع برأس المال أما لو كان بريح ففيه قولان اظهرهما المنع (1).

______________________________

رجل اشتري بيعا ليس فيه كيل و لا وزن أله أن يبيعه مرابحة قبل أن يقبضه و يأخذ ربحه فقال: لا بأس بذلك ما لم يكن كيل و لا وزن فان هو قبض فهو أبرأ لنفسه «1».

و بمقتضي قانون تخصيص العام بالخاص و تقييد المطلق بالمقيد يقيد ما يدل باطلاقه علي المنع كحديث عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: بعث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رجلا من أصحابه واليا فقال له: اني بعثتك الي أهل اللّه يعني أهل مكة فانههم عن بيع ما لم يقبض و عن شرطين في بيع و عن ربح ما لم يضمن «2» اضف الي ذلك ان صاحب الجواهر أفاد بأنه عليه الاجماع بقسميه «3».

(1) و منشأ الخلاف اختلاف النصوص الواردة في المقام و الحري بنا أن نلاحظ كل واحد من هذه النصوص و اخذ النتيجة من مجموعها فمن تلك النصوص ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتي تقبضه الا أن توليه فاذا لم يكن فيه كيل و لا وزن فبعه يعني انه يوكل المشتري بقبضه «4». و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي منصور بن حازم علي ما في نخبة المقال للحاجياني فلا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألته عن رجل عليه كر من طعام فاشتري كرا من رجل آخر و قال للرجل: انطلق فاستوف حقك قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب أحكام العقود الحديث: 18

(2) الوسائل الباب

10 من أبواب أحكام العقود الحديث: 6

(3) جواهر الكلام ج 23 ص: 164

(4) الوسائل الباب 16 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 155

______________________________

لا بأس به «1». و مفاد هذه الرواية لا يرتبط بما نحن فيه فان ما يستفاد منها اما حوالة أو وكالة و الكلام في المقام في البيع قبل القبض.

و منها: ما رواه خالد بن حجاج الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

اشتري الطعام من الرجل ثم أبيعه من رجل آخر قبل أن أكتاله فاقول: ابعث وكيلك حتي يشهد اذا قبضته قال: لا بأس «2». و هذه الرواية ضعيفة بخالد بن حجاج.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يشتري الثمرة ثم يبيعها قبل أن يأخذها قال: لا بأس به ان وجد بها ربحا فليبع «3» و مفاد هذه الرواية اجنبي عن المقام فان الثمرة علي الشجرة لاتباع بالكيل و الوزن.

و منها: ما رواه الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الرجل يبتاع الطعام ثم يبيعه قبل أن يكال قال: لا يصلح له ذلك «4». و هذه الرواية تدل علي بطلان بيع الطعام قبل الكيل فلا ترتبط بالمقام.

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشتري الطعام ثم يبيعه قبل أن يقبضه قال: لا بأس و يوكل الرجل المشتري منه بقبضه وكيله قال: لا بأس «5» و هذه الرواية ضعيفة بجميع طرقه اما بعلي بن حديد و اما بالارسال فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها.

و منها: ما رواه اسحاق المدائني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القوم يدخلون السفينة

يشترون الطعام فيتساومون بها ثم يشتريه رجل منهم فيسألونه فيعطيهم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 156

______________________________

ما يريدون من الطعام فيكون صاحب الطعام هو الذي يدفعه اليهم و يقبض الثمن قال: لا بأس ما أراهم الا و قد شركوه الحديث «1» و هذه الرواية ضعيفة بالمدائني فلا أثر لمدلولها.

و منها: ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل اشتري متاعا ليس فيه كيل و لا وزن أ يبيعه قبل أن يقبضه؟ قال: لا بأس «2». و هذه الرواية تدل علي جواز بيع غير المكيل و الموزون قبل القبض و لا ترتبط بالمقام.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن اخيه انه سأل أخاه موسي بن جعفر عليهما السلام عن الرجل يشتري الطعام أ يصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال: اذا ربح لم يصلح حتي يقبض و ان كان يوليه فلا بأس و سألته عن الرجل يشتري الطعام أ يحل له أن يولي منه قبل أن يقبضه؟ قال: اذا لم يربح عليه شيئا فلا بأس فان ربح فلا بيع حتي يقبضه «3». و هذه الرواية تدل علي عدم جواز بيع الطعام المشتري قبل القبض.

و منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوم اشتروا بزا، فاشتركوا فيه جميعا و لم يقسموه أ يصلح لأحد منهم بيع بزه قبل أن يقبضه؟ قال:

لا بأس به و قال: ان هذا ليس بمنزلة الطعام ان الطعام يكال «4». و هذه الرواية في بيان حكم غير المكيل و الموزون فلا ترتبط بالمقام و ان

أبيت عما ذكرنا فغايته الدلالة علي عدم جواز بيع المكيل و الموزون قبل القبض فيقيد بالمقيد كما سيجي ء.

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 157

______________________________

يبيع البيع قبل أن يقبضه فقال: ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتي تكيله أو تزنه الا أن توليه الذي قام عليه «1». و المستفاد من هذه الرواية عدم جواز بيع المكيل و الموزون قبل الكيل و الوزن فلا ترتبط بالمقام.

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اشتريت متاعا فيه كيل او وزن فلا تبعه حتي تقبضه الا أن توليه فان لم يكن فيه كيل و لا وزن فبعه «2» و المستفاد من هذه الرواية عدم جواز بيع المكيل و الموزون قبل القبض إلا تولية فهذه الرواية تدل علي المدعي في المقام.

و منها: ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال في الرجل يبتاع الطعام ثم يبيعه قبل أن يكتاله قال: لا يصلح له ذلك «3» و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام كما تقدم في نظيرها.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه و ابو صالح عن ابي عبد اللّه عليه السلام مثل ذلك و قال: لا تبعه حتي تكيله «4» و الكلام فيها هو الكلام.

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يبيع الطعام او الثمرة و قد كان اشتراها و لم يقبضها قال: لا حتي يقبضها الا أن يكون معه قوم يشاركهم فيخرجه بعضهم من

نصيبه من شركته بربح أو يوليه بعضهم فلا بأس «5». و المستفاد من هذه الرواية عدم جواز بيع الطعام المشتري قبل القبض الا للشريك.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) نفس المصدر الحديث: 14

(5) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 158

______________________________

طعاما ثم باعه قبل أن يكيله قال: لا يعجبني أن يبيع كيلا أو وزنا قبل أن يكيله أو يزنه الا أن يوليه كما اشتراه اذا ربح فيه أو يضع و ما كان من شي ء عنده ليس بكيل و لا وزن فلا بأس أن يبيعه قبل أن يقبضه «1». و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام من احتكر طعاما او علفا او ابتاعه بغير حكرة و اراد أن يبيعه فلا يبيعه حتي يقبضه و يكتاله «2».

و المستفاد من هذه الرواية عدم جواز بيع الطعام المشتري و كذا العلف قبل القبض و الكيل.

و منها: ما رواه منصور «3». و هذه الرواية تدل علي عدم جواز بيع المتاع المشتري قبل القبض اذا كان من المكيل أو الموزون.

و منها: ما رواه ابن حجاج الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اشتري الطعام الي اجل مسمي فيطلبه التجار بعد ما اشتريته قبل أن اقبضه قال: لا بأس أن تبيع الي اجل اشتريت و ليس لك أن تدفع قبل أن تقبض «أو تقبض به» قلت:

فاذا قبضته جعلت فداك فلي أن ادفعه بكيله؟ قال: لا بأس بذلك اذا رضوا «4».

و هذه الرواية ضعيفة

بالكرخي.

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام انه مكروه بيع صك الورق حتي يقبض «5» و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 16

(2) نفس المصدر الحديث: 17

(3) لاحظ ص: 153

(4) الوسائل الباب 16 من أبواب أحكام العقود الحديث: 19

(5) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 159

______________________________

و منها: ما رواه حزام بن حكيم بن حزام قال: ابتعت طعاما من طعام الصدقة فأربحت فيه قبل أن اقبضه فأردت بيعه فسألت النبي صلي اللّه عليه و آله فقال:

لا تبعه حتي تقبضه «1». و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الي البحث في دلالتها.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهم السلام قال:

سألته عن رجل اشتري بيعا كيلا أو وزنا هل يصلح بيعه مرابحة؟ قال: لا بأس فان سمي كيلا أو وزنا فلا يصلح بيعه حتي تكيله أو تزنه «2» و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن الحسن و أما حديثا علي بن جعفر «3» أيضا فضعيفان سندا بعبد اللّه ابن الحسن فلا مجال لملاحظة مدلوليهما.

اذا عرفت ما تقدم نقول: مقتضي حديث منصور «4» التفصيل بين المكيل و الموزون و غيرهما بجواز البيع علي الاطلاق في الثاني و بعدم الجواز في الاول الا بالتولية و مقتضي حديث ابن جعفر «5» عدم جواز بيع الطعام قبل القبض إلا تولية و مقتضي حديث سماعة «6» عدم جواز بيع الطعام علي الاطلاق الا من الشريك فيقع التعارض بين الحديثين بالعموم من وجه و يجتمعان فان حديث سماعة يدل علي جواز البيع للشريك تولية و حديث ابن جعفر لا يعارضه و حديث ابن جعفر

______________________________

(1) نفس

المصدر الحديث: 21

(2) نفس المصدر الحديث: 22

(3) نفس المصدر الحديث: 23 و 24

(4) لاحظ ص: 157

(5) لاحظ ص: 156

(6) لاحظ ص: 157

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 160

[الفصل الثامن: النقد و النسيئة]

اشارة

الفصل الثامن: النقد و النسيئة:

من باع و لم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالا فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد (1) كما يجب عليه اخذه اذا دفعه اليه المشتري و ليس له الامتناع من أخذه (2) و اذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة (3).

______________________________

يدل علي جواز البيع تولية من الشريك و حديث سماعة لا يعارضه و يتعارضان في موردين: احدهما: البيع من الشريك بربح ثانيهما: البيع من غير الشريك بالتولية و الترجيح مع دليل الجواز لموافقته مع الكتاب فان مقتضي قوله تعالي:

«أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ «1» جوازه و اللّه العالم.

(1) الامر كما أفاده اذا لنسيئة تتوقف علي اشتراط التأخير فاذا باع و لم يشترط تأجيل الثمن يكون للبائع المطالبة بالثمن لأنه ملكه و لا وجه لحبسه و ان شئت قلت:

المالك مسلط علي ملكه و ليس لأحد أن يحول بينه و ماله الا بسبب من الاسباب.

(2) ادعي عليه الاجماع و التسالم و يمكن أن يستدل علي المدعي مضافا الي الاجماع بأن الثمن اما كلي و اما عين خارجية و علي كلا التقديرين لا يجوز الامتناع عن قبوله لان الامتناع عنه بلا رضي الطرف المقابل ينافي سلطنة المشتري علي ذمته و عن عهدته عن العين الخارجية المملوكة للبائع فاذا لا يرضي ببقاء الثمن الكلي في ذمته أو لا يرضي ببقاء الثمن الشخصي عنده يكون عدوانا من قبل البائع.

(3) شرط التأجيل ليس معناه تعليق العقد علي مجي ء الزمان المستقبل فان التعليق يفسد البيع و أيضا يلزم عدم صيرورة المبيع للمشتري و لا

يكون معناه تقييد العين بالزمان اذا لا عيان لا تتقيد بالزمان فلا معني لان يقال: الحنطة المقيدة بيوم فلان أو شهر فلان بل التأجيل عبارة عن اشتراط التأخير.

______________________________

(1) البقرة/ 275

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 161

______________________________

و في المقام شبهة و هي: ان مرجع هذا الاشتراط الي أن التأخير يكون حقا للمشتري و هذا الاشتراط خلاف الشرع اذ ليس لأحد التأخير في اداء حق الغير و من ناحية اخري لا يكون دليل الشرط مشرعا كي يقال: ان الاشتراط يوجب جوازه فما الحيلة و ما الوسيلة؟ و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بالإجماع و التسالم علي الجواز مضافا الي ما ورد من النصوص في باب السلم لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسلم في غير زرع و لا نخل قال: يسمي كيلا معلوما الي اجل معلوم الحديث «1».

و ما رواه أبو مريم الانصاري عن أبي عبد اللّه عليه السلام: ان أباه لم يكن يري بأسا بالسلم في الحيوان بشي ء معلوم الي اجل معلوم «2».

و ما رواه قتيبة الاعشي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسلم في أسنان من الغنم معلومة الي اجل معلوم فيعطي الرباع مكان الشي ء فقال: أ ليس تسلم في أسنان معلومة الي اجل معلوم؟ قلت: بلي قال: لا بأس «3».

و ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السلم و هو السلف في الحرير و المتاع الذي يصنع في البلد الذي انت به قال: نعم اذا كان الي اجل معلوم «4».

و ما رواه غياث ابن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لا بأس

بالسلم كيلا معلوما الي اجل معلوم و لا تسلمه الي دياس

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب السلف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 162

______________________________

و لا الي حصاد «1».

و ما رواه سليمان بن خالد في حديث انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يسلم في غير زرع و لا نخل قال: يسمي شيئا الي اجل مسمي «2».

و ما رواه حديد بن حكيم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل اشتري الجلود من القصاب فيعطيه كل يوم شيئا معلوما فقال: لا بأس به «3».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن السلم و هو السلف في الحرير و المتاع الذي يصنع في البلد الذي انت فيه قال: نعم اذا كان الي اجل معلوم و سألته عن السلم في الحيوان اذا وصفته الي اجل و عن السلف في الطعام كيلا معلوما الي اجل معلوم فقال: لا بأس به «4».

حيث ان المستفاد من تلك النصوص جواز التأجيل و يضاف الي ذلك انه لا اشكال في جواز الاذن في التأخير فيما يكون الثمن كليا كما انه لا اشكال في جواز الاذن في بقاء العين الشخصية عند المشتري و بعد فرض الجواز يجب العمل بالشرط و ليس للمشروط عليه نقضه اذ يجب الوفاء بالشرط و علي الجملة اذا اذن في البقاء في ضمن العقد بالشرط يلزمه و لا يمكنه التخلف.

و يضاف الي ذلك كله ما ورد من النص الخاص الدال علي جواز النسيئة لاحظ ما رواه أحمد بن محمد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: اني اريد الخروج الي بعض الجبال «الجبل خ ل» فقال: ما للناس

بد من أن يضطربوا سنتهم هذا فقلت له: جعلت فداك انا اذا بعناهم نسيئة كان أكثر للربح قال: فبعهم بتأخير سنة قلت:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 163

لا يجب علي المشتري دفعه قبل الاجل و ان طالبه به البائع (1) و لكن يجب علي البائع اخذه اذا دفعه اليه المشتري قبله الا أن تكون القرينة علي كون التأجيل حقا للبائع أيضا (2) و يجب أن يكون الاجل معينا لا يتردد فيه بين الزيادة و النقصان فلو جعل الاجل قدوم زيد أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ التمر أو نحو ذلك بطل العقد (3) و لو كانت معرفة

______________________________

بتأخير سنتين؟ قال: نعم قلت: بتأخير ثلاث؟ قال: لا «1».

و ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري من رجل جارية بثمن مسمي ثم افترقا فقال: وجب البيع و الثمن اذا لم يكونا اشترطا فهو نقد «2».

و ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر انه قال لأبي الحسن الرضا عليه السلام:

ان هذا الجبل قد فتح علي الناس منه باب رزق فقال: ان أردت الخروج فاخرج فانها سنة مضطرب و ليس للناس بد من معاشهم فلا تدع الطلب فقلت: انهم قوم ملاء و نحن نحتمل التأخير فنبايعهم بتأخير سنة قال: بعهم قلت: سنتين؟ قال:

بعهم قلت: ثلاث سنين؟ قال لا يكون لك شي ء أكثر من ثلاث سنين «3».

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض انه يتحقق له بالشرط تسلط علي الابقاء و مطالبة البائع لا تؤثر اذ قلنا انه يلزمه بالاشتراط و يجب عليه الوفاء وضعا.

(2) كما سبق فانه ليس

لأحد مزاحمة الغير نعم اذا كان الاشتراط علي نحو يكون للبائع أيضا حق الا بقاء له أن لا يقبل.

(3) ما يمكن أن يذكر في وجهه امور: الاول: الاجماع. و فيه انه هل يمكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 164

الاجل محتاجة الي الحساب مثل اول الحمل أو الميزان فالظاهر البطلان (1) نعم لو كان الاجل اول الشهر القابل مع التردد في الشهر الحالي بين الكمال و النقصان فالظاهر الصحة (2).

[مسائل]

[مسألة 1: لو باع شيئا بثمن نقدا و بأكثر منه مؤجلا]

(مسألة 1): لو باع شيئا بثمن نقدا و بأكثر منه مؤجلا بأن قال بعتك الفرس بعشرة نقدا و بعشرين الي سنة فقبل المشتري فالمشهور البطلان و هو الاظهر (3).

______________________________

تحصيل الاجماع الكاشف في المقام مع الاستدلال بالوجوه المذكورة.

الثاني: قياس المقام بالبيع المؤجل فانه يستفاد من جملة من النصوص الواردة في باب السلف جواز تأجيل المبيع «1». و فيه: انه ربما يقال: بأن ملاكات الاحكام مجهولة و لا وجه لقياس المقام بذلك الباب.

الثالث: انه نهي عن بيع الغرر لاحظ ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله: و نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن بيع المضطر و عن بيع الغرر «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا و ضعف الرواية الضعيفة لا ينجبر بالعمل مضافا الي أن الجهل مطلقا لا يستلزم الغرر الذي بمعني الخطر فالوجوه المذكورة لا تفي باثبات المدعي الا أن يقال: الامر ظاهر عند القوم و لا مجال للنقاش فلاحظ.

(1) للغرر.

(2) بلا كلام و لا اشكال فانه لا ريب في اغتفاره و السيرة جارية عليه.

(3) تارة يقع البحث من حيث القاعدة و اخري من حيث المستفاد من

النص الخاص فهنا مقامان: أما المقام الاول فنقول: الظاهر ان مقتضي القاعدة هو البطلان

______________________________

(1) لاحظ ص: 161- 162

(2) الوسائل الباب 40 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 165

______________________________

اذ البيع علي هذا النحو لم يتحقق. و بعبارة واضحة تارة بعد ايجاب البائع يقبل المشتري احد الامرين فالظاهر انه لا مانع من الصحة و اخري يقبل الانشاء المردد الصادر عن البائع كما هو ظاهر المتن فمقتضي القاعدة فساده اذ علي هذا لم تقع المعاملة علي شي ء و بعبارة اخري: البائع ينشئ انشاءين و يبيع بيعين و لكن المشتري لا يقبل احدهما فلا يتحقق عقد فلا يتم المعاملة.

و أما المقام الثاني فقد وردت في المقام عدة روايات: منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام قضي في رجل باع بيعا و اشترط شرطين بالنقد كذا و بالنسية كذا فأخذ المتاع علي ذلك الشرط فقال:

هو بأقل الثمنين و أبعد الاجلين يقول: ليس له الا أقلّ النقدين الي الاجل الذي أجله بنسية «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا مجال لملاحظة دلالتها.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام من باع سلعة فقال: ان ثمنها كذا و كذا يدا بيد و ثمنها كذا و كذا نظرة فخذها بأي ثمن شئت و جعل «و اجعل يب» صفقتها واحدة فليس له الا اقلهما و ان كانت نظرة قال: و قال عليه السلام: من ساوم بثمنين أحدهما عاجلا و الاخر نظرة فليسم أحدهما قبل الصفقة «2». و المستفاد من هذه الرواية ان المشتري اذا قبل احد النحوين يصلح البيع و يتم

البيع له باقل الثمنين مع الاجل.

و منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام في مناهي النبي صلي اللّه عليه و آله قال: و نهي عن بيعين في بيع «3». و هذه الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام العقود الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 166

[مسألة 2: لا يجوز تأجيل الثمن الحال]

(مسألة 2): لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بازيد منه بأن يزيد فيه مقدارا ليؤخره الي اجل (1).

______________________________

ضعيفة بالحسين بن زيد حيث انه لم يوثق.

و منها: ما رواه سليمان بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن سلف و بيع و عن بيعين في بيع و عن بيع ما ليس عندك و عن ربح ما يضمن «1».

و هذه الرواية تدل علي بطلان بيعين في بيع علي الاطلاق و نسبة حديث ابن قيس الي هذه الرواية نسبة المقيد الي المطلق و الخاص الي العام فبمقتضي القاعدة يقيد المطلق بالمقيد و يخصص العام بالخاص فنلتزم بالصحة في هذا الفرد الخاص.

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بعث رجلا الي أهل مكة و أمره أن ينهاهم عن شرطين في بيع «2».

و المراد من هذه الرواية اما النهي عن بيعين في بيع و اما أمر آخر فعلي الاول يكون الكلام فيها هو الكلام الذي مر في حديث سليمان بن صالح و علي الثاني لا ترتبط الرواية بالمقام و اللّه العالم.

(1) قال الشيخ الاعظم قدس سره: «لا خلاف- علي الظاهر من الحدائق- المصرح به في

غيره في عدم جواز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بازيد منه لأنه ربا لأن حقيقة الربا في القرض راجعة الي جعل الزيادة في مقابل امهال المقرض و تأخيره المطالبة الي اجل» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه. و يمكن الاستدلال

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 167

______________________________

مضافا الي ما ذكر من عدم الخلاف في عدم جوازه بوجوه الوجه الاول: ما عن ابن عباس قال: كان الرجل منهم اذا حل دينه علي غريمه فطالبه به قال المطلوب منه له: زدني في الاجل و ازيدك في المال فيتراضيان عليه و يعملان به فاذا قيل لهم هذا ربا قالوا هما سواء يعنون بذلك ان الزيادة في الثمن حال البيع و الزيادة فيه بسبب الاجل عند محل الدين سواء فذمهم اللّه به «1» فان هذه الرواية تدل بوضوح علي حرمة الزيادة لأجل التأخير.

الوجه الثاني: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام و الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انهما قالا في الرجل يكون عليه الدين الي اجل مسمي فيأتيه غريمه فيقول: انقدني من الذي لي كذا و كذا و أضع لك بقيته أو يقول انقد لي بعضا و امد لك في الاجل فيما بقي عليك قال: لا أري به بأسا ما لم يزدد علي رأس ماله شيئا يقول اللّه: لَكُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِكُمْ لٰا تَظْلِمُونَ وَ لٰا تُظْلَمُونَ «2». فان المستفاد من الحديث ان الزيادة للتأجيل حرام.

الوجه الثالث: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون له مع رجل مال قرضا فيعطيه الشي ء من ربحه مخافة أن يقطع ذلك عنه فيأخذ ماله

من غير أن يكون شرط عليه قال: لا بأس بذلك «به خ ل» ما لم يكن شرطا «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان اعطاء شي ء للدائن لأجل التأخير في المطالبة ما دام لا يكون بعنوان الشرط و الالزام لا بأس به.

______________________________

(1) مجمع البيان ج 2 ص: 389

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الصلح الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب الدين و القرض الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 168

و كذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الاجل (1) و يجوز عكس ذلك بأن يعجل المؤجل بنقصان منه علي وجه الصلح أو

______________________________

الوجه الرابع: النصوص الدالة علي جواز اعمال الحيلة الشرعية لتأجيل الدين لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل له مال علي رجل من قبل عينة عينها اياه فلما حال عليه المال لم يكن عنده ما يعطيه فأراد أن يقلب عليه و يربح أ يبيعه لؤلؤا أو غير ذلك ما يسوي مأئة درهم بألف درهم و يؤخره؟ قال: لا بأس بذلك و قد فعل ذلك أبي رضي اللّه عنه و أمرني أن افعل ذلك في شي ء كان عليه «1».

و ما رواه محمد بن اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام يكون لي علي الرجل دراهم فيقول أخرني بها و أنا اربحك فأبيعه بجبة «حبة خ ل» تقوم علي بألف درهم بعشرة آلاف درهم أو قال: بعشرين ألفا و اؤخره بالمال قال: لا بأس «2».

و ما رواه محمد بن اسحاق بن عمار قال: قلت للرضا عليه السلام: الرجل يكون له المال فيدخل علي صاحبه يبيعه لؤلؤة تسوي مأئة درهم بألف درهم

و يؤخر عنه المال الي وقت قال: لا بأس به قد أمرني ابي ففعلت ذلك و زعم انه سأل ابا الحسن عليه السلام عنها فقال: مثل ذلك «3» فان المستفاد من هذه النصوص ان التأجيل مع العوض بهذا النحو و بهذه الحيلة جائز فلو كانت الزيادة جائزة بلا اعمال الحيلة لم يكن وجه لأعمالها.

(1) كما هو مورد بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و الحلبي «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب أحكام العقود الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 167

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 169

الابراء (1) و يجوز بيع الاكثر المؤجل بالاقل الحال في غير ما يكال و يوزن و أما فيهما فلا يجوز لأنه ربا (2) و لا يجوز في الدين المؤجل أن ينقل بعضه قبل حلول الاجل علي أن يؤجل له الباقي الي أجل آخر (3).

[مسألة 3: إذا اشتري شيئا نسيئة جاز شرائه منه قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره]

(مسألة 3): اذا اشتري شيئا نسيئة جاز شرائه منه قبل حلول الاجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره مساويا له أو زائدا عليه أو ناقصا عنه حالا كان البيع الثاني أو مؤجلا (4) نعم اذا اشترط البائع علي المشتري في البيع الاول أن يبيعه عليه بعد شرائه بأقل مما اشتراه به أو شرط المشتري علي البائع في البيع الاول أن يشتريه منه بأكثر

______________________________

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية و يدل عليه حديث محمد بن مسلم و الحلبي.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع هذا في غير المكيل و الموزون و أما فيهما فلا يجوز للزوم الربا كما في المتن.

(3) لا أدري ما الوجه في عدم الجواز مع التصريح بعدم البأس في حديث محمد بن مسلم و الحلبي.

(4) لعدم دليل علي

المنع و مقتضي ادلة صحة البيع جوازه بل يدل علي الجواز بعض النصوص الخاصة لاحظ ما رواه بشار بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبيع المتاع بنساء فيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه قال: نعم لا بأس به فقلت له: اشتري متاعي؟ فقال: ليس هو متاعك و لا بقرك و لا غنمك «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب أحكام العقود الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 170

مما اشتراه به فان المشهور فيه البطلان و هو الاظهر (1).

[الحاق في المساومة و المرابحة و المواضعة و التولية]

اشارة

الحاق في المساومة و المرابحة و المواضعة و التولية:

التعامل بين البائع و المشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشتري به البائع السلعة و اخري لا يكون كذلك و الثاني يسمي مساومة و هذا هو الغالب المتعارف و الاول تارة يكون بزيادة علي رأس المال و اخري بنقيصة عنه و ثالثة بلا زيادة و لا نقيصة و الاول يسمي مرابحة و الثاني مواضعه و الثالث يسمي تولية (2).

______________________________

(1) في المقام حدثيان: احدهما: ما رواه الحسين بن المنذر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يجيئني الرجل فيطلب العينة فأشتري له المتاع مرابحة ثم أبيعه إياه ثم اشتريه منه مكاني قال: اذا كان بالخيار ان شاء باع و ان شاء لم يبع و كنت أنت بالخيار ان شئت اشتريت و ان شئت لم تشتر فلا بأس فقلت: ان أهل المسجد يزعمون ان هذا فاسد و يقولون: ان جاء به بعد أشهر صلح قال: انما هذا تقديم و تاخير فلا بأس «1» و هذه الرواية ضعيفة بالحسين بن المنذر حيث انه لم يوثق.

ثانيها: ما رواه علي بن جعفر «2» و هذه الرواية تامة سندا و

حيث ان عدم البأس علق في كلامه عليه السلام علي عدم الاشتراط يستفاد فساد البيع معه و لكن الظاهر من الرواية صورة الاشتراط من قبل البائع فلا وجه لتسرية الحكم إلي جانب المشتري كما في المتن و اللّه العالم.

(2) قال في الحدائق في مقام بيان أقسام البيع بالنسبة الي الاخبار بالثمن و عدمه:

«لا يخلو عن اقسام اربعة: لأنه اما أن يخبر بالثمن أولا الثاني المساومة و الاول

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 130

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 171

[مسألة 1: لا بد في جميع الأقسام الثلاثة من ذكر الثمن تفصيلا]

(مسألة 1): لا بد في جميع الاقسام الثلاثة من ذكر الثمن تفصيلا (1) فلو قال: بعتك هذه السلعة برأس مالها و زيادة درهم أو بنقيصة درهم أو بلا زيادة و لا نقيصة لم يصح حتي يقول بعتك هذه السلعة بالثمن الذي اشتريتها به و هو مائة درهم بزيادة درهم مثلا أو نقيصة أو بلا زيادة و لا نقيصة (2).

[مسألة 2: إذا قال البائع: بعتك هذه السلعة بمائة درهم و ربح في كل عشرة]

(مسألة 2): اذا قال البائع: بعتك هذه السلعة بمائة درهم و ربح في كل عشرة فان عرف المشتري ان الثمن مائة و عشرة دراهم صح البيع بل الظاهر الصحة اذا لم يعرف المشتري ذلك حال البيع و يعرفه بعد الحساب و كذلك الحكم في المواضعة كما اذا قال: بعتك بمائة

______________________________

اما يبيعه برأس ماله أو بزيادة عليه او بنقيصة عنه و الاول التولية و الثاني المرابحة و الثالث المواضعة» الي آخره.

(1) و الدليل عليه ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام انا نبعث بالدراهم لها صرف الي الاهواز فيشتري لنا به المتاع ثم نلبث فاذا باعه وضع عليه صرف فاذا بعناه كان علينا أن نذكر له صرف الدراهم في المرابحة و يجزينا عن ذلك؟ فقال: لا بل اذا كانت المرابحة فاخبره بذلك و ان كانت مساومة فلا بأس «1».

(2) فان المستفاد من رواية اسماعيل انه لا بد من الذكر مضافا الي انه لو لم يذكر يلزم الغرر الذي بنوا علي بطلان البيع بلزومه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب أحكام العقود

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 172

درهم مع خسران درهم في كل عشرة (1).

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني

منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 172

[مسألة 3: إذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب علي البائع مرابحة أن يخبر الأجل]

(مسألة 3): اذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب علي البائع مرابحة أن يخبر الاجل فان اخفي تخير المشتري بين الرد و الامساك بالثمن (2).

[مسألة 4: إذا اشتري جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع افرادها مرابحة بالتقويم إلا بعد الإعلام]

(مسألة 4): اذا اشتري جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع افرادها مرابحة بالتقويم الا بعد الاعلام (3).

______________________________

(1) للإطلاق المنعقد في حديث اسماعيل فان مقتضي اطلاقه هو الجواز مع ذكر راس المال و الربح هذا فيما لا يكون فيه غرر و اما معه فعلي القول ببطلان بيع الغرر يشكل الالتزام بالصحة لمانعية الغرر عن صحة البيع و الجواز المستفاد من حديث اسماعيل ناظر الي هذه المرابحة المذكورة في كلام الراوي في الحديث لا الصحة علي الاطلاق من جميع الجهات.

(2) الظاهران الوجه فيه: ان للأجل قسطا من الثمن فاذا أخفي الاجل لم يبع مرابحة فالمشتري الفسخ لأنه خلاف الشرط الضمني و الظاهر من حديث اسماعيل بن عبد الخالق بطلان البيع و اللّه العالم.

(3) لحديث اسماعيل بن عبد الخالق فان المستفاد منه اشتراط بيع المرابحة ببيان الثمن و لحديث محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يشتري المتاع جميعا بثمن ثم يقوم كل ثوب بما يسوي حتي يقع علي رأس ماله يبيعه مرابحة ثوبا ثوبا قال: لا حتي يبين له انه انما قومه «1».

و حديث أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يشتري المتاع جميعا بالثمن ثم يقوم كل ثوب بما يسوي حتي يقع علي رأس ماله جميعا

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 173

[مسألة 5: إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال]

(مسألة 5): اذا تبين كذب البائع في اخباره برأس المال كما اذا أخبر أن رأس ماله مائة و باع بربح عشرة و كان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع و تخير المشتري بين فسخ البيع و امضائه بتمام الثمن المذكور في العقد و هو مائة و عشرة (1).

[مسألة 6: إذا اشتري سلعة بثمن معين مثل مائة درهم و لم يعمل فيها شيئا كان ذلك رأس مالها]

(مسألة 6): اذا اشتري سلعة بثمن معين مثل مائة درهم و لم يعمل فيها شيئا كان ذلك رأس مالها و جاز له الاخبار بذلك (2) أما اذا عمل في السلعة عملا فان كان باجرة جاز ضم الاجرة الي رأس المال فاذا كانت الاجرة عشرة جاز له أن يقول: بعتك السلعة برأس مالها مائة و عشرة و ربح كذا (3) و ان كان العمل بنفسه و كان له

______________________________

أ يبيعه مرابحة؟ قال: لا حتي يبين له انما قوله «1» مضافا الي دعوي الاجماع علي الحكم.

(1) هذا هو المشهور بين القوم علي ما في الحدائق و تقريب الصحة مع الخيار ان التراضي بين البائع و المشتري وقع علي هذا المقدار من الثمن فيصح البيع و أما الخيار فلأجل كذب البائع و اشتراط الخيار الضمني و لكن الذي يختلج بالبال أن يقال ان مقتضي حديث اسماعيل بن عبد الخالق بطلان البيع فلاحظ.

(2) كما هو ظاهر واضح و لا اشكال فيه.

(3) بتقريب: ان رأس ماله في العين المذكورة الثمن و العشرة الزائدة فيصح القول المذكور و لا موجب للفساد و لا للخيار.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 174

اجرة لم يجز له أن يضم الاجرة الي رأس المال بل يقول: رأس المال مائة و عملي يساوي كذا و بعتكها بما ذكر و ربح كذا (1) و اذا اشتري معيبا

فرجع علي البائع بالارش كان الثمن ما بقي بعد الارش (2) و لو اسقط البائع بعض الثمن تفضلا منه أو مجازاة علي الاحسان لم يسقط ذلك من الثمن بل رأس المال هو الثمن في العقد (3).

[الفصل التاسع الربا]

اشارة

الفصل التاسع الربا و هو قسمان: الاول: ما يكون في المعاملة (4).

______________________________

(1) اذ المفروض ان العمل عمل نفسه فلا يكون رأس المال الا مائة و أما مع بيان رأس المال و التصريح بعمله فيه فلا وجه للفساد كما هو ظاهر.

(2) لان الثمن في الحقيقة المقدار الباقي بعد الارش فلا بد من اخراج الارش.

(3) اذ الاسقاط لا يوجب تغييرا في الثمن كما لو وهبه شيئا آخر فهل يتوهم ارتباطه بالثمن.

(4) و هو المبحوث عنه في المقام و لا اشكال في حرمته و ادعي في الجواهر ان حرمته بالكتاب لاحظ قوله تعالي: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبٰا لٰا يَقُومُونَ إِلّٰا كَمٰا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطٰانُ مِنَ الْمَسِّ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قٰالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبٰا وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا فَمَنْ جٰاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهيٰ فَلَهُ مٰا سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَي اللّٰهِ وَ مَنْ عٰادَ فَأُولٰئِكَ أَصْحٰابُ النّٰارِ هُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ يَمْحَقُ اللّٰهُ الرِّبٰا وَ يُرْبِي الصَّدَقٰاتِ وَ اللّٰهُ لٰا يُحِبُّ كُلَّ كَفّٰارٍ أَثِيمٍ «1»».

______________________________

(1) البقرة/ 274

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 175

______________________________

و قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعٰافاً مُضٰاعَفَةً وَ اتَّقُوا اللّٰهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» «1» و السنة لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: درهم ربا «عند اللّه يب ية» اشد من سبعين زنية كلها بذات محرم «2».

و ما رواه سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال: اخبث المكاسب

كسب الربا «3» و لاحظ بقية الروايات في الباب: 1 من أبواب الربا من الوسائل.

و باجماع المؤمنين بل المسلمين ثم قال: «بل لا يبعد كونه من ضروريات الدين».

و في المقام شبهة و هي: ان المستفاد من الاية الكريمة حرمة الزيادة فلا تكون المعاملة باطلة بل الزيادة حرام تكليفا. و يذب الاشكال المذكور مضافا الي التسالم علي بطلان بيع الربوي انه لا كلام في حرمة الزيادة و عدم صيرورتها ملكا لمن يأخذها فلا يصح البيع بالنسبة اليها و عدم الصحة بالنسبة اليها يستلزم البطلان علي الاطلاق لان المفروض ان المقصود لم يقع و غير المقصود لا مقتضي لصحته و لا يقاس المقام بالعقد الواقع علي الشاة و الخنزير اذ المفروض وقوع مقدار من الثمن مقابل الشاة و مقدار منه في مقابل الخنزير فالبطلان بالنسبة الي الخنزير لا يستلزم البطلان بالنسبة الي الشاة اضف الي ذلك ان وحدة السياق تقتضي الحرمة الوضعية فان قوله تعالي: «أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» «4» ارشاد الي الصحة الوضعية فبمقتضي وحدة السياق يكون المراد من قوله تعالي: «وَ حَرَّمَ الرِّبٰا» 5 الفساد الوضعي

______________________________

(1) آل عمران/ 129

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الربا الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) (4 و 5) البقرة/ 274

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 176

الثاني: ما يكون في القرض و يأتي حكمه في كتاب القرض ان شاء اللّه تعالي (1).

أما الاول: فهو بيع احد المثلين بالاخر مع زيادة عينية في أحدهما كبيع من من الحنطة بمنين أو من من الحنطة بمن و درهم (2) أو زيادة حكمية كبيع من من حنطة نقدا بمن من حنطة نسيئة (3).

______________________________

فالنتيجة ان البيع الربوي فاسد وضعا.

(1) و نتعرض لشرح كلامه هناك ان شاء اللّه

تعالي فانتظر.

(2) قال في الجواهر: «و كيف كان فهو اي الربا يثبت في البيع بلا خلاف بين المسلمين بل هو كالضروري من الدين لكن مع وصفين: احدهما: اتحاد الثمن و المثمن في الجنسية و الثاني كونهما مما يعتبران بالكيل و الوزن» انتهي.

(3) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي امور: منها: الاجماع. و فيه ان تتحقق الاجماع اول الكلام فان السيد اليزدي قدس سره أفاد: بأنه عن الأردبيلي قدس سره عدم الربا في الزيادة الحكمية و علي فرض تحقق الاجماع و حصوله يحتمل كونه مدركيا.

و منها: ما رواه خالد بن الحجاج قال: سألته عن الرجل كانت لي عليه مأئة درهم عددا قضانيها مأئة وزنا قال: لا بأس ما لم يشترط و قال: جاء الربا من قبل الشروط انما يفسده الشروط «1» بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان الربا من قبل الشروط. و فيه ان السند ضعيف فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته.

و منها: ان المستفاد من الدليل اشتراط المثلية في الاجناس الربوية لاحظ ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال: يا عمر قد أحل اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الصرف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 177

و هل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات؟ قولان و الاظهر اختصاصه بما كانت المعاوضة فيه بين العينين سواء أ كانت بعنوان البيع أم بعنوان الصلح مثل صالحتك علي أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي (1).

______________________________

البيع و حرم الربا بع و اربح و لا تربه قلت: و ما الربا؟ قال: دراهم بدراهم مثلين بمثل و حنطة بحنطة مثلين بمثل «1».

و ما رواه الحلبي

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الفضة بالفضة مثلا بمثل و الذهب بالذهب مثلا بمثل ليس فيه زيادة و لا نقصان الزائد و المستزيد في النار «2».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: الدقيق بالحنطة و السويق بالدقيق مثل بمثل لا بأس به «3».

فان المستفاد من هذه الروايات اشتراط المماثلة و بالشرط لا تتحقق المماثلة فتبطل المعاملة. و الانصاف: ان الجزم بهذا التقريب مشكل فان الظاهر منها اشتراط المماثلة في العوضين بأن لا يكون احدهما أزيد عن الاخر و هذا العنوان لا يزول بالاشتراط و ان ابيت فلا أقلّ من الاجمال فالادلة الاولية الدالة علي الصحة محكمة.

(1) قال السيد اليزدي قدس سره: «الاقوي ما هو المشهور من جريان الربا في غير البيع من المعاوضات خلافا للحلي و العلامة فخصاه بالبيع و القرض» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه و لا يبعد أن يكون الامر كذلك بمقتضي جملة من النصوص:

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الربا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الصرف الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب الربا الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 178

______________________________

منها: ما رواه الحلبي «1» فان المستفاد من هذه الرواية اشتراط أن يكون الفضة في مقابلها مثلا بمثل و مقتضي اطلاق الرواية عدم اختصاص الحكم في الذهب.

و منها: ما رواه أبو بصير و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الحنطة و الشعير رأسا برأس لا يزداد واحد منهما علي الاخر «2» فان المستفاد من الرواية ان الحنطة في مقابل الشعير بلا زيادة احدهما علي الاخر. و منها: ما رواه زرارة «3» و التقريب هو التقريب.

و منها: جملة اخري من الروايات لاحظ

ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أ يجوز قفيز من حنطة بقفيزين من شعير؟ فقال:

لا يجوز الا مثلا بمثل ثم قال: ان الشعير من الحنطة «4».

و ما رواه صفوان عن رجل من أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الحنطة و الدقيق لا بأس به رأسا برأس «5».

و ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحنطة بالدقيق فقال:

اذا كان سواء فلا بأس و الا فلا «6».

و ما رواه سيف التمار قال: قلت لأبي بصير: احب أن تسأل أبا عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 177

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث 3

(3) لاحظ ص: 177

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب الربا الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 179

أما اذا لم تكن المعاوضة بين العينين كالصلح في مثل صالحتك علي أن تهب لي تلك العشرة و أهب لك هذه الخمسة و كالإبراء في مثل ابرأتك علي الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك علي و نحوها فالظاهر الصحة (1).

______________________________

عن رجل استبدل قوصرتين فيهما بسر مطبوخ بقوصرة فيها تمر مشقق قال: فسأله أبو بصير عن ذلك فقال: هذا مكروه فقال أبو بصير و لم يكره؟ فقال: ان علي بن أبي طالب عليه السلام كان يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر لان تمر المدينة أدونهما و لم يكن علي عليه السلام يكره الحلال «1».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كان علي عليه السلام

يكره أن يستبدل وسقا من تمر خيبر بوسقين من تمر المدينة لان تمر خيبر أجودهما «2».

و ما رواه ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يكره أن يستبدل و سقين من تمر المدينة بوسق من تمر خيبر «3» و ما رواه محمد ابن قيس قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يكره وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر لان تمر المدينة أجودهما «4» فالنتيجة ان الحكم عام كما في المتن و اللّه العالم.

(1) لخروج الفرض عن موضوع نصوص المنع فان المنهي عنه المقابلة بين الزائد و الناقص في الاجناس الربوية و في المقام لا يكون كذلك كما هو ظاهر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الربا الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 180

يشترط في تحقق الربا في المعاملة امران: الاول: اتحاد الجنس و الذات عرفا (1).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام عندهم و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه الحلبي «1» و ما رواه الوليد بن صبيح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الذهب بالذهب و الفضة بالفضة الفضل بينهما هو الربا المنكر «2».

و ما رواه محمد عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: في الورق بالورق وزنا بوزن و الذهب بالذهب وزنا بوزن «3».

و ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تبيعوا درهمين بدرهم قال: و منع التصريف و قال: من كانت عنده دراهم فسول فليبعهن بأثمانهن بما شاء من المتاع «4».

و ما رواه الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في

مناهي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: و نهي عن بيع الذهب بالذهب زيادة الا وزنا بوزن «5».

و ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الدرهم بالدرهم و الرصاص فقال: الرصاص باطل «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 177

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الصرف الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 181

______________________________

و ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يبيع الرجل الطعام الاكرار فلا يكون عنده ما يتم له ما باعه فيقول له: خذ مني مكان كل قفيز حنطة قفيزين من شعير حتي تستوفي ما نقص من الكيل قال: لا يصلح لان أصل الشعير من الحنطة و لكن يرد عليه الدراهم بحساب ما ينقص من الكيل «1».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «2» و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: لا يباع مختومان من شعير بمختوم من حنطة و لا يباع الا مثلا «مثل» بمثل و التمر «و الثمن خ ل» مثل ذلك قال: و سئل عن الرجل يشتري الحنطة فلا يجده صاحبها الا شعيرا أ يصلح له أن يأخذ اثنين بواحدة؟ قال:

انما أصلهما واحد و كان علي عليه السلام يعد الشعير بالحنطة «3».

و ما رواه محمد بن مسلم في حديث قال: اذا اختلف الشيئان فلا بأس به مثلين بمثل يدا بيد «4».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي ء من الاشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه

مثلين بمثل يدا بيد فأما نظرة فلا يصلح «5».

و ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال المختلف مثلان بمثل يدا بيد لا بأس 6.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 178

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث: 4

(4) الوسائل: الباب 13 من أبواب الربا الحديث: 1

(5) (5 و 6) نفس المصدر الحديث: 2 و 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 182

______________________________

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل اشتري سمنا ففضل له فضل أ يحل له أن يأخذ مكانه رطلا او رطلين زيت؟ قال اذا اختلفا و تراضيا فلا بأس «1».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن الطعام و التمر و الزبيب فقال: لا يصلح شي ء منه اثنان بواحد الا أن يصرفه نوعا الي نوع آخر فاذا صرفته فلا بأس اثنين بواحد و اكثر «من ذلك يه» «2».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: الكيل يجري مجري واحد قال: و يكره قفيز لوز بقفيزين و قفيز تمر بقفيزين و لكن صاع حنطة بصاعين تمر و صاع تمر بصاعين زبيب اذا اختلف هذا و الفاكهة اليابسة تجري مجري واحد و قال: لا بأس بمعاوضة المتاع ما لم يكن كيلا أولا وزنا «كيل او وزن خ ل» «3».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن الزيت بالسمن اثنين بواحد قال: يد بيد لا بأس «4».

و ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن البيضة بالبيضتين قال: لا بأس به و الثوب بالثوبين قال: لا بأس به

و الفرس بالفرسين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 183

و ان اختلفت الصفات فلا يجوز بيع من من الحنطة الجيدة بمنين من الرديئة و لا بيع من من الارز الجيد كالعنبر بمنين منه أو من الردي ء كالحويزاوي (1) أما اذا اختلفت الذات فلا بأس كبيع من من الحنطة بمنين من الارز (2).

______________________________

فقال: لا بأس به ثم قال: كل شي ء يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل اذا كان من جنس واحد فاذا كان لا يكال و لا يوزن فلا بأس به اثنين بواحد «1».

و المراد بالجنس النوع المنطقي الذي هو جنس عرفي لغوي و ضابطه أن يكون له اسم خاص و لم يكن تحته قدر مشترك يسمي باسم خاص كالحنطة و التمر و الزبيب و الذهب و الفضة و نحوها مما يكون الاقدار المشتركة التي تحتها اصنافا لها و ليس لها اسم خاص بل تذكر مع الوصف فيقال: الحنطة الحمراء أو الصفراء او الجيدة أو الرديئة أو نحو ذلك و كذلك في بقية المذكورات و علي ما ذكر فمثل الطعام و الحب و نحوهما مما يكون تحته اقدار مشتركة كالحنطة و الشعير و الماش و العدس لا تعد جنسا واحدا فلا يكون مثل الحنطة و الماش من جنس واحد.

(1) لإطلاق النصوص الواردة في المقام فان مقتضي اطلاق النهي عن الزيادة في المماثل عدم الفرق في الخصوصيات كالجودة و الرداءة و يدل علي المدعي جملة من النصوص: لاحظ أحاديث سيف التمار و عبد اللّه بن سنان و ابن مسكان و محمد ابن قيس «2».

(2) كما هو ظاهر اذ المفروض اختلاف الجنس.

______________________________

(1) الوسائل

الباب 16 من أبواب الربا الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 178 و 179

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 184

الثاني: أن يكون كل من العوضين من المكيل او الموزون (1).

فان كان مما يباع بالعد كالبيض و الجوز فلا بأس فيجوز بيع بيضة

______________________________

(1) بلا كلام و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون الربا الا فيما يكال أو يوزن «1» و ما رواه عمر بن يزيد «2».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا يكون الربا الا فيما يكال أو يوزن «3».

و ما رواه أبو الربيع الشامي قال: كره أبو عبد اللّه عليه السلام قفيز لوز بقفيزين لوز و قفيزا من تمر بقفيزين من تمر «4».

و ما رواه منصور قال: سألته عن الشاة بالشاتين و البيضة بالبيضتين قال: لا بأس ما لم يكن كيلا أو وزنا «5».

و أما كون الميزان في المكيل و الموزون بزمان النّبيّ صلي اللّه عليه و آله فلا دليل عليه و الاجماع المدعي في المقام لا يكون حجة فانه قد ثبت في محله انه لا اعتبار بالإجماع المنقول و علي الجملة الظاهر من الادلة ان حرمة الربا كبقية الاحكام رتبت علي المكيل و الموزون علي نحو القضية الحقيقية ففي كل مورد و في كل زمان تحقق الموضوع يترتب عليه حكمه و لا خصوصية لزمان النبي الاكرم صلي اللّه عليه و آله و سلم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الربا الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 176

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب الربا الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 185

ببيضتين و جوزة

بجوزتين (1).

[مسألة 1: الحنطة و الشعير في باب الربا جنس واحد]

(مسألة 1): الحنطة و الشعير في باب الربا جنس واحد فلا يباع من من حنطة بمنين من الشعير (2) و ان كانا في باب الزكاة جنسين فلا يضم احدهما الي الاخر في تكميل النصاب فلو كان عنده نصف

______________________________

(1) لعدم دخوله في موضوع الحرمة فلا وجه لها.

(2) لجملة من النصوص لاحظ احاديث هشام و عبد الرحمن و أبي بصير و الحلبي «1».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و لا يصلح الشعير بالحنطة الا واحد بواحد «2».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن الحنطة و الشعير فقال: اذا كانا سواء فلا بأس قال:

و سألته عن الحنطة و الدقيق «بالدقيق خ ل» فقال: اذا كانا سواء فلا بأس «3».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا يصلح الحنطة و الشعير الا واحدا بواحد و قال: الكيل يجري مجري واحدا «4».

و ما رواه محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تبع الحنطة بالشعير إلا يدا بيد و لا تبع قفيزا من حنطة بقفيزين من شعير الحديث «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 181 و 178

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 186

نصاب حنطة و نصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة (1) و الظاهر ان العلس ليس من جنس الحنطة و السلت ليس من جنس الشعير (2).

[مسألة 2: اللحوم و الألبان و الأدهان تختلف باختلاف الحيوان]

(مسألة 2): اللحوم و الالبان و الادهان تختلف باختلاف الحيوان فيجوز بيع حقة من لحم الغنم بحقتين من لحم البقر و كذا الحكم في لبن الغنم

بلبن البقر فانه يجوز بيعهما مع التفاضل (3).

[مسألة 3: التمر بأنواعه جنس واحد]

(مسألة 3): التمر بانواعه جنس واحد (4) و الحبوب كل واحد منها جنس فالحنطة و الارز و الماش و الذرة و العدس و غيرها كل واحد

______________________________

(1) و الوجه فيه انه لا اشكال في عدم اتحادهما جنسا فعدم الاحتساب في باب الزكاة علي طبق القاعدة الاولية و انما خرجنا عن القاعدة في المقام للنصوص الخاصة.

(2) أما علي تقدير صحة السلب فالامر ظاهر و أما مع الشك في الصدق فايضا لا يلحقان بهما حكما لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية بل يمكن احراز عدم الصدق بالاستصحاب بناء علي ما بنينا عليه من جريانه في الشبهات المفهومية.

(3) قال في الجواهر: «و اللحوم مختلفة في الجنس بحسب اختلاف اسماء الحيوان بلا خلاف بل في التذكرة الاجماع عليه و الاشتراك في اسم اللحم لا يقتضي الاتحاد كالاشتراك في اسم الحيوان».

و الامر كما أفاده و بعبارة اخري: مجرد اشتراك جنسين تحت جامع واحد و عنوان فارد لا يوجب كونهما من جنس واحد و الا يلزم اتحاد جميع الاجناس لاشتراكها في عنوان الشي ء و هو كما تري فالميزان ما تقدم في بيان وحدة الجنس و تعدده.

(4) فان كل واحد من أفراده مصداق للتمر و انما الاختلاف في الخصوصيات فانه تارة يوصف بالرطب و اخري باليابس و ثالثة باضافته الي نخل خاص و هكذا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 187

جنس (1) و الفلزات من الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص و غيرها كل واحد منها جنس برأسه (2).

[مسألة 4: الضأن و المعز جنس واحد]

(مسألة 4) الضأن و المعز جنس واحد (3) و البقر و الجاموس جنس واحد (4) و الابل العراب و البخاتي جنس واحد (5) و الطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس واحد

في مقابل غيره فالعصفور غير الحمام و كل ما يختص باسم من الحمام جنس في مقابل غيره فالفاختة و الحمام المتعارف جنسان (6) و السمك جنس واحد علي قول و اجناس علي قول آخر و هو أقوي (7).

______________________________

(1) فان كل واحد منها له عنوان خاص و لا اشتراك بينها الا العنوان الجامع العام الذي يجمع المختلفات و المتشتتات.

(2) الامر فيها كما في الحبوب طابق النعل بالنعل.

(3) الامر كما أفاده و العرف ببابك قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع في محكي الكتابين عليه لدخولهما تحت لفظ الغنم الظاهر في أنه اسم للنوع الذي لا يقدح في اتحاد الحقيقة فيه مثل هذا الاختلاف كالإنسان».

(4) قال في الجواهر في شرح قول المصنف في هذا المقام: «اجماعا في المحكي عن الغنية و التذكرة مؤيدا بما تقدم في باب الزكاة لدخولهما تحت لفظ البقر لغة» إلي آخر كلامه.

(5) قال في الجواهر: «بلا خلاف أيضا و الاجماع في محكي الكتابين عليه نحو ما عرفت» انتهي.

(6) الامر كما أفاده فان هذا هو الميزان في الاتحاد و التعدد.

(7) الانصاف ان الجزم باحد الطرفين مشكل اذ السموك بجميعها داخلة تحت

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 188

[مسألة 5: الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي]

(مسألة 5): الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي فالبقر الاهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما و كذا الحمار الاهلي و الوحشي و الغنم الاهلي و الوحشي (1).

[مسألة 6: كل اصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد]

(مسألة 6): كل اصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد و كذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة و الدقيق و الخبز و كالحليب و اللبن و الجبن و الزبد و السمن و كالبسر و الرطب و التمر و الدبس (2).

______________________________

عنوان السمك كما ان جميع أقسام التمر داخل تحت عنوان التمر و من ناحية اخري السمك له أنواع خاصة يغاير كل منها الأنواع الاخر و اذا وصلت النوبة الي الشك يشكل الجزم بالحكم لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

(1) الانصاف انه لا فرق بينهما من حيث كونهما داخلين تحت مفهوم واحد و هو الضابط الكلي كما تقدم فان لم يتم اجماع تعبدي علي الحكم يشكل الالتزام بالجواز و طريق الاحتياط ظاهر.

(2) ادعي عليه عدم الخلاف بل الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له ما تقول في البسر بالسويق؟ فقال: مثلا بمثل لا بأس؟ قلت: انه يكون له ريع «أو أي خ ل» انه يكون له فضل فقال: أ ليس له مؤنة؟ فقلت: بلي قال: هذا بذا و قال: اذا اختلف الشيئان فلا بأس مثلين بمثل يدا بيد «1» و ما رواه صفوان «2» و ما رواه زرارة «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الربا الحديث 1

(2) لاحظ ص: 178

(3) لاحظ ص: 177

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 189

[مسألة 7: إذا كان الشي ء مما يكال أو يوزن و كان فرعه لا يكال و لا يوزن جاز بيعه مع اصله بالتفاضل]

(مسألة 7): اذا كان الشي ء مما يكال أو يوزن و كان فرعه لا يكال و لا يوزن جاز بيعه مع اصله بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون و الثياب المنسوجة منه التي ليست منه فانه يجوز بيعها به مع التفاضل و كذلك القطن

و الكتان و الثياب المنسوجة منهما (1).

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم و زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: الحنطة بالدقيق مثلا بمثل و السويق بالسويق مثلا بمثل و الشعير بالحنطة مثلا بمثل لا بأس به «1» و ما رواه سماعة «2» و ما رواه علي بن ابراهيم مرسلا «3».

و يمكن الاستدلال بما ورد في بعض النصوص الدالة علي اتحاد الحنطة و الشعير من حيث الحكم لاحظ ما رواه هشام و عبد الرحمن «4» فان عموم التعليل يقتضي عموم الحكم و العمدة الوجه الاخير اذ الاجماع مخدوش اولا فعن الأردبيلي الخدشة في هذه الكلية و ثانيا علي فرض تحققه يمكن أن يكون مدركيا فلا يكون كاشفا تعبديا عن رأي المعصوم عليه السلام و اما النصوص الدالة علي وحدة الحكم في جملة من الموارد فلا أثر لها للحكم الكلي لأنها واردة في تلك الموارد فقط و الكلية تحتاج الي الدليل و أما مرسل علي بن ابراهيم «5» فغير معتبر لإرساله و كون المرسل مثله لا يفيد كما حققناه في محله فليس الا عموم التعليل المقتضي لتسرية الحكم و اللّه العالم.

(1) فان الحكم تابع لموضوعه و بعبارة اخري: كل موضوع شرط بالنسبة الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 185

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب الربا الحديث: 12

(4) لاحظ ص: 181

(5) الوسائل الباب 17 من أبواب الربا الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 190

[مسألة 8: إذا كان الشي ء في حال موزونا أو مكيلا و في حال أخري ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلا في الحال الأولي]

(مسألة 8): اذا كان الشي ء في حال موزونا أو مكيلا و في حال اخري ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلا في الحال الاولي و جاز في الحال الثانية (1).

[مسألة 9: الأحوط عدم جواز بيع لحم حيوان بحيوان حي بجنسه]

(مسألة 9): الاحوط عدم جواز بيع لحم حيوان بحيوان حي بجنسه بل بغير جنسه أيضا كبيع لحم الغنم ببقرة و ان كان الاظهر الجواز في الجميع (2).

[مسألة 10: إذا كان للشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف كالرطب يصير تمرا و العنب يصير زبيبا و الخبز اللين يكون يابسا]

(مسألة 10): اذا كان للشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف كالرطب يصير تمرا و العنب يصير زبيبا و الخبز اللين يكون يابسا يجوز بيعه جافا بجاف منه و رطبا برطب منه متماثلا (3) و لا يحوز

______________________________

حكمه المترتب عليه و مع فرض تحقق الشرط يتحقق المشروط.

(1) الكلام فيه هو الكلام فان الاحكام الشرعية مترتبة علي موضوعاتها ففي كل زمان تحقق الموضوع يترتب عليه حكمه.

(2) و المدرك في هذا الحكم ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام كره بيع اللحم بالحيوان «1».

و الظاهر من الرواية الحكم التكليفي ان قلت: المذكور في الرواية عنوان الكراهة و هذا العنوان اعم من الحرمة قلت: الامر و ان كان كما ذكرت لكن قد ذكر في بعض الروايات ان عليا عليه السلام لم يكن يكره الحلال لاحظ ما رواه سيف التمار «2» فالنتيجة انه يشكل الجزم بالجواز و الاحتياط طريق النجاة.

(3) كما هو ظاهر اذ لا موجب لعدم الجواز.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الربا

(2) لاحظ ص: 178

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 191

متفاضلا (1) و أما بيع الرطب منه بالجفاف متماثلا ففيه اشكال (2) و الاظهر الجواز علي كراهة (3).

______________________________

(1) لحرمة الربا.

(2) منشأ الاشكال عدم التماثل في المقدار فان الجاف أزيد.

(3) لأنه يصدق التماثل في الوزن و بعبارة اخري: الرطوبة الموجودة في الرطب ليست خارجة و لا تحسب اجنبيا عنها و علي الجملة يصدق بيع احد المصداقين بالمصداق الاخر بلا تفاضل فيجوز هذا بحسب

القاعدة الاولية و أما بحسب النصوص الخاصة فالروايات مختلفة في المقام فمنها ما يدل علي عدم الجواز لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يصلح التمر اليابس بالرطب من أجل أن التمر يابس و الرطب رطب فاذا يبس نقص الحديث «1».

و ما رواه داود الابزاري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: لا يصلح التمر بالرطب ان التمر يابس و الرطب رطب «2».

و ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

لا يصلح التمر بالرطب ان الرطب رطب و التمر يابس فاذا يبس الرطب نقص «3».

و في قبالها ما يدل علي الجواز لاحظ ما رواه سماعة قال: سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن العنب بالزبيب قال: لا يصلح الا مثلا بمثل قال: و التمر و الرطب بالرطب مثلا بمثل «4».

فان مقتضي هذه الرواية الجواز و الترجيح مع دليل الجواز لموافقته مع

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب الربا الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 192

و لا يجوز بيعه متفاضلا حتي بمقدار الزيادة بحيث اذا جف يساوي الجفاف (1).

[مسألة 11: إذا كان الشي ء يباع جزافا في بلد و مكيلا أو موزونا في آخر فلكل بلد حكم نفسه]

(مسألة 11): اذا كان الشي ء يباع جزافا في بلد و مكيلا أو موزونا في آخر فلكل بلد حكم نفسه و جاز بيعه متفاضلا في الاول و لا يجوز في الثاني (2) و أما اذا كان مكيلا أو موزونا في غالب البلاد فالاحوط لزوما أن لا يباع متفاضلا مطلقا (3).

______________________________

الكتاب فان مقتضي اطلاق قوله تعالي: «أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» «1» هو الجواز و يمكن أن يقال: ان مقتضي رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر

عليه السلام في حديث ان أمير المؤمنين عليه السلام كره أن يباع التمر بالرطب عاجلا بمثل كيله الي اجل من أجل ان التمر ييبس فينقص من كيله «2»، حرمته تكليفا فان المستفاد من هذه الرواية ان عليا عليه السلام كره أن يباع التمر بالرطب و من ناحية اخري لم يكن عليه السلام يكره الحلال و اللّه العالم.

(1) للربا و لحديث سماعة المتقدم ذكره آنفا.

(2) لتبعية الحكم لموضوعه ففي كل مكان يترتب الحكم المترتب علي ذلك الموضوع. و بعبارة واضحة الاحكام الشرعية مجعولات علي موضوعاتها علي نحو القضية الحقيقية فالنتيجة اختلاف الحكم مع اختلاف الموضوع.

(3) الظاهر ان الوجه انه في مفروض الكلام يصدق ان الشي ء الفلاني من المكيلات أو من الموزونات و علي هذا لا يجوز التفاضل فيه حتي بالنسبة الي ذلك المكان الذي يباع فيه جزافا و الحق أن يقال: انه لو احرز كون شي ء داخلا في

______________________________

(1) البقرة/ 275

(2) المصدر السابق الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 193

[مسألة 12: يتخلص من الربا بضم غير الجنس إلي الطرف الناقص]

(مسألة 12): يتخلص من الربا بضم غير الجنس الي الطرف الناقص بأن يبيع منا من الحنطة و درهما بمنين من الحنطة و بضم غير الجنس الي كل من الطرفين و لو مع التفاضل فيهما كما لو باع درهمين و منين من حنطة بدرهم و من منها (1).

______________________________

موضوع المكيل أو الموزون يترتب عليه حكم الجنس الربوي و ان احرز عدمه فلا يترتب و ان شك يمكن احراز عدمه باستصحاب العدم الازلي و اللّه العالم.

(1) نقل عليه الاتفاق و الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها:

ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألته عن الصرف فقلت له: الرفقة ربما عجلت فخرجت فلم نقدر علي الدمشقية و البصرية

و انما يجوز نيسابور الدمشقية و البصرية فقال: و ما الرفقة؟ فقلت: القوم يترافقون و يجتمعون للخروج فاذا عجلوا فربما لم يقدروا علي الدمشقية و البصرية فبعثنا بالغلة فصرفوا ألفا و خمسين منها بألف من الدمشقية و البصرية فقال: لا خير في هذا فلا يجعلون فيها ذهبا لمكان زيادتها فقلت له: أشتري ألف درهم و دينارا بألفي درهم فقال: لا بأس بذلك ان أبي كان أجرأ علي أهل المدينة مني فكان يقول: هذا فيقولون: انما هذا الفرار لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم و لو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار و كان يقول لهم:

نعم الشي ء الفرار من الحرام الي الحلال «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان محمد بن المنكدر يقول لأبي عبد اللّه عليه السلام يا أبا جعفر رحمك اللّه و اللّه انا لنعلم أنك لو أخذت دينارا و الصرف بثمانية عشر فدرت المدينة علي أن تجد من يعطيك عشرين ما وجدته

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الصرف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 194

[مسألة 13: المشهور علي أنه لا ربا بين الوالد و ولده]

(مسألة 13): المشهور علي أنه لا ربا بين الوالد و ولده فيجوز لكل منهما بيع الاخر مع التفاضل (1).

______________________________

و ما هذا الافرار فكان أبي يقول: صدقت و اللّه و لكنه فرار من باطل الي حق «1».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألته عن رجل يأتي بالدراهم الي الصير في فيقول له: آخذ منك المائة بمائة و عشرين أو بمائة و خمسة حتي يراوضه علي الذي يريد فاذا فرغ جعل مكان الدراهم الزيادة دينارا أو ذهبا قال له: قد زادتك البيع و انما ابايعك علي هذا لان الاول لا يصلح

أو لم يقل ذلك و جعل ذهبا مكان الدراهم فقال:

اذا كان آخر البيع علي الحلال فلا بأس بذلك قلت فان جعل مكان الذهب فلوسا قال: ما أدري ما الفلوس «2».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الدراهم بالدراهم و عن فضل ما بينهما فقال: اذا كان بينهما خامس أو ذهب فلا بأس «3».

و منها: ما رواه الحسن بن صدقة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك اني أدخل المعادن و أبيع الجوهر بترابه بالدنانير و الدراهم قال:

لا بأس به قلت: و أنا أصرف الدراهم بالدراهم و اصير الغلة وضحا و اصير الوضح غلة قال: اذا كان فيها ذهب فلا بأس قال: فحكيت ذلك لعمار بن موسي الساباطي فقال لي: كذا قال لي أبوه ثم قال لي: الدنانير أين تكون؟ قلت: لا أدري قال عمار: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: يكون مع الذي ينقص «4».

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عمرو

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 20 من أبواب الربا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 195

و كذا بين الرجل و زوجته (1) و بين المسلم و الحربي اذا اخذ المسلم الزيادة و لكنه مشكل و الاحوط وجوبا تركه (2) نعم يجوز اخذ الربا

______________________________

ابن جميع عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: ليس بين الرجل و ولده ربا و ليس بين السيد و عبده ربا «1» و هذه الرواية ضعيفة بمعاذ بن ثابت بل و بغيره أيضا ظاهرا.

و منها: ما

رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: ليس بين الرجل و ولده و بينه و بين عبده و لا بين اهله ربا انما الربا فيما بينك و بين مالا تملك قلت: فالمشركون بيني و بينهم ربا؟ قال: نعم قلت: فانهم مما ليك فقال: انك لست تملكهم انما تملكهم مع غيرك انت و غيرك فيهم سواء فالذي بينك و بينهم ليس من ذلك لان عبدك ليس مثل عبدك و عبد غيرك «2» و هذه الرواية ضعيفة بالضرير.

و مثلها في الضعف حديث زرارة و محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام مثله الا انه قال: لان عبدك ليس عبد غيرك «3» و عمل المشهور بهذه الروايات علي تقدير تحققه لا أثر له.

(1) و يدل عليه ما رواه زرارة و الحديث ضعيف بالضرير و يدل عليه مرسل الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: ليس بين المسلم و بين الذمي ربا و لا بين المرأة و بين زوجها ربا «4» و المرسل لا اعتبار به.

(2) لاحظ ما رواه عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: ليس بيننا و بين أهل حربنا ربا نأخذ منهم ألف ألف درهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الربا الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 196

من الحربي بعد وقوع المعاملة من باب الاستنقاذ (1).

[مسألة 14: الأظهر عدم جواز الربا بين المسلم و الذمي]

(مسألة 14): الاظهر عدم جواز الربا بين المسلم و الذمي (2) و لكنه بعد وقوع المعاملة يجوز اخذ الربا منه (3) من جهة قاعدة الالزام (4).

______________________________

بدرهم و نأخذ منهم و لا نعطيهم «1» و

قد مر ضعف الرواية.

(1) لا اشكال في جواز الاخذ من باب الاستنقاذ لكن الظاهر من كلام الماتن جواز العقد الربوي مع الحربي و مقتضي ادلة حرمة المعاملة الربوية تكليفا حرمتها.

(2) يدل علي الجواز مرسل الصدوق «2» و المرسل لا اعتبار به و ما ذكرناه في الحربي جار في المقام أيضا اي لا يجوز المعاملة الربوية مع الذمي.

(3) فما دام لم تقع المعاملة لا يجوز لعدم موضوع للقاعدة و بعبارة اخري:

يتوقف انطباق القاعدة علي تحقق المعاملة و تحققها حرام تكليفا.

(4) الظاهران مدرك القاعدة أمران: احدهما: الاجماع و حاله في الاشكال ظاهر ثانيهما: النصوص فلا بد من ملاحظتها سندا و دلالة كي نري هل يمكن الالتزام بها؟ فنقول: من تلك الروايات ما رواه علي بن أبي حمزة انه سأل أبا الحسن عليه السلام عن المطلقة علي غير السنة أ يتزوجها الرجل؟ فقال: الزموهم من ذلك ما ألزموه انفسهم و تزوجوهن فلا بأس بذلك «3» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني و بالارسال.

و منها: ما رواه جعفر بن سماعة انه سئل عن امرأة طلقت علي غير السنة إلي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 195

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 197

______________________________

ان أتزوجها؟ فقال: نعم فقلت له: أ لست تعلم ان علي بن حنظلة روي: اياكم و المطلقات ثلاثا علي غير السنة فانهن ذوات أزواج؟ فقال: يا بني رواية علي بن أبي حمزة أوسع علي الناس روي عن أبي الحسن عليه السلام انه قال: ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم و تزوجوهن فلا بأس بذلك «1» و هذه الرواية ضعيفة بجعفر بن سماعة مضافا الي انه لا تستفاد من الرواية

القاعدة السارية في جميع الموارد بل تختص بالعامة و الكلام في المقام في أهل الذمة.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن العلوي قال: سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام عن تزويج المطلقات ثلاثا فقال لي: ان طلاقكم «الثلاث» لا يحل لغيركم و طلاقهم يحل لكم لأنكم لا ترون الثلاث شيئا و هم يوجبونها «2» و هذه الرواية ضعيفة بجعفر بن محمد.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن محرز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

رجل ترك ابنته و اخته لأبيه و امه قال: المال كله لابنته و ليس للأخت من الاب و الام شي ء فقلت: انا قد احتجنا الي هذا و الرجل الميت من هؤلاء الناس و اخته مؤمنة عارفة قال: فخذ لها النصف خذوا منهم ما يأخذون منكم في سنتهم و قضائهم و أحكامهم قال: فذكرت ذلك لزرارة فقال: ان علي ما جاء به ابن محرز لنورا خذهم بحقك في أحكامهم و سنتهم كما يأخذون منكم فيه «3» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال و بغيره.

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الاحكام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) تهذيب الاحكام ج 9 ص: 321 حديث 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 198

______________________________

قال: يجوز علي أهل كل ذي دين بما يستحلون «1» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و منها: ما رواه ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السلام مع بعض أصحابنا فأتاني الجواب بخطه: فهمت ما ذكرت من أمر ابنتك و زوجها الي أن قال: و

من حنثه بطلاقها غير مرة فانظر فان كان ممن يتولانا و يقول بقولنا فلا طلاق عليه لأنه لم يأت أمرا جهله و ان كان ممن لا يتولانا و لا يقول بقولنا فاختلعها منه فانه انما نوي الفراق بعينه «2» و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام و انما يستفاد منها حكم خاص في مورد مخصوص.

و منها: مرسل الهيثم بن أبي مسروق قال: ذكر عند الرضا عليه السلام بعض العلويين ممن كان ينتقصه فقال: أما انه مقيم علي حرام قلت: جعلت فداك و كيف و هي امرأته؟ قال: لأنه قد طلقها قلت: كيف طلقها؟ قال: طلقها و ذلك دينه فحرمت عليه «3» و الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه عبد الرحمن البصري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

امراة طلقت علي غير السنة فقال: يتزوج هذه المرأة لا تترك بغير زوج «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألته عن رجل طلق امرأته لغير عدة ثم امسك عنها حتي انقضت عدتها هل يصلح لي أن أتزوجها؟ قال: نعم لا تترك المراة بغير زوج «5» و الحديثان لا يرتبطان بالمقام و يستفاد منهما حكم خاص في

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 9 ص: 322 حديث 11

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 199

______________________________

مورد مخصوص.

و مما ذكرنا يظهر الجواب عن حديث عبد الاعلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يطلق امر أنه ثلاثا قال: ان كان مستخفا بالطلاق ألزمته ذلك «1».

و أيضا مما ذكرنا يظهر الجواب عن حديث أبي العباس البقباق قال:

دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: ارو عني أن من طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد فقد بانت منه «2».

و منها: ما أرسله الصدوق قال. و قال عليه السلام: من كان يدين بدين قوم لزمته أحكامهم «3» و المرسل لا اعتبار به و الحديث ضعيف أيضا بطريقه الاخر.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن طاوس قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: ان لي ابن اخ زوجته ابنتي و هو يشرب الشراب و يكثر ذكر الطلاق فقال: ان كان من اخوانك فلا شي ء عليه و ان كان من هؤلاء فأبنها منه فانه عني الفراق قال: قلت أ ليس قد روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اياكم و المطلقات ثلاثا في مجلس فانهن ذوات ازواج فقال: ذلك من إخوانكم لا من هؤلاء انه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم «4».

و الرواية ضعيفة سندا أيضا فعلي هذا لا بد من اتمام الامر بالتسالم و الاجماع و هل يمكن تحصيل الاجماع التعبدي الكاشف في المقام الا أن يقال: قاعدة الالزام و صحتها أوضح من أن تخفي و تحتاج الي الاستدلال و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 200

[مسألة 15: الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل و الموزون لا يجري فيها الربا]

(مسألة 15): الاوراق النقدية لما لم تكن من المكيل و الموزون لا يجري فيها الربا فيجوز التفاضل في البيع بها (1) لكن اذا لم تكن المعاملة شخصية لا بد في صحة المعاملة من امتياز الثمن عن المثمن كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي أو بالريال الايراني مثلا و لا يجوز بيع الدينار العراقي بمثله في الذمة (2) نعم

ان تنزيل الاوراق لا بأس به (3) و أما ما يتعارف في زماننا من اعطاء سند بمبلغ من الاوراق النقدية من دون أن يكون في ذمته شي ء فيأخذه آخر فينزله عند شخص ثالث باقل منه فالظاهر عدم جواز ذلك (4) نعم لا بأس به في المصارف غير الاهلية بجعل ذلك وسيلة الي أخذ مجهول المالك و التصرف فيه بعد اصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي (5).

______________________________

(1) الامر كما أفاده و لا يحتاج إلي البحث و الاستدلال.

(2) الظاهران الوجه في البطلان في الصورة المفروضة عدم صدق البيع عليه اذا الثابت في الذمة قبل البيع و بعده شي ء واحد و ليس الا مجرد اللفظ و لقلقة اللسان.

(3) اذا كان المراد من التنزيل بيع ما في الذمة باقل من شخص ثالث كما هو ظاهر من عبارة المتن بقرينة ما بعدها فالظاهر هو الجواز اذا كان البيع بالاكثر أيضا كما ان مقتضي القاعدة الجواز و لو كان البيع من المديون أيضا.

(4) و الوجه في البطلان ان البيع بلا مبيع باطل و لا يترتب عليه اثر و المفروض انه لا واقع له.

(5) هذا مبني علي القول بكون اموال الهيئة الحاكمة في الحكومات التي لا تكون شرعية من مصاديق مجهول المالك فعلي تقدير كونه كذلك لا بد من ترتيب

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 201

[الفصل العاشر بيع الصرف]

اشارة

الفصل العاشر بيع الصرف:

و هو بيع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة (1) و لا فرق بين المسكوك منهما و غيره (2).

[مسألة 1: يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق]

(مسألة 1): يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل

______________________________

حكم مجهول المالك عليه و لنا في هذا المقام كلام و لا يبعد عندنا كون الهيئة مالكة لأموالها و قد ذكرنا ما يرتبط بهذه المسألة في رسالة مفردة من المسائل المستحدثة و ان شئت فراجع تلك الرسالة و اللّه العالم.

(1) قال في الجواهر «1» في تعريف الصرف-: «و هو لغة الصوت و شرعا أو متشرعية بيع الاثمان الي الذهب و الفضة مسكوكين أولا بالاثمان» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في الفردوس مقامه لاحظ ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يبتاع رجل فضة بذهب الا يدا بيد و لا يبتاع ذهبا بفضة إلا يدا بيد «2».

و لاحظ ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اشتريت ذهبا بفضة أو فضة بذهب فلا تفارقه حتي تأخذ منه و ان نزي حائطا فانز معه «3» فان المستفاد من الحديثين ان بيع الصرف يتحقق ببيع الذهب أو الفضة بالفضة أو الذهب اعم من المسكوك و غيره.

(2) يستفاد المدعي من النصوص.

______________________________

(1) ج 24 ص: 3

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الصرف الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 202

الافتراق فلو لم يتقابضا حتي افترقا بطل البيع (1) و لو تقابضا في بعض المبيع صح فيه و بطل في غيره (2) و لو باع النقد مع غيره بنقد صفقة

______________________________

(1) قال في الجواهر- في شرح قول المحقق قدس سره-: «علي الاشهر بل

المشهور نقلا و تحصيلا شهرة عظيمة كادت تكون اجماعا» الي أن قال: «و في الغنية الاجماع عليه بل ظاهره اجماع المسلمين حيث نفي الخلاف منا و منهم» الي آخره و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن قيس و منصور «1».

و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألته عن الرجل يشتري من الرجل الدرهم بالدنانير فيزنها و ينقدها و يحسب ثمنها كم هو دينارا ثم يقول: أرسل غلامك معي حتي اعطيه الدنانير فقال: ما احب أن يفارقه حتي يأخذ الدنانير فقلت:

انما هم في دار واحدة و أمكنتهم قريبة بعضها من بعض و هذا يشق عليهم فقال:

اذا فرغ من وزنها و انتقادها «و انقادها خ ل» فليأمر الغلام الذي يرسله أن يكون هو الذي يبايعه و يدفع اليه الورق و يقبض منه الدنانير حيث يدفع اليه الورق «2».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يبتاع الذهب بالفضة مثلين بمثل قال: لا بأس به يدا بيد «3».

(2) ادعي عدم الخلاف فيهما و يدل علي الفساد ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ابتاع من رجل بدينار و أخذ بنصفه بيعا و بنصفه ورقا قال: لا بأس و سألته هل يصلح أن يأخذ بنصفه ورقا أو بيعا و يترك نصفه حتي

______________________________

(1) لاحظ ص: 201

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الصرف الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 203

واحدة و لم يتقابضا حتي افترقا صح في غير النقد و بطل في النقد (1).

[مسألة 2: لو فارقا المجلس مصطحبين و تقابضا قبل الافتراق صح البيع]

(مسألة 2): لو فارقا المجلس مصطحبين و تقابضا قبل الافتراق صح البيع (2).

[مسألة 3: لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين]

(مسألة 3): لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين

______________________________

يأتي بعد فيأخذ به ورقا أو بيعا فقال: ما احب أن أترك منه شيئا فلا تفعله «1» فان قوله عليه السلام: «لا تفعله» ارشاد الي الفساد في الكل و قوله عليه السلام- في الصدر: «لا احب» ليس نصا في الصحة بل اعم فلاحظ.

(1) تارة يكون البيع متعددا و لكل بيع مبيع مستقل غاية الامر جمعا في إنشاء واحد و صفقة واحدة و اخري يكون البيع واحدا واقعا علي مبيع واحد أما الصورة الاولي فالظاهر انه لا اشكال في صحة بيع غير الصرف لتمامية المقتضي و عدم المانع و أما الصورة الثانية فلا يبعد أن يستفاد من حديث الحلبي المتقدم ذكره آنفا فسادها.

مضافا الي اشكال في المقام و هو ان العقود تابعة للقصود فان قصد بيع مركب بما هو مركب لا يمكن التجزية بين أجزائه بالالتزام بالصحة في بعضها و الفساد في الاخر و بعبارة اخري: وقع العقد بالمقيد و من الظاهر ان المقيد ينتفي بانتفاء قيده فالصحة تحتاج الي دليل خارجي و أما بحسب القاعدة الاولية فمقتضاها البطلان لكن قد مر منا انه يمكن التفكيك بين الصحة في البعض و الفساد في البعض الأخر بما دل علي صحة البيع فيما يملك و الفساد فيما لا يملك.

(2) بلا خلاف كما في الجواهر و يدل المدعي بوضوح ما رواه منصور «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص 201

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 204

بل تختص شرطيته بالبيع (1).

[مسألة 4: لا يجري حكم الصرف علي الاوراق النقدية]

(مسألة 4): لا يجري حكم الصرف علي الاوراق النقدية كالدينار العراقي و النوط الهندي و التومان الايراني والد و لار و الپاون و نحوها من الاورق المستعملة في هذه الازمنة استعمال

النقدين فيصح بيع بعضها ببعض و ان لم يتحقق التقابض قبل الافتراق كما انه لا زكاة فيها (2).

[مسألة 5: إذا كان له في ذمة غيره دين من احد النقدين فباعه عليه بنقد آخر و قبض الثمن قبل التفرق صح البيع]

(مسألة 5): اذا كان له في ذمة غيره دين من احد النقدين فباعه عليه بنقد آخر و قبض الثمن قبل التفرق صح البيع و لا حاجة الي قبض المشتري ما في ذمته (3) و لو كان له دين علي زيد فباعه علي عمرو بنقد و قبضه من عمرو و وكل عمرو زيدا علي قبض ما في ذمته ففي صحته بمجرد التوكيل اشكال بل لا يبعد عدم الصحة حتي يقبضه زيد و بعينه في مصداق بعينه (4).

______________________________

(1) لاختصاص الدليل بالبيع فلا وجه لاشتراطه في الصلح.

(2) كما هو ظاهر فان عنوان الموضوع في الادلة الذهب و الفضة فعليه لا مقتضي لجريانه في الاوراق النقدية و بعبارة اخري: خروجها خروج موضوعي و بالتخصص فلاحظ.

(3) فانه لا مجال للقبض في مفروض الكلام اذ نتيجة تملك ما في النفس هو السقوط فلا موضوع للقبض.

(4) اذ مجرد التوكيل لا يوجب تحقق القبض فلا بد من قبض زيد و تعينه في مصداق بعينه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 205

[مسألة 6: إذا اشتري منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو علي غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني]

(مسألة 6): اذا اشتري منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو علي غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني (1) فاذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع الاول (2) فان أجاز البيع الثاني و أقبضه صح البيع الثاني أيضا (3) و اذا لم يقبضها حتي افترقا بطل البيع الاول و الثاني (4).

[مسألة 7: إذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حولها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك]

(مسألة 7): اذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حولها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك و تحول ما في الذمة الي دنانير و ان لم يتقابضا و كذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له حولها دراهم و قيل المديون فانه يصح و تتحول الدنانير الي دراهم (5).

______________________________

(1) لأنه قبل القبض لا يكون مملوكا له فالبيع الثاني وارد علي مال الغير فلا يصح.

(2) فان شرط البيع الاول يتحقق بالقبض فيصح.

(3) بمقتضي صحة الفضولي مع الاجازة علي ما هو المقرر.

(4) فان بطلان البيع الاول لأجل عدم تحقق شرطه و هو التقابض و بعد فرض فساد الأول لا مجال لصحة الثاني فان صحة الثاني متفرعة علي صحة البيع الاول.

(5) الدليل عليه حديث اسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام تكون للرجل عندي من الدراهم الوضح فيلقاني فيقول: كيف معر الوضح اليوم؟

فاقول له: كذا فيقول: أ ليس لي عندك كذا و كذا ألف درهم وضحا؟ فاقول:

بلي فيقول لي: حولها دنانير بهذا السعر و اثبتها لي عندك فما تري في هذا؟ فقال لي: اذا كنت قد استقصيت له السعر يومئذ فلا بأس بذلك فقلت: اني لم اوازنه و لم اناقده انما كان كلام مني و منه فقال: أ ليس الدراهم من عندك و الدنانير

مباني منهاج الصالحين،

ج 8، ص: 206

و كذلك الحكم في الاوراق النقدية اذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من جنس الي آخر (1).

[مسألة 8: لا يجب علي المتعاملين بالصرف اقباض المبيع أو الثمن]

(مسألة 8): لا يجب علي المتعاملين بالصرف اقباض المبيع أو الثمن حتي لو قبض احدهما لم يجب عليه اقباض صاحبه و لو كان للمبيع أو الثمن نماء قبل القبض كان لمن انتقل عنه لا لمن انتقل اليه (2).

[مسألة 9: الدراهم و الدنانير المغشوشة ان كانت رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها و اتفاقها و المعاملة بها]

(مسألة 9): الدراهم و الدنانير المغشوشة ان كانت رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها و اتفاقها و المعاملة بها سواء أ كان غشها

______________________________

من عندك؟ قلت: بلي قال: فلا بأس بذلك «1».

و حديث عبيد بن زرارة قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لي عنده دراهم فآتيه فاقول: حولها دنانير من غير أن اقبض شيئا قال لا بأس قلت:

يكون لي عنده دنانير فآتيه فاقول: حولها دراهم و اثبتها عندك و لم اقبض منه شيئا قال: لا بأس «2».

(1) الظاهر من الحديثين جواز التحويل بما هو و بعبارة اخري: عنوان التحويل و التعويض بما هو يصح في موردهما لأجل التعبد و عليه يشكل الجزم باجرائه في غير النقدين كالأوراق النقدية و اللّه العالم.

(2) لعدم ما يقتضي الوجوب و بعبارة اخري: وجوب التقابض في المجلس وجوب شرطي لا تكليفي فلا يجب و حيث انه ما دام لم يحصل التقابض لا يتحقق الملكية يكون نماء المبيع للبائع و نماء الثمن للمشتري كما في المتن.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الصرف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 207

مجهولا أم معلوما و سواء أ كان مقدار الغش معلوما أم مجهولا (1).

______________________________

(1) بلا خلاف بل يمكن تحصيل الاجماع عليه فضلا عن محكيه للسيرة القطعية بعد الاصل هكذا في الجواهر. و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

اشتري الشي ء بالدراهم فاعطي الناقص الحبة و الحبتين قال: لا حتي تبينه ثم قال: الا أن يكون نحو هذه الدراهم الاوضاحية التي تكون عندنا عددا «1» فان المستفاد من هذه الرواية انه يجوز اذا كان رايج المعاملة بين الناس.

و يؤيد المدعي حديث أبي العباس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الدراهم المحمول عليها فقال: اذا أنفقت ما يجوز بين أهل البلد فلا باس و ان ان انفقت ما لا يجوز بين أهل البلد فلا «2».

و ما رواه حريز بن عبد اللّه قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فدخل عليه قوم من أهل سجستان فسألوه عن الدراهم المحمول عليها فقال: لا بأس اذا كان جواز المصر «3» و أما رواية الجعفي قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فالقي بين يديه دراهم فألقي إلي درهما منها فقال: ايش هذا فقلت: ستوق فقال: و ما الستوق؟ فقال: طبقتين فضة و طبقة من نحاس و طبقه من فضة فقال: اكسرها فانه لا يحل بيع هذا و لا انفاقه «4» الدالة علي وجوب الكسر فضعيفة سندا فالنتيجة هو الجواز مع الرواج و مقتضي اطلاق حديث عبد الرحمن جواز الخرج و الانفاق علي الاطلاق كما في المتن.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الصرف الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 208

و ان لم تكن رائجة فلا يجوز خرجها و انفاقها و المعاملة بها الا بعد اظهار حالها (1).

[مسألة 10: يجوز تصريف الريال العراقي بأربعة دراهم عراقية]

(مسألة 10): يجوز تصريف الريال العراقي بأربعة دراهم عراقية فان الريال و ان كان ينقص عن اربعة دراهم وزنا الا ان المعاملة انما تقع عليها بما

انها معدودات و لا نظر الي مقدار وزنها فلا يجري عليها أحكام الموزون و ان كانت مادتها من الموزون و يجري ذلك في تصريف سائر المسكوكات من الفضه أو النحاس الي ابعاضها مثل تصريف المجيدي و الروبية الي ارباعها أو انصافها و كذا امثالها من المسكوكات فانه يجوز و لو مع التفاضل بين الاصل و ابعاضه

______________________________

(1) بلا خلاف بل يمكن تحصيل الاجماع عليه فضلا عن محكيه- كما في الجواهر- و الوجه في عدم الجواز كونه مصداقا للغش الحرام و يؤكد المدعي حديث الجعفي و يدل عليه حديث عبد الرحمن «1».

و أما حديث عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن انفاق الدراهم المحمول عليها فقال: اذا جازت الفضة المثلين فلا بأس «2» و حديث معمر أو عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في انفاق الدراهم المحمول عليها فقال:

اذا كان الغالب عليها الفضة فلا بأس بانفاقها «3» فلا بد من تقييدهما بحديث عبد الرحمن الا أن يقال يجوز مع الاعلام مطلقا فيلغو العنوان المأخوذ في حديث عمر بن يزيد اللهم الا أن يقال انه اذا صدق عنوان الغش يكون حراما بلا كلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 207

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الصرف الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 209

كما هو الغالب (1) نعم لا يجوز ذلك في المسكوكات الذهبية فانها من الموزون فلا يجوز تصريفها الي ابعاضها مع التفاضل إلا مع الضميمة (2).

[مسألة 11: يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون في الذهب و الفضة المغشوشين]

(مسألة 11): يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون في الذهب و الفضة المغشوشين (3) اذا كان الغش غير مستهلك (4) و كان له قيمة في حال كونه غشا و

لا يكفي أن يكون له قيمة علي تقدير التصفية (5). فاذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل (6) و ان كان أحدهما مغشوشا دون الاخر جاز التفاضل

______________________________

و لا اشكال و اللّه العالم.

(1) فان الربا يختص بالمكيل و الموزون فاذا لم يكن منهما يجوز التفاضل فيه كما هو ظاهر.

(2) الظاهران المسكوكات الذهبية في هذا الزمان ليست من الموزونات و هذا امر عرفي خارجي و تشخيص الموضوعات بيد العرف.

(3) اذا لمستفاد من الدليل كفاية الضميمة للتخلص من الربا فلا فرق بين مصاديقها و منها ما ذكر.

(4) اذ مع الاستهلاك لا موضوع للضميمة.

(5) فان الدليل الدال علي كفاية الضميمة في التخلص لا يشمل ما لا قيمة له و بعبارة اخري: مقتضي ادلة حرمة الربا حرمته علي الاطلاق و انما خرج مورد ضم شي ء ذي مالية ففي مورد ضم ما لا مالية له يؤخذ باطلاق دليل المنع الا أن يقال: ان ضم الضميمة يوجب الجواز و يخرج المعاملة عن كونها ربوية فلاحظ.

(6) كما هو ظاهر و لا يلزم الربا قطعا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 210

اذا كانت الزيادة في الخالص و لا يصح اذا كانت الزيادة في المغشوش (1).

[مسألة 12: الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب]

(مسألة 12): الالات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب اذا كان أكثر من الذهب المحلي بها (2) و الا لم يجز (3) نعم لو بيع السيف المحلي بالسيف المحلي جاز مطلقا و ان كانت الحلية في احدهما أكثر من الحلية في الاخر (4).

[مسألة 13: الكلبتون المصنوع من الفضة يجوز بيعه بالفضة]

(مسألة 13): الكلبتون المصنوع من الفضة يجوز بيعه بالفضة اذا كانت أكثر منه وزنا أو مساويا له و المصنوع من الذهب يجوز

______________________________

(1) اذ لو كانت الزيادة في المغشوش لا تكون اضافة الضميمة اليه مؤثرة فان التفاضل بعد موجود و أما اذا فرضت الزيادة في الخالص يتخلص بالضميمة المفروضة في المغشوش عن الربا فانه يجعل شرعا تلك الزيادة في مقابل الضميمة.

(2) و الوجه فيه ان الزائد يجعل في مقابل الآلة فلا يلزم الربا.

(3) اذ يلزم الربا لأنه لو لم يكن أكثر فاما يكون مساويا في مقدار الذهب الموجود في المقابل و اما يكون أقلّ و علي كلا التقديرين يلزم التفاضل اما علي الثاني فظاهر و أما علي الاول فلكون الآلة تكون زيادة فيلزم الربا و لزوم الربا متوقف علي كونه داخلا في الموزون.

(4) اذ المفروض ان الضميمة موجودة في كلا الطرفين فلا يلزم الربا و أما حديث ابراهيم بن هلال قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جام فيه فضة و ذهب أشتريه بذهب أو فضة؟ فقال: ان كان يقدر علي تخليصه فلا و ان لم يقدر علي تخليصه فلا بأس «1» فهو ضعيف سندا و لا يبعد أن يكون الوجه في الجواز كونه خارجا

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الصرف الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 211

بيعه بالذهب اذا كان أكثر منه وزنا أو مساويا له (1).

[مسألة 14: إذا اشتري فضة معينة بفضة أو بذهب و قبضها قبل التصرف فوجدها جنسا آخر رصاصا أو نحاسا أو غيرهما بطل البيع]

(مسألة 14): اذا اشتري فضة معينة بفضة أو بذهب و قبضها قبل التصرف فوجدها جنسا آخر رصاصا أو نحاسا أو غيرهما بطل البيع (2) و ليس له المطالبة بالابدال (3) و لو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه و صح في الباقي (4).

______________________________

عن الموزون.

(1) لا يبعد أن يكون

الوجه في الجواز عدم كون الكلبتون من المكيل و الموزون لكن عليه اذا كان الكلبتون أكثر وزنا يلزم الجواز أيضا و اللّه العالم.

(2) اذ المفروض ان العقد وقع علي الفضة و انكشف الخلاف و بعبارة اخري:

ما وقع عليه العقد و قصد الصورة النوعية من الفضة و ما في الخارج لا يكون مصداقا لها فيكون نظير بيع الحمار الخارجي و الحال ان ما في الخارج البقر فما قصد لم يقع و ما وقع عليه العقد في الخارج لم يقصد.

(3) اذ المفروض بطلان المعاملة فلا مقتضي للمطالبة.

(4) بتقريب: انحلال البيع الي الاجزاء فيصح في البعض الواجد للشرط و يفسد في الفاقد له و لكن يتوجه الاشكال الذي ذكرنا سابقا من أن بيع شي ء واحد لا يكون بيوعا متعددة و لذا لا مجال لان يقال: انه لو باع زيد داره من عمر و يتحقق لكل منهما من ناحية خيار المجلس خيارات عديدة لانحلال بيع الدار الي بيوع عديدة.

هذا بحسب ما تقتضيه القاعدة و لكن يمكن أن يستفاد من بعض النصوص جواز الانحلال و تماميته لاحظ ما رواه محمد بن الحسن الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام في رجل له قطاع أرضين «أرض»

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 212

و له حينئذ ردا لكل لتبعض الصفقة (1) و ان وجدها فضة معيبة كان بالخيار فله الرد و المطالبة بالارش مع عدم التمكن من الرد (2) و لا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع و غيره (3).

______________________________

فيحضره الخروج الي مكة و القرية علي مراحل من منزله و لم يكن له من المقام ما يأتي بحدود ارضه و عرض حدود القرية الاربعة فقال للشهود اشهدوا أني

قد بعت فلانا يعني المشتري جميع القرية التي حد منها كذا و الثاني و الثالث و الرابع و انما له في هذه القرية قطاع أرضين فهل يصلح للمشتري ذلك و انما له بعض هذه القرية و قد اقر له بكلها؟ فوقع عليه السلام: لا يجوز بيع ما ليس يملك و قد وجب الشراء من البائع علي ما يملك «1» فان مقتضي هذه الرواية صحة البيع بالنسبة الي المقدار المملوك و حكم الامثال واحد الا أن يقال: ان الاحكام التعبدية منوطة بقيام الدليل عليها و لا يجوز التعدي عن مورد الدليل فلاحظ.

(1) لأجل الاشتراط الارتكازي للخيار في صورة التبعض.

(2) لأجل خيار العيب علي ما تقدم منه من خيار الرد مع الامكان و جواز الارش مع عدم الامكان مع ما فيه من بعض الكلام فراجع.

(3) لعدم دليل علي التفريق و ربما يقال: بعدم الجواز فيما يكون الثمن من جنس المبيع لأجل الربا و لكن الحق عدم لزومه اذ المعاملة قد تحققت اولا بلا موجب للفساد و بعبارة اخري: الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و المفروض ان المعاملة التي وقعت كانت جامعة لشرائط الصحة و لم تكن في احد الطرفين زيادة علي الطرف الاخر و الارش غرامة شرعية ثبتت بدليله و لا يوجب تعنون العقد بالربوي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب عقد البيع و شروطه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 213

و كون اخذ الارش قبل التفرق و بعده (1) و اذا اشتري فضة في الذمة بفضة أو بذهب و بعد القبض وجدها جنسا آخر رصاصا أو نحاسا أو غيرهما فان كان قبل التفرق جاز للبائع ابدالها فاذا قبض البدل قبل التفرق صح البيع و ان وجدها جنسا آخر

بعد التفرق بطل البيع (2) و لا يكفي الابدال في صحته (3) و اذا وجدها فضة معيبة فالاقوي ان المشتري مخير بين رد المقبوض و ابداله و الرضا به من دون الارش و ليس له فسخ العقد من اصله (4) و لا فرق بين كون الثمن من جنس

______________________________

(1) فانه لو تم موضوع جواز اخذ الارش يجوز اخذه و لا فرق بين زماني التفرق و قبله و ربما يقال: بأنه يلزم اخذه قبل التفرق لأنه داخل في بيع الصرف فيلزم التقابض فيه في المجلس.

و يرد عليه ان الامر ليس كذلك و ان الارش غرامة شرعية فلا يجري عليه احكام بيع الصرف. و بعبارة اخري: لا وجه لاشتراط الاخذ قبل التفرق الا توهم انه جزء المبيع بأن يكون المبيع العين المعيبة مع الارش فلا بد من قبضه في المجلس قبل التفرق و هذا التوهم فاسد اذ لم يقصد المتعاقدان و انما ثبوته بتعبد شرعي الهي فلا يترتب عليه تلك الاحكام المخصوصة ببيع الصرف.

(2) اذ لو لم يحصل التفرق لا يبطل البيع فيمكن الابدال و يصح البيع لتمامية شرائطه علي الفرض و أما مع التفرق فلا مجال للصحة اذ ما قبض ليس مصداقا للمبيع و ما يكون مصداقا له لم يقبض.

(3) قد ظهر وجهه بما ذكرنا آنفا.

(4) و الوجه فيه ان البيع وقع علي الكلي في الذمة و المبيع هو الكلي الصحيح فلا مجال لأخذ الارش كما أنه لا مجال للفسخ اذ المفروض ان البيع لم يقع علي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 214

المبيع و غيره (1) و لا بين كون ظهور العيب قبل التفرق و بعده (2).

[مسألة 15: لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتما أو غيره من المصنوعات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرة الصياغة]

(مسألة 15): لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتما

أو غيره من المصنوعات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة اجرة الصياغة بل اما أن يشتريه بغير جنسه أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة ليتخلص من الربا (3).

______________________________

المعيب كي يترتب عليه خيار الرد أو اخذ الارش فله الاستبدال و اخذ الصحيح كما أن له الرضا بما دفع اليه و هو المعيب.

ان قلت: ان كان المبيع الجامع بين الصحيح و المعيب فليس له الاستبدال و ان كان خصوص الصحيح فالمعيب لا يكون مصداقا للمبيع فكيف يمكن جعله مصداقا له؟ قلت: يمكن أن يقال: ان البيع واقع علي خصوص الصحيح لكن لا مانع من المراضاة و تبدل ذلك الكلي بالفرد المدفوع لكن الالتزام به يتوقف علي صحة مطلق التجارة و لا ينحصر العقد الصحيح في خصوص العناوين المذكورة في الفقه كما أنه يمكن أن يقال: بأن البيع واقع علي الجامع و لكن بالشرط الارتكازي يشترط علي البائع أن يدفع الفرد الصحيح فاذا سلم الفرد المعيب فقد سلم الكلي غاية الامر للمشتري أن يطالب بالابدال كما أن له الرضا بالمعيب و اذا لم يبدل يكون للمشتري خيار الفسخ للشرط الارتكازي الضمني.

(1) لعدم دليل علي التفريق و لعدم لزوم الربا فرضا اذ لا زيادة في احد الطرفين علي الاخر.

(2) لعدم وجه للتفريق المذكور اذ التقابض قد حصل قبل التفرق فالعقد صحيح.

(3) فان الضميمة توجب التخلص من الربا المحرم.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 215

[مسألة 16: لو كان علي زيد دنانير كالحيرات الذهبية و أخذ منه شيئا من المسكوكات الفضية كالروبيات]

(مسألة 16): لو كان علي زيد دنانير كالحيرات الذهبية و اخذ منه شيئا من المسكوكات الفضية كالروبيات فان كان الاخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من الليرات في كل زمان أخذ فيه بمقدار ما اخذ بسعر ذلك الزمان فاذا كان الدين خمس ليرات و

أخذ منه في الشهر الاول عشر روبيات و في الثاني عشرا و في الثالث عشرا و كان سعر الليرة في الشهر الاول خمس عشرة روبية و في الثاني اثنتي عشرة روبية و في الثالث عشر روبيات نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الاول و خمسة اسداس في الثاني و ليرة تامة في الثالث (1) و ان كان الاخذ بعنوان القرض كان ما اخذ دينا عليه و بقي دين زيد عليه (2) و في جواز احتساب احدهما دينه وفاء عن الاخر اشكال و الاظهر الجواز (3) و تجوز المصالحة

______________________________

(1) كيف يمكن أن يكون بنحو الاستيفاء و الحال ان الروبية ليست مصداقا للدينار فيلزم أن تقع المعاوضة بين الروبية و الليرة و عليه يكون تابعا لقصدهما و ليس له ميزان منضبط فلا مجال لان يقال: اي مقدار ينقص من الليرات الذهبية التي في ذمة المديون و يمكن أن يكون ما أفاده مستندا الي نص لا يحضرني عاجلا و اللّه العالم.

(2) كما هو ظاهر واضح.

(3) ما يمكن أن يكون وجها للإشكال امران: احدهما: انه يشترط في بيع الصرف القبض في المجلس و لا قبض في المقام. ثانيهما: انه من مصاديق بيع الكالي بالكالي الذي يكون فاسدا و شي ء من الوجهين لا يتم أما الاول فلا يتم لان بيع الدين لا يحتاج الي القبض و ان شئت قلت: ما في الذمة مقبوض- كما في الجواهر- و بتعبير آخر لا يمكن فيه القبض اذ بمجرد صيرورته ملكا للمديون

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 216

بينهما علي ابراء كل منهما صاحبه مما له عليه (1).

[مسألة 17: إذا أقرض زيدا نقدا معينا من الذهب أو الفضة أو أصدق زوجته مهرا كذلك]

(مسألة 17): اذا أقرض زيدا نقدا معينا من الذهب أو الفضة أو أصدق زوجته مهرا كذلك أو

جعله ثمنا في الذمة مؤجلا أو حالا فتغير السعر لزمه النقد المعين و لا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة (2).

[مسألة 18: لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلا]

(مسألة 18): لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلا (3) و يجوز أن يقول له صغ لي هذا الخاتم و أبيعك درهما بدرهم علي أن يكون البيع جعلا لصياغة الخاتم (4) كما يجوز أيضا أن يشتري منه مثقال فضة مصوغا خاتما بمثقال غير مصوغ (5).

______________________________

يسقط و لا مجال لقبضه و أما الثاني فلان بيع الكالي بالكالي بيع المؤجل بالمؤجل و ما نحن فيه بيع الحال بالحال مضافا الي أنه يستفاد من النص الخاص جوازه لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون له عند الصيرفي مأئة دينار و يكون للصيرفي عنده ألف درهم فيقاطعه عليها قال:

لا بأس «1».

(1) بلا اشكال لجواز المصالحة شرعا علي ما قرر في محلها.

(2) لان الثابت في الذمة ذلك النقد المعين من الذهب و الفضة و لا وجه لاعتبار القيمة.

(3) للربا فان الربا يتحقق بالزيادة العينية و الزيادة الحكمية علي ما تقدم من الماتن و قد تقدم الاشكال في التعميم فراجع.

(4) اذ بهذا الطريق يتخلص من الربا.

(5) لعدم الزيادة. و يرد فيه بأنه لو كانت الزيادة اعم من الحكمية للزم عدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الصرف الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 217

[مسألة 19: لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية الا عشرين فلسا صح]

(مسألة 19): لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية الا عشرين فلسا صح بشرط أن يعلما مقدار نسبة العشرين فلسا الي الليرة (1).

[مسألة 20: المصوغ من الذهب و الفضة معا لا يجوز بيعه بأحدهما بلا زيادة]

(مسألة 20) المصوغ من الذهب و الفضة معا لا يجوز بيعه بأحدهما بلا زيادة بل اما أن يباع بأحدهما مع الزيادة أو يباع بهما معا أو بجنس آخر غيرهما (2).

[مسألة 21: الظاهر أن ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب و الفضة]

(مسألة 21): الظاهر ان ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب و الفضة و يجتمع فيه عند الصائغ و قد جرت العادة علي عدم مطالبة مالك بها ملك للصائغ نفسه (3) و الاحوط أن يتصدق به عن مالكه

______________________________

جواز بيع مثقال فضة بمثقال فضة مصوغة خاتما و الحال انهم لا يلتزمون بعدم الجواز و ان كان المراد من الزيادة الزيادة العينية يلزم الجواز مع شرط الصياغة فلاحظ.

(1) اذ مع عدم العلم بالنسبة يلزم الغرر فيبطل البيع بناء علي أن الغرر يوجب البطلان و يكون الجهل ملازما للغرر و في كلتا المقدمتين اشكال.

(2) الظاهر ان المراد من العبارة انه لو بيع المصوغ منهما بالذهب مثلا لا بد أن يكون الذهب الذي يجعل ثمنا أزيد من الذهب الذي يكون جزءا للمصوغ كي تقع تلك الزيادة بازاء غير المجانس و يحفظ التماثل بين الذهب المبيع و الذهب الذي يجعل ثمنا و بهذا النحو يتخلص من الربا.

(3) بتقريب: ان المالك الاول يعرض عن الاجزاء المذكورة و الاعراض يوجب الخروج عن الملك فيجوز للغير تملكها و لكن الظاهر من عبارة المتن صيرورتها ملكا للصائغ بلا قصد التملك الا أن يقال: بأن مقتضي السيرة المستمرة المتصلة بزمان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 218

كما أن الاحوط مع معرفة صاحبه الاستيذان منه في ذلك (1) و يطرد الحكم المذكور في الخياطين و النجارين و الحدادين و نحوهم فيما يجتمع عندهم من الاجزاء المتصلة من أجزاء الثياب و الخشب و الحديد و لا يضمنون شيئا

من ذلك و ان كان له مالية عند العرف اذا كان المتعارف

______________________________

المعصوم عليه السلام كونها مملوكة للصائغ و لو لم يقصد تملكها و هل يمكن اثباتها و ربما يقال: بأن الوجه في صيرورتها ملكا للصائغ تملكه لها اذ المالك اذن في تملكها فتلك الاجزاء باقية علي ملك مالكها غاية الامر حيث ان المالك اذن في التملك تصير ملكا للمتملك باذن صاحبها.

و يرد فيه: بأنه اي دليل دل علي جواز مثل هذا التملك و بعبارة اخري: تملك مال الغير يتوقف علي أسبابه و لا دليل علي جواز التملك باباحة المالك التملك و اللّه العالم.

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الاستحباب المذكور في المتن ما رواه علي بن ميمون الصائغ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عما يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به؟ قال: تصدق به فاما لك و اما لأهله الحديث «1».

و ما رواه أيضا قال: سألته عن تراب الصياغين و انا نبيعه قال: أما تستطيع أن تستحله من صاحبه؟ قال: قلت: لا اذا أخبرته اتهمني قال: بعه قلت: بأي شي ء نبيعه؟ قال: بطعام قلت: فاي شي ء أصنع به؟ قال: تصدق به إما لك و اما لأهله «لأهلك خ ل» الحديث «2» و الحديثان ضعيفان سندا فان الصائغ لم يوثق كما ان علي بن حديد غير موثق فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الصرف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 219

في عملهم انفصال تلك الاجزاء (1).

[الفصل الحادي عشر في السلف]

اشارة

الفصل الحادي عشر في السلف:

و يقال له السلم أيضا و هو: ابتياع كلي مؤجل بثمن حال عكس النسيئة و يقال للمشتري المسلم (بكسر اللام) و للبائع المسلم اليه و للثمن المسلم و للمبيع

المسلم فيه (بفتح اللام) في الجميع.

[مسألة 1: يجوز في السلف أن يكون المبيع و الثمن من غير النقدين مع اختلاف الجنس]

(مسألة 1): يجوز في السلف أن يكون المبيع و الثمن من غير النقدين مع اختلاف الجنس أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل و الموزون (2).

______________________________

(1) فان حكم الامثال واحد.

(2) قال في الحدائق: «المشهور جواز اسلاف الاعراض في الاعراض اذا اختلفت بل ادعي عليه المرتضي الاجماع و كون الثمن نقدا أو عرضا ما لم يؤد الي الربا و عن ابن الجنيد انه منع اسلاف عرض في عرض اذا كانا مكيلين أو موزونين أو معدودين كالسمن بالزيت «1» انتهي كلامه رفع في علو مقامه.

و قال في الجواهر: «يجوز اسلاف الاعراض في الاعراض اذا اختلفت أو اتفقت و لم تكن مقدرة باحد الامرين أو الثلاثة لإطلاق الادلة «2» الي آخره.

و يدل علي المدعي اطلاق الادلة لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «3».

______________________________

(1) الحدائق الناضرة ج 20 ص: 10

(2) جواهر الكلام ج 24 ص: 273

(3) لاحظ ص: 161

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 220

كما يجوز أن يكون أحدهما من النقدين و الاخر من غيرهما ثمنا كان أو مثمنا (1). و لا يجوز أن يكون كل من الثمن و المثمن من النقدين اختلفا في الجنس أو اتفقا (2). يشترط في السلف امور: الاول: أن

______________________________

و يؤيد المدعي ما رواه وهب عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال:

لا بأس بالسلف ما يوزن فيما يكال و ما يكال فيما يوزن «1».

و أما حديث عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا ينبغي للرجل اسلاف السمن بالزيت و لا الزيت بالسمن «2» فهو مخدوش سندا بجميع اسناده مضافا الي القصور في دلالته فان غاية ما يستفاد منه ان اسلاف الزيت

بالسمن أو بالعكس مكروه.

(1) قال في الجواهر: «أما اسلاف الاعراض في الاثمان فقد نص عليه غير واحد لإطلاق الادلة خلافا لأبي حنيفة فلا يجوز لأنها لا تثبت في الذمة الا ثمنا فلا تكون مشخصة و فيه منع واضح اذ لا ريب في جواز بيع الذهب و الفضة بهما اللهم الا أن يريد اذا كان احد المقابلين عرضا و فيه منع واضح أيضا و في خبر غياث عن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال: لا بأس بالسلف في الفلوس «3» فالحق انه يجوز كجواز اسلاف الاثمان في الاعراض الذي لا خلاف فيه بيننا بل و لا بين المسلمين» «4» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(2) الذي يظهر من كلمات الاصحاب ان الفساد في هذه الصورة موضع وفاق

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب السلف الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب السلف الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) جواهر الكلام ج 24 ص: 274

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 221

يكون المبيع مضبوط الاوصاف التي تختلف القيمة باختلافها كالجودة و الرداءة و الطعم و الريح و اللون و غيرها كالخضر و الفواكه و الجوب و الجوز و اللوز و البيض و الملابس و الاشربة و الادوية و آلات السلاح و آلات التجارة و النساجة و الخياطة و غيرها من الاعمال و الحيوان و الانسان و غير ذلك فلا يصح فيما لا يمكن ضبط أوصافه كالجواهر و اللئالي و البساطين و غيرهما مما لا ترتفع الجهالة و الغرر فيها الا بالمشاهدة (1) الثاني ذكر الجنس و الوصف الرافع للجهالة (2).

______________________________

قال في التذكرة: «و انما لم يجز بالنقدين لأنه يكون صرفا و من شرطه التقابض في المجلس و لو فرض

امتداده حتي يخرج الاجل فالاولي المنع أيضا» «1».

و قال في الشرائع: لا يجوز اسلاف الاثمان و لو اختلفا» و صرح الشهيد في المسالك في شرح قول المحقق بأن المنع موضع وفاق مضافا الي لزوم الربا فان للأجل قسطا من الثمن. لكن هذا التقريب يختص بصورة تماثل العوضين و أما في صورة التخالف فلا يتم كما هو ظاهر.

(1) ما أفاده ظاهر فانه يشترط في السلم ذكر الاوصاف الدخيلة: في المبيع من حيث القيمة كما سيجي ء التعرض له فلا بد من كون المبيع مضبوط الاوصاف و إلا فلا يتحقق فيه شرط الصحة فلاحظ.

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالسلم في المتاع اذا وصف الطول و العرض «2».

و منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 221

______________________________

(1) التذكرة ج 1 ص: 551

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب السلف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 222

______________________________

الرجل يسلف في الغنم الثنيان و الجذعان و غير ذلك الي أجل مسمي قال: لا بأس به الحديث «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالسلم في الحيوان اذا وصفت أسنانها «2».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يسلم في الغنم ثنيان و جذعان و غير ذلك الي أجل مسمي قال: لا بأس الي أن قال:

و الاكسية مثل الحنطة و الشعير و الزعفران و الغنم «3».

و

منها: ما رواه سليمان بن خالد في حديث انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يسلم في غير نخل و لا زرع قال: يسمي شيئا مسمي الي اجل مسمي «4».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالسلم في الحيوان اذا سميت شيئا معلوما «5».

و منها: ما رواه سماعة قال: سئل أبو اللّه عليه السلام عن السلم في الحيوان فقال: أسنان معلومة و اسنان معدودة الي أجل مسمي لا بأس به «6».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالسلم في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

(6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 223

الثالث قبض الثمن قبل التفرق (1) و لو قبض البعض صح فيه و بطل في الباقي (2) و لو كان الثمن دينا في ذمة البائع فالاقوي الصحة (3) اذا كان

______________________________

الحيوان اذا سميت الذي يسلم فيه فوصفته فان وفيته و إلا فأنت احق بدراهمك «1».

و منها: ما رواه زرارة عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالسلم في الحيوان و المتاع اذا وصفت الطول و العرض «2».

فان المستفاد من هذه النصوص اشتراط السلف بذكر الاوصاف المنظورة في المبيع مضافا الي ما اشتهر بين القوم بأن الجهل بالاوصاف يوجب الغرر الموجب لفساد البيع.

(1) قال في الحدائق: «الشرط الرابع: قبض الثمن قبل التفرق فيبطل بدونه علي الاشهر بل نقل في التذكرة عليه الاجماع قال: فلا يجوز التفرقة قبله و ان تفارقا قبل القبض بطل السلم عند علمائنا اجمع» الي آخره.

و قال

في الجواهر: «الشرط الثالث من الشرائط: قبض رأس المال قبل التفرق شرط في صحة العقد اجماعا في الغنية و المسالك و حينئذ لو افترقا قبله بطل عند علمائنا أجمع في التذكرة» الخ فالعمدة التسالم و الاجماع بين الاصحاب و صرح صاحب الحدائق بعدم وقوف نص و اللّه العالم.

(2) لوجود المقتضي من العقد و القبض فيصح و عدم تحقق الشرط في البعض فلا يصح.

(3) ربما يقال بفساد البيع في هذه الصورة لأنه من مصاديق الدين بالدين لقوله عليه السلام في حديث طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 224

الدين حالا لا مؤجلا (1) الرابع تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقداره (2) الخامس: تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالايام أو

______________________________

صلي اللّه عليه و آله: لا يباع الدين بالدين «1» و فيه: اولا ان الحديث مخدوش سندا بطلحة حيث انه لم يوثق. و ثانيا: ان المقام ليس من بيع الدين بالدين بل الدين يحصل بالبيع.

و أما حديث اسماعيل بن عمرانه كان له علي رجل دراهم فعرض عليه الرجل أن يبيعه بها طعاما الي أجل فأمر اسماعيل يسأله فقال: لا بأس بذلك فعاد اليه اسماعيل فسأله عن ذلك و قال: اني كنت أمرت فلانا فسألك عنها فقلت: لا بأس فقال:

ما يقول فيها من عندكم قلت: يقولون: فاسد فقال: لا تفعله فاني أوهمت «2» فهو مخدوش سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته.

و أما حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن السلم في الدين قال: اذا قال: اشتريت منك كذا و كذا

بكذا و كذا فلا بأس «3» فضعيف سندا أيضا.

(1) اذ لو كان الثمن حالا في ذمة البائع يتحقق القبض بالنسبة الي الثمن الذي شرط في صحة السلم فيصح و أما اذا كان مؤجلا فلا يتحقق القبض فلا يصح البيع.

(2) اذ مع الجهل يلزم الغرر فيوجب البطلان و قد تقدم في شروط العوضين انه لا بد أن يكون مقدار كل من العوضين المتعارف تقديره عند البيع من كيل أو وزن أوعد أو مساحة معلوما فراجع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب السلف الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 225

الشهور أو السنين أو نحوها و لو جعل الاجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع (1) و يجوز فيه أن يكون قليلا كيوم و نحوه و أن يكون كثيرا كعشرين سنة (2). السادس: امكان دفع ما تعهد البائع دفعه وقت الحلول و في البلد الذي شرط التسليم فيه اذا كان قد شرط ذلك (3).

______________________________

(1) «بلا خلاف اجده بيننا بل عن نهج الحق و الغنية الاجماع عليه» هكذا في الجواهر و يمكن الاستدلال علي المدعي بما دل علي نفي الغرر لاحظ ما عن علي عليه السلام قال: و قد نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن بيع المضطر و عن بيع الغرر «1» و بالنبوي: «من اسلف فيسلف في كيل معلوم الي اجل معلوم» «2».

مضافا الي جملة من النصوص: لاحظ احاديث عبد اللّه بن سنان و ابي مريم الانصاري و قتيبة الاعشي و سماعة و غياث بن ابراهيم و سليمان بن خالد و حديد بن حكيم «3» و كون مورد هذه النصوص الموارد الخاصة لا يضر بالاستدلال للاتفاق

علي عدم الفرق بل لا يبعد أن يقال: ان العرف يفهم من مجموع النصوص ان ذكر الاجل شرط في السلم و من تلك النصوص ما رواه غياث «4» بل لا يبعد تحقق الاطلاق في بعضها لاحظ حديث سليمان بن خالد «5».

(2) لإطلاق النصوص الواردة في المقام فلاحظ.

(3) الظاهر انه مورد الاجماع- علي ما يظهر من الجواهر- و يمكن الاستدلال

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

(2) جواهر الكلام ج 24 ص: 300

(3) لاحظ ص: 161 و 162

(4) لاحظ ص: 161

(5) لاحظ ص: 162

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 226

سواء أ كان عام الوجود أم نادره (1).

______________________________

علي المدعي بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الرجل يجيئني يطلب المتاع فاقاوله علي الربح ثم اشتريه فأبيعه منه فقال: أ ليس ان شاء أخذ و ان شاء ترك؟ قلت: بلي قال: فلا بأس به قلت: فان من عندنا يفسده، قال: و لم؟ قلت قد باع ما ليس عنده قال: فما يقول في السلم قد باع صاحبه ما ليس عنده قلت: بلي قال: فانما صلح من أجل انهم يسمونه سلما ان أبي كان يقول لا بأس ببيع كل متاع كنت تجده في الوقت الذي بعته فيه «1» فان المستفاد من هذا الخبر انه يشترط في صحة البيع امكان دفع ما باعه في الوقت الذي عين في العقد.

(1) قال صاحب الجواهر قدس سره: «لا اجد دليلا علي هذا الشرط بل اطلاق الادلة يقضي بخلافه بل شدد النكير المقدس الأردبيلي علي اشتراط هذا الشرط و ادعي ان موثقة عبد الرحمن دالة علي خلافه» الخ.

و الظاهران المراد بالموثقة المذكورة ما رواه اسحاق بن عمار و عبد

الرحمن ابن الحجاج جميعا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الطعام من الرجل ليس عنده فيشتري منه حالا قال: ليس به بأس قلت: انهم يفسدونه عندنا قال: و أي شي ء يقولون في السلم؟ قلت: لا يرون به بأسا يقولون هذا الي اجل فاذا كان الي غير اجل و ليس عند صاحبه فلا يصلح فقال: فاذا لم يكن الي اجل كان أجود «أحق يه» ثم قال: لا بأس بأن يشتري الطعام و ليس هو عند صاحبه «حالا» و الي اجل فقال لا يسمي له أجلا الا أن يكون بيعا لا يوجد مثل العنب و البطيخ و شبهه في غير زمانه فلا ينبغي شراء ذلك حالا «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب أحكام العقود الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 227

فلو لم يمكن ذلك و لو تسبيبا لعجزه عنه و لو لكونه في سجن أو في بيداء لا يمكنه الوصول الي البلد الذي اشترط التسليم فيه عند الاجل بطل (1).

[مسألة 2: إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلم فيه في بلد العقد]

(مسألة 2): اطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلم فيه في بلد العقد الا أن تقوم قرينة علي الاطلاق أو علي تعيين غيره فيعمل عليها و الاقوي عدم وجوب تعيينه في العقد الا اذا اختلفت الامكنة في صعوبه التسليم فيها و لزوم الخسارة المالية بحيث يكون الجهل

______________________________

فان المستفاد من هذه الرواية ان امكان الوجود عند حلول الاجل شرط في صحة البيع لا أزيد من هذا المقدار بل يستفاد المدعي- كما في كلام صاحب الجواهر- مما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اشتري طعام قرية بعينها قال: لا بأس ان خرج فهو له و ان لم يخرج

كان دينا عليه «1».

فان المستفاد منه ان مجرد الامكان يكفي في الصحة بل يمكن أن يستفاد المدعي من حديث خالد بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشتري طعام قرية بعينها و ان يسم قرية يعينها أعطاه من حيث شاء «2».

فان المستفاد من هذه الرواية انه مع عدم تعيين مكان خاص يمكن الاعطاء من اي مكان شاء فالنتيجة ان مجرد امكان الحصول في المكان الذي تعهد الاعطاء منه شرط في الصحة و أما الزائد علي هذا المقدار فلا.

(1) قد ظهر وجه ما أفاده.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب السلف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 228

بها غررا فيجب تعيينه حينئذ (1).

[مسألة 3: إذا جعل الأجل شهرا قمريا أو شمسيا أو شهرين]

(مسألة 3): اذا جعل الاجل شهرا قمريا أو شمسيا أو شهرين فان كان وقوع المعاملة في اول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر و إن كان في أثناء الشهر فالمراد من الشهر مجموع ما بقي منه مع اضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر الاول و هكذا (2).

[مسألة 4: إذا جعل الأجل جمادي أو ربيعا حمل علي أولهما من تلك السنة و حل بأول جزء من ليلة الهلال]

(مسألة 4): اذا جعل الاجل جمادي أو ربيعا حمل علي أولهما من تلك السنة و حل بأول جزء من ليلة الهلال و اذا جعله الجمعة أو الخميس حمل علي الاول من تلك السنة و حل باول جزء من نهار اليوم المذكور (3).

[مسألة 5: إذا اشتري شيئا سلفا جاز بيعه من بايعه قبل حلول الأجل و بعده بجنس آخر]

(مسألة 5): اذا اشتري شيئا سلفا جاز بيعه من بايعه قبل حلول الاجل و بعده بجنس آخر أو بجنس الثمن بشرط عدم الزيادة و لا يجوز بيعه من غيره قبل حلول الاجل و يجوز بعده سواء باعه بجنس آخر أو بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي (4).

______________________________

(1) الظاهران الامر كما أفاده فان الاطلاق لو لا قرينة خارجية صارفة ينصرف الي بلد العقد و مع قيام القرينة لا بد من اتباعها و لا يلزم التعيين إلا مع التفاوت و لزوم الغرر مع الجهل فما أفاده تام.

(2) فان ما أفاده مقتضي الظهور العرفي الذي يكون حجة عند العرف في المحاورات.

(3) كل ذلك للظهور العرفي و العرف ببابك فلاحظ.

(4) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه اذا اشتري شيئا سلفا جاز بيعه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 229

______________________________

من بايعه قبل حلول اجله.

و قال في الحدائق: «المسألة الثانية لو أراد بيع ما أسلف فيه فهنا صور: احديها بيعه قبل حلول الاجل حالا و الظاهر انه لا خلاف في عدم الجواز لعدم استحقاقه له» «1» الخ.

و قال في الجواهر: «اذا أسلف في شي ء لم يجز بيعه قبل حلوله لا لعدم ملكيته قبل الاجل ضرورة عدم مدخلية فيها اذ العقد هو السبب في الملك و الاجل انما هو للمطالبة» الي أن قال: «بل للإجماع المحكي في التنقيح و ظاهر الغنية و جامع المقاصد و غيرهما و عن كشف

الرموز إن لم يكن محصلا بل لعله كذلك» «2» الخ.

و لا يبعد ان الماتن لا يري الاجماع المدعي في المقام اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام و يمكن أن يكون الوجه فيه عدم تحقق الاجماع بالنسبة الي البيع من البائع قال في الجواهر- ناقلا عن الوسيلة-: «و اذا اراد أن يبيع المسلف ما أسلف فيه من المستلف عند حلول الاجل أو قبله بجنس ما ابتاعه بأكثر مع الثمن الذي ابتاعه لم يجز و من باع بجنس غير ذلك جاز».

و عليه يكون مقتضي ادلة صحة البيع جوازه حيث انه لا يكون ما يوجب تقييد اطلاق ادلة الصحة.

الفرع الثاني: انه يجوز بيعه قبل حلول الاجل منه بجنس آخر غير جنس الثمن بلا تقيده بقيد و الوجه فيه انه لا موجب للتقييد و مقتضي اطلاق الادلة هو الجواز.

الفرع الثالث: انه يجوز بيعه من بايعه بعد حلول الاجل بجنس آخر علي

______________________________

(1) الحدائق ج 20 ص: 35

(2) جواهر الكلام ج 24 ص: 319- 320

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 230

______________________________

الاطلاق و الوجه فيه ان المقتضي موجود بلا مانع.

الفرع الرابع: انه لا يجوز بيعه من بايعه قبل حلول الاجل و بعده بأكثر من جنس الثمن للإجماع المدعي في المقام و لجملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يسلم في الغنم ثنيان و جذعان و غير ذلك الي أجل مسمي قال: لا بأس ان لم يقدر الذي عليه الغنم علي جميع ما عليه أن يأخذ صاحب الغنم نصفها أو ثلثها أو ثلثيها و يأخذ رأس مال ما بقي من الغنم دراهم و يأخذ دون شروطهم و لا يأخذون فوق شروطهم و

الاكسية أيضا مثل الحنطة و الشعير و الزعفران و الغنم «1» فان المستفاد من هذه الرواية انه لا يجوز بيعه من بايعه أكثر من رأس ماله.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في رجل اعطي رجلا ورقا في وصيف الي اجل مسمي فقال له صاحبه لا نجد لك وصيفا خذ مني قيمة وصيفك اليوم ورقا قال: فقال: لا يأخذ الا وصيفه أو ورقه الذي اعطاء اول مرة لا يزداد عليه شيئا «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من اشتري طعاما أو علفا الي اجل فلم يجد صاحبه و ليس شرطه الا الورق و ان قال: خذ مني بسعر اليوم ورقا فلا يأخذ الا شرطه طعامه أو علفه فان لم يجد شرطه و أخذ ورقا لا محالة قبل أن يأخذ شرطه فلا يأخذ الا رأس ماله لٰا تَظْلِمُونَ وَ لٰا تُظْلَمُونَ «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب السلف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 231

هذا في غير المكيل و الموزون و أما فيهما فلا يجوز بيعهما قبل القبض مرابحة مطلقا كما تقدم (1).

[مسألة 6: إذا دفع البائع المسلم فيه دون الصفة لم يجب علي المشتري القبول]

(مسألة 6): اذا دفع البائع المسلم فيه دون الصفة لم يجب علي المشتري القبول (2).

______________________________

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه «جعفريه» عليه السلام عن الرجل يسلف في الحنطة و الثمرة مأئة درهم فيأتي صاحبه حين يحل الذي له فيقول: و اللّه ما عندي إلا نصف الذي لك فخدمني ان شئت بنصف الذي لك حنطة و بنصفه ورقا فقال:

لا بأس اذا أخذ منه الورق كما أعطاه «1».

و في المقام رواية عن علي بن جعفر قال: سألته عن رجل له علي آخر تمر أو شعير أو حنطة أ يأخذ بقيمته دراهم؟ قال: اذا قومه دراهم فسد لأن الاصل الذي يشتري «اشتري خ ل» به دراهم فلا يصلح دراهم بدراهم و سألته عن رجل أعطي عبده عشرة دراهم علي أن يؤدي العبد كل شهر عشرة دراهم أ يحل ذلك؟ قال: لا بأس «2» فان كانت قابلة للجمع مع بقية النصوص فهو و إلا يرد علمها الي اهلها.

الفرع الخامس: انه لا يجوز بيعه من غير بايعه قبل حلول الاجل مطلقا و ذلك للإجماع.

الفرع السادس: انه يجوز بيعه من غير بايعه بعد حلول الاجل علي الاطلاق لوجود المقتضي و عدم الاجماع علي المنع.

(1) و قد تقدم الكلام حول الفرع فراجع.

(2) لعدم ما يقتضي وجوب القبول و بعبارة اخري: لا يجب علي المشتري

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 16

(2) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 232

و لو رضي بذلك صح (1) و كذلك اذا دفع أقل من المقدار و تبرأ ذمة البائع اذا أبرأ المشتري الباقي (2) و اذا دفعه علي الصفة و المقدار وجب عليه القبول (3) و اذا دفع فوق الصفة فان كان شرط الصفة راجعا الي استثناء ما دونها فقط وجب القبول أيضا (4) و ان كان راجعا الي استثناء ما دونها و ما فوقها لم يجب القبول و لو دفع اليه زائدا علي المقدار لم يجب القبول (5).

[مسألة 7: إذا حل الأجل و لم يتمكن البائع من دفع المسلم فيه تخير المشتري بين الفسخ و الرجوع بالثمن بلا زيادة و لا نقيصة]

(مسألة 7): اذا حل الاجل و لم يتمكن البائع من دفع المسلم فيه تخير المشتري بين الفسخ و الرجوع بالثمن بلا زيادة و لا نقيصة و

بين أن ينتظر الي أن يتمكن البائع من دفع المبيع اليه في وقت آخر (6).

______________________________

رفع اليد عن حقه.

(1) تارة يكون المبيع ما هو الجامع بين الموصوف و غيره و قد اشترطت الصفة فيه و اخري يكون المبيع هو الموصوف أما علي الاول فلا اشكال في جواز القبول اذ الفاقد فرد من الكلي و المشتري رفع اليد عن حقه بالنسبة الي الوصف و أما علي الثاني فلا بد من تراض جديد و تبديل بين الفاقد و الواجد اذ المفروض ان مملوكه و مطلوبه يغاير المدفوع اليه فكيف يصير مصداقا لذلك الكلي و ان شئت قلت: ان بدلية غير المطلوب عنه تتوقف علي سبب فلاحظ.

(2) كما هو ظاهر فان مرجع قبول الاقل الي البراءة عن الاكثر.

(3) كما هو ظاهر اذ لا وجه لجواز عدم القبول.

(4) كما هو ظاهر أيضا بعين التقريب.

(5) و هذا أيضا ظاهر اذ لا يجب عليه القبول الا ما كان حقّا له و مطلوبه و أما الزائد فلا.

(6) فان له الفسخ بمقتضي الشرط الارتكازي كما ان له الانتظار و يمكن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 233

و لو تكن من دفع بعضه و عجز عن دفع الباقي كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه و الانتظار (1) و في جواز فسخه في الكل حينئذ اشكال و الاظهر الجواز (2) نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل (3).

[مسألة 8: لو كان المبيع موجودا في غير البلد الذي يجب التسليم فيه]

(مسألة 8): لو كان المبيع موجودا في غير البلد الذي يجب التسليم فيه فان تراضيا تسليمه في موضع وجوده جاز (4) و الا فان أمكن و تعارف نقله الي بلد التسليم وجب نقله علي البائع (5) و الا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ

و الانتظار (6).

______________________________

الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أسلف في شي ء يسلف الناس فيه من الثمار فذهب زمانها «ثمارها الفقيه» و لم يستوف سلفه قال: فليأخذ رأس ماله أو لينظره «1».

فاذا فسخ يرجع الثمن اليه بلا زيادة و لا نقيصة و هذا علي طبق القاعدة الاولية.

(1) بتقريب: ان البيع ينحل الي المتعدد فيجري في كل فرد منه حكمه فتأمل.

(2) يمكن أن يكون الوجه في الاشكال عدم المقتضي للفسخ في الكل اذ المفروض دفع البائع بعض المبيع لكن كما قال الماتن الحق جواز الفسخ في الكل للشرط الارتكازي الضمني.

(3) لخيار التبعض فلاحظ.

(4) بلا اشكال فانه مع التراضي بينهما لا يبقي وجه للإشكال.

(5) كما هو ظاهر فان الدفع واجب عليه فيجب ما يتوقف عليه.

(6) اذ مع التخلف يثبت الخيار فله الفسخ و الانتظار و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب السلف الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 234

[الفصل الثاني عشر: بيع الثمار و الخضر و الزرع]

اشارة

الفصل الثاني عشر: بيع الثمار و الخضر و الزرع لا يجوز بيع ثمرة النخل و الشجر قبل ظهورها عاما واحدا بلا ضميمة (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر- في هذا المقام-: «اجماعا بقسميه بل المحكي منهما متواتر كالنصوص و لذا نسبه بعضهم إلي الضرورة» الخ.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن شراء النخل و الكرم و الثمار ثلاث سنين أو أربع سنين فقال: لا بأس تقول: ان لم يخرج في هذه السنة اخرج في قابل و ان اشتريته في سنة واحدة فلا تشتره حتي يبلغ و ان اشتريته ثلاث سنين قبل أن يبلغ فلا بأس و

سئل عن الرجل يشتري الثمرة المسماة من أرض فتهلك ثمرة تلك الارض كلها فقال: قد اختصموا في ذلك الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فكانوا يذكرون ذلك فلما رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع حتي تبلغ الثمرة و لم يحرمه و لكن فعل ذلك من أجل خصومتهم «1».

و منها: ما رواه ربعي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان لي نخلا بالبصرة فأبيعه و اسمي الثمن و أستثني الكر من التمر أو أكثر أو العدد من النخل فقال:

لا بأس قلت جعلت فداك بيع السنتين قال: لا بأس قلت: جعلت فداك. ان ذا عندنا عظيم قال: اما انك ان قلت ذاك لقد كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله احل ذلك فتظالموا «فتظلموا يب» فقال عليه السلام: لاتباع الثمرة حتي يبدو صلاحها «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب بيع الثمار الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 235

______________________________

و منها: ما رواه أبو الربيع الشامي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: اذا بيع الحائط فيه النخل و الشجر سنة واحدة فلا يباعن حتي تبلغ ثمرته و اذا بيع سنتين أو ثلاثا فلا بأس ببيعه بعد أن يكون فيه شي ء من الخضرة «الخضر خ» «1».

و منها: ما رواه معاوية بن ميسرة قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن بيع النخل سنتين قال: لا بأس الحديث «2».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الكرم متي يحل بيعه؟ قال: اذا عقد و صاد عروقا «3».

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: قال ابو

عبد اللّه عليه السلام: لا تشتر النخل حولا واحدا حتي يطعم و ان شئت ان تبتاعه سنتين فافعل «4».

و عن الحدائق: الجزم بالصحة و ربما يقال- كما في الجواهر-: ان النصوص المانعة تحمل علي الكراهة و الظاهران الوجه فيه جملة من النصوص: منها: ما رواه «ابن يزيد» بريد قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرطبة تباع قطعتين أو ثلاث قطعات فقال: لا بأس قال: و أكثرت السؤال عن أشباه هذا فجعل يقول: لا بأس به فقلت: أصلحك اللّه استحياء من كثرة ما سألته و قوله: لا بأس به: ان من يلينا يفسدون هذا كله فقال: أظنهم سمعوا حديث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في النخل ثم حال بيني و بينه رجل فسكت فأمرت محمد بن مسلم أن يسأل أبا جعفر عليه السلام عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 236

و يجوز بيعها عامين فما زاد (1) و عاما واحدا مع الضميمة علي الاقوي (2) و أما بعد ظهورها فان بد اصلاحها أو كان البيع في عامين أو مع الضميمة جاز بيعها بلا اشكال (3) أما مع انتفاء الثلاثة فالاقوي الجواز

______________________________

قول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في النخل فقال أبو جعفر عليه السلام خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فسمع ضوضاء قال: ما هذا؟ فقيل له: تبايع الناس بالنخل فقعد النخل العام فقال عليه السلام: أما اذا فعلوا فلا تشتروا النخل العام حتي يطلع فيه الشي ء و لم يحرمه «1».

و منها: ما رواه الحلبي «2» فان المستفاد من هذه الطائفة من النصوص ان النبي صلي

اللّه عليه و آله لم يحرم البيع و انما النهي نهي كراهي فعليه لا وجه للقول بالحرمة و الفساد لكن هل يمكن رفع اليد عن الاجماعات المنقولة و التسالم بينهم بحد نسب الي بعضهم انه قال: «انه ضروري» و لولاه كان للنقاش في استفادة المدعي من النصوص المشار اليها مجال فان الجمع فيها يقتضي حمل النواهي الواقعة فيها علي الكراهة.

(1) كما هو منصوص في الروايات لاحظ ما رواه الحلبي «3».

(2) لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن بيع الثمرة هل يصلح شراؤها قبل أن يخرج طلعها؟ فقال لا الا أن يشتري معها شيئا من غيرها رطبة أو بقلا فيقول: اشتري منك هذه الرطبة و هذا الشجر بكذا فان لم تخرج الثمرة كان رأس مال المشتري في الرطبة و البقل الحديث «4».

(3) أما جوازه بعد بد و الصلاح فلما نص به في بعض النصوص لاحظ ما رواه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 234

(3) لاحظ ص: 234

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 237

و الاحوط العدم (1).

[مسألة 1: بدو الصلاح في الثمر هو كونه قابلا للأكل في العادة]

(مسألة 1): بدو الصلاح في الثمر هو كونه قابلا للأكل في العادة و ان كان اول أوان أكله (2).

______________________________

ربعي «1». و أما جواز بيعه عامين فلحديث سليمان بن خالد «2» و أما جوازه مع الضميمة فلما رواه سماعة «3».

(1) يمكن أن يكون الوجه في نظره ان مقتضي الجمع بين النصوص هو الجواز لكن بملاحظة الاجماع و التسالم علي عدم الجواز ترفع اليد عن النصوص و حيث ان القدر المتيقن من الاجماع صورة عدم ظهور الثمرة يقتصر في المنع علي هذا المقدار و يحكم بالجواز في غيرها و مقتضي الاحتياط الالتزام بعدم الجواز

علي الاطلاق و اللّه العالم.

(2) لا يبعد أن يكون الماتن ناظرا الي أن الظهور العرفي يقتضي ذلك اذ يمكن أن تكون النصوص الواردة في المقام ضعيفة عنده لاحظ ما رواه الحسن بن علي الوشاء قال: سألت الرضا عليه السلام هل يجوز بيع النخل اذا حمل؟ قال:

لا يجوز بيعه حتي يزهو قلت: و ما الزهو جعلت فداك قال: يحمر و يصفر و شبه ذلك «4».

و ما رواه علي بن أبي حمزه في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري بستانا فيه نخل ليس فيه غيره بسرا «غير بسر خ ل» أخضر قال: لا حتي

______________________________

(1) لاحظ ص: 234

(2) لاحظ ص: 235

(3) لاحظ ص: 236

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب بيع الثمار الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 238

______________________________

يزهو قلت: و ما الزهو؟ قال: حتي يتلون «1».

و ما رواه الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في حديث مناهي النبي صلي اللّه عليه و آله قال و نهي أن يبتاع الثمار حتي تزهو يعني تصفر أو تحمر «2».

و ما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام باسناد متصل الي النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي عن المخاضرة و هو أن يبتاع الثمار قبل أن يبدو صلاحها و هن خضر بعد و يدخل المخاضرة أيضا بيع الرطاب و البقول و أشباهها و نهي عن بيع الثمر قبل أن يزهو و زهوه ان يحمر أو يصفر «3».

و ما روي قال و في حديث آخر: نهي بيعه قبل أن تشقح و يقال: يشقح و التشقيح هو الزهو أيضا و هو معني قوله: حتي يأمن العاهة و العاهة الآفة تصيبه «4» فيبقي الظهور

العرفي ملاكا للحكم.

و يمكن أن يكون ناظرا الي ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام سئل عن الفاكهة متي يحل بيعها؟ قال: اذا كانت فاكهة كثيرة في موضع واحد فاطعم بعضها فقد حل بيع الفاكهة كلها فاذا كان نوعا واحدا فلا يحل بيعه حتي يطعم فان كان أنواع متفرقة فلا يباع شي ء منها حتي يطعم كل نوع منها وحده ثم تباع تلك الانواع «5» فان الميزان المجوز جعل في الرواية بلوغ الفاكهة الي مرحلة قابلة لان تطعم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 14

(3) نفس المصدر الحديث: 15

(4) نفس المصدر الحديث: 16

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب بيع الثمار الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 239

[مسألة 2: يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه أن تكون مما يجوز بيعه منفردة]

(مسألة 2): يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه أن تكون مما يجوز بيعه منفردة و كونها مملوكة لمالك و كون الثمن لها و للمنضم علي الاشاعة (1) و لا يعتبر فيها أن تكون متبوعة علي الاقوي فيجوز كونها تابعة (2).

[مسألة 3: يكتفي في الضميمة في تمر النخل مثل السعف و الكرب و الشجر اليابس الذي في البستان]

(مسألة 3): يكتفي في الضميمة في تمر النخل مثل السعف و الكرب و الشجر اليابس الذي في البستان (3).

[مسألة 4: لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها مع أصولها جاز بلا اشكال]

(مسألة 4): لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها مع أصولها جاز بلا اشكال (4).

[مسألة 5: إذا ظهر بعض ثمر البستان جاز بيع المتجدد في تلك السنة معه]

(مسألة 5): اذا ظهر بعض ثمر البستان جاز بيع المتجدد في تلك السنة معه و ان لم يظهر اتحد الجنس أو اختلف اتحد البستان أم تكثر

______________________________

(1) يمكن الاستدلال علي ما أفاده بحديث سماعة «1» فان قوله عليه السلام «اشتري منك» الخ يدل علي أنه لا بد من كون الضميمة مملوكة للبائع و الا فكيف يمكن الاشتراء منه و أيضا يدل علي أنه لا بد من كونها قابلة للاشتراء كالرطبة و البقل و تكون الضميمة بحيث تقع وحدها في مقابل الثمن و أيضا يدل علي أن يكون الاشتراء علي نحو الاشاعة.

(2) للإطلاق.

(3) للإطلاق.

(4) اذ لا وجه للإشكال و ان شتت قلت: غاية ما يلزم وجود الضميمة و ليكن الاصل مصداقا للضميمة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 236

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 240

علي الاقوي (1).

[مسألة 6: إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين]

(مسألة 6): اذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين ففي جريان حكم العامين عليهما اشكال (2) أظهره الجريان (3).

[مسألة 7: إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر ثم باع أصولها علي شخص آخر لم يبطل بيع الثمرة]

(مسألة 7): اذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر ثم باع اصولها علي شخص آخر لم يبطل بيع الثمرة بل تنتقل الاصول الي المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة و له الخيار في الفسخ مع الجهل (4) و لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها بل تنتقل الاصول الي

______________________________

(1) كل ذلك للإطلاق فان مقتضي اطلاق دليل الجواز مع الضميمة ما ذكر مضافا الي دلالة بعض النصوص عليه لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا كان الحائط فيه ثمار مختلفة فأدرك بعضها فلا بأس ببيعها جميعا «1».

(2) الظاهر ان منشأ الاشكال عدم صدق العنوان المأخوذ في دليل الجواز فان المأخود في الدليل سنتان فما فوقهما.

(3) بتقريب: ان العرف يفهم وحدة الملاك فلا خصوصية لتعدد السنة بل المناط بتكرر الثمرة و للتأمل فيما ذكر مجال و لعل الماتن فيما أفاده مستند الي وجه آخر و اللّه العالم.

(4) لعدم ما يقتضي البطلان غايته ثبوت الخيار للمشتري كما في المتن اذا كان جاهلا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 241

ورثة البائع بموته مسلوبة المنفعة (1) و كذا لا يبطل بيعها بموت المشتري بل تنتقل الي و وثته (2).

[مسألة 8: إذا اشتري ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد و كانت الخسارة من مال البائع]

(مسألة 8): اذا اشتري ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد و كانت الخسارة من مال البائع كما تقدم ذلك في أحكام القبض و تقدم أيضا الحاق السرقة و نحوها بالتلف و حكم ما لو كان التلف من البائع و المشتري و الاجنبي (3).

[مسألة 9: يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها]

(مسألة 9): يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها و ان يستثني حصة مشاعه كالربع و الخمس و ان يستثني مقدارا معينا كمن و وزنة (4) لكن في الصورتين لو خاست الثمرة وزع النقص علي المستثني و المستثني منه علي النسبة (5) ففي صورة استثناء حصة مشاعة يوزع الباقي بتلك النسبة و اما اذا كان المستثني

______________________________

(1) لعدم وجه للبطلان.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) و قد مر الكلام حول الفرع و تقدم شرح كلام الماتن هناك فراجع.

(4) الظاهر ان جوازه علي القاعدة الاولية مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه ربعي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبيع الثمرة ثم يستثني كيلا و تمرا قال: لا بأس به قال: و كان مولي له عنده جالسا فقال المولي انه يبيع و يستثني أو ساقا يعني أبا عبد اللّه عليه السلام قال: فنظر اليه و لم ينكر ذلك من قوله «1».

(5) كما هو ظاهر فانه لازم الاشاعة بخلاف الصورة الاولي فان مملوك احدهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب بيع الثمار

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 242

مقدارا معينا فطريق معرفة النقص تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلا فيسقط من المقدار المستثني بتلك النسبة فان كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث و ان كان الربع يسقط الربع و هكذا (1).

[مسألة 10: يجوز بيع ثمرة النخل و غيره في أصولها بالنقود و بغيرها كالأمتعة و الحيوان و الطعام]

(مسألة 10): يجوز بيع ثمرة النخل و غيره في أصولها بالنقود و بغيرها كالأمتعة و الحيوان و الطعام و بالمنافع و الاعمال و غيرها كغيره من أفراد البيع (2) نعم لا تجوز المزابنة و هي بيع ثمرة النخل ثمرا كانت أو رطبا أو بسرا أو غيرها بالتمر من ذلك النخل (3) و أما

بيعها بثمر غيره سواء كان في الذمة أم كان معينا فالظاهر جوازه (4).

______________________________

متميز عن المملوك الاخر فالخسارة الواردة علي واحد منهما تختص بموردها.

(1) الظاهران الامر كما أفاده و اللّه العالم.

(2) الظاهر ان ما أفاده علي طبق الموازين الاولية.

(3) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: عن المحاقلة و المزابنة قلت و ما هو؟ قال: أن يشتري حمل النخل بالثمر و الزرع بالحنطة «1» و قال في الجواهر- في مقام الاستدلال علي عدم الجواز-: «اجماعا بقسميه بل المحكي منه مستفيض أو متواتر» الي أن قال: «و لان هذه المعاملة هي المتيقن من تحريم المزابنة التي علم بالنص و الاجماع حرمتها» الخ.

(4) لبعض النصوص لاحظ ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في رجل قال لاخر: بعني ثمرة نخلك هذا الذي فيها بقفيزين من تمر أو أقلّ أو أكثر يسمي ما شاء فباعه فقال: لا بأس به و قال: التمر و البسر من نخلة واحدة لا بأس به فأما

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب بيع الثمار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 243

و ان كان الترك أحوط (1) و الظاهر عدم جواز بيع ثمر غير النخل بثمرة أيضا (2).

______________________________

أن يخلط التمر العتيق أو البسر فلا يصلح و الزبيب و العنب متل ذلك «1».

و لاحظ ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ان رجلا كان له علي رجل خمسة عشر وسقا من تمر و كان له نخل فقال له: خذ ما في نخلي بتمرك فأبي ان يقبل فأتي البني صلي اللّه عليه و آله

فقال: يا رسول اللّه لفلان علي خمسة عشر وسقا من تمر فكلمه يأخذ ما في نخلي بتمره فبعث النبي صلي اللّه عليه و آله اليه فقال: يا فلان خذ ما في نخله بتمرك فقال: يا رسول اللّه لا يفي و أبي ان يفعل فقال رسول اللّه عليه و آله لصاحب النخل: اجذذ نخلك فجذه فكاله فكان خمسة عشر وسقا فأخبرني بعض أصحابنا عن ابن رباط و لا اعلم الا اني قد سمعته منه أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال: ان ربيعة الرأي لما بلغه هذا عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: هذا ربا قلت: اشهد اللّه انه لمن الكاذبين قال: صدقت «2» و حديث عبد الرحمن و ان كان عاما في الحرمة و لكن يخصص عمومه بما دل علي الجواز.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) اختار في الحدائق الجواز حيث ان دليل الحرمة من الاجماع و النص يختصان بالنخل فيبقي غيره علي تحت القواعد العامة المقتضية للجواز و ما يمكن ان يذكر في وجه عدم الجواز امور.

الاول: انه لا يؤمن من الربا فلا يجوز لأجله و فيه: ان الربا يختص بالمكيل و الموزون و ثمرة الشجرة تباع بالمشاهدة.

الثاني: عموم العلة في بعض النصوص الدال علي منع بيع الرطب بالتمر معللا بلزوم الربا لاحظ النصوص الدالة علي المدعي في الباب 14 من أبواب الربا

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 244

و أما بيعه بغير ثمره فلا اشكال فيه اصلا (1).

[مسألة 11: يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد علي ثمنه الذي اشتراه به أو ناقص أو مساو]

(مسألة 11): يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد علي ثمنه الذي اشتراه

به أو ناقص أو مساو (2) سواء أ باعه قبل قبضه أم بعده (3).

______________________________

من الوسائل و من تلك النصوص ما رواه الحلبي «1» و فيه: انه قد مر في فصل الربا ان النصوص متعارضة و الترجيح مع ما يدل علي الجواز فراجع ما ذكرناه هناك.

الثالث: ما أفاده في الجواهر من تعليل عدم الجواز بعدم جواز اتحاد الثمن و المثمن. و فيه: ان هذا خلف الفرض فان المفروض في الكلام تغاير المبيع و الثمن و بعبارة اخري: ان كان المراد من التقريب انه لا بد من عدم كونهما من شجرة واحدة فهذا عين المدعي و لا مجال للاستدلال به و ان كان المراد انه لا بد من كون المبيع ملكا للبائع و الثمن ملكا للمشتري فلا اشكال في لزومه لكن لا مانع من هذه الناحية اذ يمكن فرض كون مقدار من الثمرة مملوكا لأحد و المقدار الاخر منها مملوكا لاخر حتي يمكن فرض التميز الخارجي بينهما بأن يكون الواقع في الطرف الشرقي ملكا لأحدهما و الواقع في الطرف الغربي ملكا لاخر فلاحظ.

(1) لعدم ما يقتضي المنع.

(2) لعدم ما يقتضي المنع و القاعدة الاولية تقتضي الجواز مضافا الي عدم الخلاف و الاشكال كما في الجواهر.

(3) لوحدة الملاك مضافا الي النص لاحظ ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يشتري الثمرة ثم يبيعها قبل أن يأخذها قال:

______________________________

(1) لاحظ ص: 191

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 245

[مسألة 12: لا يجوز بيع الزرع قبل ظهوره علي الأحوط]

(مسألة 12): لا يجوز بيع الزرع قبل ظهوره علي الاحوط (1) و يجوز بيعه تبعا للأرض لو باعها معه (2) أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله بمعني بيع القدر الظاهر مع اصوله الثابتة (3) فان

شاء المشتري فصله (4) و ان شاء ابقاه مع اشتراط الابقاء أو باذن من صاحب الارض (5) فان أبقاه حتي يسنبل كان له السنبل و عليه اجرة الارض اذا لم يشترط

______________________________

لا بأس به ان وجد ربحا فليبع «1».

و ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام انه قال في رجل اشتري الثمرة ثم يبيعها قبل ان يقبضها قال: لا بأس «2».

(1) لا يبعد أن يكون منشأ الاشكال لزوم الجهل و الغرر مضافا الي ان الظاهران المشهور قائلون بعدم الجواز قال في الحدائق «3»: «المشهور بل الظاهر انه لا خلاف فيه انه لا يجوز بيعها قبل ظهورها و انما يجوز بعد ظهورها لقطة و لقطات و جزة و جزات فيما يجز كالبقول و فيما يخترط كالحنا و التوت» الخ.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع.

(3) لوجود ما يقتضي الجواز من ادلة جواز البيع و عدم ما يكون مانعا.

(4) لأنه ملكه فله ما يشاء من التصرف في مملوكه.

(5) أما مع الاشتراط فلان الابقاء حق له بحسب الشرط المذكور و اما مع الاذن و رضا المالك فلجواز التصرف في ملك الغير باذنه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب بيع الثمار الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) ج 19 ص: 342

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 246

الابقاء مجانا (1) و ان فصله قبل أن يسنبل فنمت الاصول الثابتة في الارض حتي سنبل كان له أيضا (2) و لا تجب عليه اجرة الارض (3) و ان كان الوجوب أحوط (4) و يجوز بيعه لامع اصله بل قصيلا اذا كان قد بلغ أو ان قصله أو قبل ذلك علي أن يبقي حتي يصير قصيلا أو قبل ذلك (5).

______________________________

(1) لحرمة مال الغير فلا يجوز

التصرف و الانتفاع به مجانا كما هو ظاهر.

(2) اذا لمفروض ان الاصل له فيكون الفرع له أيضا بمقتضي تبعية الفرع للأصل كما هو المقرر عند العقلاء.

(3) اذ فرض اشتراط الابقاء.

(4) بتقريب انصراف اشتراط الابقاء الي صورة عدم الفصل.

(5) للمقتضي و عدم المانع مضافا الي دلالة جملة من النصوص علي الجواز لاحظ ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا بأس بأن يشتري زرعا أخضر ثم تتركه حتي تحصد ان شئت ان (أو خ ل) تعلفه من قبل أن يسنبل و هو حشيش الحديث «1».

و ما رواه بكير بن أعين قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أ يحل شراء الزرع الاخضر؟ قال: نعم لا بأس به «2».

و ما رواه زرارة مثله و قال: لا بأس ان تشتري الزرع و القصيل أخضر ثم تتركه ان شئت حتي يسنبل ثم تحصده و ان شئت ان تعلف دابتك قصيلا فلا بأس به قبل

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 247

______________________________

أن يسنبل فأما اذا استنبل فلا تعلفه «تقلعه خ ل» رأسا رأسا فانه فساد «1».

و ما رواه معلي بن خنيس قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أشتري الزرع قال. اذا كان قدر شبر «2».

و ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا تشتر الزرع ما لم يسنبل فاذا كنت تشتري أصله فلا بأس بذلك الحديث «3».

و ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بأن تشتري زرعا اخضر فان شئت تركته حتي تحصده و ان شئت فبعه حشيشا «4».

و ما روا سماعة

قال: سألته عن شراء القصيل يشتريه الرجل فلا يقصله و يبدو له في تركه حتي يخرج سنبله شعيرا أو حنطة و قد اشتراه من أصله و ما كان علي أربابه من خراج فهو علي العلج قال: ان كان اشترط حين اشتراه ان شاء قطعه و ان شاء تركه كما هو حتي يكون سنبلا و إلا فلا ينبغي له أن يتركه حتي يكون سنبلا «5».

و ما رواه سماعة «6» و ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في زرع بيع و هو حشيش ثم سنبل قال: لا بأس اذا قال: ابتاع منك ما يخرج من هذا الزرع فاذا اشتراه و هو حشيش فان شاء أعفاه و ان شاء تربص به «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

(6) نفس المصدر الحديث: 8

(7) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 248

فان قطعه و نمت الاصول حتي صارت سنبلا كان السنبل للبائع (1) و ان لم يقطعه كان لصاحب الارض الزامه بقطعه و له ابقاءه و المطالبة بالاجرة (2) فلو أبقاه فنمي حتي سنبل كان السنبل للمشتري (3) و ليس لصاحب الارض الا مطالبة الاجرة (4) و كذا الحال لو اشتري نخلا (5) و لو اشتري الجذع بشرط القلع فلم يقلعه و نمي كان النماء للمشتري (6).

[مسألة 13: يجوز بيع الزرع محصودا]

(مسألة 13): يجوز بيع الزرع محصودا و لا يشترط معرفة

______________________________

و ما رواه أبو بصير «1» و ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا تشتر الزرع ما لم يسنبل فاذا كنت تشتري اصله فلا بأس بذلك أو ابتعت نخلا فابتعت

اصله و لم يكن فيه حمل لم يكن به بأس «2».

(1) اذ المفروض ان الاصل ملك للبائع و الفرع تابع للأصل فيكون للبائع.

(2) لتسلط الناس علي أموالهم فله الالزام بالقطع و افراغ ملكه عن مملوك غيره كما ان له الابقاء و المطالبة بالاجرة لحرمة ماله و عدم ما يقتضي المجانية.

(3) اذ المفروض انه له و بعبارة اخري: مملوك المشتري صار سنبلا فيكون له.

(4) اذا المفروض ان السنبل ملك المشتري كما مر غاية الامر استفاد المشتري بملك البائع فله الاجرة كما هو مقتضي عدم المجانية.

(5) الكلام فيه هو الكلام.

(6) اذ المفروض ان الفرع تابع للأصل فيكون النماء للمشتري كما في المتن فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) تهذيب الاحكام ج 7 ص: 144 حديث: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 249

مقداره بالكيل أو الوزن بل تكفي المشاهدة (1).

[مسألة 14: لا يجوز المحاقلة و هي بيع سنبل الحنطة أو الشعير بالحنطة منه]

(مسألة 14): لا يجوز المحاقلة و هي بيع سنبل الحنطة أو الشعير بالحنطة منه و كذا بيع سنبل الشعير بالشعير منه بل و كذا بيع سنبل غير الحنطة و الشعير من الحبوب بحب منه (2).

______________________________

(1) فان المتعارف فيه البيع مع المشاهدة و الجهل بالمقدار غير مضر لعدم كونه من المكيل و الموزون.

(2) الاصل في هذا الحكم ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «1» و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن المحاقلة و المزابنة فقال: المحاقلة النخل بالتمر و المزابنة بيع السنبل بالحنطة الحديث «2».

و المستفاد من الحديثين اختصاص الحكم بالحنطة فان تحقق اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام علي عموم الحكم فهو و إلا فما أفاده في المتن: من العموم يشكل الالتزام به

قال في الحدائق في هذا المقام: «و ليس غير هاتين الروايتين في الباب فالحاق ما ذكروه من الافراد بالحنطة مشكل» ثم: ان المستفاد من الخبرين النهي عن بيع السنبل بالحنطة بلا تقييده بكونها منه فلا أدري ما الوجه في تقييد الفقهاء و قال في مجمع البحرين في مادة حقل: «المحاقلة بيع الزرع في سنبله بحب من جنسه» و قال في مادة «زبن» في تفسير المزابنة هي بيع الرطب في رأس النخل بالتمر و اللّه العالم.

و في المقام حديث رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

لا بأس أيضا أن يشتري زرعا قد سنبل و بلغ بحنطة «3» يستفاد منه جواز بيع

______________________________

(1) لاحظ ص: 242

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب بيع الثمار الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 12 من ابواب بيع الثمار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 250

[مسألة 15: الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها علي الأحوط]

(مسألة 15): الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها علي الاحوط (1) و يجوز بعد ظهورها مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات (2) و المرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع (3) و لو كانت الخضرة مستورة كالشلجم و الجزر و نحوهما فالظاهر جواز بيعها أيضا (4).

[مسألة 16: إذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث و النعناع و اللفت و نحوها يجوز بيعها بعد ظهورها علي الأحوط]

(مسألة 16): اذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث و النعناع و اللفت و نحوها يجوز بيعها بعد ظهورها علي الاحوط و المرجع في

______________________________

السنبل بالحنطة و حيث انه مطلق يقيد بما لا يكون المبيع الحنطة فلاحظ.

بقي شي ء و هو ان الوارد في احد الحديثين «1» عنوان الزرع و الوارد في الخبر الاخر عنوان السنبل و بقانون حمل المطلق علي المقيد يقيد الخبر الاول بالخبر الثاني لا يقال: لا تنافي بين المثبتين فانه يقال: مفهوم الحد حجة و المفروض ان الخبر الثاني في مقام بيان تعريف المزابنة فلا بد من التقييد.

(1) الظاهران الوجه في الاحتياط ما ذكرناه في وجه عدم بيع الزرع قبل ظهوره.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع كما يظهر الجواز من عبارة الحدائق التي قد مناها في شرح مسألة: 12.

(3) فان هذه الامور راجعة الي العرف فنظره هو الميزان.

(4) لعل الوجه فيما أفاده ان كونها مستورة لا ينافي اشتراط الظهور و بعبارة اخري: المراد بالظهور أن يكون الزرع قابلا لان يلقط فاذا وصل هذا الحد يجوز بيعه لوجود المقتضي و عدم المانع.

______________________________

(1) لاحظ ص: 242

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 251

تعيين الجزة عرف الزراع كما سبق و كذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء و التوت فانه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة و خرطات (1).

[مسألة 17: إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركا بين اثنين جاز أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها]

(مسألة 17): اذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركا بين اثنين جاز ان يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار فاذا اخرص حصة صاحبه بوزنة مثلا جاز أن يتقبلها بتلك الوزنة (2).

______________________________

(1) قد ظهر الوجه فيما أفاده في هذه المسألة مما ذكرنا فلا نعيد.

(2) قال في الحدائق «1»: «و لو كان بين اثنين أو أكثر نخل أو

شجر فيتقبل بعضهم بحصة الباقين بشي ء معلوم كان جائزا و ليس هذا من قبيل البيع و انما هي معاوضة مخصوصة تسمي بالقبالة و هي مستثناة من المزابنة و المحاقلة» الخ و الدليل علي هذا الحكم جملة من النصوص منها ما رواه يعقوب بن شعيب في حديث قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول احدهما لصاحبه:

اختر اما أن تأخذ هذا النخل بكذا و كذا كيل (كيلايه) مسمي و تعطيني نصف هذا الكيل اما زاد أو نقص و اما أن آخذه أنا بذلك قال: نعم لا بأس به «2».

و منها: ما رواه الحلبي قال: أخبرني أبو عبد اللّه عليه السلام أن أباه حدثه ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أعطي خيبر بالنصف أرضها و نخلها فلما أدركت الثمرة بعث عبد اللّه رواحة فقوم عليه قيمة و قال لهم: اما أن تأخذوه و تعطوني نصف الثمر (الثمن خ ل) و اما اعطيكم نصف الثمر فقالوا: بهذا قامت السماوات و الارض «3».

______________________________

(1) ج 19 ص 361

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 252

زادت عليها في الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها (1) و الظاهر عدم الفرق بين كون الشركاء اثنين أو أكثر (2) و كون المقدار المتقبل به منها و في الذمة (3) نعم اذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان علي المتقبل بخلاف ما لو كان في الذمة فانه باق علي ضمانه (4) و الظاهر انه صلح علي تعيين المقدار المشترك فيه في كمية خاصة علي أن يكون اختيار التعيين بيد

______________________________

و منها: ما رواه أبو الصباح قال: سمعت أبا عبد

اللّه عليه السلام يقول: ان النبي صلي اللّه عليه و آله لما افتتح خيبر تركها في أيديهم علي النصف فلما أدركت الثمرة بعث عبد اللّه بن رواحة اليهم فخرص عليهم فجاءوا الي النبي صلي اللّه عليه و آله فقالوا: انه قد زاد علينا فأرسل الي عبد اللّه فقال: ما يقول هؤلاء؟ فقال:

خرصت عليهم بشي ء فان شاءوا يأخذون بما خرصت و ان شاءوا أخذنا فقال رجل من اليهود: بهذا قامت السماوات و الارض «1» فان المستفاد من هذه النصوص جواز التقبل بالنحو المذكور في المتن.

(1) كما صرح به في حديث يعقوب بن شعيب.

(2) كما يظهر من عبارة الحدائق و لا يبعد ان العرف يفهم من نصوص الباب عدم الفرق مضافا الي حديث خيبر فان التقبل بين مبعوث النبي صلي اللّه عليه و آله و جماعة اليهود.

(3) الجزم به مشكل فان الظاهر من نصوص الباب ان المتقبل به منها.

(4) لعدم ما يقتضي الضمان بخلاف ما في الذمة اذ المفروض ثبوت العوض في الذمة فلا بد من الافراغ لكن الاشكال في الاساس و قد مر انه لا دليل علي جواز جعل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 253

المتقبل (1) و يكفي فيها كل لفظ دال علي المقصود (2) بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من المعقود (3).

[مسألة 18: إذا مر الإنسان بشي ء من النخل أو الشجر جاز أن يأكل مع الضرورة العرفية من ثمره]

(مسألة 18): اذا مر الانسان بشي ء من النخل أو الشجر جاز أن يأكل مع الضرورة العرفية من ثمره (4).

______________________________

البدل من غيرها.

(1) لا دليل علي كونه صلحا بل الظاهر انه معاملة مستقلة و لا يلزم اجراء أحكام الصلح عليه.

(2) لإطلاق الدليل فان المستفاد من النصوص تحقق هذا التراضي و المبادلة باي نحو و اي لفظ و اي مبرز.

(3) للإطلاق

كما مر آنفا فلاحظ.

(4) الاصل في هذا الحكم عدة نصوص: منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله فيمن سرق الثمار في كمه فما أكل منه فلا اثم عليه و ما حمل فيعزر و يغرم قيمته مرتين «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن رجل يمر علي ثمرة فيأكل منها؟ قال: نعم قد نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن تستر الحيطان برفع بنائها «2».

و منها: ما رواه محمد بن مروان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امر بالثمرة فآكل منها قال: كل و لا تحمل قلت جعلت فداك ان التجار اشتروها و نقدوا أموالهم قال: اشتروا ما ليس لهم «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 254

بلا افساد للثمر أو الاغصان أو الشجر أو غيرها (1) و الظاهر جواز الاكل

______________________________

و منها: ما رواه يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يمر بالبستان و قد حيط عليه أو لم يحط عليه هل يجوز له أن يأكل من ثمره و ليس يحمله علي الاكل من ثمره الا الشهوة و له ما يغنيه عن الاكل من ثمره؟

و هل له أن يأكل من جوع؟ قال: لا بأس أن يأكل و لا يحمله و لا يفسده «1».

و منها غيرها من الروايات الواردة في الباب 8 من أبواب بيع الثمار من الوسائل و يستفاد من حديث مسعدة بن زياد ان الاكل لا يجوز

الا مع الضرورة روي عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه سئل عما يأكل الناس من الفاكهة و الرطب مما هو لهم حلال فقال: لا يأكل أحد الا من ضرورة و لا يفسد اذا كان عليها فناء محاط و من أجل الضرورة نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يبني علي حدائق النخل و الثمار بناء لكي يأكل منها كل احد «2».

(1) كما نص في حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالرجل يمر علي الثمرة و يأكل منها و لا يفسد و نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان تبني الحيطان بالمدينة لمكان المارة قال: و كان اذا بلغ نخلة أمر بالحيطان فخربت لمكان المارة «3».

مضافا الي أن حرمة الافساد علي طبق القاعدة الاولية فان التصرف في مال الغير حرام الا بالمقدار الذي يدل عليه الدليل و المفروض ان الدليل دل علي جواز الاكل و أما الا فساد فلا دليل علي جوازه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 255

و ان كان قاصدا له من أول الامر (1) و لا يجوز له أن يحمل معه شيئا من الثمر (2) و اذا حمل معه شيئا حرم ما حمل و لم يحرم ما أكل (3) و اذا كان للبستان جدار أو حائط أو علم بكراهة المالك ففي جواز الاكل اشكال و المنع أظهر (4).

______________________________

(1) للإطلاق و لكن الانصاف ان الجزم بالاطلاق مشكل فانه لا يبعد أن يقال:

ان المنساق الي الذهن بحسب الفهم العرفي هو الذي يمر في الطريق بطبعه و أما المرور الذي يكون بهذا الداعي

فيشكل كونه مشمولا لدليل الجواز نعم الذي يمر في الطريق بحسب طبعه اذا اختار طريقا يكون فيه البستان لان يأكل من ثمره يشمله الدليل.

(2) لعدم الدليل عليه فلا يجوز علي القاعدة مضافا الي بعض النصوص لاحظ ما رواه السكوني «1» و ما رواه محمد بن مروان «2» و ما رواه يونس «3» و ما عن صاحب الزمان عليه السلام الي أن قال: و أما ما سألت عنه عن أمر الثمار من اموالنا يمر به المار فيتناول منه و يأكله هل يحل له ذلك فانه يحل له اكله و يحرم عليه حمله «4».

(3) كما هو المستفاد من النصوص مضافا الي القاعدة الاولية كما مر.

(4) يستفاد من المتن انه لا يجوز الاكل في صورتين: إحداهما: ما لو كان للبستان جدار او حائط. ثانيتهما: ما لو علم بكراهة المالك اما الصورة الاولي

______________________________

(1) لاحظ ص: 253

(2) لاحظ ص: 253

(3) لاحظ ص: 254

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب بيع الثمار الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 256

[مسألة 19: لا بأس ببيع العرية]

(مسألة 19): لا بأس ببيع العرية و هي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره فيبيع ثمرتها قبل أن تكون تمرا منه بخرصها تمرا (1).

______________________________

فلا يبعد ان يكون الوجه في المنع ما في حديث مسعدة بن زياد «1» بتقريب:

انه نهي في هذه الرواية عن الافساد اذا كان عليها فناء محاط. و فيه: انه لا يستفاد من الحديث النهي عن الاكل بل المنهي عنه الافساد.

و اما الصورة الثانية فيمكن ان يكون الوجه في المنع ما رواه علي بن يقطين قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن الرجل يمر بالثمرة من الزرع و النخل و الكرم و الشجر و المباطخ و غير ذلك من الثمر أ

يحل له ان يتناول منه شيئا و يأكل بغير اذن صاحبه؟ و كيف حاله ان نهاه صاحبه «صاحب الثمرة» او امره القيم فليس له و كم الحد الذي يسعه ان يتناول منه؟ قال: لا يحل له ان يأخذ منه شيئا «2».

فان المستفاد من هذا الحديث عدم الجواز في صورة النهي و لكن يرد عليه:

ان المستفاد من هذا الحديث يختص بصورة النهي و اما مطلق الكراهة فلا دليل علي كونها مانعا بل المرجع اطلاق النصوص الدالة علي الجواز.

(1) و الاصل في هذه المسألة حديثان: احدهما: ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: رخص رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في العرايا بأن تشتري بخرصها تمرا قال: و العرايا جمع عرية و هي النخلة يكون للرجل في دار رجل آخر فيجوز له ان يبيعها بخرصها تمرا و لا يجوز ذلك في غيره «3».

و ثانيهما: ما رواه القاسم بن سلام باسناد متصل الي النبي صلي اللّه عليه و آله انه رخص في العرايا واحدتها عرية و هي النخلة التي يعريها صاحبها رجلا محتاجا

______________________________

(1) لاحظ ص: 254

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب بيع الثمار الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 257

[الفصل الثالث عشر: في بيع الحيوان]

اشارة

الفصل الثالث عشر:

في بيع الحيوان: يجوز استرقاق الكافر الاصلي اذا لم يكن معتصما بعهد أو ذمام (1).

______________________________

و الاعراء ان يبتاع تلك النخلة من المعري بتمر لمواضع حاجته قال: و كان النبي صلي اللّه عليه و آله اذا بعث الخراص قال: خفضوا الخرص فان في المال العرية و الوصية «1».

و الحديثا كلاهما ضعيفان سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتهما فلا خصوصية للعرية بما هي بل

لا بد في موردها من العمل علي طبق القواعد المقررة المستفادة من الادلة في باب البيع. ثم ان الماتن خصص الحكم بخصوص بيع ثمرة النخلة قبل ان تكون تمرا و الحال انه لا يستفاد هذا القيد لا من الحديثين الواردين في الباب و لا من اللغة ثم ان الماتن صرح في رسالته الفارسية «2» بلزوم بيع ثمرة النخلة بتمر منها و الحال ان الحديثين لا يستفاد منهما هذا القيد و لعله ناظر فيما افاده الي الاجماع المدعي في المقام قال في الجواهر: «المسألة الرابعة لا خلاف بيننا و بين سائر المسلمين عدا ابي حنيفة في انه يجوز بيع العرايا بخرصها تمرا بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منه في اعلي مراتب الاستفاضة بل في المسالك: انه اجمع اهل العلم عدا ابي حنيفة علي انه مستثني من تحريم المزابنة و هو شاهد علي ان المزابنة ما ذكرنا لما ستعرف من جواز بيع العرية بخرصها تمرا منها» الي آخر كلامه.

(1) قال في الجواهر: و يختص الرق اي الاسترقاق بأهل الحرب دون اليهود

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) توضيح المسائل ص: 358

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 258

سواء أ كان في دار الحرب أم في دار الإسلام و سواء أ كان بالقهر و الغلبة أم بالسرقة أم بالغيلة (1) و يسري الرق في أعقابه و ان كان قد أسلم (2).

______________________________

و النصاري و المجوس القائمين بشرائط الذمة بلا خلاف في شي ء من ذلك بل الاجماع بقسميه عليه مضافا الي اصالة عدم ملك احد لأحد و غيرها عدا ما خرج بالدليل من استرقاق الكفار اهل الحرب الذين يجوز قتالهم الي ان يسلموا و يقيموا بشرائط الذمة ان كانوا من الفرق الثلاثة» «1».

و

قال أيضا: «لا خلاف في ان الكفر الاصلي بأحد اسبابه سبب لجواز استرقاق الكافر المحارب الخارج عن طاعة اللّه و رسوله و لم يكن معتصما بذمة او عهد او نحوهما و يلحقه في هذا الحكم ذراريه و ان لم يتصفوا بوصفه و يسري الرق في اعقابه و ان زال وصف الكفر عنه لأنهم نماء الملك الذي قد فرض حصوله بحصول سبب التملك حال الاسترقاق ما لم يعرض الاسباب المحررة فيتبعه حينئذ اعقابه بعد الحرية فيها لخروجه عن الملك المقتضي لملكية النماء حينئذ و خرج بالاصلي المنتحل للإسلام المتحصن به عن الاسترقاق اجماعا و المرتد الذي خرج كفره المتجدد بتنحل الإسلام او ما في حكمه عن كونه اصليا لأصالة الحرية السالمة عن المعارض بعد اختصاص الفتاوي و النصوص و لو بحكم التبادر في غيره بلا خلاف اجده في ذلك» «2».

(1) لان الميزان في جواز الاسترقاق ما ذكر فلا فرق في هذا الحكم بين الامكنة كما انه لا فرق فيه بين اسبابه.

(2) كما هو المقرر عندهم فان ولد الملوك مملوك و بعبارة اخري الرقية تسري

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 34 ص: 89

(2) جواهر الكلام ج 24 ص 136

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 259

و أما المرتد الفطري و الملي فلا يجوز استرقاقهما علي الاقوي (1) و لو قهر حربي حربيا آخر فباعه ملكه المشتري و ان كان أخاه أو زوجته أو من ممن ينعتق عليه كأبيه و امه و في كونه بيعا حقيقة و تجري عليه أحكامه اشكال و ان كان اقرب.

[مسألة 1: يصح أن يملك الرجل كل أحد غير الأب و الأم و الجد و إن علا]

(مسألة 1): يصح أن يملك الرجل كل أحد غير الاب و الام و الجد و ان علي لأب كان أو لام و الولد و ان نزل ذكرا

كان أو انثي و المحارم و هي الاخت و العمة و الخالة و ان علون و بنات الاخ و بنات

______________________________

و لو مع الإسلام.

(1) لا يبعد ان يكون الوجه في عدم الجواز القصور في المقتضي فان دليل الجواز هو الاجماع كما مر عن الجواهر و الدليل اللبي لا اطلاق فيه هذا من ناحية و من ناحية اخري التملك و الاسترقاق علي خلاف الاصل الاولي فلا بد من قيام دليل معتبر عليه لكن يمكن الاستناد في الجواز الي بعض النصوص لاحظ ما رواه العيص قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوم مجوس خرجوا علي ناس من المسلمين في ارض الإسلام هل يحل قتالهم؟ قال: نعم و سبيهم «1».

فان مقتضي اطلاق عنوان المجوس عموم الحكم و لا وجه للانصراف و علي فرضه بدوي فلا مانع من استرقاق المرتد الا ان يقوم اجماع تعبدي كاشف علي عدم جوازه و اللّه العالم. و لا يخفي ان الاحكام المترتبة علي بيع الحيوان لا موضوع لها في زماننا فالانسب ان نصرف الوقت فيما يكون اهم و اللّه الموفق و عليه التوكل و التكلان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب جهاد العدو الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 260

الاخت و ان نزلن و لا فرق في المذكورين بين النسبيين و الرضاعيين و اذا وجد السبب المملك اختياريا كان كالشراء أو قهريا كالإرث انعتق قهرا و لو ملك أحد الزوجين صاحبه و لو بعضا منه استقر الملك و بطل النكاح و يكره أن يملك غير هؤلاء من ذوي قرابته كالأخ و العم و الخال و اولادهم و تملك المرأة كل احد غير الاب و الام و الجد و الجدة و الولد و ان

نزل ذكرا كان أو انثي نسبيين كانوا أو رضاعيين.

[مسألة 2: الكافر لا يملك المسلم ابتداء]

(مسألة 2): الكافر لا يملك المسلم ابتداء و لو أسلم عبد الكافر بيع علي مسلم و اعطي ثمنه.

[مسألة 3: كل من أقر علي نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع الشك إذا كان عاقلا بالغا مختارا]

(مسألة 3): كل من أقر علي نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع الشك اذا كان عاقلا بالغا مختارا:

[مسألة 4: لو اشتري عبدا فادعي الحرية لم يقبل قوله إلا بالبينة]

(مسألة 4): لو اشتري عبدا فادعي الحرية لم يقبل قوله الا بالبينة.

[مسألة 5: يجب علي مالك الأمة إذا أراد بيعها و قد وطئها أن يستبرئها قبل بيعها بحيضة إن كانت تحيض]

(مسألة 5): يجب علي مالك الامة اذا أراد بيعها و قد وطئها أن يستبرئها قبل بيعها بحيضة ان كانت تحيض و بخمسة و أربعين يوما من حين الوطء ان كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض و لو باعها بدون الاستبراء صح البيع و وجب علي المشتري استبراؤها فلا يطؤها الا بعد حيضة أو مضي المدة المذكورة و اذا لم يعلم ان البائع استبرأها أو وطئها وجب عليه الاحتياط في استبرائها و اذا علم ان البائع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 261

لم يطأها أو انه استبرئها لم يجب عليه استبراؤها و كذا اذا أخبر صاحبها بأنه قد استبرئها أو انه لم يطأها اذا كان أمينا و لا يجب الاستبراء في أمة المرأة الا أن يعلم أنها موطوءة وطئا محترما و لا في الصغيرة و لا في اليائسة و لا في الحائض حال البيع نعم لا يجوز وطؤها حال الحيض و لا استبراء في الحامل نعم لا يجوز وطؤها في القبل الا بعد مضي أربعة أشهر و عشرة ايام من زمان حمله فان وطأها و قد استبان حملها عزل استحبابا فان لم يعزل فالاحوط لو لم يكن اقوي عدم جواز بيع الولد بل وجوب عتقه و جعل شي ء له من ماله يعيش به.

[مسألة 6: وجوب استبراء البائع للأمة قبل البيع يثبت لكل مالك يريد نقلها إلي غيره]

(مسألة 6): وجوب استبراء البائع للامة قبل البيع يثبت لكل مالك يريد نقلها الي غيره و لو بسبب غير البيع و كذلك وجوب استبراء المشتري قبل الوطء يثبت لكل من تنتقل اليه الامة بسبب و ان كان ارثا او استرقاقا او نحوهما فلا يجوز له وطؤها الا بعد الاستبراء.

[مسألة 7: يجوز شراء بعض الحيوان مشاعا كنصفه و ربعه]

(مسألة 7): يجوز شراء بعض الحيوان مشاعا كنصفه و ربعه (1) و لا يجوز شراء بعض معين منه كرأسه و جلده اذا لم يكن مما يطلب لحمه بل كان المقصود منه الابقاء للركوب او الحمل او نحوهما (2) و لو كان مما يطلب لحمه جاز شراء بعض معين منه لكن لو لم يذبح

______________________________

(1) كما هو ظاهر واضح.

(2) لعدم دليل علي الجواز فان الحيوان الحي لا يباع منه الجزء المعين بل يباع الجزء المشاع منه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 262

لمانع كما اذا كان في ذبحه ضرر مالي كان المشتري شريكا بنسبة الجزء (1) و كذا لو باع الحيوان و استثني الراس و الجلد (2) و اما اذا اشترك اثنان او جماعة و شرط احدهم لنفسه الرأس و الجلد فانه يكون شريكا بنسبة المال لا بنسبة الرأس و الجلد (3).

______________________________

(1) الظاهران الماتن ناظر الي حديث الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل شهد بعيرا مريضا و هو يباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم و اشترك فيه رجلا بدرهمين بالرأس و الجلد فقضي ان البعير بري ء فبلغ ثمنه «ثمانية» دنانير قال:

فقال لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ فان قال: اريد الرأس و الجلد فليس له ذلك هذا الضرر و قد اعطي حقه اذا اعطي الخمس «1» و هذه الرواية ضعيفة بيزيد بن اسحاق فان توثيق الشهيد الثاني اياه لا

اثر له اذ الشهيد من المتأخرين و لا أثر لتوثيقاتهم كما حقق في محله.

(2) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اختصم الي امير المؤمنين عليه السلام رجلان اشتري احدهما من الاخر بعيرا و استثني البيع «البائع» في الرأس أو الجلد ثم بدا للمشتري أن يبيعه فقال للمشتري هو شريكك في البعير علي قدر الرأس و الجلد «2» و هذه الرواية ضعيفه بالنوفلي بل و بغيره مضافا الي ما في دلالتها من الاشكال و أما رواية الصدوق «3» فضعيف أيضا سندا.

(3) مقضي القاعدة الاولية هو البطلان اذ ما يقصد لا يقع و ما لا يقصد لا مقضي لوقوعه و العقود تابعه للقصود و صفوة القول في هذا المقام ان مقتضي القاعدة فساد البيع الجزء المعين من الحيوان الحي فانه خلاف السير الخارجية و هذه السيرة ممضاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب بيع الحيوان الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 263

[مسألة 8: لو قال شخص لاخر اشتر حيوانا بشركتي صح و يثبته البيع لهما علي السوية مع الاطلاق]

(مسألة 8): لو قال شخص لاخر اشتر حيوانا بشركتي صح و يثبته البيع لهما علي السوية مع الاطلاق و يكون علي كل واحد منهما نصف الثمن و لو قامت القرينة علي كون المراد الاشتراك علي التفاضل كان العمل عليها (1) و لو دفع المأمور عن الامر ما عليه من جزء الثمن فان كان الامر بالشراء علي وجه الشركة قرينة علي الامر بالدفع عنه رجع الدافع عليه بما دفعه عنه و الا كان متبرعا و ليس له الرجوع عليه به (2).

[مسألة 9: لو اشتري أمة فوطئها فظهر أنها ملك لغير البائع كان للمالك انتزاعها منه]

(مسألة 9): لو اشتري امة فوطئها فظهر انها ملك لغير البائع كان للمالك انتزاعها منه و له علي المشتري عشر قيمتها ان كانت بكرا و نصف العشران كانت ثيبا و لو حملت منه كان عليه قيمة الولد يوم ولد حيا و يرجع علي البائع بما اغرمه للمالك ان كان جاهلا.

[مسألة 10: الأقوي أن العبد يملك]

(مسألة 10): الاقوي ان العبد يملك فلو ملكه مولاه شيئا ملكه

______________________________

من قبل الشارع فلا مجال للأخذ باطلاق دليل صحة البيع كقوله تعالي احل اللّه البيع «1» و الخروج عن القاعدة يتوقف علي دليل معتبر و المفروض عدمه فلا طريق الي اثبات الصحة و اللّه العالم.

(1) فانه مقتضي الظاهر و بعبارة اخري: ما أفاده مقتضي المتفاهم العرفي و لا اشكال فيه.

(2) اذ مع الامر بالدفع يكون الضمان علي القاعدة و مع عدمه لا مقتضي له

______________________________

(1) البقرة/ 275

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 264

و كذا لو ملكه غيره أو حاز لنفسه شيئا اذا كان باذن المولي و لا ينفذ تصرفه فيما يملكه بدون اذن مولاه.

[مسألة 11: إذا اشتري كل من العبدين المأذونين من مولاهما بالشراء صاحبه من مولاه]

(مسألة 11): اذا اشتري كل من العبدين المأذونين من مولاهما بالشراء صاحبه من مولاه فان اقترن العقدان و كان شرائهما لأنفسهما بطلا و ان كان شرائهما للسيدين فالاقوي الصحة و ان ترتبا صح السابق و أما اللاحق ان كان الشراء لنفسه فهو باطل و ان كان. الشراء لسيده صح اذا كان اذنه بالشراء مطلقا و أما اذا كان مقيدا بعبديته فصحته تتوقف علي اجازته.

[مسألة 12: لو وطئ الشريك جارية الشركة حد بنصيب غيره]

(مسألة 12): لو وطئ الشريك جارية الشركة حد بنصيب غيره فان حملت قومت عليه و انعقد الولد حرا و عليه قيمة حصص الشركاء من الولد عند سقوطه حيا بل يحتمل تقويمهم لها عليه بمجرد الوطء مع احتمال الحمل.

[مسألة 13: يستحب لمن اشتري مملوكا تغيير اسمه و إطعامه شيئا من الحلاوة و الصدقة عنه بأربعة دراهم]

(مسألة 13): يستحب لمن اشتري مملوكا تغيير اسمه و اطعامه شيئا من الحلاوة و الصدقة عنه بأربعة دراهم و لا يريه ثمنه في الميزان و الاحوط عدم التفرقة بين الام و الولد قبل الاستغناء عن الام أما البهائم فيجوز فيها ذلك ما لم يؤد الي اتلاف المال المحترم.

[الخاتمة: في الإقالة]

اشارة

الخاتمة: في الاقالة: و هي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الاخر (1) و الظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة حتي الهبة

______________________________

فلا وجه للرجوع فلاحظ.

(1) قال في مجمع البحرين في مادة قيل: «يقال أقاله يقيله اقالة اي وافقه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 265

اللازمة غير النكاح و الضمان و في جريانها في الصدقة اشكال (1)

______________________________

علي نقض البيع و سامحه».

(1) لا اشكال في ان الاقالة علي خلاف القاعدة الاولية و يتوقف جوازها علي قيام دليل عليه و النصوص الدالة علي جوازها و رجحانها تختص بالبيع لاحظ ما رواه هارون بن حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما عبد أقال مسلما في بيع أقاله اللّه عثرته يوم القيامة «1».

و ما رواه هذيل بن صدقة الطحان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري المتاع أو الثوب فينطلق به الي منزله و لم ينفذ شيئا فيبدو له فيرده هل ينبغي ذلك له؟ قال: لا الا أن تطيب نفس صاحبه «2».

و مرسل الصدوق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما مسلم أقال مسلما بيع ندامة أقاله اللّه عز و جل عثرته يوم القيامة «3».

و ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اربعة ينظر اللّه عز و جل اليهم يوم القيامة: من أقال نادما الحديث «4».

نعم حديث الجعفري عن بعض اهل

بيته قال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لم يأذن لحكيم بن حزام في تجارته حتي ضمن له اقالة النادم و انظار المعسر و أخذ الحق وافيا أو غير واف «5» مطلق فتأمل و مثله حديث سماعة لكن النصوص المشار اليها كلها ضعيفة سندا اللهم الا أن يقال يكفي دليلا علي المدعي حديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب آداب التجارة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 266

و تقع بكل لفظ يدل علي المراد و ان لم يكن عربيا بل تقع بالفعل كما تقع بالقول (1) فاذا طلب احدهما الفسخ من صاحبه فدفعه اليه كان فسخا و اقالة و وجب علي الطالب ارجاع ما في يده الي صاحبه (2).

[مسألة 1: لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان]

(مسألة 1): لا تجوز الاقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان فلو أقال كذلك بطلت و بقي كل من العوضين علي ملك مالكه (3) و اذا

______________________________

الحلبي «1» فلا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم و لا اشكال في تمامية الاجماع بالنسبة الي البيع ففي كل عقدتم الاجماع فهو و الا لا يمكن الالتزام بجريانها فيه و فيما ذكرنا في شرح المسألة 10 من فصل الخيارات ما له نفع في المقام فراجع.

و يمكن أن يقال ان كل عقد جاز اشتراط الخيار فيه يجوز فيه الاقالة بتقريب ان الاقالة المتأخرة كاشتراط الخيار قبل العقد و بعبارة اخري: يفهم من جواز اشتراط الخياران أمر العقد باختيارهما و للتأمل في التقريب المذكور مجال.

(1) اذ المستفاد من الدليل تحقق الاقالة و تحققها لا يتوقف علي إنشائها بلفظ مخصوص و لغة خاصة كما

انه لا يتوقف علي كونها باللفظ بل يكفي ابرازها بالفعل.

(2) اذ يكون دفعه اليه مصداقا للإقالة فينفسخ العقد فيجب علي الطالب ارجاع ما في يده لكونه مال الغير فلا يجوز التصرف فيه و لو بالامساك ان صدق عليه التصرف فلاحظ.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ الاقالة عبارة عن الفسخ و مقتضي الفسخ رجوع كل من العوضين الي مالكه الاول فلا وجه للزيادة و النقيصة مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري ثوبا و لم يشترط علي صاحبه شيئا فكرهه ثم رده علي صاحبه فأبي أن يقيله «يقبله» الا

______________________________

(1) يأتي في شرح (مسألة): 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 267

جعل له مالا في الذمة أو في الخارج ليقيله بأن قال له: اقلني و لك هذا المال أو أقلني و لك علي كذا نظير الجهالة فالاظهر الصحة (1) و كذا لو اقال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقيل أقلتك بشرط أن تعطيني كذا أو تخيط ثوبي فقبل (2).

______________________________

بوضيعة خ ل» قال: لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة فان جهل فأخذه فباعه بأكثر من ثمنه رد علي صاحبه الاول ما زاد «1».

فانه يستفاد من الرواية انه لا تجوز الوضيعة من الثمن و لا بد من الاقتصار علي علي ما يستفاد منها علي موردها اذ مفادها لا ينطبق علي الموازين الاولية لأن الإقالة المشار اليها في الرواية ان كانت باطلة- كما هو الظاهر منها- يكون بيع المستقيل السلعة فضوليا متوقفا علي اجازة المستقيل و اللّه العالم بحقايق الاشياء و هو المستعان.

(1) لجواز الجعالة و المقام من مصاديقها.

(2) اذ بقبوله يلزم عليه العمل لدليل وجوب الوفاء

بالشرط و يمكن أن يقال:

بأنه لو لم يقل و لم يأت بما شرط لا تتحقق الاقالة اذ لو كان مرجع الاشتراط الي أن الاقالة في فرض الاتيان بالعمل الفلاني فلو لم يتحقق ذلك العمل في الخارج لم يتحقق ظرف الاقالة و ان شئت قلت مع انتفاء الشرط ينتفي المشروط.

لكن الحق أن يقال تارة تكون الاقالة معلقة علي الالتزام و اخري معلقة علي العمل الخارجي أما علي الاول تتحقق الاقالة لفرض تحقق الالتزام و أما علي الثاني فلا تتحقق اذا المفروض عدم تحقق ما شرط و بعبارة اخري: في الصورة الثانية تكون الاقالة واقعة بالشرط المتأخر و مع عدم تحقق الشرط المتأخر لا يتحقق المشروط المتقدم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب أحكام العقود

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 268

[مسألة 2: لا يجري في الإقالة فسخ أو إقالة]

(مسألة 2): لا يجري في الاقالة فسخ أو اقالة (1).

[مسألة 3: في قيام وارث المتعاقدين مقام المورث في صحة الإقالة إشكال و الظاهر العدم]

(مسألة 3): في قيام وارث المتعاقدين مقام المورث في صحة الاقالة اشكال و الظاهر العدم (2) نعم يجوز الاستقالة من الوارث و الاقالة من الطرف الاخر (3).

[مسألة 4: تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد و في بعضه]

(مسألة 4): تصح الاقالة في جميع ما وقع عليه العقد و في بعضه و يتقسط الثمن حينئذ علي النسبة (4) و اذا تعدد البائع أو المشتري تصح الاقالة بين احدهما و الطرف الاخر بالنسبة الي حصته و لا يشترط رضي الاخر (5).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه.

(2) لعدم الدليل عليه و صفوة القول: ان الاقالة نحو من الفسخ و جواز فسخ العقد يحتاج الي الدليل.

(3) الجزم بالجواز مشكل لان الظاهر من النصوص الواردة في المقام استقالة المشتري مضافا الي ضعف اسنادها كما مر الا ان يتم الامر بالإجماع و هل يمكن تحصيله نعم قلنا انه يمكن استفادة الجواز من حديث الحلبي «1» و اللّه العالم.

(4) استدل علي المدعي في الجواهر باطلاق الادلة معتضدا بعدم الخلاف فيه عدا ما عن ابن المتوج» و قلنا بأن النصوص المشار اليها ضعيفة سندا مضافا الي أنه يمكن أن يقال: ان النصوص منصرفة عن صورة التبعض فلاحظ.

(5) لا يبعد الالتزام بالجواز لتحقق موضوع الاقالة و ان كان في النفس شي ء اذ المفروض عدم اطلاق معتبر في المقام يؤخذ به فيشكل الجزم بالمدعي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 266

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 269

[مسألة 5: تلف أحد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الإقالة]

(مسألة 5): تلف احد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الاقالة فاذا تقايلا رجع كل عوض الي صاحبه الاول فان كان موجودا أخذه و ان كان تالفا رجع بمثله ان كان مثليا (1) و بقيمته يوم الفسخ ان كان قيميا (2) و الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما بمنزلة التلف (3) و تلف البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف (4) و العيب في يد المشتري يستوجب الرجوع عليه بالارش (5) و الحمد للّه رب العالمين.

______________________________

(1) الانصاف

ان الالتزام بهذه الاحكام مشكل مع عدم دليل معتبر كما هو المفروض الا أن يتم الامر بالإجماع و التسالم و أني لنا بذلك؟ و حديث الحلبي «1» المشار اليه لا اطلاق فيه فلاحظ.

(2) بل لا يبعد أن يقال: ان نفس العين في الذمة و عليه يكون المناط قيمة زمان الاداء كما مر منافي نظير المقام و قلنا في بحث القيمي و المثلي ان المثل اقرب الي التالف في جميع الموارد غاية الامر مع عدم التمكن تصل النوبة الي القيمة.

(3) اذ مع فرض الخروج لا مجال لرجوعه.

(4) لوحدة الملاك و حكم الامثال واحد.

(5) لم افهم ما الوجه في اختصاص الارش بالعيب الحادث في يد المشتري فانه ما الفرق بين المشتري و البائع و لقائل أن يقول: انه لا دليل علي ثبوت الارش اذ المفروض ان الفسخ من الحين فلا مقتضي للأرش و المفروض أيضا ان العين مملوكة للمشتري فلا مقتضي للأرش.

______________________________

(1) لاحظ ص 266

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 270

[كتاب الشفعة]

اشارة

كتاب الشفعة و فيه فصول اذا باع أحد الشريكين حصته علي ثالث كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن المجعول له في البيع و يسمي هذا الحق بالشفعة (1).

[فصل في ما تثبت فيه الشفعة]

اشارة

فصل في ما تثبت فيه الشفعة تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل اذا كان يقبل القسمة كالأرضين و الدور

______________________________

و علي الجملة لا مقتضي للضمان أما ما حدث في العين قبل الفسخ فوارد علي مملوك المشتري و أما بعد الفسخ فلم يحدث فيها شي ء الا أن يقال ان المشتري مقدم علي الضمان و لا يكون مسلطا علي العين مجانا فلا بد من كونه ضامنا اما بالبدل المعاوضي المعاملي و اما بالبدل الواقعي اي المثل و القيمة فما دام لا يتحقق الفسخ يكون ضامنا بالبدل المعاوضي و بعد الفسخ يكون ضمانه بالبدل الواقعي فلاحظ و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين المعصومين و اللعن علي أعدائهم من الاولين و الاخرين من الان الي قيام يوم الدين آمين رب العالمين.

(1) قال في مجمع البحرين في مادة شفع «و هي في الأصل التقوية و الاعانة و في الشرع استحقاق الشريك الحصة المبيعة في شركة و اشتقاقها علي ما قيل من الزيادة لان الشفيع يضم المبيع الي ملكه فيشفعه به كأنه كان واحدا وترا فصار زوجا شفعا».

و قال في الحدائق «1» و عرفها المحقق في الشرائع بأنها استحقاق احد الشريكين حصة شريكه بسبب انتقالها بالبيع الخ.

______________________________

(1) ج 20 ص: 284

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 271

و البساتين بلا اشكال (1) و هل تثبت فيما ينقل كالآلات و الثياب و الحيوان (2).

______________________________

و المهم التعرض لأدلة المسألة و ملاحظة مقدار دلالتها.

(1) قال في الحدائق:

«لا خلاف بين الاصحاب كما نقله غير واحد في ثبوتها في العقار الثابت القابل للقسمة كالأراضي و البساتين و المساكن و انما الخلاف فيما عدا ذلك» الخ «1».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص، منها ما رواه عقبة بن خالد عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين و المساكن، و قال: لا ضرر و لا ضرار، و قال: اذا ارفت الارف وحدت الحدود فلا شفعة «2». و رواه الصدوق باسناده عن عقبة بن خالد و زاد: و لا شفعة الا لشريك غير مقاسم «3».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 271

و منها ما رواه يونس عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: الشفعة جائزة في كل شي ء من حيوان أو أرض أو متاع الحديث «4».

(2) مقتضي القاعدة الاولية عدم ثبوت حق الشفعة فانه خلاف تسلط الناس علي اموالهم فلا بد من قيام دليل علي ثبوتها في كل مورد و لا اشكال في ان مجرد الشهرة علي الجواز لا يكفي فان الشهرة الفتوائية لا دليل علي اعتبارها، و اما النصوص الواردة في المقام فمنها ما يكون باطلاقه بل بعمومه دالا علي الجواز علي الاطلاق: لاحظ ما ارسله يونس «5». و المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) ج 20 ص 285

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب الشفعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 272

______________________________

و لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام

في حديث قال: لا شفعة الا لشريك غير مقاسم «1». و الرواية ضعيفة بالنوفلي بل و بغيره.

و لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تكون الشفعة الا لشريكين ما لم يتقاسما الحديث «2» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن عيسي.

و لاحظ مرسل جميل عن أحدهما عليهما السلام قال: الشفعة لكل شريك لم يقاسم «3». و المرسل لا اعتبار به.

و لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا وقعت السهام ارتفعت الشفعة «4». و هذه الرواية ضعيفة بابن حماد و بغيره أيضا.

و اما الحديث المروي الذي رواه أبو العباس و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه جميعا قال: سمعنا أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الشفعة لا تكون الا لشريك لم يقاسم «5»، ففي، مقام اشتراط ثبوت الشفعة بعدم القسمة و ليس الحديث في مقام بيان اثبات حق الشفعة كي يؤخذ باطلاقه و مثله حديث طلحة بن زيد و مرسل يونس «6».

و مما ذكرنا يظهر الأشكال في الاستدلال علي المدعي بما رواه عقبة بن خالد عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين و المساكن و قال لا ضرر و لا ضرار اذا ارفعت الارف وحدت الحدود

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من كتاب الشفعة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 6

(6) نفس المصدر الحديث: 7 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 273

و فيما لا ينقل اذا لم يقبل القسمة قولان (1) اقواهما الاول (2) فيما عدا

______________________________

فلا شفعة «1» فتأمل مضافا الي ضعف سنده.

(1) قد

ظهر مما تقدم الأشكال في المقام أيضا مضافا الي انه يمكن أن يقال: ان المستفاد من جملة من النصوص اشتراط ثبوت حق الشفعة بامكان القسمة لاحظ حديث ابي العباس و عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه جميعا قالا: سمعنا ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: الشفعة لا تكون الا لشريك لم يقاسم «2».

و مثله غيره في الباب المشار اليه فانه لا ببعد ان يقال ان المستفاد من هذه النصوص بحسب الفهم العرفي ان امكان القسمة شرط في تحقق الحق المزبور فلاحظ فعلي هذا الأساس لا بد في الالتزام بالعموم من التماس دليل يدل علي المدعي كالتسالم و الإجماع التعبدي الكاشف نعم لا يبعد ان يقال بثبوته في الحيوان لاحظ ما رواه ابن سنان انه سأله عن مملوك بين شركاء أراد أحدهم بيع نصيبه، قال: يبيعه قلت فانهما كانا اثنين فاراد احدهما بيع نصيبه فلما أقدم علي البيع قال له شريكه: أعطني، قال هو احق به ثم قال عليه السلام لا شفعة في الحيوان الا ان يكون الشريك فيه [رقبة واحدة] واحدا «3».

(2) قد ظهر انه مورد الأشكال و الكلام و لعل الماتن ناظر فيما أفاده من العموم الي حديث الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام انه قال في المملوك يكون بين شركاء فيبيع أحدهم نصيبه فيقول صاحبه: انا احق به أله ذلك؟ قال: نعم اذا كان واحدا قيل له في الحيوان شفعة؟ قال: لا «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الشفعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الشفعة الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 274

السفينة و النهر

و الطريق و الحمام و الرحي فانه لا تثبت فيها الشفعة (1).

[مسألة 1: لا تثبت الشفعة بالجوار]

(مسألة 1): لا تثبت الشفعة بالجوار فاذا باع أحد داره فليس لجاره الاخذ بالشفعة (2).

______________________________

و حديث ابن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المملوك يكون بين شركاء فباع احدهم نصيبه فقال احدهم: انا احق به أله ذلك؟ قال نعم اذا كان واحدا «1».

بتقريب ان الموضوع المذكور في الرواية عنوان المملوك و هذا مفهوم عام يشمل كل ملك و لكن يرد عليه ان المستفاد من اللغة كما في مجمع البحرين ان المملوك بما له من المفهوم عبارة عن العبد مضافا الي أن المستفاد من كلام الأصحاب كذلك. و يضاف الي ما ذكر التبادر من لفظ المملوك و المماليك في نظر العرف العام و ان ابيت فلا أقلّ من عدم الجزم بالاطلاق فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا شفعة في سفينة و لا في نهر و لا في طريق و رواه الصدوق باسناده عن السكوني مثله و زاد و لا في رحي و لا في حمام «2» و الحديث ضعيف سندا.

(2) علي ما هو مقتضي القاعدة الأولية فان ثبوتها يتوقف علي الدليل و اما مع عدمه فعدمها طبق الأصل الأولي مضافا الي ما ورد من النص الدال علي العدم لاحظ ما رواه هارون بن حمرة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الشفعة في الدور أ شي ء واجب للشريك و يعرض علي الجار فهو احق بها من غيره؟

فقال: الشفعة في البيوع اذا كان شريكا فهو احق بها بالثمن «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب

8 من أبواب الشفعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الشفعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 275

[مسألة 2: إذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص و كانا مشتركين في طريقهما]

(مسألة 2): اذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص و كانا مشتركين في طريقهما فبيعت احدي الدار بن مع الحصة المشاعة من الطريق تثبت الشفعة لصاحب الدار الاخري (1) سواء كانت الداران قبل ذلك مشتركتين و قسمتا أم لم تكونا كذلك (2) و يجري هذا الحكم في الدور المختصة كل واحدة منها بواحد مع الاشتراك في الطريق فاذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبت الشفعة للباقين (3) و اذا بيت احدي الدارين بلا ضم حصة الطريق اليها لم تثبت الشفعة للشريك في الطريق (4) و اذا بيعت الحصة من الطريق وحدها تثبت

______________________________

(1) قال في الجواهر: «تثبت الشفعة في الأرض المقسومة بالاشتراك في الطريق أو الشرب كبئر و نهر اذا بيع معها بلا خلاف اجده فيه كما اعترف به بعضهم بل في محكي الخلاف الاجماع عليه» «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و يدل علي المدعي ما رواه منصور بن حازم قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن دار فيها دور و طريقهم واحد في عرصة الدار فباع بعضهم منزله من رجل هل لشركائه في الطريق ان يأخذوا بالشفعة؟ فقال: ان كان باع الدار و حول بابها الي طريق غير ذلك فلا شفعة لهم، و ان باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة «2».

(2) للإطلاق المنعقد في النص فان مقتضاه عدم الفرق فلاحظ.

(3) كما هو مورد النص المشار اليه.

(4) كما نص به في الرواية.

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 37 ص: 258

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب الشفعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 276

الشفعة

للشريك (1) و هل يختص الحكم المذكور بالدار أو يعم غيرها من الاملاك المفروزة المشتركة في الطريق وجهان أقواهما الاول (2).

[مسألة 3: الحق جماعة بالطريق النهر و الساقية و البئر]

(مسألة 3): الحق جماعة بالطريق النهر و الساقية و البئر فاذا كانت الداران المختصة كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر فبيعت احداهما مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر كان لصاحب الدار الاخري الشفعة في الدار أيضا و فيه اشكال بل منع (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام دار بين قوم اقتسموها فأخذ كل واحد منهم قطعة و بناها و تركوا بينهم ساحة فيها ممرهم فجاء رجل فاشتري نصيب بعضهم أله ذلك؟ قال نعم و لكن يسد بابه و يفتح بابا الي الطريق أو ينزل من فوق البيت و يسد بابه فان اراد صاحب الطريق بيعه فانهم أحق به و الا فهو طريقه يجي ء حتي يجلس ذلك الباب «1».

و ما رواه الكاهلي نحوه الا انه قال: او ينزل من فوق البيت فان أراد شريكهم أن يبيع منقل قدميه فهم احق به. و ان اراد يجي ء حتي يقعد علي الباب المسدود الذي باعه لم يكن لهم أن يمنعوه «2» لكن السند في كلا الحديثين مخدوش بالكاهلي.

(2) الأمر كما أفاده لاختصاص الدليل بعنوان الدار فلا وجه للتعدي.

(3) لاختصاص الدليل بالطريق فلا وجه لإلحاق الأمور المذكورة فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 277

[مسألة 4: إذا بيع المقسوم منضما إلي حصة من المشاع صفقة واحدة]

(مسألة 4): اذا بيع المقسوم منضما الي حصة من المشاع صفقة واحدة كان للشريك في المشاع الاخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه (1) و ليس له الاخذ في المقسوم (2).

[مسألة 5: تختص الشفعة في غير المساكن و الأرضين بالبيع]

(مسألة 5): تختص الشفعة في غير المساكن و الارضين بالبيع فاذا انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوضة أو الصلح أو غيرهما فلا شفعة للشريك (3).

______________________________

(1) قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف و لا اشكال بل حكي الإجماع عليه صريحا و ظاهرا» الي آخر كلامه «1» و الدليل مضافا الي ما تقدم اطلاق الأدلة فان مقتضي الإطلاق عدم الفرق بين الموارد و شمول الحكم للمقام.

(2) لاشتراط ثبوته بعدم القسمة كما هو المستفاد من النصوص فلاحظ.

(3) قال في الحدائق: «الثاني من الشرائط المتقدم ذكرها انتقال الشقص بالبيع فلو جعله صداقا أو صدقة أو هبة أو صالح عليه فلا شفعة علي الأشهر الأظهر بل كاد يكون اجماعا» «2» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و لا يخفي ان مقتضي القاعدة الأولية عدم ثبوت حق الشفعه فان ثبوته يحتاج الي قيام الدليل عليه فلا بد من الاقتصار علي المورد الثابت فيه بالدليل، و النصوص الدالة عليه قد اخذ في موضوعها عنوان البيع لاحظ ما رواه منصور بن حازم «3» و اما النصوص الخالية عن عنوان البيع فلا تكون في مقام اثباته في كل مورد بل

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 37 ص: 265

(2) الحدائق ج 20 ص: 298

(3) لاحظ ص: 275

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 278

و اما المساكن و الارضين فاختصاص الشفعة فيها بالبيع محل اشكال (1).

______________________________

تكون مسوقة لأمر آخر ملحوظ بلحاظ كذلك فالتعدي بلا وجه.

مضافا الي بعض الروايات الدال علي عدمه في غير البيع

لاحظ ما رواه أبو بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج امرأة علي بيت في دار له و له في تلك الدار شركاء، قال: جائز له و لها و لا شفعة لأحد من الشركاء عليها «1»، فان المستفاد من الرواية ان نفيه بلحاظ عدم البيع لا بلحاظ كون الشركاء أزيد من شريكين فتأمل.

و لاحظ مرسل يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الشفعة لمن هي؟

و في اي شي ء هي؟ و لمن تصلح؟ و هل تكون في الحيوان شفعة؟ و كيف هي؟

فقال: الشفعة جائزة في كل شي ء من حيوان أو ارض أو متاع اذا كان الشي ء بين شريكين لا غيرهما فباع احدهما نصيبه فشريكه احق به من غيره و ان زاد علي الاثنين فلا شفعة لأحد منهم «2» و لاحظ ما رواه الغنوي «3».

(1) لم يظهر لي وجه الاشكال فان مقتضي ما تقدم من الاصل الاولي و النصوص عدم ثبوته في غير البيع و المخالف علي ما نقل عنه ابن الجنيد بدعوي ان الحكمة في ثبوته في البيع موجود في غير البيع و صفوة القول ان مقتضي القاعدة اجماعا و نصا و اصلا عدم ثبوته في غير البيع بلا فرق بين الموارد و اللّه العالم و يمكن أن يكون الماتن مناظرا فيما أفاد الي ما رواه عقبة بن خالد «4» فان مقتضي هذه الرواية ثبوتها في الارضين و المساكين و لو كان الانتقال بغير البيع و الحديث ضعيف

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الشفعة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 2

(3) لاحظ ص 274

(4) لاحظ ص 272

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 279

[مسألة 6: إذا كانت العين بعضها ملكا و بعضها وقفا فبيع الملك لم يكن للموقوف عليهم الشفعة علي الأقوي]

(مسألة 6): اذا كانت

العين بعضها ملكا و بعضها وقفا فبيع الملك لم يكن للموقوف عليهم الشفعة علي الاقوي و ان كان الموقوف عليه واحدا (1) و اذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة للشريك قولان اقربهما ذلك (2).

[مسألة 7: يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين]

(مسألة 7): يشترط في ثبوت الشفعة ان تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين فاذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد و باع احدهم لم تكن لأحدهم شفعة (3).

______________________________

سندا.

(1) فان ثبوت حق الشفعة علي خلاف الاصل الاولي كما تقدم و النصوص الواردة في الباب لا تشمل المقام فان الموقوف عليه و المالك هو الكلي لا الشخص الخارجي و لا أقلّ من عدم الجزم بالاطلاق لكن لو قيل بجواز الوقف في المنقطع يمكن الالتزام بثبوته بالنسبة الي الطبقة الاخيرة فان المالك في الطبقة الاخيرة مالك شخصي فلا مانع من الاخذ باطلاق الادلة و اللّه العالم.

(2) قال في المسالك علي ما في الجواهر: «لا اشكال في ثبوتها حينئذ لوجود المقتضي و انتفاء المانع» «1» و الحق كما أفاده و ان كان في النفس شي ء و هو ان المستفاد من النصوص ثبوتها في الملك المشترك بحيث يكون لكل منهما التصرف و يكون الحق ثابتا لكل واحد منهما اذا تحقق موضوعه و المقام ليس كذلك.

(3) قال في الحدائق: «الثالث من الشروط المعتبرة في الشفعة: أن لا يكون الشريك أكثر من واحد علي المشهور، و اليه ذهب الشيخان و المرتضي و أتباعهم

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 269

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 280

______________________________

حتي ادعي ابن ادريس عليه الاجماع» «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و العمدة النصوص الواردة في المقام و المستفاد من جملة من النصوص هذا الشرط منها ما رواه عبد اللّه

بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تكون الشفعة الا لشريكين ما لم يتقاسما فاذا صاروا ثلاثة فليس لواحد منهم شفعة «2».

و منها مرسلة يونس «3» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه «4» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «5».

و منها ما رواه عبد اللّه ابن سنان أنه سأله عن مملوك بين شركاء اراد احدهم بيع نصيبه قال: يبيعه قلت: فانهما كانا اثنين فاراد احدهما بيع نصيبه فلما أقدم علي البيع قال له شريكه اعطني قال: هو احق به ثم قال عليه السلام: لا شفعه في الحيوان الا أن يكون الشريك فيه [رقبة واحدة] واحد «6».

فان المستفاد من هذه النصوص ان الشفعة مشروطة بعدم كون الشركاء أزيد من اثنين و في المقام حديثان ربما يستفاد منهما الخلاف احدهما ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال: الشفعة علي عدد الرجال «7» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي و غيره و لها سند آخر و لكن اسماعيل بن مسلم بنفسه

______________________________

(1) الحدائق ج 20 ص: 301

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 1

(3) لاحظ ص 278

(4) لاحظ ص: 273

(5) لاحظ ص: 273

(6) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 7

(7) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 281

و اذا باعوا جميعا الا واحدا منهم ففي ثبوت الشفعة له اشكال بل منع (1) و اذا كانت العين بين شريكين فباع احدهما بعض حصته ثبتت الشفعة للاخر (2).

[فصل في الشفيع]

اشارة

فصل في الشفيع يعتبر في الشفيع الإسلام اذا كان المشتري مسلما فلا شفعة للكافر علي المسلم (3).

______________________________

ضعيف مضافا الي أن الاطلاق قابل

للتقييد بالمقيدات الواردة في المقام.

ثانيهما ما رواه إسماعيل بن مسلم عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الشفعة علي عدد الرجال «1» و الحديث ضعيف سندا مضافا الي ما تقدم في الحديث الاول و للرواية سند آخر و السند ضعيف بطلحة «2».

(1) الامر كما أفاده لما تقدم من عدم الدليل علي العموم بل الدليل قائم علي خلافه.

(2) فان المستفاد من نصوص الباب ثبوتها قبل القسمة و مقتضي الاطلاق عموم الحكم من هذه الجهة المذكورة في المتن فالامر كما أفاده الماتن و اللّه العالم.

(3) ربما يستدل علي المدعي بقوله تعالي وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا «3» بتقريب أن حق الشفعة نحو سبيل فليس له. و فيه انه يمكن أن يكون

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 45 حديث: 3

(2) لاحظ ص: 280 و الحديث 4 من الباب المذكور

(3) النساء/ 141

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 282

و ان اشتري من كافر (1) و تثبت للمسلم علي الكافر و للكافر علي مثله (2).

[مسألة 1: يشترط في الشفيع أن يكون قادرا علي أداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه]

(مسألة 1): يشترط في الشفيع أن يكون قادرا علي اداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه (3) و ان بذل الرهن أو وجد له ضامن الا ان يرضي

______________________________

المراد من الاية من نفي سبيله نفي الحجة و ان الإسلام يعلو و لا يعلي عليه و اما النصوص الواردة في هذا المجال فمنها ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن ابيه عن علي عليه السلام في حديث قال ليس لليهودي و لا للنصراني شفعة «1» و الرواية ضعيفة بطلحة اذ الرجل لم يوثق مضافا الي أن المستفاد من الحديث انه لا شفعة

لليهودي و لا للنصراني و ليس المدلول عاما.

و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس لليهودي «لليهود و النصاري» و النصراني شفعة و قال لا شفعة الا لشريك غير مقاسم «2» و الحديث ضعيف باسماعيل بن مسلم السكوني مضافا الي ضعف سند الصدوق الي الرجل اضف الي ذلك الاشكال المتقدم في الرواية الاولي و منها ما عن الفقه الرضوي و لا شفعة ليهودي و لا نصراني و لا مخالف «3» و الرواية ضعيفة سندا مضافا الي أن مقتضاها عموم الحكم للمخالف و الحال انه محكوم بالاسلام.

(1) لإطلاق الدليل.

(2) لإطلاق الدليل الدال علي المدعي بالاطلاق.

(3) يظهر من كلام الاصحاب كما في الجواهر الاتفاق و التسالم عليه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الشفعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) مستدرك الوسائل الباب 6 من أبواب الشفعة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 283

المشتري بذلك (1) نعم اذا ادعي غيبة الثمن اجل ثلاثة ايام و اذا ادعي أن الثمن في بلد آخر اجل بمقدار وصول المال اليه و زيادة ثلاثة ايام (2) فان انتهي الاجل فلا شفعة (3) و يكفي في الثلاثة ايام التلفيق (4) كما ان ان مبدأها زمان الاخذ بالشفعه لا زمان البيع (5).

[مسألة 2: إذا كان التأجيل إلي زمان نقل الثمن من البلد الآخر حيث يدعي وجوده فيه زائدا علي المقدار المتعارف]

(مسألة 2): اذا كان التأجيل الي زمان نقل الثمن من البلد الاخر حيث يدعي وجوده فيه زائدا علي المقدار المتعارف فالظاهر سقوط الشفعة (6).

______________________________

(1) لإطلاق كلامهم و عدم دليل علي التخصيص.

(2) لاحظ ما رواه ابن مهزيار قال سألت ابا جعفر الثاني عليه السلام عن رجل طلب شفعة ارض فذهب علي أن يحضر المال فلم ينض فكيف يصنع صاحب الارض ان اراد بيعها أ يبيعها أو ينتظر مجي ء

شريكه صاحب الشفعة؟ قال: ان كان معه بالمصر فلينتظر به ثلاثة ايام فان أتاه بالمال و الا فليبع و بطلت شفعته في الارض و ان طلب الاجل الي ان يحمل المال من بلد الي آخر فلينتظر به مقدار ما يسافر الرجل الي تلك البلدة و ينصرف و زيادة ثلاثة ايام اذا قدم فان وافاه و الا فلا شفعة له. «1»

و الرواية ضعيفة بابن أبي مسروق.

(3) كما هو المستفاد من الرواية و لا يخفي ان ما يفهم من الحديث ثبوت الحق قبل البيع و الحال ان الشفعة ثبوت الحق بعد البيع.

(4) كما هو كذلك في أمثال المقام.

(5) كما هو المستفاد من الحديث المذكور.

(6) بتقريب ان المنصرف اليه من الحديث المقدار المتعارف من الزمان فلا شفعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الشفعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 284

[مسألة 3: إذا كان الشريك غائبا عن بلد البيع وقت البيع جاز له الأخذ بالشفعة إذا حضر البلد و علم بالبيع]

(مسألة 3): اذا كان الشريك غائبا عن بلد البيع وقت البيع جاز له الاخذ بالشفعة اذا حضر البلد و علم بالبيع و ان كانت الغيبة طويلة (1) و اذا كان له وكيل مطلق في البلد او في خصوص الاخذ بالشفعة جاز لذلك الوكيل الاخذ بالشفعة عنه (2).

[مسألة 4: تثبت الشفعة للشريك و إن كان سفيها أو صبيا أو مجنونا فيأخذ لهم الولي]

(مسألة 4): تثبت الشفعة للشريك و ان كان سفيها أو صبيا او مجنونا فيأخذ لهم الولي (3) بل اذا اخذ السفيه باذن الولي صح (4) و كذا الصبي علي احتمال قوي (5).

______________________________

في الزائد.

(1) لإطلاق دليلها.

(2) كما هو مقتضي الوكالة فان الوكيل في حكم الموكل فله الأخذ بها.

(3) لإطلاق الدليل و عدم ما يصلح للتقييد فالأمر كما أفاده في المتن مضافا الي الاجماع بقسميه عليه بالنسبة الي الصبي و المجنون كما في الجواهر اضف الي ما ذكر حديث السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام «الي ان قال» «قال امير المؤمنين عليه السلام وصي اليتيم بمنزلة ابيه يأخذ له الشفعه اذا كان له رغبة و قال: للغائب شفعة» «1».

(4) لعدم دليل علي سقوط إنشائه عن الاعتبار.

(5) و يشكل بالنسبة اليه فان عمده و خطأه واحد بمقتضي النص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال عمد الصبي و خطاه واحد «2» فان المستفاد من الحديث انه لا يترتب علي عمد الصبي اثر فلا اعتبار بانشاءاته

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الشفعة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 285

[مسألة 5:: تثبت الشفعة للمفلس إذا رضي المشتري ببقاء الثمن في ذمته]

(مسألة 5): تثبت الشفعة للمفلس اذا رضي المشتري ببقاء الثمن في ذمته او استدان الثمن من غيره أو دفعه من ماله باذن الغرماء (1).

[مسألة 6: إذا أسقط الولي علي الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعه لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد و العقل]

(مسألة 6): اذا أسقط الولي علي الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعه لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد و العقل (2) و كذا اذا لم يكن الاخذ بها مصلحة فلم يطالب (3). اما اذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم فالظاهر ان لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد (4).

______________________________

و التفصيل موكول الي مجال آخر.

(1) قال في الجواهر «لا اجد خلافا بينهم في ثبوتها للمفلس لإطلاق الادلة» «1» الي آخر كلامه و الامر كما أفاده فان مقتضي اطلاق الادلة ثبوتها بلا مقيد و لا مخصص فلاحظ.

(2) اذ بعد الاسقاط لا موضوع لها كما هو ظاهر.

(3) في اطلاق الحكم اشكال بل لا بد من التفصيل فان ترك الاخذ إن كان بلحاظ اعسار الصبي أو المجنون فلا مجال لتحققها بعد ذلك فان شرط التحقق مفقود فلا حق و أما اذا لم يكن كذلك بل المصلحة تقتضي الترك مع اجتماع الشرائط فلا وجه لعدم ثبوتها بعد البلوغ و العقل و الرشد.

(4) فان تقصير الولي او قصوره عن احقاق الحق لا يقتضي سقوطها الا أن يقال انه لا دليل علي ثبوت الحق علي التراخي و بعبارة اخري لو قلنا بانه لا مقتضي لبقاء الحق متراخيا يشكل الالتزام بالجوار.

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 289

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 286

[مسألة 7: إذا كان المبيع مشتركا بين الولي و المولي عليه فباع الولي عنه]

(مسألة 7): اذا كان المبيع مشتركا بين الولي و المولي عليه فباع الولي عنه جاز له أن يأخذ بالشفعة علي الاقوي و كذا اذا باع الولي عن نفسه فانه يجوز له أن يأخذ بالشفعة للمولي عليه و كذا الحكم في الوكيل اذا كان شريكا مع الموكل (1).

[فصل في الأخذ بالشفعة]

اشارة

«فصل في الاخذ بالشفعة» الاخذ بالشفعة من الانشائيات المعتبر فيها الايقاع و يكون بالقول مثل أن يقول: اخذت المبيع المذكور بثمنه و بالفعل مثل أن يدفع الثمن و يستقل بالمبيع (2).

[مسألة 1: لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع و ترك بعضه]

(مسألة 1): لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع و ترك بعضه بل اما أن يأخذ الجميع أو يدع الجميع (3).

[مسألة 2: الشفيع يأخذ بقدر الثمن لا بأكثر منه و لا بالأقل]

(مسألة 2): الشفيع يأخذ بقدر الثمن لا بأكثر منه و لا بالاقل (4).

______________________________

(1) لإطلاق الدليل و الامر كما أفاد فانه علي طبق القاعدة الاولية.

(2) بلا اشكال و لا كلام فان الأخذ بها من الإيقاعات فيدخل في الانشائيات و صفوة القول ان كونه منها من الأمور الواضحة الظاهرة و حيث لا دليل علي اشتراط الأخذ بها باللفظ يكفي الفعل الدال عليه.

(3) لعدم الدليل علي جوازه و مقتضي الاصل الاولي عدم الجواز كما تقدم بل مقتضي ظواهر نصوص المقام عدم مشروعية التبعيض فلاحظ.

(4) كما هو الظاهر من حديث الغنوي «1» فان الظاهر من الحديث ان المراد

______________________________

(1) لاحظ ص: 274

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 287

و لا يلزم أن يأخذ بعين الثمن بل له أن يأخذ بمثله ان كان مثليا (1) و في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي بان يأخذ المبيع بقيمته قولان اقواهما العدم (2).

[مسألة 3: إذا غرم المشتري شيئا من أجرة الدلال أو غيرها أو تبرع به للبائع من خلعة و نحوها لم يلزم الشفيع تداركه]

(مسألة 3): اذا غرم المشتري شيئا من اجرة الدلال أو غيرها أو تبرع به للبائع من خلعة و نحوها لم يلزم الشفيع تداركه و اذا حط البائع شيئا من الثمن للمشتري لم يكن للشفيع تنقيصه (3).

[مسألة 4: الأقوي لزوم المبادرة إلي الأخذ بالشفعة]

(مسألة 4): الاقوي لزوم المبادرة الي الاخذ بالشفعة فيسقط مع المماطلة و التأخير بلا عذر (4).

______________________________

بالثمن عينه و من الظاهر انه لا يكون المراد من الرواية عين الثمن فيكون المراد به اقرب المجازات اليه و هو مثله.

(1) بلا اشكال و كلام.

(2) لعدم الدليل و مقتضي الأصل الاولي عدمها كما تقدم.

(3) الامر كما أفاده لعدم الدليل و مقتضي اطلاق الادلة ثبوتها في جميع الصور المذكورة علي نحو واحد.

(4) المسألة ذات أقوال ثلاثة فذهب جماعة الي الفورية و ذهب آخرون الي التراخي و ذهب بعض الأصحاب الي التوقف و استدل علي الفورية بوجوه: الوجه الاول ان حق الشفعة علي خلاف الاصل الاولي فيقتصر فيه علي المقدار المعلوم و يكون مورد الاتفاق.

الوجه الثاني ان التراخي يوجب الضرر علي المشتري لأنه لا يقدم علي عمارة ملكه اذا المفروض انه يعلم بتزلزله و هذا ضرر عظيم.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 288

و لا يسقط اذا كان التأخير عن عذر كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلا أو كون المشتري زيدا فبان عمرا او أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس، أو انه واحد فبان اثنين أو العكس أو أن المبيع النصف بمائة فتبين انه الربع بخمسين أو كون الثمن ذهبا فبان فضة أو لكونه محبوسا ظلما أو بحق يعجز عن ادائه، و كذا امثال ذلك من الاعذار (1).

[مسألة 5: المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة]

(مسألة 5): المبادرة اللازمة في استحقاق الاخذ بالشفعة يراد

______________________________

الوجه الثالث حديث ابن مهزيار «1» بتقريب ان هذا الحق لو لم يكن فوريا لم يكن وجه للتحديد بثلاثة ايام و استدل علي القول بالتراخي بالإجماع الذي ادعاه المرتضي علي ما في الحدائق و بان البيع سبب للثبوت و الأصل

بقائه.

اذا عرفت ما ذكرناه فاعلم ان الوجوه المذكورة في المقام قابلة للمناقشة و لا يبعد أن يكون مقتضي التحقيق الفورية اذ القصور في المقتضي فانه لا دليل معتبر علي ثبوتها علي نحو الاطلاق كي يقال بأن التقييد يحتاج الي الدليل فلا بد من الاقتصار علي المقدار المتفق عليه بين الأصحاب.

(1) لا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم و الا يشكل فان الاعذار لا مدخلية بها في الامور الوضعية و من الظاهر ان ثبوت الحق في المقام امر وضعي و صفوة القول انه لو قلنا بان المماطلة توجب السقوط يكون العذر مانعا عنه لعدم صدقها و أما ان قلنا ان مقتضي القصور في دليل الحق الاقتصار علي المقدار المتفق عليه فلا وجه لما ذكر و مما ذكرنا يظهر الأشكال في الفرع التالي فالنتيجة انه لا دليل

______________________________

(1) لاحظ ص: 283

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 289

منها المبادرة علي النحو المتعارف الذي جرت به العادة فاذا كان مشغولا بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها، و اذا كان مشغولا باكل أو شرب لم يجب قطعه و لا يجب عليه الاسراع في المشي و يجوز له ان كان غائبا انتظار الرفقة اذا كان الطريق مخوفا أو انتظار زوال الحر أو البرد اذا جرت العادة بانتظاره، و قضاء وطره من الحمام اذا علم بالبيع و هو في الحمام و أمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله، نعم يشكل مثل عيادة المريض و تشييع المؤمن و نحو ذلك، اذا لم يكن تركه موجبا للطعن فيه و كذا الاشتغال بالنوافل ابتداء و الاظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطله عرفا (1).

[مسألة 6: إذا كان غائبا عن بلد البيع و علم بوقوعه و كان يتمكن من الأخذ بالشفعة بالتوكيل فلم يبادر اليه]

(مسألة 6): اذا كان غائبا عن بلد البيع و

علم بوقوعه و كان يتمكن من الاخذ بالشفعة بالتوكيل فلم يبادر اليه سقطت الشفعة (2).

[مسألة 7: لا بد في الأخذ بالشفعة من إحضار الثمن]

(مسألة 7): لا بد في الاخذ بالشفعة من احضار الثمن و لا يكفي قول الشفيع اخذت بالشفعه في انتقال المبيع اليه فاذا قال ذلك و هرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع علي ملك المشتري لا انه ينتقل بالقول الي ملك الشفيع و بالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع

______________________________

علي الخيار في صورة عدم المبادرة الي الأخذ و الزائد عليه باي نحو و صورة لا بد من قيام اجماع عليه.

(1) قد ظهر مما تقدم الأشكال في هذا الفرع كما نبهنا عليه.

(2) اذ مع التمكن من التوكيل لا عذر له في التأخير فيسقط خياره بالمماطلة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 290

الي ملك المشتري (1).

[مسألة 8: إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط]

(مسألة 8): اذا باع المشتري قبل اخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط بل جاز للشفيع الاخذ من المشتري الاول بالثمن الاول فيبطل الثاني (2) و تجزئ الاجازة منه في صحته له (3) و له الاخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصح البيع الاول (4) و اذا زادت العقود علي الاثنين فان اخذ بالسابق بطل اللاحق و يصح مع اجازته و ان اخذ باللاحق صح السابق و ان اخذ بالمتوسط صح ما قبله و بطل ما بعده و يصح مع اجازته (5).

______________________________

(1) لعدم دليل علي ثبوتها علي الإطلاق بل لا بد من الاقتصار علي المقدار المتفق عليه و بعبارة اخري القصور في المقتضي فلا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم لكن ان تم المدعي بالإجماع فهو و الا فيمكن أن يقال ان مقتضي اطلاق نصوص الباب عدم التقييد بهذا القيد فلاحظ.

(2) قال في الجواهر: «بلا خلاف اجده في شي ء من ذلك بل و لا اشكال» «1».

(3) بمقتضي صحة الفضولي بالإجازة و الأنصاف ان الجزم

بالصحة بالإجازة مشكل اذا لمفروض ان البيع صدر من اهله و وقع في محله غاية الأمر بطل بلحاظ اعمال حق الشفعة فكيف يصح ثانيا بعد فرض البطلان؟ الا أن يقال بأن ملاك الحكم بالصحة بالإجازة واحد اذ المفروض ان زمام الأمر بيد الشفيع بقاء فاجازته تؤثر فتأمل.

(4) لتحقق موضوع حق الشفعة فيترتب عليه حكمها.

(5) ما افاده ظاهر فان حكم الأمثال واحد.

______________________________

(1) جواهر ج 37 ص: 352

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 291

[مسألة 9: إذا تصرف المشتري بالمبيع من وقف أو هبة لازمة أو غير لازمة أو يجعله صداقا أو غير ذلك مما لا شفعة فيه]

(مسألة 9): اذا تصرف المشتري بالمبيع من وقف أو هبة لازمة أو غير لازمة او يجعله صداقا أو غير ذلك مما لا شفعة فيه كان للشفيع الاخذ بالشفعة بالنسبة الي البيع فتبطل التصرفات اللاحقة له (1).

[مسألة 10: الشفعة من الحقوق فتسقط بالإسقاط]

(مسألة 10): الشفعة من الحقوق فتسقط بالاسقاط (2) و يجوز تعويض المال بازاء اسقاطها و بازاء عدم الاخذ بها (3) لكن علي الاول لا يسقط الا بالاسقاط (4) فاذا لم يسقطه و اخذ بالشفعة صح (5) و كان آثما (6) و معطي العوض مخير بين الفسخ و مطالبة العوض و أن يطالبه باجرة المثل للإسقاط (7) و الظاهر صحة الاخذ بالشفعة علي الثاني أيضا (8 و يصح الصلح عليه نفسه فيسقط بذلك (9) و الظاهر انه لا اشكال في

______________________________

(1) قد ظهر الوجه فيه مما سبق فان حق الشفعه سابق و لا دليل علي سقوطه و لازم تأثيره بطلان التصرفات المذكورة و ان كانت صادرة من اهله واقعة في محلها.

(2) بلا اشكال عندهم كما يظهر من كلماتهم.

(3) علي طبق القاعدة فان تعويض المال بالفعل جائز و المقام من صغريات تلك الكبري.

(4) اذ ما دام لم يتحقق الأسقاط لا وجه لسقوطه.

(5) اذ المفروض بقائه فيترتب الأثر علي اعماله.

(6) اذ يحب عليه الأسقاط فلو لم يسقطه ترك ما وجب عليه فيكون آثما.

(7) اذ يتحقق الخيار بالشرط الارتكازي فله الفسخ كما ان له المطالبه باجرة المثل.

(8) اذ لا تنافي بين الصحة و حرمة الأخذ به فلو عصي و اخذ به يؤثر.

(9) لوجود المقتضي و عدم المانع و النتيجة سقوطه بالصلح اذ المفروض انه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 292

أنه لا يقبل الانتقال الي غير الشفيع (1).

[مسألة 11: إذا باع الشريك نصيبه قبل الأخذ بالشفعة]

(مسألة 11) اذا باع الشريك نصيبه قبل الاخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها (2) خصوصا اذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة (3).

[مسألة 12: المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة]

(مسألة 12): المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الاخذ بالشفعة فاذا اخذ بها و كان جاهلا به لم يصح لكن الصحة لا تخلو من وجه (4).

[مسألة 13: إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ بالشفعة سقطت]

(مسألة 13): اذا تلف تمام المبيع قبل الاخذ بالشفعة سقطت (5)،

______________________________

بقبول الصلح يسقطه فلا مجال لبقائه بعده.

(1) لعدم الدليل عليه و ان شئت قلت موضوعه الشفيع و غير الشفيع لا يكون موضوعا و جواز النقل و الانتقال يحتاج الي الدليل و لا دليل عليه.

(2) اذ المستفاد من النصوص ان حق الشفعة ثابت للشريك و مع البيع لا يكون الموضوع باقيا و لو وصلت النوبة الي الشك في البقاء و عدمه لا مجال للحكم ببقائه بالاستصحاب لمعارضته باصالة عدم الجعل الزائد مضافا الي أنه لا مجال للاستصحاب مع عدم بقاء الموضوع.

(3) لا يبعد ان يكون الوجه في الخصوصية عدم الخلاف فيه مع العلم علي ما في الجواهر و قد ذكر في مقام الاستدلال ان البيع مع العلم يؤذن بالاعراض.

(4) بتقريب ان الأخذ بالشفعة في حكم المعاوضة و مع الجهل بالثمن يلزم الغرر و الغرر يقتضي فساد المعاملة. و يرد عليه اولا عدم قيام دليل معتبر علي افساد الغرر في مطلق المعاوضات. و ثانيا كون الأخذ بالشفعة في حكم المعاوضة من هذه الجهة اول الكلام و الاشكال و ثالثا ان الجهل بالثمن لا يستلزم الغرر علي الإطلاق فالحق ما افاد في المتن من كون الصحة لا يخلو من وجه.

(5) لعدم بقاء الموضوع فلا مجال لبقاء الحق.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 293

و اذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط و جاز له اخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان علي المشتري (1) و اذا كان التلف بعد الاخذ بالشفعة فان كان التلف

بفعل المشتري ضمنه (2) و كذا اذا كان بغير فعله فيما اذا كان التلف بعد المطالبة و مسامحة المشتري في الاقباض (3).

[مسألة 14: في انتقال الشفعة الي الوارث إشكال]

(مسألة 14): في انتقال الشفعة الي الوارث اشكال (4).

______________________________

(1) فان مقتضي اطلاق الادلة بقاء الحق علي النحو الذي كان فلا بد من الأخذ لبعض الثمن و لا وجه للنقصان كما انه لا وجه لضمان المشتري و يؤيد المدعي حديث الغنوي «1» و مرسل ابن محبوب قال كتبت الي الفقيه عليه السلام في رجل اشتري نصف دار مشاع غير مقسوم و كان شريكه الذي له النصف الاخر غائبا فلما قبضها و تحول عنها تهدمت الدار و جاء سيل خارق «جارف» فهدمها و ذهب بها فجاء شريكه الغائب فطلب الشفعة من هذا فاعطاه الشفعة علي ان يعطيه ماله كملا الذي نقد في ثمنها فقال له: ضع عني قيمة البناء فان البناء قد تهدمت و ذهب به السيل ما الذي يجب في ذلك؟ فوقع عليه السلام ليس له الا الشراء و البيع الأول إن شاء اللّه «2».

(2) فان اتلاف مال الغير يوجب الضمان.

(3) لقاعدة اليد المقتضية للضمان.

(4) وقع الكلام في ارثها بين الاصحاب و استدل علي الاول بعمومات الارث كتابا و هو قوله تعالي لِلرِّجٰالِ نَصِيبٌ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّسٰاءِ نَصِيبٌ

______________________________

(1) لاحظ ص: 274

(2) الوسائل الباب 9 من كتاب الشفعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 294

______________________________

مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمّٰا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً «1»، و سنة لاحظ ما رواه زرارة قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: «وَ لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مَوٰالِيَ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ قال انما عني بذلك اولوا الأرحام في المواريث و لم يعن

اولياء النعمة فاولاهم بالميت اقربهم اليه من الرحم التي يجره اليها «2».

و مرسل يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا التفت القرابات فالسابق احق بميراث قريبه فان استوت قام كل واحد منهم مقام قريبه «3».

اضف الي ذلك انه نقل عن ظاهر بعض و صريح الأخر دعوي الإجماع عليه علي ما في الجواهر «4».

و يضاف الي ذلك المرسل المعروف عنه صلي اللّه عليه و آله ما ترك الميت من حق فهو لوارثه «5» فالقاعدة الأولية تقتضي الالتزام بارث الشفعة نعم في المقام رواية رواها طلحة بن زيد عن جعفر عن ابيه عن علي قال: لا يشفع في الحدود و قال: لا تورث الشفعة «6»، تدل علي الخلاف لكن الحديث ضعيف بطلحة.

مضافا الي اعراض جملة من الأعاظم بل مقتضي الاجماع المدعي اعراض الكل عنها و علي الجملة ان ثبت اجماع تعبدي علي ارث الشفعة بحيث يكون الحق للمجموع أو علي النحو الاخر يؤخذ به لعدم اشكال في مقام الثبوت فلاحظ.

______________________________

(1) النساء/ 7

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب موجبات الارث الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب موجبات الارث الحديث: 3

(4) جواهر الكلام ج 37 ص 391

(5) نفس المصدر

(6) الوسائل الباب 12 من أبواب الشفعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 295

و علي تقدير الانتقال ليس لبعض الورثة الاخذ بها ما لم يوافقه الباقون (1).

[مسألة 15: إذا أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط]

(مسألة 15): اذا اسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط (2) و كذا اذا شهد علي البيع أو بارك للمشتري الا أن تقوم القرينة علي ارادة الاسقاط بعد البيع (3).

[مسألة 16: إذا كانت العين مشتركة بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد ثالث فباعها بدعوي الوكالة عن الغائب]

(مسألة 16): اذا كانت العين مشتركة بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد ثالث فباعها بدعوي الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه و التصرف فيه (4)، و هل يجوز للشريك الحاضر الاخذ بالشفعة بعد اطلاعه علي البيع؟ اشكال (5) و ان كان اقرب (6) فاذا حضر الغائب و صدق فهو و ان انكر كان القول قوله بيمينه (7) فاذا حلف انتزع

______________________________

(1) فان الشفعة حق واحد فلا مجال لأعمال واحد و ترك الاخر.

(2) فانه من صغريات كبري اسقاط ما لم يجب فلا يمكن الالتزام بالسقوط بالإسقاط القبلي اذ لا دليل علي تأثيره بل مقتضي القاعدة انه لا اثر له و ان شئت قلت: ان الحق مع الأسقاط القبلي اما يوجد فيسقط و اما لا يوجد اما علي الأول فلا مقتضي لسقوطه بعد تحققه اذ المفروض تحققه و عدم عروض الأسقاط عليه و اما علي الثاني فينافي اطلاق ادلة ثبوتها.

(3) فان المؤثر الأسقاط بعد البيع فما دام لم يتحقق الاسقاط بهذا العنوان لا وجه للسقوط.

(4) فان عمل ذي اليد نافذ شرعا فيجوز أن يشتري منه.

(5) لم يظهر لي وجه الأشكال.

(6) فان القاعدة تقتضيه.

(7) فان القول قول المنكر و أما اذا صدقه يتم الأمر كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 296

الحصة من يد الشفيع (1) و كان له عليه الاجرة ان كانت ذات منفعة مستوفاة (2) بل مطلقا (3) فان دفعها الي المالك رجع بها علي مدعي الوكالة (4).

[مسألة 17: إذا كان الثمن مؤجلا جاز للشفيع الاخذ بالشفعة بالثمن المؤجل]

(مسألة 17): اذا كان الثمن مؤجلا جاز للشفيع الاخذ بالشفعة بالثمن المؤجل (5) و الظاهر جواز الزامه بالكفيل (6) و يجوز أيضا الاخذ بالثمن حالا ان رضي المشتري به (7) أو كان شرط التأجيل للمشتري علي

البائع (8.

______________________________

(1) اذ علي الفرض يكون مال الغائب تحت يده فيجوز الانتزاع منه.

(2) فانه استوفي من مال الغير فيكون ضامنا.

(3) لقاعدة علي اليد.

(4) لقاعدة الغرور.

(5) فانه مقتضي ثبوت الحق و بعبارة اخري مقتضي ثبوت حق الشفعة و عدم جواز الزام الشفيع بازيد من الثمن ان الحق ثابت له فيجوز الأخذ به علي النحو المزبور و الا يلزم احد المحذورين و هما عدم الفورية في الأخذ بالحق او الزام الشفيع بالزائد.

(6) لعدم تساوي الذمم فيتدارك التأخير بالكفالة.

(7) اذ مع رضي المشتري لا مانع من التعجيل و بعبارة اخري الحق للمشتري علي الفرض فاذا فرض رضاه بالتعجيل فلا مانع منه و ان شئت قلت: الحق لا يتجاوز الشفيع و المشتري فاذا رضيا يتم الأمر فلاحظ.

(8) اذ في هذه الصورة لا مانع من التعجيل فان الشرط من قبل المشتري و حيث

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 297

[مسألة 18: الشفعة لا تسقط بالإقالة]

(مسألة 18): الشفعة لا تسقط بالاقالة فاذا تقابلا جاز للشفيع الاخذ بالشفعة فينكشف بطلان الاقالة (1). فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري و نماء الثمن للبائع كما كان الحال قبلها كذلك (2).

[مسألة 19: إذا كان للبائع خيار رد العين فالظاهر ثبوته]

(مسألة 19): اذا كان للبائع خيار رد العين فالظاهر ثبوته (3) و لا تسقط الشفعة (4) لكن البائع اذا فسخ يرجع المبيع اليه (5) بل الظاهر ثبوت ساير الخيارات أيضا (6).

______________________________

ان المشتري له التعجيل فالشفيع يكون له التعجيل أيضا فلا أثر لرضاه اذ المفروض ان اعمال حق الشفعة يجعل الشفيع بدلا عن المشتري.

(1) بتقريب ان استحقاق الشفعة قد حصل بالعقد فحق الشفيع مقدم و باعمالها ينكشف فساد الإقالة و لكن الأنصاف ان الجزم به في غاية الأشكال اذ الشفعة اخذ الشقص من المشتري و مع تحقق الإقالة لا مجال للأخذ و بعبارة اخري مع عدم الموضوع و انتفائه لا مجال لبقاء الحق اللهم الا أن يثبت المدعي بالإجماع و اني لنا بذلك.

(2) كما هو ظاهر اذ مع فرض الإقالة يكون المبيع باقيا في ملك المشتري و يكون نمائه تابعا له و كذلك الحال في طرف الثمن فلاحظ.

(3) لعدم وجه للسقوط و بعبارة اخري المقتضي للخيار موجود و المانع مفقود فهو بحاله.

(4) فانه لا وجه لسقوطها.

(5) اذ خيار البائع باق فاذا فسخ العقد ترجع العين اليه و علي الجملة لا تنافي بين بقاء الخيار للبائع و ثبوت حق الشفعة للشريك.

(6) الكلام فيها هو الكلام فلا وجه للإعادة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 298

[مسألة 20: إذا كانت العين معيبة]

(مسألة 2): اذا كانت العين معيبة فان علمه المشتري فلا خيار له و لا ارش (1) فاذا اخذ الشفيع بالشفعة فان كان عالما به فلا شي عليه (2) و ان كان جاهلا كان له الخيار في الرد (3) و ليس له اختيار الارش (4) و اذا كان المشتري جاهلا كان له الارش (5) و لا خيار له في الرد (6) فاذا اخذ الشفيع بالشفعة

كان له الرد (7) فان لم يمكن الرد لم يبعد رجوعه علي المشتري بالارش حتي اذا كان قد اسقطه عن البائع (8) و اذا اتفق اطلاع المشتري علي العيب بعد أخذ الشفيع فالظاهر ان له

______________________________

(1) فانه مع العلم لا خيار و لا ارش كما حقق في محله.

(2) الكلام هو الكلام فانه مع العلم بالعيب لا مقتضي للخيار و لا للأرش.

(3) لأن الشفيع قائم مقام المشتري فله الرد.

(4) اذ المستفاد من الأدلة ان الشفيع له الاخذ بالثمن و مع اخذ الارش يكون أنقص فلا يجوز.

(5) بمقتضي دليل الارش.

(6) لا يبعد أن يكون الوجه في عدم جواز الرد كون المبيع متعلقا لحق الشفيع فلا يجوز له الرد فتأمل.

(7) لان الشفيع قائم مقام المشتري و له الرد بمقتضي دليل الخيار و لا مانع منه.

(8) لان جواز رجوعه بالارش علي المشتري مورد اجماعهم علي ما يظهر من الجواهر «1» لكن يظهر منهم ان اتفاقهم في صورة اخذ المشتري الارش من البائع لا مطلقا فيشكل الحكم بالجواز.

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 37 ص: 409

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 299

اخذ الارش (1) و عليه دفعه الي الشفيع (2) و اذا اتفق اطلاع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالارش (3) و لا يبعد جواز مطالبة المشتري به ان لم يمكن الرد (4).

[كتاب الإجارة]

اشارة

كتاب الاجارة و فيه فصول:

و هي المعاوضة علي المنفعة عملا كانت أو غيره فالاول مثل اجارة الخياط للخياطة و الثاني مثل اجارة الدار (5).

______________________________

(1) بمقتضي دليل الارش.

(2) بمقتضي الاتفاق المستفاد من كلامهم كما سبق.

(3) بالتقريب المتقدم ذكره.

(4) تقدم الكلام من هذه الجهة فلا وجه للإعادة و الحمد للّه علي ما انعم.

(5) لا يبعد أن يكون الماتن ناظرا في

هذا التعريف الي مجموع ما يصدر عن المؤجر و المستأجر اذا الاصل في باب المفاعلة ما يكون قائما بالطرفين و قد عرفها السيد اليزدي قدس سره في عروته: «بأنها تمليك عمل او منفعة بعوض» و قد ذكرت في مقام الايراد علي التعريف المذكور عدة اشكالات:

الاول: ان الاجارة ليست تمليكا للمنفعة بل هي قائمة بالعين ذات المنفعة فتقول:

آجرت الدار و لا تقول آجرت منفعة الدار و قال: سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- «ان هذا الاشكال ضعيف غاية الضعف بداهة ان تمليك المنفعة لا بد و ان يتعلق بالعين اذ الاجارة ليست تمليكا مطلقا بل حصة منه و هي المتعلقة بالمنفعة و ما

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 300

______________________________

هذا شأنه لا مناص من تعلقه بالعين و لا معني لتعلقه بالمنفعة و الا يرجع الي قولنا:

ان الاجارة هي تمليك منفعة المنفعة و لا محصل له فالتمليك المتعلق بالمنفعة متعلق بالعين بطبيعة الحال فيقال: آجرتك الدار» هذا ملخص كلامه.

و الحق ان ما أفاده لا يرجع الي محصل مفهوم و لا يفهم من هذه الجملات الا مجرد الدعوي و أفاد سيد المستمسك قدس سره: «انه لو بني علي حصول تمليك المنفعة في الاجارة فليس هو عين الاجارة بل مسبب عنها و أثر لها و المناسب حينئذ أن يقال: انها جعل العين موضوعا للأجر بنحو يقتضي تمليك المنفعة لا أنها عين تمليك المنفعة».

و الحق ان ما أفاده متين جدا و صفوة القول: ان الاجارة متعلقة بنفس العين و جعلها بحيث يقتضي نقل المنفعة الي ملك المستأجر و ابقاء العين في ملك المالك اي الموجر بعكس بيع العين يجعل العين مسلوبة الانتفاع.

الثاني: ان المنفعة كسكني الدار عرض قائم بالمستأجر و من الصفات

المتعلقة به و اجنبية عن المالك فكيف يملكها و ينقلها الي المستأجر.

و الجواب عن هذا الاشكال ان سكني الدار لها حيثيتان حيثية المسكونية و حيثية الساكنية و الاولي قائمة بالعين و زمامها بيد مالكها و الثانية قائمة بالمستأجر و الموجر انما ينقل ما يرجع اليه الي المستأجر. و ان شئت قلت: الموجر انما ينقل الي المستأجر مملوكه و الذي يوضح المدعي ان الغاصب للعين اذا تصرف في العين المغصوبة كما لو ركب الدابة المغصوبة يجب عليه رد العين بالاضافة الي عوض المنفعة التي استوفاها و بعبارة اخري: يكون ضامنا للمنفعة المستوفاة و هل يمكن الالتزام بضمان عمل نفسه و العرض القائم به؟ كلا ثم كلا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 301

[فصل و فيه مسائل]

[مسألة 1: لا بد فيها من الإيجاب و القبول]

(مسألة 1): لا بد فيها من الايجاب و القبول فالايجاب مثل قول الخياط آجرتك نفسي و صاحب الدار: آجرتك داري و القبول

______________________________

الثالث: انه قد لا يكون تمليكه للمنفعة في مورد الاجارة كما لو استأجر المتولي للوقف مكانا لجعله محرزا للغلة فانه لا مالك للمنفعة فيكون مفهوم الاجارة أوسع من التعريف المذكور.

و قال سيدنا الاستاد في مقام الرد علي الاشكال بأن الوقف علي قسمين فتارة يتضمن التمليك كالوقف علي الذرية أو الوقف علي العناوين العامة كالطلاب مثلا او الوقف علي المسجد و هكذا فان الملكية امر اعتباري و الاعتبار خفيف المئونة و اخري لا يكون في مورده تمليك كما لو وقف مزرعة للصرف في زوار الحسين عليه السلام مثلا فيكون الوقف لنفس الصرف و لا يتصور فيه تمليك أما في الصورة الاولي فيكون المالك هو الموقوف عليه فان المتولي يستأجر المكان للموقوف عليه و لو كان مصداقه المسجد و أما في الصورة الثانية فيكون المالك نفس

المتولي للوقف لكن بعنوان كونه متوليا و لا مانع من الالتزام به كما لو اقترض للوقف أو اشتري شيئا للوقف فانه لا اشكال في أن القرض و البيع يستلزمان التمليك و التملك و الحال انه لا اشكال في جواز الاقتراض للوقف كما انه لا اشكال في جواز الاشتراء له».

اقول: يمكن أن يقال: بأن المالك في الصورة الثانية أيضا العين الموقوفة لا المتولي فانه لا مانع من الالتزام بكون المزرعة الموقوفة للصرف في زوار الحسين عليه السلام مالكا للمنفعة فالمتولي يستأجر المكان للمزرعة و لا نري مانعا منه فلا اشكال.

مضافا الي أنه يمكن ان يقال: ان الموقوف عليه في مفروض الكلام الجهة الخاصة و الناحية الكذائية و لا نري مانعا من دخول العين الموقوفة في ملك الجهة و الا يلزم اما عدم خروج الوقف عن ملك الواقف و اما بقائه بلا مالك و كلا الامرين مشكل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 302

قول المستأجر: قبلت و يجوز وقوع الايجاب من المستاجر مثل:

استأجرتك لتخيط ثوبي و استاجرت دارك فيقول المؤجر: قبلت (1).

[مسألة 2: يشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجورا عن التصرف لصغر]

(مسألة 2): يشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجورا عن التصرف لصغر (2).

______________________________

(1) اذ لا اشكال و لا كلام في كون الاجارة من العقود و العقد مركب من الايجاب و القبول و مع عدم ورود دليل علي لزوم تركيب خاص يجوز تحققه بكل نحو فتارة يكون الايجاب من الموجر و القبول من المستأجر و اخري يكون بالعكس كما ذكر في المتن.

(2) لا اشكال في أن تصرف الصبي في ماله غير نافذ اذا كان بنحو الاستقلال فلا يجوز له ايجار داره و عقده الصادر منه لا يترتب عليه الاثر بلا اشكال و لا كلام بين القوم ظاهرا

انما الكلام في تصديه لمجرد اجراء الصيغة اما في ماله أو في مال الغير وكالة عنه فهل يكون جائزا أم لا؟

و يمكن أن يقال: بأن مقتضي بعض النصوص عدم جواز تصديه حتي لإجراء العقد لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عمد الصبي و خطاه واحد «1» بتقريب: ان المستفاد من الحديث انه لا يترتب علي عمده أثر فلا أثر لإيجابه و قبوله.

و أفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام «بأنه لا يستفاد المدعي من الرواية فانه لو قال عليه السلام عمد الصبي كلا عمد، لكان دالا علي المدعي و لكن جعل عمد الصبي كخطائه و ظاهر هذه العبارة مشاركة هذين العنوانين فيما يترتب عليهما من الاحكام و ان كل حكم مترتب علي الخطأ في غير الصبي يترتب علي عمده لان عمده خطاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 303

______________________________

فيختص بباب الجنايات و لا يشمل بقية الموارد فلا تدل الرواية علي سلب الاعتبار عن كلامه كي يقال: انه لا أثر لإيجابه و ان شئت قلت: انه لو باع داره فقال:

بعت فرسي خطاء لا يترتب عليه الاثر لعدم العمد لا لأجل الخطأ فلا بد من اختصاص الرواية بمورد يكون لكل من العمد و الخطأ حكم كي يصح تنزيل عمده منزلة الخطأ و مما يرشدك الي عدم امكان الاخذ باطلاق الرواية ان لازم الاخذ بهذا الاطلاق الالتزام بعدم بطلان صلاته اذا تكلم فيها عمدا كما ان لازمه الالتزام بعدم بطلان صومه بالافطار عن عمد و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم» «1» هذا ملخص كلامه.

اقول: يرد عليه اولا ان الاهمال غير معقول في الواقع في الاحكام الشرعية

ففي كل مورد يصدر فعل عن المكلف خطأ فاما يترتب عليه أثر ذلك الفعل في حكم الشارع و اما لا يترتب و لا يمكن الاهمال فنقول: لو أراد شخص بيع داره فقال:

بعت فرسي خطأ لا يترتب عليه الاثر و بعبارة اخري: الشارع الاقدس لا يرتب الاثر المرغوب علي الخطأ بلا اشكال و عليه يستفاد من الحديث المذكور ان عمد الصبي كخطائه فكما لا يترتب علي الخطاء أثر كذلك لا يترتب علي عمد الصبي و ان شئت قلت: مقتضي اطلاق الحديث ان عمد الصبي في وعاء الشرع كالخطإ علي الاطلاق فاذا كان الخطأ موضوعا لحكم اثباتي كباب الجنايات يترتب ذلك الأثر علي عمد الصبي و اذا كان الخطأ في مورد لا يكون موردا و موضوعا للأثر يكون عمد الصبي كذلك فلا وجه لاختصاص الحديث بمورد خاص و أما نقضه بمورد تعمده في ابطال صومه و صلاته فغير وارد اذ بعد قيام الدليل علي شرعية عباداته نفهم ان الصبي لو أتي بما هو المقرر الشرعي في العبادة يكون مطلوبا للشارع و من الظاهران المقرر الشرعي

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 30

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 304

أو سفه (1) أو تفليس (2).

______________________________

مقيد بقيود وجودية أو عدمية مضافا الي أنه نرفع اليد عن الاطلاق في مورد النقض بلحاظ الضرورة و الاجماع و هذا لا يوجب رفع اليد عن الاطلاق علي الاطلاق فلاحظ.

اضف الي ذلك انه ما المانع من الاخذ باطلاق ما رواه ابو الحسين الخادم بياع اللؤلؤ عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله ابي و انا حاضر عن اليتيم متي يجوز امره؟ قال: حتي يبلغ اشده قال: و ما اشده؟ قال: احتلامه قال: قلت: قد يكون الغلام

ابن ثمان عشرة سنة او أقلّ او اكثر و لم يحتلم قال: اذا بلغ و كتب عليه الشي ء «و نبت عليه الشعر ط» جاز عليه امره الا ان يكون سفيها او ضعيفا «1».

فان مقتضي اطلاقه الرواية ان الفعل الصادر عن غير البالغ لا يصح فانه لو كانت وكالته عن الغير صحيحة في بيع دار الموكل او كان بيع داره صحيحا باذن الولي يكون امره جائزا بهذا المقدار و هذا مناف مع اطلاق الرواية لكن الرواية مخدوشة سندا.

(1) لا دليل علي بطلان المعاملة اذا كان احد العاقدين او كليهما سفيها و بعبارة اخري: الدليل قائم علي بطلان تصرف السفيه في ماله و اما اشتراط كون العاقد غير سفيه فليس عليه دليل و يترتب عليه انه لو اجري العقد بعنوان الوكالة عن الغير يكون العقد صحيحا الا ان يقال: ان مقتضي حديث الخادم المتقدم ذكره آنفا عدم نفوذ امر السفيه مطلقا و لكن الاشكال في سند الحديث فلاحظ.

(2) الكلام فيه هو الكلام فانه لا دليل علي عدم اعتبار عقد المفلس فاذا عقد وكالة عن الغير يكون صحيحا بل يمكن ان يقال: ان تصرفاته نافذة اذا كانت متعلقة ببدنه فلو آجر نفسه لحمل شي ء تكون اجارته صحيحة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الحجر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 305

أورق (1) كما يشترط أن لا يكون أحدهما مكرها علي التصرف (2) الا أن يكون الاكراه بحق (3). يشترط في كل من العوضين أمور:

الاول: أن يكون معلوما بحيث لا يلزم الغرر علي الاحوط فالاجرة اذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لا بد من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العدو ما يعرف منها بالمشاهدة لا بد من مشاهدته

أو وصفه

______________________________

(1) لا دليل علي عدم جواز تصرف العبد في لسانه و لذا لا اشكال في جواز ان يقرأ القرآن و عليه لا مانع من ان يجري العقد وكالة عن الغير.

(2) لحديث رفع الاكراه لاحظ ما رواه اسماعيل الجعفي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: وضع عن هذه الامة ست خصال: الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطروا اليه «1» فان مقتضي اطلاق رفع الاكراه عدم ترتب اثر شرعي علي مورده.

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام «بأن الحديث لا يشمل عقد المكره بالفتح اذا كان وكالة عن الغير ضرورة عدم ترتب اثر علي هذا العقد بالنسبة الي المكره بالفتح» «2».

و ما أفاده غير تام فان المستفاد من الاطلاق كما ذكرنا ان الاثر الشرعي مرتفع عن الفعل الذي وقع عن اكراه علي الاطلاق فالظاهر اشتراط الاختيار في صحة العقد.

(3) اذ في مورد كون الاكراه حقا لا يشمله دليل الرفع و الا يرجع الأمر الي التناقض فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الايمان الحديث: 3

(2) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 27

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 306

علي نحو ترتفع الجهالة و أما المنفعة فلا يعتبر العلم بمقدارها فيما لا غرر مع الجهل به كما في اجارة السيارة مثلا الي مكة أو غيرها من البلاد المعروفة فان المنفعة حينئذ أمر عادي متعارف و لا بأس بالجهل بمقدارها و لا بمقدار زمان السير و في غير ذلك لا بد من العلم بالمقدار و هو اما بتقدير المدة مثل سكني الدار سنة أو شهرا أو المساحة مثل ركوب الدابة فرسخا أو فرسخين و اما بتقدير موضوعها

مثل خياطة الثوب المعلوم طوله و عرضه ورقته و غلظته و لا بد من تعيين الزمان في الاولين فاذا استأجر الدار للسكني سنة و الدابة للركوب فرسخا من دون تعيين الزمان بطلت الاجارة الا أن تكون قرينة علي التعيين كالإطلاق الذي هو قرينة علي التعجيل و الظاهر عدم اعتبار تعيين الزمان في الاجارة علي مثل الخياطة غير المتقوم ماليته بالزمان فيجب الاتيان به متي طالب المستأجر (1).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في بناء الاشتراط علي الاحتياط عدم تمامية ادلته عنده و استدل علي المدعي بنهيه صلي اللّه عليه و آله عن الغرر علي الاطلاق بتقريب:

ان المستفاد من النهي المذكور الارشاد الي فساد المعاملة الغررية و يرد عليه: ان هذه الرواية لا سند لها فلا اعتبار بها.

مضافا الي أنه أفاد سيدنا الاستاد «1»: انه لا أصل له و هذه الرواية غير مروية لا في كتبنا و لا في كتب العامة. و ربما يستدل علي المدعي بما رواه الصدوق بأسانيده عن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: و قد نها رسول اللّه صلي

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 33

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 307

______________________________

اللّه عليه و آله عن بيع المضطر و عن بيع الغرر «1» و هذه الرواية مخصوصة بالبيع مضافا الي عدم اعتبارها سندا.

و ربما يستدل بما رواه الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في حديث المناهي قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان يستعمل أجير حتي يعلم ما اجرته «2».

و هذه الرواية علي تقدير تمامية دلالتها علي المدعي لا تكون قابلة للاستدلال بها لكونها ضعيفة سندا.

و ربما يستدل بما رواه ابو الربيع الشامي عن

أبي عبد اللّه عليه السلام: قال سألته عن ارض يريد رجل ان يتقبلها فاي وجوه القبالة احل؟ قال: يتقبل الارض من اربابها بشي ء معلوم الي سنين مسماة فيعمر و يؤدي الخراج فان كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في قبالته فان ذلك لا يحل «3».

و هذه الرواية ضعيفة بابي الربيع لعدم ثبوت وثاقته و لا يكفي في اثبات وثاقته كونه في سلسلة اسناد تفسير القمي و الرواية مروية بطريقين احدهما ضعيف بابي الربيع و اما الثاني فتام سندا اذ يمكن ان خالد بن جرير ينقل الحديث مرتين مرة عن ابي الربيع و مرة ثانية عن الامام عليه السلام نفسه اذ يحتمل تعدد الواقعة و تعدد السؤال عن حكم المسألة فالسند تام لكن يبعد تعدد السؤال و تكرر الواقعة مع وحدة المضمون سؤالا و جوابا مضافا الي الاشكال الدلالي فان السؤال عن الاحل بنحو التفضيل و الجواب وارد في مورده فغاية ما يستفاد من الحديث ان يكون الاحل و الافضل ما يكون بهذا النحو.

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الاجارة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 308

الثاني: أن يكون مقدورا علي تسليمه فلا تصح اجارة العبد الآبق (1) و ان ضمت اليه ضميمة علي الاقوي (2). الثالث: أن تكون العين المستأجرة

______________________________

و يضاف الي ذلك كله ان الرواية واردة في باب المزارعة فلاحظ. و ربما يستدل بما عن النبي صلي اللّه عليه و آله حيث نهي عن بيوع و علل بقوله صلي اللّه عليه و آله: لأنها غرر كلها «1».

بتقريب: ان المستفاد بلحاظ التعليل عموم الحكم لكل غرر

و فيه ان السند ضعيف فلا اعتبار بالرواية و اما ما في حديث الدعائم من قوله عليه السلام:

«و هو غرر» «2» فهو ضعيف سندا، فالنتيجة انه لا يكون دليل علي المدعي فان ثبت اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يكون الحكم مبنيا علي الاحتياط.

(1) افاد سيدنا الاستاد في هذا المقام «3» بانه مع عدم القدرة علي التسليم لا يكون المالك مالكا لتلك المنفعة و مع عدم كونه مالكا كيف يملكها من الغير و لا اشكال في ان الاجارة تمليك للمنفعة.

و فيه: ان ما افاده مجرد الدعوي و لا اشكال في ان العبد الآبق بجميع شئونه مملوك لمالكه في نظر العقلاء و لذا لو اخذه غير المالك و استعمله و استفاد من منافعه يكون ضامنا للمالك و مع عدم كونه مملوكا له كيف يتصور الضمان و هذا ظاهر في كمال الظهور فلو تم اجماع علي المدعي فهو و الا يكون الحكم مبنيا علي الاحتياط فلاحظ.

(2) لاختصاص دليل الجواز بالبيع لاحظ ما رواه سماعة عن ابي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشتري العبد و هو آبق عن اهله قال: لا يصلح الا ان يشتري معه

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 13

(2) مستدرك الوسائل الباب 7 من أبواب عقد البيع الحديث: 1

(3) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 38

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 309

ذات منفعة فلا تصح اجارة الارض التي لا ماء لها للزراعة (1) الرابع:

أن تكون العين مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها فلا تصح اجارة الخبز للأكل (2). الخامس: أن تكون المنفعة محللة فلا تصح اجارة المساكن لإحراز المحرمات و لا الجارية للغناء (3).

______________________________

شيئا آخر و يقول: اشتري منك هذا الشي ء

و عبدك بكذا و كذا فان لم يقدر علي العبد كان الذي نقده فيما اشتري منه «1».

فان المستفاد من ذيل الحديث التفريع لا التعليل كي يقال: نتعدي بلحاظ عموم العلة الي الاجارة فالتعدي عن غير مورد الرواية لا يجوز حتي في نفس البيع فكيف بالاجارة.

(1) افاد سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام بان اخذ الاجرة في الصورة المفروضة مصداق لأكل المال بالباطل فلا يجوز و فيه: ان اكل المال حرام بسبب غير شرعي و بالاسباب الباطلة و بعبارة اخري: المراد من الجار السبب لا المقابلة كي يتم ما افاده فالحق ان يقال: ان الوجه في هذا الاشتراط ان التملك لا يتعلق بمنفعة غير قابلة للتحقق و تمليك المنفعة حجر اساسي في باب الاجارة و بانتفائها لا تحقق لها فلاحظ.

(2) فان الاجارة مقومة ببقاء العين و استيفاء المنفعة منها فاجارة العين بلحاظ المنفعة التي تعدمها مرجعه الي انهدام ركنها.

(3) ما ذكر في المقام للاستدلال علي المدعي وجوه: الوجه الاول: ما عن الميرزا قدس سره و هو ان الحرام لا يكون مملوكا للمكلف فكيف يملكه من غيره:

و اورد عليه سيدنا الاستاد بان هذا يتم في اجارة الاعمال المحرمة و اما بالنسبة الي اجارة الاعيان لان يستفاد منها في الحرام فلا اذ لا اشكال في ان المحرم ما يصدر

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 310

______________________________

عن المستاجر و اما المالك فيكون مالكا لمنفعة داره، و بعبارة اخري: للعين حيثيتان:

حيثية قابلية الانتفاع كحيثية المسكونية و حيثية الانتفاء كحيثية الساكنية و الاولي مملوكة للمالك و الحرمة ترجع الي الحيثية الثانية و لا ترتبط بالمالك فهذا الوجه لا يتم للاستدلال.

و لقائل

ان يقول: ان احراز الخمر في مكان اذا لم يكن جائزا للمستأجر لا يكون جائزا للمؤجر أيضا فلا يكون مالكا لهذه الحصة من المنفعة و مع عدم كونه مالكا كيف يملكها من غيره.

الوجه الثاني: انه يشترط في مورد الاجارة ان يكون قابلا للتسليم و حيث ان غير المقدور شرعا بلحاظ الحرمة كغير المقدور عقلا لا تصح الاجارة. و فيه: انه قد مر عدم الدليل علي الاشتراط المذكور.

الوجه الثالث: ما افاده سيدنا الاستاد و هو ان صحة العقد تستلزم الوفاء به و حيث ان امتثال وجوب الوفاء المستفاد من قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «1» غير ممكن لحرمته فلا تشمله ادلة صحة الاجارة.

و يرد عليه اولا انه خلاف ما بني عليه في محله من ان الوجوب المستفاد من قوله «اوفوا» وجوب ارشادي الي لزوم العقد و ليس حكما تكليفيا اذ لا يحرم فسخ العقد قطعا بل المستفاد من الاية ان العقد بعد تحققه لا ينفسخ بالفسخ لكونه لازما.

و بعبارة اخري: الامر بالوفاء في الاية لا يكون دليلا علي وجوب الوفاء و اتمام العقد و عدم الفسخ اذ لا اشكال في أن الفسخ لا يكون حراما بل ارشاد الي لزوم العقد بعد تحققه و لذا قلنا في محله ان الاية دليل لزوم العقد لا الصحة و لا يمكن الاستدلال بها علي الصحة لأنها ناظرة الي العقود الصحيحة فالصحة مفروضة في موضوعها و تقدم الموضوع علي الحكم قطعي هذا اولا.

______________________________

(1) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 311

السادس: امكان حصول المنفعة للعين المستأجرة فلا تصح اجارة الحائض لكنس المسجد (1).

______________________________

و ثانيا: ان سيدنا الاستاد لا يري الاعانة علي الاثم حراما و المفروض ان الحرام يصدر من المستأجر فاي مانع من

تسليم الدار لمن يريد احراز الخمر فيها و بعبارة اخري: المالك لا يرتكب الحرام كي يتم هذا البيان.

الوجه الرابع. ما رواه صابر أو جابر قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيه «فيها خ ل» الخمر قال: حرام اجره «1» و فيه انه يعارضه خبر ابن اذينة قال: كتبت الي ابي عبد اللّه عليه السلام اسأله عن الرجل يؤاجر سفينته و دابته ممن يحمل فيها او عليها الخمر و الخنازير قال: لا باس «2» فان مقتضاه الجواز و علي تقدير المعارضة يكون الترجيح في جانب الجواز لكون دليله موافقا للكتاب الدال علي جواز التجارة اذا قلنا بان التجارة اعم من البيع.

و الذي يظهر من «الفقه علي المذاهب الاربعة» في كتاب الاجارة «3» ان اجارة شخص نفسه للمحرم باطل و علي تقدير التساقط يكون المرجع اطلاق دليل صحة الاجارة اضف الي ذلك كله انه لا يبعد كون سند الرواية ضعيفا.

الوجه الخامس: كون حرمتها متسالما عليه عند الاصحاب و خلافه مستنكر عند المتشرعة و هذا هو العمدة.

(1) قد ذكرت في مقام الاستدلال علي المدعي امور: الامر الاول: ما عن الميرزا و هو ان الحرام لا يكون مملوكا للمكلف كي يملكه من غيره و فيه: ان الكنس بما هو لا حرمة فيه و انما الحرمة في مقدمته و هو الكون في المسجد و الحرمة لا تسري

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) ج 2 ص: 108

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 312

[مسألة 3: إذا آجر مال غيره توقفت صحة الإجارة علي إجازة المالك]

(مسألة 3): اذا آجر مال غيره توقفت صحة الاجارة علي اجازة المالك (1) و اذا آجر مال نفسه و كان محجورا عليه لسفه أورق

توقفت

______________________________

من المقدمة الي ذيها و انما الكلام في سرايتها من ذي المقدمة اليها.

الامر الثاني: انه غير مقدور التسليم شرعا و الممنوع شرعا كالممتنع عقلا.

و فيه: انه قد مر انه لا دليل عليه.

الامر الثالث: ما افاده سيدنا الاستاد و هو ان دليل الوفاء لا يشمله بعين التقريب الذي تقدم آنفا. و فيه ما فيه و قد أوردنا عليه ما اوردناه فراجع. فالحق ان يقال:

انه ان لم يتم اجماع تعبدي علي البطلان لا يمكن الجزم به فان الصحة مقتضي القاعدة غاية الامر بلحاظ حرمة الدخول يجوز للأجير الامتناع من العمل فيحصل للمستأجر الخيار و يمكنه اخذ اجرة مثل العمل مثلا الا ان يقال: لو وصلت النوبة الي هنا فلقائل ان يقول يكون المورد من مصاديق كبري التزاحم فلا بد من اعمال قانونه فلاحظ.

(1) ما افاده يتوقف علي كون الفضولي علي طبق القاعدة الاولية و المقام من مصاديق تلك الكبري و لنا كلام في هذا المقام تعرضنا له في بحث الفضولي من كتاب البيع و ملخص ذلك الكلام انه استفيد من جملة من النصوص ان البيع الصادر عن غير المالك فاسد لاحظ النصوص في الباب 1 من ابواب عقد البيع و شروطه من الوسائل.

و مقتضي اطلاق تلك النصوص عدم صحته بالاجازة اللاحقة و ان شتت قلت:

الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و المفروض ان العقد صدر عن غير المالك فلا طريق الي تصحيحه بالاجازة المتأخرة و بعبارة اخري: بيع غير المالك باطل و لو مع لحوق اجازة المالك و رضاه و صفوة القول انه لا يمكن تصحيح الفضولي بالقاعدة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 313

علي اجازة الولي (1) و اذا كان مكرها توقفت علي الرضا لا بداعي الاكراه (2).

______________________________

الاولية

و الادلة العامة لكن قد تقدم في كتاب البيع ان المستفاد من النص الخاص الوارد في نكاح العبد بدون اذن مولاه صحة نكاح العبد مع اجازة المولي و قلنا مقتضي العلة عموم الصحة في جميع الموارد فراجع ما ذكرناه هناك.

(1) لصحة الفضولي عند القوم و المقام من صغريات تلك الكبري.

(2) يظهر من كلامه ان العقد الصادر عن اكراه لا يصح الا بلحوق الرضا المتأخر من المالك فيقع الكلام في موضعين: الموضع الاول: في فساد العقد الاكراهي و الحق كما افاده لدلالة جملة من النصوص علي المدعي لاحظ ما رواه الجعفي «1».

و ما رواه ربعي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عفي عن امتي ثلاث: الخطاء و النسيان و الاستكراه الحديث «2».

و ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

وضع عن امتي الخطاء و النسيان و ما استكرهوا عليه «3» و ما رواه أيضا «4».

فان المستفاد من هذه النصوص ان الفعل الصادر عن الاكراه لا يترتب عليه الاثر المرغوب فيه في وعاء الشرع فلا يصح العقد الصادر عن اكراه.

الموضع الثاني: في انه يصح بالرضا المتأخر و قد افاد الماتن في مقام الاستدلال علي المدعي بان الفضولي صحيح علي طبق القاعدة الاولية و الوجه فيه ان الرضا امر قابل لان يتعلق بالامر المتقدم و المتاخر و المقارن فالعقد الصادر

______________________________

(1) لاحظ ص 305

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب الايمان الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 314

______________________________

عن الفضولي بعد تعلق رضي المالك به يكون عقدا له فيصح بلا حاجة الي قيام دليل

خاص عليه و المقام كذلك اذ العقد الصادر عن المكره بالفتح فاسد بلا رضي المالك و بعد تعلق الرضا به يصير عقدا مرضيا فيكون صحيحا.

اقول: علي فرض تمامية الاستدلال في الفضولي لا يتم في المقام لأنه يمكن ان يقال في ذلك الباب ان العقد تحقق في الخارج بجميع شرائطه و اجزائه و انما النقصان من ناحية عدم انتسابه الي المالك و حيث ان الرضا امر قابل لان يتعلق بالامر المتقدم فلا مانع من انتسابه الي المالك من حين الاجازة فكان المالك باع داره من ذلك الزمان.

و بعبارة اخري: لو بيع دار زيد فضولا يوم الخميس و اجاز المالك البيع يوم الجمعة فكأنه قال: بعت داري من امس و اما في المقام فالمفروض ان العقد صادر من المالك و منتسب اليه و من ناحية اخري قام الدليل علي ان العقد الاكراهي لا يصح و من ناحية ثالثة ان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و الرضا المتأخر لا يغير العقد الصادر عن اكراه و المفروض ان العقد ينتسب الي المالك حين صدوره و مقتضي دليل رفع الاكراه ان العقد الاكراهي فاسد علي الاطلاق و لو مع لحوق الرضا المتاخر به.

و ان شئت قلت: لم يتحقق في الخارج إلا عقد واحد عن اكراه و الرضا المتأخر لا يغيره و المفروض ان الصادر عن اكراه فاسد فاي فرق بين المقام و بين صيرورة العقد بعد كونه غبنيا غير غبني و هل يمكن الالتزام بالصحة هناك و المقام كذلك فالحق ان العقد الصادر عن اكراه غير صحيح علي الاطلاق و لا بد من تجديده.

اللهم الا ان يستدل علي المدعي بما ورد في نكاح العبد بلا اذن سيده بتقريب: ان

المستفاد من تلك الرواية ان الفساد من ناحية عدم رضا المالك فاذا رضي يصح العقد

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 315

و اذا آجر السفيه نفسه لعمل فالاظهر الصحة و الاحوط الاستيذان من الولي (1).

______________________________

لكن في النفس شي ء و اللّه العالم.

(1) لعدم دليل علي فساد اجارته نفسه و مقتضي الاطلاقات جوازها و صحتها و أفاد سيدنا الاستاد علي ما في التقرير- انه لا تصح اجارة السفيه نفسه و استدل علي المدعي بحديثين احدهما: ما رواه أبو الحسين الخادم «1» بتقريب: ان مقتضي مفهوم الشرطية عدم جواز أمره ان كان سفيها فلا يصح اجارته و هذه الرواية مخدوشة سندا بأبي الحسين الخادم و قال سيدنا الاستاد ان الظاهران المراد بالرجل آدم بن المتوكل الثقة. و الانصاف انه لا دليل علي هذه الدعوي و لا وجه لهذا الاستظهار فان كثيرا من الرجال الواقعين في أسناد الروايات مجاهيل فليكن الرجل منهم و كون آدم بياع اللؤلؤ راويا عن ابن سنان لا يكون دليلا علي أن الراوي في هذه الرواية آدم بل من المحتمل قويا انه غيره فلا تصح الرواية سندا.

ثانيهما: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن قول اللّه عز و جل: «حتي اذا بلغ أشده» قال: الاحتلام قال:

فقال: يحتلم في ست عشرة و سبع عشرة سنة و نحوها فقال: لا اذا أتت عليه ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنات و كتبت عليه السيئات و جاز أمره الا أن يكون سفيها أو ضعيفا الحديث «2».

و التقريب هو التقريب و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال. و ربما يقال- كما في كلام سيدنا

الاستاد-: انه يستفاد المدعي عن عدم جواز تصرفه في ماله لوحدة الملاك. و فيه: ان الملاكات الشرعية مجهولة

______________________________

(1) لاحظ ص: 304

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب أحكام الوصايا الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 316

[مسألة 4: إذا استأجر دابة فلا بد من تعيين الحمل]

(مسألة 4): اذا استأجر دابة فلا بد من تعيين الحمل و اذا استأجر دابة للركوب فلا بد من تعيين الراكب و اذا استأجر دابة لحرث جريب من الارض فلا بد من تعيين الارض (1) نعم اذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الارض لا يوجب اختلافا في المالية لم يجب التعيين (2).

[مسألة 5: إذا قال آجرتك الدار شهرا أو شهرين بطلت الإجارة]

(مسألة 5): اذا قال آجرتك الدار شهرا أو شهرين بطلت الاجارة (3) و اذا قال آجرتك كل شهر بدرهم صح في الشهر الاول و بطل في غيره (4).

______________________________

عندنا و القياس ليس من مذهب الامامية فالحق انه لا اشكال في اجارته نفسه نعم الاحتياط يقتضي الاذن من الولي كما في المتن بل مقتضي الاحتياط عدم نفوذ إنشائه حتي مع الاذن فلاحظ.

(1) ما افاده من فروع اشتراط عدم الغرر في الاجارة و علي تقدير تمامية الاشتراط ما افاده تام.

(2) لعدم الغرر.

(3) لجهالة المنفعة الموجبة للغرر الذي يوجب بطلان العقد هذا علي تقدير أن يكون الترديد في مقام الاثبات و في نظر المستأجر و أما في نظر الموجب فمورد الاجارة معلوم و أما ان كان الترديد في مقام الثبوت و في واقع الامر فالبطلان من ناحية عدم تحقق الاجارة اذ لا يتصور تحقق الانشاء و تمليك المنفعة مع الترديد في المتعلق فان الاهمال غير معقول في الواقعيات فلاحظ.

(4) بتقريب ان المقتضي للصحة موجود و لا مانع بيان ذلك ان الاجارة بالنسبة الي الشهر الاول معلومة منفعة و اجرة فلا غرر و لا جهالة فمقتضي القاعدة الصحة و ان قلنا بالفساد بالنسبة الي ما بعده اذ غاية ما يمكن أن يقال ان شرط الصحة بالنسبة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 317

و كذا اذا قال آجرتك شهرا بدرهم فان

زدت فبحسابه هذا اذا كان بعنوان الاجارة (1).

______________________________

الي ما بعد شهر الاول مفقود و المفروض ان الانشاء واحد و لكن هذا الوجه لا يكون قابلا لكونه وجها للفساد بالنسبة الي الشهر الاول لان المنشأ متعدد و ان كان الانشاء واحد و لذا قالوا بصحة البيع بالنسبة الي ما يملك لو باع ما يملك و ما لا يملك بانشاء واحد فلا اشكال في صحة الاجارة بالنسبة الي الشهر الاول و أما بالنسبة الي بقية الشهور فتارة يكون متعلق الإجارة مطلقا و غير محدود و اخري يكون محدودا و ثالثة يكون مهملا.

أما علي الاول فافاد سيد الاستاد انه لا غرر في هذه الاجارة اذ معلوم عند المتعاقدين تحقق الاجارة علي نحو الاطلاق كل شهر بكذا و لكن مع ذلك تكون الاجارة باطلة لمكان الجهالة و قد دل ما رواه أبو الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن ارض يريد رجل أن يتقبلها فاي وجوه القبالة أحل؟ قال: يتقبل الارض من اربابها بشي ء معلوم الي سنين مسماة فيعمر و يؤدي الخراج فان كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في قبالته فان ذلك لا يحل «1» علي فساد الاجارة في مورد الجهالة و قد مر «2» ان الرواية ضعيفة سندا فعليه لا بد من الالتزام بالصحة في هذه الصورة و أما علي الثاني فايضا لا بد من الالتزام بالصحة لعدم مانع عنها الا الجهالة و لا دليل علي كونه مفسدة للعقد و أما علي الثالث فلا يتحقق العقد اذ المهمل غير قابل للتحقق فكون الاجارة فاسدة.

(1) افاد سيدنا الاستاد بانه تارة يكون متعلق الاجارة محدودا بحد معلوم عند اللّه تعالي فانه تعالي يعلم مقدار السكونة

كعشر سنوات مثلا و يؤجر العين بهذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 307

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 318

______________________________

المقدار من الزمان في مقابل الاجرة المعينة و اخري يتعلق الاجارة علي السكونة الخارجية أما علي الاول فلا وجه للبطلان الا من ناحية الجهل بالمدة المانع عن صحة العقد و أما علي الثاني فمضافا الي الجهل بالمدة يشكل من ناحية التعليق اذ المفروض انه علق الاجارة علي السكونة و التعليق يوجب بطلان العقد هذا بالنسبة الي ما عدا الشهر الاول و أما الشهر الاول فاجارته تامة بلا اشكال.

اقول لا يخفي ان السكونة الخارجية متفرعة علي الاجارة و بعبارة اخري السكونة الخارجية متفرعة علي ملكية المنفعة و هي السكونة فكيف يمكن ان تكون مقدمة لها و ان شئت قلت: ملكية المنفعة متفرعة علي السكونة الخارجية علي الفرض و الحال ان السكونة لا تتحقق الا بلحاظ ملكية المنفعة اي السكونة فلا يمكن تصور ما أفاده الا علي نحو الدور اذ تتوقف الاجارة علي السكونة و الحال ان السكونة مترتبة علي ملكية المنفعة نعم يمكن أن يكون المعلق عليه ارادة الاجارة بأن يكون مرجع هذا القول الي التعليق علي ارادة الاجارة بأن يكون المراد من هذه الجملة اجارة الدار بعد الشهر الاول علي تقدير ارادة الاجارة و علي هذا التقدير لا مناص عن الالتزام بالبطلان لمكان التعليق اذ الاهمال في الواقع غير معقول فالاجارة بالنسبة الي ارادة الطرف بعد شهر اما مطلق و اما مهمل و اما مقيد و لا رابع و علي جميع التقادير لا يتم المدعي أما علي الاول فيلزم الخلف اذ المفروض ان الاجارة بمقدار الارادة و اما علي الثاني فلان

الاهمال غير معقول و أما علي الثالث فيلزم التعليق الموجب لبطلان العقد علي ما بنوا عليه و بني سيدنا الاستاد عليه أيضا فالحق هو البطلان في غير الشهر الاول.

و لقائل أن يقول علي فرض كون السكونة الخارجية معلقا عليها لا يلزم الدور بتقريب ان السكونة الخارجية عنوان لمدة الاجارة فان مقدار سكونة الخارجية معلوم

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 319

أما اذا كان بعنوان الجعالة بأن تجعل المنفعة لمن يعطي درهما او كان من قبيل الاباحة بالعوض بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهما فلا بأس (1).

______________________________

عند اللّه تعالي و الاجارة متعلقة بما هو معلوم عند اللّه فالسكونة الخارجية متفرعة علي الاجارة بلا لزوم الدور و مع ذلك جعل البيع معلقا عليها في مقام الانشاء و يرد عليه انه لو يسكن الدار بعد الشهر الاول فما هو متعلق علم اللّه تعالي و بعبارة اخري:

يتوقف العلم بمقدار السكونة علي تحققها خارجا اذ العلم تابع للمعلوم لا العكس فيعود الاشكال اذ المفروض ان السكونة لا تتحقق الا علي تقدير تمامية الاجارة و ملكية المستأجر المنفعة و الحال ان الاجارة بنفسها متوقفة علي السكونة فلاحظ.

و في المقام رواية و هي ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل يكتري الدابة فيقول اكتريتها منك الي مكان كذا و كذا فان جاوزته فلك كذا و كذا زيادة، و يسمي ذلك قال: لا بأس به كله «1».

و لا يبعد أن يكون الحديث ناظرا الي صورة الاشتراط في ضمن الاجارة بأن يكون المراد اجارة الدابة الي مكان كذا باجرة معينة بشرط أن يكون للمستأجر الاستفادة من الدابة و ركوبها اي مقدار اراد باجرة مسماة فلا ترتبط الرواية بمقامنا كي يقال

يمكن أن يستفاد منها حكم المقام فانه فرق بين وقوع الاجارة علي المدة المجهولة و بين اشتراط الاستفادة من مورد الاجارة باي مقدار أراد المستأجر فلاحظ.

(1) افاد الماتن انه لا مانع من الصحة اذا كان المراد من العبارة الجعالة أو الاباحة بالعوض فيقع الكلام في موردين المورد الاول أن يكون علي نحو الجعالة و الظاهر انه لا يمكن مساعدته فان الجعالة عبارة عن جعل شي ء بعنوان الجعل علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب احكام الاجارة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 320

______________________________

عمل محترم صادر من الفاعل كما لو قال من كنس داري فله كذا علي و هذا المعني لا ينطبق علي المقام و ان شئت قلت: الجعل علي من يبذله في مقابل العمل الصادر عن الطرف و العمل الصادر من الطرف في المقام عبارة عن انتفاعه من العين اي السكونة و الجعل علي عهدته فكيف يكون مصداقا للجعالة.

ان قلت الجعل عبارة عن بذل المنفعة اي السكونة في مقابل عمل محترم و هو بذل الدرهم فيكون منطبقا علي الجعالة قلت: انه مجرد فرض و خيال و لا واقع له اذ المفروض ان بذل الدرهم بلحاظ السكونة لا العكس و لذا لا يري المالك للدار نفسه مستحقا للمطالبة الا بعد تحقق السكونة الخارجية و بعبارة اخري بذل الدرهم بازاء السكونة لا العكس فالحق عدم صحته بعنوان الجعالة.

و أما المورد الثاني و هي الاباحة بالعوض فأفاد سيدنا الاستاد بأنه يمكن اتمامه بقاعدة سلطنة الناس علي اموالهم فان المالك كما يمكنه الاباحة مجانا كذلك له أن يبيح الانتفاع لمن يبذل هذا المقدار فلو بذل يكشف ان عمله كان حلالا و لو لم يبذل يكشف كونه غاصبا لمال الغير اذ

الاضافة تعلق بهذه الصورة الخاصة.

و يرد عليه ان العوضية لو حظت في المقام بحيث يكون المالك يري نفسه مالكا للدرهم و يمكنه مطالبته و الحال ان الامر ليس كذلك اذ نسأل بأن السبب للمالكية للدرهم ما هو؟ نعم يتصور الاباحة لمن يبذل درهما مجانا فان بذل كشف عن حلية تصرفه و ان لم يبذل كشف عن عدم حليته فيكون ضامنا للأجرة و أما نقضه بدخول الحمام و امثاله فغير وارد اذ لا ببعد أن تكون هذه الموارد كلها داخلة تحت عنوان اذن المالك في الانتفاع لا مجانا فيكون الشخص ضامنا لأجرة المثل و أما علي غير هذا النحو بأن يكون المالك مالكا للعوض فلا دليل عليه و الواقع الخارجي يمكن أن يكون ناشيا عن عدم المبالات بالموازين الشرعية كما ان الامر كذلك

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 321

[مسألة 6: إذا قال: إن خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم و إن خطته بدرزين فلك درهمان]

(مسألة 6): اذا قال: ان خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم و ان خطته بدرزين فلك درهمان فان قصد الجعالة كما هو الظاهر صح (1) و ان قصد الاجارة بطل (2) و كذا ان قال ان خطته هذا اليوم

______________________________

في كثير من الموارد و قليل من عبادي الشكور و اللّه العالم.

(1) لتمامية اركانها فلا وجه للبطلان

(2) الظاهران الكلام بين الاصحاب في صحة الاجارة، بالنسبة الي إحداهما لا في صحة كلتا الاجارتين و كيف كان: لا اشكال في فساد كلتا الاجارتين اذا كان المقصود اجارة المستأجر نفسه لكلا الامرين فيما يكون تناف بينهما بحيث لا يمكن الجمع بينهما اذ المستأجر علي الفرض غير قادر علي كلا العملين فلا يكون مالكا لهما كي يملكهما من غيره و ترجيح احدهما علي الاخر بلا مرجح فالنتيجة بطلان كلتا الاجارتين كما ان الامر كذلك

في نظائر المقام مثلا: اذا باع زيد داره من بكر و في نفس الوقت باع داره وكيله من شخص آخر يكون كلا العقدين باطلين لعين البيان فهذا لا اشكال فيه كما انه لاشكال في صحة كلا العقدين فيما لا يكون تناف و تعاند بين الموردين و يكونان قابلين للجمع و فرضنا ان العقد مركب من كليهما فان كليهما صحيحان بلا كلام لتمامية المناط و لكن هذا ليس محلا للكلام ظاهرا.

و اما الالتزام بالصحة في إحداهما فالظاهر انه لا يمكن اذ الالتزام به يتوقف علي وقوع العقد علي إحداهما و المردد لا واقع له كي يقع مصبا للعقدان قلت: يمكن الاشارة الي متعلق العقد بالعنوان و هو ما يكون معلوما عند اللّه تعالي فلا وجه للبطلان الا الجهالة و اما الغرر فلا قلت: العلم تابع للمعلوم لا العكس فلا بد من فرض العمل كالخياطة مثلا كي يكون متعلقا لعلمه تعالي فتحقق الاجارة يتوقف علي تحقق الخياطة و الحال ان الخياطة و التزام الخياط بها متوقفة علي الاجارة و هذا دور.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 322

فلك درهم و ان خطته غدا فلك نصف درهم (1) و الفرق بين الاجارة و الجعالة ان في الاجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد و كذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض و لأجل ذلك صارت عقدا و ليس ذلك في الجعالة فان اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل ابدا و لأجل ذلك صارت ايقاعا (2).

[مسألة 7: إذا استأجره علي عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به علي خلاف القيد لم يستحق شيئا علي عمله]

(مسألة 7): اذا استأجره علي عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به علي خلاف القيد لم يستحق شيئا علي عمله (3)

فان لم يمكن العمل ثانيا تخير المستأجر بين فسخ الاجارة

______________________________

(1) فان حكم الامثال واحد و الكلام فيه هو الكلام الجاري في سابقه.

(2) كما هو ظاهر فان الاجارة من العقود و أما الجعالة فمن الايقاعات و نتعرض لها و لأحكامها إن شاء اللّه تعالي عند تعرض الماتن لها فانتظر.

(3) لعدم المقتضي للاستحقاق اذ المفروض ان ما صدر عن الاجير لا يكون موردا للإجارة و في المقام رواية رواها محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: كنت جالسا عند قاض من قضاة المدينة فاتاه رجلان فقال احدهما:

اني تكاريت هذا يوافي بي السوق يوم كذا و كذا و انه لم يفعل قال: فقال: ليس له كراء قال: فدعوته و قلت: يا عبد اللّه ليس لك ان تذهب بحقه، و قلت للاخر:

ليس لك ان تاخذ كل الذي عليه اصطلحا فترادا بينكما «1» ربما يستفاد منها خلاف القاعدة كما نقل عن حواشي ثاني الشهيدين علي روضته «2» فان المستفاد من

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب احكام الاجارة الحديث: 1

(2) جواهر الكلام ج 27 ص 230

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 323

و بين مطالبة الاجير باجرة المثل للعمل المستأجر عليه (1) فان طالبه بها لزمه اعطاؤه اجرة المثل (2) و ان امكن العمل ثانيا وجب الاتيان به علي النهج الذي وقعت عليه الاجارة (3) و اذا استأجره علي عمل بشرط بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الاجارة كما اذا استاجره علي خياطة ثوبه و اشترط عليه قراءة سورة من القرآن فخاط الثوب و لم يقرأ السورة كان له فسخ الاجارة (4) و عليه حينئذ اجرة المثل (5).

______________________________

الرواية انه يجب دفع شي ء من الاجرة و الحال ان مقتضي

القاعدة الاولية كما في المتن اما الفسخ و اما بقاء العقد بحاله و اخذ المستاجر اجرة المثل من الاجير.

(1) ما افاده علي القاعدة اذ المفروض ان ما ملكه بالاجارة لم يصل اليه و غير قابل للإيصال و بمقتضي الشرط الضمني يثبت له الخيار فيجوز له الفسخ كما انه يمكنه ان لا يفسخ و يطالب الاجير بدفع اجرة مثل العمل.

(2) اذ قد اتلف مال الغير فهو ضامن للمستأجر فيجب عليه ان يدفع اجرة المثل.

(3) اذ الاجير موظف باتيان العمل و المفروض امكانه فيجب عليه الاتيان به.

(4) لتخلف الشرط الموجب لثبوت الخيار.

(5) اذ المفروض ان عمله محترم و لم يتبرع الاجير بل قام به بلحاظ الاجارة و بعبارة اخري ان المستأجر ملك العمل في ذمة الاجير بالاجارة قبال الاجرة المسماة و المفروض ان الاجير سلم اليه مملوكه غاية الامر للمستأجر ان يفسخ العقد فاذا فسخ يجب عليه ان يدفع اجرة عمل الاجير لكون عمله محترما و الظاهران ضمان المستأجر لأجرة المثل في محل الكلام مورد الاتفاق مضافا الي ان الضمان لعله موافق للحكم العقلائي و لو لا التسالم علي المدعي لكان مجال لشبهة و هي انه باي وجه نستدل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 324

و له امضاؤها و دفع الاجرة المسماة (1) و الفرق بين القيد و الشرط ان متعلق الاجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص و أما في موارد الاشتراط فمتعلق الاجارة هو طبيعي العمل لكن الالتزام العقدي معلق علي الالتزام بما جعل شرطا (2).

______________________________

علي الضمان في صورة الفسخ اذ الموجب للضمان هي الاجارة و المفروض انهدامها بالفسخ.

و لكن الظاهر لا يمكن الالتزام بها و لا يبعدان يكون ابداء هذه الشبهة مستنكرا عند العرف

و العقلاء و يترتب علي الشبهة انه لو آجر شخص نفسه للخدمة عشر سنوات و شرط المستأجر عليه ان يقرء في كل يوم صورة التوحيد مرة فقام الاجير بالخدمة طول المدة و لكن لم يقرء السورة يجوز للمستأجر فسخ الاجارة و عدم دفع الاجرة للأجير لهذه المدة و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

(1) كما هو ظاهر اذ الفسخ جائز لا واجب فاذا لم يفسخ يجب دفع الاجرة المسماة.

(2) الامر كما ذكره اذ تارة يكون متعلق الاجارة مقيدا اذ الكلي قابل للتقييد فيستأجر الاجير للعمل المقيد كالصلاة في المسجد او قراءة القرآن في الحضرة العلوية و هكذا و اخري يكون متعلقها مطلقا غير مقيد بشي ء غاية الامر يشترط علي الاجير شيئا كقراءة القرآن مثلا و يعلق وفائه بالعقد علي تحقق ذلك الشرط ففي الحقيقة في امثال المقام تتحقق امور ثلاثة:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 324

الاول: نفس الاجارة الواقعة علي موردها ككنس الدار علي الاطلاق الثاني:

اشتراط قراءة القرآن في ضمن هذا العقد و المراد بالشرط في ضمن العقد ارتباط العقد بذلك الشرط فان الشرط بماله من المفهوم اشرب فيه الارتباط و لذا يقال

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 325

[مسألة 8: إذا استاجر منه دابة إلي «كربلا» بدرهم و اشترط له علي نفسه أنه إن أوصله نهارا أعطاه درهمين صح]

(مسألة 8): اذا استاجر منه دابة الي «كربلا» بدرهم و اشترط له علي نفسه انه ان اوصله نهارا اعطاه درهمين صح (1).

______________________________

للحبل الرابط بين الشيئين الشريط مثلا اذا شرط قراءة القران في ضمن البيع معناه تعليق البيع علي الالتزام بقراءة القرآن و هذا التعليق لا يضر بالعقد اولا لان التعليق علي الامر الموجود فعلا المعلوم تحققه عند الطرفين لا يضر

بالعقد كما لو قال البائع ان كان هذا اليوم يوم السبت بعت و كلا الطرفين يعلمان بكون اليوم يوم السبت ثانيا ان دليل بطلان التعليق مورد الاجماع و لا اجماع في امثال المقام فلا مانع من صحة العقد ثالثا اذا كان التعليق بهذا النحو مبطلا يلزم بطلان جميع الشروط الضمنية إلا شرط الخيار اذ لا يتحقق الشرط الضمني الا بهذا النحو من التعليق و كل شرط ضمني بالنحو المذكور يجب الوفاء به لقوله عليه السلام المسلمون عند شروطهم «1».

الثالث الالتزام العقدي علي تقدير العمل بالشرط و جعل الخيار علي تقدير التخلف الذي يعبر عنه بخيار تخلف الشرط فان البائع اولا يشترط في ضمن البيع قراءة القرآن علي المشتري و ثانيا يجعل الخيار علي تقدير تخلف المشتري عن هذا الشرط و جعل الخيار جائز بالتسالم عند القوم و لولاه يلزم انتفاء خيار تخلف الشرط و انتفاء جعل الخيار ابتداء و هو كما تري و هذا الذي ذكرناه بعينه يجري في الاجارة اذا عرفت ما ذكرنا تعرف ما افاده الماتن في ذيل المسألة فلاحظ.

(1) بتقريب انه فعل و عمل مباح في حد نفسه و بوقوع الشرط عليه يجب الوفاء به بمقتضي جواز الشرط و نفوذه و الظاهران هذا شرط الفعل اي مرجع الشرط الي اعطائه درهما زائدا علي ذلك التقدير فعلي تقدير حصول الشرط يكون الاجير ذا حق

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 326

و كذا العكس بأن استاجرها بدرهمين و اشترط عليه ان يعطيه درهما واحدا ان لم يوصله نهارا صح ذلك (1) أما اذا استاجرها علي أن يوصله

______________________________

علي المستأجر في اخذ الدرهم و لكن لا تكون ذمة المستأجر مشغولة بالدرهم اذ

لم يقع في الخارج ما يقتضي اشتغال ذمته و بعبارة اخري نفس الشرط ليس مشرعا و ليس من الاسباب بل لا بد و ان يكون متعلقه امرا جائزا تكليفا فيما يتعلق بفعل او وضعا فيما يتعلق بالنتيجة فعلي تقدير كون متعلق الشرط تمليك درهم من الاجير يكون الواجب عليه الحكم التكليفي و لا ضمان و اما علي تقدير تعلق الشرط بالنتيجة بأن يملكه من الان الدرهم علي ذلك التقدير يكون هذا التمليك باطلا اذ لا يدخل تحت احد العناوين المملكة فان الهبة تتعلق بالعين الخارجية و المفروض انها لم تتعلق بها نعم لو قلنا بتعلق الهبة بما في الذمة بأن تكون الهبة موجبة لاشتغال الذمة بالموهوب امكن تصور الاشتراط علي نحو شرط النتيجة و جواز هبة ما هو ثابت في الذمة من غير من هو عليه لا يستلزم جوازها في المقام كما هو الظاهر عند التأمل.

(1) تارة يقع الكلام في حكم هذه الصورة بحسب القواعد و اخري يقع الكلام فيها من حيث ورود النص الخاص اما الكلام فيها من الحيثية الاولي فيشكل الالتزام بالصحة اذ المفروض انه آجره بدرهمين ففي فرض عدم العمل بالشرط نسأل بان المستاجر هل يكون ضامنا لتمام الاجرة أم لا اما علي الاول فاي موجب اوجب عدم تسليم الاجرة بتمامها و اما علي الثاني فما هو الموجب لعدم الاشتغال مع ان الاجارة وقعت علي الفرض علي درهمين.

و بعبارة اخري ان المستأجر بعد فرض اشتغال ذمته بمقتضي الاجارة بدرهمين فما يكون سببا لسقوط درهم من ذمته ان قلنا بسقوطه و ان لم نقل بسقوطه فما يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 327

نهارا بدرهمين او ليلا بدرهم بحيث تكون الاجارة علي احد الامرين مرددا

بينهما فالاجارة باطلة (1).

[مسألة 9: إذا استاجره علي أن يوصله الي «كربلاء» و كان من نيته زيارة النصف من شعبان]

(مسألة 9): اذا استاجره علي أن يوصله الي «كربلاء» و كان من نيته زيارة النصف من شعبان و لكن لم يذكر ذلك في العقد و لم تكن قرينة علي التعيين استحق الاجرة و ان لم يوصله ليلة النصف من شعبان (2).

______________________________

المجوز في الامساك عن الاداء مع لحاظ ان الشرط بنفسه لا يكون مشرعا.

و اما بلحاظ الحيثية الثانية اي بلحاظ النص الخاص فقد وردت رواية في المقام و هي ما رواه محمد الحلبي قال كنت قاعدا الي قاض و عنده ابو جعفر عليه السلام جالس فجائه رجلان فقال احدهما: اني تكاريت ابل هذا الرجل ليحمل لي متاعا الي بعض المعادن فاشترطت عليه ان يدخلني المعدن يوم كذا و كذا لأنها سوق اخاف ان يفوتني فان احتبست عن ذلك حططت من الكراء لكل يوم احتبسته كذا و كذا و انه حبسني عن ذلك اليوم كذا و كذا يوما فقال القاضي هذا شرط فاسد وفه كراه فلما قام الرجل اقبل إلي ابو جعفر عليه السلام فقال شرط هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه «1» تدل علي صحة هذا الشرط و مع النص لا كلام كما هو ظاهر.

(1) قد مر الكلام مفصلا في المردد فراجع.

(2) الامر كما افاده فان الدواعي القلبية و الارادات النفسية لا توجب تاثيرا في متعلق الاجارة و المفروض ان متعلق الاجارة هو الايصال الي كربلاء و قد تحقق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب احكام الاجارة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 328

[فصل و فيه مسائل]

اشارة

فصل و فيه مسائل

[مسألة 10: الإجارة من العقود اللازمة لا يجوز فسخها]

(مسألة 10) الاجارة من العقود اللازمة لا يجوز فسخها (1).

الا بالتراضي بينهما أن يكون للفاسخ الخيار (2).

______________________________

(1) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و نقل عليه الاجماع و يدل علي المدعي عموم وجوب الوفاء بالعقود و منها الاجارة مضافا الي بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن يقطين قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الرجل يتكاري من الرجل البيت او السفينة سنة او اكثر من ذلك او أقلّ قال: الكراء لازم له الي وقت الذي تكاري اليه و الخيار في اخذ الكراء الي ربها ان شاء اخذ و ان شاء ترك «1».

و لاحظ ما رواه اليقطيني انه كتب الي ابي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام في رجل دفع ابنه الي رجل و سلمه منه سنة باجرة معلومة ليخيط له ثم جاء رجل فقال: سلم ابنك مني سنة بزيادة هل له الخيار في ذلك؟ و هل يجوز له ان يفسخ ما وافق عليه الاول أم لا؟ فكتب عليه السلام يجب عليه الوفاء للأول ما لم يعرض لابنه مرض او ضعف «2».

اضف الي ذلك انه لو كانت الاجارة من العقود الجائزة لشاع و ذاع لكثرة الابتلاء بها في جميع الاعصار و الامصار فلاحظ.

(2) ان اتم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل الالتزام بجريان الاقالة في الاجارة كالبيع و ربما يستدل علي جريانها بأن حقيقة المعاقدة متقومة بالتزام الطرفين فمع رفع اليد عنها لا يبقي العقد و فيه اولا ان لازم هذا الكلام جواز الفسخ من

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب احكام الاجارة الحديث 1

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب احكام الاجارة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 329

______________________________

الطرف الواحد و بعبارة اخري

هذا الكلام يستلزم عدم لزوم الاجارة و ثانيا ان معني اللزوم حكم الشارع ببقاء العقد و عدم زواله بالفسخ و التقايل.

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اربعة ينظر اللّه عز و جل اليهم يوم القيامة: من اقال نادما، او اغاث لهفان، او اعتق نسمة، او زوج عزبا «1».

و هذه الرواية ضعيفة بحمزة بن محمد العلوي اللهم الا ان يقال انه لو قلنا بجواز جعل الخيار لأحد الطرفين من اول الامر فجواز الاقالة بالاولوية اذا الفسخ الناشي من جعل الخيار رفع اليد عن العقد من جانب واحد فاذا كان هذا جائزا بمقتضي جعله من اول الامر بالاشتراط فجواز الاقالة بالاولوية اذ الاقالة مرجعها الي رفع اليد عن العقد من الجانبين انما الاشكال في جعل الخيار باشتراطه في ضمن العقد و منشأ الاشكال انه يستفاد من كلامهم «2» انهم استندوا في جوازه الي نفوذ الشرط و الحال ان الشرط لا بد أن يكون في الرتبة السابقة امرا موافقا للشرع و لولاه لا يجوز الاشتراط و عليه يكون اثبات الجواز بدليل الشرط دوريا.

و ان شئت قلت: جعل الخيار ان كان جائزا و معلوما من الشرع فلا وجه للاستدلال لجوازه بدليل الشرط و ان كان عدم جوازه معلوما من الخارج فالامر أوضح و ان كان جوازه مشكوكا فيه لا يمكن الاستدلال علي جوازه بدليل الشرط اذ التمسك بالعام غير جائز في الشبهة المصداقية بل يمكن احراز عدم جوازه باستصحاب عدم تجويز الشارع هذا الخيار فبالاستصحاب يحرز انه غير قابل للاشتراط.

و ببالي انا قد اوردنا هذا الاشكال علي جعل الخيار في البيع و عرضناه علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من

أبواب آداب التجارة الحديث: 5

(2) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 160

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 330

و الاظهر ان الاجارة المعاطاتية أيضا لازمة (1).

______________________________

سيدنا الاستاد فأجاب بأنه يمكن احراز جوازه بجواز الاقالة و هذا الوجه غير تام اذ الاقالة فسخ من الطرفين و قد دل الدليل علي جوازها في البيع و علي تقدير تمامية هذا البيان في البيع غير تام في المقام لعدم دليل علي جوازها في الاجارة و صفوة القول ان مرجع جعل الخيار الي جعل حق لمن له الخيار و جوازها من قبل الشارع و جعله اول الكلام بل محرز العدم بالاستصحاب فلا مجال للاستدلال عليه بدليل الشرط فلاحظ فلا بد من التشبث بذيل عناية الاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم عليه السلام فان مثل هذا الاجماع يكون من الادلة الشرعية و يمكن أن يقال ان جعل الخيار عند تخلف الوصف امر عقلائي و قد امضاه الشارع فتأمل.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالسيرة الجارية بين العقلاء و المتشرعة بلا نكير فان هذه السيرة لو لم تكن ممضاة من قبل الشارع لعلم بدليل و لا دليل علي الردع و بعبارة اخري يمكن كشف الامضاء من عدم دليل علي الردع و إلا لشاع و ذاع مع كثرة الابتلاء و عموم البلوي فلاحظ.

(1) فان مقتضي اطلاق الادلة عدم الفرق بين العقد اللفظي و الفعلي بل مقتضي العموم الوضعي المستفاد من وجوب الوفاء بالعقود كذلك فلا بد في رفع اليد عن العموم من وجود مخصص و ما يمكن ان يستدل به علي التخصيص ما ورد في بعض النصوص من حصر المحرم في الكلام و من تلك النصوص ما رواه الحلبي قال:

سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل

يزرع الارض فيشترط للبذر ثلثا و للبقر ثلثا قال: لا ينبغي ان يسمي شيئا فانما يحرم الكلام «1».

بدعوي ان المستفاد من الرواية ان المحرم منحصر بالكلام. و فيه: ان مدلول الرواية لا يرتبط بالمقام فان المراد منه و لو بقرينة بقية النصوص ان ذكر المقدار

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المزارعة و المسافاة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 331

[مسألة 11: إذا باع المالك العين المستاجرة قبل تمام مدة الإجارة لم تنفسخ الإجارة]

(مسألة 11): اذا باع المالك العين المستاجرة قبل تمام مدة الاجارة لم تنفسخ الاجارة بل تنتقل العين الي المشتري مسلوبة المنفعة مدة الاجارة (1) و اذا كان المشتري جاهلا بالاجارة أو معتقدا قلة المدة فتبين زيادتها كان له فسخ البيع (2) و ليس له المطالبة بالارش (3) و اذا فسخت الاجارة رجعت المنفعة الي البائع (4) و لا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الاجارة بالبيع بين أن يكون البيع علي المستاجر و غيره (5).

[مسألة 12: إذا باع المالك العين علي شخص و آجرها وكيله]

(مسألة 12): اذا باع المالك العين علي شخص و آجرها وكيله

______________________________

بهذا النحو ممنوع و لا بد من ذكره بعنوان الثلث او النصف و نحوهما و ان كانت النتيجة واحدة فلاحظ.

(1) اذ لا وجه للانفساخ فان الثمن مقابل العين و المفروض انها انتقلت الي المشتري بالبيع غاية الامر تكون مسلوبة المنفعة.

(2) للشرط الضمني الارتكازي هذا اذا كان جاهلا و اما مع العلم فقد اقدم علي اشتراء العين بلا منفعة في مدة الاجارة و مع اقدامه عالما لا يبقي موضوع للخيار و لا يخفي ان الالتزام بالخيار بعد غمض النظر عن الاشكال المتقدم و هو ان جعل الخيار يحتاج الي قيام دليل عليه و لا يمكن اثباته بدليل جواز الشرط.

(3) لعدم الدليل عليه فان الارش في باب البيع قد ثبت بالدليل الخاص.

(4) كما هو مقتضي القاعدة.

(5) لوحدة حكم الامثال.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 332

مدة معينة علي شخص آخر و اقترن البيع و الاجارة زمانا بطلت الاجارة و صح البيع مسلوب المنفعة مدة الاجارة و يثبت الخيار حينئذ للمشتري (1).

[مسألة 13: لا تبطل الإجارة بموت المؤجر و لا بموت المستاجر]

(مسألة 13): لا تبطل الاجارة بموت المؤجر و لا بموت المستاجر (2).

______________________________

(1) بتقريب: ان الاجارة تقتضي انتقال المنفعة الي المستأجر و البيع يقتضي انتقالها الي المشتري بتبع العين فيقع التزاحم بين الامرين و لا ترجيح لأحدهما علي الاخر فيسقط كل واحد منهما فالنتيجة هو انتقال المبيع الي المشتري بلا منفعة و يترتب عليه خيار الفسخ لتخلف الوصف الموجب لثبوت الخيار.

و فيه: ان الاجارة تقتضي انتقال المنفعة الي المستأجر و أما البيع فلا يقتضي انتقالها الا بتبع العين فان المبيع اذا كان ذا منفعة ينتقل الي المشتري مع تلك المنفعة و أما مع عدم المنفعة فلا موضوع للتبعية و

ان شئت قلت: ما لا اقتضاء له لا يعارض ما فيه الاقتضاء فالحق أن يقال: يصح البيع و الاجارة غاية الامر يثبت للمشتري الخيار علي ما هو المقرر عندهم فلاحظ.

(2) لعدم المقتضي للبطلان فان الاجارة بحالها و ربما يقال بالبطلان بموت الموجر استنادا الي رواية ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام و سألته عن امرة آجرت ضيعتها عشر سنين علي أن تعطي الاجارة «الاجرة خ ل» في كل سنة عند انقضائها لا يقدم لها شي ء من الاجارة «الاجرة خ ل» ما لم يمض الوقت فماتت قبل ثلاث سنين أو بعدها هل يجب علي ورثتها انفاذ الاجارة الي الوقت أم تكون الاجارة منقضية بموت المرأة؟ فكتب: ان كان لها وقت مسمي لم يبلغ فماتت فلو رثتها تلك الاجارة فان لم تبلغ ذلك الوقت و بلغت ثلثه أو نصفه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 333

حتي اذا استاجر دارا علي أن يسكنها بنفسه فمات (1) و اذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل مضي زمان يتمكن فيه من العمل فانها تبطل (2) و كذا اذا آجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة فانقرضوا قبل انتهاء مدة الاجارة (3) و اذا آجرها البطن السابق ولاية منه علي العين لمصلحة البطون جميعها لم تبطل بانقراضه (4) و كذا اذا آجر نفسه للعمل بلا قيد المباشرة فانها لا تبطل بموته اذا كان متمكنا منه و لو بالتسبيب (5) و يجب حينئذ اداء العمل من تركته كسائر الديون (6).

______________________________

أو شيئا منه فتعطي ورثتها بقدر ما بلغت من ذلك الوقت ان شاء اللّه «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها علي المدعي.

(1) بمعني

انه يشترط عليه أن يسكن الدار بنفسه فانه بمقتضي الشرط لا يجوز له اسكان الغير و لا وجه للبطلان بعد موته.

(2) اذ المفروض ان المؤجر لا بد أن يكون مالكا للمنفعة كي يمكنها تمليكها من الغير و المفروض في المقام انه لم يكن مالكا لها فلا تصح الاجارة.

(3) لعين الملاك اذ بالانقراض يكشف عدم كونهم مالكين للمنفعة فلا موضوع للإجارة و صحتها.

(4) لصدور الاجارة من أهلها فلا وجه للبطلان.

(5) اذ المفروض قدرته علي القيام بمورد الاجارة فتصح.

(6) فانه من ديونه فيجب الاداء و الظاهر من عبارة المتن انه يجب اداء نفس الفعل و للنقاش فيه مجال فانه اي دليل أوجب اداء نفس الفعل علي الورثة فان

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب أحكام الاجارة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 334

[مسألة 14: إذا آجر الولي مال الصبي في مدة تزيد علي زمان بلوغه صح]

(مسألة 14): اذا آجر الولي مال الصبي في مدة تزيد علي زمان بلوغه صح (1) و اذا آجر الولي الصبي كذلك ففي صحتها في الزيادة اشكال (2) حتي اذا قضت ضرورة الصبي بذلك (3).

______________________________

الدليل دل علي أن الارث بعد الدين و الوصية و من الظاهر انه لا يكون دين الميت و هو الفعل في المقام علي نحو الشركة في التركة بالاشاعة فانه غير معقول كما انه ليس علي نحو الكلي في المعين اذ الشركة بذلك النحو يتصور في الجنس الواحد الشامل لكل واحد من أفراده كصاع من الصبرة حيث يصدق علي كل صاع صاع بل الشركة في المقام علي نحو الشركة في المالية فان المستأجر شريك فيما تركه الميت بهذا المقدار فباي دليل نستدل علي وجوب اداء الفعل عليهم الا أن يقال: بأن مقتضي الكتاب و السنة ان الارث بعد الدين و المفروض ان دينه الفعل الكذائي

فما دام لم يدفع الدين اي الفعل الخاص لا يجوز التصرف فيما ترك للوارث فيجب اداء نفس الفعل و لتفصيل البحث مجال آخر.

(1) فانه مقتضي ولايته علي ماله فكما يجوز له أن يبيع داره اذا كان البيع مصلحة له كذلك يجوز اجارة أمواله مدة تشتمل زمان بلوغه فان الصحة علي القاعدة ظاهرا.

(2) لعدم الدليل علي ولايته عليه بالنسبة الي ما بعد بلوغه و ان شئت قلت: فرق بين الولاية علي مال الصبي و بين الولاية علي البالغ فان التصرف في ماله مع المصلحة جائز و أما التصرف في نفسه بالنسبة الي زمان بلوغه فلا دليل عليه فلا تصح الاجارة.

(3) فان الضرورة لا تقتضي سعة دائرة ولاية الولي نعم ريما يقال- كما في

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 335

[مسألة 15: إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها لم تبطل الإجارة]

(مسألة 15): اذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها لم تبطل الاجارة و ان كانت الخدمة منافية لحق الزوج (1) و اذا آجرت نفسها بعد التزويج توقفت صحة الاجارة علي اجازة الزوج فيما ينافي حقه (2) و نفذت الاجارة فيما لا ينافي حقه (3).

______________________________

كلام سيدنا الاستاد- «1» «بأنه لو اقتضت الضرورة يدخل المقام في الامور الحسبية و المرجع فيها الحاكم الشرعي و يجوز له التصدي اذ هو الولي العام في الامور».

و ما أفاده لا يختص بالمقام بل هذا الملاك جار في جميع الموارد و يترتب عليه انه لو اقتضت الضرورة ان زيدا يطلق زوجته و لا يطلق يجوز أن يطلق الحاكم زوجته مع ان الطلاق بيد من أخذ بالساق و اذا وصلت النوبة الي هنا و قلنا بالولاية للحاكم بهذا المقدار فنقول: مقتضي هذا البيان أن يكون للحاكم تغيير الاحكام من حيث شرائطها و مواردها

و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم و ما الفرق بين طلاق الحاكم زوجة زيد بلا اذنه و وكالته و بين الحكم بطهارة المحل النجس بلا تطهيره بالمطهر؟

و من اين يثبت هذه الولاية للحاكم؟

(1) اذ حين الاجارة كانت مختارة بالنسبة الي نفسها فالاجارة وقعت من اهلها و في محلها و الزواج وقع علي المرأة التي تكون مسلوبة المنفعة.

(2) بتقريب: انها داخلة في الفضولي فلا تصح الا باذن الزوج و يشكل بأن الرضا المتأخر من الزوج لا يغير ما وقع عما هو عليه فاذا وقع فاسدا فكيف يصح لكن قد تقدم في بحث الفضولي في كتاب البيع جوازه بالنص الخاص فراجع.

(3) لوجود المقتضي و عدم المانع فتصح.

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 140

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 336

[مسألة 16: إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه قبل انتهاء مدة الإجارة لم تبطل الإجارة]

(مسألة 16): اذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه قبل انتهاء مدة الاجارة لم تبطل الاجارة (1) و تكون نفقته في كسبه ان أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة (2) و ان لم يمكن فعلي المسلمين كفاية (3).

[مسألة 17: إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيبا]

(مسألة 17): اذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيبا فان كان عالما به حين العقد فلا أثر له (4) و ان كان جاهلا به فان كان موجبا لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار قسطت الاجرة و رجع علي المالك بما يقابل المنفعة الفائتة و له فسخ العقد من أصله (5) هذا اذا لم يكن الخراب قابلا للانتفاع و لو بغير السكني

______________________________

(1) لعدم وجه للبطلان.

(2) اذ المفروض انه يمكنه الاكتساب و الارتزاق فعليه حفظ نفسه و تعيشه.

(3) فان حفظ النفس المحترمة واجب كفاية و لكن لا يبعد ان يكون الوجوب الكفائي المذكور بعد عدم امكانه اعطائه من بيت المال و حيث ان المسألة ليست محلا للابتلاء فلا وجه لإطالة الكلام فيها و تطويلها.

(4) اذ مع العلم اقدم فلا خيار له كما انه لا مجال لسقوط الاجرة بالنسبة اذ مع العلم اقدم علي استيجار العين علي هذه الحالة و الصفة.

(5) نظير تبعّض الصفقة في المبيع و لكن الظاهر ان هذا الحكم يختص بمورد يكون التقسيط ملحوظا كما هو كذلك في اجارة الفنادق و المساكن المعدة لنزول الزوار و المسافرين و اما ان لم يكن كذلك فلا مجال للتقسيط بل يثبت الخيار فقط بمقتضي الاشتراط الارتكازي و لا يبعد ان يقال بفساد الاجارة في هذا الفرض لانتفاء

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 337

و الا لم يكن له الاخيار العيب (1) و ان كان العيب موجبا لعيب في

المنفعة مثل عرج الدابة كان له الخيار في الفسخ (2) و ليس له مطالبة الارش (3) و ان لم يوجب العيب شيئا من ذلك لكن يوجب نقص الاجرة كان له الخيار (4) و لا ارش (5) و ان لم يوجب ذلك أيضا فلا خيار و لا أرش (6) هذا كانت العين شخصية أما اذا كان كليا و كان المقبوض معيبا كان له المطالبة بالصحيح (7) و لا خيار في الفسخ (8 و اذا تعذر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد (9. و اذا وجد

______________________________

مورد الاجارة علي الفرض.

(1) لم يظهر لي وجه هذا التفصيل اذ لو وقعت الاجارة علي السكني فلا اثر لقابلية المكان لانتفاع منفعة اخري و اذا كانت الاجارة لمطلق الانتفاع فلا وجه للتقسيط بل يثبت الخيار فقط الا ان يقال: بأن محل الكلام ما لو وقعت الاجارة في قبال مطلق الانتفاع و علي هذا التقدير لو كان الخراب لا يكون قابلا للسكني بل يكون قابلا للانتفاع منه نفعا آخر غير السكني لم يكن موقع للتقسيط و اما اذا لم يكن قابلا للانتفاع علي الاطلاق فالتقسيط في محله.

(2) لأجل الاشتراط الارتكازي.

(3) لعدم الدليل عليه فان جواز مطالبة الارش تتوقف علي قيام دليل خاص.

(4) فانه مغبون و يكون له خيار الغبن.

(5) كما مر آنفا مع وجهه.

(6) لعدم المقتضي لا للخيار و لا للأرش فلاحظ.

(7) اذا المفروض ان مورد الاجارة كلي و قابل للانطباق علي فرد آخر فيطالبه بدفعه.

(8) لعدم موجب له.

(9) للاشتراط الضمني.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 338

المؤجر عييا في الاجرة و كان جاهلا به كان له الفسخ و ليس له المطالبة بالارش و اذا كانت الاجرة كليا فقبض فردا معيبا منها فليس له

فسخ العقد بل له المطالبة بالصحيح فان تعذر كان له الفسخ (1).

[مسألة 18: يجري في الإجارة خيار الغبن و خيار الشرط حتي للأجنبي]

(مسألة 18): يجري في الاجارة خيار الغبن و خيار الشرط حتي للأجنبي (2) و خيار العيب و خيار تخلف الشرط و تبعض الصفقة و تعذر التسليم (3) و التفليس (4) و التدليس و الشركة و خيار شرط رد العوض

______________________________

(1) الكلام فيه هو الكلام بلا فرق فلاحظ.

(2) اذ جريان هذين الخيارين و امثالهما في البيع ليس بلحاظ دليل خاص بل المدرك في ثبوتهما الاشتراط الضمني الارتكازي و بعبارة اخري: بعد البناء علي جواز جعل الخيار شرعا يثبت الخيار بالشرط الارتكازي الذي يكون في قوة الذكر و بعبارة واضحة يكون مقدرا في الكلام و لكن الانصاف ان الجزم بالجواز بالنسبة الي جعله للأجنبي في غاية الاشكال بل لا وجه له.

(3) فان الميزان الكلي في الجريان و عدمه ان الخيار ان كان من باب الاشتراط الضمني فلا فرق بين البيع و الاجارة لوحدة المناط و تحقق الاشتراط في كلا المقامين كخيار العيب و اشباهه و ان كان لدليل خاص كخياري المجلس و الحيوان فلا يجري في الاجارة لاختصاصهما بالبيع بمقتضي دليليهما.

(4) ادعي عليه عدم الخلاف و ربما يستدل عليه- كما في كلام سيدنا الاستاد- بما رواه عمر بن يزيد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يركبه الدين فيوجد متاع رجل عنده بعينه قال: لا يحاصه الغرماء «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الحجر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 339

نظير شرط رد الثمن (1) و لا يجري فيها خيار المجلس و لا خيار الحيوان (2).

[مسألة 19: إذا حصل الفسخ في عقد الإيجار ابتداء المدة فلا إشكال]

(مسألة 19): اذا حصل الفسخ في عقد الايجار ابتداء المدة فلا اشكال (3) و اذا حصل اثناء المدة فالاقوي كونه موجبا لانفساخ العقد في جميع المدة فيرجع المستأجر بتمام المسمي

و يكون للمؤجر اجرة المثل بالنسبة الي ما مضي (4).

______________________________

بتقريب ان المستفاد من الحديث باطلاقه شمول الحكم للإجارة. و الانصاف ان شمول الرواية للإجارة محل الاشكال فان الظاهر من الرواية بيان حكم مورد يكون قابلا للمحاصة و الحال ان العين المستأجرة مملوكة للموجر فلا مجال للمحاصة.

(1) قد تقدم وجهه و قلنا ان المنشأ للخيار الاشتراط الارتكازي.

(2) لما ذكرنا من اختصاص الدليل بمورده و هو البيع.

(3) كما هو ظاهر اذ المفروض ان له الخيار فيفسخ العقد من اول المدة فيرجع كل من العوضين الي مالكه الاولي.

(4) قال سيدنا الاستاد: «هذا الحكم المنسوب الي المشهور اعني الصحة فيما مضي المستتبعة لاستحقاق المسمي و اختصاص الفسخ بما بقي مبني علي القول بأن الفسخ انما يؤثر من حينه و هذا و ان كان صحيحا في الجملة بمعني ان الانفساخ انما يحكم به من حين تحقق الفسخ و إنشائه خارجا فلا اثر قبل حدوثه فانه سالبة بانتفاء الموضوع الا ان الكلام في ان تأثيره هل هو من الان فيترتب عليه انحلال العقد من حين صدور الفسخ اوانه من الاصل و مبدء انعقاد العقد بحيث يفرض العقد الواقع كأنه لم يكن و نتيجته استرجاع تمام الاجرة المسماة و هذا هو الاظهر لما عرفت فيما مر من ان مرجع جعل الخيار اما مطلقا او مشروطا بحصول شي ء الي ان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 340

______________________________

التزامه باصل العقد منوط و معلق علي عدم الفسخ اما معه فلا يلتزم به من الاول.

و عليه فاذا فرضنا حصول سبب الفسخ و قد فسخ المستأجر خارجا فمعناه انه لم يكن ملتزما بالعقد الموجود بينهما من لدن حدوثه فالانشاء و ان كان من الان الا ان اثره من الاول

فالتأخر انما هو في إنشاء الفسخ و ابراز حل العقد و هذا نظير الاجازة في العقد الفضولي فان الامضاء و ان كان متأخرا الا ان متعلقه هو البيع السابق فمن الان يحكم بصحة ما وقع في ظرفه فلا جرم يترتب الاثر عليه من الاول.

و عليه فبعد الفسخ يفرص العقد كان لم يكن و نتيجته استرجاع تمام الاجرة المسماة كما عرفت و لزوم رد المستأجر اجرة المثل للمنافع السابقة بعد امتناع استردادها بانفسها و عدم ذهاب مال المسلم هدرا فمثلا لو كان المستأجر مغبونا ففسخ من اجل تخلف الشرط الضمني الارتكازي الذي هو المستند الصحيح في ثبوت هذا الخيار لا قاعدة نفي الضرر و غيرها مما هي مخدوشة برمتها حسبما ذكر في محله فالفسخ المزبور علي القول المشهور انما يؤثر في استرجاع الاجرة في المدة الباقية فلو استأجر الدار سنة كل شهر بمائة فتبين بعد سنة اشهر ان قيمتها العادلة كل شهر بخمسين يسترجع بعد فسخه اجرة الستة اشهر الباقية.

و اما علي المختار فيفسخ العقد من اصله و يسترجع تمام الاجرة المسماة بكاملها و يرد إلي الموجر اجرة المثل للستة اشهر الماضية فان هذا هو مقتضي فرض العقد المزبور في عالم الاعتبار كأنه لم يقع بينهما و منه تعرف ان ما ذكره في المتن من قوله قده: «و يحتمل قريبا … الخ» هو المتعين الذي لا ينبغي التردد فيه نعم في خصوص شرط الخيار فيما لو استأجر دارا مثلا و شرط لنفسه الخيار متي شاء لا يبعد قيام الارتكاز العرفي علي ارادة اختصاص الفسخ بالمدة الباقية دون ما مضي فان الفسخ من الاصل علي خلاف البناء العرفي و الديدن الجاري بينهم في هذا

مباني منهاج الصالحين، ج 8،

ص: 341

______________________________

الخيار خاصة كما لا يخفي اذا العقد سنة مثلا ينحل في الحقيقة الي عقود في شهور و شرط الخيار الناشي غالبا من التردد في الاستمرار لاحتمال سفر او شراء دار و نحو ذلك من دواعي جعل الخيار ناظر بحسب فهم العرف بمقتضي مرتكز اتهم الي التمكن من الفسخ في بقية المدة مع البناء منهم علي امضاء ما مضي كما مضي و اما في غير هذا النوع من الخيار مثل ما تقدم من خيار الغبن فالظاهر ان مقتضي الفسخ انحلال العقد من اصله حسبما ما عرفت» «1».

و ما افاده مبني علي ما اختاره من ان جعل الخيار مرجعه الي ان الالتزام بالعقد منوط و معلق علي عدم الفسخ و مع الفسخ يكشف عن عدم الالتزام بالعقد و مع فرض عدم الالتزام بالعقد لا مجال للصحة بالنسبة الي بعض المدة فهذا اساس ما افاده في المقام و الظاهر انه غير تام فان العقد غير معلق علي عدم الفسخ بل العقد يتحقق علي الاطلاق و لو مع العلم بالفسخ و لا تنافي بين الامرين اذ الفسخ رفع للأمر الثابت.

و ان شئت قلت: الفسخ يتوقف علي بقاء العقد و تحققه و ثبوته فكيف يمكن ان يكون العقد معلقا علي عدمه؟ و بعبارة واضحة: كيف يعقل ان يكون العقد متوقفا علي عدم الفسخ و الحال ان الفسخ متوقف علي العقد فما افاده غير تام.

و قال في العروة: «اذا حصل الفسخ في اثناء المدة باحد اسبابه تثبت الاجرة المسماة بالنسبة الي ما مضي و يرجع منها بالنسبة» الخ.

و قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام في جملة كلام له: «بل يظهر من كلماتهم انه من المسلمات و قد ادعي

بعض الاعيان ظهور اتفاقهم عليه» «2».

و الحق ما افاده سيد العروة قدس سره فان الفسخ من الحين كما ان الامر كذلك

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 178- 180

(2) مستمسك العروة ج 12 ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 342

[فصل و فيه مسائل]

اشارة

فصل و فيه مسائل:

اذا وقع عقد الاجارة ملك المستأجر المنفعة في اجارة الاعيان و العمل في الاجارة علي الاعمال بنفس العقد و كذا المؤجر و الاجير يملكان الاجرة بنفس العقد (1) لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة أو العمل الا في حال تسليم الاجرة و ليس للأجير و المؤجر المطالبة بالاجرة الا في حال تسليم المنفعة (2) و يجب علي كل منهما تسليم ما عليه تسليمه (3) الا اذا كان الاخر ممتنعا عنه (4) و تسليم المنفعة يكون بتسليم العين و تسليم العمل فيما لا يتعلق بالعين باتمامه و فيما يتعلق بالعين يكون بتسليم العين بمعني التخلية بينها و بين المالك مع اتمام

______________________________

في البيع فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر فان الاجارة تمليك المنفعة بالاجارة و المفروض تحققها فيترتب عليها انتقال كل من العوضين الي الطرف الاخر. و بعبارة اخري: العقد و المعاوضة يقتضيان انتقال كل من العوضين الي المقابل كالبيع المقتضي لانتقال العين الي المشتري و الثمن الي البائع و في المقام عقد الاجارة يقتضي انتقال المنفعة الي ملك المستأجر و الاجرة الي ملك الموجر.

(2) بمقتضي الشرط الارتكازي.

(3) اذ يجب علي كل احد تسليم ما عليه و اداء دين يكون في رقبته.

(4) فلا يجب باعتبار الاشتراط الضمني العقلائي.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 343

العمل فيها (1) و ليس للأجير المطالبة بالاجرة قبل اتمام العمل الا اذا كان قد اشترط تقديم الاجرة صريحا أو كانت العادة جارية علي ذلك (2)

و كذا ليس للمستأجر المطالبة بالعين المستأجرة أو العمل المستأجر عليه مع تأجيل الاجرة الا اذا كان قد شرط ذلك و ان كان لأجل جريان العادة عليه (3) و اذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الاجرة جاز للمستأجر اجباره علي تسليم العين (4) كما جاز له الفسخ و أخذ الاجرة اذا كان قد دفعها (5) و له ابقاء الاجارة و المطالبة بقيمة المنفعة الفائتة (6) و كذا اذا دفع المؤجر العين ثم أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة (7) و مع الفسخ في الاثناء يرجع بتمام الاجرة (8).

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) اذ المفروض انه لم يسلم ما عليه فلا يستحق المطالبة الا في صورة اشتراط التقديم فله المطالبة بمقتضي الاشتراط الصريح أو بلحاظ القرينة العامة و العادة الخارجية او القرينة الخاصة.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

(4) فان جواز الاجبار علي تسليم الحق أمر واضح.

(5) بمقتضي الخيار المجعول بالشرط الضمني.

(6) اذ الفسخ ليس واجبا فاذا لم يفسخ له المطالبة بقيمة المنفعة التالفة فان من أتلف مال الغير فهو له ضامن فله اجبار الطرف باداء القيمة.

(7) لعين الملاك.

(8) اذ بالفسخ ينحل العقد من الاصل علي ما هو الحق فيتحقق تمام الاجرة بالفسخ

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 344

و عليه اجرة المثل لما مضي (1) و كذا الحكم فيما اذا امتنع المستأجر من تسليم الاجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة (2).

[مسألة 20: إذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الأجير فتلفت العين بعد تمام العمل قبل دفعها إلي المستأجر من غير تفريط]

(مسألة 20): اذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الاجير فتلفت العين بعد تمام العمل قبل دفعها الي المستأجر من غير تفريط استحق الاجير المطالبة بالاجر فاذا كان أجيرا علي خياطة ثوب فتلف بعد الخياطة و قبل دفعه الي

المستأجر استحق الاجير مطالبة الاجرة (3) فاذا كان الثوب مضمونا علي الاجير استحق عليه المالك قيمة الثوب مخيطا و الا لم يستحق عليه شيئا (4) و يجوز للأجير

______________________________

فيرجع كل من العوضين الي مالكه و بعبارة اخري: ينحل عقد الاجارة بالفسخ فكأنه لم تقع الاجارة فيرجع كل من العوضين الي مالكه لكن حيث ان رجوع المنفعة غير معقول تصل النوبة الي البدل فلاحظ.

(1) اذ فرض انتفاعه بمال الغير لا مجانا فيكون ضامنا لأجرة المثل علي ما هو المقرر.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) اذ المفروض ان العمل المستأجر عليه الخياطة مثلا و جعل الثوب مخيطا و قد حصل و تحقق في الخارج فيستحق الاجرة علي القاعدة و بعبارة اخري: ان ما علي الاجير ايجاد صفة خاصة في العين كجعل الثوب مخيطا و المفروض تحقق الفعل و العمل اللازمين عليه فلا مانع من الاستحقاق و من ناحية اخري فرض انه ليس ضامنا كما لو كان التلف بافة سماوية بغير تفريط من الاجير.

(4) الامر كما أفاده لان المفروض ان العين موصوفة بهذه الصفة مملوكة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 345

بعد اتمام العمل حبس العين الي أن يستوفي الاجرة (1) و اذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن (2).

[مسألة 21: إذا تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدة بطلت الإجارة]

(مسألة 21): اذا تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدة بطلت الاجارة فان كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل لم يستحق المالك علي المستأجر شيئا (3) و ان كان بعد القبض بمدة كان للمستأجر الخيار في فسخ الايجار (4) فان فسخ رجع علي المؤجر بتمام الاجرة المسماة و عليه للموجر اجرة المثل بالنسبة الي المدة الماضية (5) و ان لم يفسخ قسطت الاجرة علي النسبة و كان للمالك حصة

من الاجرة علي نسبة المدة (6) هذا اذا تلفت العين بتمامها و أما اذا تلف بعضها

______________________________

لمالكها فعلي تقدير الضمان يكون الاجير ضامنا للثوب المخيط مثلا و علي فرض عدم الضمان يتحقق اجرته بلا ثبوت شي ء عليه اما استحقاق الاجرة فلأجل القيام بما عليه من العمل و ايجاده في الخارج و اما عدم الضمان فلعدم موجبه.

(1) بمقتضي الشرط الضمني.

(2) لكونه مأذونا في الحبس و عدم الدفع فلا تكون يده يد ضمان فلا ضمان.

(3) فان تلف العين يكشف عن عدم كون المالك مالكا للمنفعة فلا موضوع لتمليك المنفعة و ان شئت قلت: يكشف التلف عن بطلان الاجارة من اول الامر.

(4) للتبعض.

(5) اذ الانحلال بالفسخ من الاصل فيستحق مطالبة تمام الاجرة غاية الامر يكون ضامنا للمالك بالنسبة الي تلك المدة اجرة المثل.

(6) الامر كما افاده فان التقسيط مع عدم الفسخ علي القاعدة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 346

و لم يمكن الانتفاع به تبطل الاجارة بنسبته من اول الامر أو في أثناء المدة و يثبت الخيار للمستأجر حينئذ أيضا (1).

[مسألة 22: إذا قبض المستأجر العين المستأجرة و لم يستوف منفعتها حتي انقضت مدة الإجارة]

(مسألة 22): اذا قبض المستأجر العين المستأجرة و لم يستوف منفعتها حتي انقضت مدة الاجارة كما اذا استأجر دابة أو سفينة للركوب أو حمل المتاع فلم يركبها و لم يحمل متاعه عليها أو استأجر دارا و قبضها و لم يسكنها حتي مضت المدة استقرت عليه الاجرة (2) و كذا اذا بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر من قبضها و استيفاء المنفعة منها حتي انقضت مدة الاجارة (3) و كذا الحكم في الاجارة علي الاعمال فانه اذا بذل الاجير نفسه للعمل و امتنع المستأجر من استيفائه كما اذا استأجر شخصا لخياطة ثوبه في وقت معين فهيأ الاجير نفسه للعمل فلم يدفع

المستأجر اليه الثوب حتي مضي الوقت فانه يستحق الاجرة (4) سواء اشتغل الاجير في ذلك الوقت بشغل لنفسه أو غيره أم لم يشتغل (5) كما لا فرق علي الاقوي في الاجارة الواقعة

______________________________

(1) الكلام فيه هو الكلام فلا وجه للإعادة فلاحظ.

(2) اذ لا وجه لعدم الاستقرار و لا موجب للخيار كما هو ظاهر واضح و بعبارة اخري: عدم استيفاء المالك من مملوكه لا يقتضي فساد العقد او الخيار.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

(4) فان حكم الامثال واحد.

(5) لعدم وجه للتفريق بين الموارد فان كلها من باب واحد.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 347

علي العين بين أن تكون العين شخصية مثل أن يؤجره الدابة فيبذلها المؤجر للمستأجر فلا يركبها حتي يمضي الوقت و أن تكون كلية كما اذا آجره دابة كلية فسلم فردا منها اليه أو بذله له حتي انقضت المدة فانه يستحق تمام الاجرة علي المستأجر (1) كما لا فرق في الاجارة الواقعة علي الكلي بين تعيين الوقت و عدمه اذا كان قد قبض فردا من الكلي بعنوان الجري علي الاجارة فان الاجرة تستقر علي المستأجر في جميع ذلك و ان لم يستوف المنفعة (2) هذا اذا كان عدم الاستيفاء باختياره أما اذا كان لعذر فان كان عاما مثل نزول المطر المانع من السفر علي الدابة أو السفينة حتي انقضت المدة بطلت الاجارة و ليس علي المستأجر شي ء من الاجرة (3) و ان كان العذر خاصا بالمستأجر كما اذا مرض فلم يتمكن من السفر فلا اشكال في الصحة فيما لم تشترط فيه المباشرة (4) بل الاقوي الصحة فيما اذا

______________________________

(1) لعين الملاك المذكور في الشخصي فانه لا فرق بين الشخصي و الكلي من هذه الجهة.

(2) فانه لا وجه لعدم

استقرار الاجرة كما انه لا وجه للخيار فان اركان الاجارة تامة غاية الامر ان المستأجر فوت علي نفسه ما ملك بالاجارة.

(3) اذ في هذه الصورة لا يكون المالك مالكا لتلك المنفعة كي يملكها من غيره فتكون الاجارة فاسدة فلا موضوع للأجرة.

(4) اذ لا وجه لتوهم الفساد و الاشكال فان المفروض ان مورد الاجارة قابل للانتفاع كما ان المفروض وقوع الاجارة بلحاظ تلك المنفعة المقصودة و أيضا فرض

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 348

اشترطت مباشرته في الاستيفاء أيضا (1) الا اذا كان العذر علي نحو يوجب بطلان الاجارة اذا كان حاصلا قبل العقد (2) فاذا استأجره لقلع ضرسه فبرئ من الا لم بطلت الاجارة (3).

______________________________

عدم اشتراط المباشرة.

(1) اذ غاية ما يمكن ان يقال ان الشرط متعذر الحصول فيكون فاسدا و الشرط الفاسد يفسد العقد و فيه: اولا ان الحق ان الشرط الفاسد لا يفسد العقد بل غايته ثبوت الخيار عند التخلف و الوجه فيه انه لا مقتضي لسراية فساد الشرط الي نفس العقد فان العقد لو علق علي الالتزام بالحرام كشرب الخمر يتحقق العقد لتحقق المعلق عليه و هو الالتزام لكن هذا الالتزام لا يجب الوفاء به لحرمته و عند التخلف يثبت الخيار بالاشتراط الضمني فالشرط الفاسد لا يكون مفسدا.

و ثانيا: ان المقام لا يكون داخلا تحت تلك الكبري اذ مرجع هذا الاشتراط الي عدم انتفاع الغير مثلا لو استاجر دارا و اشترط الانتفاع منها مباشرة يكون مرجع هذا الاشتراط الي عدم اسكان الغير في الدار و لا يكون معناه ان يسكنها بنفسه بحيث يجب عليه السكونة و ان شئت قلت: مقتضي الاشتراط حرمة اسكان الغير لا وجوب سكناه بنفسه فلاحظ.

(2) الظاهر انه لا يتصور ما افاده

بالنسبة الي الاشتراط لما ذكرنا نعم يتصور ان يشترط المؤجر علي المستأجر فعلا محرما و في هذا الفرض يدخل تحت كبري ان الشرط الفاسد هل يفسد العقد أم لا؟ و قلنا: ان الحق عدم كونه مفسدا هذا اذا كان علي نحو الاشتراط و أما اذا كان علي نحو التقييد بأن يكون المحرم مصب الاجارة تكون الاجارة باطلة علي ما هو المقرر عند القوم و قد مر الكلام في انه يشترط في مورد الاجارة ان تكون المنفعة محللة.

(3) لا وجه للبطلان الاعلي القول بحرمة قلع الضرس اذا لم يكن به داء و لا دليل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 349

[مسألة 23: إذا لم يستوف المستأجر المنفعة في بعض المدة جرت الأقسام المذكورة بعينها]

(مسألة 23): اذا لم يستوف المستأجر المنفعة في بعض المدة جرت الاقسام المذكورة بعينها و جرت عليه أحكامها (1).

[مسألة 24: إذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذر استيفاء المنفعة]

(مسألة 24): اذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذر استيفاء المنفعة فان كان الغصب قبل القبض تخير المستأجر بين الفسخ فيرجع علي المؤجر بالاجرة ان كان قد دفعها اليه و الرجوع علي الغاصب باجرة المثل (2) و ان كان الغصب بعد القبض تعين الثاني (3) و كذلك اذا منعه الظالم من الانتفاع بالعين المستأجرة من دون غصب العين

______________________________

علي حرمته بل مقتضي القاعدة صحة الاجارة حتي فيما يكون الاجارة واقعة علي قلع الضرس بلا داع عقلائي فان غايته ان العمل الكذائي سفهائي و الاجارة سفهائية اذ لم يقم دليل علي بطلان العقد السفهائي و الكلام و الاشكال في العقد الصادر عن السفيه و لو لا ذلك يلزم الالتزام بفساد كثير من العقود اذا لم يكن بداع عقلائي و هذا خلاف اطلاق ادلة صحة العقود المقتضي لعدم التفريق.

(1) فان حكم الامثال واحد و لا فرق بين الموردين مناطا فلاحظ.

(2) اذ القبض شرط و في ظرف عدم حصول القبض يكون للمستأجر الخيار بمقتضي الشرط الضمني الارتكازي فيجوز له الفسخ و الرجوع الي المالك لأخذ الاجرة ان كان دفعها و له ابقاه العقد بحاله و الرجوع الي الغاصب باجرة المثل لكونه ضامنا.

(3) اذ فرض القبض فلا وجه للخيار و اما الرجوع الي الغاصب باجرة المثل فهو المتعين.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 350

فيرجع عليه بالمقدار الذي فوته عليه من المنفعة (1).

[مسألة 25: إتلاف المستأجر للعين المستأجر بمنزلة قبضها]

(مسألة 25): اتلاف المستأجر للعين المستأجر بمنزلة قبضها

______________________________

(1) بلا فرق بين قبل القبض و بعده اذ المفروض ان الظلم متوجه الي المستأجر و لا قصور في ناحية المؤجر و بعبارة اخري: وظيفة المالك التخلية بين العين و المستأجر و المفروض تحققه فلا وجه للخيار بل الامر منحصر في الرجوع الي

الظالم المانع عن الانتفاع بتقريب، انه فوت المنفعة علي المستأجر.

و الذي يختلج بالبال ان يقال: ان ضمان الظالم بأي دليل يثبت فان دليل الضمان اما قاعدة اليد و لم يفرض في المقام فان منع الظالم لا يلازم وضع يده علي العين و اما قاعدة الاتلاف فاذا فرضنا ان الظالم منع المالك من الانتفاع و انتفع من العين ظالم آخر كما لو منع المستأجر ظالم من السكونة في الدار المستأجرة فسكن غاصب آخر فيها فمن يكون ضامنا لأجرة المثل؟ الظالم المانع او الغاصب الساكن او كلاهما؟ لا سبيل الي الثالث.

الا ان يقال: ان المقام نظير توارد الايدي علي عين واحدة فان للمالك مراجعة كل واحد من الغاصبين و قرار الضمان علي من تلفت في يده و في المقام قرار الضمان علي الساكن في الدار.

و صفوة القول: ان اثبات الضمان يتوقف علي الدليل و لعل حكمهم بالضمان مستند الي قاعدة الاتلاف بدعوي: ان منع الظالم من الانتفاع نحو من الاتلاف كما عبر في عبارة المتن بالتفويت.

و لقائل ان يقول في صورة منع الظالم ان انتفع غاصب من الدار يكون الضامن هو الساكن لكونه مباشرا و ان لم ينتفع منها غير الظالم يكون هو الضامن بتقريب ان المباشر في الصورة الاولي هو الاقوي و في الصورة الثانية يكون السبب متلفا و مفوتا فيكون ضامنا و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 351

و استيفاء منفعتها فتلزمه الاجرة (1) و اذا أتلفها المؤجر تخير المستأجر بين الفسخ و الرجوع عليه بالاجرة و بين الرجوع عليه بقيمة المنفعة (2) و اذا أتلفها الاجنبي فان كان بعد القبض رجع المستأجر عليه بالقيمة (3) و ان كان قبل القبض تخير بين الفسخ و

الرجوع الي المؤجر بالاجرة و بين الامضاء و الرجوع الي المتلف بالقيمة (4).

[مسألة 26: إذا انهدم بعض الدار التي استأجرها فبادر المؤجر إلي تجديدها]

(مسألة 26): اذا انهدم بعض الدار التي استأجرها فبادر المؤجر الي تجديدها فالاقوي انه ان كانت الفترة غير معتد بها فلا فسخ و لا انفساخ و ان كان معتدا بها رجع المستأجر بما يقابلها من الاجرة و كان

______________________________

(1) فان اتلاف المستأجر للعين بمنزلة الاستيفاء عند العقلاء و العرف فالاجرة مستقرة بالاضافة الي ضمان العين للمالك مسلوبة المنفعة و صفوة القول: ان اتلاف المستأجر للعين لا يقاس بالتلف السماوي الكاشف عن بطلان الاجارة لعدم موضوعها فلا تقفل.

(2) قد ظهر الوجه مما ذكر آنفا فان اتلاف المالك لا يقاس بالتلف السماوي بل اتلاف لمال الغير فيكون ضامنا لأجرة المثل و يكون المستأجر مخيرا بين الفسخ بلحاظ الاشتراط الارتكازي حيث ان المتلف هو المالك و بين ابقاء الاجارة بحالها و مطالبة المالك باجرة المثل.

(3) فان القبض علي الفرض تحقق فلا موجب للخيار بل للمستأجر مراجعة المتلف باجرة المثل.

(4) قد ظهر الوجه مما مر فان المستأجر مخير بين الفسخ لأجل عدم حصول القبض فله خيار الفسخ بلحاظ الاشتراط و بين الابقاء و مراجعة المتلف باجرة المثل و ملخص الكلام ان حكم الاتلاف في نظر العقلاء ليس حكم التلف فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 352

له الفسخ في الجميع لتبعض الصفقة فاذا فسخ رجع بتمام الاجرة و عليه اجرة المثل لما قبل الانهدام و اذا انهدم تمام الدار فالظاهر انفساخ العقد (1).

[مسألة 27: المواضع التي تبطل فيها الإجارة و يثبت للمالك أجرة المثل لا فرق بين أن يكون المالك عالما بالبطلان و جاهلا به]

(مسألة 27): المواضع التي تبطل فيها الاجارة و يثبت للمالك اجرة المثل لا فرق بين أن يكون المالك عالما بالبطلان و جاهلا به (2).

______________________________

(1) الذي يختلج بالبال ان يقال: لم يقم دليل بالخصوص علي البطلان بالانهدام بل البطلان ناشئ من عدم الموضوع فلا وجه للتفصيل بين انهدام الكل و

البعض بل الحق التفصيل بين كون الفترة معتدة بها و عدم كونها كذلك بالالتزام بالبطلان في الاول و عدمه في الثاني نعم فرق بين انهدام الكل و البعض في ثبوت خيار التبعض في انهدام البعض بالنسبة الي اجزاء العين و عدم ثبوته في انهدام الكل لعدم موضوع التبعض نعم يثبت خيار التبعض في انهدام الكل بالنسبة الي مدة الاجارة و النتيجة عدم الفرق بين انهدام الكل و البعض.

و في النفس شي ء و هو ان الدار المستأجرة مثلا لو انهدمت كيف يمكن الالتزام ببقاء الاجارة فان المفروض ان الاجارة وقعت علي الدار المنهدمة و بعبارة واضحة:

ما وقعت عليه الاجارة تلك الدار المنهدمة و الدار الموجودة بالعمارة الجديدة لا تكون تلك الدار المنهدمة و يمكن ان يقال: لو انهدم بعضها و بادر المؤجر الي تجديدها يصدق ان الدار تلك الدار بخلاف انهدام الكل و الظاهر ان الماتن في التفريق بين الصورتين ناظر الي هذه الجهة و اللّه العالم.

(2) لعدم وجه للفرق بين العلم و الجهل في ملاك الحكم و ربما يقال: ان المالك اذا كان عالما بالبطلان لا يستحق شيئا لأنه الغي احترام ماله فلا يثبت له حق.

و يرد عليه انه لم يقدم علي المجانية بل اقدامه علي المعاملة مع علمه بالبطلان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 353

[مسألة 28: تجوز إجارة الحصة المشاعة من العين لكن لا يجوز تسليمها الا باذن الشريك اذا كانت العين مشتركة]

(مسألة 28): تجوز اجارة الحصة المشاعة من العين (1) لكن لا يجوز تسليمها الا باذن الشريك اذا كانت العين مشتركة (2) و يجوز أن يستأجر اثنان دارا أو دابة فيكونان مشتركين في المنفعة فيقسمانها بينهما كالشريكين في ملك العين (3) و يجوز أن يستأجر شخصين لعمل شي ء معين كحمل متاع أو غيره أو بناء جدار أو هدمه أو غير ذلك

(4) فيشتركان في الاجرة و عليهما معا القيام بالعمل الذي استوجرا عليه (5).

______________________________

شرعا ناش من عدم مبالاته بالدين و هل يمكن ان نلتزم بحلية اجر الزانية اذا كان الزاني عالما بالفساد؟ كلا و لذا التزموا بان «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» و الميزان الكلي في الضمان عدم الاقدام علي المجانية فلو آجر داره باجارة فاسدة مع العلم بالفساد و سلم المستأجر الدار و سكنها يكون ضامنا لأجرة المثل لإتلافه مال الغير و انتفاعه به.

نعم يشكل الامر في بعض الموارد كما لو آجر نفسه لعمل مع العلم بفساد الاجارة فقام به كخياطة الثوب مثلا ففي مثله ربما يشكل اثبات الضمان للمستأجر اذ لا يد علي مال الغير كي يستدل بحديث علي اليد و لم يتلف مالا للموجر كي يستدل بقاعدة من اتلف و المفروض بطلان الاجارة فاي دليل علي ضمانه و المرجع الوحيد في امثاله الحكم العقلائي الممضي عند الشرع فلاحظ.

(1) لتسلط الناس علي اموالهم.

(2) فان التصرف الخارجي في المشترك يتوقف علي اذن الشريك.

(3) لوجود المقتضي و عدم المانع.

(4) الكلام فيه هو الكلام.

(5) كما هو ظاهر فانه مقتضي الاشتراك.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 354

[مسألة 29: لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد علي الأقوي]

(مسألة 29): لا يشترط اتصال مدة الاجارة بالعقد علي الاقوي فيجوز أن يؤجر داره سنة مثلا متأخرة عن العقد بسنة أو أقل أو أكثر (1) و لا بد من تعيين مبدأ المدة (2) و اذا اطلقت الاجارة مدة معينة و لم يذكر المبدأ انصرف الي الاتصال (3).

[مسألة 30: إذا آجره دابة كلية و دفع فردا منها فتلف كان علي الموجر دفع فرد آخر]

(مسألة 30): اذا آجره دابة كلية و دفع فردا منها فتلف كان علي الموجر دفع فرد آخر (4).

[فصل و فيه مسائل]

اشارة

فصل و فيه مسائل

[مسألة 31: العين المستأجرة أمانة في يد المستاجر لا يضمنها إذا تلفت أو تعيبت إلا بالتعدي أو التفريط]

(مسألة 31): العين المستأجرة امانة في يد المستاجر لا يضمنها اذا تلفت أو تعيبت الا بالتعدي أو التفريط (5).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه فان اركان الاجارة تامة و مقتضي اطلاق دليلها عدم فرق بين كون المنفعة متصلة و كونها منفصلة و يكون المقام نظير الوجوب المعلق فلاحظ.

(2) كي لا يلزم الغرر او الجهل بناء علي كونهما مفسدين للإجارة.

(3) بمقتضي الظهور العرفي و العرف ببابك.

(4) فان المفروض وقوع الاجارة علي الكلي فيجب علي المؤجر الوفاء بالعقد بتسليم فرد آخر من الكلي و لا وجه للانفساخ كما هو ظاهر عند التأمل و اللّه العالم.

(5) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: الاجماع. الوجه الثاني النصوص الدالة علي كون الضمان مشروطا بالتعدي أو التفريط لاحظ ما رواه أبو ولاد الحناط قال: اكتريت بغلا الي قصر ابن هبيرة ذاهبا و جائيا بكذا و كذا و خرجت في طلب غريم لي فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت ان صاحبي توجه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 355

______________________________

الي النيل فتوجهت نحو النيل فلما أتيت النيل خبرت أن صاحبي توجه الي بغداد فاتبعته و ظفرت به و فرغت مما بيني و بينه و رجعنا الي الكوفة و كان ذهابي و مجيئي خمسة عشر يوما فأخبرت صاحب البغل بعذري و أردت أن اتحلل منه مما صنعت و ارضه فبذلت له خمسة عشر درهما فأبي أن يقبل فتراضينا بأبي حنيفة فأخبرته بالقصة و أخبره الرجل فقال لي: ما صنعت بالبغل؟ فقلت: قد دفعته اليه سليما قال: نعم بعد خمسة عشر يوما قال: فما تريد من الرجل؟ فقال: اريد كراء بغلي، فقد حبسه علي خمسة عشر يوما فقال: ما أري لك حقا لأنه اكتراه

الي قصر ابن هبيرة فخالف و ركبه الي النيل و الي بغداد فضمن قيمة البغل و سقط الكراء فلما رد البغل سليما و قبضته لم يلزمه الكراء قال: فخرجنا من عنده و جعل صاحب البغل يسترجع فرحمته مما أفتي به أبو حنيفة فأعطيته شيئا و تحللت منه و حججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد اللّه عليه السلام بما أفتي به أبو حنيفة فقال: في مثل هذا القضاء و شبهه تجس السماء مائها و تمنع الارض بركتها قال: فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام فما تري أنت؟ فقال:

أري له عليك مثل كراء بغل ذاهبا من الكوفة الي النيل و مثل كراء بغل راكبا من النيل الي بغداد و مثل كراء بغل من بغداد الي الكوفة توفيه اياه قال: فقلت: جعلت فداك قد علفته بدراهم فلي عليه علفه؟ فقال: لا لأنك غاصب قال: فقلت له: أ رأيت لو عطب البغل و تفق أ ليس كان يلزمني؟ قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته قلت: فان أصاب البغل كسر أود بر أو غمز فقال: عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده عليه فقلت: من يعرف ذلك؟ قال: أنت و هو اما أن يحلف هو علي القيمة فيلزمك فان رد اليمين عليك فحلفت علي القيمة لزمه ذلك أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين اكتري كذا و كذا فيلزمك فقلت: اني كنت أعطيته دراهم و رضي بها و حللني فقال: انما رضي بها و حللك حين قضي عليه أبو حنيفة بالجور و الظلم

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 356

______________________________

و لكن ارجع اليه فأخبره بما أفتيتك به فان جعلك في حل بعد معرفته فلا شي ء عليك بعد

ذلك الحديث «1».

و ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل «ما تقول في رجل» تكاري دابة الي مكان معلوم فنفقت الدابة قال: ان كان جاز الشرط فهو ضامن و ان دخل واديا لم يوثقها فهو ضامن و ان سقطت في بئر فهو ضامن لأنه لم يستوثق منها «2».

و ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: سألته عن رجل اكتري دابة الي مكان فجاز ذلك المكان فنفقت ما عليه؟ فقال: اذا كان جاز المكان الذي استأجر اليه فهو ضامن «3».

فان المستفاد من هذه النصوص ان الضمان متفرع علي التجاوز و مشروط به و أما علي فرض عدمه فلا ضمان و هذا هو المدعي.

الوجه الثالث: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث: و لا يغرم الرجل اذا استأجر الدابة ما لم يكرهها أو يبغها غائلة «4» فان هذه الرواية تدل بالصراحة علي عدم الضمان.

الوجه الرابع: ما دل من النصوص علي عدم ضمان الامين للأمانة لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان و قال: ليس علي مستعير عارية ضمان و صاحب العارية و الوديعة مؤتمن «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) الوسائل الباب 32 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب أحكام العارية الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 357

______________________________

و ما رواه أيضا قال: سئل عن القصار يفسد فقال كل اجير يعطي الاجرة علي أن يصلح فيفسد فهو ضامن «1».

و ما رواه أيضا عن

ابي عبد اللّه عليه السلام قال في الغسال و الصباغ ما سرق منهم «منهما خ» من شي ء فلم يخرج منه علي امر بين انه قد سرق و كل قليل له او كثير فان فعل فليس عليه شي ء و ان لم يقم البينة و زعم أنه قد ذهب الذي ادعي عليه فقد ضمنه ان لم يكن له بينة علي قوله «2».

و ما رواه أيضا عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: كان امير المؤمنين عليه السلام يضمن القصار و الصائغ احتياطا للناس و كان أبي يتطول عليه ان كان مأمونا «3».

و ما رواه خالد بن الحجاج «الحجال يب خ ل» قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الملاح احمله الطعام ثم اقبضه منه فينقص قال: ان كان مأمونا فلا تضمنه «4».

و غيرها من الروايات الواردة في الباب 29 من ابواب احكام الاجارة و الباب:

5 من ابواب احكام الرهن من الوسائل.

فان المستفاد من هذه النصوص عدم الضمان علي من يكون عنده امانة إلا مع التعدي او التفريط اضف الي ذلك كله انه لا مقتضي للضمان الأخير «علي اليد ما اخذت حتي تؤديه» «5» و هذا الخبر لا اعتبار به سندا فلا يكون قابلا للاستدلال

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 3

(5) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 358

و اذا اشترط المؤجر ضمانها بمعني أداء قيمتها أو أرش عيبها صح (1) و أما بمعني اشتغال الذمة بمثلها أو قيمتها فالظاهر عدم صحة اشتراطه (2).

______________________________

به بأن يقال: ان مقتضاه ان

كل يد يوجب الضمان الا ما خرج بالدليل و عليه لا مقتضي للضمان.

و صفوة القول: انه لا دليل علي ضمان المستأجر نعم في كل مورد تثبت السيرة علي الضمان نلتزم به كما في موارد اخذ المال غصبا و بلا اذن من المالك او مع الاذن و لكن مع الالتزام بالضمان كما في العقود الفاسدة و اما في غير موارد قيام السيرة فلا وجه للالتزام بالضمان و المقام كذلك.

(1) اذ لا اشكال في جواز تدارك المستأجر ضرر الموجر بان يعطيه بدل ما تلف منه و بعد فرض جوازه يجب بالشرط لدليل «المؤمنون عند شروطهم» بل يمكن الاستدلال بعموم وجوب الوفاء بالعقود فان المستفاد من وجوب الوفاء انه لا ينفسخ العقد بماله من القيود.

و صفوة القول: انه لا اشكال في ان الشرط اذا تعلق بالامر المباح يصير واجبا بالشرط فالتدارك يجب بالشرط و لكن الشرط المذكور لا يقتضي و لا يوجب اشتغال ذمة المستأجر لعدم موجب للاشتغال فلا يجوز ترتيب آثار الاشتغال عليه.

نعم ببالي ان سيدنا الاستاد كان يقول: هذا الشرط يقتضي في عرف العقلاء و سيرتهم حقا للشارط علي المشروط عليه فله ان يجبره علي العمل الذي وقع الشرط عليه فلو شرط عليه في ضمن عقد ان يكنس داره يجوز للشارط ان يجبر المشروط عليه بان يكنس الدار.

(2) اذ الشرط ليس مشرعا و بعبارة اخري: مرجع الشرط الي تعليق العقد علي التزام المشروط عليه بفعل فلا بد ان يكون متعلق الشرط امرا مقدورا له و جائزا من قبل الشارع كالخياطة مثلا اما لو لم يكن مقدورا له فلا يمكن ان يتعلق

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 359

______________________________

متعلق الالتزام اذا لالتزام لا بد ان يتعلق بما يمكن ارتكابه

للملتزم و من الظاهران اشتغال ذمة شخص بيد الشارع فلا مجال لصحة مثل هذا الشرط نعم لو دل دليل علي الجواز نلتزم به اذ بعد قيام الدليل نفهم ان الشارع الاقدس يحكم بالضمان مع الالتزام كما قام الدليل في العارية المضمونة فانقدح بما ذكرنا: ان الحق ما افاده في المتن من التفصيل المذكور.

و لقائل ان يقول: ان الالتزام باشتغال الذمة أمر قابل و يمكن للمكلف و بدليل الشرط يحكم بصحة هذا الالتزام و تحققه فيصح الاشتراط المذكور فالصحيح في مقام تقريب الاستدلال علي المدعي ان يقال: كل شرط يلزم ان يكون قبل ملاحظة دليل وجوب الوفاء شرعيا لان دليل الشرط لا يكون مشرعا و المفروض انه لا دليل علي شرعية الالتزام باشتغال الذمة بل مقتضي الاصل عدم كون الالتزام المذكور مؤثرا.

و ربما يستدل علي جواز الاشتراط المذكور بما رواه موسي بن بكر عن ابي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل استأجر سفينة من ملاح فحملها طعاما و اشترط عليه ان نقص الطعام فعليه قال: جائز قلت: انه ربما زاد الطعام قال:

فقال: يدعي الملاح انه زاد فيه شيئا؟ قلت: لا قال: هو لصاحب الطعام الزيادة و عليه النقصان اذا كان قد اشترط ذلك «1».

و ما رواه أيضا عن العبد الصالح عليه السلام قال: سألته عن رجل استأجر ملاحا و حمله طعاما في سفينة و اشترط عليه ان نقص فعليه قال: ان نقص فعليه قلت: فربما زاد قال: يدعي هو انه زاد فيه؟ قلت: لا قال: فهو لك «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب أحكام الاجارة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 360

كما ان الظاهر انه لا ضمان في

الاجارة الباطلة اذا تلفت العين أو تعيبت (1).

______________________________

بتقريب ان المستفاد من الروايتين جواز اشتراط الضمان و فيه: ان الروايتين لا اعتبار بسنديهما من جهة موسي بن بكر فانه لم يوثق و وقوعه في اسناد تفسير علي بن ابراهيم لا اثر له كما ذكرنا مرارا و قلنا: لا يستفاد التوثيق بالنسبة الي غير الطبقة الاولي و اما شهادة صفوان بان كتاب موسي بن بكر ليس فيه خلاف «1» لا يكون توثيقا للرجل اذ يمكن ان يكون الكتاب معتمدا عليه عند القوم بلحاظ قرائن دالة علي الاعتبار و علي الجملة هذا اعم من التوثيق.

مضافا الي انه يمكن ان يكون المراد من عدم الاختلاف عندهم في ان الكتاب المذكور لموسي بن بكر لاحظ ما رواه الحسن بن محمد بن سماعة قال: دفع إلي صفوان كتابا لموسي بن بكر فقال لي: هذا سماعي من موسي بن بكر و قرأته عليه فاذا فيه موسي بن بكر عن علي بن سعيد عن زرارة قال: هذا مما ليس فيه اختلاف عند اصحابنا عن أبي عبد اللّه و عن ابي جعفر عليهما السلام انهما سئلا عن امراة» الحديث 2 و يضاف الي ذلك ان غاية ما في الباب انه لا خلاف عند القوم في اعتبار الكتاب و لكن اتفاقهم علي اعتبار الكتاب لا يفيدنا اذ يمكن ان يكون الكتاب معتمدا عندهم بوجوه غير نقية عن الاشكال فالنتيجة ان الرواية المشار اليها لا تفيد و لو كانت منقولة عن ذلك الكتاب و اعتماد جعفر بن سماعة علي رواية موسي بن بكر أيضا لا يقتضي التوثيق سيما في مورد خاص لاحظ ما أفاده سيدنا الاستاد في المقام لإثبات وثاقة الرجل 3.

(1) لعدم دليل علي الضمان

و لا مقتضي له كما مر و تقدم و علي الجملة الضمان

______________________________

(1) (1 و 2) الكافي ج 7 ص 97 حديث: 3

(2) (3) معجم رجال الحديث: ج 9 ص 30

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 361

[مسألة 32: العين التي للمستأجر بيد الأجير الذي آجر نفسه علي عمل فيها كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه]

(مسألة 32): العين التي للمستأجر بيد الاجير الذي آجر نفسه علي عمل فيها كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه الا بالتعدي أو التفريط (1) و اذا اشترط المستاجر ضمانه علي الاجير علي اداء قيمتها أو أرش عيبها صح (2) و اذا تلف أو أتلفه الاجنبي قبل العمل أو في الاثناء قبل مضي زمان يمكن فيه اتمام العمل بطلت الاجارة (3) و رجعت الاجرة كلا أو بعضا الي المستاجر (4) و اذا أتلفه

______________________________

اما يثبت بالاتلاف أو بقاعدة اليد أو بالسيرة أما الاتلاف فالمفروض عدمه في المقام و أما قاعدة اليد فلا دليل عليها و أما السيرة فغير قائمة في المقام بل السيرة في الاجارة علي عدم ضمان المستأجر في صورة عدم الافراط و التفريط كما هو المفروض.

(1) اذ مع عدم التعدي أو التفريط لا مقتضي للضمان كما تقدم بل النصوص الدالة علي عدم ضمان الامين تقتضي عدم ضمانه نعم اذا كان المؤجر متهما يمكن أن يقال بجواز استحلافه أو تضمينه الا مع اقامة البينة لكن هذا مطلب آخر اذ الكلام في أن يده يد ضمان أم لا؟ و مقتضي ما ذكرنا انه لا ضمان عليه اضف الي ما ذكر انه يظهر من بعض الكلمات انه لا خلاف بين القوم في عدم الضمان.

(2) الكلام فيه هو الكلام المتقدم فان الصحة مقتضي دليل الشرط بالتقريب الذي تقدم ذكره فلاحظ.

(3) اذ التلف يكشف عن عدم قابلية صحة العقد اذ لا موضوع

للإجارة بحسب الواقع.

(4) اذ مع فرض بطلان الاجارة لا مجال لكون المنفعة مملوكة للأجير غاية الامر اذا كان قبل العمل ترجع بتمامها و اذا كان في الاثناء يرجع بعضها.

و الذي يختلج بالبال ان يقال: انه في مثل المقام يكشف عن بطلان العقد من

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 362

المستاجر كان اتلافه بمنزلة قبضه فيستحق الاجير عليه تمام الاجرة (1) و اذا أتلفه الاجير كان المستاجر مخيرا بين فسخ العقد و امضائه فان أمضي جاز له مطالبة الاجير بقيمة العمل الفائت (2).

[مسألة 33: المدار في القيمة علي زمان الضمان]

(مسألة 33): المدار في القيمة علي زمان الضمان (3).

______________________________

اول الامر. و بعبارة اخري: البطلان لا يكون امرا عارضيا بل العقد بحسب الواقع باطل من أول الامر كلا أو بعضا و لا يبعد ان يكون الماتن ناظرا الي ما ذكر و ان عبر بالبطلان الظاهر في الحدوث و اللّه العالم.

(1) و ليس مثل التلف السماوي كما انه ليس مثل اتلاف الاجنبي. و بعبارة اخري يكون اتلافه بمنزلة الاستيفاء فيستحق الاجير تمام الاجرة و الدليل عليه الحكم العقلائي و السيرة الجارية بين العرف.

(2) بدعوي ان اتلاف الاجير لا يقاس بالتلف السماوي و أيضا لا يقاس باتلاف الاجنبي و عليه يكون المستأجر مخيرا بين الامضاء و مطالبة الاجير بقيمة العمل التالف اذ لا وجه للبطلان فان الاجارة بحالها، و بين فسخ الاجارة لفرض عدم قبض مالكه فله الخيار.

و لا يخفي ان اتمام الدعوي يتوقف علي حكم العقلاء و تفريقهم بين الموارد فاذا تم استقرار سيرتهم و صارت ممضاة عند الشارع يتم الامر فان الامور التعبدية منوطة بتمامية التعبد الشرعي و ليست كالقواعد العقلية فلا مجال لان يقال، انه لا وجه للتفريق بين الموارد من حيث الحكم.

(3) و هذا

احد الاقوال في المسألة و من الاقوال في المقام ان المناط يوم التلف و الدليل عليه ان يوم التلف يوم انتقال الضمان الي القيمة فلا بد من ملاحظته.

و فيه: انه لاشكال في أن المكلف لا يكلف باداء العين بعد تلفها لعدم معقولية الامتثال و عدم امكان الداعوية لكن هذا لا يقتضي تعين القيمة الخاصة بذلك اليوم.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 363

______________________________

و بعبارة اخري: يمكن اعتبار اشتغال الذمة بنفس العين او بمثلها او بالقيمة علي اختلافها و صفوة القول: انه لا اشكال في تغير متعلق التكليف و انه لا يمكن ان يكون التكليف متوجها باداء نفس العين مع فرض التلف و أما من حيث الوضع فلا بد من ملاحظة مقتضي الدليل.

و من الاقوال في المقام وجوب اداءا علي القيم من زمان الغصب و قد قرب المدعي بوجوه: الوجه الاول: ان الضمان لا يختص بوقت دون آخر ففي كل يوم ارتفعت القيمة تكون الذمة مشغولة بها و النتيجة اعتبارا علي القيم من زمان الغصب الي زمان الاداء.

و فيه: ان العين قبل التلف مضمونة فلا وجه لاعتبار القيمة كما انه بعد التلف اذا قلنا يكون العين في الذمة او مثلها لم يكن وجه للمدعي.

الوجه الثاني: ان المستفاد من حديث ابي ولاد «1» ان المغصوب مضمون علي الغاصب من يوم الغصب و كل يوم يصدق عليه هذا العنوان فان رد نفس العين فهو و الا فان رد أعلي القيم فقد رد قيمة يوم المخالفة بقول مطلق لدخول السفلي في العليا ضرورة انه لا يجب دفع قيمة كل يوم كما انه لورد القيمة النازلة لم يرد القيمة بقول مطلق فيجب ردأ علي القيم من يوم الغصب الي يوم الاداء.

و يرد

عليه: انه مع بقاء العين لا تشتغل الذمة بالقيمة و اما بعد تلف العين فالمستفاد من الرواية ان الذمة مشغولة بقيمة يوم المخالفة و الشاهد عليه قوله السلام.

«انه لو شهد الشاهدان علي قيمة يوم الاكتراء» فان يوم الاكتراء هو يوم الغصب في مورد الرواية اذ الاكتراء في الاسفار القريبة في نفس يوم السفر فالميزان قيمة يوم الغصب و ان شئت قلت ان الطبيعي يصدق علي اول وجود منه و اول زمان الغصب

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 364

______________________________

تشتغل الذمة بالقيمة فلا وجه لاعتبار غيرها و مع قطع النظر عن الرواية نقول:

بمجرد تلف العين تشتغل الذمة بفرد من افراد القيمة و لا وجه لحصول التغير فيها فلا وجه للالتزام بأعلي القيم.

الوجه الثالث: ان الغاصب اذا وضع يده علي المغصوب تشتغل ذمته به فلو ادي العين مع بقائها او ادي القيمة العليا مع تلفها تحصل البراءة و الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة كذلك و فيه: ان مع بقاء العين لا تصل النوبة الي القيمة و مع تلفها فمع قطع النظر عن الرواية الخاصة يكون الواجب اداء قيمة ذلك الوقت اذ العين في الذمة و بلحاظ الرواية الخاصة تجب قيمة يوم المخالفة مضافا الي ان المقام داخل في الشك بين الاقل و الاكثر و مقتضي البراءة عن الاكثر وجوب الاقل.

الوجه الرابع: ان مقتضي الاستصحاب بقاء الاشتغال الي زمان اداء أعلي القيم و فيه: ان مقتضي الاستصحاب عدم اشتغال الذمة الا بالاقل مضافا الي انه لا تصل النوبة الي الاصل بعد وجود النص الخاص.

الوجه الخامس ان مقتضي حديث لا ضرر اداء الأعلي اذ لو لم يؤد الاعلي يتضرر المالك و فيه: ان ضرر المالك يعارضه ضرر الغاصب و

لا دليل علي اخذه بأشق الاحوال هذا اولا و ثانيا: ان الحديث متكفل للنفي لا للإثبات و ثالثا: انه لا مجال للأخذ بالحديث مع وجود نص خاص وارد في المقام: و رابعا: انا ذكرنا في محله ان المستفاد من القاعدة حرمة الاضرار لا نفي الضرر.

الوجه السادس: ان الغاصب ازال يد المالك عن العين في جميع الازمنة و من جملة تلك الازمنة زمان علو القيمة فان رد العين يخرج من الضمان اذ المفروض انه رد العين المغصوبة و مع ردها لا مجال لضمان القيمة و اما مع تلفها فلا يحصل الخروج عن الضمان الا بدفع اعلي القيم فان حيلولة الاجنبي يوجب الضمان و لذا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 365

______________________________

يجب دفع بدل الحيلولة في مورد حصول الحيلولة بين المالك و مملوكه.

و يمكن ان يقال: بأن قياس المقام بباب بدل الحيلولة مع الفارق اذا المفروض ان العين في ذلك الباب باقية و انما حصلت الحيلولة و أما في المقام فالمفروض تلف العين و اشتغال الذمة ببدلها فعلي تقدير عدم النص و قطع النظر عن حديث ابي ولاد يكون الواجب قيمة يوم الاداء و اما بلحاظ النص الخاص فالميزان قيمة يوم الغصب كما سيتضح ان شاء اللّه تعالي عن قريب.

الوجه السابع ما عن بعض من ان مقتضي قوله تعالي «فَمَنِ اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ» «1» ضمان اعلي القيم اذ عند صعود القيمة يصدق الغصب و الاعتداء فلا بد من ملاحظة اعلي القيم.

و فيه اولا ان دلالة الاية علي ضمان الذمة محل الاشكال و الكلام فان المستفاد من الاية جوز ايراد مثل الاعتداء علي المعتدي و الكلام في المقام في مقدار الضمان.

و بعبارة اخري: يمكن ان

يكون المراد بكلمة «ما» المصدر و لم يرد منها الموصول و مع هذا الاحتمال يكون المراد بالاعتداء هو الاعتداء بالافعال اي اذا ضربك احد فاضر به بمثل ذلك الضرب لا الأزيد فتكون الاية اجنبية عن المقام و ثانيا: ان الكلام في المقام في مقدار الضمان بعد تحقق التلف و قلنا: ان مقتضي القاعدة وجوب اداء قيمة يوم الاداء لان العين بنفسها في الذمة و ثالثا: انه لا مجال لهذا الاستدلال مع لحاظ النص الخاص الوارد في المقام.

الوجه الثامن: ان المفروض كون اليد يد ضمان في جميع الازمنة و من جملتها زمان علو القيمة فلا بد من رعاية الاعلي و فيه: انه ان كان المراد تحقق الضمان ما دام بقاء العين فلا اشكال فيه لكن المضمون نفس العين و ان كان المراد تحقق الضمان

______________________________

(1) البقرة/ 194

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 366

______________________________

بكلا الامرين من العين و القيمة فهو خلاف الاجماع مضافا الي أنه يستلزم الجمع بين العوض و المعوض و ان كان المراد ضمان الا علي بعد تلف العين فهو عين المدعي اضف الي ذلك انه لا مجال لهذا البيان مع وجود النص الخاص و هو حديث ابي ولاد.

و من الاقوال ما اختاره في العروة و هو ان الواجب اداء قيمة يوم الاداء بتقريب ان العين في الذمة و حيث ان ادائها غير مقدور تصل النوبة الي القيمة اذ المفروض ان العين قيمية و لا مثل لها فالواجب اداء قيمتها فالمناط قيمة ذلك اليوم.

و هذا القول متين من حيث القاعدة الاولية و مع قطع النظر عن النص الخاص فان العين ما دام موجودة يجب ردها الي مالكها و بعد تلفها تكون في الذمة فلا بد من اداء

مثلها ان كان مثلية و اداء قيمتها ان كانت قيمية.

و بعبارة اخري: يكون المكلف موظفا باداء نفس المغصوب مع الامكان و باداء المثل ثانيا و باداء القيمة ثالثا و يترتب علي هذا ان الواجب اداء قيمة يوم الاداء لكن هذا بحسب القاعدة اما بحسب النص الخاص فلا يكون كذلك و النص الوارد في المقام ما رواه ابو ولاد «1».

و محل الشاهد في هذا الخبر قوله عليه السلام في جواب السائل: «نعم قيمة بغل يوم خالفته». و في المراد من هذه الجملة احتمالات الاول: أن يكون لفظ القيمة مضافا الي البغل و لفظ البغل مضافا الي اليوم و علي هذا الاحتمال يكون المستفاد من الجملة، ان المناط قيمة يوم الغصب. لكن يشكل بأن لفظ البغل في بعض النسخ معرف بلام التعريف و المعرف لا يضاف مضافا الي أن اسماء الذوات لا تضاف الي الزمان و لا يقيد الذات به. و ان شئت قلت: ان تتابع الاضافات و ان كان جائزا كقوله: «و ليس قرب قبر حرب قبر». و لكن لا يمكن الالتزام به في

______________________________

(1) لاحظ ص: 354 و تهذيب الاحكام ج 7 ص 215 حديث: 25

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 367

______________________________

المقام للإشكالين المذكورين.

الثاني: أن يضاف لفظ القيمة اولا الي لفظ البغل و ثانيا الي لفظ اليوم و هذا الاحتمال و ان كان مصونا من الاشكال لكن يرد فيه: ان مثل هذا الاستعمال لم يعهد في الاستعمالات لكن علي تقدير القول به تكون النتيجة تلك النتيجة.

الثالث: أن يضاف لفظ القيمة اولا الي لفظ البغل و يضاف المركب من المضاف و المضاف اليه الي لفظ اليوم و تكون النتيجة أيضا تلك النتيجة و يتوقف الالتزام به علي صحة

مثل هذا الاستعمال و الظاهر جوازه كقولهم: «ماء ورد زيد» و قس عليه بقية الامثال كما انه يتوقف علي تجريد لفظ البغل من حرف التعريف اذ المعرف لا يضاف و قد مر انه ذكر لفظ البغل معرفا في بعض النسخ.

الرابع: أن يكون لفظ اليوم متعلقا بقوله عليه السلام: «نعم» اي يلزمك القيمة يوم المخالفة فيكون المستفاد من الحديث ان يوم الغصب يوم الضمان بلا تعرض لمقدار القيمة فتكون الرواية أجنبية عن المراد و في هذا الاحتمال اشكالان:

الاشكال الاول: لزوم الضمان بالقيمة يوم المخالفة حتي مع فرض عدم التلف اي يكون الغاصب ضامنا في يوم الغصب للقيمة حتي مع فرض بقاء العين و الحال انه لم يقل به احد بل مخالف لضرورة الفقه و يخالف مع الحكم العقلائي فان العين ما دامت باقية تكون الغاصب موظفا بايصالها الي صاحبها.

الاشكال الثاني: ان تحقق الزمان في يوم الغصب امر واضح لا يحتاج الي البيان. الا أن يقال: بأن الضمان بالغصب أمر واضح و لكن الضمان بالقيمة في ذلك اليوم أمر غير ظاهر بل أمر مخالف للواقع كما مر فالاشكالان لا يرد ان علي محل واحد بل يرد ان علي نحو القضية المنفصلة الحقيقية بأن يقال: ان كان المراد بالضمان الضمان بالقيمة علي الاطلاق فهذا خلاف حكم العقلاء و خلاف الاجماع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 368

______________________________

و ان كان المراد أصل الضمان فلا يحتاج الي البيان لأنه أمر واضح مضافا الي أن ذكر القيمة لا وجه له فهذا الاحتمال ساقط عن درجة الاعتبار.

الخامس: أن يكون اليوم ظرفا للقيمة بلا اضافة و يؤيد هذا الاحتمال كون لفظ البغل معرفا في بعض النسخ اذ مع تعريفه لا مجال للإضافة فيكون المستفاد من

الجملة انه يلزمك قيمة يوم المخالفة اي يوم الغصب و هذا هو المقصود و قد ذكر في المقام وجوه من الاشكال:

الوجه الاول: ان الميزان اذا كان يوم المخالفة فلا وجه لتعرضه عليه السلام ليوم الاكتراء بقوله عليه السلام: «أو يأتي صاحب البغل» الخ فلا خصوصية ليوم الغصب. و الجواب: انه لا يبعد أن يكون يوم الاكتراء في مورد الرواية هو يوم الغصب اذ المتعارف في الاسفار القريبة اكتراء الدابة في يوم السفر لا قبله بأيام فهذا الوجه يؤيد و يؤكد ما يدعي من أن المراد بالقيمة قيمة يوم المخالفة.

و ان شئت قلت: انه عليه السلام قد عبر عن يوم الغصب بيوم الاكتراء و مما يدل علي المدعي انه عليه السلام اقتصر في الجواب بقوله: «عليك قيمة ما بين الصحة و العيب» و الظاهر ان السائل فهم مراده عليه السلام و انما يسأل عن طريق اثبات مقدار تلك القيمة و ان أبيت عما ذكر فلا وجه لرفع اليد عن حكمه عليه السلام بالنسبة الي ضمان القيمة عند التلف.

و بعبارة اخري: المستفاد من الجملة السابقة كما ذكرنا ان الظاهر منها ان الميزان قيمة يوم التلف. ان قلت: لا اشكال في أن كلا الامرين من باب واحد و لا يمكن التفريق بينهما. قلت: نلتزم بكون المراد من يوم الاكتراء يوم التلف اذ لم يقل احد بأن يوم الاكتراء له خصوصية فالمراد من يوم الاكتراء هو يوم التلف فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 369

______________________________

الوجه الثاني: أن أبا ولاد قال: «قلت فان أصاب البغل كسر أود بر أو غمز فقال عليه السلام: عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده عليه» حيث ان الظاهر من هذه الجملة ان الميزان

قيمة يوم الرد فتكون منافية لما مر من كون المدار قيمة يوم الغصب و بعبارة اخري: قوله «عليك» متضمن لمعني الفعل اي يلزمك.

و أورد عليه سيدنا الاستاد «1» بأن مقتضي هذا التقريب ثبوت القيمة في الذمة يوم الرد مع ان الضمان مستقر علي الغاصب من اول يوم الغصب اضف الي هذا انه علي هذا التقدير لا تكون الرواية متعرضة لبيان ان هذا التفاوت هل يلاحظ بالنسبة الي يوم الغصب أم يلاحظ بالنسبة الي يوم النقص أم يلاحظ بالنسبة الي يوم الرد و عليه تكون الجملة السابقة الدالة علي كون المناط يوم الغصب قرينة علي أنه عليه السلام ناظر الي تفاوت يوم الغصب».

الوجه الثالث: ان الظرف متعلق بلفظ القيمة فيكون المراد ان الواجب التفاوت الذي يكون ما بين الصحة و العيب في يوم الرد.

و عن الشيخ الانصاري قدس سره أنه لا يمكن الالتزام به فان الارش تابع لضمان اصل العين فلا يمكن التفكيك بين الامرين بالالتزام بكون المناط في ضمان العين بيوم الغصب و في ضمان الارش بيوم الرد».

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأن التفكيك خلاف الاجماع و أما كون العبرة بيوم الرد فليس مخالفا للإجماع فاذا ثبت ان العبرة في الارش بيوم الرد يثبت ان المناط في ضمان العين بذلك اليوم أيضا.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الميزان لو كان يوم الرد لم يكن خصوصية ليوم الاكتراء فان الفصل بين يوم الاكتراء و يوم الرد كثير في مورد الرواية فلا أثر

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 3 ص 186

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 370

______________________________

لملاحظة يوم الاكتراء و عليه يكون المناط في الارش يوم الغصب كما ان الامر كذلك بالنسبة الي نفس العين.

و صفوة القول: ان يوم

الاكتراء في مورد الرواية هو يوم الغصب فالميزان ذلك اليوم بلحاظ كلا الامرين هما: ضمان العين و الارش. و لقائل أن يقول: انه لا دليل علي كون تعلق الظرف بالقيمة بل يمكن تعلقه بلفظ العيب المقترن معه في الكلام فيكون المعني ان العيب الحادث اذا استمر الي يوم الرد يجب اداء التفاوت بين الصحيح و المعيب من دون تعرض لتعيين يوم التفاوت و حيث ان الارش تابع لضمان العين و قد استفيد من الجملة السابقه ان الميزان يوم الغصب نلتزم بأن المدار في التفاوت ذلك اليوم أيضا للإجماع علي تبعية الارش للعين مضافا الي أن يوم الاكتراء في مورد الرواية يوم الغصب فالميزان يوم الغصب مطلقا.

الوجه الرابع: ان أبا ولاد سأل الامام عليه السلام عن المقوم و أجاب عليه السلام بقوله: «أنت و هو» الي آخر الكلام و عن الشيخ قدس سره أن ما ذكر مؤيد لكون المناط في القيمة يوم التلف بتقريب: انه لو كان المناط يوم الغصب كان المالك مدعيا لدعواه زيادة القيمة المخالفة للأصل و كان الغاصب منكرا و قوله موافقا للأصل و مقتضي القاعدة توجه اليمين اليه و البينة الي المالك.

و بعبارة اخري: كيف يمكن الجمع بين البينة و اليمين بالنسبة الي شخص واحد فان المالك اذا كان مدعيا عليه تكون البينة عليه و ان كان منكرا فعليه اليمين فان جعلنا الملاك يوم المخالفة يلزم كون الرواية مخالفة للقواعد من ناحيتين الاولي:

ان دعوي الزيادة من المالك تقتضي اقامة البينة فلا وجه لليمين. الثانية: انه مع توجه اليمين لا مجال لإقامة البينة فلا بد من جعل المناط يوم التلف كي يرتفع الاشكال.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 371

______________________________

فنقول: الامام عليه السلام تعرض لصورتين:

الاولي اتفاق المالك و الغاصب علي قيمة يوم الاكتراء لكن الغاصب يدعي النقصان و المالك ينكره فالبينة علي المدعي.

الثانية كونهما متفقين علي اتحاد يوم الاكتراء و يوم التلف لكن المالك يدعي الزيادة في القيمة و الغاصب ينكرها فالواجب علي المالك اقامة البينة و الواجب علي الغاصب الحلف.

و يرد عليه: انه يمكن تصوير النزاع علي تقدير كون المدار يوم الغصب بنحو ينطبق علي الموازين بأن نقول: اذا اتفقا علي القيمة يوم الاكتراء و الغاصب يدعي نقصان القيمة يوم الغصب تكون البينة عليه و اليمين علي المالك اذ هو ينكر النقصان و أما اذا اتفقا علي أن قيمة يوم الاكتراء هي القيمة في يوم الغصب و لكن اختلفا في الزيادة و النقيصة تكون البينة علي المالك لأنه مدع و اليمين علي الغاصب لكونه منكرا فلا فرق في النتيجة من هذه الجهة.

و عن المحقق الايرواني قدس سره انه حمل مورد الرواية علي الامر العادي و الحلف لأجل اذعان الطرف الاخر و لا يرتبط بالحكم الشرعي كي يتوجه الاشكال المذكور.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأن حمل مورد الرواية علي الامر العادي خلاف الظاهر فان مقتضي الظاهر انه عليه السلام في مقام التشريع و بيان الحكم الالهي

و أفاد أيضا أن تصحيح مورد الرواية و تصويره في ضمن صورتين خلاف الظاهر فان الظاهر ان كلا الامرين وارد ان في مورد واحد و لا مانع فيه فان قاعدة ان اليمين علي المنكر و البينة علي المدعي ليست قاعدة عقلية غير قابلة للتخصيص بل قاعدة شرعية قابلة لان تخصص فنقول: في كل مورد يتحقق الغصب نظير مورد

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 372

[مسألة 34: كل من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال ضمن]

(مسألة 34): كل من آجر نفسه لعمل في مال غيره اذا

أفسد ذلك المال ضمن كالحجام اذا جني في حجامته و الختان في ختانه و هكذا الخياط و النجار و الحداد اذا أفسدوا (1) هذا اذا تجاوز الحد المأذون فيه أما اذا لم يتجاوز ففي الضمان اشكال (2) و ان كان الاظهر العدم (3) و كذا الطبيب المباشر للعلاج بنفسه اذا أفسد فهو

______________________________

الرواية اذا وقع الخلاف بين المالك و الغاصب يكون الخيار للمالك بين اقامة البينة و الحلف و هذا يناسب ارغام انف الغاصب فلاحظ ففي كل مورد تحقق الغصب و كان مورده من القيميات اذا تحقق الخلاف بين المالك و الغاصب و كان المالك مدعيا يكون له الخيار بين اقامة البينة و بين الحلف و بين رد اليمين الي الغاصب.

فتحصل مما تقدم: ان مقتضي القاعدة الاولية ان الميزان يوم الرد لكن مقتضي النص الخاص ان الميزان يوم الغصب فاذا قام اجماع تعبدي علي عدم الفرق بين موارد الضمان في القيمي نلتزم بأن الميزان في جميع الموارد بيوم الضمان و الا فلا بد من التفصيل بين موارد الغصب و غيرها بالالتزام يكون الميزان يوم الغصب في تلك الموارد و الالتزام بكون الميزان يوم الاداء في غيرها و اللّه العالم.

(1) لقاعدة الاتلاف مضافا الي ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعطي الثوب ليصبغه فيفسده فقال: كل عامل أعطيته أجرا علي أن يصلح فأفسد فهو ضامن «1».

(2) ينشأ من أن الزمان مقتضي قاعدة الاتلاف و مقتضي اطلاق رواية الحلبي

(3) بتقريب: ان قاعدة الاتلاف مصطادة و ليس عليها دليل و حديث الحلبي

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 373

ضامن (1) و أما اذا كان واصفا فالاظهر عدم

الضمان (2) و اذا تبرأ الطبيب من الضمان و قبل المريض أو وليه بذلك و لم يقصر في الاجتهاد فانه يبرأ من الضمان بالتلف و ان كان مباشرا للعلاج (3).

______________________________

منصرف عن مورد الاتلاف باذن الطرف المقابل و بعبارة اخري: تارة يتجاوز عن المقدار المأذون فيه و اخري لا يتجاوز عن ذلك المقدار بل يقتصر بالمقدار المأذون فيه فلا وجه للضمان. و ان شئت قلت: ان الاتلاف باذن من بيده الامر لا يقتضي الضمان و المستفاد من الرواية ان الاجير للإصلاح لو أفسد يكون ضامنا فلاحظ.

(1) لقاعدة الاتلاف و يؤيد المدعي ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه و الا فهو له ضامن «1».

و انما عبرنا بالتأييد لكون الرواية ضعيفة بالنوفلي فان مجرد كونه في أسناد كامل الزيارات لا يقتضي ثبوت وثاقته ان قلت الطبيب مأذون و لا ضمان مع الاذن قلت: انه مأذون في الاصلاح لا في الافساد.

(2) لعدم ما يقتضي الضمان و لا مجال لتوهم كونه السبب و السبب في المقام أقوي من المباشر كما انه لا مجال للأخذ بالرواية بدعوي شمولها للمقام بالاطلاق فانه لا شأن للواصف و لا يكون الفعل مستندا اليه كما أن الرواية لا تشمل المقام فان الظاهر من الرواية ان الموضوع فيها من يباشر العلاج مضافا الي أنها ضعيفة سندا فلا اعتبار بها.

(3) استدل علي المدعي برواية السكوني و قد مر ان السند ضعيف فلا بد من

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 374

[مسألة 35: إذا عثر الحمال فسقط ما كان علي رأسه أو ظهره فانكسر ضمنه مع التفريط في مشيه]

(مسألة 35): اذا عثر الحمال فسقط ما كان علي رأسه أو ظهره

فانكسر ضمنه مع التفريط في مشيه (1) و لا يضمنه مع عدمه (2) و كذلك اذا عثر فوقع ما علي رأسه علي اناء غيره فكسره (3).

[مسألة 36: إذا قال للخياط: ان كان هذا القماش يكفيني قميصا فاقطعه فقطعه فلم يكفه ضمن]

(مسألة 36): اذا قال للخياط: ان كان هذا القماش يكفيني قميصا فاقطعه فقطعه فلم يكفه ضمن (4) و أما اذا قال له: هل يكفيني قميصا فقال: نعم فقال: اقطعه فقطعه فلم يكفه فالظاهر انه لا ضمان

______________________________

انعقاد اجماع تعبدي علي المدعي و الا فلا بد من العمل علي طبق القاعدة و مقتضاها الضمان لإطلاق الادلة الا أن يقال بانصراف الادلة عن صورة الاذن أو يقال بقيام السيرة علي عدمه و ان شئت قلت: مرجع التبري الي الاذن في العلاج و الاتلاف مستندا الي المالك و باذنه لا يوجب الزمان لا في الماليات و لا في الاعضاء و اللّه العالم.

(1) لقاعدة الاتلاف الموجبة للضمان.

(2) لعدم المقتضي.

(3) لعين الملاك فان الضمان يحتاج الي الدليل و ان شئت قلت: لا يستند الكسر اليه فلا يضمن الا مع التقصير فيضمن.

(4) بتقريب: ان الاذن في القطع علق علي الكفاية و المفروض عدمها فالضمان علي القاعدة غاية الامر عدم كون الخياط مقصرا لاعتقاده الكفاية و لكن الضمان لا يختص بصورة التقصير بل يتحقق في صورة الاتلاف و لو مع العذر لكن لقائل أن يقول بأن التعليق علي الكفاية بحسب الفهم العرفي يرجع الي ايكال الامر الي الخياط. و بعبارة اخري: يرجع الي الاذن في القطع مع اعتقاد الخياط بالكفاية فلا وجه للضمان فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 375

اذا كان الخياط مخطئا في اعتقاده (1).

[مسألة 37: إذا آجر عبده لعمل فافسد فالأقوي كون الضمان في كسبه]

(مسألة 37): اذا آجر عبده لعمل فافسد فالاقوي كون الضمان في كسبه فان لم يف فعلي ذمة العبد يتبع به بعد العتق اذا لم يكن جناية علي نفس أو طرف و الا تعلق برقبته و للمولي فداؤه باقل الامرين من الارش و القيمة ان كانت خطا (2) و

ان كانت عمدا تخير ولي المجني عليه بين قتله و استرقاقه علي تفصيل في محله (3).

[مسألة 38: إذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان علي صاحبها]

(مسألة 38): اذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان علي صاحبها (4) الا اذا كان هو السبب بنخس أو ضرب

______________________________

(1) اذ المفروض ان القطع باذن المالك فلا وجه للضمان.

(2) بتقريب: ان مقتضي الجمع بين روايتين واردتين في المقام ما ذكر الاولي ما رواه زرارة و أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في رجل كان له غلام فاستأجره منه صانع أو غيره قال: ان كان ضيع شيئا أو أبق منه فمو اليه ضامنون «1».

الثانية: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل استأجر مملوكا فيستهلك مالا كثيرا فقال: ليس علي مولاه شي ء و ليس لهم أن يبيعوه و لكنه يستسعي و ان عجز عنه فليس علي مولاه شي ء و لا علي العبد شي ء «2» فنقول: الرواية الاولي تقيد بالثانية و تكون النتيجة ما أفاده في المتن.

(3) و تفصيل الكلام موكول الي بابه فليراجع و ليلاحظ.

(4) لعدم المقتضي للضمان فلا ضمان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 376

و اذا كان غيره السبب كان هو الضامن (1).

[مسألة 39: إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن صاحبها]

(مسألة 39): اذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن صاحبها (2) و لو شرط عليه اداء قيمة التالف أو أرش النقص صح الشرط و لزم العمل به (3).

[مسألة 40: إذا حمل الدابة المستأجرة أكثر من المقدار المقرر بينهما بالشرط أو لأجل التعارف فتلفت]

(مسألة 40): اذا حمل الدابة المستأجرة أكثر من المقدار المقرر بينهما بالشرط أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيبت ضمن ذلك (4) و عليه اجرة المثل للزيادة مضافة الي الاجرة المسماة (5) و كذا اذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معينة فزاد علي ذلك (6). و اذا استأجرها لحمل المتاع مسافة معينة فركبها أو بالعكس لزمته الاجرة المسماة و اجرة المثل للمنفعة المستوفاة و كذا الحكم في أمثاله مما كانت فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالاجارة (7).

______________________________

(1) كما هو مقتضي القاعدة فان الاتلاف يستند الي صاحبها في الفرض الاول فيضمن والي الاجنبي في الفرض الثاني فيضمن هو فلاحظ.

(2) لعدم موجب للضمان فان يد الامين ليست يد ضمان.

(3) اذا رجع الي شرط الفعل و تقدم في اول الفصل تفصيل الكلام فراجع.

(4) لكون يده في الفرض يد عدوان و خارجة عن الامانة فالضمان علي القاعدة.

(5) أما اجرة المثل فللزيادة و أما الاجرة المسماة فللإجارة.

(6) الكلام فيه هو الكلام فلا وجه لإعادة التقريب.

(7) لعين الملاك و صفوة القول: ان الاجارة تقتضي دفع الاجرة المسماة و اجرة المثل بلحاظ الانتفاع الذي لا يكون موردا للإجارة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 377

بلا فرق بين الاجارة الواقعة علي الاعيان كالدار و الدابة و الاجارة الواقعة علي الاعمال كما اذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة (1).

[مسألة 41: إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر عمدا أو خطأ]

(مسألة 41): اذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر عمدا أو خطا لم يستحق علي المستأجر شيئا (2).

[مسألة 42: إذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحملها المالك متاع عمرو لم يستحق اجرة لا علي زيد و لا علي عمرو]

(مسألة 42) اذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحملها المالك متاع عمرو لم يستحق اجرة لا علي زيد و لا علي عمرو (3).

[مسألة 43: إذا استأجر دابة معينة من زيد للركوب الي مكان معين فركب غيرها عمدا أو خطا]

(مسألة 43): اذا استأجر دابة معينة من زيد للركوب الي مكان معين فركب غيرها عمدا أو خطا لزمته الاجرة المسماة للأولي و اجرة المثل للثانية و اذا اشتبه فركب دابة عمرو لزمته اجرة المثل لها مضافة الي الاجرة المسماة لدابة زيد (4).

______________________________

(1) اذ حكم الامثال واحد و لا وجه للفرق بعد وحدة الملاك فلاحظ.

(2) عدم استحقاق اجرة المثل للخياطة علي القاعدة و أما عدم استحقاق الاجرة المسماة فلا وجه له اذ بالعقد يستحق الاجير الاجرة المسماة غاية الامران فسخ المستأجر لا يستحق شيئا و ان لم يفسخ يبقي استحقاقه بالنسبة الي الاجرة المسماة بحاله و يضمن الاجير للمستأجر اجرة المثل للعمل الذي كان مورد الاجارة.

(3) أما عدم الاستحقاق بالنسبة الي عمرو فعلي القاعدة اذ لم يكن بأمره و أما بالنسبة الي زيد فالاستحقاق متحقق بالعقد فاذا فسخ زيد الاجارة لا يستحق الاجير شيئا و الا يبقي الاستحقاق بحاله غاية الامر يضمن الاجير له اجرة مثل العمل الفائت كما مر في الفرع السابق فلاحظ.

(4) ما أفاده ظاهر واضح فان الضمان بالنسبة الي احدهما بالعقد و أما بالنسبة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 378

[مسألة 44: إذا استأجر سفينة لحمل الخل المعين مسافة معينة فحملها خمرا مع الخل المعين]

(مسألة 44): اذا استأجر سفينة لحمل الخل المعين مسافة معينة فحملها خمرا مع الخل المعين استحق المالك عليه الاجرة المسماة و اجرة المثل لحمل الخمر لو فرض انه كان حلالا (1).

[مسألة 45: يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها باللجام علي النحو المتعارف إلا مع منع المالك]

(مسألة 45): يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها باللجام علي النحو المتعارف الا مع منع المالك (2) و اذا تعدي عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها (3) و في صورة الجواز لا ضمان للنقص علي الاقوي (4).

______________________________

الي الاخر فبالانتفاع و من الظاهر ان مال المسلم محترم و لا يذهب هدرا فالانتفاع يقتضي الضمان باجرة المثل فلاحظ.

(1) اذ فرض انه حملها ما لا يكون مورد الاجارة فبمقتضي العقد يستحق الاجرة المسماة و بمقتضي الانتفاع الزائد يستحق اجرة المثل لكن هذا فيما يكون حمله حلالا و أما اذا كان حراما فلا يستحق الاجر اذ العمل الحرام لا يكون محترما عند الشارع فلا يتصور له الاجر.

(2) بأن يشترط عليه عدمه في ضمن العقد أو قام قرينة عرفية علي عدم الجواز كما لو كان المالك مصاحبا مع المستأجر و كان المتعارف أن يكون المالك بنفسه سائقا و الا لم يكن أثر لمنعه مع فرض كون المتعارف جوازه و بعبارة اخري:

لا بد في الحكم بكون المنع مؤثرا من تقييده بكونه عن حق.

(3) اذ المفروض انه لم يكن مرخصا فيه و بمقتضي قاعدة ضمان التلف بالاتلاف يتحقق الضمان كما أنه لو تعدي بحيث خرجت اليد عن عنوان الامانة يتحقق الضمان بمقتضي قاعدة علي اليد.

(4) اذ بعد فرض كون تصرفه و ضربه متعارفا و موافقا للقاعدة و جائزا شرعا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 379

[مسألة 46: صاحب الحمام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت]

(مسألة 46): صاحب الحمام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت (1) الا اذا جعلت عنده وديعة و قد تعدي أو فرط (2).

[مسألة 47: إذا استوجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن]

(مسألة 47): اذا استوجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن (3) الا

______________________________

لا وجه للضمان اذ المفروض ان يده يد امانة و بعبارة واضحة: ان تصرفه يكون باذن المالك فلا مجال للضمان.

(1) لعدم المقتضي للضمان.

(2) فان الامين لا يضمن ما دام لا يتعدي و لا يفرط و الا يكون يده يد عدوان فالضمان علي القاعدة.

(3) لعدم ما يوجب الضمان بل الضامن هو السارق و يظهر من حديثين الضمان اذا كان اجيرا علي الحفظ:

احدهما: ما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام انه كان لا يضمن صاحب الحمام و قال: انما يأخذ الاجر علي الدخول الي الحمام «1».

ثانيهما: ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: لا ضمان علي صاحب الحمام فيما ذهب من الثياب لأنه انما اخذ الجعل علي الحمام و لم يأخذ علي الثياب «2» و كلا الحديثين ضعيفان سندا.

و صاحب الوسائل أفاد بأن الصدوق روي الحديث الثالث من الباب عن ابن مسكان و لم نجده و علي فرض تحققه لا أثر للحديث الا أن يصل السند الي المعصوم عليه السلام بطريق معتبر مضافا الي ما دل علي عدم الضمان لاحظ ما رواه الحلبي «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 356

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 380

مع التقصير في الحفظ (1) و الظاهران غلبة النوم لا تعد من التقصير (2) نعم اذا اشترط عليه اداء القيمة اذا سرق المتاع وجب الوفاء به (3)

و لم يستحق اجرة في الصورتين (4).

[مسألة 48: إنما يجب تسليم العين المستأجرة إلي المستأجر إذا توقف استيفاء المنفعة علي تسليمها]

(مسألة 48): انما يجب تسليم العين المستأجرة الي المستأجر اذا توقف استيفاء المنفعة علي تسليمها كما في اجارة آلات النساجة و النجارة و الخياطة أو كان المستأجر قد اشترط ذلك و الا لم يجب

______________________________

(1) اذ بالتعدي أو التفريط تخرج اليد عن الامانية و تدخل في اليد العدوانية فالضمان علي القاعدة.

(2) اذا كان علي النحو المتعارف و لم يكن مقصرا و تشخيص الموضوع بنظر المكلف.

(3) اذ التدارك جائز فاذا جاز وجب باشتراطه لقاعدة «المؤمنون عند شروطهم»

(4) بتقريب: ان مورد الاجارة حفظ المتاع و المفروض انه لا يكون قادرا فلا موقع لإيقاع الاجارة عليه. و بعبارة اخري: اذا لم يكن قادرا علي الحفظ لا يكون مالكا لهذا الفعل و مع عدم كونه مالكا لا مجال لتمليكه من الغير بالاجارة فالاجارة باطلة من الاول.

و لقائل أن يقول: المتعارف في أمثال المقام ايقاع الاجارة علي ما يمكنه و ان شئت قلت: تقع الاجارة بازاء بذل الجهد في الحفظ لا علي الحفظ بما هو حفظ بحيث يكشف السرقة عن بطلان الاجارة لعدم قدرة الاجير عليه. و يرد علي الماتن انه لا يري نفوذ الشرط الواقع في ضمن العقد الفاسد و المفروض ان العقد فاسد في المقام فكيف يكون الشرط نافذا و الحق عندنا نفوذ الشرط و لو كان واقعا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 381

فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب علي المؤجر تسليمها اليه (1).

[مسألة 49: يكفي في صحة الإجارة ملك المؤجر المنفعة و إن لم يكن مالكا للعين]

(مسألة 49): يكفي في صحة الاجارة ملك المؤجر المنفعة و ان لم يكن مالكا للعين فمن استأجر دارا جاز له أن يؤجرها من غيره و ان لم يكن مالكا لنفس الدار (2) فاذا توقف استيفاء المنفعة علي تسليمها وجب علي المؤجر الثاني تسليمها الي المستأجر منه

(3) و ان لم يأذن له المالك (4) و اذا لم يتوقف استيفاء المنفعة علي التسليم كالسفينة و السيارة لم يجب علي المؤجر الاول تسليمها الي الثاني (5).

______________________________

في ضمن العقد الفاسد و التفصيل موكول الي مجال آخر.

(1) ما أفاده تام فان الواجب علي الموجر تسليم المنفعة ففي مثل اجارة السفينة يكون للمستأجر الانتفاع بها و الانتفاع منها لا يستلزم تسليم العين كما هو ظاهر و علي الجملة وجوب التسليم متوقف علي قيام دليل عليه و الا فلا وجه للالتزام بما ذكر كما هو واضح و بعبارة واضحة ان الوجوب في مفروض الكلام بلا دليل فان المستأجر له حق الانتفاع من العين المستأجرة فلو لم يتوقف الانتفاع علي التسليم لا يجب الا مع الشرط كما في المتن فان التسليم جائز و بالشرط يجب.

(2) لان الاجارة تمليك المنفعة و ملك المنفعة لا يستلزم ملك العين كما هو ظاهر فلو استأجر دارا مدة و قبل انقضاء المدة مات تنتقل منفعة الدار الي وارثه و يجوز له أن يوجر الدار من الغير.

(3) فان صحة الاجارة تستلزم وجوب تسليم موردها ان كان الانتفاع متوقفا علي التسليم كما مر في بعض الفروع.

(4) فانه ليس له حق المنع بعد ما آجر داره علي النحو المتعارف.

(5) كما مر اذ المفروض ان الانتفاع لا يتوقف علي التسليم.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 382

الا اذا اشترط عليه ذلك (1) و لا يجوز للمؤجر الثاني تسليمها الي المستأجر منه و ان اشترط عليه (2) بل الشرط يكون فاسدا (3) نعم اذا اذن له المالك فلا بأس (4) كما انه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني الي المستأجر منه لا يجوز التسليم الا اذا كان

المستأجر منه امينا (5) فاذا لم يكن امينا و سلمها اليه كان ضامنا (6) هذا اذا كانت الاجارة مطلقة أما اذا كانت مقيدة كما اذا استأجر الدابة لركوب نفسه فلا تصح اجارتها من غيره فاذا آجرها من غيره بطلت الاجارة (7) فاذا ركبها المستأجر الثاني و كان عالما بالفساد

______________________________

(1) حيث ان التسليم جائز و بالشرط يجب بمقتضي دليل الشرط.

(2) اذ التسليم في الصورة المفروضة تصرف في مال الغير و يحتاج الي الاذن منه و الشرط لا يكون مشرعا. و بعبارة اخري: لا بد من كون متعلق الشرط جائزا في حد نفسه كي يجب بالشرط و المفروض عدم كونه مشروعا.

(3) لكونه علي خلاف السنة فيفسد كما هو المقرر.

(4) بلا اشكال فانه مع اذن المالك لا مانع من التصرف.

(5) اذ مع عدم كونه امينا يكون التسليم اليه خيانة في مال الغير و لا يجوز للمستأجر الخيانة في العين المستأجرة.

(6) لخروج يده عن الامانية و تعنونها بالعدوانية مضافا الي النص لاحظ ما رواه الصفار «1».

(7) اذ المفروض ان الموجر الثاني لم يكن مالكا للمنفعة المطلقة و اجارة غير

______________________________

(1) لاحظ الحديث في شرح المسألة (53)

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 383

كان آثما (1) و يضمن للمالك اجرة المثل للمنفعة المستوفاة و للمؤجر باجرة المثل للمنفعة الفائتة (2).

______________________________

المالك لا أثر لها.

(1) لان تصرفه في مال الغير بلا اذنه حرام شرعا.

(2) هذا مبني علي صحة القول بتعلق الملكية بالمنافع المتضادة اذ علي هذا المبني يتم ما أفاده في المتن فان المستأجر الثاني يضمن للمالك و للمستأجر الاول أما للمالك فللمنفعة المستوفاة و أما للمستأجر الاول فلفوت المنفعة المملوكة له و حيث انجر الكلام الي هنا ناسب أن يرسل عنان البحث الي بيان

الاشكال الوارد في كلام القوم بالنسبة الي ملكية المنافع المتضادة و حاصل ذلك الاشكال ان العين الواحدة ليست لها الا منفعة واحدة. و بعبارة اخري: العين الواحدة لا تتحمل الا منفعة واحدة فليس للمالك الا منفعة واحدة من تلك المنافع فلو فرض انه لا يملك الا منفعة واحدة لم يكن مجال الا لضمان واحد.

و الذي يدل علي المدعي ان الغاصب للعين لا يكون ضامنا لجميع المنافع فالنتيجة ان المالك يملك الجامع بين تلك المنافع و في مقام التصرف له الخيار في اختيار اي منفعة من تلك المنافع و صفوة القول: ان المنافع المتضادة لا تكون قابلة للاجتماع في الخارج فلا يكون مالك العين الا مالكا للجامع.

و أفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام «انه يمكن ملكية تمام المنافع المتضادة في عرض واحد و السرّ فيه ان التضاد انما هو في نفس تلك المنافع اذ لا يعقل أن يجتمع السير مع الدابة الي الطرف الشرقي مع السير بها الي الطرف الغربي و لكن لا مقتضي لسراية التضاد الواقع بينهما الي عالم اعتبار ملكيتها فلا تنافي بين اعتبار هذه المنفعة و المنفعة الاخري فان الاعتبار خفيف المئونة فيمكن اجتماع الاعتبارات في صعيد واحد.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 384

______________________________

ان قلت: لا بد أن يكون الاعتبار متعلقا بأمر مقدور و الا يكون لغوا قلت:

يكفي في عدم كونه لغوا كون المتعلق مقدورا في نفسه لا مع قيد اجتماعه مع المتعلق الاخر و ان شئت قلت: ان من بيده الامر يعتبر ملكية كل واحدة منها و لا يعتبر ملكية المجموع بما هو مجموع فالجمع في الاعتبار لا في المعتبر».

ثم قال: «و يتضح المدعي بامعان النظر في الافعال المباحة المتضادة فانه لا اشكال

في اشتراط القدرة في متعلق الاباحة و أيضا لا اشكال في التضاد بين الافعال المتضادة و عدم امكان اجتماعها و مع ذلك نري ان الشارع اباح كل واحد منها فالجمع بين الاباحات لا بين المباحات و المقام كذلك فان اعتبار الملكية متعلق بكل فائدة بحيالها لا بعنوان كونها منضمة الي غيرها كي يقال: اجتماعها غير معقول فاعتبار ملكيتها لغو.

ان قلت: لا فائدة في هذا الاعتبار و مع عدم الفائدة و اللغوية لا يصدر عن الحكيم تعالي عن ذلك قلت: المالك و ان لا يمكنه الجمع بين المتعلقات لكن تظهر فائدة الاعتبار المذكور في مثل المقام حيث ان ضمان الاجرة المسماة يتحقق بالعقد و ضمان اجرة المثل يتحقق بالاستيفاء و هذا أمر ظاهر مترتب علي ملكية كل واحد من تلك المنافع و يمكن أن يجعل صحيح أبي ولاد «1» مؤكدا و معاضدا للمدعي اذ يستفاد من تلك الرواية ان الغاصب ضامن للأجرة بالنسبة الي ما تجاوز عن الحد و هو السير من الكوفة الي النيل الي آخره مضافة الي الاجرة المسماة التي لا خلاف فيها حتي من أبي حنيفة.

و بعبارة اخري: يستفاد من الحديث مفروغية ضمان الغاصب بالنسبة الي الاجرة المسماة و لا يكون أبو حنيفة مخالفا فيها و انما تعرض عليه السلام لمورد

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 385

______________________________

الخلاف و هو التصرف العدواني الذي ارتكبه الغاصب ان قلت: الالتزام بملكية المنافع المتضادة يستلزم القول بكون الغاصب ضامنا لجميع المنافع و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ قلت: لا مقتضي لهذا القول لأن الضمان مسبب من احد امور ثلاثة:

الاول: الاتلاف. الثاني: وضع اليد العادية علي المال. الثالث: الاستيفاء و المفروض ان الغاصب استوفي منفعة من

تلك المنافع و يتحقق الضمان بالاستيفاء و أما بقية المنافع فلم يستوفها فلا ضمان من ناحية الاستيفاء و هكذا بالنسبة الي الاتلاف و التلف اذ لا يصدق انه أتلف علي المالك تلك المنفعة لان المالك لا يكون مالكا للمجموع و قس عليه التلف.

و علي الجملة حيث ان اجتماعها أمر غير ممكن لا يصدق الاتلاف و لا التلف بالنسبة الي المنافع غير المستوفاة نعم لو استوفي الغاصب من العين المغصوبة منفعة ضئيلة و الحال انه يمكن استيفاء منفعة تكون اجرتها أزيد يكون الغاصب ضامنا للأجرة الراقية و بعبارة اخري: هو ضامن للمقدار الذي تلف اعم من أن يستوفي تلك المنفعة الراقية أم لا.

و علي الجملة حيث ان المنافع لا تجتمع خارجا و لا يعقل اجتماعها لا يصح أن يقال أتلف المنافع جميعها فان الاتلاف يقع علي ما يكون قابلا للانتفاع و المفروض ان الانتفاع بالجميع غير ممكن. و يدل علي المدعي حديث أبي ولاد «1» فان الغاصب لو كان ضامنا لجميع المنافع لكان عليه عليه السلام البيان و الحال انه لم يبين فيعلم ان الغاصب ضامن لمنفعة واحدة اي الدرجة العالية و اغلاها.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 385

هذا تمام الكلام علي القول بكون المالك مالكا لكل واحدة من المنافع و أما

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 386

______________________________

علي القول بعدم الامكان فيدور الامر بين وجوه ثلاثة: الوجه الاول: ان المالك مالك للجامع بين المنافع فاذا طبقه علي منفعة خاصة كما لو آجر الدابة للحمل لم يبق له مدة الاجارة الا ملك نفس الدابة و لا يكون

مالكا لمنفعة الدابة و عليه لو استفاد المستأجر من الدابة منفعة اخري لا يكون ضامنا للمالك.

و يرد عليه ان لازم هذا القول ان المستأجر لو استأجر الدابة لمنفعة ضئيلة في قبال اجرة زهيدة و استفاد منها المنفعة الراقية العظمي لم يكن ضامنا للمالك و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ كلا. و هذا يشبه فتوي أبي حنيفة و اضرابه اي بها تمنع السماء عن قطرها.

الوجه الثاني: الالتزام بأن المستأجر لما لم يستوف المنفعة المستأجرة و استوفي بدلها منفعة مضادة اقتضي ذلك انفساخ العقد و فساده و لذا لا يضمن الا اجرة المثل بالنسبة الي ما استفاد و ربما يقال: ان هذا يستفاد من حديث أبي ولاد بدعوي: ان التعرض لأجرة المثل و السكوت عن اجرة المسمي يكشف عن هذا الادعاء.

و فيه: اولا: انه لا وجه لانفساخ العقد و الشاهد علي عدم الانفساخ ان المستأجر لو لم يستوف من العين و أبقاها معطلة فلا يكون ضامنا للأجرة المسماة فهل يمكن ان انتفاعه منفعة اخري يوجب السقوط و انفساخ العقد؟ و هذا ينطبق علي أية قاعدة فقهية؟ و أما حديث أبي ولاد فقد مر البحث حوله و بينا المستفاد منه.

و ثانيا: ان لازم هذا المدعي براءة ذمة المستأجر عما اشتغلت به حين الاجارة كما لو استأجر دابة للرواح الي كربلا مثلا بدينار و استعمل الدابة في طريق تكون اجرتها بالنسبة الي ذلك الطريق نصف دينار فان مقتضي هذه الدعوي براءة ذمة المستأجر من النصف الاخر بلا موجب و وجه و لا يمكن الالتزام بهذا اللازم.

الوجه الثالث: ما عن الميرزا قدس سره و هو التفصيل بين ما اذا كانت اجرة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 387

و لكنه مع الجهل و

علم المؤجر بالحال يرجع الي المؤجر بما غرمه للمالك (1) و اذا آجر الدابة للركوب و اشترط علي المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه أو أن لا يؤجرها من غيره آجرها قيل بطلت الاجارة فاذا استوفي المستأجر منه المنفعة كان ضامنا له اجرة المثل لا للمالك (2) و لكن الاظهر صحة الاجارة و ثبوت الخيار للمالك في فسخ

______________________________

المنفعة المستوفاة مساوية للأجرة المسماة أو أقلّ و بين ما اذا كانت أكثر فعلي الاول لا يستحق المالك الا المسماة و علي الثاني يستحقها مع الضميمة.

و فيه: ان المنفعة المستوفاة ان كانت ملكا لمالك العين استحق علي المستوفي تمام الاجرة لا مقدار ما به التفاوت فقط و ان لم تكن ملكا له فلا مقتضي لاستحقاق ذلك المقدار الزائد فالحق ما ذكرنا خلافا لأبي حنيفة حيث ذهب الي مذهبه الباطل من أن الخراج بالضمان نعم ما ذكر في الوجه الثالث وجيه بالنسبة الي ما يكون النسبة بين المنفعتين نسبة الاقل و الاكثر لا نسبة التضاد التي هي محل الكلام كما لو استأجر دابة لحمل بضاعة وزنها خمسون غراما فحملها ما يعادل ستين فان المستأجر لا محالة يضمن لهذه الزيادة اذ لا موجب لذهاب تلك الزيادة هدرا و قد كانت قابلة لان يستوفها المالك بأن يؤجر الدابة لحمل ستين غراما و الظاهر انه لا خلاف في هذا الفرض في ضمان الزيادة بخلاف المنافع المتضادة حيث وقعت محل الخلاف و الكلام و لكن أبا حنيفة خالف في هذا الفرع أيضا و ذهب الي عدم الضمان بالنسبة الي الزيادة بدعوي: ان الخراج بالضمان «1».

(1) لقاعدة ان المغرور يرجع الي من غره.

(2) بتقريب: انه مع الشرط ليس له الاجارة من الغير و مع فرض الاجارة

______________________________

(1)

مستند العروة كتاب الاجارة ص: 310- 319

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 388

عقده و مطالبة المستأجر منه باجرة المثل (1).

______________________________

و انتفاع المستأجر الثاني من العين يضمن للمستأجر الاول اجرة المثل للمنفعة المستوفاة.

(1) اذ الشرط لا يقصر سلطنته وضعا و غايته ثبوت الحكم التكليفي نعم اذا تخلف عن الشرط يثبت للمالك خيار التخلف فاذا فسخ العقد يثبت الضمان اي يضمن المستأجر الثاني اجرة المثل للمالك كما في المتن.

و ربما يقال: ان الامر بالوفاء بالشرط ينافي الامر المتعلق بالوفاء بعقد الاجارة فلا يمكن أن تكون الاجارة صحيحة و الجواب عن هذا الاشكال انه لا مجال لاجتماع الامرين اذ ما دام لم يتحقق عقد الاجارة يكون الامر بالوفاء بالشرط موجودا و أما الامر بالوفاء بعقد الاجارة غير موجود و بعد عصيان الامر بالوفاء بالشرط الامر بالوفاء بعقد الاجارة موجود مع انتفاء الامر بالوفاء بالشرط بالعصيان.

فان الامر بالوفاء بالشرط ما دام موجودا لا تصل النوبة الي الامر بالوفاء بالعقد و بعد سقوط الامر بالشرط بالعصيان تصل النوبة الي الامر بالوفاء بالعقد و الامر بالشرط غير موجود فأين يجتمعان.

و ربما يقال: ان الامر بالشرط يمنع عن صحة العقد فكأن المكلف بالتكليف الشرعي يكون غير قادر علي الاجارة و فيه: ان التكليف بالوفاء لا يقتضي فساد الاجارة كيف و هو مأمور بالعمل بالشرط فلو لم يكن قادرا علي العقد كيف يؤمر بالوفاء.

و ربما يقال: ان اطلاق دليل وجوب العمل بالشرط حتي بعد الاجارة يقتضي فسادها و فيه: انه لا مجال لبقاء الامر بالشرط بعد العصيان فان المشروط عليه اذا خالف شرطه و آجر العين من الغير يسقط الامر بالشرط و يتحقق للمشروط له خيار تخلف الشرط فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 389

[مسألة 50: إذا استأجر الدكان مدة فانتهت المدة وجب عليه إرجاعه إلي المالك]

(مسألة 50): اذا استأجر الدكان مدة فانتهت المدة وجب عليه ارجاعه الي المالك و لا يجوز له ايجاره من ثالث الا باذن المالك (1). كما لا يجوز له اخذ مال من ثالث ليمكنه من الدكان المسمي في عرفنا «سرقفلية» الا اذا رضي المالك (2) و اذا مات المستأجر لم يجز أيضا لوارثه أخذ «السرقفلية» الا اذا رضي المالك (3) فاذا أخذها يرضا المالك لم يجب اخراج ثلث للميت اذا كان قد

______________________________

ثم انه لا يخفي أن ما أفاده من ضمان المستأجر الثاني بالمثل للمالك مبني علي مرام الماتن حيث يري ان فسخ الاجارة من الاصل و أما علي المسلك الاخر و هو كون الفسخ من الحين فلا وجه لبطلان الاجارة الثانية بل الاجارة الثانية باقية بحالها حتي بعد الفسخ غاية الامر للمالك مطالبة اجرة المثل من المستأجر الاول بالنسبة الي المدة الباقية بعد الفسخ و بعبارة اخري: المستأجر الاول أتلف مال المالك بالتلف الحكمي فعليه دفع اجرة المثل.

(1) لان اختيار المال بيد مالكه فليس للمستأجر بعد انتهاء المدة التصرف في الدكان و يجب عليه ارجاع أمره الي مالكه و لا يجوز له ايجاره من الغير الا باذن المالك.

(2) الظاهر ان المراد من الجملة تسليم الدكان الي غير المالك كما يعامل ذلك الغير مع المالك فيأخذ شيئا في مقابل هذا التفويض و الظاهر انه لا مانع منه اذا كان باذن المالك اذ لا مانع في التسليم و التفويض الا من ناحية التصرف في مال الغير فاذا رضي المالك به لا يبقي مانع منه.

(3) الكلام فيه هو الكلام فانه لا وجه للجواز الا مع اذن المالك و مع اذنه لا مانع منه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 390

أوصي (1)

الا اذا كان رضا المالك مشروطا باخراج الثلث (2) نعم اذا اشترط المستأجر علي المالك في عقد الاجارة أو عقد آخر لازم أن يأخذ «السرقفلية» جاز له أخذها فاذا مات كان ذلك موروثا لوارثه و وجب اخراج ثلثه اذا كان أوصي (3).

______________________________

(1) لان السرقفلية لا تكون مما تركه الميت فلا يجب اخراج الثلث منها.

(2) كما هو ظاهر فان الاخذ منوط باذن المالك و اذن المالك مقصور في هذه الدائرة و في هذا الفرض فمع عدم الاخراج لا يجوز له الاخذ.

(3) بمقتضي الشرط المقتضي للنفوذ و في المقام اشكال و هو ان الشرط لا بد أن يكون أمرا مشروعا في وعاء الشريعة و بعبارة اخري: دليل الشرط لا يكون مشرعا فلا بد من احراز شرعيته قبل وقوعه تحت دليل الشرط و علي هذا الاساس لا بد في المقام من كون هذا الحق شرعيا و بعد تماميته يقع مورد الشرط و ما يتصور في هذا المقام لصحته وجوه:

الوجه الاول: ان المالك له حق ايجار ملكه و يجوز له أن ينقل هذا الحق الي الغير بعوض و مقتضي دليل جواز أكل المال بالتجارة عن تراض جواز هذه المبادلة بل يمكن نقله بالمصالحة و بعد تحقق العقد المذكور يكون لازما بمقتضي عموم وجوب الوفاء بالعقد فعليه يكون نقل هذا الحق الي الغير جائزا و صحيحا فلو وقع هذا النقل تحت عنوان الشرط بنحو شرط النتيجة يحصل المقصود و يرتفع الاشكال فهذا الحق يبقي للطرف الاخر و بعد موته ينتقل الي وارثه بل له أن ينقله الي غيره و هكذا كما هو المتداول عند الناس و أهل السوق.

و فيه: اولا انا لا نفهم و لا نجد حقا للمالك غير نفوذ

معاملاته في ملكه من البيع و الاجارة و أمثالهما و أما الزائد عليه كي يقع عليه المعاملة فلا نجده و بعبارة اخري: حق الايجار كحق البيع و هل يمكن الالتزام بجواز نقل المالك حق بيعه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 391

______________________________

لماله الي الغير و ان شئت قلت: المستفاد من الدليل الشرعي ان المالك لو باع داره أو آجر دكانه او غسل يده النجسة يصح بيعه و تصح اجارته و تطهر يده فلا موضوع كي يقع عليه النقل و الانتقال.

و ثانيا: لو شك في وجود الحق المذكور يحكم بعدمه باصالة عدم تحققه شرعا.

الوجه الثاني: أن يشترط المالك للمستأجر في ضمن عقد الاجارة أن لا يزاحمه بالنسبة الي اجارة الدكان أو الخان فيما يرتكبه المستأجر و بهذا الاشتراط يصبح المشروط له حرا في عمله و له ايجار الدكان بأي نحو يريد فيجوز اخذ السرقفلية بهذه الحيلة.

و يرد عليه اولا: انه لو مات المالك و انتقل الملك الي وارثه فبأي مستند يتصرف المستأجر في ملك المالك اذ بعد موته يكون من بيده الامر وارثه و انقطعت يد المالك عنه و ثانيا: لو مات المستأجر لا يكون حق لوارثه اذ لم يكن المورث مالكا لحق كي يرثه وارثه بالموت الا أن يقال: بأن المالك يشترط عدم المزاحمة حتي مع وارث المستأجر.

و ثالثا: ان مجرد عدم المزاحمة لا يخرج العقد عن الفضولية بل يتوقف علي الاجازة و لا أقلّ من الرضا فلو فرض انه لم يجز أو لم يرض يكون العقد باطلا و ان كان الشارط عاصيا لعدم وفائه بالشرط الا أن يقال: ان الشرط يوجب حقا للمشروط له فيمكنه اجبار الشارط علي العمل به و ان امتنع تصل النوبة الي

دخالة الحاكم الشرعي في الامر و تصديه لأنه ولي الممتنع و هل يمكن الالتزام بأن المتداول الخارجي علي هذا المنوال.

الوجه الثالث: ان المستأجر يشترط علي المالك في عقد الاجارة أن يعمل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 392

______________________________

المالك علي طبق ما يريده المستأجر و بمقتضي هذا الشرط يكون المستأجر مبسوط اليد في كل امر يريد و يجب علي الموجر المالك موافقته بمقتضي الشرط.

و يرد عليه اولا: ان المالك لو لم يوافق و عصي لا يكون المستأجر مبسوط اليد و بعبارة اخري: مرجع هذا الشرط الي اشتراط الفعل و ليس شرطا للنتيجة غاية الامر يثبت للشارط حق اجبار المشروط عليه و لا بد من مراجعة الحاكم الشرعي لأنه ولي الممتنع و ثانيا ان المشروط عليه لو مات و انتقلت العين الي الورثة لا يبقي للمستأجر حق بعد موته اذ الامر بعد موت المالك بيد وارثه و ثالثا: لو مات المشروط له يتم الامر و ليس لوارثه ذلك الحق اذ لم يكن حق ينتقل اليه بمقتضي الارث.

الوجه الرابع: أن يوكل المالك المستأجر في ضمن عقد الاجارة في اجارة العين بأي نحو شاء و حيث ان هذه الوكالة تقع بعنوان الشرط في ضمن العقد تكون لازمة بمقتضي دليل الشرط بل بمقتضي وجوب الوفاء بالعقد و ما يتعلق به فيكون المستأجر بمقتضي الوكالة اللازمة مبسوط اليد فيما يريد.

و يريد عليه اولا: ان الوكالة تبطل بموت الموكل فلا أثر لهذه الحيلة لما بعد موته و ان شئت قلت: ان الموكل بموته ينعزل عن التصرف و ينتقل المال الي الوارث و امره يفوض اليه فما فائدة هذه الوكالة و ثانيا: ان الوكالة تبطل بموت الوكيل و لا أثر لها بعد موته و اشتراط

أن تنتقل بالارث الي الوارث لا يؤثر لان الشرط لا يكون مشرعا و في الرتبة السابقة لا بد من مشروعيته كي يلزم بالشرط و الحال ان مقتضي القواعد عدم انتقال الوكالة بالارث نعم لو وكل المالك المستأجر في توكيل الوارث و عمل المستأجر بهذا التوكيل و وكل الوارث عن قبل المالك لا تصل النوبة الي الارث بل يكون الوارث وكيلا من قبل الموكل اصالة لا بالارث و غير

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 393

______________________________

خفي ان الوجه المذكور مجرد فرض و خيال و ليس منه في الخارج أثر بل لا يخطر في ذهن احد من أهل السوق.

الوجه الخامس: انه لا شبهة ان العرف و اهل السوق يتعاملون علي السرقفلية و هذه المعاملة رائجة دارجة في الاسواق فيؤخذ الموضوع من العرف و يحكم عليه بالصحة بالدليل الشرعي أي حلية أكل مال الغير بالتجارة عن تراض و امثاله.

قلت: يرد عليه اولا النقض بأن العرف اذا عاملوا علي حق البيع بأن أعطوا حقهم في بيع دارهم أو دكانهم في مقابل عوض أ فهل يكون هذا صحيحا و شرعيا؟

و ثانيا: بالحل بأنه قد سبق و مر انه لا حق في أمثال المقام و لو شك فيه يحكم بعدمه بمقتضي استصحاب العدم الازلي فلا يكون مبدلا في قبال البدل فلاحظ.

الوجه السادس: ان المالك يشترط للمستأجر أن يأذن له فيما يرتكبه و يكون راضيا بما يفعله و حيث ان هذا الاذن يقع بنحو الاشتراط يكون لازما و ليس له أن يرجع من اذنه و رضاه.

و فيه: ان هذا الاذن علي فرض تماميته بالتقريب المذكور لا أثر له بعد موت المالك اذ العين بعد موت المورث يكون أمرها بيد الوارث و لا يترتب علي

اذن المورث اثر كما انه لو مات المأذون فلا وجه لبقاء الاذن اذ الاذن للمستأجر الا أن يقال يمكن تصوير سعة دائرة الاذن من الاول بأن يكون للمستأجر و لو رشته.

و قد بين سيدنا الاستاد في رسالته العملية وجوها لتصحيح أخذ السرقفلية:

الاول: ان المالك يمكنه أن يوجره كأنه كل شهر بمبلغ مأئة تومان مثلا مضافا الي نصف مليون تومانا و يشترط للمستأجر أن لا يزاحمه و يكون له حق الاستيجار ما دام يريد و لا يزيد علي مقدار مال الاجارة و اذا أراد المستأجر أن يفوض امر الاجارة الي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 394

______________________________

الغير يكون له هذا الحق و يعامل المالك مع المستأجر الثاني مثل ما عامل مع الاول ففي هذه الصورة يكون للمستأجر الاول أن يأخذ السرقفلية من الثالث في قبال رفع يده عن الدكان و يكون حلالا له و بهذه الحيلة الشرعية يتم الامر و ينسد باب الاشكال.

و فيه ان جعل هذا الحق للمستأجر بلا اذن من المالك يكون مخالفا للشرع فلا يمكن الاشتراط ان قلت: هذا الاذن يرجع الي توكيل المستأجر و حيث ان التوكيل وقع بعنوان الاشتراط يلزم قلت: قد مران الوكالة تبطل بموت الموكل فلا أثر لهذه الوكالة لما بعد موته و أيضا قلنا: ان الوكالة تبطل بموت الوكيل فلا أثر لهذه الحيلة لما بعد موت الوكيل.

مضافا الي أن شرط الايجار من الثالث شرط فعل علي المالك و غايته وجوب الايجار عليه فلو عصي و لم يؤجر لا يمكن الاجارة الا بمداخلة الحاكم الشرعي في المعركة و اجبار المالك علي الايجار و هل الواقع في الخارج كذلك أو انه مجرد فرض و خيال؟

الثاني: أن يوجر المالك دكانه من زيد و

يشترط له أن لا يزاحمه ما دام يريد البقاء في المحل و يشترط له أن لا يكون له حق في زيادة مال الاجارة و بعد تمامية الاجارة بهذا النحو يمكن لثالث أن يدفع مقدارا من المال للمستأجر كي يرفع اليد عن الدكان و بعد رفع يده يستأجر الثالث الدكان من المالك فيكون اخذ المستأجر ذلك المال من الثالث حلالا لأنه في مقابل رفع اليد.

و فيه: ان الاشكال في أصل الاجارة اذ نسأل انه ما معني ان لا يكون للمالك حق المزاحمة و يكون للمستأجر حق البقاء ما دام يريد البقاء و ان متعلق الشرط ان كان هو الحق و لو مع عدم رضا المالك يكون الشرط باطلا و ان كان مرجعه الي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 395

______________________________

التوكيل فيتوجه اليه ما أوردناه في الوجه الاول و لا وجه للإعادة.

الثالث: أن يشترط المستأجر علي المالك أن لا حق له في تعطيل الاجارة و رفع يد المستأجر و ان يكون للمستأجر حق نقل سكناه الي الغير ففي هذه الصورة يمكن للمستأجر أن يأخذ السرقفلية من ثالث في قبال ذلك الحق فحق السكني ينتقل الي الثالث في قبال السرقفلية.

و فيه: اولا ان اشتراط هذا الحق للمستأجر يكون علي خلاف المقرر الشرعي الا أن يرجع الي التوكيل و الكلام فيه هو الكلام و ثانيا: انه لا معني لنقل حق السكني و ثبوت هذا الحق اول الكلام و الاشكال مضافا الي أن شرط كون المستأجر ذا حق في نقل هذا الحق الي الغير علي خلاف الشرع فلا يشمله دليل الشرط.

ايقاظ: أفاد سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير «1» - ما حاصله: ان المالك ربما يملك منفعة داره أو دكانه من الغير

في قبال اجرة فيكون الطرف مالكا للمنفعة بالاجارة و ربما يأذن للغير أن يتصرف في الدار و في هذه الصورة يكون المأذون جائز التصرف في الدار و يكون الاذن مقوما لجواز تصرفه و ثالثة لا هذا و لا ذاك بل أمر متوسط بين الامرين و هو حق السكني فان المالك يجعل الغير ذا حق في سكني الدار أو الدكان و في هذه الصورة لا يكون ذو الحق مالكا للمنفعة.

و لذا لا يمكنه ان يوجر الدار من الغير و أيضا لا يكون له مجرد الاذن بحيث ينتهي زمان جواز التصرف بانتهاء الاذن بل حق السكني له و هذا الحق كما يمكن أن يجعل للغير من قبل المالك ابتداء كما هو كذلك في باب السكني فيقول اسكنتك هذه الدار مدة كذا كذلك يمكن جعل هذا الحق في ضمن العقد بالشرط و الذي يقع بالاشتراط تارة يجعل للغير فقط و اخري يجعل له و للغير و بعبارة اخري حق السكني

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 507

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 396

______________________________

حق قابل للجعل للغير من قبل المالك و قد ثبتت شرعيته بالنصوص و هذا الامر المشروع يمكنه جعله للغير بحيث لا يختص بفرد بل يجعل للطرف و لمن يعامل معه الطرف علي هذا الحق و علي الجملة لا يختص بالمباشر بل يعم غير المباشر و لو مع ألف واسطة فيبقي هذا الحق و بعد تحقق الاشتراط يلزم و يبقي الي زمان سعة الجعل هذا ملخص ما أفاده.

فنقول ينبغي أولا التعرض لتلك النصوص سندا و دلالة و ثانيا ملاحظة انه هل يمكن اثبات ما افاده بتلك النصوص أم لا؟ فمن تلك النصوص ما رواه حمران قال:

سألته عن السكني و

العمري فقال: الناس فيه عند شروطهم ان كان شرطه حياته سكن حياته و ان كان لعقبه فهو لعقبه كما شرط حتي يفنوا ثم يرد الي صاحب الدار «1».

و المستفاد من هذه الرواية انه يصح جعل السكني للغير مدة حياته و كذلك يصح جعله للغير و لعقبه و بعد أن يفنوا يرجع المال الي صاحبه و مقتضاه بقاء حق السكني لمن جعل له و لعقبه بعد وفاته و أما لو مات المالك فهل يبقي حق السكني ففيه اشكال اذ لا تعرض له في الحديث و مقتضي القاعدة الاولية عدم البقاء اذ أمر المال بيد الوارث بعد موت المورث بل صرح في الرواية برجوع العين الي صاحبه الا أن يقال ان مقتضي قوله عليه السلام «الي أن يفنوا» بقاء الحق ما دام بقائهم و بعد انقراضهم يرجع المال الي صاحبه الشرعي و لم يفرض في الحديث كون صاحب المال المالك الاول الذي جعل السكني للغير و لعقبه و علي كل حال لا يستفاد من الرواية حكم المقام اذ المفروض عند أهل السوق ان حق السرقفلية حق لمن جعل له و قابل للتفويض الي الغير كما انه يورث من ذيه الي وارثه و هل يستفاد من الحديث

______________________________

(1) الكافي ج 7 ص: 33 حديث: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 397

______________________________

ثبوت هذا الحق شرعا بهذا النحو مضافا الي الاشكال في السند بحمران.

و منها: ما رواه أبو الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن السكني و العمري فقال: ان كان جعل السكني في حياته فهو كما شرط و ان كان جعلها له و لعقبه من بعده حتي يفني عقبه فليس لهم أن يبيعوا و لا يورثوا ثم ترجع

الدار الي صاحبها الاول «1» و المستفاد من هذا الحديث هو المستفاد من ذلك الحديث و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي الاشكال في سند الحديث بمحمد بن الفضيل.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و سألته عن رجل اسكن رجلا داره حياته قال: يجوز له و ليس له ان يخرجه قلت: فله و لعقبه قال يجوز و سألته عن رجل أسكن رجلا و لم يوقت له شيئا قال يخرجه صاحب الدار اذا شاء «2» و المستفاد من هذه الرواية مضافا الي ما استفيد منهما انه لو لم يوقت يكون للمالك الخيار متي شاء أن يرجع يمكنه الرجوع.

و منها: ما رواه الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسكن الرجل داره و لعقبه من بعده قال: يجوز و ليس لهم أن يبيعوا او لا يورثوا قلت فرجل أسكن داره رجلا حياته قال يجوز ذلك قلت فرجل أسكن رجلا داره و لم يوقت قال:

جائز و يخرجه اذا شاء «3».

و المستفاد من هذا الحديث ما هو المستفاد من الحديث الثالث مضافا الي أن المستفاد منه عدم جواز البيع و عدم الارث.

و منها: ما رواه الحسين بن نعيم عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال:

سألته عن رجل جعل دارا سكني لرجل أبان حياته أو جعلها له و لعقبه من بعده قال

______________________________

(1) عين المصدر حديث: 22

(2) نفس المصدر ص 34 حديث 24

(3) عين المصدر حديث: 25

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 398

______________________________

هي له و لعقبه من بعده كما شرط قلت: فان احتاج يبيعها؟ قال: نعم قلت فينقض بيعه الدار السكني؟ قال: لا ينقض البيع السكني كذلك سمعت أبي عليه السلام

يقول: قال ابو جعفر عليه السلام لا ينقض البيع الاجارة و لا السكني و لكن يبعه علي أن الذي يشتريه لا يملك ما اشتري هو حتي ينقضي السكني علي ما شرط و الاجارة الحديث «1».

و المستفاد من هذه الرواية مضافا الي ما هو المستفاد من غيرها ان صاحب الدار يمكنه و يجوز له أن يبيع الدار و لكن البيع لا يبطل السكني كما انه لا يبطل الاجارة.

و منها: ما رواه خالد بن رافع البجلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل جعل لرجل سكني دار له حياته يعني صاحب الدار فلما مات صاحب الدار أراد ورثته أن يخرجوه ألهم ذلك؟ قال: فقال: أري أن تقوم الدار بقيمة عادلة و ينظر الي ثلث الميت فان كان في ثلثه ما يحيط بثمن الدار فليس للورثة أن يخرجوه و ان كان الثلث لا يحيط بثمن الدار فلهم أن يخرجوه قيل له: أ رأيت ان مات الرجل الذي جعل له السكني بعد موت صاحب الدار يكون السكني لعقب الذي جعل له السكني؟ قال: لا «2» و هذه الرواية ضعيفة بخالد.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قضي في العمري انها جائزة لمن أعمرها فمن أعمر شيئا ما دام حيا فانه لورثته اذا توفي «3».

و المستفاد من هذه الرواية ان من اعمر شيئا ما دام حيا اذا مات يكون ذلك

______________________________

(1) عين المصدر ص: 38 الحديث 38

(2) عين المصدر الحديث: 39

(3) تهذيب الاحكام ج 9 ص: 143 حديث 595

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 399

______________________________

الشي ء لوارثه و من الظاهر انه لا يستفاد حكم المقام من هذه الرواية.

و منها: ما

رواه علي بن معبد قال: كتب اليه محمد بن احمد بن ابراهيم بن محمد سنة ثلاث و ثلاثين و مأتين يسأله عن رجل مات و خلف امراة و بنين و بنات و خلف لهم غلاما أوقفه عليهم عشر سنين ثم هو حر بعد العشر سنين فهل يجوز لهؤلاء الورثة بيع هذا الغلام و هم مضطرون اذا كان علي ما وصفته لك جعلني اللّه فداك؟ فكتب لا تبعه الي ميقات شرطه الا ان يكونوا مضطرين الي ذلك فهو جائز لهم «1». و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن معبد.

و منها: ما رواه ابو البختري عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السلام ان السكني بمنزلة العارية ان احب صاحبها ان يأخذها اخذها و ان احب ان يدعها فعل اي ذلك شاء «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا بأبي البختري.

و منها: ما رواه عبد الرحمن الجعفي قال: كنت أختلف الي ابن ابي ليلي في مواريث لنا ليقسمها و كان فيه حبيس فكان يدافعني فلما طال شكوته الي ابي عبد اللّه عليه السلام فقال: أو ما علم ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله امر برد الحبيس و انفاذ المواريث قال: فأتيته ففعل كما كان يفعل قلت له: اني شكوتك الي جعفر بن محمد عليه السلام فقال لي: كيت و كيت قال: فحلفني ابن ابي ليلي انه قال ذلك فحلفت له فقضي لي بذلك «3» و هذه الرواية ضعيفة بعبد الرحمن الجعفي مضافا الي انها في مقام بيان حكم الحبيس.

و منها: ما رواه عمر بن اذينة قال: كنت شاهدا عند ابن أبي ليلي و قضي في رجل جعل لبعض قرابته غلة داره و لم يوقت وقتا فمات الرجل

و حضر ورثته ابن أبي

______________________________

(1) نفس المصدر ص: 138 حديث: 581

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام السكني و الحبيس الحديث: 3

(3) تهذيب الاحكام ج 9 ص 141 حديث: 592

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 400

و هذه السرقفلية من مؤن التجارة فلا خمس فيها نعم اذا كان للدافع حق في أخذها من غيره و ان لم يرض المالك كان ذلك الحق من أرباح التجارة يجب اخراج خمسه بقيمته و ربما زادت القيمة و ربما نقصت و ربما ساوت ما دفعه (1).

[مسألة 51: يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط الباشرة و ما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجرها به و بالمساوي]

(مسألة 51): يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط الباشرة و ما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجرها به و بالمساوي (2).

______________________________

ليلي و حضر قرابة الذي جعل له الدار فقال ابن أبي ليلي: أري أن أدعها علي ما تركها صاحبها فقال له محمد بن مسلم الثقفي أما ان علي بن أبي طالب عليه السلام قد قضي في هذا المسجد بخلاف ما قضيت فقال: و ما علمك؟ قال: سمعت أبا جعفر محمد ابن علي عليه السلام يقول: قضي علي بن أبي طالب عليه السلام برد الحبيس و انفاذ المواريث فقال له ابن أبي ليلي: هذا عندك في كتاب؟ قال: نعم قال: فأرسل اليه و أتني به قال محمد بن مسلم علي أن لا تنظر في الكتاب الا في ذلك الحديث قال: لك ذلك فأراه الحديث عن أبي جعفر عليه السلام في الكتاب فرد قضيته «1».

و هذه الرواية تدل علي أن المحبوس يرجع الي الورثة بعد موت المالك فالمتحصل مما تقدم عدم قيام دليل يفي باثبات مشروعية اخذ السرقفلية بالنحو المتداول في السوق.

(1) قد تكلمنا حول هذه الجهة في كتاب الخمس عند تعرض الماتن فراجع ما ذكرناه

هناك.

(2) الجواز علي طبق القاعدة الاولية فان المستأجر بعد فرض كونه مالكا

______________________________

(1) عين المصدر ص: 140 حديث: 591

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 401

و كذا بالاكثر منه اذا أحدث فيها حدثا (1) أو كانت الاجرة من غير جنس الاجرة السابقه (2). بل يجوز أيضا مع عدم الشرطين المذكورين (3) عدا البيت و الدار والد كان و الاجير فلا يجوز اجارتها بالاكثر حينئذ (4).

______________________________

للمنفعة يجوز له التصرف في مملوكه بأي نحو كان و التخصيص متوقف علي قيام دليل.

(1) كتوسيع المسلك أو تبييض الغرف و أمثالهما فان الدليل المانع قد قيدت بهذا القيد مضافا الي أنه يكفي للجواز الادلة الاولية فان التخصيص يحتاج الي الدليل كما تقدم.

(2) اذ المستفاد من دليل المنع أن لا يكون أكثر من حيث الجنس لا أكثر مالية فاذا كان الثاني مختلفا من حيث الجنس مع الاول لا يشمله دليل المنع و ان شئت قلت: دليل المنع يكون ظاهرا في المتحد جنسا و لا أقلّ من عدم ظهوره في الاطلاق فيكفي للجواز الادلة الاولية المقتضية للجواز.

(3) لاختصاص المنع بالموارد الخاصة ففي غيرها يعمل علي طبق القاعدة الاولية و مقتضاها الجواز.

(4) يمكن الاستدلال علي المدعي بالنسبة الي البيت و الاجير بما رواه أبو الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتقبل الأرض من الدهاقين ثم يؤاجرها بأكثر مما تقبلها به و يقوم فيها بحظ السلطان فقال: لا بأس به ان الارض ليست مثل الاجير و لا مثل البيت ان فضل الاجير و البيت حرام «1».

و ما رواه ابراهيم بن ميمون ان ابراهيم بن المثني سأل أبا عبد اللّه عليه السلام و هو يسمع عن الارض يستأجرها الرجل ثم يؤاجرها بأكثر

من ذلك قال: ليس

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 402

______________________________

به بأس ان الارض ليست بمنزلة الاجير و البيت ان فضل البيت حرام و فضل الاجير حرام «1».

و لكن السند في كليهما مخدوش أما في الاول فبأبي الربيع فانه لم يوثق و كونه في اسناد تفسير القمي لا يفيد و أما الثاني فبسهل و ابن ميمون و أفاد سيدنا الاستاد انه يمكن الاستدلال علي المدعي بالنسبة الي البيت بما دل علي المنع بالنسبة الي الدار اذ من الممكن أن لا يكون للموجر غير البيت فيرجع الي الحقيقة الي اجارة البيت.

و يرد عليه ان الاخذ بالاطلاق يتوقف علي صدق الموضوع و عليه كيف يمكن استفادة حكم البيت من الدليل الوارد في الدار مع اختلاف الدار و البيت مفهوما.

و يمكن الاستدلال بالنسبة الي الاجير بما رواه أبو المعزا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يؤاجر الارض ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها قال: لا بأس ان هذا ليس كالحانوت و لا الاجير ان فضل الحانوت و الاجير حرام «2».

و أما بالنسبة الي الدار فيمكن الاستدلال علي المدعي بعدة نصوص: منها:

ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السلام ان أباه كان يقول: لا بأس ان يستأجر الرجل الدار أو الارض أو السفينة ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به اذا أصلح فيها شيئا «3» و هذه الرواية ضعيفة بحسن بن موسي الخشاب و غياث بن كلوب.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لو أن رجلا استأجر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب أحكام الاجارة

الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 403

و الاحوط الحاق السفينة بها (1) بل الاحوط الحاق الرحي (2).

______________________________

دارا بعشرة دراهم فسكن ثلثيها و آجر ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأس و لا يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به الا أن يحدث فيها شيئا «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يستأجر الدار ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به قال: لا يصلح ذلك الا أن يحدث فيها شيئا «2».

و الظاهر ان الحديثين تامان سندا و دلالة فلا اشكال في المدعي و أما بالنسبة الي الدكان فيمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو المعزا «3».

(1) يدل علي المدعي ما رواه اسحاق بن عمار «4» و لكن قد مر ان الحديث ضعيف سندا،

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثين: احداهما: ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اني لأكره أن أستأجر الرحي وحدها ثم اواجرها بأكثر مما استأجرتها الا أن احدث فيها حدثا أو أغرم فيها غرما «5» و هذه الرواية قاصرة عن الدلالة علي المدعي اذ الكراهة اعم من الحرمة.

ثانيهما: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اني لأكره أن أستأجر رحي وحدها ثم اواجرها بأكثر مما استأجرتها به الا أن يحدث فيها حدثا أو يغرم فيها غرامة «6» و الاشكال في هذه الرواية هو الاشكال في سابقتها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 402

(4) لاحظ ص: 402

(5) الوسائل الباب 20 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(6) الوسائل الباب 22 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 404

و الارض أيضا (1).

______________________________

(1) يدل علي الجواز حديثا الشامي و

أبي المعزا «1» و حديث أبي المعزا تام سندا و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي المنع لاحظ ما رواه الحلبي قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أتقبل الارض بالثلث أو الربع فاقبلها بالنصف قال:

لا بأس به قلت فأتقبلها بألف درهم و اقبلها بألفين قال: لا يجوز قلت لم؟ قال:

لان هذا مضمون و ذلك غير مضمون «2».

و ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تقبلت ارضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأكثر مما تقبلتها به و ان تقبلتها بالنصف و الثلث فلك أن تقبلها بأكثر مما تقبلتها به لان الذهب و الفضة مضمونان «3».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تقبلت أرضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأكثر مما قبلتها به لان الذهب و الفضة مصمتان اي لا يزيدان «4»

فيقع التعارض بين الطرفين فان قلنا بأن مقتضي الصناعة أن يحمل دليل المنع علي الكراهة بقرينة دليل الجواز فهو و الا فلا بد من اعمال قانون التعارض و حيث ان دليل الجواز موافق لإطلاق الكتاب حيث ان مقتضي قوله تعالي: إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ «5» هو الصحة يقدم دليل الجواز علي دليل المنع الا أن يقال ان التجارة لا تصدق علي الاجارة و يمكن أن يقال: أنه لا تعارض بين الجانبين اذ ما يدل علي الجواز يفصل و حديث المنع مطلق فلا بد من تخصيص العام بالخاص و تقييد المطلق بالمقيد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 401 و 402

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص:

405

و ان كان الاقوي فيهما الجواز علي كراهة (1) و لا يجوز أن يؤجر بعض احد هذه الاربعة بل السفينة أيضا علي الأحوط بأزيد من الاجرة كما اذا استأجر دارا بعشرة دراهم فسكن بعضها و آجر البعض الاخر بأكثر من عشرة دراهم الا أن يحدث فيها حدثا (2) و أما اذا آجره باقل من العشرة فلا اشكال (3) و الاقوي الجواز بالعشرة أيضا (4).

[مسألة 52: إذا استؤجر علي عمل من غير اشتراط المباشرة]

(مسألة 52): اذا استؤجر علي عمل من غير اشتراط المباشرة

______________________________

(1) قد عرفت ان مقتضي الصناعة علي تقدير التعارض الالتزام بالجواز بلا كراهة و أيضا قد عرفت مرارا انا نري التعارض بين الدليلين في أمثال المقام لكن تقدم آنفا انه لا بد من التفصيل في الارض فلاحظ.

(2) بتقريب: ان العرف يفهم من دليل المنع بالنسبة الي الجزء بالاولوية مضافا الي ما رواه الحلبي «1» فان المستفاد من هذه الرواية انه لو أستأجر دارا بمبلغ لا يجوز اجارة بعضها بأزيد من ذلك المقدار الا أن يحدث فيها حدثا و يجوز أن يوجر مقدارا منها بذلك المقدار و لا يخفي انه تقدم عدم دليل معتبر علي المدعي بالنسبة الي السفينة.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ لا يشمله دليل المنع مضافا الي حديث الحلبي فانه يستفاد منه الجواز بالنسبة الي الاقل بالاولوية.

(4) كما نص به في الحديث مضافا الي أنه مقتضي القاعده ثم انه لا وجه للاشتراط المذكور بالنسبة الي الدكان و الاجير فان مقتضي دليل المنع عدم الجواز حتي مع احداث حدث فلو أحدث في الدكان حدثا لا يجوز ايجاره أزيد مما آجره و كذلك الامر في الاجير فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 403

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 406

و لا مع الانصراف اليها يجوز أن

يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الاجرة أو الاكثر (1) و لا يجوز بالاقل الا اذا أتي ببعض العمل و لو قليلا كما اذا تقبل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئا و لو قليلا فانه يجوز أن يستأجر غيره علي خياطته بدرهم (2) بل لا يبعد

______________________________

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية و لا دليل علي المنع.

(2) لجملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه سئل عن الرجل يتقبل بالعمل فلا يعمل فيه و يدفعه الي آخر فيربح فيه قال: لا الا أن يكون قد عمل فيه شيئا «1».

و ما رواه الحكم الخياط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اني أتقبل الثوب بدراهم و اسلمه «بأكثر بأقل خ ل» من ذلك لا أزيد علي أن اشقه قال: لا بأس به ثم قال: لا بأس فيما تقبلته من عمل قد استفضلت فيه «2».

و ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتقبل العمل فلا يعمل فيه و يدفعه الي آخر يربح فيه قال: لا «3».

و ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل الخياط يتقبل العمل فيقطعه و يعطيه من يخيطه و يستفضل قال: لا بأس قد عمل فيه «4».

و ما رواه مجمع قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أتقبل الثياب اخيطها ثم اعطيها الغلمان بالثلثين فقال: أ ليس تعمل فيها فقلت: أقطعها و أشتري لها

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 407

الاكتفاء في جواز الاقل بشراء الخيوط و

الابرة (1).

[مسألة 53: في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه علي تسليم العين إلي الأجير]

(مسألة 53): في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه علي تسليم العين الي الاجير اذا جاز للأجير أن يستأجر غيره علي العمل الذي استؤجر عليه جاز له أن يسلم العين الي الاجير الثاني نظير ما تقدم في تسليم العين المستاجرة الي المستاجر الثاني (2).

[مسألة 54: إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره قبل مضي زمان يتمكن فيه الأجير من العمل]

(مسألة 54): اذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره قبل مضي زمان يتمكن فيه الاجير من العمل بطلت الاجارة و لم يستحق

______________________________

الخيوط قال: لا بأس «1».

و ما رواه علي الصائغ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أتقبل العمل ثم اقبله من غلمان يعملون معي بالثلثين فقال: لا يصلح ذلك الا أن تعالج معهم فيه قال:

قلت فاني اذيبه لهم «قال يه» فقال: ذلك عمل فلا بأس «2».

(1) و الانصاف انه بعيد اذ لا يصدق عليه العمل فيه الذي هو المستفاد من نصوص الباب نعم في حديث مجمع قلت: اقطعها و اشتري لها الخيوط قال:

«لا بأس» لكن مجرد الاشتراء بلا قطع لا يكون مشمولا للحديث مضافا الي أنه ضعيف سندا.

(2) الظاهر ان الحق كما أفاده فانه لو جاز استيجار الغير و توقف العمل علي تسليم العين جاز التسليم كما أن الامر كذلك في اجارة العين فانه يجوز تسليمها و يمكن الاستدلال علي الجواز بما رواه الصفار قال: كتبت الي الفقيه عليه السلام في رجل دفع ثوبا الي القصار ليقصره فدفعه القصار الي قصار غيره ليقصره فضاع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 408

العامل و لا الاجير الاجرة (1) و كذلك اذا استؤجر علي عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا يقصد التبرع عنه (2) و أما اذا فعله بقصد التبرع عنه كان اداءا للعمل

المستاجر عليه و استحق الاجير الاجرة (3).

______________________________

الثوب هل يجب علي القصار أن يرده اذا دفعه الي غيره و ان كان القصار مأمونا فوقع عليه السلام هو ضامن له الا أن يكون ثقة مأمونا ان شاء اللّه «1».

فان مقتضي هذه الرواية جواز التسليم غاية الامر يكون الاجير ضامنا اذا لم يكن الاجير الثاني ثقة و هذا لا يقتضي عدم جواز التسليم بل يقتضي التسليم مع الضمان و مع كونه ثقة يجوز بلا ضمان فلاحظ.

(1) الوجه فيه ان متعلق الاجارة لا بد أن يكون أمرا مقدورا للأجير و المفروض عدم كونه مقدورا له فتكون الاجارة باطلة و مع فرض البطلان لا موضوع للاستحقاق أما بالنسبة الي الاجير فلبطلان الاجارة و أما بالنسبة الي العامل فلعدم المقتضي للاستحقاق اذ المفروض ان عمله لم يكن مستندا الي من عمل له.

(2) و الوجه فيه هو الوجه و الفرق بين الموردين ان التبرع يتصور في الصورة الثانية اذ المفروض عدم قيد المباشرة في متعلق الاجارة و لا يتصور في الصورة الاولي لكن حيث ان المفروض عدم قصد التبرع عن الاجير لم يكن وجه لاستحقاق الاجير شيئا و ان شئت قلت: ان عمل الغير يبطل الاجارة و بعبارة اخري: يكشف عن بطلان الاجارة اذ لا وجه لحدوث البطلان بل الصحيح ان الاجارة كانت باطلة من الاول.

(3) فان التبرع في أداء دين الغير مورد السيرة الخارجية الممضاة عند الشارع قطعا و بعبارة اخري: يجوز افراغ ذمة الغير و لا يحتاج الي اذن منه بل لا يلزم علمه به و لا فرق بين كون الدين من الاثمان و بين أن يكون من الاعمال أو الاموال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 18

مباني

منهاج الصالحين، ج 8، ص: 409

[مسألة 55: إجارة الأجير تكون علي قسمين]

(مسألة 55): اجارة الاجير تكون علي قسمين الاول: أن تكون الاجارة واقعة علي منفعة الخارجية من دون اشتغال ذمته بشي ء نظير اجارة الدابة و الدار و نحوهما من الاعيان المملوكة الثاني أن تكون الاجارة واقعة علي عمل في الذمة فيكون العمل المستاجر عليه دينا في ذمته كسائر الديون (1) فان كانت علي النحو الاول فقد تكون الاجارة علي جميع منافعه في مدة معينة و حينئذ لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه و لا لغيره لا تبرعا و لا باجارة و لا بجعالة (2) نعم لا باس ببعض الاعمال التي انصرفت عنها الاجارة و لا تشملها و لا تكون منافية لما شملته كما انه اذا كان مورد الاجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلا فلا مانع من الاشتغال ببعض الاعمال في الليل له أو لغيره تبرعا أو باجارة أو جعالة (3) الا اذا أدي الي ضعفه في النهار عن القيام بما

______________________________

(1) فان الدار مثلا لها منافع متعددة و حيثيات مختلفة و كذلك الدابة الي غيرهما من الاعيان الخارجية فربما يكون متعلق الاجارة فيها منفعة خاصة و اخري يكون موردها مطلق المنافع و هذا يتصور في الانسان أيضا مضافا الي أنه يمكن أن تكون الاجارة واقعة علي الذمة و هي القسم الثاني في كلام الماتن و القسم الثاني لا يتصور في الاعيان الخارجية حيوانا كانت أو غيرها فلاحظ.

(2) اذ المفروض ان جميع منافعه مملوكة للغير فلا يجوز له التصرف فيها و بعبارة اخري: التصرف في منافعه يكون تصرفا في مملوك الغير.

(3) اذ المفروض انه خارج عن تحت العقد فلا يكون مملوكا للغير فيجوز التصرف فيه لعدم ما يقتضي المنع.

مباني منهاج الصالحين،

ج 8، ص: 410

استؤجر عليه (1) فاذا عمل في المدة المضروبة في الاجارة بعض الاعمال المشمولة لها فان كان العمل لنفسه تخير المستاجر بين فسخ الاجارة و استرجاع تمام الاجرة و بين امضاء الاجارة و مطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه (2) و كذا اذا عمل لغيره تبرعا (3) نعم يحتمل ان له أيضا حينئذ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه فيتخير بين امور ثلاثة

______________________________

(1) فانه لا يجوز في هذه الصورة اذ المفروض انه يجب عليه القيام بالعمل المستأجر عليه في النهار و الاشتغال في الليل يمنعه عن القيام فلا يجوز لا تكليفا و لا وضعا أما تكليفا فلأن الواجب عليه تسليم مملوك الغير و المفروض عدم امكان التسليم مع الاشتغال في الليل و أما وضعا فلأن المفروض انه لا يمكن الجمع بين الامرين و من ناحية اخري المنافع النهارية مملوكة للغير بالعقد الاجاري الاولي فلا مجال لجواز العقد الثاني.

(2) أما جواز الفسخ فلتخلف الشرط الموجب لحدوث الخيار و أما جواز اخذ قيمة العمل فلأن المفروض انه مملوكة و قد فوته علي مالكه.

(3) الكلام فيه هو الكلام و يختلج بالبال أن يقال: ان المستأجر لو لم يفسخ عقد الاجارة يمكنه اخذ اجرة المثل لما فوت عليه الاجير لا اجرة مقدار العمل الذي اتي به الاجير و بعبارة اخري: يمكن أن يكون اجرة العمل الذي عمله مقدارا أقلّ من اجرة المثل الفائت و بعبارة ثالثة: الاجير قد فوت المنفعة بمقدار ساعة مثلا فيضمن الاجرة بهذا المقدار و أما العمل الذي عمله فيمكن أن لا يكون له الاجرة بهذا المقدار و لتوضيح المدعي نقول: لو غصب الغاصب فرس زيد يوما يكون ضامنا لأجرة المثل في قبال أعلي منافع

الفرس أعم من أن استفاد منه أم لا فالميزان في الضمان قابلية المورد للنفع الكذائي الذي يكون أعلي مراتبه فلاحظ لكن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 411

و لا يخلو من وجه (1) و أما اذا عمل لغيره بعنوان الاجارة أو الجعالة فله الخيار بين الامرين المذكورين اولا (2) و بين امضاء الاجارة أو الجعالة و اخذ الاجرة أو الجعل المسمي فيها (3) و يحتمل قريبا ان له مطالبة غيره كما عرفت فتخير بين امور اربعة (4) ثم اذا اختار المستاجر فسخ الاجارة الاولي في جميع الصور المذكورة و رجع بالاجرة المسماة فيها و كان قد عمل الاجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه اجرة المثل (5) هذا اذا كانت

______________________________

المستفاد من حديث أبي ولاد «1» ضمان المنافع المستوفاة.

(1) هذا الاحتمال ضعيف اذ لا وجه لضمان من تبرع له الاجير حتي اذا أمره بالعمل اذ مجرد الامر لا يقتضي الضمان و لذا لو أمر واحد غيره باتلاف ملك شخص فأتلف المأمور ملك ذلك الشخص لا يكون الامر ضامنا بل الضامن المتلف للمال نعم ربما يوجب الضمان بلحاظ الغرور و كيف كان في فرض التبرع لا مجال لتوجه الضمان الي من تبرع له نعم لا اشكال في أن الامر بارتكاب عمل محترم يوجب ضمان الامر بالنسبة الي المأمور اذا لم يقصد التبرع و الدليل علي الضمان السيرة العقلائية المستقرة في الخارج الممضاة عند الشارع الاقدس بلا كلام و لا اشكال و صفوة القول: عدم وجه لضمان الغير و اللّه العالم.

(2) قد مر الاشكال في اخذ الاجرة و بينا وجه الاشكال فلا نعيد.

(3) بناء علي صحة الفضولي و تماميته باجازة من بيده الامر كما هو المقرر في محله.

(4) قد مر

انه ضعيف و لا وجه له فلاحظ.

(5) اذ المفروض ان الاجير لم يقصد التبرع في عمله و عمله محترم و كان عمله

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 412

الاجارة واقعة علي جميع منافعه أما اذا كانت علي خصوص عمل بعينه كالخياطة فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه و لا لغيره لا تبرعا و لا بالاجارة و لا بالجعالة فاذا خالف و عمل لنفسه تخير بين الامرين السابقين و ان عمل لغيره تبرعا تخير بين الامور الثلاثة و ان عمل لغيره بالاجارة أو الجعالة تخير بين الامور الاربعة كما في الصورة السابقة (1) و في هذه الصورة لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره باجارة أو جعالة غير ذلك العمل اذا لم يكن منافيا له (2) فاذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره باجارة أو جعالة و له الاجر أو الجعل المسمي (3) أما اذا كان منافيا له كما اذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة تخير المستاجر بين فسخ الاجارة و المطالبة بقيمة العمل المستاجر عليه الذي قوته علي المستاجر (4) و اذا كانت الاجارة علي

______________________________

بمقتضي المعاقدة مع المستأجر و ان شئت قلت: دخوله في العمل بعنوان اخذ الاجرة مع موافقة المستأجر و ما أفاده مبني علي كون الفسخ من الاصل لا من الحين و قد مر منا انه ليس الامر كذلك و ان الفسخ من الحين.

(1) الكلام فيه هو الكلام تقريبا و اشكالا فراجع و طبق ما مر قريبا علي المقام.

(2) كما هو ظاهر اذ لا مقتضي للمنع و الناس مسلطون علي أموالهم و انفسهم.

(3) لعدم التنافي بين الامرين.

(4) أما جواز الفسخ فلعدم

تسليم العمل الذي يكون مملوكا للمستأجر و عدم تسليمه يقتضي الخيار و أما جواز المطالبة بالقيمة فلتفويت مال الغير و حقه فيضمن بقاعدة الاتلاف ان قلت: الاجير بتفويته يكون ضامنا للقيمة و كيف يمكن الجمع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 413

النحو الثاني الذي يكون العمل المستاجر عليه في الذمة فتارة تؤخذ المباشرة قيدا علي نحو وحدة المطلوب و تارة علي نحو تعدد المطلوب فان كان علي النحو الاول جاز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالاجارة (1) و لا يجوز ما ينافيه سواء أ كان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره (2) و اذا عمل ما ينافيه تخير المستأجر بين فسخ الاجارة و المطالبة

______________________________

بين الامرين و بعبارة اخري: خيار الفسخ بيتني علي بقاء العمل في ملك المستأجر فاذا فسخ العقد يرجع الي الاجير و الاجرة ترجع الي ملك المستأجر و أخذ الاجرة يبتني علي الضمان فلا يمكن الجمع بين الامرين اذ مرجعه الي الجمع بين المبدل و البدل قلت: الحق ان الثابت في ذمة الضامن عين التالف و القيمة تكون بدلا عنها فلا تنافي بين الامرين.

(1) كما هو مقتضي القاعدة اذ لا مقتضي للمنع.

(2) لا تكليفا و لا وضعا أما تكليفا فلأنه يجب عليه تسليم ما في ذمته و باشتغاله بالمنافي يكون عاصيا و أما وضعا فلأنه لا يمكن أن يحكم الشارع بصحة العقد الثاني مع عدم قدرته شرعا. ان قلت: قد حقق في محله ان الترتب صحيح و علي طبق القاعدة فيمكن الالتزام بالصحة بنحو الترتب قلت: الترتب و ان كان صحيحا لكن لا يمكن اجرائه في أمثال المقام اذ يتوقف علي أن يكون العقد الثاني معلقا علي العصيان و التعليق يوجب فساد

العقد فمن هذه الجهة لا يمكن.

و علي الجملة العقد الثاني اما يتحقق علي الاطلاق و اما يتحقق علي نحو التعليق و كلاهما فاسدان أما الأول فلتنافي العقدين و أما الثاني فلأن التعليق يبطل العقد كما حقق في محله اللهم الا أن يقال: ان التعليق علي ما يتوقف عليه صحة العقد لا يكون مبطلا و لذا لو شك البائع في كون العين مملوكة له يجوز له أن يقال: ان كان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 414

بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه (1) و اذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الاجارة الثانية علي اجازة المستأجر الاول بمعني رفع يده عن حقه (2).

______________________________

هذا ملكا لي فقد بعته و ان شئت قلت دليل بطلان التعليق ليس الا الاجماع و حيث انه دليل لبلي يقتصر فيه علي القدر المتيقن منه فلاحظ.

(1) أما الفسخ فلتخلف الشرط و عدم تسليم مورد الاجارة و اما جواز اخذ الاجرة فلأن الاجير أتلف مملوك المستأجر و الاتلاف يوجب الضمان.

(2) الظاهر انه لا أثر لإجازته و رفع يده عن حقه اذ المفروض ان العقد حين صدوره لم يكن واجدا للشرط و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه نعم لو أسقط حقه قبل الاجارة الثانية تصح الا أن يقال: ان الكلام في المقام مبني علي صحة الفضولي باجازة من بيده الامر و المفروض ان اذن المستأجر الاول يصحح الاجارة الثانية فاذا كان اذنه السابق مؤثرا في صحته حدوثا يكون اجازته مؤثرة في الصحة بقاء كبقية الموارد و بعبارة اخري: علي تقدير القول بصحة الفضولي مع اجازة من بيده الامر كما هو بناء القوم لا يكون مجال للإشكال في المقام اذ المقام من مصاديق الفضولي.

لكن يرد علي هذا البيان

ان مجرد رفع اليد عن الحق كما في عبارة الماتن لا أثر له فان رفع اليد قبل العقد بمعني رفع المانع عن التأثير و مع عدم المانع يكون العقد الاجاري الثاني مؤثرا و أما رفع اليد بعد العقد فلا أثر له و ان شئت قلت:

العقد الاجاري الثاني حين حدوثه كان مقرونا بالمانع و حين رفع المانع لا يوجد عقد في الخارج كي يؤثر.

نعم لقائل أن يقول: هذا الاشكال انما يتوجه فيما يكون اجازة المستأجر الاول بمعني رفع يده عن حقه كما في عبارة الماتن و ان كان مرجعه الي انفاذ العقد و اجازته فيكون مؤثرا و اي فرق بين المقام و اجازة مالك العين بيع الغاصب اياها

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 415

______________________________

فان اجازة من بيده الامر مؤثرة اعم من أن يكون مالكا أو وكيلا عنه أو وليا عليه أو ذا حق علي العين كما في المقام و مثل المقام من هذه الجهة بيع الراهن العين المرهونة فان المرتهن اذا أجاز العقد يكون مؤثرا و لكن جميع ما ذكر مبني علي صحة الفضولي مع الاجازة و أما لو لم نقل بصحة العقد الفضولي مع الاجازة كما هو المسلك الحق عندنا فلا تصل النوبة الي البحث في هذا الفرع و أمثاله اذ اساس القاعدة مخدوش فلاحظ و العجب كل العجب من سيدنا الاستاد حيث أفاد في هذا المقام علي ما في التقرير «1» مع انه قائل بصحة الفضولي انه لا أثر لإجازة المستأجر الاول لان الاجارة الثانية صدرت غير صحيحة و غير مشروعة و الاجازة اللاحقة لا توجب انقلاب الشي ء عن ما هو عليه و لا تقتضي الصحة هذا ملخص كلامه.

و يرد عليه اولا: النقض ببيع الفضولي

مال الغير فان بيعه خلاف الشرع و غير صحيح و الاجازة اللاحقة لا تغيره عن ما وقع عليه و ثانيا: ان الملاك في صحة الفضولي عند القوم استناد العقد بقاء الي من بيده الامر و هذا الملاك في جميع الموارد موجود و حكم الامثال واحد نعم لا بد من أن المستأجر الاول يمضي العقد بحيث يستند اليه لا مجرد اسقاط حقه فان اسقاط الحق قبل العقد يؤثر لأنه مع اسقاط حقه لا يبقي مانع من الصحة و أما اسقاط الحق بقاء فلا أثر له و السرّ فيه ان العقد حين صدوره كان مقرونا بالمانع و ارتفاع المانع بعد تحققه لا أثر له و أما امضائه و اجازته بحيث يستند العقد الي نفسه فيكون مؤثرا كما أن الامر كذلك في البيع الفضولي فان المالك لا بد أن يجيز و ينفذ و أما اذا أسقط حقه فلا أثر له لكن الحق صحة الفضولي بالرضا المتأخر و قد اخترنا في كتاب البيع صحته بالاجازة اللاحقة

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 306

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 416

فان لم يجز بطلت (1) و استحق الاجير علي من عمل له اجرة المثل (2) كما أن المستأجر الاول يتخير كما تقدم بين فسخ الاجارة الاولي و المطالبة بقيمة العمل الفائت (3) و ان أجاز صحت الاجارة الثانية (4) و استحق الاجير علي كل من المستأجر الاول و الثاني الاجرة المسماة في الاجارتين و برئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه اولا (5) و ان كانت الاجارة علي نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك (6) نعم لا يسقط العمل المستأجر عليه عن ذمة الاجير بمجرد الاجازة للإجارة الواقعة علي ما ينافيه بل يسقط شرط

المباشرة و يجب

______________________________

فراجع ما ذكرناه هناك و ليعلم انه لا أثر لرفع اليد عن الحق قبل الاجارة الا أن يرجع الي الاذن فيها اذ الحق المذكور غير قابل لرفع اليد عنه و ان شئت قلت:

ان كل مملوك أمره بيد مالكه و هذه الحيثية غير قابلة للإسقاط فلاحظ.

(1) بل تبطل مع الاجازة أيضا كما تقدم لكن تقدم انه لا وجه للإشكال علي اساس صحة الفضولي بالاجازة.

(2) اذ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده و ان شئت قلت: اقدام الاجير علي العمل لا يكون بقصد التبرع بل مبني علي الضمان و المفروض ان عمله محترم و لا يذهب هدرا و حيث ان المفروض فساد الاجارة تصل النوبة الي اجرة المثل.

(3) و قد تقدم شرح كلام الماتن.

(4) بتقريب صحة الفضولي بالاجازة.

(5) اذ المفروض صحة كلا العقدين و كلتا الاجارتين فاستحقاق الاجير لكلتا الاجرتين علي القاعدة.

(6) لوحدة الملاك فان حكم الامثال واحد.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 417

علي الاجير العمل للمستأجر الاول لا بنحو المباشرة و العمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة (1) لكن فرض تعدد المطلوب في الذميات لا يخلو من شبهة (2).

[فصل و فيه مسائل]

اشارة

فصل و فيه مسائل

[مسألة 56: لا تجوز إجازة الأرض للزرع بما يحصل منها حنطة أو شعيرا مقدارا معينا]

(مسألة 56): لا تجوز اجازة الارض للزرع بما يحصل منها حنطة أو شعيرا مقدارا معينا كما لا تجوز اجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعا أو نصفا (3).

______________________________

(1) اذ لا وجه للسقوط بعد فرض تعدد المطلوب.

(2) يمكن أن يكون الوجه في الشبهة ان اشتغال الذمة بنحو تعدد المطلوب لا يتصور فان الذمة اما مشغولة بالجامع بين الامرين و اما مشغولة بالنوع الخاص و علي كلا التقديرين لا تعدد في المطلوب.

(3) يقع الكلام تارة فيما هو المستفاد من النصوص الخاصة و اخري فيما يكون مقتضي القاعدة الاولية فيقع الكلام في موضعين: الموضع الاول:

في مفاد الروايات الخاصة فمنها ما رواه الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن اجارة الارض بالطعام قال: ان كان من طعامها فلا خير فيه «1» و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر و صالح بن السندي.

و منها: ما رواه أبو بردة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن اجارة الارض المحدودة «المخابرة خ ل» بالدراهم المعلومة قال: لا بأس قال: و سألته عن اجارتها بالطعام فقال: ان كان من طعامها فلا خير فيه «2» و هذه الرواية ضعيفة بأبي

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 418

______________________________

بردة.

و منها: ما رواه يونس بن عبد الرحمن عن غير واحد عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما سئلا ما العلة التي من أجلها لا يجوز أن تواجر الارض بالطعام و تواجرها بالذهب و الفضة؟ قال: العلة في ذلك ان الذي يخرج منها حنطة و شعير و لا تجوز اجارة حنطة بحنطة و لا شعير بشعير

«1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و ابن مرار.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تستأجر الارض بالحنطة ثم تزرعها حنطة «2» و المستفاد من هذه الرواية حرمة اجارة الارض بالحنطة ثم زراعة الحنطة فيها.

و قال سيدنا الاستاد: لا اشكال في زراعة الحنطة في الفرض المزبور كما أنه لا اشكال في عدم فساد الاجارة و عدم اشتراطها بعدم زراعة الحنطة فالنهي ليس تحريميا كما انه ليس ارشادا الي الاشتراط.

و منها: رواه أبو المعزا قال: سأل يعقوب الاحمر أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا حاضر فقال: أصلحك اللّه انه كان لي أخ قد هلك و ترك في حجري يتيما ولي أخ يلي ضيعة لنا و هو يبيع العصير ممن يصنعه خمرا و يؤاجر الأرض بالطعام فأما ما يصيبني فقد تنزهت فكيف أصنع بنصيب اليتيم؟ فقال: أما اجارة الارض بالطعام فلا تأخذ نصيب اليتيم منه الا أن تواجرها بالربع و الثلث و النصف الحديث «3».

و أفاد سيدنا الاستاد «بأن الرواية لا ترتبط بالمقام بل ترتبط بالمزارعة حيث جوز عليه السلام اذا كان بالكسر المشاع الذي يختص بباب المزارعة» و ما أفاده

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 419

______________________________

قريب عن الصواب اذ لا اشكال في جواز اجارة الارض بالطعام فالرواية ناظرة الي حكم المزارعة.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تواجر الأرض بالحنطة و لا بالشعير و لا بالتمر و لا بالأربعاء و لا بالنطاف و لكن بالذهب و الفضة لان الذهب و الفضة مضمون و هذا ليس بمضمون «1».

و المستفاد من هذه الرواية

النهي عن اجارة الارض بغير الذهب و الفضة و حيث انه لا اشكال في جواز الاجارة بغيرهما لا مجال للأخذ بها و يحمل النهي فيها علي الكراهة.

و منها: ما رواه أبو بصير أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تواجر الأرض بالحنطة و لا بالتمر و لا بالشعير و لا بالأربعاء و لا بالنطاف «2».

و الكلام في هذه الرواية هو الكلام في سابقتها فالنتيجة انه لا يستفاد المنع من النصوص الخاصة اما من ناحية القصور في السند أو الدلالة أو كلا الامرين.

و أما الموضع الثاني فتارة يقع البحث في مقام الثبوت و اخري في مقام الاثبات و الدلالة أما بحسب مقام الثبوت فحيث ان الملكية من الامور الاعتبارية و خفيف المئونة لا مانع من تعلقها بالشي ء الذي يوجد فيما بعد و لذا لا اشكال في اجارة الشجر بلحاظ ثمره فان المستأجر يملك الثمرة المعدومة التي توجد بعد ذلك و أيضا لا اشكال في جواز اجارة البستان بلحاظ أثماره و غيرها من منافعه غير الموجودة وقت الاجارة الا أن يقال: بأن المملوك في أمثال ما ذكر الحيثية الخاصة و قابلية الانتاج و بعبارة اخري: لا يكون الثمر بنفسه مملوكا بالاجارة بل المملوك تلك الحيثية و غيرها من منافعه غير الموجودة وقت الاجارة و لا اشكال أيضا في صحة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 420

______________________________

بيع الثمرة مع الضميمة و العوض في باب المزارعة الكسر المشاع من الحاصل الذي يوجد بعد ذلك.

و صفوة القول: انه لا اشكال في مقام الثبوت و انما الاشكال في مقام الاثبات و الدلالة فانه لو لم يدل دليل علي صحة جعل مال الاجارة من

طعام الأرض غير الموجود و لم يكن أمرا دايرا بين العقلاء فلا دليل علي صحته و من الظاهر ان صحة الاجارة تحتاج الي دليل يدل عليها.

و ان شئت قلت: ان المستأجر يملك مال الاجارة من الموجر ففي الرتبة السابقة لا بد من كونه مالكا له كي يمكنه التمليك من الغير و كونه مالكا له قبل الاجارة لا دليل عليه بل الدليل علي عدمه لأن مقتضي الاستصحاب عدم كونه مالكا له في وعاء الشرع.

و بكلمة اخري: كل معاملة لم يقم دليل علي صحتها من قبل الشرع يحكم بفسادها شرعا اذ الأصل الاولي في أبواب المعاملات هو الفساد.

و في المقام روايات تدل علي الجواز لاحظ ما رواه الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أتقبل الأرض بالثلث أو الربع فاقبلها بالنصف قال: لا بأس به قلت: فأتقبلها بألف درهم و اقبلها بألفين قال: لا يجوز قلت: لم؟ قال لأن هذا مضمون و ذلك غير مضمون «1».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز الاجارة بما يخرج من الأرض ان قلت:

الرواية ناظرة الي المزارعة و لا ترتبط بالاجارة قلت: يشترط في المزارعة أن يكون العوض علي نحو الاشاعة و المستفاد من هذه الرواية جواز جعل الاجرة الدرهم غاية الامر يشترط أن لا يكون أزيد مما استأجرها و الشاهد علي المدعي ان صاحب الوسائل ذكر الرواية في كتاب الاجارة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 421

______________________________

و لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تقبلت أرضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأكثر مما تقبلتها به و ان تقبلتها بالنصف و الثلث فلك أن تقبلها بأكثر مما تقبلتها

به لأن الذهب و الفضة مضمونان «1».

و لاحظ ما رواه اسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم مسماة أو بطعام مسمي ثم آجرها و شرط لمن يزرعها أن يقاسمه النصف أو أقل من ذلك أو أكثر أو له في الأرض بعد ذلك فضل أ يصلح له ذلك؟ قال: نعم اذا حفر لهم نهرا أو عمل لهم شيئا يعينهم بذلك فله ذلك قال: و سألته عن الرجل استأجرني أرض الخراج بدراهم مسماة أو بطعام معلوم فيؤاجرها قطعة قطعة أو جريبا جريبا بشي ء معلوم فيكون له فضل فيما استأجر من السلطان و لا ينفق شيئا أو يؤاجر تلك الأرض قطعا علي أن يعطيهم البذر و النفقة فيكون له في ذلك فضل علي اجارته و له تربة الأرض أو ليست له فقال له:

اذا استأجرت أرضا فأنفقت فيها شيئا أو رسمت فيها فلا بأس بما ذكرت «2».

و لاحظ ما رواه الفيض قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك ما تقول في الأرض أتقبلها من السلطان ثم اواجرها من آخرين علي أن ما أخرج اللّه منها من شي ء كان لي من ذلك النصف و الثلث أو أقل من ذلك أو أكثر قال: لا بأس الحديث «3».

و يضاف الي ما ذكر انه لا مانع من الأخذ باطلاق دليل الاجارة بل لا مانع من الأخذ باطلاق قوله تعالي: «إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» «4» بناء علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3 و 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) النساء/ 129

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 422

و تجوز اجارتها بالحنطة أو الشعير في الذمة و

لو كان من جنس ما يزرع فيها فضلا عن اجارتها بغير الحنطة و الشعير من الحبوب (1) و ان كان الاحوط تركه (2).

[مسألة 57: تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معينة]

(مسألة 57) تجوز اجارة حصة مشاعة من أرض معينة كما تجوز اجارة حصة منها علي نحو الكلي في المعين (3).

[مسألة 58: لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة لتوقف مسجدا]

(مسألة 58): لا تجوز اجارة الارض مدة طويلة لتوقف مسجدا و لا تترتب آثار المسجد عليها (4).

______________________________

شمولها للإجارة و عدم اختصاصه بخصوص البيع.

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع فان مقتضي اطلاق ادلة الاولية هو الجواز و المنع يتوقف علي الدليل.

(2) لعله لأجل ان الظاهر من جملة من النصوص المنع و قلنا لا بد من رفع اليد عن ظهورها و اللّه العالم.

(3) كما ان الامر كذلك في باب البيع و السيرة الخارجية جارية عليه فانه ربما توجر عين خارجية و اخري توجر الحصه المشاعة و ثالثة الكلي في المعين و رابعة الكلي في الذمة.

(4) استدل سيدنا الاستاد علي عدم الجواز بأن المسجدية تساوي التأييد و لا توقيف فيها و يدل علي المدعي من الكتاب قوله تعالي في صورة الجن «وَ أَنَّ الْمَسٰاجِدَ لِلّٰهِ فَلٰا تَدْعُوا مَعَ اللّٰهِ أَحَداً» بتقريب: ان المستفاد من الاية ان المسجد مختص به تعالي و بين من بيوته فاذا كان ملكا له تعالي فلا يكون ملكا لغيره و لو بعد مدة طويلة.

و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 423

______________________________

أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول: من تصدق بصدقة فردت عليه فلا يجوز له أكلها و لا يجوز له الا انفاقها انما منزلتها بمنزلة العتق للّه فلو أن رجلا أعتق عبد اللّه فرد ذلك العبد لم يرجع في الأمر الذي جعله للّه فكذلك لا يرجع في الصدقة «1»

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن ابيه عليه

السلام قال: من تصدق بصدقة ثم ردت عليه فلا يأكلها لأنه لا شريك للّه عز و جل في شي ء مما جعل له انما هو بمنزلة العتاقة لا يصلح ردها بعد ما يعتق «2».

بتقريب: ان المستفاد من هذه الطائفة من النصوص ان ما كان له تعالي لا يرجع و يكون مثل الصدقة اي لا مجال لرجوعها.

اقول: ان علم من الخارج ان عنوان المسجدية عنوان يساوق الابدية غير موقت يتم الامر بلا اشكال اذ فرض كونه ابديا فلا مجال للتوقيت و أما اثبات المدعي بما ذكر من النص و أمثاله فيشكل اذ الحكم لا يتعرض لموضوعه فان ما كان له تعالي لا يرجع و أما ما كان له تعالي فلا بد فيه من التأبيد فلا يستفاد من النص كما أن المدعي لا يستفاد من الاية الشريفة بل المستفاد منها ان المسجد له تعالي و لا شريك له اما كون المسجد امرا و عنوانا ابديا دائميا فلا يستفاد من الاية الشريفة كما لا يستفاد من النصوص المشار اليها.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من الاية و الرواية ان المسجد ما دام مسجدا لا شريك له تعالي فيه كما انه لا يكون قابلا للرجوع لكن الكلام في أنه بأي دليل نستدل علي ابدية المسجد أضف الي ذلك انه لو فرض انه لو بني احد مسجدا و لم يقصد القربة فلا يكون له تعالي و لم يقصد عنوان التقرب فلا يدخل في موضوع النصوص و لا مجال لادعاء ان بناء المسجد مشروط بالقربة اذ مع انه لا دليل عليه منقوض

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الصدقة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين،

ج 8، ص: 424

______________________________

بأن مساجد العامة من مصاديق العنوان و يترتب عليها أحكام المسجد مع ان الأمر التعبدي الصادر عنهم باطل و يشترط في العبادة الولاية.

اذا عرفت ما ذكرنا نقول: يمكن اثبات المدعي بنحو آخر و هو انه لا دليل لنا يدل بعمومه أو اطلاقه علي مشروعية بناء المسجد و لو علي النحو الموقت و مع عدم الدليل لا مجال لدعوي جواز التوقيت فيه بل مقتضي الأصل عدم مشروعيته.

و بعبارة اخري: نشك في أن الشارع الأقدس هل جعل حكما عاما أو جعل مشروعيته في أطار خاص و دائرة مخصوصة و مقتضي الأصل عدم العموم و الاطلاق و لا يعارض بأصالة عدم التقييد اذ لا يترتب عليه العموم الاعلي نحو الاثبات الذي لا نقول به مضافا الي أنه يسقط بالمعارضة فتبقي صورة التأبيد خالية عن الاشكال.

و يضاف الي ذلك انه لا يبعد أن يكون المرتكز في اذهان المتشرعة التأبيد في عنوان المسجد و لا يبعد أن يقال: انه لو كان التوقيت فيه جائزا لذاع و شاع و اللّه العالم بحقايق الأشياء.

هذا كله علي تقدير عدم كون المسجد داخلا في الوقف و كونه داخلا في عنوان التحرير و اما علي تقدير كونه مصداقا للوقف فيترتب عليه ما يترتب علي الوقف من الأحكام و يكون بحسب ما اوقفه اهله كما هو مقتضي النص لاحظ ما رواه الصفار انه كتب الي ابي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في الوقف و ما روي فيه «الوقوف و ما روي فيها خ ل» عن آبائه عليهم السلام فوقع عليه السلام: الوقوف تكون علي حسب ما يوقفها أهلها ان شاء اللّه «1».

و ما رواه محمد بن يحيي قال: كتب بعض أصحابنا الي ابي

محمد عليه السلام في الوقوف و ما روي فيها فوقع عليه السلام: الوقوف علي حسب ما يقفها اهلها

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام الوقوف و الصدقات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 425

نعم تجوز اجارتها لتعمل مصلي يصلي فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الانتفاع (1) و لا يترتب عليها أحكام المسجد (2).

[مسألة 59: يجوز استيجار الشجرة لفائدة الاستظلال و نحوه]

(مسألة 59): يجوز استيجار الشجرة لفائدة الاستظلال و نحوه كربط الدواب و نشر الثياب و يجوز استيجار البستان لفائدة التنزه (3).

______________________________

ان شاء اللّه «1».

و الذي يقوي في النفس ان عنوان المسجد في قبال الاوقاف العامة و الخاصة و انه لا يكون داخلا في الوقف بل كما قالوا تحرير للملك و انه له تعالي بمقتضي قوله تعالي «إِنَّمٰا يَعْمُرُ مَسٰاجِدَ اللّٰهِ مَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ» «2» و قوله تعالي «وَ أَنَّ الْمَسٰاجِدَ لِلّٰهِ فَلٰا تَدْعُوا مَعَ اللّٰهِ أَحَداً» «3».

و علي الجملة: ان عنوان المسجد مغاير لعنوان الوقف و الذي يدل علي المدعي انه لا يتحقق عنوان المسجد الا بأن يقصد هذا العنوان في مقام الجعل و لا يتحقق هذا العنوان بجعل الأرض وقفا للطاعة و العبادة بل يصير نوعا من الوقف و لا يترتب عليه الأحكام الخاصة للمسجد اضف الي ذلك ان الوقف اخراج للعين من الملك و الحال ان العين المستأجرة باقية في ملك المؤجر فكيف يمكن اجارة الأرض لتوقف مسجدا و ان شئت قلت ان جعل الأرض مسجدا تحريرها من الملكية فلا يعقل صيرورتها مسجدا مع بقائها في ملك مالكها.

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع.

(2) اذ المفروض عدم تحقق عنوان المسجدية فلا يترتب عليه ما للمسجد من الأحكام.

(3) لوجود المقتضي و عدم المانع فان المفروض

انه منفعة محللة فلا مانع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) التوبة/ 19

(3) الجن/ 19

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 426

[مسألة 60: يجوز استيجار الإنسان للاحتطاب و الاحتشاش و الاستقاء و نحوها]

(مسألة 60): يجوز استيجار الانسان للاحتطاب و الاحتشاش و الاستقاء و نحوها (1) فان كانت الاجارة واقعه علي المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك المستأجر العين المحازة و ان قصد الاجير نفسه أو شخصا آخر غير المستأجر (2) و ان كانت واقعة علي العمل

______________________________

من اجارة العين بلحاظها. ان قلت: ان الانتفاع بظل شجر الغير أو حائطه جائز و لو مع عدم رضاه قلت: لا تنافي بين الامرين اذ بالاجارة يملك المستأجر هذه المنفعة و ليس للمالك بعد الاجارة قطع الشجرة أو هدم الحائط.

(1) وقع الكلام بين القوم في صحة هذه الاجارة و منشأ الاشكال ان الحيازة سبب لصيرورة المحاز ملكا للحائز فلا ترجع المنفعة الي المستأجر فتكون الاجارة باطلة. و يرد عليه: اولا: انه ما المانع من صحة الاجارة اذا كان فيها غرض عقلائي و لو مع عدم رجوع المنفعة الي المستأجر فلا مانع من وقوع الاجارة علي عمل يرجع نفعه الي العامل مع وجود مصلحة.

و ثانيا: ان الحيازة اذا كانت ملكا للمستأجر بالاجارة تترتب علي الحيازة صيرورة المحاز ملكا للمستأجر بيان ذلك: انه لا دليل علي صيرورة المحاز ملكا للحائز علي الاطلاق كي يرد هذا الاشكال فان دليل سببية الحيازة للملكية منحصر في النص و السيرة أما النص فما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في رجل ابصر طيرا فتبعه حتي وقع علي شجرة فجاء رجل فأخذه فقال أمير المؤمنين عليه السلام: للعين ما رأت و لليد ما أخذت «1»

و هذه الرواية ضعيفة و أما السيرة فهي

جارية علي أن المحاز للحائز و لكن فيما لا تكون الحيازة مملوكة للغير بالاجارة و نحوها و الا يكون المحاز لمالك الحيازة فالي هنا ثبت انه لو حاز الأجير شيئا للمستأجر يكون المحاز له بواسطة الاجارة.

(2) وقع الكلام بين القوم في أنه هل يشترط في سببية الحيازة للملكية قصد

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الصيد

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 427

______________________________

التملك أم لا تشترط بذلك بل لا بد من قصد التملك بالحيازة ربما يستدل علي المدعي بما دل من النص علي ما في جوف السمكة المشتراة من الدرة للمشتري و هو ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان رجلا عابدا من بني اسرائيل كان محارفا فأخذ غزلا فاشتري به سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة فباعها بعشرين ألف درهم فجاء سائل فدق الباب فقال له الرجل: ادخل فقال له: خذ احد الكيسين فأخذ أحدهما و انطلق فلم يكن بأسرع من أن دق السائل الباب فقال له الرجل: ادخل فدخل فوضع الكيس في مكانه ثم قال: كل هنيئا مريئا أنا ملك من ملائكة ربك انما اراد ربك أن يبلوك فوجدك شاكرا ثم ذهب «1».

بتقريب: ان البائع لم يقصد التملك فليس له: و فيه: ان النص المشار اليه لا يدل علي اشتراط قصد التملك بالحيازة بل غاية ما يدل عليه النص اشتراط قصد الحيازة فان البائع لجهله بوجود الدرة في جوف السمكة لم يقصد الحيازة و لا اشكال في أن الحيازة الموجبة للملكية ما يكون مقصودا و أما الحيازة بلا قصد فلا تكون سببا للملكية فكون المشتري مالكا للدرة أمر علي القاعدة كما أن عدم كون البائع مالكا لها كذلك فالنتيجة انه يكفي لحصول

الملكية مجرد قصد الحيازة و أما الزائد عليه فلا و النص المشار اليه شاهد علي المدعي مضافا الي السيرة.

ثم انه لو سلمنا و قلنا يلزم في الحيازة المملكة قصد التملك نقول: يكفي مجرد قصد التملك و لا يلزم قصد التملك لمن تكون له الحيازة فلو حاز مباحا من المباحات قاصدا بها التملك لغيره يصير المحاز ملكا للحائز و لا يصير ملكا لذلك الغير و ان شئت قلت: ملكية المحاز تابعة للحيازة و عليه لو كان الحائز اجيرا و كانت الاجارة واقعة علي الحيازة يكون المحاز للمستأجر اذ المفروض ان الحيازة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب اللقطة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 428

في الذمة فان قصد الاجير تطبيق العمل المملوك عليه علي فعله الخاص بأن كان في مقام الوفاء بعقد الاجارة ملك المستأجر المحاز أيضا (1) و ان لم يقصد ذلك بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يحوز الحيازة له كان المحاز ملكا لمن قصد الحيازة له (2) و كان للمستأجر الفسخ و الرجوع الاجرة المسماة و الامضاء و الرجوع بقيمة العمل المملوك له بالاجارة الذي فوته عليه (3).

[مسألة 61: يجوز استيجار المرأة للإرضاع]

(مسألة 61): يجوز استيجار المرأة للإرضاع (4) بل للرضاع أيضا بمعني ارتضاع اللبن و ان لم يكن بفعل منها أصلا مدة معينة (5).

______________________________

مملوكة له فتأمل.

(1) بمقتضي الاجارة اذ المفروض ان المستأجر مالك في ذمة الاجير الحيازة و الاجير شخص ما في ذمته في الخارج فيكون ملكا للمستأجر.

(2) اذ فرض جواز الحيازة للغير فاذا قصد نفسه أو قصد غيره كان المحاز ملكا لمن قصد.

(3) اذ بعد عدم تسليم مورد الاجارة يكون للمستأجر أن يفسخ بمقتضي الشرط الارتكازي كما ان له الامضاء و الرجوع باجرة المثل.

(4) بلا

اشكال فانه عمل محترم فلا مانع من ايقاع الاجارة بلحاظه كبقية الأعمال المحترمة و يدل علي المدعي مضافا الي بقية الأدلة الخاصة و العامة قوله تعالي:

«فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» «1».

(5) فان حيثية الارتضاع كحيثية سكني الدار فلا مانع من اجارة المرأة للرضاع كما يجوز اجارة الدار للسكني فلا يرد الاشكال بأن الاجارة تمليك للمنفعة و اللبن

______________________________

(1) الطلاق/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 429

و لا بد من معرفة الصبي الذي استوجرت لإرضاعه و لو بالوصف علي نحو يرتفع الغرر كما لا بد من معرفة المرضعة كذلك كما لا بد أيضا من معرفة مكان الرضاع و زمانه اذا كانت تختلف المالية باختلافهما (1).

[مسألة 62: لا بأس باستيجار الشاة و المرأة مدة معينة للانتفاع بلبنها الذي يتكون فيها بعد الإيجار]

(مسألة 62): لا بأس باستيجار الشاة و المرأة مدة معينة للانتفاع بلبنها الذي يتكون فيها بعد الايجار و كذلك استيجار الشجرة للثمرة و البئر للاستقاء و في جواز استيجارها للمنافع الموجودة فيها فعلا

______________________________

من الاعيان و لا تملك الأعيان بالاجارة، فانه يمكن دفع هذه الشبهة بأن نقول حيثية الارتضاع كحيثية السكني قابلة للتمليك فلا مانع من اجارة المرأة نفسها لهذه الحيثية مضافا الي أن الاجارة تمليك للمنفعة و المنفعة قد تكون عينا و اخري لا تكون فلا اشكال.

(1) كل ذلك لنفي الغرر و لا يخفي ان الغرر عبارة عن الخطر كما صرح به الراغب في المفردات و عليه يمكن رفع الخطر و لو مع الجهل مثلا لو باع احد ما في الصندوق من غيره بكذا مقدار كعشرة دراهم مثلا و المشتري لا يعلم بما في الصندوق و لكن يعلم ان ما في الصندوق يسوي عشرة دراهم و يمكن أن يسوي دنانير لا يكون هذه المعاملة خطريا بالنسبة الي المشتري فالجهل بالخصوصيات لا يستلزم الغرر

مضافا الي أنه لا دليل علي اشتراط عدم الغرر في مطلق المعاملات و ما دل علي نفي الغرر في البيع ضعيف سندا لاحظ ما رواه الصدوق بأسانيده عن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: «و قد نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن بيع المضطر و عن بيع الغرر «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا «2» و لاحظ ما عن صحيفة الرضا عليه السلام قال: و قد نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

(2) لاحظ السند بهامش الوسائل في نفس المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 430

من اللبن و الثمرة و الماء اشكال بل المنع أظهر (1).

[مسألة 63: تجوز الإجارة لكنس المسجد و المشهد و نحوهما]

(مسألة 63): تجوز الاجارة لكنس المسجد و المشهد و نحوهما

______________________________

بيع المضطر و عن بيع الغرر «1» و هذه الرواية أيضا لا اعتبار بها لعدم الوثوق بكونها عن المعصوم عليه السلام.

(1) فرق الماتن بين كون الاجارة بلحاظ المنفعة المعدومة و بين كون الاجارة بلحاظ المنفعة الموجودة بالفعل فجوز الاول و نهي عن الثاني بتقريب: ان الاجارة في قبال البيع فان البيع تمليك للعين و الاجارة تمليك للمنفعة فاذا كانت الثمرة موجودة لا يجوز ايجار الشجر بلحاظ ثمره لأن الثمر عين و لا تقع العين مورد الاجارة و أما اذا كان غير موجود فلا مانع من الاجارة لأن حيثية الاستعداد و قابليته من منافع الشجر و لا مانع من وقوع الاجارة علي المنفعة و بهذا النحو تصح الاجارة لا بأن الانتفاع من الثمرة منفعة للشجر.

و الحاصل ان الثمرة منفعة للشجر و لكن الاشكال في أنها من الأعيان فلا بد من التفصيل كما فصل في المتن و

لو التزمنا بجواز اجارة العين بلحاظ ما يترتب عليها من الأعيان لجاز اجارة الحيوان بلحاظ أولاده فيجوز اجارة البقر بلحاظ ما يولد منه و كذلك في جميع موارد التوالد و هل يمكن الالتزام بجوازه؟.

بقي شي ء و هو انه قد مر جواز اجارة المرأة نفسها لحيثية الارتضاع فلا يرد اشكال ان الاجارة لتمليك المنافع لا لتمليك الأعيان و علي هذا ما المانع من أن يقال في أن اجارة الشجر باعتبار الانتفاع من أثمارها فان الارتضاع نحو انتفاع و حكم الامثال واحد و بهذه الحيلة ترتفع الغائلة و يتصالح بين المانعين و المجوزين و لكن علي هذا تكون العين باقية علي ملك مالكها الأول و لا ينتقل اللبن في الضرع أو الثمرة علي الشجرة الي المستأجر بل المستأجر مالك لحيثية الانتفاع بلا

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 31 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 431

و اشعال سراجهما و نحو ذلك (1).

[مسألة 64: لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة]

(مسألة 64: لا تجوز الاجارة عن الحي في العبادات الواجبة (2).

______________________________

فرق بين الموجود و ما سيوجد فله الانتفاع بثمر الشجر الموجود بالفعل كما ان له الانتفاع من الثمر الذي يوجد بعد ذلك.

و قال سيدنا الاستاد و يملك المستأجر حيثية كون العين قابلة لأمر كذلك كحيثية كون البقر قابلة للحلب و بالتبع يملك العين بعد تحققها و حصولها في الخارج «1» هذا ملخص ما أفاده في هذا المقام.

اقول: يمكن أن يقال ان المنفعة اعم من العين و لا مانع من اجارة العين بلحاظ المنفعة و لو كانت عينا أيضا نعم لا بد من الاقتصار علي ما تعارف بين العقلاء و لذا لا تجوز اجارة الدابة بلحاظ ولدها و لا تجوز اجارتها بهذا اللحاظ و لو

بالنسبة الي ولدها غير الموجود فعلا و بعبارة اخري: لا تجوز اجارة الدابة بلحاظ حيثية التوليد.

و صفوة القول: انه لا تصح اجارة الحيوان بلحاظ ولده و لكن مع ذلك كله في النفس شي ء و هو ان الاجارة تمليك للمنفعة فاذا كانت المنفعة من الاعيان يتوجه السؤال بأنه ما الفرق بين الاجارة و البيع فنقول: لا بد من تعلق الاجارة بالمنافع و انما نلتزم بصحة الاجارة في بعض الموارد مع كون المنفعة فيه عينا كإجارة البئر للنزح حيث ان منفعته عين الماء للتعبد و السيرة الجارية عليه و اللّه العالم و علي الجملة: الاجارة تمليك للمنفعة التي لا تكون عينا و انما نخرج عن هذه الكلية في جملة من الموارد للتعبد.

(1) بلا اشكال فان هذه الأعمال محترمة و تترتب عليها منافع فلا مانع من ايقاع الاجارة بلحاظها كما ان السيرة الخارجية قائمة عليها.

(2) القاعدة الأولية تقتضي عدم الجواز فان كل تكليف يقتضي أن يأتي بمتعلقه

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 432

______________________________

من كلف به و كفاية عمل الغير في مقام الامتثال يحتاج الي الدليل و ما يمكن أن يستدل به علي الجواز جملة من الروايات:

منها: ما رواه محمد بن مروان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين و ميتين يصلي عنهما و يتصدق عنهما و يحج عنها و يصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما و له مثل ذلك فيزيده اللّه عز و جل ببره وصلته خيرا كثيرا «1».

و هذه الرواية ضعيفة بحكم بن مسكين و غيره. و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة في أصله قال: سألته عن الرجل يحج و يعتمر و

يصلي و يصوم و يتصدق عن والديه و ذوي قرابته قال: لا بأس به يوجر فيما يصنع و له أجر آخر بصلة قرابته قلت: ان كان لا يري ما أري و هو ناصب؟ قال يخفف عنه بعض ما هو فيه «2» و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن أبي حمزة مضافا الي اشكال آخر في السند.

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة أيضا قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام احج و اصلي و أتصدق عن الأحياء و الأموات من قرابتي و أصحابي؟ قال: نعم تصدق عنه وصل عنه و لك آجر بصلتك اياه «3» و هذه الرواية ضعيفة أيضا بعلي بن أبي حمزة مضافا الي اشكال آخر في السند.

و منها: ما أرسله ابن فهد في عدة الداعي قال: قال عليه السلام: ما يمنع أحدكم أن يبر والديه حيين و ميتين يصلي عنهما و يتصدق عنهما و يصوم عنهما فيكون الذي

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 433

الا في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة (1) و تجوز في المستحبات (2) و لكن في جوازها فيها علي الاطلاق حتي في مثل الصلاة

______________________________

صنع لهما و له مثل ذلك فيزيده اللّه ببره خيرا كثيرا «1». و المرسل لا اعتبار به فالنتيجة انه لا دليل علي جواز النيابة في الواجبات عن الحي فلا يجوز كما في المتن فلاحظ.

(1) و قد تعرض الماتن لهذا الفرع في مناسكه و شرحنا كلامه في كتابنا «مصباح الناسك في شرح المناسك» فراجع.

(2) لم يعين مورد الجواز في المستحبات و لا اشكال في أن المستحب كالواجب في عدم الجواز فيه

الا مع الدليل و قد دل بعض النصوص علي جواز الاستنابة في زيارة الحسين عليه السلام لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل انه قال له رجل هل يزار والدك؟ قال: نعم و يصلي عنده و قال:

يصلي خلفه و لا يتقدم عليه قال: فما لمن أتاه؟ قال: الجنة ان كان يأتم به قال:

فما لمن تركه رغبة عنه؟ قال: الحسرة يوم الحسرة قال: فما لمن أقام عنده؟

قال: كل يوم بألف شهر قال: فما للمنفق في خروجه اليه و المنفق عنده؟ قال:

كل درهم بألف درهم إلي أن قال قال: فما لمن تجهز اليه و لم يخرج لعلة تصيبه قال: يعطيه اللّه بكل درهم ينفقه مثل احد من الحسنات و يخلف عليه أضعاف ما أنفق الحديث «2».

و الرواية ضعيفة سندا و كون رواتها واقعة في أسناد كامل الزيارات لا أثر له مضافا الي أن المذكور في الرواية التجهز و كلامنا في التجهيز و الاستنابة و لكن يكفي لإثبات المدعي في جواز الاستنابة في الزيارة السيرة الخارجية الجارية بين

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب المزار و ما يناسبه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 434

و الصيام اشكالا (1) و لا بأس بها في فرض الاتيان بها رجاء (2) و تجوز الاجارة عن الميت في الواجبات و المستحبات (3).

______________________________

المتشرعة فان النيابة عن الغير في الزيارات استنابة و كذلك الاستنابة للزيارة جارية في الخارج بلا نكير مضافا الي ما ورد في النيابة عن الحي في الحج لاحظ النصوص الواردة في الباب 28 من ابواب النيابة في الحج من الوسائل منها ما رواه محمد بن اسماعيل قال: سألت

ابا الحسن عليه السلام كم اشرك في حجتي قال: كم شئت «1».

(1) لعدم الدليل عليه الا النصوص التي تقدمت مع الاشكال في اسنادها.

(2) فان باب الرجاء واسع.

(3) فان جواز الاجارة فرع جواز النيابة و قد دلت علي جواز النيابة عن الميت في الواجب و المستحب جملة من النصوص منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام تصلي عن الميت؟ فقال: نعم حتي انه ليكون في ضيق فيوسع اللّه عليه ذلك الضيق ثم يؤتي فيقال له: خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلأن اخيك عنك قال: فقلت: فأشرك بين رجلين في ركعتين؟ قال: نعم «2» و منها: ما رواه الصدوق مرسلا قال: و قال عليه السلام: يدخل علي الميت في قبره الصلاة و الصوم و الحج و الصدقة و البر و الدعاء و يكتب اجره للذي يفعله و للميت «3».

و منها مرسلته الاخري قال: و قال عليه السلام: من عمل من المسلمين عن ميت

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 435

______________________________

عملا صالحا اضعف اللّه له اجره و نفع اللّه به الميت «1».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما يلحق الرجل بعد موته؟ فقال: سنة سنها يعمل بها بعد موته فيكون له مثل اجر من يعمل بها من غير ان ينقص من اجورهم شي ء و الصدقة الجارية تجري من بعده و الولد الطيب يدعو لوالديه بعد موتهما و يحج و يتصدق و يعتق عنهما و يصلي و يصوم عنهما فقلت اشركهما في حجتي؟ قال نعم

«2».

و منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: كان ابو عبد اللّه عليه السلام يصلي عن ولده في كل ليلة ركعتين و عن والديه في كل يوم ركعتين قلت له: جعلت فداك كيف صار للولد الليل؟ قال لأن الفراش للولد قال: و كان يقرء فيهما: انا انزلنا في ليلة القدر و انا اعطيناك الكوثر «3».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اي شي ء يلحق الرجل بعد موته؟ قال يلحقه الحج عنه و الصدقة عنه و الصوم عنه «4».

و منها: ما رواه ورام بن ابي فراس في كتابه قال: قال عليه السلام: اذا تصدق الرجل بنية الميت امر اللّه جبرئيل ان يحمل الي قبره سبعين الف ملك في يد كل ملك طبق فيحملون الي قبره و يقولون: السلام عليك يا ولي اللّه هذه هدية فلان بن فلان إليك فيتلألأ قبره «منتقلة الي قبره» و أعطاه اللّه ألف مدينة في الجنة و زوجه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 436

______________________________

ألف حوراء و ألبسه ألف حلة و قضي له ألف حاجة «1».

و منها: ما رواه محمد بن مروان «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألت أبي جعفر بن محمد عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن يصلي أو يصوم عن بعض موتاه؟ قال: نعم فليصل علي ما أحب و يجعل تلك للميت فهو للميت اذا جعل ذلك له «3».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أخي موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن يصوم

عن بعض أهله بعد موته؟ فقال: نعم يصوم ما أحب و يجعل ذلك للميت فهو للميت اذا جعله له «4».

و منها: ما رواه محمد بن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام يصلي عن الميت؟ فقال: نعم حتي انه يكون في ضيق فيوسع عليه ذلك الضيق ثم يؤتي فيقال له: خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلأن أخيك «5».

و منها: ما رواه هشام بن سالم عنه عليه السلام قال: قلت له يصل الي الميت الدعاء و الصدقة و الصوم و نحوها؟ قال: نعم قلت: او يعلم من يصنع ذلك به؟

قال: نعم ثم قال: يكون مسخوطا عليه فرضي عنه «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 432

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 437

______________________________

و منها: حديثا علي بن أبي حمزة «1» و منها: ما رواه الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة عن الصادق عليه السلام قال: تدخل علي الميت في قبره الصلاة و الصوم و الحج و الصدقة و البر و الدعاء و يكتب أجره للذي فعله و للميت «2»

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن موسي عليه السلام في الرجل يتصدق عن الميت أو يصوم و يصلي و يعتق قال: كل ذلك حسن يدخل منفعته علي الميت «3».

و منها: ما رواه كردين قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الصدقة و الصوم و الحج يلحق بالميت؟ قال: نعم قال: و قال هذا القاضي خلفي و هو لا يري ذلك قلت: و ما أنا و ذا فو اللّه لو أمرتني أن أضرب

عنقه لضربت عنقه «4».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت: اني لم اتصدق بصدقة منذ ماتت أمي إلا عنها قال: نعم قلت أ فتري غير ذلك؟ قال نعم نصف عنك و نصف عنها قلت: أ يلحق بها؟ قال: نعم «5».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان في كتابه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

ان الصلاة و الصوم و الصدقة و الحج و العمرة و كل عمل صالح ينفع الميت حتي ان الميت ليكون في ضيق فيوسع عليه و يقال: هذا بعمل ابنك فلان و بعمل أخيك فلان أخوك في الدين «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 432

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 12

(5) نفس المصدر الحديث: 14

(6) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 438

______________________________

و منها: ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له: ان أمي هلكت و لم اتصدق بصدقة منذ هلكت إلا عنها فيلحق ذلك بها؟ قال: نعم قلت: و الصلاة قال نعم قلت: و الحج؟ قال: نعم ثم سألت أبا الحسن عليه السلام بعد ذلك عن الصوم فقال: نعم «1».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يقضي عن الميت الحج و الصوم و العتق و فعاله الحسن «2».

و منها: ما عن البزنطي و كان من رجال الرضا عليه السلام قال: يقضي عن الميت الصوم و الحج و العتق و فعله الحسن «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال يقضي عن الميت الحج و الصوم و العتق و فعاله

الحسن «4».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان في كتابه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

من عمل من المؤمنين عن ميت عملا أضعف اللّه له أجره و ينعم به الميت «5».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام قال يقضي عن الميت الحج و الصوم و العتق و الفعل الحسن «6».

و لا يبعد أن يستفاد من هذه النصوص ان النيابة عن الميت جائزة في جميع الامور الخيرية و سند بعض هذه الروايات و ان كان ضعيفا لكن في المعتبر منها غني

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) نفس المصدر الحديث: 19

(3) نفس المصدر الحديث: 21

(4) نفس المصدر الحديث: 23

(5) نفس المصدر الحديث: 24

(6) نفس المصدر الحديث: 27

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 439

و تجوز أيضا الاجارة علي أن يعمل الاجير عن نفسه و يهدي ثواب عمله الي غيره (1).

[مسألة 65: إذا أمره غيره بإتيان عمل فعمله المأمور]

(مسألة 65): اذا امره غيره باتيان عمل فعمله المأمور فان قصد المأمور التبرع لم يستحق اجرة (2) و ان كان من قصد الامر دفع الأجرة (3) و ان قصد الاجرة استحق الاجرة (4) و ان كان من قصد الامر

______________________________

و كفاية فلاحظ.

(1) فان اهداء الثواب جوازه علي القاعدة لأن الاهداء استدعاء منه تعالي و الدعاء للمؤمن جائز و حسن فالاجارة عليه صحيحة بلا اشكال و ربما يستدل علي جواز الاهداء بما رواه داود الصرمي قال: قلت له يعني أبا الحسن العسكري عليه السلام اني زرت أباك و جعلت ذلك لك فقال: لك بذلك من اللّه ثواب و اجر عظيم و منا المحمدة «1».

و لا يبعد ان يستفاد من الرواية جواز العدول بالنية الي الغير كما عبر بهذا التعبير في مسألة العدول من صلاة الي اخري بقوله

«أربع مكان ربع» مضافا الي انه لا يبعد قيام السيرة علي اهداء الثواب في الامور الخيرية الي الاموات.

(2) لأن الاجير بقصده المجانية الغي احترام ماله و بعبارة اخري: في صورة قصد الاجير المجانية لا مقتضي للضمان.

(3) فان مجرد قصد الامر لا يقتضي الضمان ما دام لم يقصد العامل اخذ الاجرة.

(4) للسيرة العقلائية الجارية علي الضمان في امثال المقام و يمكن الاستدلال علي المدعي بما ورد في كسب الحجام لاحظ الروايات الواردة في الباب: 9 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل منها: ما رواه ابو بصير يعني المرادي عن ابي

______________________________

(1) الوسائل الباب 103 من أبواب المزار و ما يناسبه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 440

التبرع (1) الا أن تكون قرينة علي قصد المجانية كما اذا جرت العادة علي فعله مجانا أو كان المأمور من ليس من شانه فعله باجرة أو نحو ذلك مما يوجب ظهور الطلب في المجانية (2).

[مسألة 66: إذا أستأجره علي الكتابة أو الخياطة]

(مسألة 66): اذا أستأجره علي الكتابة أو الخياطة فمع اطلاق الاجارة يكون المداد و الخيوط علي الاجير و كذا الحكم في جميع الاعمال المتوقفة علي بذل عين فانها لا يجب بذلها علي المستأجر (3).

______________________________

ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن كسب الحجام فقال: لا بأس به اذا لم يشارط «1».

حيث يستفاد منه كراهة تعيين الاجرة من اول الامر و ان الاولي ان يأمره بها ثم يدفع الاجرة فالأمر بنفسه يقتضي الضمان و ربما يستدل علي المدعي بأن عمل المسلم محترم و ان ماله كدمه «2» و اورد عليه سيدنا الاستاد بأن قاعدة الاحترام لا تقتضي الضمان اذ المفروض ان العامل باختياره اقدم علي العمل و لا يكون مجبورا.

و يرد عليه انه لو اكل طعام الغير مع رضاه

بالأكل لكن لا علي نحو المجانية فهل يكون ضامنا أم لا؟ فمجرد الاختيار و الرضا لا يقتضيان عدم الضمان و كيف كان لا اشكال في الضمان.

(1) اذ قصده بمجرده لا يقتضي عدم الضمان كما هو ظاهر.

(2) كما هو ظاهر فانه لا مقتضي للضمان في هذا الفرض.

(3) في المقام قولان: احدهما ان ما يتوقف عليه العمل علي الأجير بتقريب

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 158 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 441

الا أن يشترط كونها عليه أو تقوم القرينة علي ذلك (1).

[مسألة 67: يجوز استيجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدورا له و يتعارف قيامه به]

(مسألة 67): يجوز استيجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدورا له و يتعارف قيامه به (2) و الاقوي ان نفقته علي نفسه لا علي المستأجر الا مع الشرط أو قيام القرينة و لو كانت العادة (3).

______________________________

ان العمل واجب عليه فتجب مقدمته بمقتضي ان مقدمة الواجب واجبة.

ثانيهما: انه علي المستأجر بتقريب: ان الواجب علي الأجير نفس العمل و ليس عليه شي ء آخر فيكون علي المستأجر.

و الذي يختلج بالبال ان يقال: الواجب اتباع الظهور العرفي و لو بحسب القرائن العامة او الخاصة و اما مع عدم الظهور يكون مقتضي القاعدة انه علي الأجير فان الاجارة تقتضي صيرورة المستأجر مالكا للمنفعة الكذائية في ذمة الأجير فعليه القيام بتسليمها قضاء للدين و بعبارة اخري: اذا استوجر الخياط لخياطة الثوب يكون مطلوبا بالخياطة فاللازم عليه القيام بها و لذا لا اشكال في ان اجرة الماكينة للخياطة عليه و ليس له مطالبة الماكينة او اجرتها من المستأجر و قس عليها بقية الامور و اللّه العالم.

(1) فان الشرط ملزم كما هو ظاهر.

(2) بلا اشكال و لا كلام

فانه قسم من اقسام الاجارة فان الغالب في استيجار شخص للخدمة علي هذا النحو.

(3) فانه لو لا الشرط و لو لا الظهور الناشي عن القرينة العامة او الخاصة لا وجه لكونها علي المستأجر فانه علي خلاف القاعدة الأولية هذا بحسب الأصل الاولي و اما بحسب النص الخاص فقد ورد في المقام حديث يدل علي انها علي المستأجر لاحظ ما رواه سليمان بن سالم قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن رجل استأجر رجلا بنفقة و دراهم مسماة علي ان يبعثه الي ارض فلما ان قدم اقبل رجل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 442

[مسألة 68: يجوز أن يستعمل العامل و يأمره بالعمل من دون تعيين أجرة]

(مسألة 68): يجوز أن يستعمل العامل و يأمره بالعمل من دون تعيين اجرة (1) و لكنه مكروه (2).

______________________________

من اصحابه يدعوه الي منزله الشهر و الشهرين فيصيب عنده ما يغنيه عن نفقة المستأجر فنظر الأجير الي ما كان ينفق عليه في الشهر اذا هو لم يدعه فكافاه به الذي يدعوه فمن مال من تلك المكافاة؟ امن مال الأجير او من مال المستأجر؟ قال: ان كان في مصلحة المستأجر فهو من ماله و الا فهو علي الأجير و عن رجل استأجر رجلا بنفقة مسماة و لم يفسر «يعين يب» شيئا علي ان يبعثه الي ارض اخري فما كان من مؤنة الأجير من غسل الثياب و الحمام فعلي من؟ قال: علي المستأجر «1» و الحديث ضعيف بسليمان بن سالم فالأمر كما قلنا و اللّه العالم.

(1) بلا اشكال و لا كلام اذ لا مقتضي للإشكال او التأمل فان استعمال الغير للعمل المباح امر دائر بين العقلاء و السيرة جارية عليه عند المتشرعة بلا نكير من احد.

(2) لبعض النصوص لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة عن ابي عبد

اللّه عليه السلام قال: من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فلا يستعملن اجيرا حتي يعلم ما اجره و من استأجر اجيرا ثم حبسه عن الجمعة يبوء باثمه و ان هو لم يحبسه اشتركا في الأجر «2» و هذه الرواية ضعيفة بمسعدة فانه لم يوثق و كونه في اسناد كامل الزيارات لا يفيد.

و لاحظ ما رواه الجعفري قال: كنت مع الرضا عليه السلام في بعض الحاجة فأردت ان أنصرف الي منزلي فقال لي: انصرف معي فبت عندي الليلة فانطلقت معه فدخل الي داره مع المغيب فنظر الي غلمانه يعملون في الطين او اري الدواب و غير ذلك و اذا معهم أسود ليس منهم فقال: ما هذا الرجل معكم؟ قالوا: يعاوننا

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الاجارة الحديث: 1

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 442

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 443

و يكون عليه اجرة المثل لاستيفاء عمل العامل و ليس من باب الاجارة (1).

[مسألة 69: إذا استاجر أرضا مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقي بعد انقضاء تلك المدة]

(مسألة 69): اذا استاجر أرضا مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقي بعد انقضاء تلك المدة فاذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه (2).

______________________________

و نعطيه شيئا قال: قاطعتموه علي اجرته؟ قالوا: لا هو يرضي منا بما نعطيه فأقبل عليهم يضربهم بالسوط و غضب لذلك غضبا شديدا فقلت جعلت فداك لم تدخل علي نفسك؟ فقال: اني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة أن يعمل معهم أحد «اجير.

يب» حتي يقاطعوه علي اجرته و اعلم انه ما من احد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ثم زدته

لذلك الشي ء ثلاثة اضعاف علي اجرته الا ظن انك قد نقصته اجرته و اذا قاطعته ثم أعطيته اجرته حمدك علي الوفاء فان زدته حبة عرف ذلك لك و رأي انك قد زدته «1».

و الظاهر ان هذه الرواية لا بأس بها سندا و المستفاد منها ان الاستعمال بلا مقاطعة مكروه فان اللسان لسان النهي الكراهي لا التحريمي فلاحظ مضافا الي انه لو كان حراما تكليفا او وضعا لشاع و ذاع و أما نهي الامام عليه السلام غلمانه و ضربهم أمر شخصي لا تستفاد منه الكلية.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض انه لم تتحقق الاجارة و من ناحية اخري لا يكون عمل العامل بعنوان المجانية فطبعا تجب اجرة المثل.

(2) فان الناس مسلطون علي اموالهم و ليس لأحد التصرف في مال الغير بدون اذنه و لا فرق في هذا الحكم بين أن يتضرر المستأجر و عدمه فان دليل لا ضرر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 444

و كذا اذ استاجرها لخصوص الزرع أو الغرس (1) و ليس له الابقاء بدون رضا المالك و ان بذل الاجرة (2) كما انه ليس له المطالبة بالارش اذا نقص بالقلع (3) و كذلك اذا غرس ما لا يبقي فاتفق بقائه لبعض الطواري علي الاظهر (4).

[مسألة 70: خراج الأرض المستاجرة إذا كانت خراجية علي المالك]

(مسألة 70): خراج الارض المستاجرة اذا كانت خراجية علي المالك (5).

______________________________

لا يقتضي الجواز أما علي ما سلكناه من كون مفاد القاعدة النهي عن الاضرار فواضح لأن المالك مسلط علي ماله و دليل حرمة الاضرار لا يسلب حق الملاك بالنسبة الي أموالهم و الا يلزم تأسيس فقه جديد و اما علي القول المشهور في مفاد القاعدة فيقع التزاحم بين ضرر المستأجر و ضرر المالك فان التصرف

في ماله بلا اذنه ضرر بالنسبة اليه و لا وجه لترجيح احد الضررين علي الاخر نعم الضرر الوارد علي المستأجر يتدارك ببقاء غرسه في ملك الغير لكن القاعدة لا تتكفل لهذه الجهة و لا تدل علي جواز التدارك مضافا الي أن ايجاب التدارك علي المالك يوجب الضرر بالنسبة اليه و لا ترجيح كما تقدم.

(1) بعين التقريب.

(2) اذ لا وجه لإجبار المالك و لو مع بذل الاجرة.

(3) اذ لا مقتضي للمطالبة بعد عدم حق له في الابقاء فلاحظ.

(4) فان حكم الامثال واحد.

(5) فانه طرف المعاملة مع الحاكم الجائر و مقتضي القاعدة الاولية كونه ملزما باداء الخراج و وجوبه علي المستأجر يحتاج الي دليل مفقود و ان شئت قلت:

الضمان يحتاج الي الدليل و لا دليل عليه بالنسبة الي المستأجر فيكون علي المالك

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 445

نعم اذا شرط أن تكون علي المستأجر صح علي الاقوي (1).

______________________________

كما في المتن.

(1) تارة يشترط ان الضامن هو المستأجر و اخري يشترط الدفع علي المستأجر أما الصورة الاولي فلا تصح لكون الشرط المذكور علي خلاف المقرر الشرعي و الشرط انما يصح اذا كان صحيحا شرعيا و اما الصورة الثانية فلا مانع من الصحة غير ما يمكن أن يتوهم ان الجهل بمقداره يوجب الفساد.

و فيه: اولا: انه يمكن ان لا يكون مجهولا فان الخراج كما صرح به الماتن في المكاسب المحرمة ضريبة النقد و بعبارة اخري: الخراج مقدار معين من الدرهم او الدينار أو غيرهما فلا يتوجه اشكال الجهل الا أن يقال: انه لا تنافي بين كونه ضريبة نقدية و كونه غير معلوم كما ورد في بعض النصوص «و ربما زاد و ربما نقص» و ثانيا: ان الجهالة في الشرط لا دليل

علي كونها مضرة بصحة العقد.

مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل تكون له الأرض من أرض الخراج فيدفعها الي الرجل علي ان يعمرها و يصلحها و يؤدي خراجها و ما كان من فضل فهو بينهما قال: لا بأس الحديث «1».

و لاحظ ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون له الأرض عليها خراج معلوم و ربما زاد و ربما نقص فيدفعها الي رجل علي أن يكفيه خراجها و يعطيه مأتي درهم في السنة قال: لا بأس «2».

و حيث انه لا يحتمل الفرق بين الاجارة و المزارعة من هذه الجهة يكون الدليل الوارد في باب المزارعة مستندا للحكم في باب الاجارة و الا فلقائل ان يقول النص

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 446

[مسألة 71: لا باس بأخذ الأجرة علي ذكر مصيبة سيد الشهداء عليه السلام و فضائل أهل البيت عليهم السلام]

(مسألة 71): لا باس باخذ الاجرة علي ذكر مصيبة سيد الشهداء عليه السلام و فضائل أهل البيت عليهم السلام و الخطب المشتملة علي المواعظ و نحو ذلك مما له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية (1).

[مسألة 72: يجوز الاستيجار للنيابة عن الأحياء و الأموات في العبادات التي تشرع فيها النيابة]

(مسألة 72): يجوز الاستيجار للنيابة عن الاحياء و الاموات في العبادات التي تشرع فيها النيابة (2) دون ما لا تشرع فيه كالواجبات العبادية مثل الصلاة و الصيام عن الاحياء (3) و تجوز عن الاموات (4) و كذا لا تجوز الاجارة علي تعليم الحلال و الحرام و تعليم الواجبات مثل الصلاة و الصيام و غيرها مما كان محل الابتلاء (5) أما اذا لم يكن محل الابتلاء ففيه اشكال (6) و كذا لا يجوز أخذ الاجرة علي تغسيل الاموات و تكفينهم

______________________________

لم يرد في المقام بل ورد في باب المزارعة و لا دليل علي وحدتهما من هذه الجهة و اللّه العالم.

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع فان ذكر المصيبة و كذلك ذكر الأخبار و أمثالها أمر جائز بل راجح فلا مانع من ايقاع الاجارة عليه.

(2) بلا اشكال اذ بعد فرض جواز النيابة لا مانع من ايقاع الاجارة عليها كبقية الأعمال المباحة.

(3) قد مر الكلام حول هذا الفرع في مسألة 64 فراجع.

(4) قد تقدم الكلام في تلك المسألة فراجع.

(5) بدعوي انه يشترط في اتيانه المجانية و اثبات هذا المدعي مشكل و قد تكلمنا حول هذا الجهة في المكاسب المحرمة.

(6) لعدم شمول الدليل علي فرض تحققه لهذه الصورة فالجزم باحد الطرفين مشكل و مقتضي الصناعة جواز أخذ الاجرة فان المنع يتوقف علي قيام دليل عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 447

و دفنهم (1) نعم الظاهر انه لا باس باخذ الاجرة علي حفر القبر علي نحو خاص

من طوله و عرضه و عمقه (2) و أما أخذ الاجرة علي مسمي حفر القبر اللازم فلا يجوز و لا تصح الاجارة عليه (3).

[مسألة 73: إذا بقيت أصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة فنبتت]

(مسألة 73): اذا بقيت اصول الزرع في الارض المستأجرة للزراعة فنبتت فان أعرض المالك عنها فهي لمن سبق اليها (4) بلا فرق بين مالك الارض و غيره (5).

______________________________

و الا فلا وجه للإشكال.

(1) بدعوي انه علم من الشرع انه لا بد من الاتيان به مجانا و دليله منحصر في الاجماع و التسالم.

(2) اذ النحو الخاص لا يجب فلا مانع من أخذ الاجرة عليه حيث انه لم يقم دليل علي الحرمة في الفرض.

(3) لما تقدم من الوجه فلاحظ.

(4) اذ الأعراض بمقتضي السيرة العقلائية الممضاة عند الشارع يوجب خروج متعلقه عن ملك المعرض فيكون في حكم المباحات الأصلية التي يجوز لكل احد تملكها.

و بعبارة واضحة: ان الأعراض مخرج للمال عن ملك مالكه. ان قلت: ان كان الأعراض مخرجا عن الملك فلا يكون للمالك بعد الأعراض الرجوع الي من تملك مورده و الحال انه يجوز له الرجوع و المطالبة. قلت: جواز الرجوع بعد الأعراض اول الكلام و الاشكال نعم يمكن أن يكون الرجوع ناشيا عن عدم الأعراض و اما لو ثبت الأعراض و تحقق التملك من ناحية اخري فجواز الرجوع يحتاج الي الدليل فلاحظ.

(5) فان المباح يجوز تملكه لكل احد و لا وجه لاختصاصه بصاحب الأرض

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 448

نعم لا يجوز الدخول في الارض الا باذنه (1) و ان لم يعرض عنها فهي له (2).

[مسألة 74: إذا استاجر شخصا لذبح حيوان فذبحه علي غير الوجه الشرعي فصار حراما ضمن]

(مسألة 74): اذا استاجر شخصا لذبح حيوان فذبحه علي غير الوجه الشرعي فصار حراما ضمن (3) و كذا لو تبرع بلا اجارة فذبحه كذلك (4).

[مسألة 75: إذا استاجر شخصا لخياطة ثوب معين لا بقيد المباشرة جاز لغيره التبرع عنه فيه]

(مسألة 75) اذا استاجر شخصا لخياطة ثوب معين لا بقيد المباشرة جاز لغيره التبرع عنه فيه و حينئذ يستحق الاجير الاجرة المسماة لا العامل (5) و اذا خاطه غيره لا بقصد النيابة عنه بطلت الاجارة اذا لم

______________________________

نعم التصرف في ملك المالك بلا رضاه حرام لكن هذا مطلب آخر لا يرتبط بالمدعي.

(1) تقدم وجهه.

(2) لعدم تحقق ما يوجب خروجه كما هو المفروض فهو باق في ملكه علي طبق القاعدة الأولية.

(3) لأنه أتلف مال الغير فهو ضامن للتالف علي طبق القاعدة الأولية مضافا الي عدة نصوص تدل علي المدعي لاحظ احاديث الحلبي و الصفار «1».

(4) الكلام فيه هو الكلام فان الاتلاف يوجب ضمان المتلف.

(5) بلا اشكال فان التبرع في اداء الدين من قبل الغير جاز بالسيرة العقلائية الممضاة فيستحق الاجير في هذه الصورة الاجرة فان المستأجر ضامن للأجرة بمقتضي الاجارة فالمستأجر ضامن للأجرة و الاجير ضامن للعمل و دين في ذمته و المفروض ان الثالث المتبرع تبرع و أدي دينه فالاجارة بحالها بلا اشكال و العامل لا يستحق

______________________________

(1) لاحظ ص: 357 و 407

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 449

يمض زمان يتمكن فيه الاجير من الخياطة (1) و إلا ثبت الخيار لكل منهما (2) هذا فيما اذا لم تكن الخياطة من غير الاجير بامر من المستاجر أو باجارته ثانيا و الا فالظاهر ان الاجير يستحق الاجرة لان التفويت حينئذ مستند الي المستاجر نفسه كما اذا كان هو الخائط (3) و أما الخائط فيستحق علي المالك اجرة المثل ان خاط بامره (4) و كذا اذا

كان قد استاجره ثانيا للخياطة فان الاجارة الثانية باطلة و يكون للخائط اجرة المثل (5).

______________________________

الاجرة اذ المفروض انه قصد التبرع.

(1) اذ صحة الاجارة تتوقف علي قدرة الاجير علي الاتيان بالعمل و مع فرض عدم مضي زمان يمكن للأجير الاتيان بالعمل يكشف عن عدم قدرته عليه فالاجارة باطلة و بعبارة واضحة: لو استوجر للخياطة يوم الجمعة و بادر الثالث فخاط الثوب يوم الخميس لا يكون الاجير قادرا علي الاتيان بالعمل الذي يكون مورد الاجارة.

(2) أما للمستأجر فلأن الاجير لم يسلمه العمل فيمكن الأخذ بالخيار و الرجوع في الاجرة كما أنه يمكنه ابقاء الاجارة بحالها و مطالبة الأجير باجرة المثل و أما الخيار للأجير فلم يظهر لي وجهه اذ الظاهر انه لا موجب للخيار بالنسبة اليه لأن المفروض مضي زمان يمكنه العمل و لم يعمل.

(3) الظاهر ان الأمر كما أفاده اذ المفروض ان التفويت مستند الي المستأجر فلا وجه لبطلان الاجارة كما أنه لا وجه للخيار بل الأجير بمقتضي الاجارة يستحق الاجرة و له اخذها و علي المستأجر دفعها.

(4) كما هو ظاهر اذ المفروض ان الخياطة تحققت بأمره.

(5) الظاهر انه لا وجه للبطلان فان غاية ما يترتب علي الاجارة الثانية كون

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 450

و ان خيطه بغير أمره و لا اجازته لم يستحق عليه شيئا (1) و ان اعتقد ان المالك أمره بذلك (2).

[مسألة 76: إذا استاجره ليوصل متاعه إلي بلد كذا في مدة معينة فسافر بالمتاع و في أثناء الطريق حصل مانع عن الوصول بطلت الإجارة]

(مسألة 76): اذا استاجره ليوصل متاعه الي بلد كذا في مدة معينة فسافر بالمتاع و في أثناء الطريق حصل مانع عن الوصول بطلت الاجارة (3) و اذا كان المستاجر عليه نفس ايصال المتاع لم يستحق شيئا (4) و ان كان مجموع السفر و ايصال المتاع علي نحو تعدد المطلوب

______________________________

المستأجر مالكا للعمل

في ذمة شخصين و لا محذور فيه و علي هذا يكون للخائط الاجرة المسماة. ان قلت: المحل غير قابل للعمل المتعدد و يشترط في صحة الاجارة القدرة علي العمل. قلت: يكفي قابلية المحل لكل من العملين و كل من الأجيرين قادر علي الاتيان به في حد نفسه.

لكن الحق عدم تصحيح العقد بهذا التقريب اذ المفروض عدم امكان الجمع بين الامرين و حيث ان الجمع بين العملين غير ممكن فلا تصح الاجارة لاشتراط القدرة في متعلقها الا أن يقال: الجامع بين المقدور و غير المقدور مقدور و الاجارة تقع علي الجامع لا علي الفرد و اللّه العالم.

(1) لعدم المقتضي للاستحقاق.

(2) فان الاعتقاد لا يغير الواقع عما هو عليه فلاحظ.

(3) اذ المفروض عدم قدرة الأجير علي القيام بمورد الاجارة و مع عدم قدرته علي العمل لا تكون الاجارة صحيحة.

(4) اذ المفروض ان مورد الايجار نفس الايصال و لتوضيح المقام نقول: تارة تقع الاجارة علي نتيجة العمل و اخري تقع الاجارة علي مجموع العمل من حيث المجموع و ثالثة تقع الاجارة علي العمل المركب بحيث تنحل الاجارة الواحدة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 451

استحق من الاجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة الي مجموع المستاجر عليه (1) أما اذا كان علي نحو وحدة المطلوب فالاظهر عدم استحقاقه شيئا (2).

[مسألة 77: إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود عيب أو غيرها]

(مسألة 77): اذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود عيب أو غيرها فان فسخ قبل الشروع في العمل فلا شي ء له (3) و ان كان بعد تمام العمل كان له اجرة المثل (4) و ان كان في أثنائه

______________________________

في مقام الانشاء الي اجارات متعددة فان كان من قبيل الأول كما لو آجره علي الايصال الذي يكون

نتيجة للعمل و هو السير لا يستحق شيئا و يكون حدوث المانع كاشفا عن بطلان الاجارة كما أن الأمر كذلك لو كان علي النحو الثاني و أما اذا كان علي النحو الثالث فتنحل الاجارة فباي مقدار تحقق العمل في الخارج تصح و أما بالنسبة الي المقدار المصادف مع المانع تبطل فلاحظ.

(1) قد ظهر وجهه مما ذكرناه.

(2) لما تقدم من عدم مقتض للاستحقاق.

(3) لعدم المقتضي اذ المفروض ان العقد بالفسخ انحل و من ناحية اخري لم يأت الأجير بعمل يوجب اخذ الاجرة.

(4) اذ المفروض انه لم يقدم علي العمل مجانا و بلا عوض بل أقدم علي العمل بمقتضي الاجارة و حيث ان الاجرة المسماة لم تسلم له بمقتضي الفسخ تصل النوبة الي اجرة المثل و هذا مبني علي مسلك الماتن و هو ان الفسخ في باب الاجارة من الأصل و أما علي القول الاخر فلا مجال للفسخ لعدم ترتب أثر عليه و بعبارة اخري لا موضوع للفسخ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 452

استحق بمقدار ما أتي به من اجرة المثل (1) الا اذا كان مجموع العمل ملحوظا بنحو وحدة المطلوب كما اذا استاجره علي الصلاة أو الصيام فانه لو فسخ في الاثناء لم يكن له شي ء (2) و كذا اذا كان الخيار للمستأجر (3) و يحتمل انه اذا كان المستاجر عليه و هو المجموع علي نحو وحدة المطلوب ففسخ المستاجر في الاثناء كما اذا استاجر علي الصلاة ففسخ في أثنائها يستحق بمقدار ما عمل من اجرة المثل (4).

[مسألة 78: إذا استاجر عينا مدة معينة ثم اشتراها في أثناء المدة فالإجارة باقية علي صحتها]

(مسألة 78): اذا استاجر عينا مدة معينة ثم اشتراها في أثناء المدة فالاجارة باقية علي صحتها (5) و اذا باعها في أثناء المدة ففي

______________________________

(1) العين التقريب و حكم الامثال

واحد و الاشكال هو الاشكال و قد تقدم ان الحق ان الفسخ من الحين.

(2) اذ في هذه الصورة لا موجب لاستحقاقه الاجرة كما مر نظير المقام في المسألة السابقة.

(3) لعين التقريب و البيان.

(4) لا يبعد أن يكون ناظرا الي أن عمل المؤمن محترم و لا يذهب هدرا لكن يرد عليه انه مع فرض وقوع الاجارة علي المجموع بما هو مجموع لا مقتضي للضمان لأن المفروض ان الضمان ناش من قبل الاجارة و الاجارة واقعة علي المقيد بما هو مقيد فالذي وقع عليه الاجارة لم يقع و الواقع لم تقع عليه الاجارة.

(5) اذ لا تنافي بين الأمرين فان الاجارة أوجبت ملكية المنفعة و البيع أوجب ملكية العين و لا مقتضي لفساد الاجارة و ان شئت قلت: المنفعة تابعة للعين فاذا بيعت عين تنتقل الي المشتري مع ما يترتب عليه من المنفعة و لكن هذا فيما تكون المنفعة بحالها و لم تكن مملوكة بسبب آخر و الا تنتقل العين مسلوبة المنفعة و الأمر

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 453

تبعية المنفعة للعين وجهان (1) أقواهما ذلك (2).

[مسألة 79: تجوز إجارة الأرض مدة معينة بتعميرها دارا]

(مسألة 79): تجوز اجارة الارض مدة معينة بتعميرها دارا

______________________________

ظاهر واضح.

(1) فربما يقال: بأن الانتقال بالتبعية يشترط فيه أن يكون المالك البائع مالكا فلتابع بالتبعية و إلا تنتقل العين المشتراة خالية عن المنفعة غاية الأمر يثبت له الخيار ان كان جاهلا بالحال.

و أفاد سيدنا الاستاد: ان المشتري ان كان جاهلا يلزم فساد البيع لأنه يشترط في صحة العقد التطابق بين الايجاب و القبول و المفروض ان البائع قصد نقل العين خالية عن المنفعة و المشتري قصد اشتراء العين مع المنفعة فما وقع الايجاب عليه يغاير ما وقع عليه القبول فيبطل العقد فالأمر دائر

بين الصحة بلا خيار و بين البطلان اذ علي تقدير التطابق و قصد البائع بيع العين مع مالها من المنفعة يصح البيع بلا خيار و أما لو باع العين خالية عن المنفعة و مسلوبة المنفعة يكون البيع باطلا.

و يرد عليه: ان الجزئي الخارجي غير قابل للتقييد فالمشتري الذي قصد اشتراء العين مع المنفعة اما يعلق القبول علي تبعية المنفعة للعين في الانتقال و اما يقيد العين بكونها ذات منفعة و اما يشتري علي الاطلاق غاية الأمر يشترط ان التزامه بالبقاء موقوف علي انتقال المنفعة و لا رابع اما التعليق فباطل اجماعا و أما التقييد فباطل عقلا فينحصر الأمر في الثالث.

و ربما يقال: ان الانتقال بالتبعية لا يشترط فيه هذا الشرط بل العين المبيعة تنتقل الي المشتري مع مالها من المنافع الا فيما قصد التفكيك اذا عرفت ما تقدم نقول حيث ان الحاكم بالتبعية بناء العرف و المتشرعة و ليس في بنائهم هذا الاشتراط اي لا يشترط بكون المنفعة مملوكة للبائع بالتبعية يكون الحق هو القول الثاني.

(2) قد ظهر وجهه مما ذكرنا فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 454

أو تعميرها بستانا بكري الانهار و تنقية الآبار و غرس الاشجار و نحو ذلك (1) و لا بد من تعيين مقدار التعمير كما و كيفا (2).

[مسألة 80: تجوز الإجارة علي الطبابة و معالجة المرضي]

(مسألة 80): تجوز الاجارة علي الطبابة و معالجة المرضي سواء أ كانت بمجرد وصف العلاج أم بالمباشرة كجبر الكسير و تضميد القروح و الجروح و نحو ذلك (3) و تجوز المقاطعة عليه بقيد البراءة

______________________________

(1) الجواز علي طبق القاعدة الأولية فان الاجارة عبارة عن تمليك المنفعة بعوض ففي كل مورد تحقق هذا المعني مع شروطها تحقق الاجارة و تصح و يمكن الاستدلال علي المدعي

بجملة من الروايات:

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بقبالة الأرض من أهلها عشرين سنة أو أقلّ من ذلك او أكثر فيعمرها و يؤدي ما خرج عليها و لا يدخل العلوج في شي ء من القبالة لأنه لا يحل «1».

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال و سألته عن الرجل يعطي الأرض «الخربة يه» و هي لك و يقول: اعمرها ثلاث سنين أو خمس «أربع خ ل» سنين او ما شاء اللّه قال: لا بأس «2».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان القبالة أن تأتي الأرض الخربة فتقبلها من أهلها عشرين سنة او أقلّ او أكثر فتعمرها و تؤدي ما خرج عليها فلا بأس به «3».

(2) دفعا للغرر فان بناء الأصحاب علي أن الغرر يوجب فساد العقد.

(3) كما هو مقتضي القاعدة فان عدم الجواز يحتاج الي الدليل بعد فرض اطلاق

______________________________

(1) الوسائل الباب 93 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 455

اذا كانت العادة تقتضي ذلك كما في سائر موارد الاجارة علي الاعمال الموقوفة علي مقدمات غير اختيارية للأجير و كانت توجد عادة عند ارادة العمل (1).

[مسألة 81: إذا أسقط المستاجر حقه من العين المستاجرة لم يسقط]

(مسألة 81): اذا أسقط المستاجر حقه من العين المستاجرة لم يسقط و بقيت المنفعة علي ملكه (2).

[مسألة 82: لا يجوز في الاستيجار للحج البلدي أن يستأجر شخصين]

(مسألة 82): لا يجوز في الاستيجار للحج البلدي أن يستأجر

______________________________

دليل الجواز من الأدلة العامة و الخاصة و ربما يتوهم أن وجوبه الكفائي مانع عن الصحة و يدفع اولا: بأنه يمكن فرض عدم الوجوب لوجود من به الكفاية و ثانيا:

ان الوجوب العيني لا يستلزم الفساد فكيف بالكفائي الا أن يقوم دليل علي وجوب أمر مجانا فما أفاده علي طبق القاعدة.

(1) انما قيده بهذا القيد كي لا يلزم التعليق في العقد و بعبارة اخري: لو لم تكن المقدمات محرزة بحسب العادة يلزم التعليق علي وجود تلك المقدمات أو علي المشية و التعليق يقتضي بطلان العقد و بعبارة واضحة: الاجارة تمليك للمنفعة و هذا يتوقف علي كون الاجير قادرا و مالكا لتلك المنفعة فاذا فرض توقف عمل علي أمر غير اختياري لا مجال للإجارة لأن ما يتوقف علي أمر غير اختياري غير اختياري أيضا و عليه اذا كان المتوقف عليه لا يكون موجودا في ظرفه و الموجر يعلم به لا يمكنه أن يؤجر المعلق لعدم كونه مالكا لمورد الاجارة و اذا كان معلوم الوجود تجوز الاجارة بلا اشكال حتي مع التعليق فان التعليق علي أمر معلوم الوجود لا يضر و اذا كان مجهول الوجود لا تجوز الاجارة الا علي النحو التعليق و التعليق يوجب بطلان العقد.

(2) اذ لا وجه للسقوط و لا مقتضي له و ان شئت قلت: ما يكون للمستأجر ملكية المنفعة و لا نتصور حقا غيرها كي يسقط نعم يجوز له الانتفاع كما أنه يجوز

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 456

شخصا من بلد الميت الي النجف مثلا و آخر من

النجف الي المدينة و ثالثا من المدينة الي مكة بل لا بد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج الي أن يحج (1).

[مسألة 83: إذا استوجر للصلاة عن الحي أو الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غير الركنية]

(مسألة 83): اذا استوجر للصلاة عن الحي أو الميت فنقص بعض الاجزاء أو الشرائط غير الركنية فان كانت الاجارة علي الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند الاطلاق استحق تمام الاجرة (2) و كذا ان كانت علي نفس الاعمال المخصوصة و كان النقص علي النحو المتعارف (3) و ان كان علي خلاف المتعارف نقص من الاجرة بمقداره (4).

______________________________

وضعا تمليكها من الغير و الحكم الشرعي أمره بيد الشارع و ليس لأحد اسقاطه كما انه ليس لأحد احداثه فما دام لا يتحقق سبب لانتقال المنفعة عن ملكه لا تسقط بل تكون باقية بحالها.

(1) لأن سير زيد من قم الي النجف مثلا لا تكون مقدمة لعمل من يقوم بالحج و هذا لا يرتبط بمسألة اختصاص وجوب المقدمة بخصوص الموصلة بل الامر كذلك حتي علي القول بوجوب المقدمة مطلقا و علي الجملة الاشكال من ناحية ان المقدمة التي أتي بها شخص لا تكون مقدمة لفعل آخر و معني الحج البلدي أن يحج شخص عن البلد و ان شئت قلت: الاتيان بالمقدمة بلا ترتب ذيها عمل لغو و لا يترتب عليه شي ء و يكون نظير أن يغتسل احد غسل الاحرام و يحرم الاخر و هل يمكن الالتزام باجزائه و شرعيته؟ كلا.

(2) اذ المفروض انه سلم ما عليه من الصلاة الصحيحة.

(3) الكلام هو الكلام فان النقصان بالمقدار المتعارف مغتفر.

(4) الظاهر انه لا وجه للنقصان لأن المفروض ان الأجير بالاجارة صار مالكا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 457

[مسألة 84: إذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالأحوط الترتيب بين السور]

(مسألة 84): اذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالاحوط الترتيب بين السور بل الظاهر لزوم الترتيب بين آيات السور و كلماتها (1) و اذا قرأ بعض الكلمات غلطا و التفت الي ذلك بعد الفراغ من السورة أو

الختم فان كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الاجرة شي ء (2) و ان كان بالمقدار غير المتعارف ففي امكان تداركه بقراءة تلك الكلمة صحيحة اشكال (3) و الاحوط للأجير أن يقرأ السورة من مكان الغلط الي آخرها (4).

______________________________

للأجرة المسماة و لا مقتضي لحرمانه نعم يمكن أن يقال: انه يثبت للمستأجر خيار الفسخ فاذا فسخ تصل النوبة الي اجرة المثل فلاحظ. الا أن يقال: ان النقصان اذا كان عمديا يوجب البطلان و ليس هو محل الكلام و أما السهوي فيكون كاشفا عن عدم قدرته و مع عدم القدرة تكون الاجارة بالنسبة الي المقدار المفروض تركه باطلة لكن يمكن أن يقال: انه يكفي في صحة الاجارة كون العمل مقدورا و لو بالاستعانة من الغير بأن يذكره كي لا ينقص من عمله شي ء و ليعلم انه علي القول بكون الفسخ من الحين تنقص من الاجرة المسماة بالنسبة الا أن يقال: انه مع عدم الانفساخ كما هو المفروض تصل النوبة الي اجرة المثل بالمقدار الناقص.

(1) الظاهر ان الوجه فيه ظهور مورد الاجارة في القراءة مرتبة و بعبارة اخري المتبادر من ختم القرآن الاتيان بقراءته مرتبة من اوله الي آخره.

(2) اذ مع كون الناقص بالمقدار المتعارف لا نقصان في مورد الاجارة فلا وجه للنقصان من الاجرة.

(3) لعدم دليل علي الكفاية بعد عدم شمول مورد الاجارة له.

(4) وجه عدم جزمه ان الاجارة منصرفة الي القراءة المتعارفة و القراءة المتعارفة تشمل الناقص بلا عمد و تقصير.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 458

[مسألة 85: إذا استوجر للصلاة عن زيد فاشتبه و صلي عن عمرو]

(مسألة 85): اذا استوجر للصلاة عن زيد فاشتبه و صلي عن عمر و فان كان علي نحو الخطأ في التطبيق بان كان مقصوده الصلاة لمن استوجر للصلاة عنه فاخطأ في اعتقاده

انه عمر و صح عن زيد و استحق الاجرة (1) و ان كان علي نحو آخر لم يستحق الاجرة و لم يصح عن زيد (2).

______________________________

و يرد عليه ان القراءة المتعارفة ان كانت شاملة للناقص فلا يلزم اعادة نفس الكلمة و لا تعارف في اعادة نفس الكلمة فقط بل قراءتها فقط لغو اذ لا يفيد المعني المقصود فاما يلتزم بعدم الجبران حتي بالنسبة الي تلك الكلمة و اما يلتزم بجبرانها باعادة السورة من اولها كي تصدق قراءة تلك السورة و هذا هو الحق اذ بمقتضي الاجارة تجب عليه قراءة تلك السورة و المفروض ان الأجير لم يقرأها و لا دليل علي الاجتزاء ببعض السورة نعم لا يلزم الاعادة من أول القرآن فانه خلاف المتفاهم العرفي لكن الظاهر انه يكفي الاعادة من ذلك المحل الذي صار غلطا الي آخر السورة و الشاهد عليه انه لو قرأ سورة دفعات بأن قرأ منها مقدارا كما لو قرأ الثلث منها ثم قرأ الثلث الثاني ثم قرأ الثالث دفعات يصح و تفرغ الذمة فالمقام من قبيل ذلك فما أفاده في المتن بنحو الاحتياط هو الاظهر و اللّه العالم.

(1) اذ المفروض انه أتي عنه غاية الأمر يتخيل انه عمرو و بعبارة اخري:

يقصد النيابة عن الذي وقع الإجارة علي النيابة عنه فلا وجه لعدم الصحة.

(2) بأن يقصد عمروا بما أنه هو لا بعنوان الخطأ في التطبيق و في هذه الصورة لا يستحق الاجرة بالنسبة الي الفعل المأتي به لعدم موجب للاستحقاق و بعبارة اخري الاشتباه الصادر من الاجير لا يغير الواقع فلا موجب للاستحقاق و أما بالنسبة الي مورد الاجارة فالاستحقاق علي حاله و لا وجه لعدمه فان الاستحقاق تحقق بالاجارة

مباني منهاج الصالحين،

ج 8، ص: 459

[مسألة 86: الموارد التي يجوز فيها استيجار البالغ للنيابة في العبادات المستحبة يجوز فيها أيضا استيجار الصبي]

(مسألة 86): الموارد التي يجوز فيها استيجار البالغ للنيابة في العبادات المستحبة يجوز فيها أيضا استيجار الصبي (1) و اللّه سبحانه العالم.

[كتاب المزارعة]

اشارة

«كتاب المزارعة» المزارعة هي الاتفاق بين مالك الارض و الزارع علي زرع الارض بحصة من حاصلها (2)

[و يعتبر في المزارعة أمور]

اشارة

و يعتبر في المزارعة امور:

[الأول الإيجاب من المالك و القبول من الزارع]

الاول

______________________________

فهو باق بحاله غاية الأمر للمستأجر خيار الفسخ بمقتضي الشرط الضمني حيث ان الأجير لم يسلم مورد الاجارة فيكون للمستأجر خيار الفسخ كما ان له اخذ اجرة المثل.

(1) بتقريب: انه بعد ما فرض كون عباداته شرعية صحيحة لا مجال للإشكال في النيابة فان الصبي لو زار نيابة عن حي او ميت تصح زيارته و كذلك لو حج اذ فرض كون عباداته شرعية فيجوز أن يستأجر من وليه للزيارة و الحج و ان شئت قلت: قد دل الدليل علي استحباب الاستنابة في جملة من الامور المستحبة عن الأحياء و الأموات او عن خصوص الأموات و مقتضي اطلاق ذلك الدليل عدم الفرق بين كون النائب بالغا و كونه غير بالغ و اللّه العالم و له الحمد و قد تم كتاب الاجارة في اليوم الثلثاء الرابع و العشرين من شهر ربيع الأول من سنة: 1408 في بلدة قم المشرفة علي مشرفها آلاف التحية و الثناء.

(2) قال في المستمسك: المزارعة مصدر (فاعل) و هو للسعي نحو الفعل بخلاف فعل فانه لوقوع الفعل فاذا قلت: قتل زيد عمروا فقد اخبرت عن وقوع القتل علي عمرو من زيد فاذا قلت: قاتل زيد عمروا فقد اخبرت عن سعي زيد لقتل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 460

الايجاب من المالك و القبول من الزارع (1) بكل ما يدل علي تسليم الارض للزراعة و قبول الزارع لها من لفظ كقول المالك للزارع مثلا سلمت إليك الارض لتزرعها فيقول الزارع قبلت (2) أو فعل دال

______________________________

عمرو. فاذا قلت زارع زيد عمروا كان المراد أنه سعي زيد لتحقيق الزرع و وقوعه من عمرو ففي المثالين يراد من فاعل السعي و يختلفان في كيفية وقوع

الفعل، و لا يقال: زارعت الحب بمعني سعيت الي زرعه كما يقال قاتلت زيدا فهذا الاختلاف ناشئ من اختلاف الموارد. انتهي «1».

و قال المحقق قدس سره في الشرائع: أما المزارعة فهي لغة معاملة علي الأرض بحصة من حاصلها». و قال في الجواهر في جملة من كلامه في هذا المقام «و قد عرفت غير مرة ان المراد بنحو هذا التعريف في كلامهم التصوير و التمييز في الذهن في الجملة فلا يناسب الأطناب في بيان فقده لوازم التعريف من الطرد و العكس و غيرهما كما هو واضح» «2» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

(1) اذ لا اشكال في كونها من العقود و العقد مركب من الإيجاب و القبول و يظهر من بعض الكلمات انه لا خلاف فيه بل الاجماع بقسميه عليه.

(2) فان مقتضي عموم ادلة الصحة أو اطلاقها عدم اشتراط العقد بصيغة خاصة و لقائل أن يقول ما المراد من الأدلة و ما المراد من الاطلاق المذكور؟ أما عموم وجوب الوفاء المستفاد من الاية الشريفة «3» فلا يمكن جعله دليلا للصحة و نتعرض لتقريب المدعي في ذيل مسئلة 11 فانتظر و أما قوله تعالي الا أن تكون

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 13 ص 276

(2) الجواهر ج 27 ص 2

(3) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 461

علي تسليم الارض للزارع و قبول الزارع لها من دون كلام (1) و لا يعتبر فيها العربية و الماضوية (2) كما لا يعتبر تقديم الايجاب علي القبول (3) و لا يعتبر أن يكون الايجاب من المالك و القبول من الزارع بل يجوز العكس (4).

______________________________

تجارة عن تراض «1» فايضا يشكل الاستدلال به اذ التجارة بما لها من المفهوم لا يبعد أن تكون عبارة عن البيع

كما يستفاد من بعض اهل اللغة فتبقي النصوص الواردة في جواز المزارعة و هل يمكن الالتزام بالعموم او الاطلاق في هذه النصوص لكن الظاهر ان الحكم مورد الاتفاق و التسالم بين الأصحاب فلاحظ.

(1) فتكفي المعاطاة كما تكفي في البيع بملاك واحد و هو صدق العنوان المترتب عليه الحكم.

(2) كما لا يعتبر هذه الامور في صيغة البيع و ذلك للإطلاق و العموم فتأمل.

(3) لا يخفي ان القبول العقدي لا يتصور أن يتقدم علي الايجاب الا علي النحو التعليق و بعبارة اخري قبول ما صدر عن الغير يتوقف علي أن يكون متأخرا عنه فتقدمه يستلزم الخلف نعم لا مانع من تقديم القبول فيكون ايجابا و ما صدر عن الطرف المقابل بعده يكون قبولا و يكون العقد صحيحا لصدق العنوان عليه فيكون مشمولا لأدلة الصحة و بعبارة واضحة لو قدم الانشاء من طرف الزارع يكون إنشائه ايجابا و يكون إنشاء المالك بعده قبولا.

(4) كما تقدم و يدل علي المدعي حديث عبد اللّه ابن سنان انه قال في الرجل يزارع فيزرع ارض غيره فيقول: ثلث للبقر و ثلث للبذر و ثلث للأرض قال:

لا يسمي شيئا من الحب و البقر و لكن يقول: أزرع فيها كذا و كذا ان شئت نصفا

______________________________

(1) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 462

[الثاني: أن يكون كل من المالك و الزارع بالغا و عاقلا و مختارا]

الثاني: أن يكون كل من المالك و الزارع بالغا و عاقلا و مختارا (1) و أن يكون المالك غير محجور عليه لسفه أو فلس و كذلك العامل اذا استلزم تصرفا ماليا (2).

[الثالث: أن يكون نصيبهما من تمام حاصل الأرض]

الثالث: أن يكون نصيبهما من تمام حاصل الارض فلو جعل لأحدهما اول الحاصل و للاخر آخره بطلت المزارعة و كذا الحال لو جعل الكل لأحدهما (3).

______________________________

و ان شئت ثلثا «1».

و حديث أبي الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الرجل يزرع أرض رجل آخر فيشترط عليه ثلثا للبذر و ثلثا للبقر فقال: لا ينبغي أن يسمي بذرا و لا بقرا و لكن يقول لصاحب الأرض أزرع في أرضك و لك منها كذا و كذا نصف أو ثلث أو ما كان من شرط و لا يسمي بذرا و لا بقرا فانما يحرم الكلام «2»

(1) قد تعرضنا لاشتراط كل واحد من هذه الشروط و ادلتها في كتاب البيع فان هذه الامور شروط عامة لمطلق التصرف و معتبرة في كافة العقود فراجع ما ذكرناه هناك.

(2) فان الحجر مانع عن التصرف المالي فيكون عدمه شرطا في التصرف المالي.

(3) ادعي الاجماع علي كلا الأمرين و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تقبل الأرض بحنطة مسماة و لكن بالنصف و الثلث و الربع و الخمس لا بأس به و قال: لا بأس بالمزارعة بالثلث و الربع

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المزارعة الحديث 5

(2) نفس المصدر الحديث 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 463

[الرابع أن تجعل حصة كل منهما علي نحو الإشاعة]

الرابع أن تجعل حصة كل منهما علي نحو الاشاعة كالنصف و الثلث و نحوهما فلو قال للزارع ازرع و أعطني ما شئت لم تصح المزارعة و كذا لو عين للمالك أو الزارع مقدار معين كعشرة امنان (1).

[الخامس- تعيين المدة بالأشهر أو السنين أو الفصل]

الخامس- تعيين المدة بالاشهر أو السنين أو الفصل بمقدار يمكن حصول الزرع فيه و عليه فلو جعل آخر المدة ادراك الحاصل بعد تعيين اولها كفي في الصحة (2).

______________________________

و الخمس «1».

(1) ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي من النصوص حديث الحلبي المتقدم ذكره آنفا.

(2) ادعي عليه الاجماع فان تم فهو و الا فيشكل الجزم بالحكم اذ ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجهان احدهما ما رواه أبو الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن أرض يريد رجل أن يتقبلها، فاي وجوه القبالة احل؟

قال: يتقبل الأرض من أربابها بشي ء معلوم الي سنين مسماة فيعمر و يؤدي الخراج فان كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في قبالته فان ذلك لا يحل «2».

و هذه الرواية ضعيفة بابن جرير بل في أبي الربيع نقاش أيضا مضافا الي المناقشة في الدلالة اذ يمكن أن يكون المراد من القبالة غير المزارعة: ثانيهما دليل نفي الغرر و فيه اولا ان الدليل اخص من المدعي اذ يمكن أن يتصور الجهل بنحو لا يستلزم الغرر و ثانيا لا دليل علي حرمة الغرر علي نحو الاطلاق بل لا بد من الاجماع و التسالم حتي في البيع فكيف بالمقام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المزارعة الحديث 3

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب المزارعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 464

[السادس- أن تكون الأرض قابلة للزرع]

السادس- أن تكون الارض قابلة للزرع و لو بالعلاج و الاصلاح و أما اذا لم تكن كذلك كما اذا كانت الارض سبخة لا يمكن الانتفاع بها أو نحوها بطلت المزارعة (1).

[السابع: تعيين الزرع إذا كان بينهما اختلاف نظر في ذلك و إلا لم يلزم التعيين]

السابع: تعيين الزرع اذا كان بينهما اختلاف نظر في ذلك و الا لم يلزم التعيين (2).

[الثامن- تعيين الأرض و حدودها و مقدارها]

الثامن- تعيين الارض و حدودها و مقدارها فلو لم يعينها بطلت و كذا اذا لم يعين مقدارها نعم لو عين كليا موصوفا علي وجه لا غرر فيه بأن يقول مقدار جريب من هذه القطعة من الارض التي لا اختلاف بين اجزائها صحت (3).

[التاسع: تعيين ما عليهما من المصارف كالبذر و نحوه]

التاسع: تعيين ما عليهما من المصارف كالبذر و نحوه بأن يجعل علي أحدهما أو كليهما (4) و يكفي في ذلك المتعارف الخارجي لانصراف

______________________________

(1) اجماعا كما في كلام القوم مضافا الي انه كيف يصح العقد مع امتناع موضوعه فلاحظ.

(2) اذ مع اختلاف النظر اما يكون مورد المعاملة المردد و اما يكون موردها ما في نظر الزارع أما علي الاول فلا مجال للصحة اذ المردد لا واقع له و اما علي الثاني فالظاهر ان الوجه في البطلان الغرر و فيه اشكال قد تقدم.

(3) يظهر من المتن و غيره من المتون التسالم علي كون الغرر مفسدا فلو تم اجماعا تعبديا و الا فيشكل كما تقدم.

(4) قد ورد في المقام حديث يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: و سألته عن المزارعة فقال: النفقة منك و الأرض لصاحبها فما اخرج اللّه من

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 465

الاطلاق اليه (1).

[مسائل]

[مسألة 1: يجوز للعامل أن يزرع الارض بنفسه أو بغيره أو بالشركة مع غيره]

(مسألة 1): يجوز للعامل أن يزرع الارض بنفسه أو بغيره أو بالشركة مع غيره هذا فيما اذا لم يشترط المالك عليه المباشرة و إلا لزم أن يزرع بنفسه (2).

[مسألة 2: لو أذن شخص لآخر في زرع ارضه علي أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما]

(مسألة 2): لو اذن شخص لاخر في زرع ارضه علي أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما فهل هو من المزارعة المصطلحة أولا وجهان الظاهر انه من المزارعة و يترتب عليه احكامها (3).

______________________________

شي ء قسم علي الشطر و كذلك اعطي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خيبر حين أتوه فاعطاهم اياها علي أن يعمروها و لهم النصف مما أخرجه «1».

يستفاد منه ان النفقة علي الزارع و الأرض للمالك و لكن حكي عن جامع المقاصد الأطباق علي صحة المزارعة مع كون البذر علي المالك فان تم فهو و الا يشكل التخلف عن مفاد الحديث الا أن يقال: ان المقصود من ذيل الحديث ان النفقة علي الزارع في ما لا يشترط خلافه و بعبارة اخري: يمكن أن يقال: ان المستفاد من صدر الحديث صحة الشرط و المستفاد من ذيله حكم المزارعة بدون الشرط المذكور و اللّه العالم.

(1) لأن الاطلاق ينصرف اليه.

(2) ما افاده علي القاعدة و لا يحتاج الي البحث فلاحظ.

(3) الاذن من الإيقاعات فكيف يترتب عليه احكام المزارعة التي هي من العقود كما مر نعم لو رجع اذنه الي إنشاء المزارعة و قيام الزارع يكون قبولا لذلك الايجاب يكون الاذن المذكور من مصاديق المزارعة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أحكام المزارعة الحديث 20

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 466

و كذلك الحال لو اذن لكل من يتصدي للزرع و ان لم يعين شخصا معينا بأن يقول لكل من زرع ارضي هذه نصف حاصلها أو ثلثها (1).

[مسألة 3: يجوز اشتراط مقدار معين من الحاصل لأحدهما و تقسيم الباقي بينهما بنسبة معينة]

(مسألة 3): يجوز اشتراط مقدار معين من الحاصل لأحدهما و تقسيم الباقي بينهما بنسبة معينة (2) اذا علما ببقاء شي ء من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار (3) كما يجوز استثناء مقدار

البذر لمن كان

______________________________

(1) الفرق بين الصورة الاولي و الثانية ان الطرف في الصورة الاولي الشخص المعين و في الثاني العنوان الكلي و أما الصورة الثالثه فهي داخلة في الجعالة و عليه لا تكون من مصاديق المزارعة.

(2) لا اشكال في أن دليل جواز الشرط ليس مشرعا بل لا بد في جواز الاشتراط و الالتزام بنفوذه احراز مشروعية مورد الشرط في الرتبة السابقة هذا من ناحية و من ناحية اخري المستفاد من نصوص باب المزارعة انه لا بد من كون النماء مشتركا بين المالك و الزارع و صفوة القول ان المستفاد من النصوص ان وضع المزارعة علي الاشتراك في النماء بين المالك و الزارع فالالتزام بجواز تخصيص احدهما بمقدار من الحاصل يحتاج الي الدليل و دليل الشرط لا يحرز و لا يبين موضوع نفسه فيشكل القول بالجواز.

و أما الاستدلال علي المدعي بحديث سهل بن اليسع قال سألت ابا الحسن موسي عليه السلام عن الرجل يزرع له الحراث بالزعفران و يضمن له علي أن يعطيه في كل جريب أرض يمسح عليه وزن كذا و كذا درهما فربما نقص و غرم و ربما استفضل و زاد، قال لا بأس به اذا تراضيا «1» ففيه ان الحديث ضعيف بمحمد سهل فعلي تقدير تمامية دلالته علي المدعي لا يكون قابلا للاستدلال به فلاحظ.

(3) الظاهر انه لا مدخلية للعلم و انما المناط هو الواقع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب المزارعة الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 467

منه أو استثناء مقدار خراج السلطان أو ما يصرف في تعمير الارض (1).

[مسألة 4: إذا عين المالك نوعا خاصا من الزرع من حنطة أو شعير أو نحو ذلك في ضمن عقد المزارعة]

(مسألة 4): اذا عين المالك نوعا خاصا من الزرع من حنطة أو شعير أو نحو ذلك في ضمن عقد المزارعة تعين ذلك علي

الزارع فلا يجوز له التعدي عنه (2) و لكن لو تعدي الي غيره و زرع نوعا آخر منه فللمالك الخيار بين الفسخ و الامضاء (3) فان فسخ فيرجع علي العامل باجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض (4) و أما الحاصل فهو للعامل

______________________________

(1) لاحظ ما رواه يعقوب ابن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل تكون له الأرض من أرض الخراج فيدفعها الي الرجل علي أن يعمرها و يصلحها و يؤدي خراجها و ما كان من فضل فهو بينهما قال: لا بأس «1» فان جواز الامور المذكورة في المتن يستفاد من الحديث و ظاهره اشتراط الامور الثلاثة جميعها و يدل علي بعض المقصود ما رواه الكرخي «2» نعم ان المستفاد من ذيل حديث يعقوب بن شعيب ان النفقة علي الزارع الا أن يقال ان الاجماع قائم علي الجواز.

(2) اذ يجب العمل بالشرط بمقتضي دليل وجوب الوفاء به و لا يجوز للزارع التعدي عنه و هذا ظاهر.

(3) فان التخلف عن الشرط يستلزم الخيار بمقتضي الشرط الارتكازي الضمني الثابت بالسيرة العقلائية.

(4) اذ بالفسخ يبطل عقد المزارعة هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الزارع استوفي منفعة الأرض و الاستيفاء يقتضي الضمان فيكون الزارع ضامنا لأجرة المثل

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المزارعة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 468

ان كان البذر له (1) و ان كان للمالك فله المطالبة ببدله أيضا (2) و علي تقدير البذل كان الحاصل للعامل أيضا (3) و ليست له مطالبة المالك باجرة العمل مطلقا هذا اذا علم المالك بذلك بعد بلوغ الحاصل (4) و أما اذا علم به قبل بلوغه فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة

(5) و الزام العامل بقطع الزرع أو ابقائه بالاجرة أو مجانا ان كان البذر له (6) و أما اذا كان للمالك فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و بدل البذر أيضا (7) و مع بذله يكون الزرع للعامل (8) هذا اذا كان علي نحو الاشتراط و أما اذا كان التعيين علي نحو التقييد بطلت المزارعة (9

______________________________

للمالك.

(1) فان الزرع للزارع و ان كان غاصبا.

(2) اذ المفروض ان اليد يد ضمان فيكون ضامنا.

(3) اذ في صورة البذل يكون الزرع للزارع فان المبذول في حكم المملوك.

(4) لعدم المقتضي للمطالبة.

(5) لما تقدم فان الاستيفاء يقتضي الضمان.

(6) لتسلط الناس علي اموالهم و لا يكون للزارع حق الإبقاء مع عدم الرضا فللمالك الزامه بالقطع أو ابقائه علي احد النحوين المذكورين في المتن.

(7) لما تقدم.

(8) كما تقدم.

(9) اذ ما وقع في الخارج غير ما وقع عليه العقد فتبطل المزارعة الواقعة بينهما و يختلج بالبال أن يقال انه لا وجه للبطلان بل مقتضي القاعدة ضمان الزارع للمالك فيضمن له اجرة المثل فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 469

و حكمه ما تقدم (1).

[مسألة 5: إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع]

(مسألة 5): اذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع فان كان البذر للمالك كان الزرع له (2) و عليه للزارع ما صرفه من الاموال و كذا اجرة عمله و اجرة الالات التي استعملها في الارض (3) و ان كان البذر للزارع فالزرع له (4) و عليه للمالك اجرة الارض و ما صرفه المالك و اجرة اعيانه التي استعملت في ذلك الزرع (5) ثم ان رضي المالك و الزارع ببقاء الزرع في الارض بالاجرة او مجانا فهو (6) و ان لم يرض المالك بذلك جاز له اجبار الزارع علي ازالة الزرع و ان لم يدرك

الحاصل و تضرر بذلك (7) و ليس للزارع اجبار المالك علي

______________________________

(1) بالتقاريب المتقدمة فلاحظ.

(2) فان الزرع لصاحب البذر.

(3) اذ المالك استوفي هذه المنافع من الزارع فيكون ضامنا له بالمثل و بعبارة اخري ليس العمل مبنيا علي المجانية بل بناء العمل علي الضمان و العوض و المفروض تحقق الاستيفاء.

(4) الكلام هو الكلام.

(5) لعين ما تقدم من التقريب فان الزارع استوفي المنفعة من ملك المالك فيكون ضامنا.

(6) فان الأمر بينهما فيتم الأمر باتفاقهما علي طرف كما في المتن.

(7) لأن الانسان مسلط علي ما له فيجوز له الاجبار و تضرر الزارع لا يمنع عن جواز الاجبار أما علي مسلك شيخ الشريعة في مفاد القاعدة فظاهر اذ علي ذلك

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 470

بقاء الزرع في الارض و لو باجرة (1) كما انه ليس للمالك اجبار الزارع علي ابقاء الزرع في الارض و لو مجانا (2) و كذلك الحال فيما اذا انقضت مدة المزارعة الصحيحة و لم يدرك الحاصل (3).

[مسألة 6: يصح أن يشترط احدهما علي الاخر شيئا علي ذمته من ذهب او فضة أو نحوهما مضافا إلي حصته]

(مسألة 6): يصح أن يشترط احدهما علي الاخر شيئا علي ذمته من ذهب او فضة أو نحوهما مضافا الي حصته (4).

______________________________

المسلك يكون مفادها النهي لا النفي و أما علي المسلك المشهور فيمكن أن يقال ان ضرر الزارع يعارضه ضرر المالك فان منعه عن التصرف في ملكه و جعله مكتوف اليد ضرر عليه.

و أما ما ذهب اليه الماتن من ان مفاد القاعدة امتناني و منع المالك خلاف الامتنان بالنسبة اليه فقد أوردنا عليه في بعض المباحث بأن مفاد القاعدة امتناني بالنسبة الي من تنطبق عليه القاعدة و المفروض ان المتضرر في المقام هو المالك و بعبارة اخري لا يشترط في تطبيق القاعدة علي مواردها كونها امتنانيا بالنسبة الي الجميع و

التفصيل موكول الي مجال آخر.

(1) اذ لا مقتضي لإجبار الغير و سلب اختياره.

(2) الكلام فيه هو الكلام بلا فرق و حكم الأمثال واحد.

(3) قد ظهر الوجه فيه مما تقدم فان الملاك واحد و حكم الأمثال فارد فلاحظ.

(4) عن الجواهر انه المشهور بل عليه عامة من تأخر و استدل علي المدعي في المستمسك بعموم دليل الشرط و فيه ان دليل الشرط غير مشرع فلا بد من احراز صحة امر مع قطع النظر عن الشرط كي يلزم بالشرط و جواز الضمان بالنحو المذكور اول الكلام و الاشكال.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 471

[مسألة 7: المزارعة عقد لازم لا ينفسخ إلا بالتقابل أو الفسخ]

(مسألة 7): المزارعة عقد لازم لا ينفسخ (1) الا بالتقابل (2) أو الفسخ بخيار الشرط (3) أو بخيار تخلف بعض الشروط المشترطة فيه (4).

______________________________

و عن الشرائع حكاية القول بالبطلان و ربما يستدل عليه بما رواه سهل «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن سهل فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها و في المقام رواية اخري و هي رواية عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يزرع له الزعفران فيضمن له الحراث علي أن يدفع اليه من كل اربعين منا زعفران رطب منا و يصالحه علي اليابس، و اليابس اذا جفف ينقص ثلاثة ارباع و يبقي ربعه و قد جرب قال: لا يصلح. قلت: و ان كان عليه امين يحفظه لم يستطع حفظه لأنه يعالج بالليل و لا يطاق حفظه قال: يقبله الأرض اولا علي أن له في كل اربعين منامنا «2» و الكلام فيها هو الكلام فان الرواية ضعيفة سندا فان تم اجماعا و الا يشكل الجزم بالجواز.

(1) ادعي عليه الاجماع بقسميه و تقتضيها القاعدة الأوليه فانها من

العقود و كل عقد لازم بمقتضي عموم وجوب الوفاء به.

(2) للتسالم بينهم علي جواز التقابل و جريانه في عامة العقود.

(3) استدل عليه في المستمسك بدليل الشرط و فيه ان دليل الشرط غير مشرع كما تقدم فلا بد من وجود دليل علي صحته مع قطع النظر عن دليل الشرط لكن الظاهر ان جواز جعل الخيار في العقود مورد التسالم بين القوم فيجوز.

(4) اذ الخيار مجعول و مشروط و لو بالارتكاز عند تخلف الشرط و الا فمجرد تخلف الشرط لا يقتضي الخيار و تفصيل الكلام موكول الي محل آخر.

______________________________

(1) لاحظ ص 466

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب المزارعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 472

و لا ينفسخ يموت احدهما فيقوم الوارث مقامه (1) نعم ينفسخ بموت الزارع اذا قيد المزارعة بمباشرته للعمل (2).

[مسألة 8: إذا ترك الزارع الأرض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتي انقضت المدة]

(مسألة 8): اذا ترك الزارع الارض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتي انقضت المدة فان كانت الارض في تصرفه و كان تركه بلا عذر ضمن اجرة المثل للمالك (3) و لا فرق في ضمانه في هذه الصورة بين أن يكون المالك عالما بالحال و أن يكون غير عالم (4) و ان لم تكن الارض تحت يده بل كانت تحت يد المالك فحينئذ ان كان المالك مطلعا بذلك فالظاهر عدم ضمانه (5) و ان لم يكن مطلعا فالظاهر

______________________________

(1) اذ لا وجه للانفساخ بالموت غاية الامر يجب علي ولي أمره القيام بما ثبت في ذمته و ان شئت قلت انه من ديونه فيجب ادائه.

(2) كما هو ظاهر فانه في هذه الصورة لا يمكن القيام بها و النتيجة هو البطلان الا أن يقال انه لا وجه للبطلان علي الاطلاق بل لا بد من التفصيل بأن نقول: ان

كان قابلا و كان الزارع قادرا علي القيام و لم يقم حتي مات لا تبطل المزارعة و الا تبطل.

(3) لان بناء المعاملة علي الضمان و المفروض استيلاء الزارع علي مال الغير و بعبارة اخري: مقتضي السيرة العقلائية ان الاقدام علي الضمان مع الاستيلاء يقتضي الضمان و يترتب عليه الضمان في مفروض الكلام.

(4) اذ لا وجه للفرق فان مدرك الضمان الذي ذكرنا موجود في كلا التقديرين.

(5) اذ لا وجه للضمان فان مجرد الاقدام لا يقتضي الضمان بل الاقدام المنضم و المفروض عدم الاستيلاء. و يمكن أن يقال: ان الزارع بالمزارعة يجعل نفسه مديونا للمالك بالعمل و المفروض انه فوته و لم يأت به فيكون ضامنا لأجرة المثل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 473

ضمانه (1).

[مسألة 9: يجوز لكل من المالك و الزارع أن يخرص الزرع بعد إدراكه بمقدار معين منه]

(مسألة 9): يجوز لكل من المالك و الزارع أن يخرص الزرع بعد ادراكه بمقدار معين منه بشرط رضا الاخر به و عليه فيكون الزرع للاخر و له المقدار المعين (2).

______________________________

الا أن يقال كما في المستمسك: ان الاعمال الذمية لا تكون مضمونة و الأجير علي عمل اذا لم يأت به تبطل الاجارة و لا يستحق الاجرة لا انه يستحق الاجرة و يكون ضامنا للعمل المستأجر و لكن هل يكون المدعي صحيحا؟

(1) لصدق التفويت فان الزارع بتركه الزرع قد فوت منفعة الأرض علي المالك فيكون ضامنا فان تفويت المنفعة كإتلاف مال الغير يوجب الضمان بلا اشكال.

(2) لا يبعد أن يكون الحكم مورد اتفاقهم و استدل علي المدعي بحملة من النصوص منها: ما رواه سهل «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن سهل.

و منها: ما رواه محمد بن عيسي، عن بعض اصحابنا قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: ان لنا اكرة فنزارعهم «فيجيئون خ ل»

فيقولون: قد حزرنا هذا الزرع بكذا و كذا فاعطوناه و نحن نضمن لكم أن نعطيكم حصته «حصتكم خ» علي هذا الحزر قال: و قد بلغ؟ قلت: نعم قال: لا بأس بها قلت: فانه يجي ء بعد ذلك فيقول لنا: ان الحزر لم يجي ء كما حزرت قد نقص، قال: فإذا زاد يرد عليكم؟ قلت: لا، قال: فلكم أن تأخذوه بتمام الحزر كما انه اذا زاد كان له، كذلك اذا نقص «2» و المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) لاحظ ص: 466

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب المزارعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 474

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من الروايات: منها: ما رواه يعقوب بن شعيب (في حديث) قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول احدهما لصاحبه: اختر اما ان تأخذ هذا النخل بكذا و كذا كيل (كيلا- يه) مسمي: و تعطيني نصف هذا الكيل اما زاد او نقص، و اما أن آخذه انا بذلك؟ قال: نعم لا بأس به «1».

و منها: ما رواه الحلبي قال أخبرني أبو عبد اللّه عليه السلام ان اباه حدثه ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اعطي خيبر بالنصف ارضها و نخلها: فلما ادركت الثمرة بعث عبد اللّه بن رواحة فقوم عليه قيمة، و قال لهم: اما أن تأخذوه و تعطوني نصف الثمر «الثمن خ ل» و اما اعطيكم نصف الثمر، فقالوا بهذا قامت السماوات و الأرض «2».

و منها: ما رواه أبو الصباح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان النبي صلي اللّه عليه و آله لما افتتح خيبر تركها في ايديهم علي النصف؟ فلما ادركت الثمرة بعث عبد اللّه بن رواحة اليهم

فخرص عليهم، فجاءوا الي النبي صلي اللّه عليه و آله فقالوا: انه قد زاد علينا: فارسل الي عبد اللّه فقال: ما يقول هؤلاء؟

قال: خرصت عليهم بشي ء فان شاءوا يأخذون بما خرصت، و ان شاءوا أخذنا، فقال رجل من اليهود: بهذا قامت السماوات و الأرض «3».

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المزارعة، فقال: النفقة منك و الأرض لصاحبها، فما اخرج اللّه من شي ء قسم علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 475

و لو تلف الزرع أو بعضه كان عليهما معا (1).

[مسألة 10: إذا غرقت الأرض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع أو قبل إدراكه بطلت المزارعة]

(مسألة 10): اذا غرقت الارض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع أو قبل ادراكه بطلت المزارعة (2). و اذا غرق بعضها تخير المالك و العامل في الباقي بين الفسخ و الامضاء (3).

[مسألة 11: الأقوي عدم جواز عقد المزارعة بين أزيد من اثنين بأن تكون الأرض من واحد و البذر من آخر و العمل من ثالث و العوامل من رابع]

(مسألة 11): الاقوي عدم جواز عقد المزارعة بين ازيد من اثنين بأن تكون الارض من واحد و البذر من آخر و العمل من ثالث و العوامل من رابع و كذا الحال اذا وقع العقد بين جماعة علي النحو المذكور (4).

______________________________

الشرط، و كذلك قبل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خيبر اتوه فاعطاهم اياها علي أن يعمروها علي أن لهم نصف ما اخرجت، فلما بلغ الثمر امر عبد اللّه بن رواحة فخرص عليهم النخل، فلما فرغ منه خيرهم، فقال: قد خرصنا هذا النخل بكذا صاعا، فان شئتم فخذوه و ردوا علينا نصف ذلك، و ان شئتم اخذناه و اعطيناكم نصف ذلك، فقالت اليهود: بهذا قامت السماوات و الأرض «1».

(1) كما هو ظاهر فانه مقتضي الاشتراك علي نحو الاشاعة.

(2) كما هو ظاهر فانه لا موضوع لها.

(3) لخيار التبعض.

(4) اختار السيد اليزدي (قدس سره) في عروته الجواز و المسألة ذات قولين و استدل علي الجواز بعموم وجوب الوفاء بالعقود و الاستدلال به علي المدعي يتوقف علي كون الاية الشريفة ناظرة الي الصحة و الحال انها ناظرة الي اللزوم بتقريب ان الوفاء عبارة عن الاتمام و الوفاء بالعقد اتمامه و عدم الفسخ و من الظاهر ان الفسخ ليس

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 476

______________________________

حراما تكليفا فيكون المستفاد من الاية الارشاد الي اللزوم و عدم تأثير الفسخ و حيث انها تدل علي اللزوم يجب أن تكون الصحة مفروضة في الرتبة السابقة.

و بعبارة واضحة:

دليل وجوب الوفاء اما يشمل جميع العقود الفاسدة بلا فرق بين الصحيح و الفاسد و اما ناظر الي خصوص العقود الفاسدة و اما يكون ناظرا الي خصوص العقود الصحيحة، أما القسم الأول و الثاني فلا سبيل اليهما كما هو ظاهر و يبقي القسم الثالث فالنتيجة ان الصحة لا تستفاد من دليل اللزوم.

ان قلت: ما المانع من الالتزام باستفادة كلا الأمرين من الدليل بتقريب ان اللزوم يستلزم الصحة فالدليل عليه دليل عليها، و ان شئت قلت الدليل علي اللازم دليل علي الملزوم فيما لا يكون اللازم اعم.

قلت: اذا كانت القضية خارجية يتم هذا البيان فان المولي لو حكم باللزوم علي عقد خارجي يستفاد انه صحيح بالدلالة الالتزامية و أما اذا كان الحكم علي نحو القضية الحقيقية كما هو كذلك في الأحكام الشرعية فلا مجال لهذا التقريب اذ فرض وجود الموضوع شرط في القضية الحقيقية فلا بد من فرض العقد الصحيح في الرتبة السابقة كي يحكم عليه باللزوم، فالنتيجة ان دليل وجوب الوفاء لا يمكن كونه مدركا للصحة في مورد الشك.

و ربما يستدل علي الجواز بالنصوص الدالة علي مزارعة النبي صلي اللّه عليه و آله اهل خيبر منها ما رواه يعقوب بن شعيب «1».

و منها: ما رواه أبو الصباح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان النبي صلي اللّه عليه و آله لما افتتح خيبر تركها في ايديهم علي النصف الحديث «2»

______________________________

(1) لاحظ ص: 464

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب المزارعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 477

[مسألة 12: لا فرق في صحة عقد المزارعة بين أن يكون البذر من المالك أو العامل أو منهما معا]

(مسألة 12): لا فرق في صحة عقد المزارعة بين أن يكون البذر من المالك أو العامل أو منهما معا (1) و لكن كل ذلك يحتاج الي

______________________________

و منها:

ما رواه الحلبي، قال: أخبرني أبو عبد اللّه عليه السلام ان اباه عليه السلام حدثه ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اعطي خيبر بالنصف أرضها و نخلها الحديث «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) انه سئل عن مزارعة اهل الخراج بالربع و النصف و الثلث، قال: نعم لا بأس به، قد قبل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خيبر اعطاها اليهود حين فتحت عليه بالخبر و الخبر هو النصف 2.

فان المستفاد من هذه النصوص ان المزارعة وقعت بين اكثر من شخصين و فيه: انه لا اشكال في جواز كون العامل اكثر من واحد، انما الكلام في دخول غير صاحب الأرض و العامل فيها بحيث تقوم بهما و بثالث أو بهما و باثنين آخرين أو اكثر و لا يستفاد هذا المعني من نصوص خيبر مضافا الي أنه لم يثبت ان كل أرض بعينها كان لها اكثر من زارع و من الجائز أن تكون كل أرض لها زارع واحد فكانت مزارعات كثيرة، فالحق ما افاده في المتن من عدم الجواز اذ لا دليل عليه و مع عدم الدليل تصل النوبة الي الأصل و مقتضاه الفساد فلاحظ.

(1) عن جامع المقاصد 3 الاطباق علي صحة المزارعة مع كون البذر علي المالك و يستفاد من حديث ابن شعيب 4 ان النفقة علي الزارع و الأرض للمالك فان تم الاجماع التعبدي علي الجواز فهو و الا يشكل الجزم به مع هذه

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 8 من أبواب المزارعة الحديث: 2 و 8

(2) (3) مستمسك العروة ج- 13 ص: 292

(3) (4) لاحظ ص: 464 و 474

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص:

478

تعيين و جعل في ضمن العقد (1) الا أن يكون هناك متعارف ينصرف اليه الاطلاق (2) و كذا لا فرق بين أن تكون الارض مختصة بالمزارع أو مشتركة بينه و بين العامل كما أنه لا يلزم أن يكون تمام العمل علي العامل فيجوز أن يكون عليهما و كذا الحال في سائر التصرفات و الالات و الضابط ان كل ذلك تابع للجعل في ضمن العقد (3).

[مسألة 13: إذا وجد مانع في الأثناء قبل ظهور الزرع أو قبل بلوغه و ادراكه]

(مسألة 13): اذا وجد مانع في الاثناء قبل ظهور الزرع أو قبل بلوغه و ادراكه كما اذا انقطع الماء عنه و لم يمكن تحصيله أو استولي

______________________________

الرواية، مضافا الي أن مقتضي الأصل الاقتصار علي المقدار المعلوم و لا عموم في المقام يؤخذ به عند الشك كما تقدم و لكن قد تقدم أيضا بأنه يمكن أن يقال: ان صدر الحديث ناظر الي صورة الاشتراط و ذيله الي صورة الاطلاق فيلزم التفصيل و راجع ما ذكرناه هناك «1».

و يستفاد جواز كون البذر من واحد و الأرض و العمل من آخر من حديث سماعة قال: سألته عن مزارعة المسلم المشرك فيكون من عند المسلم البذر و البقر و تكون الأرض و الماء و الخراج و العمل علي العلج، قال: لا بأس به الحديث «2» لكن الرواية واردة في مورد خاص.

(1) فان الاهمال غير معقول في الواقع فلا بد من التعيين.

(2) فان الظهور متبع ما دام لم يقم علي خلافه دليل.

(3) الكلام فيه هو الكلام فان رفع اليد عن حديث ابن شعيب يتوقف علي تحقق اجماع تعبدي كاشف عن الجواز الشرعي في جميع هذه الموارد الا أن

______________________________

(1) لاحظ ص: 465

(2) الوسائل الباب 12 من ابواب المزارعه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 479

عليه و لم

يمكن قطعه أو وجد مانع لم يمكن رفعه فالظاهر بطلان المزارعة من الاول لكشفه عن عدم قابلية الارض للزراعة (1) و عليه فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر (2) فان كان البذر للمالك فعليه اجرة مثل عمل العامل و ان كان للعامل فعليه اجرة مثل ارضه (3).

[مسألة 14: إذا كانت الأرض التي وقعت المزارعة عليها مغصوبة و كان البذر من العامل بطلت المزارعة بالإضافة إلي المزارع]

(مسألة 14): اذا كانت الارض التي وقعت المزارعة عليها مغصوبة و كان البذر من العامل بطلت المزارعة بالاضافة الي المزارع (4) فان اجاز المالك عقد المزارعة وقع له (5) و الا كان الزرع للزارع (6) و عليه اجرة المثل للأرض للمالك (7) و يرجع فيما خسره الي المزارع

______________________________

يقال: ان الحق التفصيل كما تقدم.

(1) فانه مع عدم قابلية الأرض للزراعة تكون المزارعة باطلة فكانت الصحة ظاهرية.

(2) فان الزرع لصاحب البذر.

(3) اذ أقدم المالك علي الضمان و المفروض انه استوفي المنفعة فيكون ضامنا للعامل و هذا التقريب يجري في فرض كون البذر للعامل فيكون ضامنا للمالك فلاحظ.

(4) كما هو ظاهر فان التصرف في مال الغير باطل و يكون فضوليا.

(5) بمقتضي صحة الفضولي مع الاجازة كما هو المقرر عندهم علي كلام لنا في صحة الفضولي بالاجازة و ان كان الأقوي الصحة.

(6) فان الزرع للزارع و ان كان غاصبا.

(7) لأنه استوفي المنفعة من ملك الغير و هو يقتضي الضمان.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 480

ان كان مغرورا من قبله و الا فلا رجوع اليه (1) و اذا انكشف الحال قبل بلوغ الزرع و ادراكه كان المالك مخيرا أيضا بين الاجازة و الرد (2) فان رد فله الامر بالازالة أو الرضي ببقائه و لو باجرة (3) و علي الزارع اجرة المثل بالنسبة الي ما مضي و يرجع الي المزارع بالخسارة مع الغرور كما تقدم (4).

[مسألة 15: تجب علي كل من المالك و الزارع الزكاة إذا بلغ حصة كل منهما حد النصاب]

(مسألة 15): تجب علي كل من المالك و الزارع الزكاة اذا بلغ حصة كل منهما حد النصاب و تجب علي احدهما اذا بلغت حصته كذلك هذا اذا كان الزرع مشتركا بينهما من الاول او من حين ظهور الثمر قبل صدق الاسم (5) و أما اذا اشترطا

الاشتراك بعد صدق الاسم أو من حين الحصاد و التصفية فالزكاة علي صاحب البذر سواء أ كان هو المالك أو العامل (6).

[مسألة 16: الباقي في الأرض من أصول الزرع بعد الحصاد]

(مسألة 16): الباقي في الارض من اصول الزرع بعد الحصاد

______________________________

(1) لقاعدة الغرور فمع الخسارة يرجع و أما مع عدمه فلا مقتضي للرجوع.

(2) فله الاجازة بمقتضي صحة الفضولي بالاجازة كما انه له الرد.

(3) اذ المالك مسلط علي مملوكه فله الأمر بالازالة كما أن له الرضا بالبقاء مع الاجرة أو مجانا.

(4) بالتقريب المتقدم.

(5) لتحقق موضوع وجوب الزكاة بالنسبة الي كليهما.

(6) و الوجه فيه عدم تحقق الموضوع الا بالنسبة الي صاحب البذر فلا وجه لتعلق الوجوب بالنسبة الي الاخر.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 481

و انقضاء المدة اذا نبتت في السنة الجديدة و ادرك فحاصله لمالك الارض ان لم يشترط في عقد المزارعة اشتراكهما في الاصول (1).

[مسألة 17: إذا اختلف المالك و الزارع في المدة فادعي أحدهما الزيادة و الآخر القلة]

(مسألة 17): اذا اختلف المالك و الزارع في المدة فادعي احدهما الزيادة و الاخر القلة فالقول قول منكر الزيادة (2) و لو اختلفا في الحصة قلة و كثرة فالقول قول صاحب البذر المدعي للقلة (3) و أما اذا اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل علي ايهما فالمرجع التحالف و مع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة (4).

[مسألة 18: الزارع إذا قصر في تربية الأرض فقل الحاصل لا يبعد ضمانه التفاوت فيما إذا كان البذر للمالك]

(مسألة 18): الزارع اذا قصر في تربية الارض فقل الحاصل لا يبعد ضمانه التفاوت فيما اذا كان البذر للمالك (5) و أما اذا كان للعامل و كان التقصير قبل ظهور الزرع فلا ضمان (6) و لكن للمالك حينئذ

______________________________

(1) لم يظهر لي وجه ما أفاده فان الحاصل تابع للأصل فلا بد من ملاحظة ان الاصل ملك لمالك الأرض او ملك للزارع او مشترك بينهما فعلي الاول يكون لمالك الارض و علي الثاني للزارع و علي الثالث يكون مشتركا بينهما و اللّه العالم.

(2) علي ما هو الميزان من أن القول قول المنكر و علي المدعي اقامة البينة.

(3) بعين التقريب المتقدم.

(4) كما هو الميزان في باب القضاء.

(5) بتقريب ان الزارع مديون للمالك بالعمل و المفروض انه فوته فيكون ضامنا لأجرة المثل.

(6) الذي يختلج بالبال ان لا يفرق بين المقامين فان العمل في الذمة اذا كان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 482

الفسخ و المطالبة باجرة المثل للأرض (1).

[مسألة 19: لو ادعي المالك علي الزارع عدم العمل بما اشترط عليه في ضمن عقد المزارعة من بعض الأعمال]

(مسألة 19): لو ادعي المالك علي الزارع عدم العمل بما اشترط عليه في ضمن عقد المزارعة من بعض الاعمال أو ادعي تقصيره فيه علي وجه يضر بالزراعة أو تقصيره في الحفظ أو نحو ذلك و انكره الزارع فالقول قوله (2) و كذلك الحال في كل مورد ادعي احدهما شيئا و انكره الاخر ما لم يثبت ما ادعاه شرعا (3).

[مسألة 20: إذا أوقع المتولي للوقف عقد المزارعة علي الأرض الموقوفة علي البطون إلي مدة حسب ما يراه صالحا لهم]

(مسألة 20): اذا اوقع المتولي للوقف عقد المزارعة علي الارض الموقوفة علي البطون الي مدة حسب ما يراه صالحا لهم لزم

______________________________

مضمونا فالضمان في كلا الموردين و ان لم يكن مضمونا فلا ضمان في كلا المقامين.

(1) من باب تخلف الشرط فان الوفاء منوط بالوفاء من الطرف الاخر و مع تخلفه يثبت الخيار.

(2) بتقريب ان قول الامين حجة فيما يدعي و يخبر و لولاه كان القول قول الطرف اذا الاصل موافق معه فيكون منكرا و القول قول المنكر لكن بمقتضي السيرة الجارية علي قبول قول الامين في مورد ما او تمن عليه و الموظف لأداء عمل في اداء وظيفة يؤخذ بقوله.

و عن الجواهر: عد قبول اخبار الوكيل في التطهير من الضروريات و صفوة القول ان المستفاد من السيرة الجارية بين العقلاء و المتشرعة قبول قول من يكون موظفا بعمل اذا اخبر بتحقق ذلك العمل و المقام من صغريات تلك الكبري الكلية فلاحظ.

(3) اذ القول قول المنكر و قول المنكر يوافق الاصل، لكن قد عرفت ان الأخذ بقول الزارع ربما يكون من باب كونه امينا و ليس عليه الا اليمين.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 483

و لا يبطل بالموت (1) و اما اذا اوقعه البطن المتقدم من الموقوف عليهم ثم مات في الاثناء قبل انقضاء المدة بطل العقد من ذلك

الحين (2) الا اذا اجاز البطن اللاحق (3).

[مسألة 21: يجوز لكل من المالك و العامل بعد ظهور الحاصل أن يصالح الآخر عن حصته]

(مسألة 21): يجوز لكل من المالك و العامل بعد ظهور الحاصل أن يصالح الاخر عن حصته بمقدار معين من جنسه أو غير جنسه (4) بعد التخمين بحسب المتعارف في الخارج (5) كما يجوز ذلك قبل ظهور الحاصل مع الضميمة (6).

______________________________

(1) لأن المتولي له التصرف فما صدر عنه صادر عن اهله واقع في محله فيكون لازما و لا يبطل لعدم وجه للبطلان فان المتولي من بيده الأمر فتصرفه ينفذ و لا يبطل بموته.

(2) لأن تصرفه بالنسبة الي ما بعد موته في غير محله فيكون باطلا.

(3) بناء علي صحة الفضولي بالاجازة علي ما هو المقرر عند القوم.

(4) لجواز الصلح بحسب ادلته.

(5) يمكن أن يقال كما في كلام بعض الاصحاب انه لا يشترط فيه التخمين بل يجوز بدونه أيضا.

(6) تارة يعلم بوجوده في المستقبل و اخري يعلم بعدمه و ثالثة يكون شاكا، أما مع العلم بوجوده في المستقبل فلا مانع من المصالحة عنه و لو مع عدم الضميمة، و أما مع العلم بعدمه فلا مجال للمصالحة لانتفاء الموضوع و أما في صورة الشك فالظاهر جواز المصالحة مع الضميمة و أما مع عدمها فيشكل الحكم بالصحة لعدم احراز موضوعها الا علي النحو التعليق ان لم نقل ببطلانه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 484

[مسألة 22: لا يعتبر في عقد الزارعة علي الأرض أن تكون قابلة للزرع من حين العقد و في السنة الأولي]

(مسألة 22): لا يعتبر في عقد الزارعة علي الارض أن تكون قابلة للزرع من حين العقد و في السنة الاولي بل يصح العقد علي ارض بائرة و خربة ليست قابلة للزرع الا بعد اصلاحها و تعميرها سنة أو ازيد و عليه فيجوز للمتولي أن يزارع الاراضي الموقوفة وقفا عاما أو خاصا التي اصبحت بائرة الي عشر سنين أو أقلّ أو ازيد حسب ما يراه صالحا (1).

[كتاب المساقاة]

اشارة

كتاب المساقاة المساقاة هي اتفاق شخص مع آخر علي سقي اشجار مثمرة و اصلاح شئونها الي مدة معينة بحصة من اثمارها (2)

[و يشترط فيها أمور]

اشارة

و يشترط فيها امور:

[الأول- الإيجاب و القبول]

الاول- الايجاب و القبول (3) و يكفي فيه كل ما يدل علي المعني المذكور من لفظ أو فعل او نحوهما (4) و لا يعتبر فيها العربية و لا

______________________________

(1) لعدم دليل علي التقييد، و يكفي لإثبات الصحة اطلاق دليل المزارعة، فلاحظ.

(2) قال في الحدائق: «و هي معاملة علي اصول ثابتة بحصة من ثمرها» الخ و من الظاهر ان التعاريف المذكورة في هذه المقامات اشارة الي مركز البحث فلا بهم التحقيق فيها.

(3) لأنها من العقود و كل عقد يحتاج الي الايجاب و القبول.

(4) قد مر الكلام في كتاب المزارعة و قلنا انه لا بد في اتمام المدعي في مقام الاستدلال من التوسل بالاتفاق و التسالم بين الأصحاب اذ لا اطلاق و لا عموم يتمسك

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 485

الماضوية (1).

[الثاني- البلوغ و العقل و الاختيار]

الثاني- البلوغ و العقل و الاختيار (2) و أما عدم الحجر لسفه أو فلس فهو انما يعتبر في المالك دون العامل محضا (3).

[الثالث- أن تكون أصول الأشجار مملوكة عينا و منفعة أو منفعة فقط]

الثالث- أن تكون اصول الاشجار مملوكة عينا و منفعة أو منفعة فقط أو يكون تصرفه فيها نافذا بولاية أو وكالة او تولية (4).

______________________________

بهما في اثبات توسعة الحكم.

الا أن يقال ان المستفاد من حديث يعقوب بن شعيب- عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال: سألته عن رجل يعطي الرجل ارضه و فيها ماء او نخل او فاكهة، و يقول: اسق هذا من الماء و اعمره و لك نصف ما اخرج «اللّه عز و جل منه» قال: لا بأس «1»، هو الاطلاق فان قوله عليه السلام في جواب السائل لا بأس يقتضي الجواز بلا فرق بين كون القبول من قبل العامل لفظا أو فعلا و بلا فرق بين كونه بالعربي الماضوي أو بغيره.

(1) الكلام فيه هو الكلام لكن مقتضي اطلاق الحديث هو عموم الحكم كما مر.

(2) هذه شروط عامة في جميع العقود و قد مر تعرضها في كتاب البيع فلا وجه للإعادة.

(3) فان الحجر لسفه أو فلس فانما يكون مانعا عن التصرف المالي فلا يكون مانعا في طرف العامل، محضا فلاحظ.

(4) اذ في غير هذه الصور لا يجوز له التصرف فتكون المعاملة باطلة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب المزارعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 486

[الرابع- أن تكون معلومة و معينة عندهما]

الرابع- أن تكون معلومة و معينة عندهما (1).

[الخامس- تعيين مدة العمل فيها إما ببلوغ الثمرة المساقي عليها]

الخامس- تعيين مدة العمل فيها اما ببلوغ الثمرة المساقي عليها و اما بالاشهر او السنين بمقدار تبلغ فيها الثمرة غالبا فلو كانت أقلّ من هذا المقدار بطلت المساقاة (2).

[السادس- تعيين الحصة و كونها مشاعة في الثمرة]

السادس- تعيين الحصة (3) و كونها مشاعة في الثمرة فلا يجوز أن يجعل للعامل ثمرة شجر معين دون غيره (4) نعم يجوز اشتراط مقدار معين كمن من الثمرة مثلا بالاضافة الي الحصة المشاعة لأحدهما اذا

______________________________

(1) اما اشتراط العلم فيتوقف علي قيام اجماع تعبدي عليه و الا فيشكل اتمامه بالدليل اذ قد مر الاشكال في الاستدلال بحرمة الغرر في كتاب المزارعة و أما التعيين فان كان المراد منه ما يقابل المردد فلا اشكال في اشتراطه اذ المردد لا واقع له.

(2) لا يبعد أن يكون الوجه في هذا الاشتراط الاقتصار علي ما يستفاد من النص الوارد في المقام فان المستفاد من حديث ابن شعيب بحسب الفهم العرفي جعل المدة الي زمان بلوغ الثمرة.

و بعبارة واضحة: ليس في المقام دليل يقتضي الصحة علي الاطلاق فلا بد من الاقتصار علي المقدار الذي يستفاد من النص الخاص و المفروض ان الرواية لا تدل علي أزيد من هذا المقدار فلا بد من الاقتصار عليه و لذا لو كانت أقلّ تبطل المساقاة لعدم الدليل علي الصحة و مقتضي الاصل الاولي الفساد.

(3) فان المردد لا واقع له فلا بد من التعيين.

(4) يظهر من كلامهم انه من الواضحات عندهم و من المسلمات في انظارهم و مقتضي الحديث الوارد في المقام هكذا و لا مجال للتعدي عن مورده اذ قد مر انه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 487

علم وجود ثمرة غيرها (1).

[السابع- تعيين ما علي المالك من الأمور]

السابع- تعيين ما علي المالك من الامور و ما علي العامل من الاعمال (2) و يكفي الانصراف اذا كان قرينة علي التعيين (3).

[الثامن- أن تكون المساقاة قبل ظهور الثمرة أو بعده]

الثامن- أن تكون المساقاة قبل ظهور الثمرة (4) أو بعده قبل

______________________________

لا اطلاق كي يؤخذ به في موارد الشك.

(1) الظاهر من حديث ابن شعيب ان الاشاعة معتبرة في تمام الثمرة فالحكم بالجواز في مفروض الكلام يتوقف علي قيام دليل عليه، فلاحظ.

(2) و هذا واضح اذ مرجع عدم التعيين الي الترديد او المردد لا واقع له و بعبارة اخري: لا بد من تعيين مركز المعاقدة فان المعاقدة متقومة به.

(3) بلا اشكال فانه من طرق التعيين في المتعارفات و المحاورات و يمكن أن يقال- كما في بعض الكلمات-: ان مقتضي المساقاة وجوب جميع الامور المتعلقة بالثمرة علي العامل و ما يتعلق بالاصول يجب علي المالك فان وجود الاصول مفروض في باب المساقاة و انما العامل مؤثر في تحقق الثمرة فيجب عليه كل امر دخيل في تحققها، فلاحظ.

(4) اجماعا بقسميه كما عن الجواهر، و الظاهر من حديث ابن شعيب «1» وقوع المعاقدة قبل ظهور الثمرة الا أن يقال: لا وجه لحمل قوله في مقام السؤال و لك نصف ما اخرج الخ علي ما قبل الظهور بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الحالتين كما في المتن اي يشمل الحديث باطلاقه ما قبل البلوغ أيضا لكن الانصاف انه يشكل صدق عنوان الاخراج علي البالغ الا أن يقال: ان العرف يفهم من هذا الكلام ما يحصل في الخارج فيعم كلتا الحالتين.

______________________________

(1) لاحظ ص: 485

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 488

البلوغ اذا كان محتاجا الي السقي و نحوه (1) و أما اذا لم يحتج الي ذلك فصحتها بلحاظ القطف و الحفظ

محل اشكال (2).

[التاسع- أن تكون المعاملة علي أصل ثابت]

التاسع- أن تكون المعاملة علي اصل ثابت و أما اذا لم يكن ثابتا كالبطيخ و الباذنجان و نحوهما فالظاهر عدم وقوع المساقاة (3) و أما كونها معاملة مستقلة محكومة بالصحة فمحل اشكال و الاحتياط لا يترك (4) و لا تصح المساقاة علي الاشجار غير المثمرة كالصفصاف و الغرب و نحوهما بل صحتها علي الشجر الذي ينتفع بورقه كالحناء و نحوه لا تخلو عن اشكال (5).

[مسائل]

[مسألة 1: يصح عقد المساقاة في الأشجار المستغينة]

(مسألة 1): يصح عقد المساقاة في الاشجار المستغينة عن

______________________________

(1) أما فيما يحتاج الي السقي فظاهر و أما مع عدم الاحتياج الي السقي فان تم المدعي بالإجماع و التسالم فهو و الا فيشكل الجزم بالجواز لعدم الدليل فان حديث ابن شعيب الذي هو اساس جواز عقد المساقاة متعرض للسقي فمع عدمه يشكل الجواز، فلاحظ.

(2) لعدم الدليل علي الصحة بل مقتضي الأصل الاولي هو البطلان، و اللّه العالم.

(3) العمدة في الاشكال عدم الدليل علي العموم فان حديث ابن شعيب كما تري لا يشمل غير الثابت.

(4) اذ لا دليل علي صحة هذا النحو و بعبارة اخري قد سبق في مطاوي كلماتنا ان دليل وجوب الوفاء دليل علي اللزوم لا علي الصحة و أما التجارة فصدقها علي غير البيع محل اشكال و كلام سيما مثل المساقاة و أمثالها.

(5) لعين التقريب فانه لا دليل عليه و حديث ابن شعيب لا يشمله فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 489

السقي بالمطر أو بمص رطوبة الارض اذا احتاجت الي اعمال آخر (1).

[مسألة 2: يجوز اشتراط شي ء من الذهب أو الفضة للعامل أو المالك زائدا علي الحصة من الثمرة]

(مسألة 2): يجوز اشتراط شي ء من الذهب او الفضة للعامل او المالك زائدا علي الحصة من الثمرة (2) و هل يجب الوفاء به اذا لم تسلم الثمرة قولان بل اقوال اظهرها الوجوب بلا فرق بين أن يكون الشرط للمالك و أن يكون للعامل و لا بين صورة عدم ظهور

______________________________

(1) الانصاف ان اتمامه بالنص الوارد في المقام مشكل بل لا يمكن فان حديث ابن شعيب «1» صرح فيه بالسقي فلا يشمل مورد عدم الاحتياج اليه.

و أما حديثه الاخر، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل تكون له الارض من ارض الخراج فيدفعها الي الرجل علي أن يعمرها و يصلحها و

يؤدي خراجها، و ما كان من فضل فهو بينهما، قال: «لا باس» الي أن قال: و سألته عن المزارعة فقال: النفقة منك، و الارض لصاحبها، فما اخرج اللّه من شي ء قسم علي الشطر و كذلك اعطي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خيبر حين أتوه فاعطاهم اياها علي أن يعمروها و لهم النصف مما اخرجت «2» فأيضا لا يمكن الاستناد اليه في الحكم لعدم معلومية الخصوصيات فيما عامله رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله مع اهل خيبر مضافا الي أن الرواية موردها المزارعة الا أن يتم الامر بالتسالم عند الاصحاب كما يظهر من كلام سيد المستمسك (قده) «3» في هذا المقام.

(2) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و يقتضيه عموم وجوب الوفاء بالشرط فانه شرط جائز، و يجوز جعله و يجب الوفاء به علي ما هو المقرر في محله من وجوب الوفاء بالشرط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 485

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب المزارعة الحديث: 2

(3) ج 13 ص: 400

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 490

الثمرة اصلا و صورة تلفها بعد الظهور (1).

[مسألة 3: يجوز تعدد المالك و اتحاد العامل فيساقي الشريكان عاملا واحدا]

(مسألة 3): يجوز تعدد المالك و اتحاد العامل فيساقي الشريكان عاملا واحدا و يجوز لعكس فيساقي المالك الواحد عاملين بالنصف له مثلا و النصف الاخر لهما و يجوز تعددهما معا (2).

[مسألة 4: خراج الأرض علي المالك]

(مسألة 4): خراج الارض علي المالك (3) و كذا بناء الجدران و عمل الناضح و نحو ذلك مما لا يرجع الي الثمرة و انما يرجع الي غيرها من الارض أو الشجر (4).

[مسألة 5: يملك العامل مع إطلاق العقد الحصة في المساقاة]

(مسألة 5): يملك العامل مع اطلاق العقد الحصة في المساقاة

______________________________

(1) اذ لا وجه للتقييد و الاختصاص بالمالك أو العامل كما ان مقتضي وجوب الوفاء بالشرط عدم الفرق بين الصور المذكورة فان المفروض تحقق الشرط في ضمن العقد فيجب الوفاء به فلاحظ.

(2) ان تم المدعي بالإجماع فهو و الا يشكل اذ لا دليل عليه غير حديث ابن شعيب و اما نصوص خيبر «1» فلا يستفاد منها جواز المساقاة، و علي تقدير دلالتها انما تدل علي جواز التعدد في طرف العامل فلاحظ.

(3) قال سيد المستمسك (قدس سره) في هذا المقام كما هو المصرح به في كلامهم علي نحو يظهر انه مما لا اشكال فيه و لا خلاف و يمكن الاستدلال علي المدعي ان الخراج علي الارض فهو علي المالك المتصرف في الأصل.

(4) فان ما يجب علي العامل امور راجعة الي الثمرة فاذا فرض امر لا يكون راجعا اليها لا يكون واجبا علي العامل بل واجب علي المالك.

______________________________

(1) لاحظ ص: 474

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 491

من حين ظهور الثمرة (1) و اذا كانت المساقاة بعد الظهور ملك الحصة من حين تحقق العقد (2).

[مسألة 6: الظاهر أن عقد المغارسة باطل و هي أن يدفع شخص أرضه إلي غيره ليغرس فيها]

(مسألة 6): الظاهر ان عقد المغارسة باطل و هي أن يدفع شخص ارضه الي غيره ليغرس فيها علي أن تكون الاشجار المغروسة بينهما بالسوية أو بالتفاضل علي حسب القرار الواقع بينهما (3) فاذا اتفق وقوعها كان الغرس لمالكه (4) فان كان هو مالك الارض استحق العامل عليه اجرة مثل عمله (5) و ان كان هو العامل استحق عليه مالك الارض اجرة مثل ارضه (6) و لكن ليس له اجبار مالك الارض علي ابقائها و لو باجرة (7) بل وجب عليه قلعها ان لم يرض المالك

ببقائها (8).

______________________________

(1) كما هو ظاهر خبر ابن شعيب.

(2) اذ المفروض تحقق العقد بعد زمان الظهور فيملك من حين العقد لفرض وجود المملوك و تحقق العقد المملك الا أن يقال: ان المستفاد من حديث ابن شعيب تعلق الملكية بما يتحقق بعد ذلك اعم من الظهور و البلوغ فلا تكون المساقاة مملكة للموجود بالفعل و اللّه العالم.

(3) ادعي علي بطلانها الاجماع و مقتضي الأصل الاولي هو البطلان أيضا و قد مر منا ان عموم وجوب الوفاء بالعقود لا يقتضي الصحة.

(4) كما هو ظاهر لعدم ما يقتضي الخروج عن ملك مالكه.

(5) فانه استوفي العمل من العامل و بناء المعاملة علي الضمان.

(6) اذ المفروض انه استوفي المنفعة من ملك الغير بلا قصد المجانية في العقد.

(7) لعدم ما يقتضي جواز الاجبار و الناس مسلطون علي اموالهم.

(8) لحرمة التصرف في مال الغير.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 492

كما ان عليه طم الحفر التي تحدث في الارض بذلك (1) و ليس علي المالك نقص الاشجار بالقلع (2) نعم لو قلعها المالك فنقصت و عابت ضمن تفاوت القيمة (3).

[مسألة 7: يبطل عقد المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك]

(مسألة 7): يبطل عقد المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك (4) و مع ذلك يكون تمام الحاصل و الثمرة له (5) و ليس للعامل مطالبته بالاجرة حيث انه اقدم علي العمل في هذه الصورة مجانا (6) و أما اذا كان بطلان المساقاة من جهة اخري وجب علي المالك أن يدفع للعامل اجرة مثل ما عمله حسب المتعارف (7).

[مسألة 8: عقد المساقاة لازم لا يبطل و لا ينفسخ إلا بالتقابل و التراضي]

(مسألة 8): عقد المساقاة لازم لا يبطل و لا ينفسخ (8) الا بالتقابل و التراضي (9)

______________________________

(1) اذ المفروض ان الحفر بفعله فيجب عليه الطم.

(2) اذ لا مقتضي للوجوب عليه.

(3) فان اتلاف مال الغير يوجب الضمان.

(4) اذ لا دليل علي الصحة في الفرض المذكور فيكون العقد باطلا و أما الالتزام بالصحة من حيث كونه عقدا برأسه فلا دليل عليه أيضا كما مر مرارا فلاحظ.

(5) كما هو ظاهر اذ لا مقتضي لخروجه عن ملكه بعد فرض البطلان.

(6) لما في المتن من انه أقدم علي المجانية فلا مقتضي للضمان.

(7) اذ المفروض ان المالك استوفي منفعته و ليس مبينا علي المجانية فالضمان علي القاعدة.

(8) فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقود لزومها كبقية العقود.

(9) بناء علي جريانها في كافة العقود كما مر في المزارعة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 493

أو الفسخ ممن له الخيار (1) و لو من جهة تخلف بعض الشروط التي جعلاها في ضمن العقد أو بعروض مانع موجب للبطلان (2).

[مسألة 9: إذا مات المالك قام وارثه مقامه و لا تنفسخ المساقاة]

(مسألة 9): اذا مات المالك قام وارثه مقامه و لا تنفسخ المساقاة (3) و اذا مات العامل قام وارثه مقامه ان لم يؤخذ المباشرة في العمل قيدا (4) فان لم يقم الوارث بالعمل و لا استاجر من يقوم به فللحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الميت من يقوم بالعمل و يقسم الحاصل بين المالك و الوارث (5) و أما اذا اخذت المباشرة في العمل قيدا انفسخت المعاملة (6).

[مسألة 10: مقتضي إطلاق عقد المساقاة كون الأعمال التي تتوقف تربية الأشجار و سقيها عليها]

(مسألة 10): مقتضي اطلاق عقد المساقاة كون الاعمال التي تتوقف تربية الاشجار و سقيها عليها و الالات مشتركة بين المالك و العامل بمعني انهما عليهما لا علي خصوص واحد منهما نعم اذا كان هناك تعيين او انصراف في كون شي ء علي العامل أو المالك فهو المتبع و الضابط ان كون عمل خاص أو آلة خاصة علي احدهما دون الاخر

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 493

______________________________

(1) فان مقتضي ثبوت الخيار جواز الفسخ كما هو ظاهر.

(2) فان الخيار ثابت في الفرضين المذكورين علي ما هو المقرر في باب ثبوت الخيار بتخلف الشرط.

(3) اذ لا وجه للانفساخ فتكون المساقاة بحالها.

(4) اذ مع عدم قيد المباشرة يكون العمل دينا في ذمته فلا بد من تأديته.

(5) فانه ولي الامر في هذه الامور.

(6) لعدم امكان الاتمام فينكشف البطلان.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 494

تابع للجعل في ضمن العقد بتصريح منهما او من جهة الانصراف من الاطلاق و الا فهو عليهما معا (1).

[مسألة 11: إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الأعمال فللمالك إجباره علي العمل المزبور]

(مسألة 11): اذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الاعمال فللمالك اجباره علي العمل المزبور (2) كما ان له حق الفسخ (3) و ان فات وقت العمل فله الفسخ من جهة تخلف الشرط (4) و ليس له أن لا يفسخ و يطالبه باجرة العمل بالاضافة الي حصته علي الاظهر الاقوي (5).

[مسألة 12: لا يعتبر في المساقاة أن يكون العامل مباشرا للعمل بنفسه إن لم يشترط عليه المباشرة]

(مسألة 12): لا يعتبر في المساقاة أن يكون العامل مباشرا للعمل بنفسه ان لم يشترط عليه المباشرة فيجوز له أن يستأجر شخصا في بعض اعمالها أو في تمامها و عليه الاجرة (6) كما انه يجوز أن يشترط

______________________________

(1) كي لا يلزم الترجيح بلا مرجح و بعبارة اخري لو لم يكن تعارف خارجي و لم يكن معين من انصراف أو قرينة خاصة يكون الامر كما افاده فان الشركة في النتيجة تقتضي الشركة في المقدمات.

(2) للحق الوضعي الذي يثبت للمالك بواسطة الشرط علي العامل فيجوز له اجباره علي العمل.

(3) للاشتراط الضمني الارتكازي.

(4) للخيار الثابت له بالشرط الارتكازي كما مر آنفا.

(5) لا يبعد أن يكون الوجه فيما افاده ان ما يجب علي العامل بالشرط لا يكون مملوكا للمالك كي يقال مع عدم الاتيان به يكون ضامنا بل الثابت علي العامل بلحاظ الشرط الوجوب التكليفي فلا مقتضي للضمان، و اللّه العالم.

(6) لعدم دليل عليه، نعم مع الشرط يجب من حيث وجوب الوفاء به.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 495

كون اجرة بعض الاعمال علي المالك (1).

[مسألة 13: إذا كان البستان مشتملا علي أنواع من الأشجار]

(مسألة 13): اذا كان البستان مشتملا علي انواع من الاشجار كالنخل و الكرم و الرمان و نحوها من انواع الفواكه فلا يعتبر العلم بمقدار كل واحد من هذه الانواع تفصيلا في صحة المساقاة عليها بل يكفي العلم الإجمالي بها علي نحو يرتفع معه الغرر (2) و لا فرق في صحة المساقاة بين أن تكون علي المجموع بالنصف او الثلث او نحوهما و بين أن تكون كل نوع منها بحصته مخالفة لحصة نوع آخر كأن تجعل في النخل النصف مثلا و في الكرم الثلث و في الرمان الربع و هكذا (3).

[مسألة 14: تصح المساقاة مرددا مثلا بالنصف]

(مسألة 14): تصح المساقاة مرددا مثلا بالنصف ان كان السقي

______________________________

(1) يشكل الجزم بالجواز فان الشرط لا يكون مشرعا فيلزم احراز الصحة في الرتبة السابقة و جواز جعل شي ء في ذمة الغير في غير موارد التي قامت عليها الدليل اول الكلام و الاشكال نعم لا مانع من الجعل بالشرط اذا كان راجعا الي اشتراط الفعل و اما علي نحو شرط النتيجة بحيث تصير ذمة المشروط عليه مشغولة بالاشتراط فلا دليل علي صحته و جوازه.

(2) بل يمكن أن يقال بأن الغرر لا يوجب الفساد لعدم الدليل عليه مضافا الي أنه اخص من المدعي.

(3) الجزم بالجواز مشكل فان النص الوارد في المقام لا يشمله الا ان يتم المدعي بالتسالم عليه أو بأنه يفهم من النص جوازه عرفا لعدم الفرق بين هذه الامور فتأمل و أيضا يمكن الالتزام بالجواز علي تقدير ثبوت السيرة علي جريانها.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 496

بالناضح و بالثلث ان كان السقي بالسيح و لا يضر هذا المقدار من الجهالة بصحتها (1).

[مسألة 15: إذا تلف بعض الثمرة فهل ينقص عما اشترط أحدهما علي الآخر من ذهب او فضة او نحوهما بنسبة ما تلف من الثمرة أم لا]

(مسألة 15): اذا تلف بعض الثمرة فهل ينقص عما اشترط احدهما علي الاخر من ذهب او فضة او نحوهما بنسبة ما تلف من الثمرة أم لا وجهان الاقوي الثاني (2).

[مسألة 16: إذا ظهر بطريق شرعي أن الأصول في عقد المساقاة مغصوبة]

(مسألة 16): اذا ظهر بطريق شرعي ان الاصول في عقد المساقاة مغصوبة فعندئذ ان أجاز المالك المعاملة صحت المساقاة بينه و بين العامل (3) و الا بطلت (4) و كان تمام الثمرة للمالك (5) و للعامل اجرة المثل يرجع بها الي الغاصب (6) و اذا كان ظهور الغصب بعد

______________________________

(1) المسألة محل الكلام، و عن الشرائع انها باطلة، و عمدة الاشكال عدم الدليل علي صحتها، الا أن يقال يفهم من النص الوارد في المقام عدم الفرق بين انواعها فان جزم الفقيه بما ذكر فهو و الا يشكل عليه الفتوي بالجواز و الصحة فلاحظ.

(2) الحق كما افاده اذ لا وجه لرفع اليد عن الاشتراط و لا وجه للنقص و الاحتساب المذكور، فلاحظ.

(3) علي ما هو المقرر عندهم من صحة العقد الفضولي بالاجازة و المقام من مصاديق تلك الكبري.

(4) كما هو ظاهر.

(5) فان الثمرة تابعة للشجرة و المفروض ان الشجرة للمالك.

(6) فان الغاصب استوفي المنفعة من العامل مع البناء علي العوض لا المجانية.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 497

تقسيم الثمرة و تلفها فعندئذ للمالك أن يرجع الي الغاصب فقط بتمام عوضها و له أن يرجع الي كل منهما بمقدار حصته و ليس له أن يرجع الي العامل بتمام العوض (1).

[مسألة 17: تجب الزكاة علي كل من المالك و العامل إذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب فيما إذا كانت الشركة قبل زمان الوجوب]

(مسألة 17): تجب الزكاة علي كل من المالك و العامل اذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب فيما اذا كانت الشركة قبل زمان الوجوب و الا فالزكاة علي المالك فقط (2).

[مسألة 18: إذا اختلف المالك و العامل في اشتراط شي ء علي احدهما و عدمه فالقول قول منكره]

(مسألة 18): اذا اختلف المالك و العامل في اشتراط شي ء علي احدهما و عدمه فالقول قول منكره (3) و لو اختلفا في صحة العقد

______________________________

(1) الظاهر انه لا وجه للتفريق بين الغاصب و العامل اذ المفروض ان يد كل منهما يد عدوان و يوجب الضمان.

ان قلت: العامل يكون جاهلا بالغصبية فلا يكون ضامنا الا بالنسبة الي حصته التي تلفت عنده. قلت: اولا لم يفصل في المتن بين العالم و الجاهل و ثانيا يمكن أن يفرض كون الغاصب أيضا جاهلا بالحال فهل يفرق بين الصورتين؟.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: لا فرق بينهما من هذه الجهة و ان ملاك الضمان هو الغصب و هو مشترك بينهما بلا فرق بين صورتي العلم و الجهل: و علي الجملة ان سبب الضمان من اليد أو الاتلاف ان تحقق يثبت الضمان و الا فلا.

(2) هذا ظاهر فان الحكم تابع لموضوعه و المفروض تحققه بالنسبة الي كليهما في الصورة الاولي فتجب عليهما و في الصورة الثانية يختص بالمالك فلا تجب علي العامل فلاحظ.

(3) فان المدعي يجب عليه أن يقيم البينة و القول قول المنكر لكونه موافقا مع الاصل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 498

و فساده قدم قول مدعي الصحة (1) و لو اختلفا في مقدار حصة العامل فالقول قول المالك المنكر للزيادة (2) و كذا الحال فيما اذا اختلفا في المدة (3) و أما اذا اختلفا في مقدار الحاصل زيادة و نقيصة بأن يطالب المالك العامل بالزيادة فالقول قول العامل و لا

تسمع دعوي المالك علي العامل الخيانة أو السرقة أو الاتلاف أو كون التلف بتفريط منه ما لم تثبت شرعا بعد ما كان المفروض ان العامل كان امينا له (4).

[كتاب الجعالة]

اشارة

كتاب الجعالة الجعالة من الايقاعات (5) لا بد فيها من الايجاب عاما مثل: من

______________________________

(1) فان مقتضي اصالة الصحة صحة العقد الواقع بينهما فمدعي الفساد تجب عليه البينة.

و بعبارة اخري: لا مجري لأصالة العدم مع اصالة الصحة الجارية في كافة العقود فقول منكر الصحة مخالف مع الظاهر و ان شئت قلت: قول مدعي الصحة موافق مع ما هو مقتضي القاعدة الاولية فالمنكر يجب عليه اقامة البينة.

(2) فان دعوي العامل الزيادة خلاف الاصل فتجب عليه البينة.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

(4) فان دعوي الزيادة خلاف الاصل كما ان دعوي الخيانة و غيرها مما هو مذكور في المتن تحتاج الي الاثبات و يد العامل يد امانة و ليس علي الامين الا اليمين، فلاحظ و الحمد للّه اولا و آخرا.

(5) كما يظهر من تعاريفهم اياها، قال في الجواهر «1» «و هي علي ما صرح

______________________________

(1) ج- 35 ص: 187

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 499

رد عبدي الآبق او بني جداري فله كذا (1) و خاصا مثل ان خطت ثوبي فلك كذا (2) و لا تحتاج الي القبول لأنها ليست معاملة بين الطرفين حتي تحتاج الي قبول بخلاف المضاربة و المزارعة و المساقاة و نحوها (3) و تصح علي كل عمل محلل مقصود عند العقلاء (4) و يجوز أن يكون

______________________________

به غير واحد لغة ما يجعل للإنسان علي شي ء بفعله و شرعا إنشاء الالتزام بعوض علي عمل محلل مقصود بصيغة دالة علي ذلك»، انتهي و لا اشكال في كونها من الايقاعات و لذا لا تحتاج

عندهم الي القبول.

و أيضا يدل علي المدعي كفاية الايجاب العام، مضافا الي بعض النصوص لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبي يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام و انا اسمع فقال: أمرنا الرجل فيشتري لنا الارض و الدار و الغلام و الجارية، و نجعل له جعلا قال: لا بأس «1». فان المستفاد من الحديث انه لا بأس بجعل جعل للدلال و مثله.

(1) بلا كلام عندهم و يمكن الاستدلال علي كفاية الايجاب العام بما رواه ابن جعفر قال: سألته عن جعل الآبق و الضالة قال: لا بأس به «2» فان الحديث لو لم يكن منصرفا الي مورد الايجاب العام فلا اشكال في انه باطلاقه يشمله.

(2) كما يدل عليه حديث ابن سنان المتقدم.

(3) كما تقدم.

(4) قيد موردها بقيدين: احدهما: كونه محللا فلا يجوز جعلها في مقابل الحرام بل يمكن أن يكون المراد عدم جواز جعلها في مقابل العمل الواجب كما يظهر

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الجعالة.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الجعالة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 500

مجهولا (1) كما يجوز في العوض أن يكون كذلك اذا كان بنحو لا يؤدي الي التنازع مثل: من رد عبدي فله نصفه أو هذه الصبرة أو هذا الثوب (2).

______________________________

من بعض كلمات القوم.

ثانيهما: كون ذلك العمل مقصودا عند العقلاء فاذا لم يكن عقلائيا لا تكون جائزة و اتمام المدعي في كلا الموردين باقامة الدليل عليهما مشكل كما يشكل اتمامه في مورد الاجارة أيضا لعدم دليل تام عليه.

نعم لا يبعد أن يقال: ان الالتزام بالصحة علي الاطلاق يتوقف علي قيام الدليل علي الصحة مطلقا، و لولاه لا يتم الامر فان مقتضي الاصل الاولي هو الفساد و لا دليل علي

صحة الجعالة علي الاطلاق.

(1) و هو مورد الاتفاق علي ما يظهر من كلام الجواهر في هذا المقام و قال أيضا «ان الغرض من شرعية الجعالة تحصيل الاعمال المجهولة غالبا كرد الآبق و الضالة و نحوهما مما لا تعلم مسافة مع مسيس الحاجة اليه» و صرح بأن جواز الجعالة علي مثله من قطعيات الفقه.

و كيف كان: لا اشكال في عدم اشتراط كون موردها معلوما، و يمكن أن يستفاد المدعي من النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه ابن جعفر «1» فانه يستفاد من الحديث ان جعل الجعل للآبق و الضالة جائز مع ان كون المورد مجهولا واضح.

(2) ربما يستدل بلزوم كون العوض معلوما بنفي الغرر في الشريعة.

و لا يخفي انه لا دليل علي اشتراط انتفاء الغرر في مطلق العقد و الايقاع نعم لا بد في اثبات الجواز من دليل يدل عليه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 499

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 501

و اذا كان العوض مجهولا محضا مثل من رد عبدي فله شي ء بطلت (1) و كان للعامل اجرة المثل (2).

[مسألة 1: إذا تبرع العامل بالعمل فلا أجرة له]

(مسألة 1): اذا تبرع العامل بالعمل فلا اجرة له سواء أجعل لغيره أم لم يجعل (3).

[مسألة 2: يجوز أن يكون الجعل من غير المالك]

(مسألة 2): يجوز أن يكون الجعل من غير المالك كما اذا قال: من خاط ثوب زيد فله درهم فاذا خاطه احد لزم القائل الدرهم

______________________________

و يمكن أن يستدل علي الاطلاق و عدم الاشتراط بحديث ابن جعفر «1» فان مقتضي اطلاق الجعل و عدم بأسه المستفاد من جوابه عليه السلام عدم اشتراط كونه معلوما.

(1) قال في الجواهر: «فتحصل من مجموع ما ذكرنا عدم اعتبار المعلومية في العوض كالإجارة و البيع و عدم الاكتفاء بالمطلق ذي الافراد المختلفة، كالثوب و الدابة و نحوهما و خصوصا مثل الشي ء و المال» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه و الوجه فيه اما عدم الدليل علي الاطلاق بهذا المقدار فيرجع الي الاصل المقتضي للفساد و اما الاعتماد علي التسالم علي الاشتراط بهذا المقدار.

(2) اذ المفروض ان بناء الجعالة علي الضمان و المفروض تحقق الاستيفاء و حيث ان الجعالة فرضت فاسدة تصل النوبة الي اجرة المثل فلاحظ.

(3) و هذا ظاهر واضح فان المتبرع لا يستحق شيئا، و ان شئت قلت ان التبرع ينافي الاستحقاق و هما لا يجتمعان. و بعبارة اخري: التبرع ينافي استحقاق الجعل علي الاطلاق.

______________________________

(1) لاحظ ص: 499

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 502

دون زيد (1).

[مسألة 3: يستحق الجعل بالتسليم إذا كان المجعول عليه التسليم]

(مسألة 3): يستحق الجعل بالتسليم اذا كان المجعول عليه التسليم (2) اما اذا كان المجعول عليه غيره كما اذا قال: من اوصل عبدي الي البلد كان له درهم استحق العامل الدرهم بمجرد الايصال الي البلد و ان لم يسلمه الي احد و اذا قال: من خاط هذا الثوب فله درهم استحق الخياط الدرهم بمجرد الخياطة (3).

[مسألة 4: الجعالة جائزة يجوز للجاعل الرجوع فيها قبل العمل]

(مسألة 4): الجعالة جائزة يجوز للجاعل الرجوع فيها قبل العمل (4).

______________________________

(1) بلا خلاف و لا اشكال- كما في الجواهر- و السرّ فيه انه لا يلزم في الجعالة وصول نفع الي الجاعل، بل تجوز و لو للأجنبي و لا يبعد استفادة المدعي من اطلاق حديث ابن جعفر «1» اذ من الظاهر انه يمكن جعل الجعل للآبق و الضالة من غير المالك.

(2) كما هو ظاهر فان المفروض ان الجعل مجعول علي التسليم فلا بد منه في تحقق الاستحقاق.

(3) و هذا ظاهر أيضا اذ المفروض ان الجعل مجعول علي مجرد العمل.

(4) بلا خلاف اجده- كما في الجواهر- و صرح بأنه لا فرق بين كونها عقدا أو ايقاعا، و يشكل القول بالجواز علي القول بكونها عقدا اذ علي فرض كونها عقدا يشمله دليل وجوب الوفاء بالعقود.

الا أن يقال: ان عنوان العقد يصدق علي العهد من طرف واحد فلا فرق بين القولين من هذه الجهة، لكن كون الالتزام الصادر من طرف واحد من مصاديق العقد محل الكلام و الاشكال.

______________________________

(1) لاحظ ص: 499

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 503

و في جواز الرجوع في اثنائه اشكال (1) فان صح رجوعه فيها فلا اشكال في أن للعامل اجرة المقدار الذي عمله (2).

[مسألة 5: إذا جعل جعلين بأن قال: من خاط هذا الثوب فله درهم ثم قال: من خاط هذا الثوب فله دينار]

(مسألة 5): اذا جعل جعلين بأن قال: من خاط هذا الثوب فله درهم ثم قال: من خاط هذا الثوب فله دينار، كان العمل علي الثاني فاذا خاطه الخياط لزم الجاعل الدينار لا الدرهم، و لو انعكس الفرض لزم الجاعل الدرهم لا الدينار (3) و اذا لم تكن قرينة علي العدول

______________________________

و كيف كان لا اشكال عندهم في عدم كونها لازمة قبل الشروع في العمل و مقتضي القاعدة الأولية كذلك لعدم دليل علي اللزوم.

مضافا

الي ما قيل في هذا المقام من أن المستفاد من ادلتها كونها بمنزلة الامر للغير بعمل له اجرة فلا يجب المضي فيه من الجانبين هكذا في الجواهر.

(1) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال اختلاف الاصحاب في المسألة فانه يظهر من مراجعة كلماتهم انه قد ذهب بعضهم الي اللزوم من طرف الجاعل بعد الشروع في العمل، و لا دليل علي اللزوم بعد الشروع اذ قد مر ان الجعالة من قبيل الامر فلا وجه للزوم.

(2) بل فيه اشكال ظاهر اذ لو كانت الجعالة علي تمام العمل لم يكن وجه للتقسيط، نعم حيث ان العامل لا يقدم علي العمل الا بالعوض و لا تقصير منه فهو غير متبرع فيبقي علي اصالة احترام عمل المسلم فيبقي ضمانه باجرة المثل، ضرورة كون المقتضي له الغرور و عدم التقصير و نحوهما لا العقد المقتضي للتقسيط، نعم لو فرض ارادة الجاعل التوزيع علي اجزاء العمل علي نحو الاجارة، اتجه حينئذ التقسيط علي المسمي. اللهم الا أن يكون المراد من العبارة اجرة المثل، و اللّه العالم.

(3) اذ المفروض ان للمالك الفسخ و الرجوع عما جعله فيكون المدار هو

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 504

من الاول الي الثاني وجب الجعلان معا (1).

[مسألة 6: اذا جعل لفعل فصدر جميعه من جماعة من كل واحد منهم بعضه كان للجميع جعل واحد]

(مسألة 6): اذا جعل لفعل فصدر جميعه من جماعة من كل واحد منهم بعضه كان للجميع جعل واحد (2) لكل واحد منهم بعضه بمقدار عمله (3) و لو صدر الفعل بتمامه من كل واحد منهم كان لكل واحد منهم جعل تام (4).

[مسألة 7: إذا جعل جعلا لمن رده من مسافة معينة فرده من بعضها]

(مسألة 7): اذا جعل جعلا لمن رده من مسافة معينة فرده من

______________________________

الاخير، و لا فرق في الصورتين المذكورتين اذ المناط بالثانية.

(1) اذ لا مانع من جعلهما معا في مقام الثبوت فاذا لم تكن في مقام الاثبات قرينة علي العدول يثبت كلاهما علي طبق القاعدة.

(2) اذ المفروض ان الجعل للفعل الكذائي، و قد فرض صدوره من جماعة فيكون الجعل واحدا كما في المتن.

(3) اذا تفاوت مورد الجعالة بحسب من يقوم به بحسب الافراد فالتوزيع ظاهر، و أما في صورة عدم التفاوت في نفس المتعلق كرد العبد و التفاوت في المقدمات فيمكن أن يقال- كما في الجواهر-: كان لهم الجعل بالسوية لعدم ما يقتضي التفاوت بين الافراد، و لكن يمكن أن يقال بأنه يكفي للتوزيع بلحاظ العمل فرض التجزية في المتعلق و ان شئت قلت: يصح أن يقال ان مقدار الرد الصادر عن زيد يسوي هذا المقدار و المقدار الصادر القائم ببكر يسوي مقدارا يغاير المقدار الاول و هذا امر معقول في مقام التصور و يكفي للتفاضل و اللّه العالم.

(4) لصدق الموضوع فيترتب عليه الحكم و بعبارة اخري لا ترجيح لأحدهم علي الاخر بل كل واحد منهم يصدق عليه انه صدر عنه الفعل المجعول عليه الجعل فكلهم يستحقون الجعل كما في المتن، فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 505

بعضها كان له من الجعل بنسبة عمله مع قصد الجاعل التوزيع (1).

[مسألة 8: إذا تنازع العامل و المالك في الجعل و عدمه أو في تعيين المجعول عليه أو القدر المجعول عليه أو في سعي العامل]

(مسألة 8): اذا تنازع العامل و المالك في الجعل و عدمه أو في تعيين المجعول عليه أو القدر المجعول عليه أو في سعي العامل كان القول قول المالك (2) و اذا تنازعا في تعيين الجعل ففيه اشكال (3) و الاظهر انه مع التنازع في قدره يكون القول قول

مدعي الاقل (4) و مع التنازع في ذاته يكون القول قول الجاعل في نفي دعوي العامل (5) و تجب عليه التخلية بين ما يدعيه للعامل و بينه (6).

[مسألة 9: عقد التأمين للنفس أو المال- المعبر عنه في هذا العصر بال «سيكورته» - صحيح بعنوان المعاوضة]

(مسألة 9): عقد التأمين للنفس أو المال- المعبر عنه في هذا العصر بال «سيكورته» - صحيح بعنوان المعاوضة ان كان للمتعهد بالتأمين عمل محترم له مالية و قيمة عند العقلاء من وصف نظام للأكل أو الشرب أو غيرهما أو وضع محافظ علي المال أو غير ذلك من الاعمال

______________________________

(1) الامر كما افاده في مفروض كلامه اذ قد فرض ان الجاعل قصد التوزيع فلا بد من ملاحظة النسبة.

(2) الامر كما افاده لان قول المالك في جميع الصور موافق للأصل فالقول قوله كما هو المقرر في باب الدعاوي و المرافعات.

(3) لم يظهر لي وجه الاشكال.

(4) كما هو مقتضي القاعدة فان المدعي للأقل يكون قوله موافقا للأصل فيتوقف قول الاخر علي قيام البينة كما هو المقرر في بابه.

(5) فان قول الاخر مخالف للأصل.

(6) لاعترافه بهذا المقدار فتجب عليه التخلية بمقتضي اعترافه، فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 506

المحترمة فيكون نوعا من المعاوضة و اخذ المال من الطرفين حلال و الا فالعقد باطل و اخذ المال حرام (1) نعم اذا كان بعنوان الهبة المشروطة فيدفع مقدارا من المال هبة و يشترط علي المتهب دفع مال آخر علي نهج خاص بينهم فاخذ المال من الطرفين حلال (2).

[كتاب السبق و الرماية]

اشارة

كتاب السبق و الرماية

[مسألة 1: لا بد فيهما من إيجاب و قبول]

(مسألة 1): لا بد فيهما من ايجاب و قبول (3) و انما يصحان في السهام و الحراب و السيوف، و الابل، و الفيلة، و الخيل، و البغال، و الحمير (4).

______________________________

(1) الحكم بالصحة متوقف علي وجود دليل عليها، و الدليل المتصور في المقام اما عموم وجوب الوفاء بالعقود و اما اطلاق التجارة عن تراض و كلاهما مورد الاشكال.

أما الاول: فلما مر مرارا من أن الاية دليل علي اللزوم، و لا يمكن جعلها دليلا علي الصحة، فراجع ما ذكرناه في تقريب ما ادعينا.

و أما الثاني: فلما ذكرنا ان التجارة لا يبعد كونها مرادفة للبيع و لا تصدق علي غيره، فلا يمكن الاستدلال باطلاقها لصحة غيره من المعاوضات و صفوة القول ان صدق التجارة علي غير البيع اول الكلام و الاشكال.

(2) ما افاده تام فان الهبة امر جائز و من العقود و الشرط في ضمنه صحيح نافذ و يجب العمل علي طبقه.

(3) كما لا بد منهما في غيرهما من العقود.

(4) قال في الحدائق: «1» «قد صرح الاصحاب رضي اللّه عنهم بأنه يقتصر

______________________________

(1) ج- 22 ص: 361

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 507

______________________________

في جواز المسابقة علي النصل و الخف و الحافر وقوفا علي مورد الشرع و انه يدخل تحت النصل السهم و النشاب و الحراب و السيف و ان الخف يتناول الا بل و الفيلة اعتبارا باللفظ و انه لا تجوز المسابقة بالطيور و لا علي القدم و لا بالسفن و لا المصارعة» انتهي موضع الحاجة.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن ابيه عليهما السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا سبق الا في حافر او

نصل او خف «1» قال في مجمع البحرين و النصل حديدة السهم و الرمح و السكين و السيف ما لم يكن له مقبض.

ان قلت: قد فسر النصل بالنضال في حديث حفص، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا سبق الا في خف او حافر او نصل يعني النضال «2» و قال في مجمع البحرين اصل النضال المراماة فيختص الحكم ببعض اقسام النصل.

قلت: ان التفسير من الراوي كما هو معتقد المجلسي (قدس سره) في مرآة العقول و تقتضيه القاعدة الاولية العربية حيث اتي بصيغة المضارع الغائب لا بصيغة المتكلم وحده فالامر سهل و ان كان التفسير من الامام روحي فداه فغايته عدم دلالة هذه الرواية علي المطلوب، لكن يكفي للمدعي حديث ابن علوان فان المقرر في محله عدم التنافي بين الاثباتين.

ان قلت: حديث حفص بمفهوم الحصر يقيد الحكم قلت: نرفع اليد عن الحصر بمنطوق حديث ابن علوان، و يؤيد المدعي مرسل الصدوق (قده) قال:

قال الصادق عليه السلام: ان الملائكة لتنفر عند الرهان، و تلعن صاحبه ما خلا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب السبق و الرماية الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب السبق و الرماية الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 508

و لا يبعد صحة المسابقة في جميع الالات المستعملة في الحرب كالآلات المتداولة في زماننا (1).

[مسألة 2: يجوز أن يكون العوض عينا و دينا]

(مسألة 2): يجوز أن يكون العوض عينا و دينا (2).

______________________________

الحافر و الخف و الريش و النصل، و قد سابق رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اسامة بن زيد و اجري الخيل «1».

فالنتيجة: ان ما افاده في المتن تام فان السهام و الحراب و السيوف داخلة في النصل و الا بل و الفيلة و الخيل و البغال و

الحمير داخلة اما في حافر او في خف، فلاحظ.

(1) فانه مقتضي المناسبة بين الحكم و الموضوع اذ الظاهر ان ملاك تجويز المذكورات الاستعداد للمقابلة مع الاعداء فلا خصوصية للمذكورات بل الملاك موجود في جميع آلات الحرب و يؤيد المدعي ان لم يدل عليه قوله تعالي «وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ» «2».

(2) كما هو كذلك في بقية العقود و يدل علي جواز جعله عينا حديث طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه، عن ابيه عليهما السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اجري الخيل التي اضمرت من الحصي «الحفي خ ل» الي مسجد بني زريق و سبقها من ثلاث نخلات، فاعطي السابق عذقا، و اعطي المصلي عذقا، و اعطي الثالث عذقا «3».

و يدل علي جواز جعله دينا ما رواه غياث بن ابراهيم، عن أبي عبد اللّه عن ابيه عن علي بن الحسين عليهم السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اجري الخيل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب السبق و الرماية الحديث 6

(2) الانفال/ 60

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب السبق و الرماية الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 509

و أن يبذله اجنبي (1) أو احدهما (2) او من بيت المال (3) و يجوز جعله للسابق (4) و للمحلل (5) و ليس المحلل شرطا (6).

[مسألة 3: لا بد في المسابقة من تعيين الجهات التي يكون الجهل بها موجبا للنزاع]

(مسألة 3): لا بد في المسابقة من تعيين الجهات التي يكون الجهل بها موجبا للنزاع فلا بد من تقدير المسافة و العوض و تعيين

______________________________

و جعل سبقها اواقي من فضة «1».

(1) قال في الجواهر «2» «و اذا بذل السبق غير المتسابقين صح اجماعا من المسلمين اذا كان الامام عليه السلام و مطلقا من المؤمنين» الخ و يدل

علي المدعي ما رواه الحسين بن علوان، عن جعفر عن ابيه عليهما السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سابق بين الخيل، و اعطي السوابق من عنده «3».

(2) قال في الجواهر «و اذا بذله احدهما أو هما صح عندنا و لو لم يدخله محلل خلافا لبعض العامة أيضا فلم يجوزه من احدهما خاصة معللا بأنه قمار، و هو كالاجتهاد في مقابل النص الذي منه الاطلاق و العموم» الخ.

(3) قال في الجواهر: «و لو بذله الامام عليه السلام من بيت المال جاز بلا خلاف و لا اشكال لان فيه مصلحة للإسلام و المسلمين و هي مصرفه».

(4) بلا اشكال و لا كلام.

(5) قال في الجواهر: «و لو جعل السبق للمحلل بانفراده اذا سبق جاز أيضا لإطلاق الادلة و عمومها» انتهي موضع الحاجة من كلامه (قده). و يظهر من كلام القوم التسالم علي جواز الجعل للمحلل فيما يكون سابقا فلا اشكال فيما افاده.

(6) كما تقدم عن الجواهر نقله.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب السبق و الرماية الحديث: 1

(2) ج- 28 ص: 225

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب السبق و الرماية الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 510

الدابة و لا بد في الرماية من تقدير عدد الاصابة و صفتها، و قدر المسافة، و الغرض و نحو ذلك (1).

[مسألة 4: إذا قالا بعد أن اخرج كل منهما سبقا من نفسه و ادخلا محللا]

(مسألة 4): اذا قالا بعد ان اخرج كل منهما سبقا من نفسه و ادخلا محللا: من سبق منا و من المحلل فله العوضان، فمن سبق من الثلاثة فهما له فان سبقا فلكل ماله، و ان سبق احدهما و المحلل فللسابق ماله و نصف الاخر و الباقي للمحلل (2).

[مسألة 5: المحلل هو الذي يدخل بين المتراهنين و لا يبذل معهما عوضا]

(مسألة 5): المحلل هو الذي يدخل بين المتراهنين و لا يبذل معهما عوضا بل يجري دابته بينهما أو في احد الجانبين علي وجه يتناوله العقد علي أنه ان سبق بنفسه او مع غيره اخذ العوض او بعضه

______________________________

(1) لا يبعد أن يقال: يظهر منهم انها عندهم من المسلمات و العمدة في الاستدلال عليها عدم دليل يدل باطلاقه أو عمومه علي عدم اشتراطها و لولاه لا شكل اثبات المدعي فان الاستدلال بنفي الغرر مخدوش لعدم دليل علي بطلانه سيما علي نحو العموم الجاري في جميع الموارد.

مضافا الي أنه اخص من المدعي كما يظهر عند التأمل كما أن الاستدلال بأن الشارع يريد حسم مادة النزاع و الجهل و التردد يوجب النزاع فلا بد من حسمه لا يرجع الي محصل. اذ يرد عليه اولا: انه اخص من المدعي فانه ربما يكون علي نحو لا يتحقق النزاع.

و ثانيا: انه من أين علم ان الشارع اراد حسم مادة النزاع، نعم لا اشكال في أن التردد الراجع الي عدم التعين الواقعي لا مجال له لعدم تحقق المردد و عدم مصداق له.

(2) ما افاده ظاهر واضح لا يحتاج الي شرح و بسط، فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 511

علي حسب الشرط و ان لم يسبق لم يغرم شيئا (1).

[مسألة 6: إذا فسد العقد فلا أجرة للغالب]

(مسألة 6): اذا فسد العقد فلا اجرة للغالب (2) و يضمن العوض اذا ظهر مستحقا للغير (3) مع عدم اجازته (4) و عدم كون الباذل غارا (5) و يحصل السبق بتقدم العنق او الكتد و هو العظم النائي بين الظهر و اصل العنق اذا لم تكن قرينة علي خلاف ذلك (6).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «1»: «قالوا و المحلل و هو الذي يدخل بين المتراهنين و

لا يبذل معهما عوضا بل يجري فرسه بينهما أو علي احد الجانبين علي وجه يتناوله العقد و حكمه انه ان سبق اخذ العوض المبذول للسابق و ان سبق لم يلزم شيئا و سمي محللا لان العقد لا يحل بدونه عند ابن الجنيد و الشافعي» الخ.

(2) لعدم مقتضي لثبوتها.

(3) فان يده عدوانية فتوجب الضمان.

(4) و أما مع الاجازة فلا اشكال لما تقرر عندهم من صحة الفضولي.

(5) يظهر من عبارة المتن عدم الضمان مع الغرور و فيه ان الضمان لا ينافي الغرور غاية الامر يمكنه الرجوع الي الغار بعد اداء الغرامة فان الغرور لا يقتضي عدم الضمان بالنسبة الي مال المالك، فلاحظ.

(6) قال في الحدائق «2» «و المشهور ان السبق يحصل بالتقدم بعنق دابته و كتدها بفتح التاء المثناه من فوق و كسرها و هي العالي بين اصل العنق و الظهر و يعبر عنه بالكاهل و قال في الروضة و الكتد بفتح الفوقانية اشهر من كسرها مجمع الكتفين بين اصل العنق و الظهر»، انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو

______________________________

(1) ج- 22 ص: 367

(2) ج- 22 ص: 367

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 512

[كتاب الشركة]

اشارة

كتاب الشركة

[مسألة 1: تصح الشركة في الأموال و لا تصح في الأعمال]

(مسألة 1): تصح الشركة في الاموال (1) و لا تصح في الاعمال

______________________________

مقامه.

و قال في الجواهر: «1»: «و هو الذي يتقدم و لو بالعنق و الكتد بفتح التاء و كسرها و هو العالي بين الظهر و اصل العنق و يعبر عنه بالكاهل». الي ان قال «كما ان في الاول منعا واضحا ان اريد الحمل عليه و ان كان العرف علي خلافه ضرورة عدم الوضع الشرعي فيه و علي تقديره فلا مدخلية له في الفاظ المتراهنين فالتحقيق حينئذ ايكاله الي العرف و لعله في زماننا لا يصدق الا أن يسبق بالكل» الخ.

اذا عرفت ما تقدم نقول لا وجه لما افاده في المتن بحصول التقدم باحد الوجهين فانه لا دليل عليه بل الميزان بحسب الجعل فيما بين المتعاقدين هذا اولا و ثانيا لا وجه للترديد كما في عبارة المتن اذ احد الامرين اخص من الاخر و يتقدم في الوجود دائما علي الاعم.

و ان شئت قلت: ان التخيير بين الاقل و الاكثر لا مجال له و لذا نري في عبارتي الحدائق و الجواهر عطف احد الامرين علي الاخر بالواو لا باو، فلاحظ و الحمد للّه اولا و آخرا.

(1) في مقابل الشركة في الابدان و الافعال و الشركة بالمفاوضة و الشركة بالوجوه قال في الجواهر: «2»: «و انما تصح عندنا بالاموال بلا خلاف فيه بل

______________________________

(1) ج- 38 ص: 212

(2) ج- 26 ص: 298

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 513

بأن يتعاقد اعلي أن تكون اجرة عمل كل منهما مشتركة بينهما فاذا تعاقدا علي ذلك بطل (1).

______________________________

الاجماع بقسميه أيضا علي الصحة فيها و هي المسماة بشركة العنان من عنان الدابة» الي آخر كلامه رفع في الجنان مقامه.

(1) قال في الجواهر: «و

لا تصح الشركة بالاعمال كالخياطة و النساجة بلا خلاف معتد به اجد فيه بيننا بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منهما مستفيض او متواتر» الخ.

و ما حكي «1» من شركة سعد بن أبي وقاص و عبد اللّه بن مسعود و عمار ابن ياسر فيما يغنمونه فاتي سعد باسيرين و لم يأتيا بشي ء فاقرهم النبي و شركهم جميعا، لا دليل علي اعتباره مع امكان أن يكون ذلك يوم بدر الذي غنائمه للنبي علي ما نقل عن التذكرة فيكون هبة منه صلي اللّه عليه و آله و سلم لهم فلا ترتبط الرواية بالمدعي.

و عن مفتاح الكرامة: اجمعوا علي نقل الاجماع اذ هو محكي في تسعة عشر كتابا او اكثر كما سمعت و هو معلوم محصل قطعا و ذكرت في مقام الاستدلال علي المدعي، مضافا الي الاجماعات المدعاة في المقام وجوه اخر:

الوجه الاول: ان الشركة عقد شرعي فيقف علي الاذن فيه و مع عدم ثبوت الاذن يكون مقتضي الاصل الاولي هو الفساد و عدم ترتب اثر عليه و لا مجال للحكم بصحته بقوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «2» اذ قد ذكرنا ان وجوب الوفاء دليل اللزوم و لا يمكن أن يكون دليلا علي الصحة كما انه لا مجال للأخذ باطلاق «تجارة

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 16 ص: 296

(2) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 514

و كان لكل منهما اجرة عمله (1) نعم لو صالح كل منهما صاحبه علي أن يكون نصف منفعة نفسه بنصف منفعة صاحبه مدة معينة فقبل الاخر صح (2) و كان عمل كل منهما مشتركا بينهما (3) و لو تصالحا في ضمن عقد اخر لازم علي أن يعطي كل منهما نصف اجرته للاخر صح ذلك و وجب

العمل بالشرط (4) و لا تصح الشركة في الوجوه بأن يتعاقد اعلي

______________________________

عن تراض» «1» فان صدق التجارة بمالها من المفهوم علي غير البيع اول الكلام و الاشكال.

الوجه الثاني: انه غرر عظيم و فيه انه لا دليل علي حرمة الغرر وضعا علي الاطلاق كما مر الكلام من هذه الجهة مرارا، مضافا الي أنه يمكن أن يقال بأن هذا الدليل اخص من المدعي.

الوجه الثالث: ان العامل اذا آجر نفسه لعمل يكون مقتضي الاجارة دخول الاجرة في ملك الاجير فنقول هذه الاجارة اما فاسدة او صحيحة أما علي الاول فتكون الشركة أيضا باطلة لأنها متفرعة عليها، و اما علي الثاني فلا موضوع للشركة لفرض دخول الاجرة في ملك الاجير بلا شركة كما في المتن.

و صفوة القول انه لا مقتضي لصحة الشركة لا في الفرض الاول و لا في الفرض الثاني فالنتيجة هو البطلان.

(1) لفرض بطلان عقد الشركة كما تقدم.

(2) لجواز الصلح بدليله فلا تكون داخلة في شركة الاعمال و لا بد من الالتزام بجواز الصلح فيما يتعلق بما يوجد بعد ذلك.

(3) الظاهر ان المراد من المتن ان اجرة عمل كل منهما لا نفس العمل.

(4) اذ المفروض ان الشرط الوارد في ضمن العقد اللازم يجب الوفاء به و المقام

______________________________

(1) النساء/ 34

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 515

أن يشتري كل منهما ما لا بثمن في ذمته الي اجل ثم يبيعانه و يكون ربحه بينهما و الخسران عليهما (1) و لا تصح شركة المفاوضة بأن يتعاقدا علي أن يكون ما يحصل لكل منهما من ربح تجارة او زراعة او ارث او غير ذلك بينهما، و ما يرد علي كل منهما من غرامة تكون عليهما معا (2) فلو تعاقدا في المقامين علي ما

ذكر كان لكل منهما ربحه و عليه خسارته (3) نعم اذا تصالحا في ضمن عقد آخر لازم علي أنه ان ربح

______________________________

من صغريات تلك الكبري و الفرق بين القسمين ان المصالحة في القسم الاول علي المبادلة بين المالين فلا يتوقف تلك كل منهما علي تمليك ثانيا بل يكفي لتملكهما نفس المصالحة الواقعة، و أما في القسم الثاني فيشترط في ضمن عقد المصالحة تمليك كل منهما الاجرة من الاخر.

(1) قد فسرت الشركة في الوجوه أو بالوجوه بتعابير مختلفة، و قد ذكر في الجواهر لها اربعة تفاسير و ادعي قيام الاجماع بقسميه علي بطلانها و التفسير في المتن ليس منها.

و لكن الظاهر ان فسادها بالمعني المذكور علي طبق القاعدة الاولية اذ لا دليل علي صحة الشركة بهذا النحو بل مقتضي الاصل الاولي كما ذكرنا مرارا عدم صحتها.

(2) اجماعا بقسميه كما في الجواهر مضافا الي عدم الدليل علي صحتها، بل مقتضي الاصل الاولي فسادها.

(3) اذ بعد فرض بطلان التعاقد المشار اليه يكون مقتضي القاعدة الاولية ما افاده في المتن فان الربح و الخسران تابعان للمملوك الا أن يقوم دليل معتبر علي الخلاف.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 516

احدهما اعطي صاحبه نصف ربحه و ان خسر احدهما تدارك صاحبه نصف خسارته صح في المقامين (1).

[مسألة 2: تتحقق الشركة في المال باستحقاق الشخصين]

(مسألة 2): تتحقق الشركة في المال باستحقاق الشخصين فما زاد مالا واحدا عينا كان أو دينا بارث أو وصية أو بفعلهما معا كما اذا حفرا بئرا، او اصطادا صيدا، او اقتلعا شجرة او نحو ذلك من الاسباب الاختيارية و غيرها (2) و قد تكون بمزج المالين علي نحو يرتفع الامتياز بينهما مع الاتحاد في الجنس كمزج الحنطة بالحنطة و الماء بالماء و اختلافه كمزج دقيق الحنطة

بدقيق الشعير و دهن اللوز، بدهن الجوز (3).

______________________________

(1) فان الشرط في ضمن المعاقدة الصلحية صحيح و نافذ بلا اشكال و لا كلام.

(2) تحقق الشركة في الموارد المذكورة امر واضح ظاهر لا يحتاج الي اقامة دليل عليه و بعبارة اخري: الشركة في الموارد المذكورة علي طبق القاعدة الاولية و خلافها يحتاج الي الدليل و انما يلزم الاستدلال علي صحة الشركة العقدية.

(3) بلا خلاف اجده فيه بل لعل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و ربما يقال: ان الامتزاج ان أوجب صيرورة الممتزجين شيئا واحدا في نظر العرف كامتزاج الخل بالدبس تكون الشركة واقعية و الا فلا شركة.

و يظهر من الجواهر انه لا شركة في مفروض الكلام و بعبارة اخري الامتزاج بما هو لا يوجب الشركة بل يكون كل منهما علي ملكه و يتوقف التميز بين السهمين علي القرعة أو الالتزام بالصلح القهري.

و يظهر من بعض الكلمات ان الشركة واقعية و ظاهرية قهرية و مثل للأولي بالشركة الحاصلة بالاستحقاق كالإرث و نحوه و للثانية بامتزاج احد المالين بالاخر و الذي يختلج بالبال و لا يبعد أن يقال ان الميزان في تحقق الشركة بالامتزاج

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 517

[مسألة 3: يلحق كلا من الشريكين من الربح و الخسران بنسبة ماله]

(مسألة 3): يلحق كلا من الشريكين من الربح و الخسران بنسبة ماله فان تساويا في الحصة كان الربح و الخسران بينهما بالسوية و ان اختلفا فبالنسبة (1).

[مسألة 4: إذا اشترطا المساواة في الربح و الخسران مع اختلاف الحصص أو اشترطا الاختلاف مع تساوي الحصص صح]

(مسألة 4): اذا اشترطا المساواة في الربح و الخسران مع اختلاف الحصص أو اشترطا الاختلاف مع تساوي الحصص صح اذا كان للمشروط له عمل و الا لم يصح الشرط (2).

______________________________

زوال ارتفاع التميز فان زال التميز تتحقق الشركة بلا فرق بين اتحاد الجنس كما في مزج الحنطة بالحنطة مع اتفاق صفاتهما و تغاير الجنس كما في مزج الخل بالدبس بحيث يصير الممزوج حقيقة ثالثة عرفية ففي كل مورد زال الامتياز و لو مع تغاير الجنس أو تغاير الصفات تتحقق الشركة و لذا لو امتزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير او امتزج دهن اللوز بدهن الجوز تحصل الشركة كما في المتن و أما في غير هذه الصورة كمزج الحنطة بالغير فلا تحصل، و اللّه العالم بحقايق الاشياء.

(1) هذا علي طبق القاعدة الاولية فان الربح و الخسران تابعان للمال و الخروج عنه يحتاج الي الدليل فلاحظ.

(2) تارة يبحث مع قطع النظر عن الدليل الخارجي و اخري مع ملاحظة الدليل كذلك، أما علي فرض عدم ملاحظة الدليل الخارجي فيمكن أن يقال: ان الشرط المذكور باطل علي الاطلاق و أما العقد فهو صحيح، أما كون العقد صحيحا فلانه لا وجه لكونه فاسدا و ما يمكن أن يكون وجها لفساده فساد الشرط الواقع فيه و قد بنينا في محله علي ان الشرط الفاسد لا يفسد العقد و لا يسري منه اليه الفساد فراجع ما حققناه هناك.

و أما الشرط فلا وجه لصحته اذ ذكرنا و قلنا مرارا ان الشرط بنفسه لا يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص:

518

[مسألة 5: لا يجوز لأحد الشريكين التصرف في العين المشتركة بدون إذن شريكه]

(مسألة 5): لا يجوز لأحد الشريكين التصرف في العين المشتركة بدون اذن شريكه (1) و اذا اذن له في نوع من التصرف لم يجز التعدي الي نوع آخر (2) نعم اذا كان الاشتراك في امر تابع مثل البئر و الطريق غير النافذ و الدهليز و نحوها مما كان الانتفاع به مبنيا عرفا علي عدم الاستئذان جاز التصرف و ان لم يأذن الشريك (3) و اذا كان ترك التصرف موجبا لنقص العين كما لو كانا مشتركين في طعام فاذا

______________________________

مشرعا بل لا بد من صحته في الرتبة السابقة كي يشمله دليل صحة الشرط و حيث ان التمليك و اصول الملكية يتوقف علي تحقق سببه الشرعي و المفروض عدم ذلك السبب لا يكون الشرط شرعيا و يكون مخالفا للشرع فلا يصح و لا ينفذ.

و بعبارة اخري: الشرط بما هو شرط لا يكون سببا من اسباب الملك و المفروض انه لا سبب لها في المقام غير الشرط.

و ان شئت قلت: يتوقف صحة الشرط علي وجود السبب الملكية و الملكية تتوقف علي الشرط و هذا دور فالنتيجة ان العقد بنفسه صحيح و أما الشرط فهو فاسد لعدم المقتضي لصحته بل مقتضي القاعدة بطلانه هذا علي تقدير قطع النظر عن الدليل الخارجي و أما مع ملاحظة الدليل الخارجي فان تم اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام علي الجواز في صورة كون المشروط له ذا عمل فهو و الا فلا وجه للقول بالصحة.

(1) فان التصرف في مال الغير يتوقف علي اذنه و الا فلا يجوز.

(2) كما هو ظاهر فان التعدي عن مورده خلاف الوظيفة الشرعية فلا يجوز.

(3) للسيرة الجارية الممضاة عند الشارع.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 519

لم يأذن الشريك

رجع الي الحاكم الشرعي ليأذن في أكله أو بيعه أو نحوهما ليسلمه من الضرر (1) و كذا اذا كانا شريكين في دار فتعاسرا و امتنع احدهما من الاذن في جميع التصرفات بحيث ادي ذلك الي الضرر فيرجع الي الحاكم الشرعي ليأذن في التصرف الاصلح حسب نظره (2).

[مسألة 6: إذا طلب أحد الشريكين القسمة فان لزم الضرر منها لنقصان في العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادة]

(مسألة 6): اذا طلب احد الشريكين القسمة فان لزم الضرر منها لنقصان في العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادة لم تجب اجابته (3) و الا وجبت الاجابة و يجبر عليها لو امتنع (4) و كذلك اذا طلب الشريك بيع ما يترتب علي قسمته نقص ليقسم الثمن فانه تجب الاجابة و يجبر

______________________________

(1) فان الحاكم ولي الممتنع فاللازم الرجوع اليه.

(2) الكلام فيه هو الكلام فان الحاكم ولي الممتنع لكن ليس له الاختيار التام بل دائرة نفوذه محدودة و المتيقن منها ما يكون أصلح و اللّه العالم.

(3) بتقريب ان الضرر مرتفع في الشريعة و أيضا لا يجوز الاسراف و الاستدلال بقاعدة لا ضرر انما يتم علي مسلك القوم القائلين بأن مفادها النفي و اما علي مسلك شيخ الشريعة (قده) القائل بكون مفادها النهي فلا يتم الاستدلال، الا أن يقال:

ان المفروض توجه الضرر بالقسمة فيشمله دليل حرمة الاضرار، مضافا الي أنه يمكن أن يقال ان اجبار المالك الشريك علي عدم القسمة ضرر بالنسبة اليه فيتعارض الضرر ان و أما الاستدلال بحرمة الاسراف فيمكن عروض عنوان يخرج القسمة عن عنوان الاسراف فلاحظ.

(4) بلا خلاف اجده فيه بل الظاهر الاتفاق عليه- هكذا في الجواهر- و القاعدة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 520

الشريك عليها لو امتنع (1) نعم اذا اشترط احد الشريكين في عقد لازم عدم القسمة الي اجل بعينه لم تجب الاجابة حينئذ

الي أن ينتهي الاجل (2).

[مسألة 7: يكفي في تحقق القسمة تعديل السهام ثم القرعة]

(مسألة 7): يكفي في تحقق القسمة تعديل السهام ثم القرعة (3).

______________________________

الاولية تقتضيه اذ الناس مسلطون علي اموالهم.

(1) بعين التقريب و الكلام فيه هو الكلام.

(2) اذ مع الشرط يجب علي المشروط عليه الوفاء بالشرط و يوجد للمشروط له حق التأخير فلا يمكن اجباره علي التقسيم.

(3) اي لا يحتاج الي رضا الشريكين بعد القرعة و الذي يختلج بالبال: أن يقال: ان القسمة اما قسمة بالاجبار و اما قسمة بالاختيار، أما في الصورة الاولي فلا مجال لاشتراط الرضا فان مرجعه الي الخلف فتكفي القرعة بلا كلام كما هو كذلك عندهم رضوان اللّه عليهم و أما في الصورة الثانية فلا نتصور عدم الرضا اذا المفروض تحقق الرضا بالقرعة و التراضي عليها فكيف يمكن عدم الرضا الا أن يفرض الندم بعد التراضي.

انما الكلام في أن دليل القرعة يشمل مثل المقام مما لا واقع له او ان القرعة تختص بما يكون له واقع مجهول في الظاهر و لا يبعد أن يكون بعض النصوص الواردة فيها يشمل مالا واقع له، لاحظ حديث سيابة و ابراهيم بن عمر جميعا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال: اول مملوك املكه فهو حر، فورث ثلاثة قال: يقرع بينهم فمن اصابه القرعة اعتق، قال: و القرعة سنة «1».

فان مورد الرواية ما لا واقع له اذ المفروض انه لا ينطبق عنوان الاول علي واحد

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب كيفية الحكم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 521

و في الاكتفاء بمجرد التراضي وجه، لكن الاحوط استحبابا خلافه (1).

______________________________

من الثلاثة فلا واقع له كي يعين بالقرعة و بعد بيان الصغري طبق عليها الكبري الكلية بقوله عليه السلام و القرعة سنة.

و لاحظ

حديث منصور بن حازم قال: سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسئلة فقال: هذه تخرج في القرعة ثم قال: فاي قضية اعدل من القرعة اذا فوضوا امرهم الي اللّه عز و جل أ ليس اللّه يقول: «فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ» «1».

فانه عليه السلام حكم بأن الرجوع الي القرعة اعدل القضايا و تمسك بالآية الشريفة و الحال انه لا واقع في مورد الاية.

ان قلت: ان الحوت كان يطلب يونس فكان الواقع منطبقا عليه، فلا ترتبط الرواية بالمقام قلت: ما ذكرت و ان كان حقا فان الحوت كان مأمورا بأخذ يونس و لكن الامر لم يكن معلوما لأهل السفينة و لو كان معلوما لما كانوا محتاجين الي القرعة فالنتيجة ان القرعة لا تختص بمورد يكون له واقع.

(1) الظاهر ان المسألة ذات قولين و في بعض الكلمات قيل: ان عدم الاكتفاء ظاهر الجميع فان تم المدعي بالإجماع التعبدي الكاشف فهو و الا فيمكن أن يقال بالكفاية و عدم الاشتراط و الدليل عليه الروايات الواردة في قسمة الدين:

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجلين بينهما مال منه دين و منه عين فاقتسما العين و الدين فتوي الذي كان لأحدهما من الدين أو بعضه، و خرج الذي للاخر أ يرد علي صاحبه؟ قال: نعم ما يذهب بماله «2».

و منها: ما رواه غياث، عن جعفر عن ابيه، عن علي عليهم السلام، مثله الا

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 17

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الشركة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 522

[مسألة 8: تصح قسمة الوقف مع الملك الطلق]

(مسألة 8): تصح قسمة الوقف مع الملك الطلق (1).

______________________________

انه قال: ما اقتضي احدهما

فهو بينهما، و ما يذهب بينهما «1».

بتقريب ان الظاهر من هذه النصوص صحة القسمة بلا قرعة، و دعوي عدم صدق القسمه بلا قرعة و عدم دخولها في مفهومها كما تري.

(1) الذي يختلج بالبال بدوا، عدم الجواز اذ الوقوف تكون علي حسب ما يوقفها اهلها بحسب النص، لاحظ مكاتبة الصفار الي أبي محمد بن الحسن بن علي عليه السلام في الوقف و ما روي فيه «الوقوف و ما روي فيها» عن آبائه عليهم السلام فوقع عليه السلام: الوقوف تكون علي ما حسب ما يوقفها اهلها ان شاء اللّه «2».

لكن يظهر من القوم جوازه فان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل اذ ذكر في مقام الاستدلال علي الجواز كما في عبارة الشرائع انه تمييز للوقف عن غيره.

و فيه اولا: انه ليس تمييزا للوقف عن غيره اذ المفروض هي الاشاعة فلا تميز في الواقع كي يحرز بالقسمة فان التمييز يخالف الاشاعة و بعبارة اخري: الاشاعة تستلزم عدم التميز.

و ثانيا: فرضنا صحة المدعي لكن المفروض ان الوقف تحقق هكذا و لا يجوز تغييره و دعوي عدم صدق التغيير عهدتها علي مدعيها.

و استدل علي الجواز مضافا الي ما ذكر كما في الجواهر بأنه مغتفر فيها «3» و فيه: انه من اين علم الاغتفار المذكور فلا بد من رجوع الوجه الثاني اما الي الوجه الاول و اما الي أن جواز التغيير اجماعي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الشركة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الوقف الحديث: 1

(3) جواهر الكلام ج 26 ص: 217

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 523

و لا تصح قسمة الوقف في نفسه اذا كانت منافية لشرط الواقف و الا صحت (1).

______________________________

ان قلت: الناس مسلطون علي اموالهم

و المفروض اشتراك الوقف مع الطلق و مالك الطلق له رفع الاشاعة و تعيين مملوكه و افرازه عن الوقف.

قلت: قاعدة الناس مسلطون علي اموالهم لا تكون مشرعة كما حقق في محله بل تقتضي الجواز بالمقدار المستفاد من الادلة.

و ان شئت قلت: ان تسلط الانسان علي مملوكه لا يقتضي رفع اليد عن مقتضي عدم جواز التصرف في الوقف. ان قلت: هذا الاشكال يجري في المشترك بين المالكين و قد مر جواز التقسيم هناك و حكم الامثال واحد.

قلت: قد ثبت في الشريعة المقدسة جواز القسمة في الملك المشترك. و بعبارة اخري: الجواز هناك من الواضحات و لولاه لكان للإشكال مجال في تلك المسألة أيضا و اللّه العالم.

(1) بناء الماتن في بحث الشرط علي أنه لا يتحقق هذا المفهوم الا بأحد نحوين:

احدهما: تعليق العقد أو الايقاع علي شي ء ثانيهما: تعليق الوفاء علي امر و السر فيه ان الشرط مأخوذ من الشريط و هو الارتباط و لذا لا معني للشرط الابتدائي المتداول في الالسن فان الشرط ينافي الابتدائية فلا بد من الارتباط، هذا مجمل الكلام و التفصيل موكول الي بحث الشرط فعلي هذا الاساس نقول ما المراد من الشرط المذكور في كلام الماتن فان كان مراده ان الوقف معلق علي بقاء الاشاعة اي وقف الواقف علق علي عدم القسمة الخارجية و التمييز فلا يرجع المدعي الي محصل فان المفروض ان تحقق القسمة معلق علي عدم الاشتراط فاذا كان الوقف معلقا علي عدم القسمة يكون التقريب دوريا و ان كان المراد ان الوقف وارد و واقع علي المشاع لكن الواقف اضاف الي الوقف حكمه بعدم الافراز فلا دليل علي وجوب تبعية حكم الواقف، بل لا بد من متابعة الدليل الشرعي.

مباني

منهاج الصالحين، ج 8، ص: 524

[مسألة 9: الشريك المأذون أمين لا يضمن ما في يده من المال المشترك إلا بالتعدي أو التفريط]

(مسألة 9): الشريك المأذون امين لا يضمن ما في يده من المال المشترك الا بالتعدي او التفريط (1).

[مسألة 10: تكره مشاركة الذمي]

(مسألة 10): تكره مشاركة الذمي (2).

______________________________

نعم الذي نتصور و يكون قابلا للالتزام ان امر الواقف في مقام الانشاء بيد الواقف سعة و ضيقا و من ناحية اخري لا مجال للإهمال في الواقع فكل قيد اخذ في المتعلق يؤخذ به و لا يجوز التصرف المغاير بمقتضي وجوب العمل علي طبق إنشاء الواقف.

و كيف كان في الجزم بالجواز في صورة عدم الاشتراط علي فرض تسليم تمامية المدعي في التشقيق اشكال لما مر من الاشكال في تمييز الوقف عن الطلق، فلاحظ.

(1) الظاهر ان الحكم عندهم من المسلمات و قد ثبت في الشريعة المقدسة ان الامين ليس عليه الا اليمين فلا يكون يده يد ضمان الا بالتعدي أو التفريط كما في المتن.

(2) عن التذكرة «1» انه يكره مشاركة المسلم لأهل الذمة من اليهود و النصاري و المجوس و غير اهل الذمة من سائر الكفار عند علمائنا انتهي.

و يدل علي ما في المتن حديث ابن رئاب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لا ينبغي للرجل المسلم أن يشارك الذمي و لا يبضعه بضاعة و لا يودعه وديعة و لا يصافيه المودة «2».

و الحمد للّه اولا و آخرا و الصلاة علي محمد و آله الطاهرين المعصومين و اللعن الدائم علي اعدائهم من الاولين و الاخرين.

______________________________

(1) الحدائق: ج- 21 ص: 155

(2) الوسائل الباب 2 من كتاب الشركة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 525

[كتاب المضاربة]

اشارة

كتاب المضاربة المضاربة هي أن يدفع الانسان مالا الي غيره ليتجر فيه (1) علي أن يكون الربح بينهما بالنصف أو الثلث أو نحو ذلك (2)

[و يعتبر فيها أمور]

اشارة

و يعتبر فيها أمور:

[الأول الإيجاب و القبول]

الاول الايجاب و القبول (3).

______________________________

(1) المضاربة من العقود و من الظاهر ان العقد أمر إنشائي و الدفع أمر خارجي مترتب علي المضاربة لا أنها عبارة عنه نعم يمكن إنشائها و ايجابها بالدفع كما يستفاد من بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يعطي المال مضاربة و ينهي أن يخرج به فخرج قال:

يضمن المال و الربح بينهما «1».

(2) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته في هذا المقام «المضاربة عبارة عن دفع الانسان مالا الي غيره ليتجر به علي أن يكون الربح بينهما، لا أن يكون تمام الربح للمالك و لا أن يكون تمامه للعامل» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(3) كبقية العقود المتقومة بالطرفين فتتوقف علي الايجاب و القبول انما الكلام في اثبات كونها من العقود المتقومة بالطرفين قال سيد المستمسك قدس سره في مقام اثبات كونها من العقود: «لما كان مفاد المضاربة خروج حصة من الربح من ملك صاحب المال و دخولها في ملك العامل و كان الخروج عن الملك قهرا خلاف قاعدة السلطنة علي المال كما أن الدخول في الملك قهرا خلاف قاعدة السلطنة علي النفس تعين أن يكون ذلك تحت ولاية المالك و العامل معا فيكون ذلك المفهوم

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أحكام المضاربة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 526

و يكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو نحو ذلك و لا يعتبر فيهما العربية و لا الماضوية (1).

______________________________

عقدا محتاجا الي الايجاب من احدهما و القبول من الاخر» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و يرد عليه ان ما افاده من التقريب و ان كان تاما

لكن لا يترتب عليه المدعي اذ لو فرض قيام الدليل علي صحة المضاربة نلتزم به و مجرد صحتها لا يستلزم كونها من العقود و ان شئت قلت لا اشكال في صحة المضاربة و كون الربح مشتركا بين المالك و العامل انما الكلام في كونها من العقود أو من الايقاعات مضافا الي أن تسلط العامل علي نفسه لا يستلزم كون قبوله مقوما للمضاربة فان الجعالة من الايقاعات و مع ذلك يتملك العامل الجعل بعمله مع كونه مسلطا علي نفسه و باختياره يتملك الجعل فالتسلط علي النفس لا يكون دليلا علي المدعي نعم الظاهر ان كونها من العقود متسالم عليه عندهم قال سيد المستمسك قدس سره: «دعوي الاجماع علي كون المضاربة من العقود المحتاجة الي الايجاب و القبول صريحة أو ظاهرة في كلام جماعة».

و قال في الحدائق: «قال العلامة في التذكرة: لا بد في هذه المعاملة من لفظ دال علي الرضا من المتعاقدين». و قال في الجواهر ما مضمونه: انه جعل العقد في التذكرة و القواعد من اركان هذه المعاملة و صفوة القول انه يظهر من كلماتهم في هذا المقام انه لا اشكال و لا كلام في كونها من العقود انما الكلام في بعض الخصوصيات و اللّه العالم.

(1) ان تم المدعي بالإجماع فهو و الا فيشكل الجزم به فانه لا مجال لإثباته بوجوب الوفاء «1» بالعقد لأنا ذكرنا سابقا ان دليل وجوب الوفاء بالعقد ناظر

______________________________

(1) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 527

[الثاني البلوغ و العقل و الاختيار في كل من المالك و العامل]

الثاني البلوغ و العقل و الاختيار في كل من المالك و العامل (1) و أما عدم الحجر من سفه أو فلس فهو انما يعتبر في المالك دون العامل (2).

______________________________

الي اثبات اللزوم و غير ناظر الي

الصحة كما انه لا مجال للتمسك بحلية التجارة عن تراض «1».

فان صدق التجارة علي غير البيع محل الاشكال و الكلام و علي هذا الأساس ينحصر الدليل في الاجماع نعم في هذه العجالة لا اري مانعا من التمسك ببعض الاطلاقات الواردة في أبواب المضاربة منها ما رواه عبد الملك بن عتبة قال سألت بعض هؤلاء يعني أبا يوسف و أبا حنيفة فقلت: اني لا أزال ادفع المال مضاربة الي الرجل فيقول: قد ضاع أو قد ذهب قال: فادفع اليه أكثره قرضا و الباقي مضاربة فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال: يجوز «2».

فان العنوان المسئول عنه عنوان المضاربة ففي كل مورد صدق هذا العنوان يترتب عليه حكمه عليه السلام بالجواز و مقتضاه كفاية كل مبرز لفظا كان أو فعلا كما ان مقتضاه جواز إنشائها بكل لفظ عربيا كان أو غيره ما ضويا كان أو غيره و لاحظ ما رواه ابن مسلم «3».

(1) هذه هي الشرائط العامة الجارية في جميع المعاملات و قد تعرض الماتن لها في كتاب البيع في شرائط المتعاقدين و شرحنا ما أفاده هناك فراجع.

(2) بتقريب انه لا دليل علي كون الحجر من سفه أو فلس مانعا عن التصرف في النفس فالمرجع الأدلة الاولية الدالة علي الجواز و حيث ان المالك يتصرف في ماله دون العامل يكون الاشتراط مخصوصا بالمالك و لا يجري في العامل و تفصيل

______________________________

(1) النساء/ 34

(2) الوسائل الباب 2 من احكام المضاربة الحديث 2

(3) لاحظ ص: 525

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 528

[الثالث تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك]

الثالث تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك (1) الا أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف اليه الاطلاق (2).

______________________________

الكلام موكول الي كتاب الحجر.

(1)

قال في المستمسك في شرح قول الماتن في هذا المقام «بلا خلاف كما في التذكرة بل ظاهر أنه لا خلاف فيه بين المسلمين، و قد ذكره الأصحاب شرطا للمضاربة علي نحو ذكر المسلمات من دون تعرض منهم لنقل خلاف أو اشكال فكأنه لا خلاف فيه بيننا» انتهي.

فان تم المدعي بالإجماع و التسالم فهو و الا فللمناقشة فيه مجال اذ تارة يكون المراد من عدم التعيين التردد و اخري يكون المراد منه أن لا يكون معلوما عند المتعاملين و ان كان معلوما في الواقع و يشار اليه بعنوان من العناوين أما علي الاول فلا اشكال في البطلان فان المردد لا واقع له و لا يصدق علي ما في الخارج و الا يلزم الخلف، و أما علي الثاني فلا مانع من الصحة الا من ناحية الغرر.

لاحظ ما رواه القاسم بن سلام باسناد متصل الي النبي صلي اللّه عليه و آله أنه نهي عن المجر الي أن قال و ذلك غرر «1».

و ما رواه أيضا باسناد متصل الي النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي عن المنابذة الي أن قال: و هذه يبوع كان اهل الجاهلية يتبايعونها فنهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عنها لأنها غرر كلها «2».

و فيه: ان الدليل اخص من المدعي اذ يمكن تصوير المجهول علي نحو لا يستلزم الغرر مضافا الي ضعف سند حديث النهي عن الغرر.

(2) اذ مع الانصراف يخرج عن كونه مجهولا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب عقد البيع الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب عقد البيع الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 529

[الرابع أن يكون الربح بينهما]

الرابع أن يكون الربح بينهما فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح المضاربة (1)

الا اذا اشترط عليه عمل متعلق بالتجارة (2).

[الخامس أن يكون العامل قادرا علي التجارة إذا كان المقصود مباشرته للعمل]

الخامس أن يكون العامل قادرا علي التجارة اذا كان المقصود مباشرته للعمل و أما اذا كان عاجزا عنه لم تصح هذا اذا اخذت المباشرة قيدا (3) و أما اذا كانت شرطا لم تبطل المضاربة (4) و لكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط (5) و أما اذا لم يكن لا هذا و لا ذاك و كان العامل عاجزا عن التجارة حتي مع الاستعانة بالغير بطلت المضاربة (6) و لا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الاول و طروه

______________________________

(1) يمكن الاستدلال عليه بأن المستفاد من نصوص الباب كون الربح مشتركا بين المالك و العامل فان لم يكن كذلك لا يكون العقد مصداقا للمضاربة مضافا الي أن الأصل عدم الجواز و لا مجال للاستدلال علي الصحة بدليل الشرط اذ قد ذكرنا في كتاب البيع ان دليل الشرط ليس مشرعا فيلزم احراز الجواز في الرتبة السابقة ثم اتمامه و الزامه بالشرط.

(2) بناء علي جواز تعدد العامل كما سيتعرض له في المسألة (20).

(3) اذ مع العجز لا موضوع للمقابلة بين الربح و المنفعة و بعبارة اخري كما ان الاجارة فاسدة مع فرض انتفاء المنفعة كذلك الحال في المقام و هذا ظاهر.

(4) لعدم ما يوجب البطلان.

(5) علي ما هو المقرر عندهم من جواز اشتراط الخيار و هذا مورد الاشكال مضافا الي أن عقد المضاربة جائز من الطرفين كما سيتعرض له في المسألة (8) فما فائدة جعل الخيار فيه فتأمل.

(6) اذ قد مر انه مع العجز لا مجال للصحة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 530

بعد حين فتنفسخ المضاربة من حين طرو العجز (1).

[مسائل]

[مسألة 1: الأقوي صحة المضاربة بغير الذهب و الفضة المسكوكين بسكة المعاملة من الأوراق النقدية و نحوها]

(مسألة 1): الاقوي صحة المضاربة بغير الذهب و الفضة المسكوكين بسكة المعاملة من الاوراق النقدية و نحوها (2)

و في صحتها بالمنفعة أو بالدين اشكال (3).

______________________________

(1) بل الصحيح أن يقال انه لا ينعقد صحيحا بالنسبة الي زمان طرو العجز لا أنه ينعقد صحيحا ثم يبطل فلاحظ.

(2) عن الجواهر: دعوي الاجماع بقسميه علي الاشتراط. و عن التذكرة:

نسبته الي علمائنا. و سيد المستمسك أفاد بأنه يكفي للاشتراط الأصل فان مقتضاه عدم صحة المضاربة بغير الذهب و الفضة المسكوكين بسكة المعاملة.

و الذي يختلج ببالي القاصر انه لا مانع من الأخذ باطلاق النصوص الواردة في المقام و هي كثيرة منها ما رواه محمد بن مسلم «1» فان المال مطلق و لا وجه لتقييده بخصوص الذهب و الفضة و مثله غيره في هذا الباب و في بقية الأبواب فلاحظها و الاشكال في الاستدلال بالنصوص بأنها ليست في مقام البيان من هذه الجهة فلا مجال للأخذ باطلاقها، في غير محله اذ اصالة البيان في جميع الموارد محكمة و بعبارة واضحة المال بماله من المفهوم يصدق علي الأوراق النقدية و مقتضي اطلاق كلام السائل شموله لها كما ان مقتضي القاعدة الأولية الاخذ بمقتضي اطلاق كلامه عليه السلام.

(3) ادعي الاجماع علي عدم الجواز و الانصاف ان الاشكال في محله اذ لا دليل علي كفاية المنفعة أو الدين و مقتضي الأصل الأولي عدم الجواز و يؤيده ادعاء الاجماع كما انه يؤيده أيضا ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قال أمير المؤمنين عليه السلام في رجل له علي رجل مال فيتقاضاه و لا يكون عنده

______________________________

(1) لاحظ ص: 525

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 531

[مسألة 2: لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال بيد العامل]

(مسألة 2): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال بيد العامل فلو كان بيد المالك و تصدي العامل للمعاملة صحت (1).

[مسألة 3: مقتضي عقد المضاربة الشركة في الربح]

(مسألة 3): مقتضي عقد المضاربة الشركة في الربح (2) و يكون لكل من العامل و المالك ما جعل له من الحصة نصفا أو ثلثا أو نحو ذلك (3).

______________________________

فيقول هو عندك مضاربة قال: لا يصلح حتي تقبضه منه «1».

(1) الانصاف ان الجزم بما أفاده مشكل اذ مضافا الي أن كون المال بيد المالك خلاف المتعارف الخارجي لو شك في الصحة و عدمها لا يكون دليل يقتضي الجواز فان النصوص الواردة في باب المضاربة لا تعرض لها لهذه الجهة و من ناحية اخري ان مقتضي الأصل الأولي عدم الجواز فما هو الدليل علي الجواز فلاحظ.

ان قلت: مقتضي اطلاق بعض النصوص عدم الاشتراط لاحظ ما رواه المرادي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقول للرجل أبتاع لك متاعا و الربح بيني و بينك قال: لا بأس «2».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية عدم الاشتراط قلت مقتضي اطلاق هذه الرواية كفاية الاشتراء بالذمة و هل يمكن الالتزام به؟. و ان شئت قلت: صدق عنوان المضاربة مع كون المال بيد العامل مورد الاشكال فالاشكال في تحقق الموضوع.

(2) كما هو ظاهر نصا و فتوي.

(3) كما هو مقتضي العقد الواقع عليه و يستفاد المدعي من بعض النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من احكام المضاربة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 3 من احكام المضاربة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 532

و اذا وقع فاسدا كان للعامل اجرة المثل و للمالك تمام الربح (1).

[مسألة 4: يجب علي العامل أن يقتصر علي التصرف المأذون فيه]

(مسألة 4): يجب علي العامل أن يقتصر علي التصرف المأذون فيه فلا يجوز التعدي عنه فلو أمره ان يبيعه بسعر معين أو بلد معين أو سوق معين أو جنس كذلك فلا يجوز التعدي عنه (2) و لو تعدي الي غيره

لم ينفذ تصرفه و توقف علي اجازة المالك (3).

[مسألة 5: لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال معلوما قدرا و وصفا]

(مسألة 5): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال معلوما قدرا و وصفا (4) كما لا يعتبر أن يكون معينا فلو أحضر المالك مالين

______________________________

لاحظ ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال قضي علي عليه السلام في تاجر اتجر بمال و اشترط نصف الربح فليس علي المضاربة ضمان «1».

(1) أما كون اجرة المثل للعامل فلقاعدة ما يضمن و لقاعدة الأقدام فان عمل العامل لا يكون مبنيا علي المجانية و حيث ان المضاربة فرضت فاسدة يكون له اجرة مثل عمله و أما كون الربح للمالك فلأن الربح تابع للأصل و المفروض صحة المعاملة حيث انها وقعت باذن المالك انما الفاسد المضاربة فلاحظ.

(2) تصرف العامل في المال اما تصرف خارجي و اما تصرف اعتباري و علي كلا التقديرين منوط بنظر المالك و يتوقف علي اذنه و الا يكون التصرف الخارجي حراما و التصرف الاعتباري باطلا و هذا واضح ظاهر مضافا الي دلالة النصوص علي المدعي فلاحظ.

(3) لأنه مع التعدي تكون المعاملة فضولية تحتاج الي الاجازة من المالك.

(4) تارة يشكل من ناحية عدم المقتضي و عدم اطلاق يقتضي الصحة و اخري من ناحية وجود المانع و هو لزوم الغرر أما الاشكال من الناحية الأولي فيمكن دفعه

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من احكام المضاربة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 533

و قال قارضتك باحدهما صحت و ان كان الاحوط أن يكون معلوما كذلك و معينا (1).

[مسألة 6: لا خسران علي العامل من دون تفريط]

(مسألة 6): لا خسران علي العامل من دون تفريط (2) و اذا اشترط المالك علي العامل أن تكون الخسارة عليهما كالربح في ضمن العقد فالظاهر بطلان الشرط (3) نعم لو اشترط علي العامل أن يتدارك الخسارة

______________________________

بالاطلاق المنعقد في جملة من

النصوص فانه اخذ في كثير من نصوص الباب عنوان دفع المال و مقتضي اطلاق هذا العنوان عدم تقيده بكونه معلوما قدرا أو وصفا، و أما الاشكال من الناحية الثانية ففيه اولا ان الجهل اعم من الغرر و ثانيا لا دليل علي بطلان الغرر علي نحو العموم و الاطلاق فلاحظ.

(1) تارة يراد بقوله باحدهما المردد و اخري يراد به التخيير أما الصورة الأولي فلا اشكال في بطلانها اذ المردد لا واقع له، و أما الصورة الثانية فان كان المراد باحدهما الاشارة الي المعين في الواقع بأن يراد ما يكون مطلوبا للعامل فالظاهر صحتها لأن مرجع الترديد الي المعين و أما اذا كان الايجاب معلقا علي قبول العامل فالظاهر فساده اذ المفروض توقف الايجاب علي القبول و الحال ان القبول يتوقف علي الايجاب الا أن يرجع الي تقديم القبول علي الايجاب و الجزم بجوازه مشكل لعدم الدليل.

(2) اذ لا مقتضي لضمانه مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه محمد بن قيس «1».

(3) و الوجه في البطلان كون الشرط المذكور مخالفا للشرع فتكون باطلا فان المستفاد من الدليل عدم كونه ضامنا فاشتراط الضمان علي خلاف المقرر الشرعي

______________________________

(1) لاحظ ص: 532

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 534

من كيسه اذا وقعت صح و لا بأس به (1).

[مسألة 7: إذا كان لشخص مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها فضاربه عليه صح]

(مسألة 7): اذا كان لشخص مال موجود في يد غيره امانة أو غيرها فضاربه عليه صح (2) و اذا كان المال في يده غصبا أو لغيره مما تكون اليد فيه يد ضمان فضاربه عليه فهل يرتفع الضمان بذلك أم لا قولان: الاقوي هو الاول، و ذلك لان عقد المضاربة في نفسه و ان لم يقتض رضا المالك ببقاء المال في يده

لما عرفت من أنه لا يعتبر في صحته كون المال بيد العامل الا ان عقد المضاربة من المالك علي ذلك المال قرينة عرفية علي رضاه ببقاء هذا المال في يده و تصرفه فيه نعم اذا لم تكن قرينة علي ذلك لم يرتفع الضمان (3).

[مسألة 8: عقد المضاربة جائز من الطرفين فيجوز لكل منهما فسخه]

(مسألة 8): عقد المضاربة جائز من الطرفين فيجوز لكل منهما فسخه (4).

______________________________

و هل يوجب بطلان العقد أم لا؟ مقتضي القاعدة صحة العقد و بعبارة اخري الشرط الفاسد لا يوجب فساد العقد.

(1) اذ هو شرط سائغ فلا مانع من الاشتراط و يشمله دليل نفوذ الشرط.

(2) اذ المقتضي للصحة موجود و الظاهر انه لا مانع منها فتصح.

(3) تقدم الاشكال في صحة المضاربة مع كون المال في يد المالك فعليه يكون قوام المضاربة بكون المال في يد العامل و يترتب عليه عدم الضمان اذ عقد المضاربة علي هذا الأساس يقتضي كون المال بيد العامل فلا مقتضي للضمان بعد تحقق المضاربة نعم لو قلنا بعدم الاشتراط المذكور كما هو مسلك الماتن فما أفاده من التفصيل تام فلاحظ.

(4) مقتضي وجوب الوفاء بالعقود لزوم عقد المضاربة كبقية العقود و انما

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 535

سواء كان قبل الشروع في العمل أم بعده كان قبل تحقق الربح أو بعده كما انه لا فرق في ذلك بين كونه مطلقا أو مقيدا الي أجل خاص (1).

[مسألة 9: لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو غيره إلا مع إذن المالك عموما أو خصوصا]

(مسألة 9): لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو غيره الا مع اذن المالك عموما أو خصوصا (2) و عليه فلو خلط بدون اذنه ضمن ما تلف تحت يده من ذلك المال (3) و لكن هذا لا يضر بصحة

______________________________

لا يلتزمون باللزوم للإجماع المدعي في المقام قال في الحدائق: «قد صرح جملة من الأصحاب بأنه لما كان القراض من العقود الجائزة فلكل من المالك و العامل فسخه» الخ. و عن المسالك دعوي عدم الخلاف و عن الجواهر الاجماع بقسميه عليه.

(1) بدعوي كون معقد الاجماع مطلقا و لولاه يشكل لعدم دليل لفظي، يؤخذ باطلاقه و للمناقشة

فيه مجال اذ كيف يمكن تحصيل الاجماع الكاشف علي المدعي علي نحو الاطلاق الا أن يقال حيث انه لا نص في المقام يكون الاجماع تعبديا لكن مع ذلك يكون للتأمل مجال قال في الحدائق: «قال في التذكرة: قد بينا ان القراض من العقود الجائزة من الطرفين كالوكالة و الشركة بل هو عينهما فانه وكالة في الابتداء ثم يصير شركة في الأثناء» الي آخر ما نقل عنه فانه يستفاد من هذا الكلام ان مستند الالتزام بالجواز كون المضاربة داخلة تحت عنوان الوكالة و الشركة.

(2) اذ التصرف في مال الغير حرام و المفروض صورة عدم الاذن من المالك.

(3) لقاعدة «علي اليد» مضافا الي النصوص الدالة علي الضمان في صورة مخالفة المالك لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الرجل يعطي المال فيقول له ايت ارض كذا و كذا و لا تجاوزها و اشتر منها، قال: فان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 536

المضاربة بل هي باقية علي حالها و الربح بينهما علي النسبة (1).

[مسألة 10: يجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه مصلحة]

(مسألة 10): يجوز للعامل مع اطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه مصلحة من حيث البائع و المشتري و نوع الجنس (2) نعم لا يجوز له أن يسافر به من دون اذن المالك (3) الا اذا كان هناك تعارف ينصرف الاطلاق اليه (4) و عليه فلو خالف و سافر و تلف المال ضمن (5).

______________________________

جاوزها و هلك المال فهو ضامن و ان اشتري متاعا فوضع فيه فهو عليه و ان ربح فهو بينهما «1».

و ما رواه الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في المال الذي يعمل به مضاربة له من الربح و ليس عليه من الوضيعة

شي ء الا أن يخالف امر صاحب المال فان العباس كان كثير المال و كان يعطي الرجال يعملون به مضاربة و يشترط عليهم أن لا ينزلوا بطن واد و لا يشتروا ذا كبد رطبة فان خالفت شيئا مما أمرتك به فانت ضامن المال «2» فانه يستفاد منهما و من غيرهما من النصوص ان عصيان العامل يوجب الضمان.

(1) اذ لا وجه لبطلانها و ان شئت قلت لا تكون المضاربة بهذا القيد فتكون المضاربة بحالها و الربح بينهما علي النسبة.

(2) كما هو ظاهر واضح اذ لا مقتضي لعدم الجواز.

(3) لأنه تصرف في مال الغير فلا يجوز مضافا الي دلالة النصوص علي المدعي فلاحظ.

(4) كما هو ظاهر.

(5) بمقتضي ضمان اليد و النصوص الواردة في المقام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من احكام المضاربة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من احكام المضاربة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 537

و كذا الحال في كل تصرف و عمل خارج عن عقد المضاربة (1).

[مسألة 11: مع اطلاق العقد يجوز البيع حالا و نسيئة]

(مسألة 11): مع اطلاق العقد يجوز البيع حالا و نسيئة (2) اذا كان البيع نسيئة أمرا متعارفا في الخارج ينصرف اليه الاطلاق (3) و أما اذا لم يكن أمرا متعارفا فلا يجوز بدون الاذن الخاص (4) و لو خالف و باع نسيئة فعندئذ ان استوفي الثمن قبل اطلاع المالك فهو (5) و ان اطلع المالك قبل الاستيفاء فان أجاز صح البيع (6).

______________________________

(1) لوحدة الملاك و حكم الأمثال واحد.

(2) كما هو ظاهر اذ مع الاطلاق و عدم ما يوجب التقييد يجوز ما يكون مصداقا للمطلق.

(3) لم يظهر لي وجه لهذا التقييد فان المانع عن الصحة انصراف المطلق عن مورد و اما الانصراف اليه فلا يكون شرطا للصحة بل يكفي صدق المطلق عليه

و شموله اياه الا أن يكون المراد من الانصراف ظهور اللفظ في الجامع بين الامرين.

(4) فان الجواز يحتاج الي الاذن و مع فرض عدم التعارف لا يشمله الاذن فلا يجوز التصرف لا خارجا و لا اعتبارا و بعبارة اخري التعارف الخارجي في المعاملات يمنع عن انعقاد الاطلاق.

(5) مقتضي القاعدة الأولية بطلان المعاملة و توقفها علي اجازة المالك لكون المعاملة فضولية و يترتب عليها اختصاص الربح بالمالك ان أجاز، لكن مقتضي بعض النصوص ان الربح بينهما علي خلاف القاعدة الأولية لاحظ ما رواه الحلبي «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان بيع العامل صحيح و الربح بينهما.

(6) اذ يصح العقد الفضولي بالاجازة كما هو المقرر عندهم و لكن مقتضي

______________________________

(1) لاحظ ص: 535

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 538

و الا بطل (1).

[مسألة 12: إطلاق العقد لا يقتضي بيع الجنس بالنقد]

(مسألة 12): اطلاق العقد لا يقتضي بيع الجنس بالنقد بل يجوز بيع الجنس بجنس آخر أيضا (2) نعم لو كان الجنس من الاجناس التي لا رغبة للناس فيها اصلا فعندئذ لا يجوز ذلك لانصراف الاطلاق عنه (3).

[مسألة 13: يجب علي العامل بعد عقد المضاربة العمل بما يعتاد بالنسبة اليه]

(مسألة 13): يجب علي العامل بعد عقد المضاربة العمل بما يعتاد بالنسبة اليه و عليه أن يتولي ما يتولاه التاجر لنفسه من الامور المتعارفة في التجارة اللائقة بحاله فيجوز له استئجار من يكون متعارفا استئجاره كالدلال و الحمال و الوزان و الكيال و المحل و ما شاكل ذلك و من هنا يظهر انه لو استأجر فيما كان المتعارف مباشرته فيه بنفسه فالاجرة من ماله لا من الوسط كما انه لو تولي ما يتعارف الاستئجار

______________________________

القاعدة أن يكون الربح مختصا بالمالك اذ المفروض ان العامل لم يعمل علي ما وقع عليه العقد و النصوص المشار اليها الدالة علي خلاف القاعدة لا تشمل المقام و يمكن أن يقال ان مقتضي اطلاق حديث الحلبي و غيره شموله للمقام أيضا فان اطلاق الحديث يقتضي الحكم بالصحة و لو مع عدم قبض الثمن فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر فان البيع الفضولي لا يصح الا بالاجازة الا أن يقال مقتضي اطلاق حديث الحلبي الصحة و لو مع عدم الاجازة اللهم الا أن يكون الحكم بالصحة مع عدم الاجازة خلاف المتسالم عليه بينهم.

(2) الأمر كما أفاده اذ لا مقتضي للانصراف.

(3) فان القرينة المقامية تقتضي الانصراف المذكور.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 539

له جاز له أن يأخذ الاجرة ان لم يتصد له مجانا (1).

[مسألة 14: نفقة سفر العامل من المأكل و المشرب و الملبس و المسكن و أجرة الركوب و غير ذلك مما يصدق عليه النفقة]

(مسألة 14): نفقة سفر العامل من المأكل و المشرب و الملبس و المسكن و اجرة الركوب و غير ذلك مما يصدق عليه النفقة من رأس المال اذا كان السفر باذن المالك و لم يشترط نفقته عليه و كذلك الحال بالاضافة الي كل ما يصرفه من الاموال في طريق التجارة نعم ما يصرفه مما لا تتوقف عليه التجارة فعلي نفسه و المراد من

النفقة هي اللائقة بحاله فلو أسرف حسب عليه نعم لو قتر علي نفسه أو صار ضيفا عند شخص لا يحسب له (2).

[مسألة 15: إذا كان شخص عاملا لاثنين أو أزيد أو عاملا لنفسه و لغيره توزع النفقة علي نسبة العملين علي الأظهر]

(مسألة 15): اذا كان شخص عاملا لاثنين أو ازيد أو عاملا لنفسه و لغيره توزع النفقة علي نسبة العملين علي الاظهر لا علي نسبة المالين كما قيل (3).

______________________________

(1) الظاهران ما افاده تام مطابق للقاعدة الأولية و لا يحتاج الي بحث و استدلال فان الميزان في هذه الموارد هو المتعارف بين الناس فاذا لم يقم دليل علي خلافه يكون المتعارف الخارجي هو المرجع فلاحظ.

(2) الأمر كما أفاده فان المضارب عامل للمالك و نفقته عليه علي ما هو المتعارف اللائق بحاله فاذا أسرف حسب عليه و أما لو قتر علي نفسه أو صار ضيفا فلا وجه للاحتساب له و لا مقتضي له و ان شئت قلت انه مأذون في صرف نفقته من مال المالك بحيث يصرف فيها لا أنه يأخذ هذا المقدار من مال المالك.

(3) الحق ما أفاده الماتن اذ لا وجه لملاحظة نسبة المالين فان كلا من العقدين اجنبي عن الاخر و لا بد من ملاحظة ان العمل في كل منهما بأي مقدار يقتضي فالميزان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 540

[مسألة 16: لا يشترط في استحقاق العامل النفقة تحقق الربح بل ينفق من أصل المال]

(مسألة 16): لا يشترط في استحقاق العامل النفقة تحقق الربح بل ينفق من اصل المال (1) نعم اذا حصل الربح بعد هذا تحسب منه و يعطي المالك تمام رأس ماله ثم يقسم الربح بينهما (2).

[مسألة 17: إذا مرض العامل في السفر فان لم يمنعه من شغله فله أخذ النفقة]

(مسألة 17): اذا مرض العامل في السفر فان لم يمنعه من شغله فله اخذ النفقة (3) نعم ليس له أخذ ما يحتاج اليه للبرء من المرض (4) و أما اذا منعه عن شغله فليس له اخذ النفقة (5).

______________________________

بالعمل لا بالمال.

(1) فان العامل كالمالك فربما تكون التجارة رابحة و اخري لا تكون فعلي كلا التقديرين العامل نائب عن المالك و نفقته عليه فلا يشترط في استحقاق النفقة تحقق الربح.

(2) فان الميزان في تحقق الربح و مقداره بعد اخراج المئونة و هذا أمر متعارف في باب التجارات و خلافه يحتاج الي عناية خاصة و لحاظ مخصوص فما أفاده تام.

(3) كما هو ظاهر اذ لا مقتضي لعدم الجواز بعد فرض كونه مشغولا بوظيفته و عدم كون المرض مانعا عن اشتغاله.

(4) الانصاف انه ليس لما ذكر ميزان منضبط بل لا بد من الاحالة الي العرف و ما يتعارف بين الناس و اذا وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي القاعدة عدم جواز الأخذ فان التصرف في مال الغير يتوقف علي الاذن و المفروض عدم احرازه فلا يجوز.

(5) الأمر كما ذكرنا فان الميزان هو العرف و المتعارف و لا يبعد اختلاف الموارد.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 541

[مسألة 18: إذا فسخ عقد المضاربة في اثناء السفر أو انفسخ فنفقة الرجوع عليه لا علي المال المضارب به]

(مسألة 18): اذا فسخ عقد المضاربة في اثناء السفر أو انفسخ فنفقة الرجوع عليه لا علي المال المضارب به (1).

[مسألة 19: إذا اختلف المالك و العامل في أنها مضاربة فاسدة أو قرض و لم يكن هناك دليل معين لأحدهما]

(مسألة 19): اذا اختلف المالك و العامل في أنها مضاربة فاسدة أو قرض و لم يكن هناك دليل معين لأحدهما فقد يكون الاختلاف من جهة ان العامل يدعي القرض ليكون الربح له و المالك يدعي المضاربة لئلا يكون عليه غير اجرة المثل و يكون الربح له ففي مثل ذلك يتوجه الحلف علي المالك و بعده يحكم بكون الربح للمالك و ثبوت اجرة المثل للعامل (2) و قد يكون من جهة ان المالك يدعي القرض لدفع الخسارة عن نفسه أو لعدم اشتغال ذمته للعامل بشي ء و العامل يدعي المضاربة الفاسدة فيحكم فيه بعد التحالف بكون الخسارة علي

______________________________

(1) اذ لا وجه لأخذه نفقة الرجوع من مال المالك بعد فرض ارتفاع العقد و انعدامه.

(2) اذ مقتضي الأصل عدم كونه قرضا فيكون المالك منكرا و عليه الحلف فيكون الربح للمالك لعدم ما يقتضي كون العامل شريكا نعم حيث ان عمله يكون محترما له اجرة المثل لكن العامل بدعواه القرض يكون مقرا بعدم استحقاقه الاجرة فكيف يجوز له الأخذ.

الا أن يقال: انه لا مجال لهذا الاشكال اذ المفروض ان العامل يري نفسه ذا حق غاية الأمر لا بسبب احترام عمله بل بسبب آخر و يمكن أن يقال: ان الترافع عند الحاكم لحسم مادة النزاع و حيث انه لا دليل علي القرض الذي يدعيه العامل و من ناحية اخري عمل العامل محترم و المالك معترف بعدم كون عمله مجانيا يحكم

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 542

المالك و عدم اشتغال ذمته للعامل هذا اذا كان الاختلاف بينهما في كونها مضاربة فاسدة أو قرضا

(1) و اما اذا كان الاختلاف بينهما في أنها مضاربة فاسدة او بضاعة فالظاهر في هذه الصورة أن يكون الربح تماما للمالك بعد حلف المالك و لا يكون للعامل اجرة المثل (2).

[مسألة 20: يجوز أن يكون المالك واحدا و العامل متعددا]

(مسألة 20): يجوز أن يكون المالك واحدا و العامل متعددا سواء أ كان المال واحدا أيضا أو كان متعددا و سواء أ كان العمال متساوين في مقدار الجعل في العمل أم كانوا متفاضلين و كذا يجوز أن يكون المالك متعددا و العامل واحدا (3).

______________________________

الحاكم بكون الربح للمالك و اجرة المثل للعامل و اللّه العالم بحقايق الامور.

(1) فان دعوي كل منهما مخالفة للأصل فتصل النوبة الي اليمين و بعد التحالف يحكم بكون الخسارة علي المالك لعدم دليل علي كون الخسارة علي العامل و خسارة كل عين علي مالكها بحسب القاعدة الأولية كما ان ضمان المالك للعامل علي خلاف الأصل فيحكم بعدمه و يمكن أن يقال انه لا تصل النوبة الي التحالف في مفروض الكلام لأن مرجع الدعوي الي دعوي العامل حقا علي المالك و انكار المالك تلك الدعوي فمقتضي القاعدة أن يحلف المالك فلا مجال للتحالف فلاحظ.

(2) أما كون تمام الربح للمالك فعلي طبق القاعدة الأولية أن نماء كل ملك تابع لذلك الملك و أما عدم الاجرة لعمل العامل فلعدم دليل عليه و ان شئت قلت: ان المالك لا يدعي حقا علي العامل بل ينفي حق العامل المدعي علي نفسه و أما العامل فهو يدعي أمرا مخالفا للأصل فعليه البينة و أما المالك فعليه الحلف و اللّه العالم.

(3) قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام «و الظاهر انه لا اشكال و لا خلاف في جميع ذلك فقد ذكر في كثير من الكتب من

دون تعرض لخلاف أو

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 543

[مسألة 21: إذا كان المال مشتركا بين شخصين و قارضا واحدا و اشترطا له النصف و تفاضلا في النصف الآخر]

(مسألة 21): اذا كان المال مشتركا بين شخصين و قارضا واحدا و اشترطا له النصف و تفاضلا في النصف الاخر بأن جعل لأحدهما أزيد من الاخر مع تساويهما في رأس المال أو تساويا فيه بأن كانت حصة كل منهما مساوية لحصة الاخر مع تفاضلهما في رأس المال فالظاهر بطلان المضاربة اذا لم تكن الزيادة في مقابل عمل (1) نعم لو كان المقصود من ذلك النقص علي حصة العامل بمعني ان احدهما قد جعل للعامل في العمل بماله أقلّ مما جعله الاخر مثلا جعل احدهما له ثلث ربح حصته و جعل الاخر له ثلثي ربح حصته صحت المضاربة (2).

[مسألة 22: تبطل المضاربة بموت كل من المالك و العامل]

(مسألة 22): تبطل المضاربة بموت كل من المالك و العامل

______________________________

تردد و يقتضيه اطلاق الأدلة» انتهي كلامه و مراده من الأدلة ان كان العمومات فقد مر أنها لا تشمل المقام و ان كان المراد النصوص الواردة في المقام فالانصاف انه لا يبعد أن يستفاد منها الاطلاق و ان ابيت عن الاطلاق فلا أقل من أن العرف يفهم عدم الفرق بين الموارد و يستفيد عموم الحكم و اللّه العالم.

(1) الذي يختلج ببالي القاصر في وجه عدم الجواز ان الشركة في المال تقتضي الشركة في الربح بالنسبة فالشرط المذكور مخالف للمقرر الشرعي الا أن تكون الزيادة في مقابل عمل فلا يكون منافيا للشركة لكن مقتضي هذا التقريب بطلان هذا الشرط و أما العقد فلا وجه لبطلانه لأنه ثبت في محله ان الشرط الفاسد لا يفسد العقد.

(2) اذ لا وجه للفساد فان اختيار مقدار الحصة للعامل بيد المالك.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 544

أما علي الاول فلفرض انتقال المال الي وارثه بعد موته فابقاء المال بيد العامل يحتاج الي مضاربة جديدة و

أما علي الثاني فلفرض اختصاص الاذن به (1).

[مسألة 23: لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلا في عمله أو يستأجر شخصا إلا بإذن المالك]

(مسألة 23): لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلا في عمله أو يستأجر شخصا الا باذن المالك كما لا يجوز أن يضارب غيره الا باذنه فلو فعل ذلك بدون اذنه و تلف ضمن (2) نعم لا باس بالاستئجار أو التوكيل في بعض المقدمات علي ما هو المتعارف في الخارج المنصرف اليه الاطلاق (3).

[مسألة 24: يجوز لكل من المالك و العامل أن يشترط علي الآخر في ضمن عقد المضاربة مالا أو عملا]

(مسألة 24): يجوز لكل من المالك و العامل أن يشترط علي الاخر في ضمن عقد المضاربة مالا أو عملا كخياطة ثوب أو نحوها أو ايقاع بيع أو صلح أو وكالة أو قرض أو نحو ذلك (4) و يجب الوفاء بهذا الشرط (5) سواء تحقق الربح بينهما أم لم يتحقق و سواء، أ كان

______________________________

(1) الأمر كما أفاده فان وجه البطلان كما قرره فلاحظ.

(2) كما هو ظاهر فان التصرف في مال الغير لا يجوز بغير اذنه فليس له أن يتصرف في مال المالك لا التصرف الخارجي و لا التصرف الاعتباري و مع هذا الفرض لو تصرف يكون ضامنا لقاعدة اليد.

(3) اذ المفروض شمول الاذن له فيجوز.

(4) فان المقتضي للاشتراط موجود و المانع مفقود فيصح الشرط بمقتضي دليل جوازه.

(5) بمقتضي دليل وجوب الوفاء به.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 545

عدم تحقق الربح من جهة مانع خارجي أم من جهة ترك العامل العمل بالتجارة (1).

[مسألة 25: مقتضي عقد المضاربة ملكية العامل لحصته من حين ظهور الربح]

(مسألة 25): مقتضي عقد المضاربة ملكية العامل لحصته من حين ظهور الربح و لا تتوقف علي الانضاض أو القسمة (2).

______________________________

(1) فان الشرط نافذ و لا وجه للتفريق بين الموارد و ما ذكر من الامور، لا وجه لأن يكون مانعا بعد اطلاق الدليل و عدم ما يصلح أن يكون مانعا فلاحظ.

(2) عن المسالك انه لا يكاد يتحقق فيه مخالف و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه محمد بن قيس (ميسر) قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل دفع الي رجل الف درهم مضاربة فاشتري أباه و هو لا يعلم، فقال يقوم فاذا زاد درهما واحدا اعتق و استسعي في مال الرجل «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان العامل يملك الربح بمجرد الظهور اذ لولاه لم

يكن وجه للانعتاق فوجه الانعتاق صيرورة العامل مالكا بمقدار حصته و هذا هو المدعي. مضافا الي أن مقتضي عقد المضاربة كون الربح بينهما و المفروض تحققه فيكون بينهما و لأن الربح مملوك بلا اشكال و لا يكون بتمامه ملكا للمالك فيكون مقدار منه مملوكا للعامل و لإطلاق النصوص الدالة علي أن الربح بينهما و المفروض تحققه فيكون مملوكا لهما بالاشتراك.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 545

و عن الجواهر الاشكال في القول المشهور بأن الربح غير موجود خارجي بل امر و همي و ليس قابلا لأن يملك و أجاب عن هذا الاشكال سيد المستمسك قدس سره بقوله: «ان المراد من الربح في باب المضاربة الذي يشترك فيه المالك و العامل الحصة من العين الزائدة علي مقدار رأس المال مالية لا الربح اللغوي

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من احكام المضاربة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 546

______________________________

و العرفي كما يقوله في الجواهر كي يتوجه عليه ما ذكره من الاشكال» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه.

و الذي يختلج ببالي القاصر ان يقال انه ما المانع من الالتزام بالشركة في المالية نظير ارث الزوجة من البناء و نظير شركة الفقير في المال الزكوي علي ما هو المعروف عندهم فلا يلزم أن تكون الحصة من العين مملوكة كي يقال انه لا دليل علي الاشتراك في العين و اشتراك الربح لا يستلزم الاشتراك في العين.

و صفوة القول انه لا نري مانعا من كون المقام داخلا في الشركة في المالية و لا يتوجه اشكال صاحب الجواهر قدس سره بأن الربح موهوم فانه كيف يكون

موهوما و الحال انه يبذل لأجله الثمن و يصدق زيادة المالية و يتعلق به الخمس هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الملكية امر اعتباري لا يلزم تعلقه بموجود خارجي و يؤيد ما ذكرنا ما أفاده السيد اليزدي قدس سره في عروته في مسئلة (34) من كتاب المضاربة و كون القيمة امرا وهميا ممنوع هذا ما يخطر ببالي مع اعترافي بقصوري و قلة بضاعتي و اللّه المستعان.

لكن الذي يستفاد من كلام الأصحاب في هذا المقام ان العامل يملك حصة من العين بالنسبة قال السيد اليزدي قدس سره في العروة في مسئلة (34) من احكام المضاربة: ادعي الاتفاق علي عدم كون مقدار حصة العامل من الربح للمالك الخ.

و قال السيد الاصفهاني قدس سره في الوسيلة في مسئلة (27) من كتاب المضاربة: «الظاهر صيرورة العامل شريكا مع المالك في نفس العين الموجودة بالنسبة فيصح له مطالبة القسمة و له التصرف في حصته من البيع و الصلح».

و قال سيدي الوالد قدس سره في الذخيرة في مسئلة (31) من كتاب المضاربة يملك العامل حصته من الربح الي أن قال: و صحة تصرفاته فيه بالبيع الخ.

فالمتحصل من كلام الأصحاب في المقام اشتراك العامل مع المالك في نفس

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 547

نعم لو عرض بعد ذلك خسران أو تلف يجبر به الي أن تستقر ملكية العامل (1) و هل يكفي في الاستقرار قسمة تمام الربح بينهما فحسب من دون فسخ المضاربة أو لا يكفي؟ وجهان الظاهر هو الاول (2) و عليه

______________________________

العين الخارجية لا في الربح بالمعني العرفي اللغوي و هذا القول اي تحقق ملكية العامل بظهور الربح هو المشهور بين الأصحاب و في قبال هذا القول اقوال اخر منها

أن العامل لا يملك الا بالانضاض بدعوي ان قبله لا وجود للربح كي يملك و قد ظهر الجواب عن هذا التقريب بما ذكرنا و الذي يشهد لفساد هذه الدعوي ان المالك ليس له الفسخ و الاستقلال بالعين و أيضا يكون للعامل حق المطالبة بالقسمة فلاحظ.

و منها: أن يصير ملكا بالقسمة و استدل لهذا القول علي ما قيل: بأنه لو ملك قبل القسمة يلزم أن يكون النقصان الحادث بعد ذلك شايعا في المال كسائر الأموال المشتركة و أيضا لازمه اختصاص العامل بربح ما ملكه و يذب الاشكال بأن ملكه قبل القسمة متزلزل فلا يستقر الا ببقاء المال سالما و أيضا مقتضي جعل مقدار من الربح و تعينه مانع عن الزائد عليه.

مضافا الي أن الاشكال متوجه علي القول بكون الحصة من العين مملوكة للعامل و أما علي القول بالشركة في المالية فلا لكنه قد مر ان المتسالم عليه عندهم اشتراكه في نفس العين بالنسبة.

و منها: ان القسمة كاشفة عن الملك السابق و ربما يستدل عليه بأن القسمة بنفسها لا تكون مملكة فتكون كاشفة عن الملك و هذا القول لا ينافي القول المشهور و كيف كان الحق ما ذهب اليه المشهور.

(1) كما هو مقتضي عقد المضاربة اذ الربح انما يقسم بعد اخراج المئونة و تدارك الخسارة و ان شئت قلت: ان الربح وقاية لرأس المال فلاحظ.

(2) يظهر من كلام الجواهر: انه تتصور في المقام صور:

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 548

فلا يكون التلف بعد القسمة محسوبا من الربح (1).

______________________________

الصورة الأولي: أن ينضم الي الظهور الانضاض مع الفسخ و القسمة قال قدس سره: «لا ريب في الاستقرار حينئذ ضرورة انتهاء العقد بجميع توابعه مع تراضيهما بذلك». و الأمر كما افاده

فان المفروض انتهاء امر المضاربة بتمام معني الكلمة و ان شئت قلت: لا كلام عندهم في الاستقرار في هذا الفرض.

الصورة الثانية: الصورة بحالها مع عدم القسمة و يمكن أن يقال- كما عن جملة من الأساطين-: انه يستقر الملك في هذه الصورة بتقريب ان رأس المال ناض و العقد مرتفع بالفسخ و لا مجال لاستصحاب بقاء حكم المضاربة اذ فيه مضافا الي أن المفروض انتفاء الموضوع معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد و الانصاف ان هذا القول وجيه.

الصورة الثالثة: أن يفسخ العقد بلا أن ينض المال فان حصلت القسمة يستقر اذ المفروض انقطاع حكم القراض بالفسخ.

الصورة الرابعة: أن تحصل القسمة فقط قال في الجواهر: «و لا ريب في عدم مدخليته في الاستقرار» الي آخر كلامه.

اذا عرفت ما تقدم نقول لا يبعد أن يقال ان الموجب للاستقرار هو الفسخ فانه بالفسخ يرتفع العقد و ينتهي امد المعاملة فلا مجال لترتيب احكامها فكل من المالك و العامل يختص بحصته و يستقر ملك العامل فالخسران المتأخر عن الفسخ لا يتوجه اليه و اللّه العالم بحقايق الامور.

(1) بل التلف بعد الفسخ لا يتوجه الي العامل كما تقدم لكن مع عدم القسمة لا بد من الالتزام بالاشاعة و مع فرض الاشاعة يتوجه الضرر الي كليهما بمقتضي الاشاعة فلاحظ و صفوة القول: انه مع الاشاعة لا بد من الالتزام باشتراك الضرر

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 549

[مسألة 26: إذا ظهر الربح و تحقق في الخارج فطلب أحدهما قسمته]

(مسألة 26): اذا ظهر الربح و تحقق في الخارج فطلب احدهما قسمته فان رضي الاخر فلا مانع منها (1) و ان لم يرض فان كان هو المالك فليس للعامل اجباره عليها (2) و ان كان هو العامل فالظاهر ان للمالك اجباره عليها (3) و ان اقتسماه ثم

عرض الخسران فان حصل بعده ربح جبر به اذا كان بمقداره او اكثر و أما اذا كان الاقل منه وجب علي العامل رد أقلّ الامرين من مقدار الخسران و ما اخذه من

______________________________

أيضا.

(1) كما هو ظاهر اذ مع توافقهما علي القسمة لا مجال لعدم صحتها.

(2) استدل علي المدعي بلزوم الضرر لاحتمال الخسران بعد ذلك. و اورد عليه بأن احتمال الضرر باحتمال الخسران غير مطرد مع انه لا يمنع عن القسمة و انما يمنع عن وجوب تمكين العامل من حصته مضافا الي امكان تدارك الضرر المحتمل بأخذ الكفيل و يضاف الي ذلك كله ان احتمال الضرر المالي غير منفي و غير مأخوذ موضوعا للأحكام و انما المأخوذ الضرر النفسي و يمكن أن يقال في وجه عدم الاجبار ان العقد باق بحاله و لم يفسخ فلا مقتضي لالتزام المالك بالقسمة و بعبارة اخري ما دام العقد باقيا لا وجه للالتزام بالتقسيم.

(3) قال السيد اليزدي في عروته: «قيل و ان لم يرض العامل فكذلك أيضا لأنه لو حصل الخسران وجب عليه رد ما أخذه و لعله لا يقدر بعد ذلك عليه لفواته في يده و هو ضرر عليه. و فيه ان هذا لا يعد ضررا فالأقوي انه يجبر اذا طلب المالك» انتهي.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالتقريب المتقدم و هو ان العقد باق فلا وجه للإجبار و طريق الاحتياط ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 550

الربح (1) و كذلك الحال فيما اذا باع العامل حصته من الربح أو وهبها أو نحو ذلك ثم طرأت الخسارة علي مال المضاربة غاية الامران علي العامل في هذه الصورة دفع أقلّ الامرين من قيمة ما باعه أو وهبه و مقدار الخسران (2) و لا

يكشف الخسران اللاحق عن بطلان البيع أو الهبة أو نحوهما بل هو في حكم التلف (3).

[مسألة 27: لا فرق في جبر الخسارة بالربح بين الربح السابق و اللاحق ما دام عقد المضاربة باقيا]

(مسألة 27): لا فرق في جبر الخسارة بالربح بين الربح السابق و اللاحق ما دام عقد المضاربة باقيا (4) بل الاظهر الجبر و ان كانت الخسارة قبل الشروع في التجارة كما اذا سرق في اثناء سفر التجارة قبل الشروع فيها أو في البلد قبل الشروع في السفر هذا في تلف

______________________________

(1) بتقريب ان حكمه متزلزل فلا بد من جبران الخسارة به و لا يبعد ان ما افاده في المقام يناقض ما تقدم منه في الفرع السابق حيث حكم بأن التلف بعد القسمة لا يكون محسوبا من الربح.

(2) بعين التقريب.

(3) لأن المفروض ان التصرف وقع من المالك في ملكه فلا وجه لفساده.

غاية الأمر يكون حكمه حكم تلف الربح فالعامل ضامن لذلك المقدار و بعبارة واضحة ان ملك العامل يتحقق حين ظهور الربح و الخسران المتأخر لا يكشف عن عدمه غاية الأمر اذا تحقق الخسران يرجع و يخرج عن ملكه فالمراد من التزلزل و عدم الاستقرار عوده بعد ثبوته لا عدم تحققه أصلا هذا فيما يكون باقيا و أما لو تلف بالبيع و نحوه يكون العامل ضامنا للبدل.

(4) كما هو مقتضي عقد المضاربة فان بنائه علي جبران الخسارات بالأرباح و الشركة في الربح بعد التصفية.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 551

البعض (1) و أما لو تلف الجميع قبل الشروع في التجارة فالظاهر انه موجب لبطلان المضاربة هذا في التلف السماوي (2) و أما اذا أتلفه العامل أو الاجنبي فالمضاربة لا تبطل اذا ادي المتلف بدل التالف (3).

[مسألة 28: فسخ عقد المضاربة او انفساخه تارة يكون قبل الشروع في العمل و اخري بعده و قبل ظهور الربح]

(مسألة 28): فسخ عقد المضاربة او انفساخه تارة يكون قبل الشروع في العمل و اخري بعده و قبل ظهور الربح و علي كلا التقديرين لا شي ء للمالك و لا عليه و كذا

العامل من دون فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو المالك (4) نعم لو كان الفسخ من العامل بعد السفر باذن المالك و صرف مقدار من رأس المال في نفقته فالاحتياط في هذه الصورة لا يترك (5) و اذا كان الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح

______________________________

(1) اذ المفروض تحقق عقد المضاربة فلا فرق في الخسارة المجبورة بالربح بين القبل و البعد.

(2) اذ مع التلف السماوي لا موضوع للعقد فيبطل بنفسه و هذا ظاهر.

(3) اذ بدل التالف يقوم مقامه بقانون بدلية البدل و فيه تأمل الا أن يشمله عقد المضاربة.

(4) لعدم المقتضي.

(5) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن مقتضي الصناعة انه ليس علي العامل شي ء فان مقتضي قانون المضاربة أن يكون المصارف علي المالك و من ناحية اخري ان العامل له الفسخ كما ان للمالك نعم اذا كان العامل قاصدا للفسخ من اول الأمر و ان اقدامه بالمعاقدة لأجل السفر و بذل نفقة السفر من كيس المالك فيمكن أن يقال بأن شمول اطلاق الدليل اياه مشكل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 552

فان رضي كل من المالك و العامل بالقسمة فلا كلام (1) و ان لم يرض احدهما اجبر عليها (2).

[مسألة 29: إذا كانت في مال المضاربة ديون فهل يجب علي العامل أخذها بعد الفسخ أو الانفساخ أو لا؟]

(مسألة 29): اذا كانت في مال المضاربة ديون فهل يجب علي العامل اخذها بعد الفسخ أو الانفساخ اولا؟ وجهان و الوجوب ان لم يكن اقوي فهو احوط (3) نعم لا يجب علي العامل بعده الا التخلية بين المالك و بين ماله و أما الايصال اليه فلا يحب الا اذا أرسله الي بلد آخر فعندئذ الاظهر وجوب الرد الي بلده (4).

[مسألة 30: إذا اختلف المالك و العامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل]

(مسألة 30): اذا اختلف المالك و العامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل بأن يدعي المالك الزيادة و انكرها العامل

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) اذ المفروض تحقق الشركة فلكل منهما افراز حقه و لا حق للاخر أن يمنع فيجبر و اللّه العالم.

(3) مقتضي القاعدة الاولية عدم الوجوب بعد فرض فسخ العقد و انتهاء المعاملة و لكن اذا دلت القرائن علي اذن المالك بالإدانة مشروطا بالاستيفاء و بعبارة اخري لو دلت القرائن علي لزوم جباية الديون بعد الفسخ يجب عليه و هذا يختلف بحسب اختلاف الموارد.

(4) الظاهر ان هذه الامور ليس لها ميزان منضبط فكل امر متعارف و متداول في المعاملات الواقعة بين العقلاء و العرف لا بد من رعايته و في غيره يكون الأمر تابعا للقرائن الشخصية فلو لم يكن متعارف في الخارج و لم يكن دليل خاص علي امر يكون مقتضي القاعدة عدم وجوب أمر علي العامل بعد الفسخ فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 553

قدم قول العامل مع يمينه اذا لم تكن للمالك بينة عليها و لا فرق في ذلك بين كون رأس المال موجودا أو تالفا مع ضمان العامل و اذا اختلفا في مقدار نصيب العامل بأن يدعي المالك الاقل و العامل يدعي الاكثر فالقول قول المالك (1).

[مسألة 31: إذا ادعي المالك علي العامل الخيانة و التفريط فالقول قول العامل]

(مسألة 31): اذا ادعي المالك علي العامل الخيانة و التفريط فالقول قول العامل (2) نعم لو ادعي المالك علي العامل انه شرط عليه بأن لا يشتري الجنس الفلاني أو لا يبيع من فلان أو نحو ذلك و العامل ينكره فالقول قول المالك فان الشك يرجع الي أن المالك هل اذن فيما يدعيه العامل أم لا فالاصل عدمه (3).

______________________________

(1) ما أفاده ظاهر واضح فان البينة علي

المدعي و اليمين علي من انكر، و بمقتضي هذه القاعدة يكون قول العامل في القسم الأول من الدعوي موافقا مع الأصل و البينة علي المالك كما ان قول المالك في القسم الثاني موافقا مع الأصل فالبينة علي العامل فلاحظ.

(2) فان قول المالك المدعي للخيانة مخالف للأصل فلا بد له من اقامة البينة.

(3) الذي يختلج ببالي القاصر انه لا بد من التفصيل بأن نقول كل عمل صادر من العامل اذا كان محتاجا الي اذن خاص من المالك فاذا ادعي العامل الاذن و المالك انكره يكون قول المالك موافقا مع الأصل و البينة علي العامل و أما كل فعل صادر من العامل يكون جائزا علي طبق عقد المضاربة و عدم جوازه يشترط فيه بمنع من المالك فادعي المالك المنع و يكون العامل منكرا تكون البينة علي المالك لكون قوله مخالفا مع الأصل و اليمين علي العامل الا أن يقال ان مرجع نزاع العامل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 554

[مسألة 32: لو ادعي العامل التلف و انكره المالك قدم قول العامل]

(مسألة 32): لو ادعي العامل التلف و انكره المالك قدم قول العامل و كذا الحال اذا ادعي الخسارة (1) أو عدم الربح أو عدم حصول المطالبات مع فرض كونه مأذونا في معاملات النسيئة (2) و لا فرق في سماع قول العامل في هذه الفروض بين أن يكون الدعوي قبل فسخ المضاربة او بعده (3) بل الاظهر سماع قوله حتي فيما اذا ادعي بعد الفسخ التلف بعده (4).

[مسألة 33: إذا مات العامل و كان عنده مال المضاربة]

(مسألة 33): اذا مات العامل و كان عنده مال المضاربة فان كان

______________________________

و المالك في مثله الي دعوي العامل أمرا ينكره المالك فتكون البينة علي العامل اللهم الا أن يكون قوله موافقا للظاهر المعتبر فلاحظ.

(1) عن الجواهر: بلا اشكال و لا خلاف و يمكن الاستدلال ببعض النصوص لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس لك أن تأتمن من خانك و لا تتهم من ائتمنت «1». و ما رواه مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عن ابيه عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ليس لك أن تتهم من قد ائتمنته و لا تأتمن الخائن و قد جربته 2 فان المستفاد من الحديثين انه لا يجوز اتهام الأمين.

(2) لما تقدم مضافا الي أن قوله موافق مع اصالة العدم.

(3) اذ المفروض انه امين و ليس علي الأمين الا اليمين.

(4) بتقريب ان العرف يفهم من ادلة عدم ضمان الأمين انه لا مجال لاتهامه بالخيانة و القول قوله بيمينه و لا يبعد أن نقول بتمامية التقريب المذكور و اللّه العالم.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 4 من احكام الوديعة الحديث: 9 و 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 555

معلوما بعينه فلا كلام

(1) و ان علم بوجوده في التركة من غير تعيين فيأخذ المالك مقدار ماله منها (2) و لا يكون المالك شريكا مع الورثة بالنسبة علي الاظهر الاقوي (3).

[مسألة 34: إذا كان رأس المال مشتركا بين شخصين فضاربا واحدا ثم فسخ أحد الشريكين دون الآخر]

(مسألة 34): اذا كان رأس المال مشتركا بين شخصين فضاربا واحدا ثم فسخ احد الشريكين دون الاخر فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالاضافة الي حصة الاخر (4).

______________________________

(1) كما هو واضح ظاهر.

(2) لم يعلم وجهه مع عدم تميزه و لا يبعد أن يكون المورد من موارد جريان القرعة فانها لكل أمر مشكل.

(3) لعدم ما يقتضي الشركة فان مجرد الاختلاط الخارجي مع تميز البعض عن البعض الاخر لا يقتضي الشركة و النص الوارد في المقام ضعيف سندا و هو ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن آبائه عن علي عليهم السلام انه كان يقول:

من يموت و عنده مال مضاربة قال: ان سماه بعينه قبل موته فقال هذا لفلان فهو له و ان مات و لم يذكر فهو اسوة الغرماء «1».

(4) اذ لا وجه لانفساخ الاخر و بعبارة اخري المفروض تحقق المضاربة مع كل منهما فلكل واحد حكمه لكن يشكل الجزم به فان المفروض عقد واحد و مضاربة واحدة فكيف يمكن انفساخ بعضه و بقاء الاخر و بتعبير واضح ان العقد واحد علي الفرض فكيف يمكن الالتزام بانفساخه و بقائه بل يشكل فسخ احدهما دون الاخر مع فرض كون العقد واحدا اذ العقد الواحد له خيار واحد و الا يلزم جواز الأخذ بخيار المجلس بالنسبة الي بعض المبيع و هل يمكن الالتزام به، نعم اذا كان كل

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من المضاربة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 556

[مسألة 35: إذا أخذ العامل مال المضاربة و أبقاه عنده و لم يتجر به إلي مدة قليلة أو كثيرة]

(مسألة 35): اذا اخذ العامل مال المضاربة و أبقاه عنده و لم يتجربه الي مدة قليلة أو كثيرة لم يستحق المالك عليه غير أصل المال و ان كان عاصيا في تعطيل مال الغير (1).

[مسألة 36: إذا اشترط العامل علي المالك في عقد المضاربة عدم كون الربح جابرا للخسران المتقدم علي الربح أو المتأخر عنه]

(مسألة 36): اذا اشترط العامل علي المالك في عقد المضاربة عدم كون الربح جابرا للخسران المتقدم علي الربح أو المتأخر عنه فالظاهر الصحة (2).

______________________________

واحد منهما ضارب واحدا لا علي نحو الاشتراك فلا مانع من الالتزام بما افيد في المتن لأن العقد متعدد و يترتب علي كل واحد حكمه فلاحظ.

(1) لعدم موجب للضمان و مجرد العصيان و المخالفة لا يوجب الضمان كما هو ظاهر.

(2) الذي يختلج ببالي القاصر أنّ هذا الشرط لا يصح لأنه خلاف المقرر الشرعي فان المستفاد من الدليل ان المضاربة تقتضي شرعا أن يكون الربح بين المالك و العامل و يكون الخسران علي المال لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن مال المضاربة، قال: الربح بينهما و الوضيعة علي المال «1»

فان المستفاد من هذا الحديث ان الخسران وارد علي المال و لكن الربح بينهما و بعبارة اخري المستفاد من الرواية ان الخسران الوارد علي المال لا يجبر بشي ء لا من مال المالك و لا من مال العامل و لا يخرج بازائه شي ء من كيس المتعاملين و أما الربح الحاصل فيدخل في كيسهما.

مضافا الي ما أفاده سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام بقوله: هذا من

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من احكام المضاربة الحديث 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 557

اشارة

كتاب الوديعة و هي من العقود الجائزة (1) و مفادها الائتمان في الحفظ (2).

[مسألة 1: يجب حفظ العين]

(مسألة 1): يجب حفظ العين (3).

______________________________

الأحكام المسلمة بينهم و في المسالك انه محل وفاق و يقتضيه ما عرفت من ان الربح المجعول للعامل ما زاد علي تدارك النقص المالي الحادث من خسران أو تلف» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و في المراجعة الأخيرة لم نعثر علي كلامه و كيف كان الاشتراط المذكور خلاف الحكم الشرعي فيكون باطلا و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و الصلاة و السلام علي محمد و آله الطاهرين المعصومين و السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين و رحمة اللّه و بركاته.

(1) بلا اشكال و لا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه و هو الحجة في تخصيص الاية و غيرها من ادلة اللزوم هكذا في الجواهر.

(2) فهي الامانة بالمعني الأخص.

(3) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الاول: الاجماع بل لا يبعد أن يقال وجوب حفظ الامانة من الأحكام القطعية فلا مجال للنقاش في الاجماع من حيث احتمال كونه مدركيا. الثاني: انه من مقتضيات العقد فان مرجع عقد الوديعة الي الاستنابة في الحفظ.

الثالث: الآيات: منها قوله تعالي: إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا «1».

______________________________

(1) النساء/ 58

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 558

______________________________

و منها قوله تعالي فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمٰانَتَهُ «1».

و الروايات: منها ما رواه أبو كهمس عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: عبد اللّه بن أبي يعفور يقرأك السلام، قال: و عليك و عليه السلام، اذا أتيت عبد اللّه فأقرئه السلام و قل له ان جعفر بن محمد يقول لك: انظر ما بلغ به علي

عند رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فالزمه، فان عليا عليه السلام انما بلغ ما بلغ به عند رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بصدق الحديث و أداء الأمانة «2».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تغتروا بكثرة صلاتهم و لا بصيامهم فان الرجل ربما لهج بالصلاة و الصوم حتي لو تركه استوحش و لكن اختبروهم عند صدق الحديث و اداء الأمانة «3».

و منها: مرفوعة أبي طالب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تنظروا الي طول ركوع الرجل و سجوده فان ذلك شي ء اعتاده فلو تركه استوحش لذلك و لكن انظروا الي صدق حديثه و اداء امانته «4».

و منها: ما رواه سدير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال ابو ذر: سمعت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يقول: حافتا الصراط يوم القيمة الرحم و الأمانة، فاذا مر الوصول للرحم المؤدي للأمانة نفذ الي الجنة، و اذا مر الخائن للأمانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل، و تكفأ به الصراط في النار «5».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن سيابة عن ابي عبد اللّه عليه السلام (في حديث)

______________________________

(1) البقرة/ 283

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب أحكام الوديعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 559

______________________________

قال: ألا اوصيك؟ قلت: بلي، قال: عليك بصدق الحديث و أداء الأمانة تشرك الناس في اموالهم هكذا، و جمع بين اصابعه قال: فحفظت ذلك عنه فزكيت ثلاثمائة الف درهم «1».

و منها: ما رواه ابن أبي العلاء عن الصادق عليه السلام قال: احب العباد الي اللّه عز و

جل رجل صدوق في حديثه محافظ علي صلاته و ما افترض اللّه عليه مع اداء الامانة، ثم قال: من اؤتمن علي امانة فأداها فقد حل الف عقدة من عنقه من عقد النار، فباد روا باداء الامانة فان من اؤتمن علي امانة و كل به ابليس مأئة شيطان من مردة اعوانه ليضلوه، و يوسوسوا اليه حتي يهلكوه الا من عصمه اللّه «2».

و منها: ما رواه ابراهيم بن محمد الهمداني عن محمد بن علي الجواد عليهما السلام عن ابيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال: لا تنظروا الي كثرة صلاتهم و صومهم و كثرة الحج و المعروف و طنطنتهم بالليل، انظروا الي صدق الحديث و اداء الامانة «3».

و منها: ما رواه أبو ولاد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان ابي يقول: اربع من كن فيه كمل ايمانه و لو كان ما بين قرنه الي قدمه ذنوبا لم ينقصه ذلك قال:

هي الصدق و اداء الامانة و الحياء و حسن الخلق «4».

و منها: ما رواه موسي بن بكر عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: اهل الارض بخير ما يخافون و ادوا الامانة و عملوا بالحق «5» الي غيرها من الروايات لاحظ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 9

(5) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 560

بمجري العادة (1) و اذا عين المالك محرزا تعين (2) فلو خالف ضمن (3) إلا مع الخوف اذا لم ينص المالك علي الخوف (4) و الا ضمن حتي مع الخوف (5) و كذا يضمن لو تصرف فيها تصرفا منافيا للاستئمان و موجبا

______________________________

النصوص الدالة علي المدعي في الباب الثاني، من أبواب أحكام

الوديعة من الوسائل فان الآيات و الروايات المشار اليها تدل علي وجوب حفظ الامانة بتقريب انه لو لم يكن الحفظ واجبا لم يكن الرد كذلك.

الرابع ما يدل علي الضمان مع التفريط لاحظ مكاتبة محمد بن الحسن قال كتبت الي أبي محمد عليه السلام رجل دفع الي رجل وديعة و امره أن يضعها في منزله او لم يأمره «يه» فوضعها في منزل جاره فضاعت هل يجب عليه اذا خالف امره و اخرجها عن ملكه؟ فوقع عليه السلام هو ضامن لها إن شاء اللّه «1» بتقريب انه لو لا وجوب الحفظ لم يكن وجه للضمان.

(1) كالثوب في الصندوق و الشاة في المراح و الدابة في الاصطبل الي غيرها اذ لا حد له شرعا فالمرجع هو العرف كما هو ظاهر.

(2) لحرمة التصرف في مال الغير بغير اذنه.

(3) لأنه عاد بالمخالفة فلا تكون يده يد امانة بل يد عدوان.

(4) بتقريب ان الودعي في هذا الفرض مأذون في التصرف و محسن و ما علي المحسنين من سبيل و لا يبعد أن يقال انه لا مقتضي للضمان في هذه الصورة و بتعبير آخر القصور في المقتضي.

(5) اذ مع نص المالك لا مجال للودعي التصرف في المال و يصدق انه متعد و ربما يقال كما يشاهد في كلماتهم انه يجوز له النقل مع الخوف و لو مع نهي

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام الوديعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 561

لصدق الخيانة كما اذا خلطها بماله بحيث لا تتميز أو اودعه كيسا مختوما ففتح ختمه او اودعه طعاما فاكل بعضه او دراهم فاستقرض بعضها (1) و اذا اودعه كيسين فتصرف في احدهما ضمنه دون الاخر (2) و اذا كان التصرف لا

يوجب صدق الخيانة كما اذا كتب علي الكيس بيتا من الشعر او نقش عليه نقشا او نحو ذلك فانه لا يوجب ضمان الوديعة و ان كان التصرف حراما لكونه غير مأذون فيه (3).

[مسألة 2: يجب علي الودعي علف الدابة و سقيها و يرجع به علي المالك]

(مسألة 2): يجب علي الودعي علف الدابة و سقيها و يرجع به علي المالك (4).

______________________________

المالك لأنه يجب عليه حفظ المال و للنهي عن اضاعة المال فيجب النقل كي يحفظ و ما افيد لا يرجع الي محصل صحيح اذ لا دليل علي وجوب الحفظ بالنسبة الي الاجنبي و النهي عن الاضاعة متوجه الي المالك فالحق ما أفاده في المتن و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر لخروج اليد عن كونها امانية و النتيجة هو الضمان فلاحظ.

(2) لعدم سراية حكم احدهما الي الاخر فيترتب علي كل كيس حكمه كما هو المقرر.

(3) كما هو ظاهر لعدم ما يقتضي الضمان و لا تنافي بين تحقق الإثم بالتصرف غير المجاز و عدم الضمان.

(4) تارة يأمر المالك بذلك و اخري ينهي عنه و ثالثة يكون ساكتا عن هذه الجهة.

أما في الصورة الاولي فيجب عليه علف الدابة و سقيها لأن حفظ الحيوان يتوقف عليهما فيجب علي الودعي فان شأن الودعي حفظ المال عن التلف و المفروض ان العلف و السقي من مقدماته فيجب من باب وجوب مقدمة الواجب. و ملخص الكلام

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 562

[مسألة 3: إذا فرط الودعي ضمن]

(مسألة 3): اذا فرط الودعي ضمن (1).

______________________________

انه لا اشكال عندهم في الوجوب و أما رجوعه الي المالك فلأن المالك استوفي المنفعة بالأمر و بناء المعاملة علي الضمان لا المجانية.

و أما الصورة الثانية: فلا يجب عليه الحفظ علي الاطلاق اذ المفروض ان المالك ينهي عن التصرف فيه بهذا النحو و احترام المال لا يقتضي الوجوب و لذا لا يجب التقاط الحيوان و بعبارة اخري لا دليل علي حفظ مال الغير و عليه ليس الرجوع الي المالك في هذه الصورة لو علفها او سقاها.

و أما الصورة الثالثة: فان كان

في الواقع و نفس الامر تدخل تحت الصورة الاولي يلحقها حكمها و ان كانت داخلة تحت الصورة الثانية يلحقها حكمها كذلك اذ لا يخلو الامر في الواقع عن احد القسمين و ان لم يكن الواقع معلوما و محرزا فمقتضي الاصل عدم طيب نفس المالك بالعلف و السقي فلا يجوز لكن هل يمكن الالتزام به؟ الحق انه في غاية الاشكال و لا يبعد ان السيرة العقلائية في امثال المقام الحفظ بمقدماته ثم الرجوع الي المالك.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه أبو ولاد فان السائل يسئل الامام عليه السلام عن علف الدابة و ضمانه قال عليه السلام «ليس لك علفه عليه لأنك غاصب» فيفهم من أن الميزان في الضمان و عدمه صدق عنوان الغصب و عدمه فانه مع عدم صدق الغصب يتحقق الضمان بالتعليف و أما مع صدق عنوان الغصب فلا فلاحظ.

(1) فان الضمان يتوقف علي صدق الخيانة و التقصير و عليه الاجماع بقسميه علي ما يظهر من الجواهر و يستفاد من بعض النصوص ان المدار في عدم الضمان صدق عنوان الايتمان لاحظ ما رواه ابن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق أعلي صاحبه ضمان؟ فقال: ليس عليه غرم

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 563

و لا يزول الضمان الا بالرد الي المالك (1) او الابراء منه (2).

[مسألة 4: يجب علي الودعي أن يحلف للظالم]

(مسألة 4): يجب علي الودعي أن يحلف للظالم (3).

______________________________

بعد أن يكون الرجل امينا «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الميزان في عدم الضمان صدق عنوان الامين و من الظاهر عدم صدق هذا العنوان مع الخيانة مضافا الي أنه مع فرض التفريط تخرج اليد عن عنوان الامانة و تعنون بعنوان يد

العنوان و يد العدوان تقتضي الضمان بلا اشكال و لا كلام.

(1) وقع الكلام بين القوم في أنه لو زال عنوان الخيانة و اعاد عنوان الوديعة بعد التفريط أو التعدي بأن لبس الثوب ثم نزعه و وضعه في الحرز هل تبرأ ذمته أم لا؟ قال في الجواهر «لا تبرأ للأصل و غيره». و الظاهر ان المراد بالاصل استصحاب الضمان و قد حقق في الاصول عدم اعتبار الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي و كونه معارضا باصالة عدم الجعل الزائد.

و الذي يختلج بالبال أن يقال ان تم اجماع تعبدي كاشف عن الحكم فهو و الا فيشكل الجزم بالمدعي بل يقتضي القاعدة عدم الضمان بعد زوال العنوان و بعبارة اخري يظهر من الاصحاب ان عقد الوديعة بحالها و انه لا ينفسخ بالتفريط فعليه لا وجه للضمان بل مقتضي ادلة عدم ضمان الامين عدم ضمانه.

(2) الذمة قبل التلف غير مشغولة فلا مجال للإبراء الا أن يقال: الاجماع قائم علي عدم الضمان في صورة الابراء أو يقال ان مقتضي القاعدة عدم الضمان و انما خرجنا عن تحت القاعدة للإجماع الا في صورة الابراء و حيث لا اجماع فلا ضمان فلاحظ.

(3) اذ الحفظ يتوقف علي الحلف كاذبا و المفروض جوازه عند الضرورة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من احكام المضاربة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 564

______________________________

فيجب بوجوب مقدمة الواجب و استدل علي المدعي بجملة من النصوص:

منها: ما رواه أبو الصباح قال: و اللّه لقد قال لي جعفر بن محمد عليه السلام ان اللّه علم نبيه التنزيل و التأويل فعلمه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا عليه السلام قال: و علمنا و اللّه ثم قال: ما صنعتم من شي ء أو حلفتم من

يمين في تقية فانتم منه في سعة «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: نمر بالمال علي العشار فيطلبون منا أن نحلف لهم و يخلون سبيلنا و لا يرضون منا الا بذلك، قال:

فاحلف لهم فهو أحل «احلي خ ل» من التمر و الزبد «2».

و منها: ما رواه زرارة قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: التقية في كل ضرورة و صاحبها أعلم بها حين تنزل به «3».

و منها: ما رواه الحلبي انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحلف لصاحب العشور يحرز «يجوز خ ل» بذلك ماله قال: نعم «4».

و منها: مرسلة الصدوق قال: و قال الصادق عليه السلام اليمين علي وجهين «الي أن قال: فأما الذي يؤجر عليها الرجل اذا حلف كاذبا و لم تلزمه الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم أو خلاص ماله من متعد يتعدي عليه من لص أو غيره الحديث «5».

و منها: ما رواه سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب الايمان الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 565

و يوري ان امكن (1) و لو اقر له ضمن (2).

[مسألة 5: يجب رد الوديعة الي المودع أو وارثه بعد موته و إن كان كافرا]

(مسألة 5): يجب رد الوديعة الي المودع أو وارثه بعد موته (3) و ان كان كافرا (4).

______________________________

قال: سألته عن رجل أحلفه السلطان بالطلاق أو غير ذلك فحلف، قال: لا جناح عليه و عن رجل يخاف علي ماله من السلطان فيحلفه لينجو به منه، قال: لا جناح عليه و سألته هل يحلف الرجل علي مال اخيه كما يحلف علي

ماله؟ قال:

نعم «1».

(1) لا يبعد أن يستفاد جواز الكذب و لو مع امكان التوريه لاحظ ما رواه الاشعري «2» فان مقتضي اطلاق الحديث جواز الحلف كاذبا و لو مع امكان التورية و طريق الاحتياط ظاهر.

(2) و به صرح الاصحاب كما في الحدائق و الوجه فيه صدق التفريط الموجب للضمان.

(3) في اول اوقات الامكان بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه مضافا الي ما دل من الكتاب و السنة علي الامر باداء الامانة الي اهلها و الي عدم جواز وضع اليد علي مال الغبر بغير اذنه و الفرض عدمه هنا- هكذا في الجواهر- و صفوة القول انه لا اشكال في الحكم المذكور.

(4) ان تم اجماع تعبدي كاشف عن الحكم فهو و الا فاتمام المدعي بالنصوص الواردة في المقام مشكل فمن تلك النصوص ما رواه الحسين بن مصعب «مصعد خ ل» الهمداني قال: سمعت أبا عبد اللّه يقول: ثلاث «ثلاثة خ ل» لا عذر لأحد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 566

______________________________

فيها: أداء الامانة الي البر و الفاجر، و الوفاء بالعهد للبر و الفاجر، و بر الوالدين برين كانا أو فاجرين «1».

و منها: ما رواه عمر بن أبي حفص قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول اتقوا اللّه و عليكم بأداء الامانة الي من ائتمنكم، فلو أن قاتل علي ائتمنني علي أمانة «أداء الامانة، يب» لأديتها اليه «2».

و منها: ما رواه أبو شبل قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام ابتداء منه:

احببتمونا و ابغضنا الناس «الي أن قال:» فاتقوا اللّه فانكم في هدنة و ادوا الأمانة فاذا تميز الناس ذهب كل قوم بهواهم، و ذهبتم بالحق ما أطعتمونا «الي أن قال:

«فاتقوا اللّه

و ادوا الأمانة الي الأسود و الابيض، و ان كان حروريا، و ان كان شاميا «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه القرشي: (في حديث) ان رجلا قال لأبي عبد اللّه عليه السلام: الناصب يحل لي اغتياله؟ قال: أد الأمانة الي من ائتمنك و أراد منك النصيحة و لو الي قاتل الحسين عليه السلام «4».

و منها: ما رواه الحسين الشباني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

رجل من مواليك يستحل مال بني امية و دماءهم و انه وقع لهم عنده وديعة، فقال أدوا الامانة الي اهلها، و ان كانوا مجوسا، فان ذلك لا يكون حتي قام قائمنا فيحل و يحرم «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام الوديعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 567

______________________________

عليه السلام أدوا الامانة «نات خ ل» و لو الي قاتل ولد الأنبياء «1».

و منها: ما رواه ابو العلاء عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل لم يبعث نبيا الا بصدق الحديث و أداء الامانة الي البر و الفاجر «2».

و منها: ما رواه عمار بن مروان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في وصيته له: اعلم ان ضارب علي عليه السلام بالسيف و قاتله لو ائتمنني و استنصحني و استشارني ثم قبلت ذلك منه لأديت اليه الامانة «3».

و منها: ما رواه محمد بن القاسم قال: سألت أبا الحسن يعني موسي عليه السلام عن رجل استودع رجلا مالا له قيمة و الرجل الذي

عليه المال رجل من العرب يقدر علي أن لا يعطيه شيئا و لا يقدر له علي شي ء، و الرجل الذي استودعه خبيث خارجي، فلم ادع شيئا. فقال لي: قل له: يرد عليه فانه ائتمنه عليه بأمانة اللّه، قلت: فرجل اشتري من امرأة من العباسيين بعض قطائعهم فكتب عليها كتابا انها قد قبضت المال و لم تقبضه، فيعطيها المال أم يمنعها؟ قال: ليمنعها اشد المنع فانها باعته ما لم تملك «4».

و منها: ما رواه الحلبي قال: استودعني رجل من موالي آل مروان الف دينار فغاب فلم أدر ما أصنع بالدنانير فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فذكرت ذلك له، و قلت له: أنت أحق بها، فقال: لا ان أبي كان يقول: انما نحن فيهم بمنزلة هدنة نؤدي امانتهم و نرد ضالتهم و نقيم الشهادة لهم و عليهم، فاذا تفرقت الاهواء لم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 568

______________________________

يسع أحد المقام «1».

و منها: ما رواه الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام (في حديث) في الامانة يشتمل علي النص علي الائمة الاثني عشر عليهم السلام الي أن قال: دينهم

الورع و الصدق و الصلاح و الاجتهاد و اداء الامانة الي البر و الفاجر و طول السجود و قيام الليل و اجتناب المحارم و انتظار الفرج بالصبر و حسن الصحبة و حسن الجوار «2».

و منها: ما رواه الحسين بن مصعب قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: أدوا الامانة و لو الي قاتل الحسين بن علي عليهما السلام «3».

و منها: ما رواه أبو حمزة الثمالي قال: سمعت سيد العابدين علي بن الحسين بن

علي أبي طالب عليهم السلام يقول لشيعته: عليكم باداء الامانة فو الذي بعث محمدا بالحق نبيا لو أن قاتل أبي الحسين بن علي عليهما السلام ائتمنني علي السيف الذي قتله به لأديته اليه «4».

و منها: ما في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث أربعمائة قال أدوا الفريضة و الامانة الي من ائتمنكم و لو الي قتلة اولاد الانبياء عليهم السلام «5» و منها: ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ليس منا من أخلف بالامانة قال: و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 569

______________________________

اداء الأمانة تجلب الرزق و الخيانة تجلب الفقر «1».

و منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عن النبي صلي اللّه عليه و آله في حديث المناهي أنه نهي عن الخيانة، و قال: من خان أمانة في الدنيا و لم يردها الي اهلها ثم ادركه الموت مات علي غير ملتي، و يلقي اللّه و هو عليه غضبان و من اشتري خيانة و هو يعلم فهو كالذي خانها «2».

و منها: ما رواه الحسين خالد عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من كان مسلما فلا يمكر و لا يخدع، فاني سمعت جبرئيل يقول: ان المكر و الخديعة في النار ثم قال: ليس منا من غش مسلما و ليس منا من خان مؤمنا «3».

و منها: ما رواه موسي بن القاسم رفعه الي علي بن

أبي طالب عليه السلام قال: اربعة لا تدخل واحدة منهن بيتا إلا خرب و لم يعمر بالبركة: الخيانة، و السرقة و شرب الخمر، و الزنا «4».

و منها: ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: و من خان امانة في الدنيا و لم يردها علي اهلها مات علي غير دين الإسلام و لقي اللّه و هو عليه غضبان فيؤمر به الي النار فيهوي به في شفير جهنم ابد الآبدين، و من اشتري خيانة و هو يعلم انها خيانة فهو كمن خانها في عارها و اثمها و من اشتري سرقة و هو يعلم أنها سرقة فهو كمن سرقها في عارها و اثمها «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الوديعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 570

______________________________

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا و بين قومنا، و فيما بيننا و بين خلطائنا من الناس؟ قال:

فقال: تؤدون الامانة اليهم و تقيمون الشهادة لهم و عليهم و تعودون مرضاهم و تشهدون جنائزهم «1».

و منها: ما رواه زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام اقرء علي من تري أنه يطيعني منهم و يأخذ بقولي السلام، و أوصيكم بتقوي اللّه عز و جل و الورع في دينكم و الاجتهاد للّه و صدق الحديث و اداء الامانة و طول السجود و حسن الجوار فبهذا جاء محمد صلي اللّه عليه و آله و ادوا الامانة الي من ائتمنكم عليها برا أو فاجرا فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و

آله كان يأمر بأداء الخيط و المخيط صلوا عشائركم و اشهدوا جنائزهم و عودوا مرضاهم و أدوا حقوقهم، فان الرجل منكم اذا ورع في دينه و صدق الحديث و أدي الامانة و حسن خلقه مع الناس قيل هذا جعفري، فيسرني ذلك و يدخل علي منه السرور، و قيل هذا أدب جعفر و اذا كان علي غير ذلك دخل علي بلاؤه و عاره، و قيل هذا أدب جعفر، و اللّه لحدثني أبي عليه السلام ان الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي عليه السلام فيكون زينها أداهم للأمانة و اقضاهم للحقوق و اصدقهم للحديث اليه وصاياهم و ودائعهم، تسأل العشيرة عنه فتقول من مثل فلان انه ادانا للأمانة و اصدقنا للحديث «2».

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت له كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا و بين قومنا و بين خلطائنا من الناس ممن ليسوا علي امرنا؟ فقال تنظرون الي أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون، فو اللّه انهم ليعودون مرضاهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 571

الا اذا كان المودع غاصبا فلا يجوز ردها اليه بل يجب ردها الي

______________________________

و يشهدون جنائزهم و يقيمون الشهادة لهم و عليهم و يؤدون الامانة اليهم «1».

و منها: ما رواه كثير بن علقمة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اوصني فقال اوصيك بتقوي اللّه و الورع و العبادة و طول السجود و اداء الامانة و صدق الحديث و حسن الجوار فبهذا جاءنا محمد صلي اللّه عليه و آله صلوا في عشائركم و عودوا مرضاكم و اشهدوا جنائزكم و كونوا لنا زينا و لا

تكونوا علينا شينا، حببونا الي الناس و لا تبغضونا اليهم فجروا إلينا كل مودة و ادفعوا عنا كل شر «2».

و منها: ما رواه أبو أسامة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: عليكم بتقوي اللّه و الورع و الاجتهاد و صدق الحديث و اداء الامانة و حسن الخلق و حسن الجوار و كونوا لنا زينا و لا تكونوا علينا شينا «3».

فان جملة من هذه النصوص ضعيفة سندا و جملة منها لا تشمل الكافر و الظاهر انه ليس في هذه الروايات ما يدل علي حرمة الخيانة في امانة الكافر نعم جملة من هذه النصوص تدل لكن لا اعتبار باسناده. ان قلت يكفي لإثبات المدعي قوله تعالي حيث يدل بعمومه علي وجوب رد كل امانة الي اهلها فلا قصور في المقتضي.

قلت: الامر و ان كان كذلك لكن عموم الاية لا يقتضي وجوب الرد حتي بالنسبة الي الحربي اذ لو قلنا بجواز تملك مال الكافر الحربي تخرج الوديعة بالتملك عن عنوان الامانة و يتعنون بعنوان آخر فعليه لا يبعد أن يفصل في هذا الحكم بين الحربي و غيره بجواز التملك في الاول و عدمه في الثاني فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 572

مالكها (1) فان ردها الي المودع ضمن (2) و لو جهل المالك عرف بها فان لم يعرفه تصدق بها عنه (3) فان وجد و لم يرض بذلك فالاظهر عدم الضمان (4) و لو اجبره الغاصب علي اخذها منه لم يضمن (5) و اذا أودعه الكافر الحربي فالاحوط انه تحرم عليه الخيانة و لم يصح له التملك للمال و لا بيعه (6).

[مسألة 6: إذا اختلف المالك و الودعي في التفريط]

(مسألة 6): اذا

اختلف المالك و الودعي في التفريط و قيمة

______________________________

(1) اذ لا يجوز دفع مال الغير الي الغاصب بل يجب أن يعمل علي طبق الوظيفة المقررة الشرعية و مقتضاها ردها الي مالكها.

(2) اذ دفع المال الي الغاصب من مصاديق العدوان فيوجب الضمان.

(3) قد تعرض الماتن لحكم مجهول المالك في (مسئلة 39) من المكاسب المحرمة و قد تكلمنا هناك مفصلا و بينا ما وصل اليه فهمنا القاصر فراجع ما ذكرناه هناك.

(4) فانه علي تقدير وجوب التصدق لا يكون وجه للضمان اذ علي هذا التقدير يكون التصدق به باذن مالك الملوك فلا مجال للضمان.

(5) لا يبعد أن يكون الوجه في عدم الضمان عدم المقتضي له فان المفروض عدم كون الودعي مقصرا و المفروض انه لا يجب عليه الحفظ مع الاجبار و قاعدة علي اليد بنفسها لا دليل عليها كي يقال: ان مقتضاها الضمان فان المفروض ان التوديع من قبل الغاصب فان حديث علي اليد ضعيف سندا فمجرد وضع اليد علي مال الغير لا يقتضي الضمان و المفروض ان بناء عقد الوديعة علي عدم الضمان و بعبارة واضحة انه لا مقتضي للضمان في مورد الكلام.

(6) الحكم مبني علي الاحتياط كما بناه عليه في المتن و الا فلا يبعد أن يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 573

العين كان القول قول الودعي مع يمينه (1) و كذلك اذا اختلفا في التلف (2) ان لم يكن الودعي متهما (3) و اذا اختلفا في الرد فالاظهر ان القول قول

______________________________

مقتضي الصناعة جواز التصرف و تملكها و اللّه العالم.

(1) اما قبول قوله في عدم التفريط فلأنه امين و ليس عليه الا اليمين مضافا الي أن مقتضي الأصل عدم الخيانة و بدونها لا مقتضي للضمان و أما قبول

قوله في القيمة فلأن عدم الزيادة موافق للأصل و بعبارة اخري يكون الودعي منكرا للأكثر و اليمين علي من انكر.

(2) و الوجه فيه ان ضمان الودعي في صورة التلف يتوقف علي خيانته في الامانة و الاصل عدمها و بعبارة اخري الشك في الضمان ينشأ من الشك في الخيانة و الأصل عدمها فقول الودعي موافق للأصل و هذا هو المشهور.

و أما حديث مسعدة بن صدقة عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال ليس لك أن تتهم من ائتمنته، و لا تأتمن الخائن و قد جربته «1»، الدال علي عدم جواز اتهام المؤتمن فهو ضعيف سندا كما ان مرسل المقنع قال: سئل الصادق عليه السلام:

عن المودع اذا كان غير ثقة هل يقبل قوله؟ قال: نعم و لا يمين عليه «2» لا اعتبار به.

و أما حديث مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ليس لك ان تتهم من قد ائتمتته و لا تأتمن الخائن و قد جربته «3» فلا بأس به سندا.

(3) لم يظهر لي وجه التقييد فان الميزان في ثبوت الضمان تحقق الخيانة و مع

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب أحكام الوديعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام الوديعة الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 574

المالك مع يمينه (1) و كذلك اذا اختلفا في أنها دين أو وديعة مع التلف (2)

[مسألة 7: لا يصح إيداع الصبي و المجنون]

(مسألة 7): لا يصح إيداع الصبي و المجنون (3) فان لم يكن

______________________________

الشك يحكم بعدم تحققها. و يمكن أن يكون الماتن ناظرا الي النصوص الدالة علي الضمان في صورة الاتهام.

منها: ما رواه جعفر بن عثمان قال: حمل

أبي متاعا الي الشام مع جمال فذكر ان حملا منه ضاع فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال: أ تتهمه؟

قلت: لا قال: فلا تضمنه «1» و مثله غيره الوارد في الباب المشار اليه من الوسائل.

و تدل علي الضمان علي نحو الاطلاق جملة اخري من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل جمال استكري منه ابلا «م بل» و بعث معه بزيت الي ارض فزعم ان بعض زقاق الزيت انخرق فاهراق ما فيه فقال: ان شاء اخذ الزيت و قال: انه انخرق و لكنه لا يصدق الا ببينة عادلة «2» و مثله غيره المذكور في الباب المشار اليه من الوسائل و بمقتضي قانون تقييد المطلق تقيد النصوص المطلقة بما قيد بقيد الاتهام فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر فان المالك منكر و القول قوله مع يمينه.

(2) لاحظ ما رواه ابن عمار قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن رجل استودع رجلا الف درهم فضاعت، فقال الرجل: كانت عندي وديعة، و قال الاخر:

كانت لي عليك قرضا، فقال: المال لازم له الا ان يقيم البينة أنها كانت وديعة «3».

(3) الوديعة امانة عند الودعي و يجب عليه حفظها و حيث ان الصبي و المجنون

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من ابواب أحكام الاجارة الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب الوديعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 575

مميزا لم يضمن الوديعة حتي اذا تلف (1).

______________________________

ليس عليهما تكليف و لا يجب عليهما الحفظ لا يصح ايداعهما، و ان شئت قلت لا يترتب علي ايداعهما الاثر المترقب في الوديعة.

(1) بتقريب ان غير المميز لا قصد له فلا يوجب الضمان، و فيه ان

لازم ما ذكر ان النائم لو أتلف مال الغير لا يكون ضامنا و هل يمكن الالتزام به؟ الا ان يقال انه لو دار الامر بين استناد التلف الي المباشر او السبب يستند الي السبب اذا كان اقوي من المباشر و المقام كذلك. و بعبارة اخري: الميزان في الضمان صدق الاتلاف و أما تسليط المالك فهو للحفظ لا للإتلاف غاية ما في الباب عرض ماله للتلف لعدم قابلية غير المميز للحفظ و هذا المقدار لا يقتضي أن لا يكون اتلافه موجبا للضمان نعم لو تلف من ناحية التفريط في الحفظ لا يكون ضامنا اذ لا يجب عليه الحفظ فالنتيجة التفصيل بين التلف و الاتلاف بعدم الضمان في الاول و الضمان في الثاني.

هذا بحسب ما هو المقرر عندهم و لنا في هذا المقام كلام و هو ان مقتضي حديث عمار عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة قال: اذا اتي عليه ثلاث عشرة سنة، فان احتلم قبل ذلك فقد وجب عليه الصلاة و جري عليه القلم، و الجارية مثل ذلك ان اتي لها ثلاث عشرة سنة او حاضت قبل ذلك فقد وجب عليها الصلاة و جري عليها القلم «1»، ان القلم لا يجري علي غير البالغ و مقتضي اطلاق الحديث عدم الفرق بين التكليف و الوضع و عليه لا يضمن الصبي بموجبات الضمان.

ان قلت: رفع القلم حكم امتناني و رفعه في المقام لا يكون امتنانيا بالنسبة الي من تلف ماله قلت: علي فرض تسليم كون الرفع امتنانيا يلزم أن يكون امتنانا

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 576

و كذلك المجنون (1) و اذا

كان الصبي مميزا ضمن بالاتلاف (2) و لا يضمن بمجرد القبض (3) و لا سيما اذا كان باذن الولي (4) و في ضمانه بالتفريط و الاهمال اشكال و الاظهر الضمان (5).

______________________________

بالنسبة الي من يرتفع عنه القلم لا بالنسبة الي غيره فالنتيجة ان مقتضي الحديث باطلاقه عدم تحقق الضمان بالنسبة الي غير البالغ.

(1) لا دليل بالنسبة الي المجنون كي يلتزم بعدم ضمانه فعليه لا بد من العمل علي طبق القاعدة فلا يبعد أن يفصل فيه بين الاتلاف و التلف.

(2) اذ الاتلاف يوجب الضمان و الظاهر ان التفريق بين المميز و غيره من باب كون السبب اقوي من المباشر و بعبارة اخري اذا كان المتلف صبيا غير مميز او مجنونا لا يستند الاتلاف اليه بل يستند الي المودع و قد تقدم التفصيل و التفريق بين الصبي و المجنون.

(3) اذ لا مقتضي للضمان حتي فيما يكون الودعي مكلفا فكيف بالمقام و بعبارة اخري بناء الوديعة علي عدم الضمان و قاعدة علي اليد بنفسها و علي الاطلاق غير تامة.

(4) لم يظهر لي وجه الخصوصية اذ المفروض بطلان ايداع الصبي فاي أثر لإذن الولي.

(5) بتقريب انه يصدق علي تفريطه و اهماله الخيانة و الخيانة في مال الغير يقتضي الضمان و المفروض تمييز الصبي فيصدق عليه انه خان و فرط و الحكم الوضعي لا يفرق فيه بين البالغ و غير البالغ فلاحظ هذا علي مسلك القوم و أما علي ما سلكناه فقد ظهر ان الحق عدم الضمان بالنسبة اليه. و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 577

[كتاب الوديعة]

[كتاب العارية]

اشارة

كتاب العارية و هي التسليط علي العين للانتفاع بها مجانا (1).

[مسألة 1: كل عين مملوكة يصح الانتفاع بها مع بقائها تصح إعارتها]

(مسألة 1): كل عين مملوكة يصح الانتفاع بها مع بقائها تصح اعارتها (2) و تجوز اعارة ما تملك منفعته و ان لم تملك عينه (3).

[مسألة 2): ينتفع المستعير علي العادة الجارية]

(مسألة 2): ينتفع المستعير علي العادة الجارية (4) و لا يجوز له التعدي عن ذلك (5) فان تعدي ضمن (6) و لا يضمن مع عدمه (7) الا أن يشترط

______________________________

(1) العارية من العقود قال في الجواهر: «فقد ذكر المصنف في تعريفها انها عقد ثمرته التبرع بالمنفعة».

(2) بلا اشكال و لا كلام اذ فائدة العارية الانتفاع بالعين فاذا كانت العين مملوكة و قابلة للانتفاع بها تصح عاريتها للانتفاء بها.

(3) اذ قوام العارية بالانتفاع بمنفعة العين فاذا كانت الانتفاع بها جائزا تجوز اعارة تلك العين باعتبار الانتفاع بها فلا فرق بين العين القابلة للتملك و غيرها.

(4) فانه يجوز له الانتفاع علي حسب العادة بلا اشكال لأن العارية لأجل الانتفاع.

(5) لعدم جواز التصرف في مال الغير بدون اذنه و المفروض ان تصرفه عدواني و غير مشمول لإذن المالك فيحرم.

(6) اذ المفروض انه بالتصرف غير المأذون فيه خان و الخائن ضامن للمال.

(7) بلا خلاف و لا اشكال كما يستفاد من كلمات القوم بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ان العين امانة مالكية في يد المستعير و ليس علي الامين الا اليمين و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 578

عليه الضمان (1) أو تكون العين من الذهب او الفضة (2) و ان لم يكونا مسكوكين (3).

______________________________

عليه السلام قال: اذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه الا أن يكون اشترط عليه «1».

و أما حديث وهب عن جعفر عن ابيه عليهما السلام ان عليا

عليه السلام كان يقول: من استعار عبدا مملوكا لقوم فعيب فهو ضامن، و قال: من استعار حرا صغيرا فعيب فهو ضامن «2»، الدال علي الضمان فعلي تقدير تمامية سنده لا بد من حمله علي بعض المحامل كما حمله في الوسائل اذ الحكم مورد التسالم و الاتفاق عند الاصحاب، قال في الحدائق: «و اما ما رواه الشيخ عن وهب عن جعفر عليه السلام عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول من استعار عبدا مملوكا لقوم فعيب فهو ضامن فلا يخفي ما في حال راويه من الضعف فلا يبلغ قوتا في معارضة ما ذكرناه من الاخبار الخ «3».

(1) كما نص به في حديث الحلبي.

(2) لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: العارية مضمونة؟

فقال: جميع ما استعرته فتوي فلا يلزمك تواه الا الذهب و الفضة فانهما يلزمان الا ان تشترط عليه انه متي توي لم يلزمك تواه و كذلك جميع ما استعرت فاشترط عليك لزمك، و الذهب و الفضة لازم لك و ان لم يشترط عليك «4».

(3) فان مقتضي حديث زرارة المتقدم ذكره آنفا عدم الفرق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب العارية الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) الحدائق: ج- 21 ص: 505

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب العارية الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 579

علي اشكال ضعيف (1) و لو اشترط عدم الضمان فيهما صح (2).

[مسألة 3: إذا نقصت العين المستعارة بالاستعمال الماذون]

(مسألة 3): اذا نقصت العين المستعارة بالاستعمال الماذون

______________________________

(1) ما يمكن أن يقال في هذا المقام أو قيل ان طائفة من نصوص المقام تدل علي استثناء الدينار و الدرهم لاحظ حديث ابن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تضمن العارية الا أن يكون قد

اشترط فيه ضمان الا الدنانير فانها مضمونة و ان لم يشترط فيها ضمانا «1» و حديث عبد الملك بن عمرو عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس علي صاحب العارية ضمان الا أن يشترط صاحبها الا الدراهم فانها مضمونة اشترط صاحبها او لم يشترط «2».

و طائفة اخري تدل علي استثناء مطلق الذهب و الفضة لاحظ ما رواه زرارة «3» و طائفة ثالثة تدل علي عدم ضمان العارية مطلقا لاحظ ما رواه الحلبي «4» و مقتضي تخصيص المطلق بالمقيد تقييد الطائفة الثالثة بالاولي فاذا تم انقلاب النسبة تكون نسبة الطائفة الثالثة بعد التقييد بالطائفة الاولي مع الطائفة الثانية نسبة العموم من وجه فيقع التعارض بين الجانبين لكن قد بنينا في محله علي عدم تمامية الانقلاب فلا تعارض بل مقتضي القاعدة تخصيص الطائفة الثالثة بالثانية و الطائفة الاولي و تكون النتيجة ما افاده في المتن من الحكم بعدم الضمان في مطلق الذهب و الفضة و الماتن يري تمامية قانون الانقلاب و اللّه العالم.

(2) لاحظ ما رواه زرارة «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب العارية الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 578

(4) لاحظ ص: 577

(5) لاحظ ص: 578

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 580

فيه لم تضمن (1) و اذا استعار من الغاصب ضمن (2) فان كان جاهلا رجع علي المعير بما اخذ منه اذا كان قد غره (3).

[مسألة 4: إذا أذن له في انتفاع خاص لم يجز التعدي عنه إلي غيره و إن كان معتادا]

(مسألة 4): اذا اذن له في انتفاع خاص لم يجز التعدي عنه الي غيره و ان كان معتادا (4).

[مسألة 5: تصح الإعارة للرهن و للمالك المطالبة بالفك بعد المدة]

(مسألة 5): تصح الاعارة للرهن (5) و للمالك المطالبة بالفك بعد المدة (6).

______________________________

(1) اذ فرض عدم الضمان في العارية الا مع الخيانة و المفروض عدمها فلا وجه للضمان.

(2) لقاعدة اليد مضافا الي خصوص حديث اسحاق بن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السلام: قال اذ استعيرت عارية بغير اذن صاحبها فهلكت فالمستعير ضامن «1».

(3) لقاعدة الغرور فلاحظ.

(4) كما هو ظاهر فان الاختيار بيد المالك فلا يجوز التجاوز عن مقدار اذنه.

(5) قال في الجواهر في شرح قول المحقق- و اذا رهن مال غيره باذنه-: «صح بلا خلاف فيه بيننا بل الاجماع بقسميه عليه عندنا بل و غيرنا» الخ. «2» و جوازها علي القاعدة فان الانسان يجوز أن يتصرف في ماله بأي نحو اراد و لا تنافي بين جواز العارية و لزوم الرهن اذ هذا اللزوم بالعارض و بعبارة اخري جعل العين وثيقة للدين الذي هو عبارة عن الرهن من الفوائد المترتبة عليها فيجوز اعارتها بهذا الاعتبار و بعد جعل المستعير العين وثيقة تلزم العارية.

(6) اذ المفروض انقضاء الأجل و زمان العارية بهذا المقدار فله أن يطالب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب العارية الحديث: 1

(2) الجواهر ج 25 ص 231

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 581

بل قيل له المطالبة قبلها أيضا (1) و لا يبطل الرهن (2) و اذا لم يفك الرهن جاز بيع العين في وفاء الدين (3) و حينئذ يضمن المستعير العين بما بيعت به (4) الا ان تباع باقل من قيمة المثل (5) و في ضمان الراهن العين لو تلفت بغير الفك اشكال (6) و الظاهر

عدم الضمان الا مع اشتراطه (7).

______________________________

(1) لكن هذا القول خلاف المشهور بل عن ثاني الشهيدين قدس سره ان لزومها اجماعي فليس له المطالبة.

(2) اذ لا دليل علي بطلانه.

(3) فان صحة الرهن تستلزم جواز بيع العين و الا يلزم الخلف.

(4) اذ ليست العارية للرهن مبنية علي المجانية و بعبارة اخري اقدم المستعير علي الضمان و استفاد من العين فاذا بيعت فقد خرجت من ملك بايعها فيكون المستعير ضامنا للعين بما بيعت.

(5) فلا بد من تدارك الباقي.

(6) اذ لا وجه للضمان مع فرض ان العارية غير مضمونة الا بالتعدي.

(7) كما مر و قلنا لا تضمن الا مع الشرط فلاحظ و الحمد للّه اولا و آخرا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 582

تنبيه الغافل و اعلام الجاهل

لا يخفي علي العارف بالصناعة ان ديدن الاصحاب جار علي ترجيح احد المتعارضين من الخبرين علي معارضه في الرتبة الاولي بموافقة الكتاب و في الرتبة الثانية بمخالفة القوم و الظاهر ان المدرك الوحيد الذي تخيل اعتباره حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قال الصادق عليه السلام: اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي كتاب اللّه فما وافق كتاب اللّه فخذوه و ما خالف كتاب اللّه فردوه فان لم تجدوهما في كتاب اللّه فاعرضوهما علي أخبار العامة فما وافق أخبارهم فزروه و ما خالف أخبارهم فخذوه «1».

و عبر سيدنا الاستاد عن الحديث المزبور بالصحيحة «2» و الحال ان احد رجال الحديث ابو البركات الجوزي. و قال سيدنا الاستاد في ج 11 من رجاله ص 375: «قال الشيخ الحرفي تذكرة المتبحرين: الشيخ أبو البركات علي بن الحسين الجوزي الحلي عالم صالح محدث يروي عن أبي جعفر بن بابويه» و هذا مدرك توثيق الرجل و سيدنا الاستاد لا

يعتبر توثيق المتأخرين الا أن يقال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث: 29

(2) مصباح الاصول ج 3 ص: 415

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 583

ما الفرق بين المتقدمين و المتأخرين فان كان الفصل الزماني يضر بالتوثيق فتوثيق المتقدمين مع الفصل الزماني لا يفيد و ان لم يكن مضرا فتوثيق المتأخرين أيضا معتبر و لا وجه للتفصيل لكن يشكل الاعتماد علي توثيق الشيخ الحر من ناحية اخري أيضا و هو انا نري ان ديدن اهل الرجال انهم يصرحون بالوثاقة بالنسبة الي من يثبت عندهم انه ثقة و لإثبات هذه الدعوي نذكر عدة موارد:

منهم المفيد قدس سره فان العلامة و الشيخ و النجاشي صرحوا بكونه ثقة و منهم الطوسي فان العلامة و النجاشي صرحا بوثاقته و منهم الكليني فان العلامة و الشيخ و النجاشي صرحوا بوثاقته و منهم زرارة فقد صرح العلامة و الشيخ و النجاشي بوثاقته و منهم الشيخ علي بن عبد الصمد قال منتجب الدين في حقه: «دين ثقة» و منهم قطب الدين ابن هبة اللّه قال منتجب الدين في حقه: «فقيه عين صالح ثقة» و منهم علي بن عبد العالي قال الشيخ الحر في ترجمة: «كان فاضلا عاملا متبحرا محققا مدققا جامعا كاملا ثقة زاهدا عابدا ورعا جليل القدر عظيم الشأن فريدا في عصره» فنري ان جميعهم يصرحون بالوثاقة بالنسبة الي موارد تراجمهم فعلي هذا الاساس كيف نكتفي بأن يقال: «فلان صالح أو دين» فان الشيخ الحر قدس سره كما ذكرنا يفرق بالنسبة الي الموارد فبالنسبة الي أبي البركات يقول: «صالح» و لا يقول:

ثقة و أما بالنسبة الي علي بن عبد العالي يصرح بوثاقته مع تصريحه بكونه ورعا مع انه لا يبعد ان

الشهادة بالورع أقوي من الشهادة بالصلاح.

ان قلت: اذا لم يكن الشخص ثقة كيف يمكن أن يقال في حقه انه صالح؟

قلت: الذي يختلج بالبال في هذه العجالة انه لو نري صلاح الشخص في جملة من الامور و لم نطلع علي جميع اموره بنحو الكمال يصح أن يقال: انه صالح و هذا أمر متعارف بين الناس و لكن لا يدل هذا الكلام و أمثاله علي أنه صالح بتمام

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 584

معني الكلمة و الا يلزم أن تكون الشهادة بالصلاح أو الديانة كأن يقال: فلان صالح أو دين شهادة بعدالته و هو كما تري فعليه لا يستفاد من الشهادة بالصلاح كون الشخص ثقة و لا أقلّ من عدم امكان الجزم.

فالنتيجة: عدم ثبوت وثاقة أبي البركات فيسقط الحديث عن الاعتبار مضافا الي تصريح الشيخ الحر قدس سره في الفائدة الثانية عشرة من فوائده في ج 20 من الوسائل بقوله: الا تري انا نرجع الي وجداننا فنجد عندنا جزما بثقة كثير من رواتنا و علمائنا الذين لم يوثقهم احد لما بلغنا من آثارهم المفيدة للعلم بثقتهم و توثيق بعض الثقات الاجلاء من جملة القرائن المفيدة لذلك» الخ فيعلم ان الشيخ الحر ليس توثيقه مبنيا علي التوثيق بل أعم لكن هذا الذي أفاده أمر علي طبق القاعدة الاولية فان الطرق الحسية للوصول الي المطلوب كثيرة فلاحظ.

أضف الي ذلك كله ان الشيخ الحر قدس سره قال في الفائده الثانية عشرة من الفوائد التي ذكرها في المجلد العشرين من الوسائل: «و انما نذكر هنا من يستفاد من وجوده في السند» الخ فانه قد صرح ان نص احد علي مدحه و جلالته و ان لم يوثق دليل علي كونه معتمدا عنده و

هذا هي عبارته «و منها: من نصوا علي مدحه و جلالته و ان لم يوثقوه مع كونه من اصحابنا و الحال ان المدح اعم من.

التوثيق فمن الممكن ان شهادته بالصلاح في حق احد ناشية من التصريح بمدحه فالنتيجة انه لا يمكن الاعتماد في وثاقة الراوي بمقالة الحر قدس سره فلاحظ و علي هذا الاساس لا يبقي مجال للترجيح بالموافقة مع الكتاب و لا بالمخالفة مع العامة فيبقي للترجيح كون احد المتعارضين أحدث من الاخر فانا بنينا في بحث التعادل و الترجيح علي كون الاحدثية من المرجّحات و تفصيل الكلام موكول الي ذلك الباب.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.